تَنَقُّل النور من الأصلاب الطاهرة إلى الأرحام المباركة منذ خلق آدم إلى أن ولُد أمر معروف مشهور عند المسلمين لا يجحده إلا الخوارج الجدد ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ( ثانيا: ما جاء في تَنَقُّل نور النبي صلى الله عليه وآله وسلّم من الأصلاب الطاهرة إلى الأرحام المباركة منذ خلق آدم إلى أن ولُد صلى الله عليه وآله وسلّم. تَنَقُّل نور النبي صلى الله عليه وآله وسلّم من الأصلاب الطاهرة إلى الأرحام المباركة منذ خلق آدم إلى أن ولُد صلى الله عليه وآله وسلّم أمر معروف مشهور عند المسلمين لا يجحده إلا الخوارج الجدد, ومن في قلبه مرض تجاه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم ممن يصرفون الناس عن حب النبي صلى الله عليه وآله وسلّم بدعوى الغلو, أو من يريد الانسلاخ من الدين بدعوى الحداثة, ومما جاء في هذا الشأن: 1 ـ شعر العباس بن عبد المطلب عم النبي صلى الله عليه وآله وسلّم قال خُرَيْمُ بْنُ أَوْسٍ: «هَاجَرْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ مُنْصَرَفَهُ مِنْ تَبُوكَ، فَأَسْلَمْتُ فَسَمِعْتُ الْعَبَّاسَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ يَقُولُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَمْتَدِحَكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: «قُلْ لَا يَفْضُضِ اللَّهُ فَاكَ» قَالَ: فَقَالَ الْعَبَّاسُ: مِنْ قَبْلِهَا طِبْتَ فِي الظِّلَالِ وَفِي ... مُسْتَوْدَعٍ حَيْثُ يُخْصَفُ الْوَرَقُ ثُمَّ هَبَطْتَ الْبِلَادَ لَا بَشَرٌ ... أَنْتَ وَلَا مُضْغَةٌ وَلَا عَلَقُ بَلْ نُطْفَةٌ تَرْكَبُ السَّفِينَ وَقَدْ ... أَلْجَمَ نَسْرًا وَأَهْلَهُ الْغَرَقُ تُنْقَلُ مِنْ صَالبٍ إِلَى رَحِمٍ ... إِذَا مَضَى عَالَمٌ بَدَا طَبَقُ حَتَّى احْتَوَى بَيْتَكَ الْمُهَيْمِنُ مِنْ ... خِنْدِفَ عَلْيَاءَ تَحْتَهَا النُّطُقُ وَأَنْتَ لَمَّا وُلِدْتَ أَشْرَقَتِ الْأَرْضُ ... وَضَاءَتْ بِنُورِكَ الْأُفُقُ فَنَحْنُ فِي ذَلِكَ الضِّيَاءِ وَفِي ... النُّورِ وَسُبِلِ الرَّشَادِ نَخْتَرِقُ» وفي رواية لابن منده وأبي نعيم وغيرهما بزيادة عما سبق: قَالَ خُرَيْمُ بْنُ أَوْسٍ: وَسَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم يَقُولُ: «هَذِهِ الْحِيرَةُ الْبَيْضَاءُ قَدْ رُفِعَتْ لِي، وَهَذِهِ الشَّيْمَاءُ بِنْتُ بُقَيْلَةَ الْأَزْدِيَّةُ عَلَى بَغْلَةٍ شَهْبَاءَ مُعْتَجِرَةً بِخِمَارٍ أَسْوَدَ" فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ فَإِنْ نَحْنُ دَخَلْنَا الْحِيرَةَ" وَوَجَدْتُهَا عَلَى هَذِهِ الصِفَةِ فَهِيَ لِي؟ قَالَ:" هِيَ لَكَ" ثم أورد قصة طويلة آخرها قال: " ثُمَّ سِرْنَا عَلَى طَرِيقِ الطَّفِّ حَتَّى دَخَلْنَا" الْحِيرَةَ" فَكَانَ أَوَّلَ مَا تَلَقَّانَا فِيهَا شَيْمَاءُ بِنْتُ بُقَيْلَةَ الْأَزْدِيَّةُ، عَلَى بَغْلَةٍ لَهَا شَهْبَاءَ، مُعْتَجِرَةً بِخِمَارٍ أَسْوَدَ، كَمَا قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم , فَتَعَلَّقْتُ بِهَا وَقُلْتُ: هَذِهِ وَهَبَهَا لِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم فَدَعَانِي خَالِدٌ عَلَيْهَا الْبَيِّنَةَ، فَأَتَيْتُهُ بِهَا، فَسَلَّمَهَا إِلَيَّ، وَنَزَلَ إِلَيْنَا أَخُوهَا عَبْدُ الْمَسِيحِ، وَقَالَ لِي: بِعْنِيهَا، فَقُلْتُ: لَا أَنْقُصُهَا، وَاللهِ مِنْ عَشْرِ مِائَةٍ شَيْئًا، فَدَفَعَ إِلَيَّ أَلْفَ دِرْهَمٍ، فَقِيلَ: لَوْ قُلْتَ: مِائَةَ أَلْفٍ لَدَفَعَهَا إِلَيْكَ فَقُلْتُ: مَا أَحْسِبُ أَنَّ مَالًا أَكْثَرُ مِنْ عَشْرِ مِائَةِ». في كل الأحوال الشعر ثابت عن عم النبي سيدنا العباس بن عبد المطلب, وقد نسب بعض الناس الأبيات السابقة لحسان بن ثابت فقال الحافظ ابن عساكر: "والمحفوظ أن هذه الأبيات للعباس رضي الله تعالى عنه". وكذا قال ابن كثير والسيوطي وغيرهم, وقال ابن الجوزي: " فالإثبات للْعَبَّاس بِلَا خلاف" فالحمد لله رب العالمين. ومعنى هذه الأبيات العظيمة أن سيدنا العباس عم النبي صلى الله عليه وآله وسلّم أراد أن يمدحه فدعا له سيدنا النبي صلى الله عليه وآله وسلّم وقال له: «قُلْ لَا يَفْضُضِ اللَّهُ فَاكَ» وفي هذا دليل على استحباب مدح النبي صلى الله عليه وآله وسلّم ... ومدح النبي صلى الله عليه وآله وسلّم لا يحتاج إلى دليل. دعوة سيدنا النبي صلى الله عليه وآله وسلّم لعمه العباس فَجَّرَتْ له من لسانه سلسبيل المعاني, فُجِّرَتْ له تفجيراً, دعاء سيدنا النبي صلى الله عليه وآله وسلّم بشارة بأن الله سيبارك نطق عمه فلا يخرج من فمه إلا حقٌ وصدقٌ ويقينٌ, فكان لسان العباس لسان صدق, فكانت هذه الأبيات المباركات, الدالة على أن هناك كلاماً كثيراً عميقاً دار حول النور المحمدي وتنقله. ومعنى ما قاله سيدنا العباس: من قبلها: أي من قبل الوجود في الأرض وأنت طيب الحال في ظلال الجنة وكان حالك الطيب هذا لم يغادرك بينما كان سيدنا آدم وأمنا حواء في حال الضيق والحزن, فهما يخصفان أي يستران عوراتهما من ورق الجنة بعد أن أكلا من الشجرة. بهبوط سيدنا آدم شرفت الأرض وأنت حينئذ في صلب آدم, ولم تكن يا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم في الصورة البشرية, ولا حتى مضغة ولا علقة, بل ما زلت نطفة تتنقل من أصلاب إلى أصلاب, فركبت سفينة نوح وقد أحاط الماء بأهل الأرض فأغرقهم, وهكذا تنتقل من صلب طاهر إلى رحم مبارك كلما مضى الزمان فترة وراء فترة, وناس وراء ناس, وأجيال وراء أجيال, وحال وراء حال, وقروناً بين ذلك كثيراً, حتى وصلت إلى بيتك في أفضل وأشرف فرع من قريش من خِنْدِفَ (خِنْدِف: أفضل بيوتات العرب وهم ست قبائل من قريش) فكان الكل تحتك كالنطاق (ما يشد به الوسط كالحزام وكانت السيدة أسماء يطلق عليها ذات النطاقين كما هو معروف مشهور) وَأَنْتَ لَمَّا وُلِدْتَ أَشْرَقَتِ الْأَرْضُ * وَضَاءَتْ بِنُورِكَ الْأُفُقُ ومعناها واضح والأفق آخر ما ترى العين من التقاء السماء بالأرض ومعناه هنا أضاء نورك لنا أمر السماء وأمر الأرض, وما بينهما فنورك شيء لا نستطيعه وإنما نسير ونمشي بضياء هذا النور صلى الله عليه وآله وسلّم. فَنَحْنُ فِي ذَلِكَ الضِّيَاءِ وَفِي * النُّورِ وَسُبِلِ الرَّشَادِ نَخْتَرِقُ فنحن في أمان بسبب هذا الضوء, فإن النور محرق وهو نوع من أنواع الحجب إلا أننا بالضياء الناتج من نورك, وبنورك وما دللتنا عليه نخترق الحجب, فلا يخترق الحجب إلا من كان من جنسها. سيدنا العباس أشار إلى النور والضياء وأشار إلى قوله تعالى: (يَأَيُّهَا النَّبِىُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (45) وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُّنِيرًا) (الأحزاب 45 - 46)، وقد جمع الله لنبيه في الآية السابقة ما جمعه في الشمس والقمر, فالشمس ضياء والقمر نور قال تعالى: (هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا) (يونس 5) وقال عز وجل: (وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا) (نوح 16) والفرق بين الضياء والنور له محله في الشرح بإذن الله. فهذا شعر عظيم جداً, من نفحات قيل فيها: «إن في أيامكم لنفحات من ربكم ألا فتعرضوا لها». وقال الإمام الصرصري في معنى ما قاله سيدنا العباس عم النبي صلى الله عليه وآله وسلّم: مِن فِضَّةٍ بَيضاءَ طينَةُ أَحمَدٍ * مِن تُربَةٍ أَضحَت أَعَزَّ مَكانِ عُجِنَت مِنَ التَّسنيمِ بِالماءِ الَّذي * زادَت بِهِ شَرَفاً عَلى الأَبدانِ غُمِسَت بِأَنهارِ النَّعيمِ فَطُهِّرَت * وَتَعَطَّرَت وَسَمَت عَلى الأَكوانِ وَغَدَت يُطافُ بِها السَّمَواتُ العُلى * وَالأَرضُ تَشريفاً عَلى الأَكوانِ أَنوارُهُ كانَت بِجَبهَةِ آدم * لا تَختَفي عَمَّن لهُ عَينانِ وَبِجَبهَةِ الزَهراءِ حَوّا أَشرَقَت * لِلحَملِ بِالمَبعوثِ بِالفُرقانِ وَمِنَ الكَرامَةِ لِلمُشَفَّعِ أَنَّها * في كُلِّ بَطنٍ جاءَها وَلدانِ وَأَتَت بِشيثٍ وَحدَهُ مُتَفَرِّداً * لِيبينَ فَضلُ الواضِحِ البُرهانِ وَبِصُلبِ آدَمَ كانَ وَقت هُبوطِهِ * وَبِصُلبِ نوحٍ وَهوَ في الطوفانِ وَبِصُلبِ إِبراهيمَ حينَ رَمى بِهِ * في نارِهِ أَشقى بَني كَنعانِ وَعَلى سِفاحٍ ما التَقى يَوماً مِنَ الـ * أَيّامِ مِن آبائِهِ أَبَوانِ مِن كُلِّ صُلبٍ طاهِرٍ أَفضى إِلى * أَحشاءِ طاهِرَة الإِزارِ حصانِ أُخِذت مِنَ الرُّسلِ الكِرامِ لِنَصرِهِ * إِن أَدرَكوهُ مَواثِقُ الإِيمانِ.2 ـ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ في قوله تعالى: (وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ) (الشعراء 219) قَالَ: مَنْ صُلْبِ نَبِيٍّ إِلَى صُلْبِ نَبِيٍّ حَتَّى صِرْتَ نَبِيًّا.
3 ـ ما رواه الأئمة الأعلام في حادثة المرأة التي عرضت نفسها على سيدنا عبد الله أبي النبي صلى الله عليه وآله وسلّم بعد أن خرج أبوه عبد المطلب به ليزوجه فرحاً بنجاته من الذبح, وهي قصة معروفة لا تخلو كتب السيرة منها: أ ـ فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «لَمَّا خَرَجَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ بِابْنِهِ لِيُزَوِّجَهُ، مَرَّ بِهِ عَلَى كَاهِنَةٍ مِنْ أَهْلِ تُبَالَةَ مُتَهَوِّدَةٍ، قَدْ قَرَأَتِ الْكُتُبَ يُقَالُ لَهَا فَاطِمَةُ بِنْتُ مُرٍّ الْخَثْعَمِيَّةُ، فَرَأَتْ نُورَ النُّبُوَّةِ فِي وَجْهِ عَبْدِ اللَّهِ، فَقَالَتْ: يَا فَتَى، هَلْ لَكَ أَنْ تَقَعَ عَلَيَّ الْآنَ، وَأُعْطِيَكَ مِائَةً مِنَ الْإِبِلِ؟ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: أَمَّا الْحَرَامُ فَالْمَمَاتُ دُونَهْ * وَالْحِلُّ لَا حَلّ فَأَسْتَبِينَهْ * فَكَيْفَ لِي الْأَمْرُ الَّذِي تَبْغِينَهْ ثُمَّ مَضَى مَعَ أَبِيهِ، فَزَوَّجَهُ آمِنَةَ بِنْتَ وَهْبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ زُهْرَةَ، فَأَقَامَ عِنْدَهَا ثَلَاثًا، ثُمَّ إِنَّ نَفْسَهُ دَعَتْهُ إِلَى مَا دَعَتْهُ إِلَيْهِ الْخَثْعَمِيَّةُ، فَأَتَاهَا، فَقَالَتْ: يَا فَتَى، مَا صَنَعْتَ بَعْدِي؟ قَالَ: زَوَّجَنِي أَبِي آمِنَةَ بِنْتَ وَهْبٍ، وَأَقَمْتُ عِنْدَهَا ثَلَاثًا، قَالَتْ: إِنِّي وَاللَّهِ مَا أَنَا بِصَاحِبَةِ رِيبَةٍ، وَلَكِنْ رَأَيْتُ فِيَ وَجْهِكَ نُورًا، فَأَرَدْتُ أَنْ يَكُونَ فِيَّ، وَأَبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُصَيِّرَهُ حَيْثُ أَحَبَّ، ثُمَّ قَالَتْ فَاطِمَةُ الْخَثْعَمِيَّةُ: إِنِّي رَأَيْتُ مَخِيلَةً لَمَعَتْ ... فَتَلَأْلَأَتْ بِحنَاتِمِ الْقَطْرِ فَلِمَائها نُورٌ يُضِيءُ لَهُ ... مَا حَوْلَهُ كَإِضَاءَةِ الْبَدْرِ وَرَجَوْتُهُ فَخْرًا أَبُوءُ بِهِ ... مَا كُلُّ قَادِحٍ زَنْدَهُ يُورِي وَلَهَا أَيْضًا: لِلَّهِ مَا زُهْرِيَّةٌ سَلَبَتْ ... ثَوْبَيْكَ مَا اسْتَلَبَتْ وَمَا تَدْرِي وَلَهَا أَيْضًا: وَمَا كُلُّ مَا يَحْوِي الْفَتَى مِنْ ِتلَادِه .... لِحَزْمٍ، وَلَا مَا فَاتَهُ لِتَوَانِ فَأَجْمِلْ إِذَا طَالَبْتَ أَمْرًا فَإِنَّهُ ... سَيَكْفِيكَهُ جَدَّانِ يَعْتَلِجَانِ سَيَكْفِيكَهُ إِمَّا يَدٌ مُقَفْعِلَةٌ ... وَإِمَّا يَدٌ مَبْسُوطَةٌ بِبَنَانِ وَلَمَّا حَوَتْ مِنْهُ أَمِينَةُ مَا حَوَتْ ... فَحِيزَتْ بِفَخْرٍ مَا لِذَلِكَ ثَانٍ»ب ـ وروى ابن إسحاق في المرأة التي عرضت نفسها أنها أخت ورقة بن نوفل, قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: ثُمَّ انْصَرَفَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ آخِذًا بِيَدِ عَبْدِ اللَّهِ، فَمَرَّ بِهِ فِيمَا يَزْعُمُونَ عَلَى امْرَأَةٍ مِنْ بَنِي أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قُصَيِّ بْنِ كِلَابِ بْنِ مُرَّةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبِ بْنِ فِهْرِ، وَهِيَ أُخْتُ وَرَقَةَ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى، وَهِيَ عِنْدَ الْكَعْبَةِ، فَقَالَتْ لَهُ حِينَ نَظَرَتْ إلَى وَجْهِهِ: أَيْنَ تَذْهَبُ يَا عَبْدَ اللَّهِ؟ قَالَ: مَعَ أَبِي، قَالَتْ: لَكَ مِثْلُ الْإِبِلِ الَّتِي نُحِرَتْ عَنْكَ، وَقَعْ عَلَيَّ الْآنَ، قَالَ: أَنَا مَعَ أَبِي، وَلَا أَسْتَطِيعُ خِلَافَهُ، وَلَا فِرَاقَهُ, فَخَرَجَ بِهِ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ حَتَّى أَتَى بِهِ وَهْبَ بْنَ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ زُهْرَةَ بْنِ كِلَابِ ابْن مُرَّةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبِ بْنِ فِهْرٍ، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ سَيِّدُ بَنِي زُهْرَةَ نَسَبًا وَشَرَفًا، فَزَوَّجَهُ ابْنَتَهُ آمِنَةَ بِنْتَ وَهْبٍ، وَهِيَ يَوْمَئِذٍ أَفَضْلُ امْرَأَةٍ فِي قُرَيْشٍ نَسَبًا وَمَوْضِعًا. فَزَعَمُوا أَنَّهُ دَخَلَ عَلَيْهَا حِينَ أُمْلِكَهَا مَكَانَهُ، فَوَقَعَ عَلَيْهَا، فَحَمَلَتْ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ خَرَجَ مِنْ عِنْدِهَا، فَأَتَى الْمَرْأَةَ الَّتِي عَرَضَتْ عَلَيْهِ مَا عَرَضَتْ. فَقَالَ لَهَا: مَا لَكَ لَا تَعْرِضِينَ عَلَيَّ الْيَوْمَ مَا كُنْتِ عَرَضْتِ عَلَيَّ بِالْأَمْسِ؟ قَالَتْ لَهُ: فَارَقَكَ النُّورُ الَّذِي كَانَ مَعَكَ بِالْأَمْسِ، فَلَيْسَ لِي بِكَ الْيَوْمَ حَاجَةٌ. وَقَدْ كَانَتْ تَسْمَعُ مِنْ أَخِيهَا وَرَقَةَ بْنِ نَوْفَلٍ- وَكَانَ قَدْ تَنَصَّرَ وَاتَّبَعَ الْكُتُبَ: أَنَّهُ سَيَكُونُ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ نَبِيٌّ قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي أَبِي إسْحَاقُ بْنُ يَسَارٍ أَنَّهُ حُدِّثَ: «أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ إنَّمَا دَخَلَ عَلَى امْرَأَةٍ كَانَتْ لَهُ مَعَ آمِنَةَ بِنْتِ وَهْبٍ، وَقَدْ عَمِلَ فِي طِينٍ لَهُ، وَبَهْ آثَارٌ مِنْ الطِّينِ، فَدَعَاهَا إلَى نَفْسِهِ، فَأَبْطَأَتْ عَلَيْهِ لِمَا رَأَتْ بِهِ مِنْ أَثَرِ الطِّينِ، فَخَرَجَ مِنْ عِنْدِهَا فَتَوَضَّأَ وَغَسَلَ مَا كَانَ بِهِ مِنْ ذَلِكَ الطِّينِ، ثُمَّ خَرَجَ عَامِدًا إلَى آمِنَةَ، فَمَرَّ بِهَا، فَدَعَتْهُ إلَى نَفْسِهَا، فَأَبَى عَلَيْهَا، وَعَمَدَ إلَى آمِنَةَ، فَدَخَلَ عَلَيْهَا فَأَصَابَهَا، فَحَمَلَتْ بِمُحَمِّدِ صلى الله عليه وآله وسلّم. ثُمَّ مَرَّ بِامْرَأَتِهِ تِلْكَ، فَقَالَ لَهَا: هَلْ لَكَ؟ قَالَتْ: لَا، مَرَرْتَ بِي وَبَيْنَ عَيْنَيْكَ غُرَّةٌ بَيْضَاءُ، فَدَعَوْتُكَ فَأَبَيْتَ عَلَيَّ، وَدَخَلْتَ عَلَى آمِنَةَ فَذَهَبَتْ بِهَا.قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَزَعَمُوا أَنَّ امْرَأَتَهُ تِلْكَ كَانَتْ تُحَدِّثُ: أَنَّهُ مَرَّ بِهَا وَبَيْنَ عَيْنَيْهِ غُرَّةٌ مِثْلُ غُرَّةِ الْفَرَسِ، قَالَتْ: فَدَعَوْتُهُ رَجَاءَ أَنْ تَكُونَ تِلْكَ بِي، فَأَبَى عَلَيَّ، وَدَخَلَ عَلَى آمِنَةَ، فَأَصَابَهَا، فَحَمَلَتْ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ. فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلّم أَوْسَطَ قَوْمِهِ نَسَبًا، وَأَعْظَمَهُمْ شَرَفًا مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ صلى الله عليه وآله وسلّم». ) ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ من كتاب / على أعتاب الحضرة المحمدية / للأستاذ الدكتور السيد الشريف محمود صبيح حفظه الله ـــــــــــــــــــــــ اللهم صل على سيدنا محمد النور وآله وسلم
_________________ صلوات الله تعالى تترى دوما تتوالى ترضي طه والآلا مع صحب رسول الله
|