الأدلة في السنة على الأولية المحمدية ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ( الأدلة في السنة على الأولية المحمدية: وفي السنة النبوية أدلة على اثبات أولية النبي صلى الله عليه وآله وسلّم في الخلق سواء أولية مطلقة أو أولية قبل خلق آدم, أو أولية وآدم مجندل في طينته, أو أولية وآدم بين الروح والجسد, وهي مراحل ظهور سيدنا النبي صلى الله عليه وآله وسلّم منذ خلقه الله نوراً وحتى خلق آدم ثم تنقله في الأصلاب الطاهرة إلى الأرحام المباركة حتى كان مولده الشريف صلى الله عليه وآله وسلّم. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلّم قَالَ: «لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ خَبَرَ آدَمُ بَنِيهِ، فَجَعَلَ يَرَى فَضَائِلَ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ، قَالَ: فَرَأَى نُورًا سَاطِعًا فِي أَسْفَلِهِمْ، فَقَالَ: يَا رَبِّ، مَنْ هَذَا؟ قَالَ: هَذَا ابْنُكَ أَحْمَدُ، هُوَ الأَوَّلُ وَهُوَ الآخِرُ، وَهُوَ أَوَّلُ شَافِعٍ». عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: «لَمَّا أَتَى جِبْرِيلُ بِالْبُرَاقِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وسلّم قَالَ: «فَكَأَنَّهَا صَرَّتْ أُذُنَيْهَا»، فَقَالَ لَهَا جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: مَهْ يَا بُرَاقُ، وَاللَّهِ إِنْ رَكِبَكَ مِثْلُهُ. فَسَارَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، فَإِذَا هُوَ بِعَجُوزٍ عَلَى جَنْبِ الطَّرِيقِ، فَقَالَ: «مَا هَذِهِ يَا جِبْرِيلُ؟»، قَالَ: سِرْ يَا مُحَمَّدُ فَسَارَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَسِيرَ، فَإِذَا شَيْءٌ يَدْعُوهُ مُتَنَحِّيًا عَنِ الطَّرِيقِ: هَلُمَّ يَا مُحَمَّدُ قَالَ لَهُ جِبْرِيلُ: سِرْ يَا مُحَمَّدُ. فَسَارَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَسِيرَ، قَالَ: ثُمَّ لَقِيَهُ خَلْقٌ مِنَ الْخَلْقِ، فَقَالَ أَحَدُهُمُ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أَوَّلُ، وَالسَّلَامُ عَلَيْكَ يَا آخِرُ، وَالسَّلَامُ عَلَيْكَ يَا حَاشِرُ. فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ: ارْدُدِ السَّلَامَ يَا مُحَمَّدُ، قَالَ: فَرَدَّ السَّلَامَ، ثُمَّ لَقِيَهُ الثَّانِي، فَقَالَ لَهُ مِثْلَ مَقَالَةِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ لَقِيَهُ الثَّالِثُ فَقَالَ لَهُ مِثْلَ مَقَالَةَ الْأَوَّلِينَ،حَتَّى انْتَهَى إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَعَرَضَ عَلَيْهِ الْمَاءَ وَاللَّبَنَ وَالْخَمْرَ، فَتَنَاوَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ اللَّبَنَ، فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: أَصَبْتَ الْفِطْرَةَ، لَوْ شَرِبْتَ الْمَاءَ لَغَرِقْتَ وَغَرِقَتْ أُمَّتُكَ، وَلَوْ شَرِبْتَ الْخَمْرَ لَغَوِيتَ وَغَوِيَتْ أُمَّتُكَ، ثُمَّ بُعِثَ لَهُ آدَمُ فَمَنْ دُونَهُ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ، فَأَمُّهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ، ثُمَّ قَالَ لَهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: أَمَّا الْعَجُوزُ الَّتِي رَأَيْتَ مِنَ عَلَى جَنْبِ الطَّرِيقِ، فَلَمْ يَبْقَ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا مَا بَقَّى مِنْ تِلْكِ الْعَجُوزِ، وَأَمَّا الَّذِي أَرَادَ أَنْ تَمِيلَ إِلَيْهِ، فَذَاكَ عَدُوُّ اللَّهِ إِبْلِيسُ أَرَادَ أَنْ تَمِيلَ إِلَيْهِ، وَأَمَّا الَّذِينَ سَلَّمُوا عَلَيْكَ، فَذَاكَ إِبْرَاهِيمُ وَمُوسَى وَعِيسَى صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ». وحديث أبي هريرة من قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم عن قول الله تعالى: «هَذَا ابْنُكَ أَحْمَدُ، هُوَ الأَوَّلُ وَهُوَ الآخِرُ، وَهُوَ أَوَّلُ شَافِعٍ» واضح الدلالة في هُوَ الأَوَّلُ وَهُوَ الآخِرُ, وحمله على أي أولية غير الأولية المطلقة تحتاج إلى دليل, فإذا قال لك أحد أن الأولية مقصود بها أولية الفضل أو أولية دخول الجنة فقل له انظر إلى دقة ألفاظ سيدنا النبي صلى الله عليه وآله وسلّم , عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «نَحْنُ آخِرُ الْأُمَمِ، وَأَوَّلُ مَنْ يُحَاسَبُ، يُقَالُ: أَيْنَ الْأُمَّةُ الْأُمِّيَّةُ وَنَبِيُّهَا؟ فَنَحْنُ الْآخِرُونَ الْأَوَّلُونَ». أخرج الإمام مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: «نَحْنُ الْآخِرُونَ الْأَوَّلُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَنَحْنُ أَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ ..... » إلى آخر الحديث, ورواه الإمام البخاري في صحيحه بلفظ: «نَحْنُ الآخِرُونَ السَّابِقُونَ». ورواه محمد بن نصر المروزي عن أنس بن مالك بلفظ: «فَنَحْنُ الْآخِرُونَ وَالْأَوَّلُونَ، آخِرُ الْأُمَمِ وَأَوَّلُ مَنْ يُحَاسَبُ». هكذا تكون الألفاظ النبوية, معجزة مختصرة, لا لبس فيها. والأولية المقصودة في «هُوَ الأَوَّلُ وَهُوَ الآخِرُ» هي ما نقول عنه قوس الأزل على ما سيأتي بإذن الله, مع التنويه بالأزل أنه الأولية في المخلوقات, فالله وحده هو الأول بلا بداية والآخر بلا نهاية, وكل ما عداه عبد له مفتقر إليه ولتوضيح ذلك نسرد حديث العرباض بن سارية: عَنْ العِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ، وَخَاتَمُ النَّبِيِّينَ، وَأَبِي مُنْجَدِلٌ فِي طِينَتِهِ وَسَأُخْبِرُكُمْ عَنْ ذَلِكَ أَنَا دَعْوَةُ أَبِي إِبْرَاهِيمَ، وَبِشَارَةُ عِيسَى، وَرُؤْيَا أُمِّي آمِنَةَ الَّتِي رَأَتْ» وَكَذَلِكَ أُمَّهَاتُ النَّبِيِّينَ يَرَيْنَ، وَأَنَّ أُمَّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وسلّم رَأَتْ حِينَ وَضَعَتْهُ لَهُ نُورًا أَضَاءَتْ لَهَا قُصُورُ الشَّامِ، ثُمَّ تَلَا (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (45) وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا) (الأحزاب 45 - 46)» وهنا نقطتان: النقطة الأولى: أن في الحديث تنويها عما نقصد من مراحل:«إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ» «وَخَاتَمُ النَّبِيِّينَ» «وَأَبِي مُنْجَدِلٌ فِي طِينَتِهِ» «وَسَأُخْبِرُكُمْ عَنْ ذَلِكَ أَنَا دَعْوَةُ أَبِي إِبْرَاهِيمَ» «وَبِشَارَةُ عِيسَى» «وَرُؤْيَا أُمِّي آمِنَةَ الَّتِي رَأَتْ» «وَكَذَلِكَ أُمَّهَاتُ النَّبِيِّينَ يَرَيْنَ: وَأَنَّ أُمَّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وسلّم رَأَتْ حِينَ وَضَعَتْهُ لَهُ نُورًا أَضَاءَتْ لَهَا قُصُورُ الشَّامِ: ثُمَّ تَلَا (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (45) وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا) (الأحزاب 45 - 46)» فقوله صلى الله عليه وآله وسلّم: «إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ،» إشارة إلى حضرة قديمة حضرة اسم عبد الله وهي المقصودة في قوله تعالى: (قُلْ إِن كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ) (الزخرف 81) , وكان كما قال بعض أهل الله أنه لما كان بين يدي الله أفاض عليه من معرفة اسم: الله, فعرفه وعبده وسجد صلى الله عليه وآله وسلّم , فكان أول العابدين, فهو عبد الله صلى الله عليه وآله وسلّم , فكان هو فاتحة الموجودات, افتتح الله به كتاب الوجود, كما فتح بالفاتحة القرآن المجيد, وسماها أم الكتاب, فكان النبي صلى الله عليه وآله وسلّم هو أصل الموجودات, ولما كان صلى الله عليه وآله وسلّم هو فاتحة الوجود أُلهم الفاتحة إلهاماً في ذاته الشريفة وتجلى الله عليه بها معنى وحقيقة. فتجلّى الله عليه باسم: الرحمن ثم تجلّى عليه باسم: الرحيم ومن حضرة الرحمن الرحيم كان النبي صلى الله عليه وآله وسلّم هو الرحمة المهداة, و (رَءُوفٌ رَّحِيمٌ) (التوبة 128) فاسم الله الرحمن لا يتسمى به أحد من البشر , فالرحمن أقرب اسم إلى الله وهو أقرب من اسم الرحيم (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) (الفاتحة 1) فكان من اسم الله الرحمن رأفة النبي صلى الله عليه وآله وسلّم , وكان من اسم الله الرحيم رحمة النبي صلى الله عليه وآله وسلّم , فلما كان النبي صلى الله عليه وآله وسلّم محلاً للفهم عن الله في هذه الحضرة سُميَّ العقل الأول, أي أول من عقل وفهم وجود الخالق ثم وجود نفسه, فكان العقل والتعقل وما زال سيدنا النبي في طور التجليات من الله عز وجل والترقي من اسم إلى اسم حتى كان العبد الرباني الذي تجلّى الله عليه بأسمائه الحسنى وصفاته, فكان النبي صلى الله عليه وآله وسلّم هو الجامع لما تفرق في كل المخلوقات من نصيبهم من الله عز وجل , وذلك بسر اسم الله الجامع, فلما كان ذلك قال النبي صلى الله عليه وآله وسلّم: الحمد لله رب العالمين, فحمد الله بما حمد الله به نفسه, فجعل الله لواء الحمد بيده صلى الله عليه وآله وسلّم، فما من حمد يحمده أحد إلا وهو تحت لواء الحمد المشتمل على كل المحامد, فقال الله حمدني عبدي فهو محمد وأحمد ومحمود وممدوح فكانت من أسمائه الشريفة صلى الله عليه وآله وسلّم. ولما قال صلى الله عليه وآله وسلّم: رب العالمين, نصبه الله رحمة للعالمين وشفيع وأصل وأول وما إلى ذلك من أسماء. فلما أُطلع سيدنا محمد أن الله هو الأول والآخر وأن المخلوقات لها يوم الدين وأن الله مالك يوم الدين: (مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) (الفاتحة 4) جعله الله أول شافع وأول مشفع, فكان من أسمائه الشافع الشفيع المشفع وما إلى ذلك من أسماء .. إلى آخر معاني افتتاح القرآن, ومناسبتها مع افتتاح المخلوقات بأحب خلقه إليه, إذ كيف تكون افتتاحية الله لخلقه إلا بأحب الخلق إليه. بسم الله الرحمن الرحيم أولها باء, ولا بد من معنى مُقدر, فإنك إن قلت في خطاب لك: بسم زملائي أو كما يقول الملوك والرؤساء: بسم الشعب, فمعناه باسم زملائي أتكلم, وباسم الشعب بدلاً منهم أتكلم, فكأن المعنى افتتاح أو ظهور العالم هو بسم الله الرحمن الرحيم, وفي حرف الباء أسرار ذكرناها في كتابنا يس وكتابنا شرح دعاء سورة يس فبرجاء مراجعتهما, وقد أتحنا تنزيله مجاناً من على المنتدى والموقع الخاص بي. افتتاح وظهور المخلوقات ببسم الله الرحمن الرحيم, وكان هذا الافتتاح بـ: " ب .... اسم الله الرحمن الرحيم" فكانت الباء هي باء الافتتاح وهي المشار إليها بالنبي صلى الله عليه وآله وسلّم أنه نقطة دائرة الوجود, والسبب في كل موجود, فكما افتتحت البسملة بالباء, وكان استفتتاح الله عز وجل للمخلوقات بخلق سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلّم كان هو الباء وكان هو الفاتح لما أُغلق في الدنيا, والخاتم لما سبق من كل خير فحاز الأولية والآخرية كما في حديث أبي هريرة: «فَقَالَ: يَا رَبِّ (القائل هو سيدنا آدم)، مَنْ هَذَا؟ قَالَ: هَذَا ابْنُكَ أَحْمَدُ، هُوَ الأَوَّلُ وَهُوَ الآخِرُ، وَهُوَ أَوَّلُ شَافِعٍ» فإن عز عليك ذلك, قلت لك لا تظن أن الله عز وجل اصطفى سيد الخلق محمدا صلى الله عليه وآله وسلّم ليرسله إليك أو لغيرك, لتعليمك ولنجاتك أو هلكتك, فإنما خلقه عز وجل لنفسه, فإذا كان الله عز وجل قال لسيدنا موسى: (وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي) (طه 39) , وقال له: (وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي) (طه 41) , فما الذي يقال لسيد الخلق وأحبهم صلى الله عليه وآله وسلّم؟ قال تعالى له: (وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا) ((الطور 48)عين بالإفراد لسيدنا موسى وأعيننا لسيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلّم , ليست بعين الجارحة ولكن عين العناية وعين الرعاية وعين المدد وعين الإيجاد وسر الإمداد, وأعين وأعين بما لا يعلمه إلا الله (فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا) (الطور 48) والله المستعان النقطة الثانية: ما مناسبة المراحل مع تلاوته صلى الله عليه وآله وسلّم لقول الله عز وجل: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا) (الأحزاب 45 - 46). مناسبته هو ما قدمناه لك من أن كل ما سبق من مراحل تثبت أن سبب أنه عبد الله وآدم مجندل في طينته, الإشارة إلى تقدم خلقه صلى الله عليه وآله وسلّم على خلق آدم, وعلى متى استفاد النبي صلى الله عليه وآله وسلّم اسم عبد الله على ما شرحناه. وأما أنه صلى الله عليه وآله وسلّم دعوة إبراهيم وبشارة عيسى فهو دال على علو منزلته صلى الله عليه وآله وسلّم وأن الكل منتظر لظهور الشاهد على أول حضرة, ويدعون الله لظهوره, فما من أحد إلا وعنده حنين لمعرفة القديم من الأحداث ومسامرة من يدري أحداث الأوائل, فدعى سيدنا إبراهيم بظهوره صلى الله عليه وآله وسلّم , ولما اقترب الزمان بشّر به سيدنا عيسى عليه السلام إذ ليس بينه وبينه نبي, فجمع ذلك كله في حضرة اسم: الشاهد: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا) (الأحزاب 45 - 46)عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، قَالَ: «لَقِيتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ العَاصِ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قُلْتُ: أَخْبِرْنِي عَنْ صِفَةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم فِي التَّوْرَاةِ؟ قَالَ: أَجَلْ، وَاللهِ إِنَّهُ لَمَوْصُوفٌ فِي التَّوْرَاةِ بِبَعْضِ صِفَتِهِ فِي القُرْآنِ: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا) (الأحزاب 45) وَحِرْزًا لِلأُمِّيِّينَ، أَنْتَ عَبْدِي وَرَسُولِي، سَمَّيْتُكَ المتَوَكِّلَ لَيْسَ بِفَظٍّ، وَلاَ غَلِيظٍ، وَلاَ سَخَّابٍ فِي الأَسْوَاقِ، وَلاَ يَدْفَعُ بِالسَّيِّئَةِ السَّيِّئَةَ، وَلَكِنْ يَعْفُو وَيَغْفِرُ، وَلَنْ يَقْبِضَهُ اللهُ حَتَّى يُقِيمَ بِهِ المِلَّةَ العَوْجَاءَ، بِأَنْ يَقُولُوا: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَيَفْتَحُ بِهَا أَعْيُنٌ عُمْيٌ، وَآذَانٌ صُمٌّ، وَقُلُوبٌ غُلْفٌ». فالنبي صلى الله عليه وآله وسلّم هو الشاهد كما في القرآن والشاهد أيضا هو أول وْصف وُصِف به صلى الله عليه وآله وسلّم في التوراة. فهذا اسم النبي صلى الله عليه وآله وسلّم: الشاهد, والحديثان الآتيان عن اسم النبي صلى الله عليه وآله وسلّم: الشهيد. روى الإمام البخاري عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: «يَجِيءُ نُوحٌ وَأُمَّتُهُ، فَيَقُولُ اللهُ تَعَالَى: هَلْ بَلَّغْتَ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ أَيْ رَبِّ، فَيَقُولُ لأُمَّتِهِ: هَلْ بَلَّغَكُمْ؟ فَيَقُولُونَ: لاَ مَا جَاءَنَا مِنْ نَبِيٍّ، فَيَقُولُ لِنُوحٍ: مَنْ يَشْهَدُ لَكَ؟ فَيَقُولُ: مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وآله وسلّم وَأُمَّتُهُ، فَنَشْهَدُ أَنَّهُ قَدْ بَلَّغَ، وَهُوَ قَوْلُهُ جَلَّ ذِكْرُهُ: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ) (البقرة 143) وَالوَسَطُ: العَدْلُ». عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: «يَجِيءُ النَّبِيُّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمَعَهُ الرَّجُلُ وَالنَّبِيُّ وَمَعَهُ الرَّجُلاَنِ وَأَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ فَيُدْعَى قَوْمُهُ فَيُقَالُ لَهُمْ هَلْ بَلَّغَكُمْ هَذَا فَيَقُولُونَ لاَ فَيُقَالُ لَهُ هَلْ بَلَّغْتَ قَوْمَكَ فَيَقُولُ نَعَمْ فَيُقَالُ لَهُ مَنْ يَشْهَدُ لَكَ فَيَقُولُ مُحَمَّدٌ وَأُمَّتُهُ فَيُدْعَى وَأُمَّتُهُ فَيُقَالُ لَهُمْ هَلْ بَلَّغَ هَذَا قَوْمَهُ فَيَقُولُونَ نَعَمْ فَيُقَالُ وَمَا عِلْمُكُمْ فَيَقُولُونَ جَاءَنَا نَبِيُّنَا فَأَخْبَرَنَا أَنَّ الرُّسُلَ قَدْ بَلَّغُوا فَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا) (البقرة 143) قَالَ يَقُولُ عَدْلاً (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا) (البقرة 143)». ) ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ من كتاب / على أعتاب الحضرة المحمدية / للأستاذ الدكتور السيد الشريف محمود صبيح حفظه الله ـــــــــــــــــــــــ اللهم صل على سيدنا محمد النور وآله وسلم
_________________ صلوات الله تعالى تترى دوما تتوالى ترضي طه والآلا مع صحب رسول الله
|