موقع د. محمود صبيح

منتدى موقع د. محمود صبيح

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 16 مشاركة ]  الانتقال إلى صفحة 1, 2  التالي
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة: جماع أبواب الهجرة إلى المدينة الشريفة
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء أغسطس 18, 2020 2:14 pm 
غير متصل

اشترك في: الخميس إبريل 09, 2015 7:45 pm
مشاركات: 2368
سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد (3/ 224)

الباب الأول في إذن النبي صلى الله عليه وسلم للمسلمين في الهجرة إلى المدينة
روى ابن سعد عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف وعن عروة عن عائشة رضي الله عنهما قال: لما صدر السبعون من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم طابت نفسه وقد جعل الله له منعة وقوما أهل الخروج فضيقوا على أصحابه وتعبثوا بهم، ونالوا منهم ما لم يكونوا ينالون من الشتم والاذى، فشكا ذلك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم واستأذنوه في الهجرة، فقال: (قد أريت دار هجرتكم، أريت سبخة ذات نخل بين لابتين) - وهما الحرتان - (ولو كانت السراة أرض نخل وسباخ لقلت هي هي).
ثم مكث أياما ثم خرج إلى أصحابه مسرورا فقال: (قد أخبرت بدار هجرتكم وهي يثرب، فمن أراد الخروج فليخرج إليها).
فجعل القوم يتجهزون ويترافقون ويتواسون ويخرجون ويخفون ذلك.
فكان أول من قدم المدينة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو سلمة بن عبد الاسد - بسين ودال مهملتين - قال ابن اسحاق: (هاجر إلى المدينة قبل بيعة العقبة بسنة.
وحبست عنه امرأته أم سلمة هند بنت أبي أمية بن المغيرة بمكة نحو سنة ثم أذن
لها بنو المغيرة الذين حبسوها في اللحاق بزوجها فانطلقت وحدها مهاجرة حتى إذا كانت بالتنعيم لقيت عثمان بن طلحة (بن أبي طلحة) أخا بني عبد الدار وكان يومئذ مشركا وأسلم بعد ذلك، فشيعها حتى إذا أوفى على قرية بني عمرو بن عوف بقباء قال لها: هذا زوجك في هذه القرية.
ثم انصرف راجعا إلى مكة، فكانت تقول: ما رأيت صاحبا قط كان أكرم من عثمان بن طلحة، كان إذا بلغ المنزل أناخ بي ثم استأخر عني حتى إذا نزلت عنه استأخر ببعيري فحط عنه ثم قيده في الشجرة، ثم أتى إلى شجرة فاضطجع تحتها، فإذا دنا الرواح قام إلى بعيري فقدمه فرحله، ثم استأخر عني وقال: اركبي.
فإذا ركبت واستويت على بعيري أتى فأخذ بخطامه فقادني، (فلم يزل يصنع ذلك بي حتى أقدمني المدينة).
وقيل: أول المهاجرين مصعب بن عمير.
روى البخاري في صحيحه، والحاكم في الاكليل عن البراء بن عازب قال: (أول من قدم علينا المدينة من المهاجرين مصعب بن عمير).
وروى ابن اسحاق وابن سعد: (ثم كان أول من قدمها من المهاجرين بعد أبي سلمة: عامر بن ربيعة (حليف بني عدي بن كعب)، معه امرأته ليلى بنت أبي حثمة - بالحاء المهملة المفتوحة وسكون الثاء المثلثة - قالا: (وهي أول ظعينة قدمت المدينة).
قال ابن إسحاق: (ثم عبد الله بن جحش احتمل بأهله وبأخيه أبي أحمد عبد بن جحش - بإضافة عبد إلى ابن جحش - وكان أبو أحمد رجلا ضرير البصر، وكان يطوف مكة أعلاها وأسفلها بغير قائد، وكان شاعرا، وكانت عنده الفارعة ابنة أبي سفيان بن حرب، وهاجر جميع بني جحش بنسائهم فعدا أبو سفيان على دارهم فتملكها، قال بعضهم: إنه باعها من عمرو بن علقمة أخي بني عامر بن لؤي، فذكر ذلك عبد الله بن جحش لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ألا ترضى يا عبد الله أن يعطيك الله بها دارا في الجنة خيرا منها ؟) قال: بلى.
قال:
(فذلك لك).
ولما افتتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة كلمه أبو أحمد في دارهم، فأبطأ عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فقال الناس لابي أحمد: يا أبا أحمد إن رسول الله يكره أن ترجعوا في شئ أصيب منكم في الله.
فأمسك الكلام عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال ابن إسحاق: وكان بنو غنم بن دودان أهل إسلام، قد أوعبوا إلى المدينة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم هجرة رجالهم ونساؤهم: (عبد الله بن جحش وأخو أبو أحمد بن جحش، وعكاشة بن محصن وشجاع وعقبة ا بنا وهب وأربد بن حمير).
وروى ابن السمان في (الموافقة) عن علي رضي الله عنه قال: ما علمت أن أحدا من المهاجرين هاجر إلا مختفيا إلا عمر بن الخطاب، فإنه لما هم بالهجرة تقلد سيفه وتنكب قوسه وانتضى في يده أسهما واختصر عنزته، ومضى قبل الكعبة، والملا من قريش بفنائها فطاف بالبيت سبعا (متمكنا)، ثم أتى المقام فصلى ركعتين، ثم وقف على الحلق واحدة واحدة وقال لهم: شاهت ا لوجوه، لا يرغم الله إلا هذه المعاطس، من أراد أن يثكل أمه أو يؤتم ولده أو يرمل زوجته فليلقني وراء هذا الوادي.
قال علي رضي الله عنه: فلم يتبعه أحد إلا قوم من المستضعفين علمهم ما أرشدهم إليه ثم مضى لوجهه.

_________________
اللهم صل على سيدنا محمد
باب الاستجابة
نبي التوبة و الإنابة
صاحب طيبة المستطابة
والرفعة المهابة
وعلى آله وسلم


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: جماع أبواب الهجرة إلى المدينة الشريفة
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء أغسطس 18, 2020 2:35 pm 
غير متصل

اشترك في: الخميس إبريل 09, 2015 7:45 pm
مشاركات: 2368
(وروى ابن إسحاق: حدثني نافع مولى عبد الله بن عمر عن عبد الله بن عمر عن أبيه عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: اتعدت لما أردنا الهجرة إلى المدينة أنا وعياش بن أبي ربيعة وهشام بن العاص (بن وائل) السهمي التناضب من أضاة بني غفار فوق سرف، وقلنا: أينا لم يصبح عندها فقد حبس فليمض صاحباه.
قال: فأصبحت أنا وعياش بن أبي ربيعة عند التناضب وفطن لهشام قومه
فحبسوه عن الهجرة وفتن فافتتن.
ثم إن أبا جهل والحارث بن هشام - وأسلم بعد ذلك - خرجا حتى قدما المدينة، ورسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة، فقالا لعياش بن أبي ربيعة وكان ابن عمهما وأخاهما لامهما: إن أمك قد نذرت ألا يمس رأسها مشط حتى تراك ولا تستظل من شمس حتى تراك، فرق لها.
فقلت له: يا عياش إنه والله إن يريدك القوم إلا ليفتنوك عن دينك فاحذرهم، فوالله لو قد آذى أمك القمل لامتشطت، ولو قد اشتد عليها حر مكة لاستظلت.
فقال: أبر قسم أمي ولي هنالك مال فاخذه.
فقلت: والله إنك لتعلم أني لمن أكثر قريشا مالا فلك نصف مالي ولا تذهب معهما.
فأبى علي إلا أن يخرج معهما.
فلما أبى إلا ذلك قلت: أما إذا قد فعلت ما فعلت فخذ ناقتي هذه فإنها ناقة نجيبة ذلول فالزم ظهرها، فإن رابك من القوم ريب فانج عليها، فخرج عليهما معهما، حتى إذا كانوا ببعض الطريق قال له أبو جهل: والله يا أخي لقد استغلظت بعيري هذا، أفلا تعقبني على ناقتك هذه ؟ قال: بلى.
قال: فأناخ وأناخ ليتحول عليها، فلما استووا بالارض عدوا عليه فأوثقاه رباطا وفتناه فافتتن ودخلا به مكة نهارا موثقا، ثم قالا: يا أهل مكة هكذا فافعوا بسفهائكم كما فعلنا بسفيهنا هذا.
قال عمر: فكنا نقول: ما الله تعالى بقابل ممن افتتن صرفا ولا عدلا ولا توبة، قوم عرفوا الله ثم رجعوا إلى الكفر لبلاء أصابهم.
قال: وكانوا يقولون ذلك لانفسهم.
فلما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة أنزل الله تعالى فيهم وفي قولنا وقولهم لانفسهم (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم، وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم من قبل أن يأتيكم العذاب بغتة وأنتم لا تشعرون) (الزمر: 53، 54، 55).
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: فكتبتها بيدي في صحيفة وبعثت بها إلى هشام بن العاصي.
قال: فقال هشام: فلما أتتني جعلت أقرؤها بذي طوى أصعد بها فيه وأصوب ولا أفهمها حتى قلت: اللهم فهمنيها قال: فألقى الله تعالى في قلبي أنها إنما أنزلت
فينا وفيما كنا نقول في أنفسنا.
قال: فرجعت إلى بعيري فجلست عليه فلحقت برسول الله صلى الله عليه وسلم.
هذا ما ذكره ابن إسحاق في شأن هشام.
قال ابن هشام: فحدثني من أثق به أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وهو بالمدينة: (من لي بعياش بن أبي ربيعة وهشام بن العاصي ؟) فقال الوليد بن الوليد بن المغيرة: أنا لك يا رسول الله بهما. فخرج إلى مكة فقدمها مستخفيا، فلقي امرأة تحمل طعاما فقال لها: أين تريدين يا أمة الله ؟ قالت: أريد هذين المحبوسين.
تعنيهما، فتبعها حتى عرف موضعهما، وكانا محبوسين في بيت لا سقف له، فلما أمسى تسور عليهما ثم أخذ مروة فوضعها تحت قيديهما ثم ضربهما بسيفه فقطعهما، فكان يقال لسيفه: ذو المروة، لذلك ثم حملهما على بعيره وساق بهما فعثر فدميت إصبعه فقال: هل أنت إلا إصبع دميت ؟ * وفي سبيل الله ما لقيت ثم قدم بهما على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم تتابع المهاجرون أرسالا فنزل طلحة بن عبيد الله وصهيب بن سنان على خبيب - بضم الخاء المعجمة وفتح الوحدة - ابن إساف - بكسر الهمزة - بالسنح ويقال: بل نزل طلحة بن عبيد الله على أسعد بن زرارة. وروى ابن سعد عن سعيد بن المسيب أن صهيبا حين أراد الهجرة قال له كفار قريش: أتيتنا صعلوكا حقيرا فكثر مالك عندنا وبلغت ا لذي بلغت ثم تريد أن تخرج بمالك ونفسك والله لا يكون ذلك.
فقال لهم صهيب: أرأيتم إن جعلت لكم مالي أتخلون سبيلي ؟ قالوا: نعم.
قال: فإني جعلت لكم مالي.
قال: فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: (ربح صهيب ربح صهيب).

_________________
اللهم صل على سيدنا محمد
باب الاستجابة
نبي التوبة و الإنابة
صاحب طيبة المستطابة
والرفعة المهابة
وعلى آله وسلم


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: جماع أبواب الهجرة إلى المدينة الشريفة
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء أغسطس 18, 2020 2:55 pm 
غير متصل

اشترك في: الخميس إبريل 09, 2015 7:45 pm
مشاركات: 2368
(قال ابن سعد: لما قدم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسالا فنزلوا في الانصار في دورهم وآووهم ونصروهم وآسوهم، وكان سالم مولى أبي حذيفة يؤم المهاجرين بقباء قبل أن يقدم النبي صلى الله عليه وسلم.
قال ابن إسحاق وأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة بعد أصحابه من المهاجرين ينتظر أن
يؤذن له في الهجرة، ولم يتخلف معه بمكة أحد من المهاجرين إلا من حبس أو فتن، إلا علي بن أبي طالب وأبو بكر بن أبي قحافة رضي الله عنهما.
وكان أبو بكر كثيرا ما يستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الهجرة فيقول له: (لا تعجل لعل الله يجعل لك صاحبا).
فيطمع أبو بكر أن يكونه.
قال ابن سعد: وكان نفر من الانصار بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في العقبة الاخرة، ثم رجعوا إلى المدينة، فلما قدم أول من هاجر إلى قباء خرجوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة، حتى قدموا مع أصحابه في الهجرة، فهم مهاجرون أنصاريون وهم: ذكوان بن عبد قيس (بن خلدة الزرقي)، وعقبة بن وهب بن كلدة والعباس (ابن عبادة) بن نضلة وزياد بن لبيد (بن ثعلبة الخزرجي البياضي).
تنبيهات الأول: ذكر ابن إسحاق وابن سعد أن أول من هاجر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أبو سلمة عبد الله بن عبد الاسد.
وروى ابن أبي شيبة والبخاري عن البراء بن عازب رضي الله عنه أنه قال: أول من قدم علينا المدينة من المهاجرين مصعب بن عمير.
قال الحافظ: (فيجمع بينهما بحمل الاولية في أحدها على صفة خاصة.
فقد جزم ابن عقبة بأن أول من قدم من المهاجرين مطلقا أبو سلمة بن عبد الاسد، وكان رجع من الحبشة إلى مكة، فأوذي بمكة، فبلغ ما وقع للاثني عشر من الانصار في العقبة الاولى، فتوجه إلى المدينة في أثناء السنة، فيجمع بين ذلك وبين ما وقع في حديث البراء بأن أبا سلمة خرج لا لقصد الاقامة بالمدينة بل فرارا من المشركين، بخلاف مصعب بن عمير فكان على نية الاقامة بالمدينة).
الثاني: جزم أبو عمر بأن ليلى بنت أبي حثمة بن غانم أول ظعينة دخلت المدينة من المهاجرات، وقال موسى بن عقبة: بل أم سلمة فالله أعلم.
الثالث: ذكر ابن اسحاق في مهاجرات بني (غنم بن) دودان بن أسد: بنات جحش وذكر فيهن أم حبيبة - بالهاء - وقال السهيلي: أم حبيب - بغير هاء - وقال أبو عمر: هو قول الاكثر، قال الحافظ: كذا قال.
قلت لان قصتها في الاستحاضة رواها الزهري عن عروة عن عائشة رضي الله عنها.
وقال عمرو بن الحارث، ومحمد بن إسحاق وابن أبي ذئب كلهم عن الزهري: أم حبيبة بالهاء وقال معمر عنه: أم حبيب بغير هاء، وقال يحيى بن أبي كثير عن أم سلمة عن أم حبيبة بالهاء.
وقال ابن عيينة عن الزهري: أم حبيبة أو حبيب على الشك.
فظهر من هذا أن أكثر الرواة قالوا: أم حبيبة بالهاء خلافا لما قاله أبو عمر.
قال في العيون: (وأما ا بن عساكر فعنده أم حبيبة واسمها حمنة فهما أي بنات جحش ثنتان على هذا).
انتهى.
قلت: كان مستند الحافظ ابن عساكر في ذلك ما رواه أبو داود والترمذي عن عمران بن طلحة عن عبيد الله عن أمه حمنة بنت جحش قالت: كنت أستحاض فذكر الحديث.
فلما رأى الحافظ ابن عساكر حديث الاستحاضة تارة يروى عن ح منة بنت جحش وتارة يروى عن أم حبيبة ظن أن اسم أم حبيبة حمنة، وليس كذلك فإن حمنة غير أم حبيبة وكل منهما استحيض.
وقد ذكر ابن إسحاق وابن سعد وغيرهما بنات جحش وسموهن وذكروا أزواجهن، ولهذا مزيد بيان في كتابي: (عين الاصابة في معرفة الصحابة)، أعان الله على إكماله.
الرابع: ذكر ابن إسحاق من نساء بني جحش: جذامة بنت جندل.
قال السهيلي: (وأحسبها جذامة بنت وهب وأما جذامة بنت جندل فلا تعرف في آل جحش الاسديين ولا في غيرهم ولعله وهم وقع في الكتاب وأنها بنت وهب بن محصن بنت أخي عكاشة بن محصن.
قال في الزهر: وهذا غير لان محمد بن جرير ذكر جذامة في المهاجرات، قال: والمحدثون قالوا فيها: جذامة بنت وهب، والمختار أنها بنت جندل الاسدية أخت عكاشة بن محصن المشهور، وتكون أخته من أمه.
وفي كتاب الصحابة لابن حبان: جذامة بنت جندل من بني غنم من المهاجرات،
وجذامة بنت وهب من بني هلال.
وفي الطبقات لابن سعد: جذامة بنت جندل الاسدية أسلمت قديما وبايعت وهاجرت إلى المدينة.
ويزيد ذلك وضوحا ما ذكره أبو الحسن الخزرجي في كتاب تقريب المدارك في الكلام على موطأ مالك: أن جذامة بنت وهب أسلمت عام الفتح، ودال جدامة روى إعجامها وإهمالها وصحح.
الخامس: في بيان غريب ما سبق: (اللحاق) : بفتح اللام مصدر لحقه ولحق به.
(أرسالا) : بفتح الهمزة أي: أفواجا وفرقا.
(التنعيم): على لفظ المصدر محل بين مكة وسرف على مرحلتين من مكة.
(منعة): بفتحتين أي في قوم يمنعونه ويحمونه جمع مانع ككاتب وكتبة وتقدم مبسوطا غير مرة.
(السبخة): بكسر الموحدة وتسكن: الارض المالحة.
(بين لابتين): تثنية لابة بالموحدة وهي الحرة وتأتي.
(الحرتان): تثنية حرة وهي أرض ذات أحجار سود نخرة كأنها أحرقت بالنار.
(السراة): بفتح السين المهملة: أعظم جبال بلاد العرب.
(الظعينة): بفتح الظاء المعجمة الشالة: المرأة وأصله الهودج الذي تكون فيه المرأة.
(عدا): بالعين المهملة: من العدوان.
(فأبطأ): بهمزة مفتوحة في أوله وأخرى في آخره.
(أصيب منكم) بالبناء للمفعول.
(أوعبوا): قال ابن السكيت: أوعب بنو فلان جلاء: لم يبق بدارهم منهم أحد.
(تنكب قوسه): ألقاها على منكبه.
(انتضى في يده أسهما): أي سلها من كنانته وتركها معدة في يده وكذلك انتضى سيفه ونضاه سله.
(اختصر العنزه) العنزة بالتحريك: أطول من العصا وأقصر من الرمح وفيه زج كزج الرمح، واختصرها: حملها مضمومة إلى خاصرته.
(المعاطس) جمع معطس بزنة مجلس وهو الانف.
(وإرغامها): إلصاقها بالرغام وهو التراب كنى بذلك عن الاهانة والذل.
(التناضب): بمثناة فوقية مفتوحة فنون فألف فضاد معجمة مضمومة: هو اسم موضع ويروى بكسر الضاد جمع تنضب وهو شجر واحدته تنضبة.
(ا لاضاة): بفتح الهمزة والضاد المعجمة بوزن حصاة ومناة الغدير يجتمع من ماء المطر يمد ويقصر.
(غفار) بكسر الغين المعجمة وبالفاء وبالراء.
(سرف) بفتح السين والراء المهملتين وبالفاء: موضع بين مكة والمدينة.
(تسور الحائط): تسلقه.
(المروة) : الحجر الصلب.
(فعثر) بفتح المثلثة صدم رجله شئ.
(ذو طوى) بتثليث الطاء: بمكة قال النووي: يصرف ولا يصرف

_________________
اللهم صل على سيدنا محمد
باب الاستجابة
نبي التوبة و الإنابة
صاحب طيبة المستطابة
والرفعة المهابة
وعلى آله وسلم


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: جماع أبواب الهجرة إلى المدينة الشريفة
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء أغسطس 18, 2020 3:07 pm 
غير متصل

اشترك في: الخميس إبريل 09, 2015 7:45 pm
مشاركات: 2368
الباب الثاني في سبب هجرة النبي صلى الله عليه وسلم بنفسه الكريمة وكفاية الله تعالى رسوله مكر المشركين حين أرادوا ما أرادوا
روى ابن إسحاق وعبد الرزاق والامام أحمد وابن جرير وابن المنذر والطبراني عن ابن عباس، وعبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة، والبيهقي عن ابن إسحاق أن قريشا لما رأت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كانت له شيعة وأصحاب من غيرهم بغير بلدهم، ورأوا خروج أصحابه من المهاجرين إليهم، عرفوا أنهم قد نزلوا دارا وأصابوا جوارا ومنعة، فحذروا خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعرفوا أنه قد أجمع لحربهم، فاجتمعوا له في دار الندوة - وهي دار قصي بن كلاب التي كانت قريش لا تقضى أمرا إلا فيها - يتشاورون فيها ما يصنعون في أمر النبي صلى الله عليه وسلم حين خافوه.
فاجتمعوا لذلك واتعدوا، وكان ذلك اليوم يسمى يوم الزحمة فاعترضهم إبليس لعنة الله في هيئة شيخ جليل عليه بت له، فوقف على باب الدار، فلما رأوه واقفا على بابها قالوا: من الشيخ ؟ قال: شيخ من أهل نجد سمع بالذي اتعدتم له فحضر معكم ليسمع ما تقولون وعسى ألا تعدموا منه رأيا ولا نصحا.
قالوا: أجل فادخل، فدخل معهم، وقد اجتمع فيها أشراف قريش: من بني عبد شمس: عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة وأبو سفيان بن حرب - وأسلم بعد ذلك - (ومن بني نوفل بن عبد مناف): طعيمة بن عدي، وجبير بن مطعم - وأسلم بعد ذلك - (والحرث بن عامر بن نوفل.
ومن بني عبد الدار بن قصى): النضر بن الحرث بن كلدة (ومن بني أسد بن عبد العزى): أبو البختري بن هشام، وزمعة بن الاسود - وأسلم بعد ذلك - وحكيم بن حزام - وأسلم بعد ذلك، (ومن بني مخزوم): أبو جهل بن هشام، (ومن بني سهم): نبيه ومنبه ابنا الحجاج، ومن بني جمح: أمية بن خلف، ومن كان معهم، وغيرهم ممن لا يعد من قريش.
فقال بعضهم لبعض: إن هذا الرجل قد كان من أمره ما قد رأيتم، وإنا والله ما نأمنه على
الوثوب علينا بمن قد اتبعه من غيرنا فأجمعوا فيه رأيا.
قال: فتشاوروا ثم قال قائل منهم - نقل السهيلي عن ابن سلام أنه أبو البختري بن هشام - احبسوه في الحديد وأغلقوا عليه بابا، ثم تربصوا به ما أصاب أشباهه من الشعراء الذين كانوا قبله: زهيرا والنابغة ومن مضى منهم من هذا ا لموت حتى يصيبه ما أصابهم.
فقال الشيخ النجدي - لعنه الله -: لا والله ما هذا لكم برأي، والله لو حبستموه كما تقولون ليخرجن أمره من وراء ا لباب الذي أغلقتم دونه إلى أصحابه، فلاوشكوا أن يثبوا عليكم فينتزعوه من أيديكم، ثم يكاثروكم به حتى يغلبوكم على أمركن، ما هذا لكم برأي فانظروا في غيره.
فتشاوروا ثم قال قائل منهم - ذكر السهيلي أنه أبو الاسود ربيعة بن عمرو أحد بني عامر بن لؤي - نخرجه من بين أظهرنا فننفيه من بلادنا، فإذا خرج عنا فوالله ما نبالي أين ذهب ولا حيث وقع، إذا غاب عنا وفرغنا منه فأصلحنا أمرنا وألفتنا (كما كانت) فقال الشيخ النجدي: لا والله، ما هذا لكم برأي، ألم تروا حسن حديثه وحلاوة منطقه وغلبته قلوب الرجال بما يأتي به ؟ والله لو فعلتم ذلك ما أمنتم أن يحل على حي من العرب فيغلب عليهم بذلك من قوله وحديثه حتى يتابعوه عليه، ثم يسير بهم إليكم حتى يطأكم بهم في بلادكم، فيأخذ أمركم من أيديكم، ثم يفعل بكم ما أراد، دبروا فيه رأيا غير هذا.
فقال أبو جهل بن هشام: والله إن لي فيه لرأيا ما أراكم وقعتم عليه بعد.
قالوا: وما هو يا أبا الحكم ؟ قال: أرى أن تأخذوا من كل قبيلة فتى شابا جلدا نسيبا وسيطا، ثم نعطي كل فتى منهم سيفا صارما، ثم يعمدوا إليه بأجمعهم فيضربوه بها ضربة رجل واحد، فيقتلوه فنستريح منه، فإنهم إن فعلوا ذلك تفرق دمه في القبائل جميعا، فلم يقدر بنو عبد مناف على حرب قومهم جميعا، فرضوا منا بالعقل فعقلناه لهم.
فقال الشيخ النجدي أخزاه الله، القول ما قال الرجل، هذا الرأي لا أرى غيره.
وذكر ابن الكلبي أن إبليس لما حمد رأي أبي جهل لعنه الله قال:
الرأي رأيان: رأي ليس يعرفه * هاد ورأي كنصل السيف معروف يكون أوله عز ومكرمة * يوما وآخره جد وتشريف وتفرق القوم على ذلك وهم مجمعون له.
فأتى جبريل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: لا تبت هذه الليلة على فراشك الذي كنت تبيت عليه، وأخبره بمكر القوم وإذن الله تعالى له بالخروج.
فلما كانت العتمة من الليل اجتمعوا على بابه يرصدونه متى ينام فيثبون عليه، فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم مكانهم قال لعلي بن أبي طالب: (نم على فراشي وتسج ببردي هذا الحضرمي الا حضر فنم فيه فإنه لن يخلص إليك شئ تكرهه منهم)، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينام في برده ذلك إذا نام.
فلما اجتمعوا قال أبو جهل بن هشام: إن محمدا يزعم أنكم إن تابعتموه على أمره كنتم ملوك العرب والعجم ثم بعثتم من بعد موتكم، فجعلت لكم جنان كجنان الاردن وإن أنتم لم تفعلوا كان فيكم ذبح، ثم بعثتم من بعد موتكم فجعلت لكم نار تحرقون فيها.
فخرج عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ حفنة من تراب في يده ثم قال: (نعم أنا أقول ذلك وأنت أحدهم).
وأخذ الله عزوجل على أبصارهم عنه فلا يرونه فجعل يذري ذلك التراب على رؤوسهم وهو يتلو هذه الايات: (يس والقرآن الحكيم إنك لمن المرسلين على صراط مستقيم تنزيل العزيز الرحيم) إلى قوله تعالى: (فأغشيناهم فهم لا يبصرون) (يس: 1 - 9) فلم يبق منهم رجل الا وقد وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم على رأسه ترابا، ثم انصرف إلى حيث أراد أن يذهب.)

_________________
اللهم صل على سيدنا محمد
باب الاستجابة
نبي التوبة و الإنابة
صاحب طيبة المستطابة
والرفعة المهابة
وعلى آله وسلم


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: جماع أبواب الهجرة إلى المدينة الشريفة
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء أغسطس 18, 2020 3:09 pm 
غير متصل

اشترك في: الخميس إبريل 09, 2015 7:45 pm
مشاركات: 2368
الباب الثاني في سبب هجرة النبي صلى الله عليه وسلم بنفسه الكريمة وكفاية الله تعالى رسوله مكر المشركين حين أرادوا ما أرادوا
روى ابن إسحاق وعبد الرزاق والامام أحمد وابن جرير وابن المنذر والطبراني عن ابن عباس، وعبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة، والبيهقي عن ابن إسحاق أن قريشا لما رأت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كانت له شيعة وأصحاب من غيرهم بغير بلدهم، ورأوا خروج أصحابه من المهاجرين إليهم، عرفوا أنهم قد نزلوا دارا وأصابوا جوارا ومنعة، فحذروا خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعرفوا أنه قد أجمع لحربهم، فاجتمعوا له في دار الندوة - وهي دار قصي بن كلاب التي كانت قريش لا تقضى أمرا إلا فيها - يتشاورون فيها ما يصنعون في أمر النبي صلى الله عليه وسلم حين خافوه.
فاجتمعوا لذلك واتعدوا، وكان ذلك اليوم يسمى يوم الزحمة فاعترضهم إبليس لعنة الله في هيئة شيخ جليل عليه بت له، فوقف على باب الدار، فلما رأوه واقفا على بابها قالوا: من الشيخ ؟ قال: شيخ من أهل نجد سمع بالذي اتعدتم له فحضر معكم ليسمع ما تقولون وعسى ألا تعدموا منه رأيا ولا نصحا.
قالوا: أجل فادخل، فدخل معهم، وقد اجتمع فيها أشراف قريش: من بني عبد شمس: عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة وأبو سفيان بن حرب - وأسلم بعد ذلك - (ومن بني نوفل بن عبد مناف): طعيمة بن عدي، وجبير بن مطعم - وأسلم بعد ذلك - (والحرث بن عامر بن نوفل.
ومن بني عبد الدار بن قصى): النضر بن الحرث بن كلدة (ومن بني أسد بن عبد العزى): أبو البختري بن هشام، وزمعة بن الاسود - وأسلم بعد ذلك - وحكيم بن حزام - وأسلم بعد ذلك، (ومن بني مخزوم): أبو جهل بن هشام، (ومن بني سهم): نبيه ومنبه ابنا الحجاج، ومن بني جمح: أمية بن خلف، ومن كان معهم، وغيرهم ممن لا يعد من قريش.
فقال بعضهم لبعض: إن هذا الرجل قد كان من أمره ما قد رأيتم، وإنا والله ما نأمنه على
الوثوب علينا بمن قد اتبعه من غيرنا فأجمعوا فيه رأيا.
قال: فتشاوروا ثم قال قائل منهم - نقل السهيلي عن ابن سلام أنه أبو البختري بن هشام - احبسوه في الحديد وأغلقوا عليه بابا، ثم تربصوا به ما أصاب أشباهه من الشعراء الذين كانوا قبله: زهيرا والنابغة ومن مضى منهم من هذا ا لموت حتى يصيبه ما أصابهم.
فقال الشيخ النجدي - لعنه الله -: لا والله ما هذا لكم برأي، والله لو حبستموه كما تقولون ليخرجن أمره من وراء ا لباب الذي أغلقتم دونه إلى أصحابه، فلاوشكوا أن يثبوا عليكم فينتزعوه من أيديكم، ثم يكاثروكم به حتى يغلبوكم على أمركن، ما هذا لكم برأي فانظروا في غيره.
فتشاوروا ثم قال قائل منهم - ذكر السهيلي أنه أبو الاسود ربيعة بن عمرو أحد بني عامر بن لؤي - نخرجه من بين أظهرنا فننفيه من بلادنا، فإذا خرج عنا فوالله ما نبالي أين ذهب ولا حيث وقع، إذا غاب عنا وفرغنا منه فأصلحنا أمرنا وألفتنا (كما كانت) فقال الشيخ النجدي: لا والله، ما هذا لكم برأي، ألم تروا حسن حديثه وحلاوة منطقه وغلبته قلوب الرجال بما يأتي به ؟ والله لو فعلتم ذلك ما أمنتم أن يحل على حي من العرب فيغلب عليهم بذلك من قوله وحديثه حتى يتابعوه عليه، ثم يسير بهم إليكم حتى يطأكم بهم في بلادكم، فيأخذ أمركم من أيديكم، ثم يفعل بكم ما أراد، دبروا فيه رأيا غير هذا.
فقال أبو جهل بن هشام: والله إن لي فيه لرأيا ما أراكم وقعتم عليه بعد.
قالوا: وما هو يا أبا الحكم ؟ قال: أرى أن تأخذوا من كل قبيلة فتى شابا جلدا نسيبا وسيطا، ثم نعطي كل فتى منهم سيفا صارما، ثم يعمدوا إليه بأجمعهم فيضربوه بها ضربة رجل واحد، فيقتلوه فنستريح منه، فإنهم إن فعلوا ذلك تفرق دمه في القبائل جميعا، فلم يقدر بنو عبد مناف على حرب قومهم جميعا، فرضوا منا بالعقل فعقلناه لهم.
فقال الشيخ النجدي أخزاه الله، القول ما قال الرجل، هذا الرأي لا أرى غيره.
وذكر ابن الكلبي أن إبليس لما حمد رأي أبي جهل لعنه الله قال:
الرأي رأيان: رأي ليس يعرفه * هاد ورأي كنصل السيف معروف يكون أوله عز ومكرمة * يوما وآخره جد وتشريف وتفرق القوم على ذلك وهم مجمعون له.
فأتى جبريل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: لا تبت هذه الليلة على فراشك الذي كنت تبيت عليه، وأخبره بمكر القوم وإذن الله تعالى له بالخروج.
فلما كانت العتمة من الليل اجتمعوا على بابه يرصدونه متى ينام فيثبون عليه، فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم مكانهم قال لعلي بن أبي طالب: (نم على فراشي وتسج ببردي هذا الحضرمي الا حضر فنم فيه فإنه لن يخلص إليك شئ تكرهه منهم)، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينام في برده ذلك إذا نام.
فلما اجتمعوا قال أبو جهل بن هشام: إن محمدا يزعم أنكم إن تابعتموه على أمره كنتم ملوك العرب والعجم ثم بعثتم من بعد موتكم، فجعلت لكم جنان كجنان الاردن وإن أنتم لم تفعلوا كان فيكم ذبح، ثم بعثتم من بعد موتكم فجعلت لكم نار تحرقون فيها.
فخرج عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ حفنة من تراب في يده ثم قال: (نعم أنا أقول ذلك وأنت أحدهم).
وأخذ الله عزوجل على أبصارهم عنه فلا يرونه فجعل يذري ذلك التراب على رؤوسهم وهو يتلو هذه الايات: (يس والقرآن الحكيم إنك لمن المرسلين على صراط مستقيم تنزيل العزيز الرحيم) إلى قوله تعالى: (فأغشيناهم فهم لا يبصرون) (يس: 1 - 9) فلم يبق منهم رجل الا وقد وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم على رأسه ترابا، ثم انصرف إلى حيث أراد أن يذهب.)

_________________
اللهم صل على سيدنا محمد
باب الاستجابة
نبي التوبة و الإنابة
صاحب طيبة المستطابة
والرفعة المهابة
وعلى آله وسلم


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: جماع أبواب الهجرة إلى المدينة الشريفة
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء أغسطس 18, 2020 3:10 pm 
غير متصل

اشترك في: الخميس إبريل 09, 2015 7:45 pm
مشاركات: 2368
الباب الثاني في سبب هجرة النبي صلى الله عليه وسلم بنفسه الكريمة وكفاية الله تعالى رسوله مكر المشركين حين أرادوا ما أرادوا
روى ابن إسحاق وعبد الرزاق والامام أحمد وابن جرير وابن المنذر والطبراني عن ابن عباس، وعبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة، والبيهقي عن ابن إسحاق أن قريشا لما رأت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كانت له شيعة وأصحاب من غيرهم بغير بلدهم، ورأوا خروج أصحابه من المهاجرين إليهم، عرفوا أنهم قد نزلوا دارا وأصابوا جوارا ومنعة، فحذروا خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعرفوا أنه قد أجمع لحربهم، فاجتمعوا له في دار الندوة - وهي دار قصي بن كلاب التي كانت قريش لا تقضى أمرا إلا فيها - يتشاورون فيها ما يصنعون في أمر النبي صلى الله عليه وسلم حين خافوه.
فاجتمعوا لذلك واتعدوا، وكان ذلك اليوم يسمى يوم الزحمة فاعترضهم إبليس لعنة الله في هيئة شيخ جليل عليه بت له، فوقف على باب الدار، فلما رأوه واقفا على بابها قالوا: من الشيخ ؟ قال: شيخ من أهل نجد سمع بالذي اتعدتم له فحضر معكم ليسمع ما تقولون وعسى ألا تعدموا منه رأيا ولا نصحا.
قالوا: أجل فادخل، فدخل معهم، وقد اجتمع فيها أشراف قريش: من بني عبد شمس: عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة وأبو سفيان بن حرب - وأسلم بعد ذلك - (ومن بني نوفل بن عبد مناف): طعيمة بن عدي، وجبير بن مطعم - وأسلم بعد ذلك - (والحرث بن عامر بن نوفل.
ومن بني عبد الدار بن قصى): النضر بن الحرث بن كلدة (ومن بني أسد بن عبد العزى): أبو البختري بن هشام، وزمعة بن الاسود - وأسلم بعد ذلك - وحكيم بن حزام - وأسلم بعد ذلك، (ومن بني مخزوم): أبو جهل بن هشام، (ومن بني سهم): نبيه ومنبه ابنا الحجاج، ومن بني جمح: أمية بن خلف، ومن كان معهم، وغيرهم ممن لا يعد من قريش.
فقال بعضهم لبعض: إن هذا الرجل قد كان من أمره ما قد رأيتم، وإنا والله ما نأمنه على
الوثوب علينا بمن قد اتبعه من غيرنا فأجمعوا فيه رأيا.
قال: فتشاوروا ثم قال قائل منهم - نقل السهيلي عن ابن سلام أنه أبو البختري بن هشام - احبسوه في الحديد وأغلقوا عليه بابا، ثم تربصوا به ما أصاب أشباهه من الشعراء الذين كانوا قبله: زهيرا والنابغة ومن مضى منهم من هذا ا لموت حتى يصيبه ما أصابهم.
فقال الشيخ النجدي - لعنه الله -: لا والله ما هذا لكم برأي، والله لو حبستموه كما تقولون ليخرجن أمره من وراء ا لباب الذي أغلقتم دونه إلى أصحابه، فلاوشكوا أن يثبوا عليكم فينتزعوه من أيديكم، ثم يكاثروكم به حتى يغلبوكم على أمركن، ما هذا لكم برأي فانظروا في غيره.
فتشاوروا ثم قال قائل منهم - ذكر السهيلي أنه أبو الاسود ربيعة بن عمرو أحد بني عامر بن لؤي - نخرجه من بين أظهرنا فننفيه من بلادنا، فإذا خرج عنا فوالله ما نبالي أين ذهب ولا حيث وقع، إذا غاب عنا وفرغنا منه فأصلحنا أمرنا وألفتنا (كما كانت) فقال الشيخ النجدي: لا والله، ما هذا لكم برأي، ألم تروا حسن حديثه وحلاوة منطقه وغلبته قلوب الرجال بما يأتي به ؟ والله لو فعلتم ذلك ما أمنتم أن يحل على حي من العرب فيغلب عليهم بذلك من قوله وحديثه حتى يتابعوه عليه، ثم يسير بهم إليكم حتى يطأكم بهم في بلادكم، فيأخذ أمركم من أيديكم، ثم يفعل بكم ما أراد، دبروا فيه رأيا غير هذا.
فقال أبو جهل بن هشام: والله إن لي فيه لرأيا ما أراكم وقعتم عليه بعد.
قالوا: وما هو يا أبا الحكم ؟ قال: أرى أن تأخذوا من كل قبيلة فتى شابا جلدا نسيبا وسيطا، ثم نعطي كل فتى منهم سيفا صارما، ثم يعمدوا إليه بأجمعهم فيضربوه بها ضربة رجل واحد، فيقتلوه فنستريح منه، فإنهم إن فعلوا ذلك تفرق دمه في القبائل جميعا، فلم يقدر بنو عبد مناف على حرب قومهم جميعا، فرضوا منا بالعقل فعقلناه لهم.
فقال الشيخ النجدي أخزاه الله، القول ما قال الرجل، هذا الرأي لا أرى غيره.
وذكر ابن الكلبي أن إبليس لما حمد رأي أبي جهل لعنه الله قال:
الرأي رأيان: رأي ليس يعرفه * هاد ورأي كنصل السيف معروف يكون أوله عز ومكرمة * يوما وآخره جد وتشريف وتفرق القوم على ذلك وهم مجمعون له.
فأتى جبريل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: لا تبت هذه الليلة على فراشك الذي كنت تبيت عليه، وأخبره بمكر القوم وإذن الله تعالى له بالخروج.
فلما كانت العتمة من الليل اجتمعوا على بابه يرصدونه متى ينام فيثبون عليه، فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم مكانهم قال لعلي بن أبي طالب: (نم على فراشي وتسج ببردي هذا الحضرمي الا حضر فنم فيه فإنه لن يخلص إليك شئ تكرهه منهم)، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينام في برده ذلك إذا نام.
فلما اجتمعوا قال أبو جهل بن هشام: إن محمدا يزعم أنكم إن تابعتموه على أمره كنتم ملوك العرب والعجم ثم بعثتم من بعد موتكم، فجعلت لكم جنان كجنان الاردن وإن أنتم لم تفعلوا كان فيكم ذبح، ثم بعثتم من بعد موتكم فجعلت لكم نار تحرقون فيها.
فخرج عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ حفنة من تراب في يده ثم قال: (نعم أنا أقول ذلك وأنت أحدهم).
وأخذ الله عزوجل على أبصارهم عنه فلا يرونه فجعل يذري ذلك التراب على رؤوسهم وهو يتلو هذه الايات: (يس والقرآن الحكيم إنك لمن المرسلين على صراط مستقيم تنزيل العزيز الرحيم) إلى قوله تعالى: (فأغشيناهم فهم لا يبصرون) (يس: 1 - 9) فلم يبق منهم رجل الا وقد وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم على رأسه ترابا، ثم انصرف إلى حيث أراد أن يذهب.)

_________________
اللهم صل على سيدنا محمد
باب الاستجابة
نبي التوبة و الإنابة
صاحب طيبة المستطابة
والرفعة المهابة
وعلى آله وسلم


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: جماع أبواب الهجرة إلى المدينة الشريفة
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء أغسطس 18, 2020 3:11 pm 
غير متصل

اشترك في: الخميس إبريل 09, 2015 7:45 pm
مشاركات: 2368
الباب الثاني في سبب هجرة النبي صلى الله عليه وسلم بنفسه الكريمة وكفاية الله تعالى رسوله مكر المشركين حين أرادوا ما أرادوا
روى ابن إسحاق وعبد الرزاق والامام أحمد وابن جرير وابن المنذر والطبراني عن ابن عباس، وعبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة، والبيهقي عن ابن إسحاق أن قريشا لما رأت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كانت له شيعة وأصحاب من غيرهم بغير بلدهم، ورأوا خروج أصحابه من المهاجرين إليهم، عرفوا أنهم قد نزلوا دارا وأصابوا جوارا ومنعة، فحذروا خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعرفوا أنه قد أجمع لحربهم، فاجتمعوا له في دار الندوة - وهي دار قصي بن كلاب التي كانت قريش لا تقضى أمرا إلا فيها - يتشاورون فيها ما يصنعون في أمر النبي صلى الله عليه وسلم حين خافوه.
فاجتمعوا لذلك واتعدوا، وكان ذلك اليوم يسمى يوم الزحمة فاعترضهم إبليس لعنة الله في هيئة شيخ جليل عليه بت له، فوقف على باب الدار، فلما رأوه واقفا على بابها قالوا: من الشيخ ؟ قال: شيخ من أهل نجد سمع بالذي اتعدتم له فحضر معكم ليسمع ما تقولون وعسى ألا تعدموا منه رأيا ولا نصحا.
قالوا: أجل فادخل، فدخل معهم، وقد اجتمع فيها أشراف قريش: من بني عبد شمس: عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة وأبو سفيان بن حرب - وأسلم بعد ذلك - (ومن بني نوفل بن عبد مناف): طعيمة بن عدي، وجبير بن مطعم - وأسلم بعد ذلك - (والحرث بن عامر بن نوفل.
ومن بني عبد الدار بن قصى): النضر بن الحرث بن كلدة (ومن بني أسد بن عبد العزى): أبو البختري بن هشام، وزمعة بن الاسود - وأسلم بعد ذلك - وحكيم بن حزام - وأسلم بعد ذلك، (ومن بني مخزوم): أبو جهل بن هشام، (ومن بني سهم): نبيه ومنبه ابنا الحجاج، ومن بني جمح: أمية بن خلف، ومن كان معهم، وغيرهم ممن لا يعد من قريش.
فقال بعضهم لبعض: إن هذا الرجل قد كان من أمره ما قد رأيتم، وإنا والله ما نأمنه على
الوثوب علينا بمن قد اتبعه من غيرنا فأجمعوا فيه رأيا.
قال: فتشاوروا ثم قال قائل منهم - نقل السهيلي عن ابن سلام أنه أبو البختري بن هشام - احبسوه في الحديد وأغلقوا عليه بابا، ثم تربصوا به ما أصاب أشباهه من الشعراء الذين كانوا قبله: زهيرا والنابغة ومن مضى منهم من هذا ا لموت حتى يصيبه ما أصابهم.
فقال الشيخ النجدي - لعنه الله -: لا والله ما هذا لكم برأي، والله لو حبستموه كما تقولون ليخرجن أمره من وراء ا لباب الذي أغلقتم دونه إلى أصحابه، فلاوشكوا أن يثبوا عليكم فينتزعوه من أيديكم، ثم يكاثروكم به حتى يغلبوكم على أمركن، ما هذا لكم برأي فانظروا في غيره.
فتشاوروا ثم قال قائل منهم - ذكر السهيلي أنه أبو الاسود ربيعة بن عمرو أحد بني عامر بن لؤي - نخرجه من بين أظهرنا فننفيه من بلادنا، فإذا خرج عنا فوالله ما نبالي أين ذهب ولا حيث وقع، إذا غاب عنا وفرغنا منه فأصلحنا أمرنا وألفتنا (كما كانت) فقال الشيخ النجدي: لا والله، ما هذا لكم برأي، ألم تروا حسن حديثه وحلاوة منطقه وغلبته قلوب الرجال بما يأتي به ؟ والله لو فعلتم ذلك ما أمنتم أن يحل على حي من العرب فيغلب عليهم بذلك من قوله وحديثه حتى يتابعوه عليه، ثم يسير بهم إليكم حتى يطأكم بهم في بلادكم، فيأخذ أمركم من أيديكم، ثم يفعل بكم ما أراد، دبروا فيه رأيا غير هذا.
فقال أبو جهل بن هشام: والله إن لي فيه لرأيا ما أراكم وقعتم عليه بعد.
قالوا: وما هو يا أبا الحكم ؟ قال: أرى أن تأخذوا من كل قبيلة فتى شابا جلدا نسيبا وسيطا، ثم نعطي كل فتى منهم سيفا صارما، ثم يعمدوا إليه بأجمعهم فيضربوه بها ضربة رجل واحد، فيقتلوه فنستريح منه، فإنهم إن فعلوا ذلك تفرق دمه في القبائل جميعا، فلم يقدر بنو عبد مناف على حرب قومهم جميعا، فرضوا منا بالعقل فعقلناه لهم.
فقال الشيخ النجدي أخزاه الله، القول ما قال الرجل، هذا الرأي لا أرى غيره.
وذكر ابن الكلبي أن إبليس لما حمد رأي أبي جهل لعنه الله قال:
الرأي رأيان: رأي ليس يعرفه * هاد ورأي كنصل السيف معروف يكون أوله عز ومكرمة * يوما وآخره جد وتشريف وتفرق القوم على ذلك وهم مجمعون له.
فأتى جبريل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: لا تبت هذه الليلة على فراشك الذي كنت تبيت عليه، وأخبره بمكر القوم وإذن الله تعالى له بالخروج.
فلما كانت العتمة من الليل اجتمعوا على بابه يرصدونه متى ينام فيثبون عليه، فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم مكانهم قال لعلي بن أبي طالب: (نم على فراشي وتسج ببردي هذا الحضرمي الا حضر فنم فيه فإنه لن يخلص إليك شئ تكرهه منهم)، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينام في برده ذلك إذا نام.
فلما اجتمعوا قال أبو جهل بن هشام: إن محمدا يزعم أنكم إن تابعتموه على أمره كنتم ملوك العرب والعجم ثم بعثتم من بعد موتكم، فجعلت لكم جنان كجنان الاردن وإن أنتم لم تفعلوا كان فيكم ذبح، ثم بعثتم من بعد موتكم فجعلت لكم نار تحرقون فيها.
فخرج عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ حفنة من تراب في يده ثم قال: (نعم أنا أقول ذلك وأنت أحدهم).
وأخذ الله عزوجل على أبصارهم عنه فلا يرونه فجعل يذري ذلك التراب على رؤوسهم وهو يتلو هذه الايات: (يس والقرآن الحكيم إنك لمن المرسلين على صراط مستقيم تنزيل العزيز الرحيم) إلى قوله تعالى: (فأغشيناهم فهم لا يبصرون) (يس: 1 - 9) فلم يبق منهم رجل الا وقد وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم على رأسه ترابا، ثم انصرف إلى حيث أراد أن يذهب.)

_________________
اللهم صل على سيدنا محمد
باب الاستجابة
نبي التوبة و الإنابة
صاحب طيبة المستطابة
والرفعة المهابة
وعلى آله وسلم


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: جماع أبواب الهجرة إلى المدينة الشريفة
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء أغسطس 18, 2020 3:19 pm 
غير متصل

اشترك في: الخميس إبريل 09, 2015 7:45 pm
مشاركات: 2368
(فأتاهم آت ممن لم يكن معهم فقال: (ما تنتظرون ههنا) ؟ قالوا: (محمدا).
قال: (خيبكم الله، قد والله خرج عليكم محمد ثم ما ترك منكم رجلا إلا وقد وضع على رأسه ترابا وانطلق لحاجته، أفما ترون ما بكم) ؟ قال: (فوضع كل رجل منهم يده على رأسه فإذا عليه تراب)، ثم جعلوا يتطلعون فيرون عليا على الفراش متسجيا ببرد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيقولون: والله إن هذا لمحمد نائما عليه بردة.
فلم يزالوا كذلك حتى أصبحوا.
فقام علي رضي الله عنه من الفراش.
فقالوا: (والله لقد صدقنا الذي كان حدثناه).
وذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى غار ثور.
وروى الحاكم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (شرى علي نفسه ولبس ثوب النبي صلى الله عليه وسلم ثم نام مكانه).
وكان المشركون يرجون رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعلوا يرمون عليا ويرونه النبي صلى الله عليه وسلم، وجعل علي يتوضأ فإذا هو علي، فقالوا: إنك للئيم، إنك لتتضور وكان صاحبك لا يتضور وقد استنكرناه منك.
وروى الحاكم عن علي بن الحسين رضي الله عنهما قال: إن أول من شرى نفسه ابتغاء رضوان الله علي، وقال في ذلك شعرا: وقيت بنفسي خير من وطئ الحصى * ومن طاف بالبيت العتيق وبالحجر رسول إله خاف أن يمكروا به * فنجاه ذو الطول الاله من المكر وبات رسول الله في الغار آمنا * موقى وفي حفظ الاله وفي ستر وبت أراعيهم وما يتهمونني * وقد وطنت نفسي على القتل والاسر قال ابن اسحاق: وكان مما أنزل الله عز وجل من القرآن في ذلك اليوم وما كانوا أجمعوا له: (وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك) بالوثاق والحبس والاثخان با لجرح (أو يقتلوك) بسيوفهم (أو يخرجوك) - من مكة - (ويمكرون) - يحتالون في أمرك - (ويمكر الله) - يجازيهم جزاء مكرهم فسمى الجزاء مكرا لانه في مقابلته، والمعنى أنهم احتالوا في إبطال أمر محمد صلى الله عليه وسلم والله تعالى منعه منهم وأظهره وقواه ونصره فضاع فعلهم وظهر فعل الله عز وجل - (والله خير الماكرين) (الانفال: 30) - لان مكره حق، وإتيان هذا مما يحسن للمزاوجة ولا يجوز إطلاقه ابتداء لما فيه من إيهام الذم، وهذه السورة مدنية، وهذه الواقعة كانت بمكة قبل أن يهاجروا إلى المدينة.
وقد ذكر الله تعالى النبيه محمدا صلى الله عليه وسلم نعمته عليه.
قال ابن إسحاق: وأنزل الله تعالى في ذلك (فذكر) - أي دم على تذكير المشركين ولا ترجع عنهم لقومهم لك كاهن مجنون (فما أنت بنعمة ربك كاهن) - جزما - (ولا مجنون) معطوف عليه - (أم) - بل - (يقولون شاعر نتربص به ريب المنون) - أي حوادث الدهر فيهلك كغيره من الشعراء - (قل) - لهم - (تربصوا) - هلاكي - (فإني معكم من المتربصين) (الطور: 29، 31) - لهلاككم، فعذبوا بالسيف يوم بدر، والتربص الانتظار.

تنبيهات الأول: روى ابن جرير وابن المنذر عن عبيد بن عمير، وابن جرير من طريق آخر عن المطلب بن أبي وداعة قال: لما ائتمروا بالنبي صلى الله عليه وسلم ليثبتوه أو يقتلوه أو يخرجوه قال عمه أبو طالب: هل تدري ما ائتمروا بك ؟ قال: يريدون أن يسجنوني أو يقتلوني أو يخرجوني.
قال: من حدثك بهذا ؟ قال: ربي.
قال: نعم الرب ربك إلى آخره.
قال في البداية: ذكر أبي طالب فيه غريب بل منكر لان القصة قبل الهجرة وذلك بعد موت أبي طالب بثلاث سنين.
الثاني: قال السهيلي: إنما قال لهم إبليس إنه من أهل نجد لانهم قالوا: لا يدخلن معكم في المشاورة أحد من أهل تهامة لان هواهم مع النبي صلى الله عليه وسلم، فلذلك تمثل لهم في صورة شيخ نجدي وقد تقدم في بنيان قريش الكعبة أنه تمثل في صورة شيخ نجدي حين حكموا رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمر الركن من يرفعه، فصاح الشيخ النجدي: يا معشر قريش، أقد رضيتم أن يليه هذا الغلام دون أشرافكم وذوي أسنانكم، فإن صح هذا الخبر فلمعنى آخر تمثل نجديا وذلك أن نجدا يطلع منها قرن الشيطان كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قيل له: وفي نجدنا يا رسول الله ؟ قال: هنا لك الزلازل والفتن ومنها يطلع قرن الشيطان.
الثالث: المانع لهم من التقحم تلك الليلة على علي وهم يظنونه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنهم لم يزالوا قياما حتى أصبحوا أن بعض أهل السير ذكروا السبب المانع من ذلك مع قصر الجدار وأنهم إنما جاؤوا لقتله، فذكر في الخبر أنهم هموا بالولوج عليه فصاحت امرأة من الدار، فقال بعضهم لبعض: والله إنها للسبة في العرب أن يتحدث عنا أنا تسورنا الحيطان على بنات العم وهتكنا ستر حرمتنا (فهذا هو الذي أقامهم بالباب حتى أصبحوا ينتظرون خروجه ثم طمست أبصارهم عنه حين
خرج) وقال بعضهم: (الحكمة في كون الموضوع على رأسهم ترابا دون غيره الاشارة لهم بأنهم الارذلون الاصغرون الذين أرغموا وألصقوا بالرغام وهو التراب، وأنه سيلصقهم بالتراب بعد هذا).
الرابع: روى ابن منده وغيره عن مارية خادم النبي صلى الله عليه وسلم أنها طأطأت لرسول الله صلى الله عليه وسلم حتى صعد حائطا ليلة فر من المشركين، وما سبق في القصة من أنه طلع على المشركين من الباب أقوى سندا منه، وحديث مارية فيه مجاهيل.
الخامس: في قراءته صلى الله عليه وسلم الايات من سورة يس من الفقه التذكرة بقراءة الخائفين لها اقتداء به صلى الله عليه وسلم، وورد في بعض الاثار: ما قرأها خائف إلا أمن.
السادس: في بيان غريب ما سبق: (منعة): سبق بيانها. (شيخ جليل): يقال جل الرجل وجلت المرأة إذا أسنا.
(عليه بت): البت بفتح الموحدة وتشديد المثناة الفوقية: الكساء الغليظ المربع وقيل الطيلسان من خز.
(أجل): بفتح الهمزة والجيم وإسكان اللام مخففة بمعنى نعم.
(أجمعوا فيه رأيا) بفتح الهمزة وكسر الميم: يقال أجمعت الامر وعلى الامر إذا عزمت عليه.
(أوشكوا) : بفتح الهمزة والشين المعجمة: أي أسرعوا.
(أظهرنا): بينا.
(ألفتنا): بضم الهمزة.
(أن يحل): بفتح أوله وضم الحاء المهملة أي ينزل.
(جلدا): بفتح الجيم وكسر اللام: أي قويا.
(وسطا): بفتح الواو وكسر السين والطاء المهملتين: أي حسيبا في قومه.
(صارما): قاطعا.
(نعمد) بكسر الميم في المستقبل وفتحها في الماضي.
(العقل) كعقل الانسان: الدية.
(عتمة الليل): بفتح العين والمثناة الفوقية وقت صلاة العشاء، وقيل ثلث الليل الأول من الليل بعد غيبوبة الشفق، وعتمة الليل ظلامه.
(الحضرمي): منسوب إلى حضرموت.
(تابعتموه): بمثناة فوقية وموحدة من المتابعة.
(بعثتم) بالبناء للمفعول.
(الجنان) جمع جنة: البستان.
(الاردن): بهمزة مضمومة فراء ساكنة فدال مهملة فنون مشددة: الكورة المعروفة من أرض الشام بقرب بيت المقدس.
(حفنة): بفتح الحاء المهملة وسكون الفاء هي مل ء الكف والشئ المحصول حفنة بالضم ويجوز الفتح، والمرة بالفتح ليس غير.
(صدقنا): بفتح الدال المخففة: أي حدثنا حديث صدق.

_________________
اللهم صل على سيدنا محمد
باب الاستجابة
نبي التوبة و الإنابة
صاحب طيبة المستطابة
والرفعة المهابة
وعلى آله وسلم


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: جماع أبواب الهجرة إلى المدينة الشريفة
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء أغسطس 19, 2020 1:51 pm 
غير متصل

اشترك في: الخميس إبريل 09, 2015 7:45 pm
مشاركات: 2368
الباب الثالث في قدر إقامة النبي صلى الله عليه وسلم بمكة بعد البعثة ورؤياه الارض التي يهاجر إليها
روى البخاري وغيره عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: مكث رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة ثلاث عشرة سنة، والرواية عن ابن عباس في ذلك مختلفة، وسيأتي تحريرها في الوفاة النبوية إن شاء الله تعالى وعن أبي موسى الاشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (رأيت في المنام أني أهاجر من مكة إلى أرض بها نخل فذهب وهلي إلى أنها اليمامة أو هجر فإذا هي المدينة يثرب)، رواه الشيخان وعن صهيب رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أريت دار هجرتكم سبخة بين ظهراني حرتين فإما أن تكون هجرا أو يثرب)، رواه الترمذي والحاكم والطبراني .
وروى الامام أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجه عن عبد الله بن عدي بن الحمراء رضي الله عنه، والامام أحمد والنسائي عن أبي هريرة، قال الحافظ: وذكره وهم وإنما هو عبد الله بن عدي، والحاكم وابن جميع عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقف على الحزورة فقال: (والله إنك لخير أرض الله، وأحب أرض إلي ولولا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت منك) .

تنبيهات الأول: قال ابن التين: أري النبي صلى الله عليه وسلم أولا دار هجرته بصفة تجمع المدينة وغيرها، ثم أري الصفة المختصة بالمدينة فتعينت.
الثاني: حديث أبي هريرة مرفوعا: (اللهم إنك أخرجتني من أحب البقاع إلي فأسكني في أحب البقاع إليك) ، رواه الحاكم، وقال الذهبي: إنه موضوع، وقال ابن عبد البر: لا يختلف أهل العلم أنه منكر موضوع.
الثالث: في بيان غريب ما سبق: (وهلي): بفتح أوله وثانيه: أي ظني، يقال: وهل يهل وهلا بالسكون إذا ظن شيئا فتبين الامر خلافه.
(اليمامة): مدينة على يومين من الطائف وأربعة من مكة.
(هجر): بفتح أوله وثانيه وهي هنا مدينة باليمن، وهي قاعدة البحرين وهي من مساكن عبد القيس، وقد سبقوا غيرهم من القرى إلى الاسلام، يذكر ويؤنث، قال الجوهري: مذكر مصروف.
(أرض سبخة): بفتح السين المهملة وكسر الموحدة وتسكن وتفتح، أي مالحة.
(ظهراني حرتين): أي بينهما والحرتان: تثنية حرة وهي أرض ذات حجارة سود.
(الحزورة): بحاء مفتوحة فزاي ساكنة فواو فراء، سوق كانت بمكة أدخلت في المسجد.

_________________
اللهم صل على سيدنا محمد
باب الاستجابة
نبي التوبة و الإنابة
صاحب طيبة المستطابة
والرفعة المهابة
وعلى آله وسلم


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: جماع أبواب الهجرة إلى المدينة الشريفة
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء أغسطس 19, 2020 2:07 pm 
غير متصل

اشترك في: الخميس إبريل 09, 2015 7:45 pm
مشاركات: 2368
الباب الرابع في هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه الكريمة وما وقع في ذلك من الايات
قال الله تعالى: (وقل رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا) (الاسراء 80).
روى الامام أحمد والترمذي والحاكم والضياء وصححوه عن ابن عباس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة فأمر بالهجرة من مكة وأنزل عليه (وقل رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق) (الاسراء 80) الهجرة إلى المدينة (واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا): كتاب الله عز وجل، وفرائضه وحدوده.
وروى الحاكم وصححه عن قتادة في الاية قال: (أدخلني مدخل صدق) يعني المدينة (وأخرجني مخرج صدق) يعني مكة.
وروى الزبير بن بكار عن زيد بن أسلم في الاية قال: جعل الله تعالى مدخل صدق المدينة ومخرج صدق مكة، وسلطانا نصيرا الانصار.
قال ابن سعد: (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما خرج من بيته أتى بيت أبي بكر بمكة فكان فيه إلى الليل، ثم خرج هو وأبو بكر فمضيا إلى غار ثور فدخلاه).
وروى موسى بن عقبة وابن إسحاق والامام أحمد والبخاري وابن حبان عن عائشة رضي الله عنها، وابن إسحاق والطبراني عن أختها أسماء رضي الله عنها أن أبا بكر رضي الله عنه استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخروج قبل المدينة، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (على رسلك فإني أرجو أن يؤذن لي).
فقال أبو بكر: وهل ترجو ذلك بأبي وأمي أنت ؟ قال: (نعم).
فحبس أبو بكر نفسه على رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصحبه وعلف راحلتين كانتا عند ورق السمر ، وهو الخبط أربعة أشهر.
(قال ابن شهاب: أخبرني عروة بن الزبير أن عائشة رضي الله عنها قالت:) (لم يمر علينا يوم إلا يأتينا فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم طرفي النهار بكرة وعشية).
قالت: (فبينما نحن يوما جلوس في بيت أبي بكر في نحر الظهيرة قال قائل لابي بكر: هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم متقنعا في ساعة لم يكن يأتينا فيها).
فقال أبو بكر: (فداء له أبي وأمي، والله ما جاء به في هذه الساعة إلا أمر).
قالت: فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستأذن فأذن فه فدخل، فتأخر له أبو بكر عن سريره فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم).
فقال أبو بكر: (يا رسول الله ما جاء بك إلا أمر حدث).
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لابي بكر: (أخرج من عندك).
فقال أبو بكر: لا عين عليك إنما هي ابنتاي، وفي لفظ: أهلك.
قال: (إن الله قد أذن لي في الخروج والهجرة).
فقال أبو بكر: (الصحبة يا رسول الله).
قال: (نعم).
قالت عائشة: (فوالله ما أن أحدا يبكي من الفرح حتى رأيت أبا بكر يبكي يومئذ).
قال أبو بكر: (يا رسول الله خذ إحدى راحلتي هاتين).
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (بالثمن، لا أركب بعيرا ليس هو لي).
قال: فهو لك.
قال: (لا ولكن بالثمن الذي ابتعتها به).
قال (أخذتها بكذا وكذا).
قال (أخذتها بذلك).
قال: هي لك.
وعند البخاري في غزوة الرجيع أنها الجدعاء، وأفاد الواقدي أن الثمن ثمانمائة.
واستأجر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر رجلا من بني الديل وهو من بني عبد بن عدي هاديا خريتا - والخريت الماهر بالهداية - قد غمس حلفا في آل العاص بن وائل السهمي وهو على دين كفار قريش - وأسلم بعد ذلك - فأمناه فدفعا إليه راحلتيهما وواعداه غار ثور بعد ثلاث ليال براحلتيهما صبح ثلاث.
قالت عائشة: فجهزناهما أحث الجهاز وصنعنا لهما سفرة في جراب.
وأفاد الواقدي أنه كان في السفرة شاة مطبوخة.
قالت عائشة: فشقت أسماء بنت أبي بكر قطعة من نطاقها - وفي لفظ قطعت نطاقها قطعتين فأوكت بقطعة منه الجراب وشدت فم القربة بالباقي فسميت ذات النطاق وفي لفظ النطاقين.
وعند البلاذري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن لها نطاقين في الجنة) فسميت ذات النطاقين.
قال ابن إسحاق: وأعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا بخروجه وأمره أن يتخلف بعده بمكة حتى يؤدي عنه الودائع التي كانت عنده للناس وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس بمكة أحد عنده شئ يخشى عليه إلا وضعه عنده لما يعلم من صدقه وأمانته).
قالت عائشة: (ولحق رسول الله صلى الله عليه وسلم بغار في جبل ثور).
وفي حديث عمر عند البيهقي أنهما خرجا ليلا.
وذكر ابن
إسحاق والواقدي أنهما خرجا من خوخة في ظهر بيت أبي بكر.
وروى أبو نعيم عن عائشة بنت قدامة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لقد خرجت من الخوخة متنكرا فكان أول من لقيني أبو جهل فأعمى الله عز وجل بصره عني وعن أبي بكر حتى مضينا).
قالت أسماء: (وخرج أبو بكر بماله خمسة آلاف درهم).
قال البلاذري: (وكان مال أبي بكر يوم أسلم أربعين ألف درهم، فخرج إلى المدينة للهجرة وماله خمسة آلاف أو أربعة، فبعث ابنه عبد الله فحملها إلى الغار).
قالت: (فدخل علينا جدي أبو قحافة وقد ذهب بصره فقال: (والله إني لاراه قد فجعكم بماله مع نفسه).
قالت: (ققلت: كلا يا أبت إنه قد ترك لنا خيرا كثيرا).
قالت: (فأخذت أحجارا فوضعتها في كوة في البيت، كان أبي يضع ماله فيها، ثم وضعت عليها ثوبا، ثم أخذت بيده
فقلت: يا أبت ضع يدك على هذا المال.
قالت: فوضع يده عليه.
فقال: لا بأس إن كان ترك لكم هذا فقد أحسن، وفي هذا بلاغ لكم.
ولا والله ما ترك لنا شيئا ولكن أردت أن أسكن الشيخ بذلك).


_________________
اللهم صل على سيدنا محمد
باب الاستجابة
نبي التوبة و الإنابة
صاحب طيبة المستطابة
والرفعة المهابة
وعلى آله وسلم


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: جماع أبواب الهجرة إلى المدينة الشريفة
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء أغسطس 19, 2020 2:19 pm 
غير متصل

اشترك في: الخميس إبريل 09, 2015 7:45 pm
مشاركات: 2368
وفي حديث عند البيهقي أن أبا بكر رضي الله عنه لما خرج هو ورسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الغار، جعل أبو بكر يمشي مرة أمام النبي صلى الله عليه وسلم، ومرة خلفه ومرة عن يمينه ومرة عن شماله، فسأله رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فقال: (يا رسول الله أذكر الرصد فأكون أمامك وأذكر الطلب فأكون خلفك، ومرة عن يمينك، ومرة عن يسارك لامن عليك، فلما انتهينا إلى فم الغار قال أبو بكر: والذي بعثك بالحق لا تدخله حتى أدخله قبلك، فإن كان فيه شئ نزل بي قبلك).
فدخله فجعل يلتمس بيده، فجعل كلما دخل جحرا قام إلى ثوبه فشقه ثم ألقمه الجحر حتى فعل ذلك بثوبه أجمع: فبقي جحر) فوضع عقبيه عليه، ثم دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعلت الحيات يلسعن أبا بكر رضي الله عنه وجعلت دموعه تنحدر.
وروى ابن أبي شيبة وابن المنذر عن أبي بكر أنهما لما انتهيا إلى الغار إذا جحر فألقمه
أبو بكر رجليه.
قال: (يا رسول الله إن كان لدغة أو لسعة كانت بي).
وروى ابن مردويه عن جندب بن سفيان قال: (لما انطلق أبو بكر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الغار قال أبو بكر: يا رسول الله لا تدخل الغار حتى استبرئه.
فدخل أبو بكر الغار فأصاب يده شئ فجعل يمسح الدم عن إصبعه ويقول هل أنت ألا إصبع دميت * وفي سبيل الله ما لقيت وفي حديث أنس عند أبي نعيم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أصبح قال لابي بكر (أين ثوبك) ؟ فأخبره بالذي صنع فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه فقال: (اللهم اجعل أبا بكر معي في درجتي في الجنة).
فأوحى الله إليه: (قد استجاب الله تعالى لك) .
وروى ابن سعد وأبو نعيم والبيهقي وابن عساكر عن أ بي مصعب المكي قال: (أدركت أنس بن مالك، وزيد بن أرقم، والمغيرة بن شعبة يتحدثون أن النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الغار أمر شجرة - وفي رواية عند قاسم بن ثابت: أنبت الله شجرة الراءة، فنبتت في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسترته، وبعث الله العنكبوت فنسجت ما بينهما فسترت وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمر الله حمامتين وحشيتين فوقفتا في فم الغار، وأقبل فتيان قريش من كل بطن بعصيهم وهراويهم وسيوفهم، حتى إذا كانوا من النبي صلى الله عليه وسلم على أربعين ذراعا، جعل بعضهم ينظر في الغار فلم ير إلا حمامتين وحشيتين بفم الغار، فرجع إلى أصحابه، فقالوا له: ما لك ؟ قال: رأيت حمامتين وحشيتين فعرفت أنه ليس فيه
أحد، فسمع النبي صلى الله عليه وسلم ما قال، فعرف أن الله قد درأ عنه بهما فبارك عليهما النبي صلى الله عليه وسلم وفرض جزاءهن وانحدرتا في الحرم فأفرخ ذلك الزوج كل شئ في الحرم.
وروى الامام أحمد بسند حسن عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن المشركين قصوا أثر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما بلغوا الجبل اختلط عليهم، فصعدوا الجبل فمروا بالغار فرأوا على بابه نسيج العنكبوت، فمكث فيه ثلاثة أيام.
وروى الحافظ أبو بكر أحمد بن سعيد القاضي شيخ النسائي في مسند الصديق عن الحسن البصري قال: (جاءت قريش يطلبون النبي صلى الله عليه وسلم، وكانوا إذا رأوا على باب الغار نسج العنكبوت قالوا: لم يدخله أحد.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم قائما يصلي وأبو بكر يرتقب.
فقال أبو بكر: يا رسول الله هؤلاء قومك يطلبونك، أما والله ما على نفسي أبكي ولكن مخافة أن أرى فيك ما أكره.
فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تخف إن الله معنا) وروى الامام أحمد والشيخان عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال: (قلت للنبي صلى الله عليه وسلم ونحن في الغار: لو أن أحدهم نظر إلى قدمه لابصرنا تحت قدميه) فقال: (ما ظنك باثنين الله ثالثهما) .

_________________
اللهم صل على سيدنا محمد
باب الاستجابة
نبي التوبة و الإنابة
صاحب طيبة المستطابة
والرفعة المهابة
وعلى آله وسلم


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: جماع أبواب الهجرة إلى المدينة الشريفة
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء أغسطس 19, 2020 2:31 pm 
غير متصل

اشترك في: الخميس إبريل 09, 2015 7:45 pm
مشاركات: 2368
وروى أبو نعيم في الحلية عن عطاء بن ميسرة قال: (نسجت العنكبوت مرتين مرة على داود حين كان طالوت يطلبه ومرة على النبي صلى الله عليه وسلم في الغار).
وذكر البلاذري في تاريخه وأبو سعيد في الشرف أن المشركين استأجروا رجلا يقال له علقمة بن كرز بن هلال الخزاعي - وأسلم عام الفتح - فقفا لهم الاثر حتى انتهى إلى غار ثور وهو بأسفل مكة فقال: ههنا انقطع أثره ولا أدري أخذ يمينا أم شمالا أم صعد الجبل.
فلما انتهوا إلى فم الغار قال أمية بن خلف: ما أربكم في الغار ظ إن عليه لعنكبوتا كان قبل ميلاد محمد.
ثم جاء فبال.
وروى البيهقي عن عروة أن المشركين لما فقدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ركبوا في كل وجه يطلبونه وبعثوا إلى أهل المياه يأمرونهم به ويجعلون لهم الجعل العظيم وأتوا على ثور الجبل الذي فيه الغار الذي فيه النبي صلى الله عليه وسلم حتى طلعوا فوقه، وسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر أصواتهم، فأشفق أبو بكر وبكى وأقبل عليه الهم والحزن والخوف، فعند ذلك يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا تحزن إن الله معنا) (التوبة - 40) ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزلت السكينة من الله تعالى.
وروى ابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه والبيهقي وابن عساكر عن ابن عباس في قوله تعالى: (فأنزل الله سكينته عليه) قال: على أبي بكر لان النبي صلى الله عليه وسلم لم تزل السكينة معه) (التوبة - 40).
وروى أبو نعيم عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما أن أبا بكر رأى رجلا مواجها الغار فقال: (يا رسول الله إنه يرانا).
قال: كلا إن الملائكة تستره الان بأجنحتها).
فلم ينشب أن قعد يبول مستقبلنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا أبا بكر لو كان يراك ما فعل هذا).
ويرحم الله الشرف البوصيري حيث قال: ويح قوم جفوا نبيا بأرض * ألفته ضبابها والظباء وسلوه وحن جذع إليه * وقلوه ورده الغرباء أخرجوه منها وآواه غار * وحمته حمامه ورقاء وكفته بنسجها عنكبوت * ما كفته الحمامة الحصداء وحيث قال: أقسمت بالقمر المنشق أن له * من قلبه نسبة مبرورة القسم وما حوى الغار من خير ومن كرم * وكل طرف من الكفار عنه عم فالصدق في الغار والصديق لم يردا * وهم يقولون ما بالغار من أرم ظنوا الحمام وظنوا العنكبوت على * خير البرية لم تنسج ولم تحم وقاية الله أغنت عن مضاعفة * من الدروع وعن عال من الاطم لطيفة: سئل بعضهم عن الحكمة في اختفائه صلى الله عليه وسلم في غار ثور دون غيره فأجيب بأنه صلى الله عليه وسلم كان يحب الفأل الحسن، وقد قيل إن الارض مستقرة على قرن الثور فناسب استقراره
صلى الله عليه وسلم في غار ثور تفاؤلا بالطمأنينة والاستقرار فيما يقصده هو ورفيقه.
وروى ابن عدي وابن عساكر عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لحسان: (هل قلت في أبي بكر شيئا) ؟ قال: نعم.
قال: (قل وأنا أسمع)، فقال: والثاني اثنين في الغار المنيف وقد * طاف العدو به إذ صعد الجبلا وكان حب رسول الله قد علموا * من البرية لم يعدل به رجلا فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه ثم قال: (صدقت يا حسان هو كما قلت .


_________________
اللهم صل على سيدنا محمد
باب الاستجابة
نبي التوبة و الإنابة
صاحب طيبة المستطابة
والرفعة المهابة
وعلى آله وسلم


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: جماع أبواب الهجرة إلى المدينة الشريفة
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء أغسطس 19, 2020 2:50 pm 
غير متصل

اشترك في: الخميس إبريل 09, 2015 7:45 pm
مشاركات: 2368
قالت عائشة رضي الله عنها: (فكمنا في الغار ثلاث ليال وكان عبد الله بن أبي بكر يبيت عندهما، وهو غلام ثقف لقن، فيدلج من عندهما بسحر فيصبح مع قريش (بمكة كبائت)، فلا يسمع بأمر يكادان به إلا وعاه حتى يأتيهما بخبر ذلك حين يختلط الظلام.
وعند ابن إسحاق أن أسماء بنت أبي بكر كانت تأتيهما إذا أمست بما يصلحهما من الطعام.
وكان عامر بن فهيرة يرعى غنما لابي بكر في رعيان أهل مكة فإذا أمسى يريحهما عليهما حين تذهب ساعة من العشاء، فيبيتان في رسل وهو لبن منحتهما ورضيفهما (حتى ينعق بها عامر بن فهيرة بغلس)، يفعل ذلك في كل ليلة من تلك الليالي الثلاث.
فلما مضت الثلاث وسكن عنهما الناس أتاهما صاحبهما الذي استأجراه فركبا وانطلق معهما عارم بن فهيرة والدليل الديلي.
وأردف أبو بكر عامر بن فهيرة مولاه ليخدمهما في الطريق - وعند البخاري في غزوة الرجيع كان عامر بن فهيرة غلاما لعبد الله بن الطفيل بن سخبرة أخو عائشة لامها - وأخذ بهما الدليل طريق الساحل أسفل من عسفان ثم أجاز بهما حتى عادا من الطريق على أمج.
وروى أبو نعيم من طريق إبراهيم بن سعد عن محمد بن إسحاق قال: (بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما خرج مهاجرا قال: (الحمد لله الذي خلقني ولم أك شيئا، اللهم أعني على هول الدنيا وبوائق الدهر ومصائب الليالي والايام، اللهم اصحبني في سفري واخلفني في أهلي وبارك لي فيما رزقتني، ولك فذللني، وعلى صالح خلقي فقومني، وإلى ربي فحببني، وإلى الناس فلا تكلني، أنت رب المستضعفين وأنت ربي، أعوذ بوجهك الكريم الذي أشرقت له السموات والارض فكشفت به الظلمات وصلح عليه أمر الاولين والاخرين، أن يحل بي غضبك أو ينزل على سخطك، أعوذ بك من زوال نعمتك وفجاءة نقمتك وتحول عاقبتك وجميع سخطك، لك العتبى خير ما استطعت، ولا حول ولا قوة إلا بك) .
وروى الامام أحمد والشيخان ويعقوب بن سفيان عن البراء بن عازب رضي الله عنه أن أباه قال لابي بكر رضي الله عنه: كيف صنعتما ليلة سريت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال: خرجنا
فأدلجنا فأحيينا يومنا وليلتنا حتى أظهرنا وقام قائم الظهيرة فضربت ببصري هل أرى ظلا نأوي إليه فإذا أنا بصخرة فأهويت إليها فإذا بقية ظلها فسويته لرسول الله صلى الله عليه وسلم وفرشت له فروة ثم قلت: اضطجع يا رسول الله وأنا أنفض لك ما حولك، ثم خرجت هل أرى أحدا من الطلب فإذا براع مقبل بغنمه يريد من الصخرة ما أردنا: فلقيته فقلت له: لمن أنت يا غلام ؟ فقال:
لرجل من أهل مكة، فسماه فعرفته فقلت: هل في غنمك من لبن ؟ قال: نعم.
قلت: هل أنت حالب لي ؟ قال: نعم.
فأمرته فاعتقل شاة منها.
فقلت: انفض الضرع من التراب والقذى، فحلب لي في قعب معه كثبة من لبن ومعه إداوة أرتوى فيها للنبي صلى الله عليه وسلم يشرب منها ويتوضأ، على فمها خرقة، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم، وكرهت أن أوقظه من نومه، فوقفت حتى استيقظ، فصببت على اللبن من الماء حتى برد أسفله، فقلت: يا رسول الله اشرب من هذا اللبن.
فشرب حتى رضيت.
ثم قال: (ألم يأن الرحيل ؟) قلت: بلى.
قال: فارتحلنا بعد ما زالت الشمس .
قصة أم معبد رضي الله عنها روى الطبراني والحاكم وصححه، وأبو نعيم وأبو بكر الشافعي عن حبيش بن خالد الاشعر الخزاعي القديدي ، أخي أم معبد رضي الله عنهما، وأبو بكر الشافعي عن أبي سليط - بفتح السين المهملة وكسر اللام فمثناة تحتية فطاء مهملة - واسمه أسيرة - بضم أوله وفتح ثانيه وسكون المثناة ا لتحتية - ابن عمرو الانصاري رضي الله عنه، وابن سعد والبيهقي عن أبي معبد، وابن السكن عن أم معبد رضي الله عنها، والبزار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين خرج من مكة مهاجرا إلى المدينة هو وأبو بكر، ومولى أبي بكر عامر بن فهيرة ودليلهم الليثي عبد الله بن الاريقط، مروا على خيمة أم معبد الخزاعية، وهي لا تعرفه، وكانت برزة جلدة تحتبي بفناء القبة ثم تسقي وتطعم فسألوها لحما وتمروا ليشتروه منها، فلم يصيبوا عندها شيئا من ذلك، وإذا القوم مرملون مسنتون.
فقالت: والله لو كان عندنا شئ ما أعوزناكم.
فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى شاة في كسر الخيمة - وفي لفظ في كفاء البيت - فقال: " ما هذه الشاة يا أم معبد " ؟ قالت: شاة خلفها الجهد عن الغنم.
قال: " هل بها من لبن " ؟ قالت: هي أجهد من ذلك.
قال: " أتأذنين لي أن أحلبها " ؟ قالت: بأبي أنت وأمي نعم إن رأيت به حلبا فحلبها فوالله ما ضربها فحل قط
فشأنك بها.
فدعا بها رسول الله فمسح بيده ضرعها وظهرها وسمى الله عز وجل ودعا لها في شاتها فتفاجت عليه ودرت واجترت، ودعا بإناء يربض الرهط فحلب فيه ثجا حتى علاه البهاء - وفي لفظ الثمال - ثم سقاها حتى رويت ثم سقى أصحابه حتى رووا، ثم شرب صلى الله عليه وسلم آخرهم، وقال: " ساقي القوم آخرهم شربا " .
ثم حلب فيه ثانية بعد بدء حتى ملأ الإناء ثم غادره عندها.
فبايعها وارتحلوا عنها.

_________________
اللهم صل على سيدنا محمد
باب الاستجابة
نبي التوبة و الإنابة
صاحب طيبة المستطابة
والرفعة المهابة
وعلى آله وسلم


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: جماع أبواب الهجرة إلى المدينة الشريفة
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء أغسطس 19, 2020 3:03 pm 
غير متصل

اشترك في: الخميس إبريل 09, 2015 7:45 pm
مشاركات: 2368
وروى ابن سعد وأبو نعيم عن أم معبد قالت: " بقيت الشاة التي لمس رسول الله صلى الله عليه وسلم ضرعها عندنا حتى كان زمان الرمادة وهي سنة ثماني عشرة من الهجرة زمان عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
وكنا نحلبها صبوحا وغبوقا، وما في الأرض قليل ولا كثير ".
وقال هشام بن حبيش: " أنا رأيت الشاة وإنها لتأدم أم معبد وجميع صرمتها "، أي أهل ذلك الماء.
فقل ما لبثت أن جاء زوجها أبو معبد يسوق أعنزا حيالا عجافا يتساوكن هزالا مخهن قليل.
فلما رأى اللبن عجب فقال: من أين لك هذا اللبن يا أم معبد والشاة عازب ولا حلوب في البيت ؟ قالت: " لا والله إلا أنه مر بنا رجل مبارك من حاله كذا وكذا ".
قال: " صفيه لي يا أم معبد ".
قالت: " رأيت رجلا ظاهر الوضاءة أبلج الوجه حسن الخلق، لم تعبه ثجلة ولم تزر به صعلة، وسيم قسيم، في عينيه دعج وفي أشفاره وطف وفي صوته صحل - أو قالت صهل - وفي عنقه سطع، وفي لحيته كثاثة، أزج أقرن، إن صمت فعليه الوقار، وإن تكلم سما وعلاه البهاء، أجمل الناس وأبهاه من بعيد وأحسنه وأحلاه من قريب، حلو المنطق فصل لا نزر ولا هذر، كأن منطقه خرزات نظم يتحدرن، ربعة لا تشنؤه من طول، ولا تقتحمه عين من قصر،
غصن بين غصنين، فهو أنضر الثلاثة منظرا وأحسنهم قدرا، له رفقاء يحفون به، إذا قال استمعوا لقوله وإذا أمر تبادروا إلى أمره، محفود (4) محشود لا عابس ولا مفند ".
فقال أبو معبد: " هذا والله صاحب قريش الذي ذكر لنا من أمره بمكة ما ذكر ولقد هممت أن أصحبه ولأفعلن إن وجدت إلى ذلك سبيلا ".
قالت أسماء رضي الله عنها: " لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر أتانا نفر من قريش
فيهم أبو جهل بن هشام فخرجت إليهم فقالوا: أين أبوك يا بنت أبي بكر ؟ " فقلت " والله لا أدري أين أبي ".
فرفع أبو جهل يده، وكان فاحشا خبيثا، فلطم خدي لطمة خرج منها قرطي، ثم انصرفوا، فمكثنا ثلاثة أيام ما ندري أين توجه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى رجل من الجن من أسفل مكة يتعنى بأبيات من شعر غناء العرب وتبعه الناس يسمعون صوته وما يرونه حتى خرج من أعلا مكة وهو يقول: جزى الله رب الناس خير جزائه * رفيقين قالا خيمتي أم معبد هما نزلا بالبر وارتحلا به * فأفلح من أمسى رفيق محمد فيالقصي ما زوى الله عنكم * به من فعال لا تجارى وسودد ليهن بني كعب مقام فتاتهم * ومقعدها للمؤمنين بمرصد
سلوا أختكم عن شاتها وإنائها * فإنكم إن تسألوا الشاة تشهد دعاها بشاة حائل فتحلبت * له بصريح ضرة الشاة مزبد فغادرها رهنا لديها لحالب * يرددها في مصدر ثم مورد فلما سمع ذلك حسان بن ثابت الأنصاري رضي الله عنه قال يجاوب الهاتف: لقد خاب قوم غاب عنهم نبيهم وقدس من يشري إليه ويغتدي ترحل عن قوم فضلت عقولهم * وحل على قوم بنور مجدد هداهم به بعد الضلالة ربهم * وأرشدهم من يتبع الحق يرشد وهل يستوي ضلال قوم تسفهوا * عمى وهداة يهتدون بمهتد لقد نزلت منه على أهل يثرب * ركاب هدى حلت عليهم بأسعد نبي يرى ما لا يرى الناس حوله * ويتلو كتاب الله في كل مسجد وإن قال في يوم مقالة غائب * فتصديقها في اليوم أو في ضحى الغد ليهن أبا بكر سعادة جده * بصحبته من يسعد الله يسعد (2) وروى البيهقي بسند حسنه والحافظ ابن كثير عن أبي بكر رضي الله عنه أنه قال: " خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة، فانتهينا إلى حي من أحياء العرب فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيت منتحيا فقصد إليه، فلما نزلنا لم يكن فيه إلا امرأة فقالت: يا عبدي الله إنما أنا امرأة وليس معي أحد فعليكما بعظيم الحي إن أردتم القرى.
قال: فلم نجبها، وذلك عند المساء، فجاء ابن لها بأعنز له يسوقها.
فقالت له: يا بني انطلق بهذه العنزة والشفرة إلى هذين الرجلين
فقل لهما: تقول لكم أمي: اذبحا هذه وأطعمانا.
فلما جاء قال له النبي صلى الله عليه وسلم: " انطلق بالشفرة وجئني بالقدح ".
قال: إنها عازب وليس لها لبن.
قال: " انطلق ".
فانطلق فجاء بقدح فمسح
النبي صلى الله عليه وسلم صرعها ثم حلب مل ء القدح ثم قال: انطلق به إلى أمك.
فشربت ثم رويت ثم جاء به.
فقال: انطلق بهذه وجئني بأخرى ففعل بها كذلك.
ثم سقى أبا بكر، ثم جاء بأخرى ففعل بها كذلك ثم شرب النبي صلى الله عليه وسلم ".
" فلبثنا ليلتين ثم انطلقنا، وكانت تسميه المبارك، وكثرت غنمها حتى جلبت حلبا إلى المدينة فمر أبو بكر رضي الله عنه فرآه ابنها فعرفه، فقال: يا أمه إن هذا الرجل الذي كان مع المبارك، فقامت إليه فقالت: يا عبد الله من الرجل الذي كان معك ؟ قال: وما تدرين ؟ قالت: لا.
قال: هو نبي الله صلى الله عليه وسلم قالت: فأدخلني عليه.
قال: فأدخلها فأطعهما وأعطاها.
وفي رواية: فأهدت إليه شيئا من أقط ومتاع الأعراب، فكساها وأعطاها "، قال - ولا أعلمه إلا قال: " أسلمت " .
قال البيهقي في الدلائل: " وهذه القصة وإن كانت تنقص عما روينا في قصة أم معبد وتزيد في بعضها، فهي قريبة منها ويشبه أن تكونا واحدة، وقد ذكر ابن إسحاق في قصة أم معبد شيئا يدل على أنها وهذه القصة واحدة.

_________________
اللهم صل على سيدنا محمد
باب الاستجابة
نبي التوبة و الإنابة
صاحب طيبة المستطابة
والرفعة المهابة
وعلى آله وسلم


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: جماع أبواب الهجرة إلى المدينة الشريفة
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس أغسطس 20, 2020 3:20 pm 
غير متصل

اشترك في: الخميس إبريل 09, 2015 7:45 pm
مشاركات: 2368
(ثم روى البيهقي من طريق يونس بن بكير عن ابن إسحاق قال: " فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم بخيمة أم معبد وهي التي تمرد بها الجن بأعلا مكة.
واسم أم معبد عاتكة بنت خالد بن خليف بن منقذ بن ربيعة بن أصرم (الخزاعية)، فأراد القرى فقالت: والله ما عندنا طعام ولا لنا منحة ولا لنا شاة إلا حائل، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم ببعض غنمها فمسح ضرعها بيده فدعا الله تعالى فحلب في العس حتى رغى، وقال: " اشربي يا أم معبد ".
قالت: اشرب أنت به أحق.
فرده عليها فشربت.
ثم دعا بحائل أخرى ففعل به مثل ذلك، فسقى دليله ثم دعا بحائل ففعل بها مثل ذلك فسقى عامر بن فهيرة، ثم استراح.
وطلبت قريش رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بلغوا أم معبد فسألوها عنه فقالوا: (أرأيت محمدا من حليته كذا وكذا) ؟ فوصفوه لها، فقالت: (ما أدري ما تقولون فقد ضافني حالب الحائل) ؟ قالت قريش: (فذلك الذي أردنا).
قاله البيهقي: فيحتمل أولا أنه رأى التي في كسر الخيمة، كما روينا في حديث أم معبد، ثم رجع ابنها بأعنز كما روينا ثم لما أتى زوجها وصفته له، والله
أعلم. قصة سراقة رضي الله عنه روى الامام أحمد ويعقوب بن سفيان والشيخان عن سراقة بن مالك رضي الله عنه، والامام أحمد والشيخان ويعقوب عن أبي بكر رضي الله عنه قال سراقة بن جعشم: جاءنا رسل كفار قريش يجعلون في رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر دية كل واحد منهما مائة ناقة من الابل لمن قتله أو أسره، فبينا أنا جالس في مجلس من مجالس قومي بني مدلج أقبل رجل منهم حتى قام علينا (ونحن جلوس) فقال: يا سراقة إني قد رأيت آنفا أسودة بالساحل - وفي لفظ: ركبة ثلاثة - أراها محمدا وأصحابه.
قال سراقة: فعرفت أنهم هم، فأومأت إليه بعيني أن أسكت، فسكت، ثم قلت له: إنهم ليسوا بهم ولكنك رأيت فلانا وفلانا انطلقوا يبتغون ضالة لهم.
ثم لبثت في المجلس ثم قمت فدخلت بيتي فأمرت جاريتي أن تخرج بفرسي وهي من وراء أكمة فتحبسها علي، وأخذت رمحي فخرجت به من ظهر البيت فحططت بزجه الارض وخفضت عاليه حتى أتيت فرسي فركبتها، فرفعتها تقرب بي حتى رأيت أسودتهما، فلما دنوت منهم عثرت بي فرسي فخررت عنها فقمت فأهويت بيدي إلى كنانتي فاستخرجت منها الازلام فاستقسمت بها أضرهم، أم لا أضرهم، فخرج الذي أكره: أني لا أضرهم، وكنت أرجو أن أرده فآخذ المائة ناقة، فركبت فرسي وعصيت الازلام فرفعتها تقرب بي حتى إذا سمعت قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو لا يلتفت وأبو بكر يكثر الالتفات ساخت يدا فرسي في الارض حتى بلغت الركبتين فخررت عنها، ثم زجرتها فنهضت فلم تكد تخرج يديها فلما استوت قائمة إذا لاثر يديها عثان ساطع في السماء مثل الدخان فاستقسمت بالازلام فخرج الذي أكره - ألا أضرهم - قال: فعرفت حين رأيت ذلك أنه قد منع مني وأنه ظاهر، فناديتهم بالامان وقلت:
أنظروني فوالله لا آذيتكم ولا يأتيكم مني شئ تكروهونه.
قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لابي بكر: (قل له وما تبتغي منا) ؟ فقلت: إن قومك قد جعلوا فيكما الدية وأخبرتهما أخبار ماى ريد الناس بهم وعرضت عليهم الزاد والمتاع فلم يرزآني شيئا ولم يسألاني إلا أن قال: (أخف عنا) فسألته أن يكتب لي كتاب موادعة آمن به، قال: (اكتب له يا أبا بكر) - وفي رواية: فأمر عامر بن فهيرة فكتب في رقعة من أديم، ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(ثم رجعت) فسكت فلم أذكر شيئا مما كان حتى إذا كان فتح مكة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفرغ من حنين والطائف خرجت لالقاه ومعي الكتاب الذي كتب لي (لقيته بالجعرانة) قال: (فبينا أنا عامد له دخلت بين ظهري كتيبة من كتائب الانصار، فطفقوا يقرعونني بالرماح ويقولون: إليك إليك حتى إذا دنوت من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على ناقته،والله لكأني أنظر إلى ساقه في غرزه كأنها جمارة .
قال: فرفعت يدي بالكتاب.
ثم قلت: يا رسول الله هذا كتابك لي وأنا سراقة بن مالك قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يوم وفاء وبر أدنه)، فدنوت منه فأسلمت، ثم تذكرت شيئا أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه فما أذكره، إلا أني قلت: يا رسول الله الضالة من الابل تغشى حياضي وقد ملاتها لابلي هل لي من أجر (في أن أسقيها) ؟ قال: (نعم في كل ذات كبد حرى أجر) قال: ثم رجعت إلى قومي فشقت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقتي .
وقال أبو بكر رضي الله عنه: (وتبعنا سراقة بن مالك ونحن في جلد من الارض فقلت: يا رسول الله هذا الطلب قد لحقنا.
قال: (لا تحزن إن الله معنا).
فلما دنا منا وكان بيننا وبينه قدر رمح أو رمحين أو ثلاثة قلت: هذا الطلب قد لحقنا وبكيت.
(قال صلى الله عليه وسلم: (ما يبكيك ؟)) قلت: (أما والله ما على نفسي أبكي ولكني أبكي عليك).
فدعا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (اللهم اكفناه بما شئت).
قال: فساخت به فرشه في الارض إلى بطنها فوثب عنها، ثم قال: يا محمد قد علمت أن هذا عملك فادع الله أن ينجيني مما أنا فيه، فوالله لاعمين على من ورائي
من الطلب وهذه كنانتي فخذ منها سهما فإنك ستمر على إبلي وغنمي بمكان كذا وكذا فخذ منها حاجتك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا حاجة لنا في إبلك وغنمك)، ودعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فانطلق راجعا إلى أصحابه لا يلقى أحدا إلا قال: قد كفيتم ما ههنا، ولا يلقى أحدا إلا رده، ووفى لنا.
وعند ابن سعد أن سراقة لما رجع قال لقريش: قد عرفتم بصري بالطريق وقد استبرأت لكم فلم أر شيئا، فرجعوا.
وقال ابن سعد والبلاذري: عارضهم سراقة بقديد يوم الثلاثاء.
وروى ابن عساكر عن ابن إسحاق قال: قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه - فيما يذكرون والله أعلم في دخوله الغار مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي مسيرهم وفي طلب سراقة إياهم: قال النبي ولم يجزع يوقرني * ونحن في شدة من ظلمة الغار لا تخش شيئا فإن الله ثالثنا * وقد توكل لي منه بإظهار وإنما كيد من تخشى بوادره * كيد الشياطين كادته لكفار والله مهلكهم طرا بما كسبوا * وجاعل المنتهى منها إلى النار وأنت مرتحل عنهم وتاركهم * إما غدوا وإما مدلج ساري وهاجر رضمهم حتى يكون لنا * قوم عليهم ذوو عز وأنصار حتى إذا ا لليل وارتنا جوانبه * وسد من دون من تخشى بأستار سار الاريقط يهدينا وأينقه * ينعبن بالقوم نعبا تحت أكوار يعسفن عرض الثنايا بعد أطولها * وكل سهب رقاق الترب موار
حتى إذا قلت قد أنجدن عارضها * من مدلج فارس في منصب واري يردي به مشرف الاقطار معتزم * كالسيد ذي اللبدة المستأسد الضاري فقال: كروا فقلنا: إن كرتنا * من دونها لك نصر الخالق الباري أن يخسف الارض بالاحوى وفارسه * فانظر إلى أربع في الارض غوار فهيل لما رأى أرساغ مهرته * قد سخن في الارض لم تحفر بمحفار فقال: هل لكم أن تطلقوا فرسي * وتأخذوا موثقا في نصح أشرار وأصرف الحي عنكم أن لقيتهم * وأن أعور منهم عين عوار فادع الذي هو عنكم كف عورتنا * يطلق جوادي وأنتم خير أبرار فقال قولا رسول الله مبتهلا * يا رب إن كان منه غير إخفار فنجه سالما من شر دعوتنا * ومهره مطلقا من كلم آثار فأظهر الله إذ يدعو حوافره * وفاز فارسه من هول أخطار)


_________________
اللهم صل على سيدنا محمد
باب الاستجابة
نبي التوبة و الإنابة
صاحب طيبة المستطابة
والرفعة المهابة
وعلى آله وسلم


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 16 مشاركة ]  الانتقال إلى صفحة 1, 2  التالي

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 32 زائر/زوار


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
© 2011 www.msobieh.com

جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في المنتديات تعبر عن رأي أصحابها فقط