موقع د. محمود صبيح

منتدى موقع د. محمود صبيح

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ مشاركة واحده ] 
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة: 2 ـ وفي تنوع الروايات , فوائد مباركات , ودرر متناثرات
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء نوفمبر 09, 2021 4:33 pm 
غير متصل

اشترك في: الأربعاء فبراير 03, 2010 12:20 am
مشاركات: 7602
2 ـ وفي تنوع الروايات , فوائد مباركات , ودرر متناثرات :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(حديث أبي هريرة في الإسراء والمعراج
روى الإمام البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي: رَأَيْتُ مُوسَى، وَإِذَا هُوَ رَجُلٌ ضَرْبٌ رَجِلٌ، كَأَنَّهُ مِنْ رِجَالِ شَنُوءَةَ، وَرَأَيْتُ عِيسَى، فَإِذَا هُوَ رَجُلٌ رَبْعَةٌ أَحْمَرُ، كَأَنَّمَا خَرَجَ مِنْ دِيمَاسٍ، وَأَنَا أَشْبَهُ وَلَدِ إِبْرَاهِيمَ صلى الله عليه وآله وسلّم بِهِ، ثُمَّ أُتِيتُ بِإِنَاءَيْنِ، فِي أَحَدِهِمَا لَبَنٌ، وَفِي الآخَرِ خَمْرٌ، فَقَالَ: اشْرَبْ أَيَّهُمَا شِئْتَ، فَأَخَذْتُ اللَّبَنَ فَشَرِبْتُهُ، فَقِيلَ: أَخَذْتَ الفِطْرَةَ، أَمَا إِنَّكَ لَوْ أَخَذْتَ الخَمْرَ غَوَتْ أُمَّتُكَ. وفي رواية للإمام مسلم «لَقَدْ رَأَيْتُنِي فِي الْحِجْرِ وَقُرَيْشٌ تَسْأَلُنِي عَنْ مَسْرَايَ، فَسَأَلَتْنِي عَنْ أَشْيَاءَ مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ لَمْ أُثْبِتْهَا، فَكُرِبْتُ كُرْبَةً مَا كُرِبْتُ مِثْلَهُ قَطُّ»، قَالَ: " فَرَفَعَهُ اللهُ لِي أَنْظُرُ إِلَيْهِ، مَا يَسْأَلُونِي عَنْ شَيْءٍ إِلَّا أَنْبَأْتُهُمْ بِهِ، وَقَدْ رَأَيْتُنِي فِي جَمَاعَةٍ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ، فَإِذَا مُوسَى قَائِمٌ يُصَلِّي، فَإِذَا رَجُلٌ ضَرْبٌ، جَعْدٌ كَأَنَّهُ مِنْ رِجَالِ شَنُوءَةَ، وَإِذَا عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَائِمٌ يُصَلِّي، أَقْرَبُ النَّاسِ بِهِ شَبَهًا عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيُّ، وَإِذَا إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَائِمٌ يُصَلِّي، أَشْبَهُ النَّاسِ بِهِ صَاحِبُكُمْ - يَعْنِي نَفْسَهُ - فَحَانَتِ الصَّلَاةُ فَأَمَمْتُهُمْ، فَلَمَّا فَرَغْتُ مِنَ الصَّلَاةِ قَالَ قَائِلٌ: يَا مُحَمَّدُ، هَذَا مَالِكٌ صَاحِبُ النَّارِ، فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، فَالْتَفَتُّ إِلَيْهِ، فَبَدَأَنِي بِالسَّلَامِ».
حديث ابْن عَبَّاس عن سيدنا موسى والمسيح والدجال وخازن النار
روى الإمامان البخاري ومسلم عن ابْن عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلّم قَالَ: «رَأَيْتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي مُوسَى رَجُلاً آدَمَ طُوَالاً جَعْدًا، كَأَنَّهُ مِنْ رِجَالِ شَنُوءَةَ، وَرَأَيْتُ عِيسَى رَجُلاً مَرْبُوعًا، مَرْبُوعَ الخَلْقِ إِلَى الحُمْرَةِ وَالبَيَاضِ، سَبِطَ الرَّأْسِ، وَرَأَيْتُ مَالِكًا خَازِنَ النَّارِ، وَالدَّجَّالَ فِي آيَاتٍ أَرَاهُنَّ اللهُ إِيَّاهُ:
(فَلَا تَكُن فِي مِرْيَةٍ مِّن لِّقَائِهِ)
(السجدة 23)». وفي رواية الإمام مسلم: قَالَ: كَانَ قَتَادَةُ «يُفَسِّرُهَا أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم قَدْ لَقِيَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ».
حديث ابن عباس وأبي حبة الأنصاري
وفي حديث ابن عباس وأبي حبة الأنصاري قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلّم: «ثُمَّ عَرَجَ بِي حَتَّى ظَهَرْتُ لِمُسْتَوَىً أَسْمَعُ فِيهِ صَرِيفَ الأَقْلاَمِ .. » حديث جابر بن عبد الله: لَمَّا كَذَّبَتْنِي قُرَيْشٌ
قال النبي صلى الله عليه وآله وسلّم: «لَمَّا كَذَّبَتْنِي قُرَيْشٌ حِينَ أُسْرِيَ بِي إِلَى بَيْتِ المَقْدِسِ، قُمْتُ فِي الحِجْرِ، فَجَلَّى اللهُ لِي بَيْتَ المَقْدِسِ، فَطَفِقْتُ أُخْبِرُهُمْ عَنْ آيَاتِهِ وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَيْهِ».
حديث ابن عباس: رَآهُ بِفُؤَادِهِ مَرَّتَيْنِ
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: (مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى) (النجم 11)
(وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى) (النجم 13)، قَالَ: «رَآهُ بِفُؤَادِهِ مَرَّتَيْنِ». حديث أبي جعفر الرازي
عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ الرِّيَاحِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَوْ غَيْرِهِ شَكَّ أَبُو جَعْفَرٍ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) (الإسراء 1)
قَالَ: «جَاءُ جبْرَائِيلُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلّم وَمَعَهُ مِيكَائِيلُ، فَقَالَ جَبْرَائِيلُ لِمِيكَائِيلَ: ائْتِنِي بِطَسْتٍ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ كَيْمَا أُطَهِّرَ قَلْبَهُ وَأَشْرَحَ لَهُ صَدْرَهُ، قَالَ: فَشَقَّ عَنْ بَطْنِهِ، فَغَسَلَهُ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، وَاخْتَلَفَ إِلَيْهِ مِيكَائِيلُ بِثَلاَثِ طِسَاتٍ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ، فَشَرَحَ صَدْرَهُ، وَنَزَعَ مَا كَانَ فِيهِ مِنْ غِلٍّ، وَمَلأَهُ حِلْمًا وَعِلْمًا وَإِيمَانًا وَيَقِينًا وَإِسْلاَمًا، وَخَتَمَ بَيْنَ كَتِفَيْهِ بِخَاتَمِ النُّبُوَّةِ، ثُمَّ أَتَاهُ بِفَرَسٍ فَحُمِلَ عَلَيْهِ كُلُّ خُطْوَةٍ مِنْهُ مُنْتَهَى بَصَرِهِ وَأَقْصَى بَصَرِهِ قَالَ: فَسَارَ وَسَارَ مَعَهُ جَبْرَائِيلُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ، فَأَتَى عَلَى قَوْمٍ يَزْرَعُونَ فِي يَوْمٍ وَيَحْصُدُونَ فِي يَوْمٍ، كُلَّمَا حَصَدُوا عَادَ كَمَا كَانَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلّم: "يَا جَبْرَائِيلُ مَا هَذَا؟ " قَالَ: هَؤُلاَءِ الْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، تُضَاعَفُ لَهُمُ الْحَسَنَةُ بِسَبْعِ مِائَةِ ضِعْفٍ، وَمَا أَنْفَقُوا مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يَخْلُفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ.
ثُمَّ أَتَى عَلَى قَوْمٍ تُرْضَخُ رُءُوسُهُمْ بِالصَّخْرِ، كُلَّمَا رُضِخَتْ عَادَتْ كَمَا كَانَتْ، لاَ يُفَتَّرُ عَنْهُمْ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ، فَقَالَ: "مَا هَؤُلاَءِ يَا جَبْرَائِيلُ؟ " قَالَ: هَؤُلاَءِ الَّذِينَ تَتَثَاقَلُ رُءُوسُهُمْ عَنِ الصَّلاَةِ الْمَكْتُوبَةِ.
ثُمَّ أَتَى عَلَى قَوْمٍ عَلَى أَقْبَالِهِمْ رِقَاعٌ، وَعَلَى أَدْبَارِهِمْ رِقَاعٌ، يَسْرَحُونَ كَمَا تَسْرَحُ الإِبِلُ وَالْغَنَمُ، وَيَأْكُلُونَ الضَّرِيعَ وَالزَّقُّومَ وَرَضَفَ جَهَنَّمَ وَحِجَارَتَهَا، قَالَ: "مَا هَؤُلاَءِ يَا جَبْرَائِيلُ؟ " قَالَ: هَؤُلاَءِ الَّذِينَ لاَ يُؤَدُّونَ صَدَقَاتِ أَمْوَالِهِمْ، وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ شَيْئًا، وَمَا اللَّهُ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ.
ثُمَّ أَتَى عَلَى قَوْمٍ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ لَحْمٌ نَضِيجٌ فِي قُدُورٍ، وَلَحْمٌ آخَرُ نِيءٌ قَذِرٌ خَبِيثٌ، فَجَعَلُوا يَأْكُلُونَ مِنَ النِّيءِ الخَبِيث، وَيَدَعُونَ النَّضِيجَ الطَّيِّبَ، فَقَالَ: "مَا هَؤُلاَءِ يَا جَبْرَئِيلُ؟ " قَالَ: هَذَا الرَّجُلُ مِنْ أُمَّتِكَ، تَكُونُ عِنْدَهُ الْمَرْأَةُ الْحَلاَلُ الطَّيِّبُ، فَيَأْتِي امْرَأَةً خَبِيثَةً فَيَبِيتُ عِنْدَهَا حَتَّى يُصْبِحَ، وَالْمَرْأَةُ تَقُومُ مِنْ عِنْدِ زَوْجِهَا حَلاَلاً طَيِّبًا، فَتَأْتِي رَجُلاً خَبِيثًا، فَتَبِيتُ مَعَهُ حَتَّى تُصْبِحَ.
قَالَ: ثُمَّ أَتَى عَلَى خَشَبَةٍ فِي الطَّرِيقِ لاَ يَمُرُّ بِهَا ثَوْبٌ إِلاَّ شَقَّتْهُ، وَلاَ شَيْءٌ إِلاَّ خَرَقَتْهُ، قَالَ: "مَا هَذَا يَا جَبْرَائِيلُ؟ " قَالَ: هَذَا مَثَلُ أَقْوَامٍ مِنْ أُمَّتِكَ يَقْعُدُونَ عَلَى الطَّرِيقِ فَيَقْطَعُونَهُ. ثُمَّ تلا: (وَلَا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ) (الأعراف 86) الآيَةَ.
ثُمَّ أَتَى عَلَى رَجُلٍ قَدْ جَمَعَ حُزْمَةَ حَطَبٍ عَظِيمَةً لاَ يَسْتَطِيعُ حَمْلَهَا، وَهُوَ يَزِيدُ عَلَيْهَا، فَقَالَ: "مَا هَذَا يَا جَبْرَائِيلُ؟ " قَالَ: هَذَا الرَّجُلُ مِنْ أُمَّتِكَ تَكُونُ عليه أَمَانَاتُ النَّاسِ لاَ يَقْدِرُ عَلَى أَدَائِهَا، وَهُوَ يَزِيدُ عَلَيْهَا، وَيُرِيدُ أَنْ يَحْمِلَهَا (فَلاَ يَسْتَطِيعُ ذلك)
ثُمَّ أَتَى عَلَى قَوْمٍ تُقْرَضُ أَلْسِنَتُهُمْ وَشِفَاهُهُمْ بِمَقَارِيضَ مِنْ حَدِيدٍ، كُلَّمَا قُرِضَتْ عَادَتْ كَمَا كَانَتْ لاَ يُفَتَّرُ عَنْهُمْ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ، قَالَ: "مَا هَؤُلاَءِ يَا جَبْرَائِيلُ؟ " فَقَالَ: هَؤُلاَءِ خُطَبَاءُ أُمَّتِكَ خُطَبَاءُ الْفِتْنَةِ.
ثُمَّ أَتَى عَلَى جُحْرٍ صَغِيرٍ يَخْرُجُ مِنْهُ ثَوْرٌ عَظِيمٌ، فَجَعَلَ الثَّوْرُ يُرِيدُ أَنْ يَرْجِعَ مِنْ حَيْثُ خَرَجَ فَلاَ يَسْتَطِيعُ، فَقَالَ: "مَا هَذَا يَا جَبْرَائِيلُ؟ " قَالَ: هَذَا الرَّجُلُ يَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ الْعَظِيمَةِ، ثُمَّ يَنْدَمُ عَلَيْهَا، فَلاَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَرُدَّهَا.
ثُمَّ أَتَى عَلَى وَادٍ، فَوَجَدَ رِيحًا طَيِّبَةً بَارِدَةً، وَفِيهِ رِيحُ الْمِسْكِ، وَسَمِعَ صَوْتًا، فَقَالَ: "يَا جَبْرَائِيلُ مَا هَذَا الرِّيحُ الطَّيِّبَةُ الْبَارِدَةُ وَهَذِهِ الرَّائِحَةُ الَّتِي كرِيحِ الْمِسْكِ، وَمَا هَذَا الصَّوْتُ؟ " قَالَ: هَذَا صَوْتُ الْجَنَّةِ تَقُولُ: يَا رَبِّ آتِنِي مَا وَعَدْتَنِي، فَقَدْ كَثُرَتْ غُرَفِي وَإِسْتَبْرَقِي وَحَرِيرِي وَسُنْدُسِي وَعَبْقَرِيِّي وَلُؤْلُؤِي وَمَرْجَانِي وَفِضَّتِي وَذَهَبِي وَأَكْوَابِي وَصِحَافِي وَأَبَارِيقِي وَفَوَاكِهِي وَنَخْلِي وَرُمَّانِي، وَلَبَنِي وَخَمْرِي، فَآتِنِي مَا وَعَدْتَنِي، فَقَالَ: لَكِ كُلُّ مُسْلِمٍ وَمَسْلَمَةٍ، وَمُؤْمِنٍ وَمُؤْمِنَةٍ، وَمَنْ آمَنَ بِي وَبِرُسُلِي، وَعَمِلَ صَالِحًا وَلَمْ يُشْرِكْ بِي، وَلَمْ يَتَّخِذْ مِنْ دُونِي أَنْدَادًا، وَمَنْ خَشِيَنِي فَهُوَ آمِنٌ، وَمَنْ سَأَلَنِي أَعْطَيْتُهُ، وَمَنْ أَقْرَضَنِي جَزَيْتُهُ، وَمَنْ تَوَكَّلَ عَلَيَّ كَفَيْتُهُ، إِنِّي أَنَا اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنَا لاَ أُخْلِفُ الْمِيعَادَ، وَقَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ، وَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ، قَالَتْ: قَدْ رَضِيتُ.
ثُمَّ أَتَى عَلَى وَادٍ فَسَمِعَ صَوْتًا مُنْكَرًا، وَوَجَدَ رِيحًا مُنْتِنَةً، فَقَالَ: وَمَا هَذِهِ الرِّيحُ يَا جبْرَئِيلُ وَمَا هَذَا الصَّوْتُ؟ " قَالَ: هَذَا صَوْتُ جَهَنَّمَ، تَقُولُ: يَا رَبِّ آتِنِي مَا وَعَدْتَنِي، فَقَدْ كَثُرَتْ سَلاَسِلِي وَأَغْلاَلِي وَسَعِيرِي وَجَحِيمِي وَضَرِيعِي وَغَسَّاقِي وَعَذَابِي وَعِقَابِي، وَقَدْ بَعُدَ قَعْرِي وَاشْتَدَّ حَرِّي، فَآتِنِي مَا وَعَدْتَنِي، قَالَ: لَكَ كُلُّ مُشْرِكٍ وَمُشْرِكَةٍ، وَكَافِرٍ وَكافرةٍ، وَكُلُّ خَبِيثٍ وَخَبِيثَةٍ، وَكُلُّ جُبَارٍ لاَ يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ، قَالَتْ: قَدْ رَضِيتُ.
قَالَ: ثُمَّ سَارَ حَتَّى أَتَى بَيْتَ الْمَقْدِسِ، فَنَزَلَ فَرَبَطَ فَرَسَهُ إِلَى صَخْرَةٍ، ثُمَّ دَخَلَ فَصَلَّى مَعَ الْمَلاَئِكَةِ، فَلَمَّا قَضَيْتُ الصَّلاَةَ. قَالُوا: يَا جبْرَئِيلَ مَنْ هَذَا مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ، فَقَالُوا: أَوَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالُوا: حَيَّاهُ اللَّهُ مِنْ أَخٍ وَمِنْ خَلِيفَةٍ، فَنِعْمَ الأَخُ وَنِعْمَ الْخَلِيفَةُ، وَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ، قَالَ: ثُمَّ لَقِيَ أَرْوَاحَ الأَنْبِيَاءِ فَأَثْنَوْا عَلَى رَبِّهِمْ، فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي اتَّخَذَنِي خَلِيلاً وَأَعْطَانِي مُلْكًا عَظِيمًا، وَجَعَلَنِي أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ يُؤْتَمُّ بِي، وَأَنْقَذَنِي مِنَ النَّارِ، وَجَعَلَهَا عَلَيَّ بَرْدًا وَسَلاَمًا، ثُمَّ إِنَّ مُوسَى أَثَنَى عَلَى رَبِّهِ فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي كَلَّمَنِي تَكْلِيمًا، وَجَعَلَ هَلاَكَ آلِ فِرْعَوْنَ وَنَجَاةَ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى يَدِي، وَجَعَلَ مِنْ أُمَّتِي قَوْمًا يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ، ثُمَّ إِنَّ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَثَنَى عَلَى رَبِّهِ، فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ لِي مُلْكًا عَظِيمًا وَعَلَّمَنِي الزَّبُورَ، وَأَلاَنَ لِيَ الْحَدِيدَ، وَسَخَّرَ لِيَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ، وَأَعْطَانِي الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ، ثُمَّ إِنَّ سُلَيْمَانَ أَثْنَى عَلَى رَبِّهِ، فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي سَخَّرَ لِيَ الرِّيَاحَ، وَسَخَّرَ لِيَ الشَّيَاطِينَ، يَعْمَلُونَ لِي مَا شِئْتُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ، وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ، وَعَلَّمَنِي مَنْطِقَ الطَّيْرِ، وَآتَانِي مِنْ كُلِّ شَيْءٍ فَضْلاً، وَسَخَّرَ لِي جُنُودَ الشَّيَاطِينِ وَالإِنْسِ وَالطَّيْرِ، وَفَضَّلَنِي عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ، وَآتَانِي مُلْكًا عَظِيمًا لاَ يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي، وَجَعَلَ مُلْكِي مُلْكًا طَيِّبًا لَيْسَ عَلَيَّ فِيهِ حِسَابٌ. ثُمَّ إِنَّ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَثْنَى عَلَى رَبِّهِ، فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَنِي كَلِمَتَهُ وَجَعَلَ مَثَلِي مَثَلَ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ: كُنْ فَيَكُونُ، وَعَلَّمَنِي الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنْجِيلَ، وَجَعَلَنِي أَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ وَجَعَلَنِي أُبْرِئُ الأَكَمَهَ وَالأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ، وَرَفَعَنِي وَطَهَّرني، وَأَعَاذَنِي وَأُمِّي مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ، فَلَمْ يَكُنْ لِلشَّيْطَانِ عَلَيْنَا سَبِيلٌ، قَالَ: ثُمَّ إِنَّ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وآله وسلّم أَثَنَى عَلَى رَبِّهِ، فَقَالَ: "كُلُّكُمْ أَثَنَى عَلَى رَبِّهِ، وَأَنَا مُثْنٍ عَلَى رَبِّي"، فَقَالَ: "الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَرْسَلَنِي رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ، وَكَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا، وَأَنْزَلَ عَلَيَّ الْفُرْقَانَ فِيهِ تِبْيَانُ كُلِّ شَيْءٍ، وَجَعَلَ أُمَّتِي خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ، وَجَعَلَ أُمَّتِي أمة وَسَطًا، وَجَعَلَ أُمَّتِي هُمُ الأَوَّلُونَ وَهُمُ الآخِرُونَ، وَشَرَحَ لِي صَدْرِي، وَوَضَعَ عَنِّي وِزْرِي وَرَفَعَ لِي ذِكْرِي، وَجَعَلَنِي فَاتِحًا خَاتَمًا" قَالَ إِبْرَاهِيمُ: بِهَذَا فَضَلَكُمْ مُحَمَّدٌ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَهُوَ الرَّازِيُّ: خَاتَمُ النُّبُوَّةِ، وَفَاتِحٌ بِالشَّفَاعَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
ثُمَّ أُتِيَ بِآنِيَةٍ ثَلاَثَةٍ مُغَطَّاةٍ أَفْوَاهُهَا، فَأُتِيَ بِإِنَاءٍ مِنْهَا فِيهِ مَاءٌ، فَقِيلَ: اشْرَبْ، فَشَرِبَ مِنْهُ يَسِيرًا، ثُمَّ دَفَعَ إِلَيْهِ إِنَاءً آخَرَ فِيهِ لَبَنٌ، فَقِيلَ لَهُ: اشْرَبْ، فَشَرِبَ مِنْهُ حَتَّى رَوِيَ، ثُمَّ دَفَعَ إِلَيْهِ إِنَاءً آخَرَ فِيهِ خَمْرٌ، فَقِيلَ لَهُ: اشْرَبْ، فَقَالَ: "لاَ أُرِيدُهُ قَدْ رُوِيتُ" فَقَالَ لَهُ جَبْرَائِيلُ: أَمَا إِنَّهَا سَتُحَرَّمُ عَلَى أُمَّتِكَ، وَلَوْ شَرِبْتَ مِنْهَا لَمْ يَتَّبِعكَ مِنْ أُمَّتِكَ إِلاَّ قَلِيلٌ.
ثُمَّ صعد بِهِ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا، فَاسْتَفْتَحَ، فَقِيلَ: مَنْ هَذَا يا جَبْرَائِيلُ؟ فَقَالَ: مُحَمَّدٌ، قَالُوا: أَوَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالُوا: حَيَّاهُ اللَّهُ مِنْ أَخٍ وَمِنْ خَلِيفَةٍ، فَنِعْمَ الأَخُ وَنِعْمَ الْخَلِيفَةُ، وَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ، فَدَخَلَ فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ تَامِّ الْخَلْقِ لَمْ يَنْقُصْ مِنْ خَلْقِهِ شَيْءٌ، كَمَا يَنْقُصُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ، عَلَى يَمِينِهِ بَابٌ يَخْرُجُ مِنْهُ رِيحٌ طَيِّبَةٌ، وَعَنْ شِمَالِهِ بَابٌ يَخْرُجُ مِنْهُ رِيحٌ خَبِيثَةٌ، إِذَا نَظَرَ إِلَى الْبَابِ الَّذِي عَنْ يَمِينِهِ ضَحِكَ وَاسْتَبْشَرَ، وَإِذَا نَظَرَ إِلَى الْبَابِ الَّذِي عَنْ شِمَالِهِ بَكَى وَحَزِنَ، فَقُلْتُ: " يَا جَبْرَائِيلُ مَنْ هَذَا الشَّيْخُ التَّامُّ الْخَلْقِ الَّذِي لَمْ يَنْقُصْ مِنْ خَلْقِهِ شَيْءٌ، وَمَا هَذَانِ الْبَابَانِ؟ " قَالَ: هَذَا أَبُوكَ آدَمُ، وَهَذَا الْبَابُ الَّذِي عَنْ يَمِينِهِ بَابُ الْجَنَّةِ، إِذَا نَظَرَ إِلَى مَنْ يَدْخُلُهُ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ ضَحِكَ وَاسْتَبْشَرَ، وَالْبَابُ الَّذِي عَنْ شِمَالِهِ بَابُ جَهَنَّمَ، إِذَا نَظَرَ إِلَى مَنْ يُدْخُلُهُ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ بَكَى وَحَزِنَ.
ثُمَّ صَعِدَ بِهِ جبْرَئِيلُ إِلَى السَّمَاءِ الثَّانِيَةِ فَاسْتَفْتَحَ، فَقِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جَبْرَائِيلُ، قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، فَقَالُوا: وَقَدْ أُرْسِلَ مُحَمَّدٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالُوا: حَيَّاهُ اللَّهُ مِنْ أَخٍ وَمِنْ خَلِيفَةٍ، فَنِعْمَ الأَخُ وَنِعْمَ الْخَلِيفَةُ، وَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ، قَالَ: فَإِذَا هُوَ بِشَابَّيْنِ، فَقَالَ: "يَا جَبْرَائِيلُ مَنْ هَذَانِ الشَّابَّانِ؟ " قَالَ: هَذَا عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ، وَيَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا ابْنَا الْخَالَةِ.
قَالَ: فَصَعِدَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ، فَاسْتَفْتَحَ، فَقَالُوا: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جَبْرَائِيلُ، قَالُوا: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ قَالُوا: أَو َقَدْ أُرْسِلَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالُوا: حَيَّاهُ اللَّهُ مِنْ أَخٍ وَمِنْ خَلِيفَةٍ، فَنِعْمَ الأَخُ وَنِعْمَ الْخَلِيفَةُ، وَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ، قَالَ: فَدَخَلَ فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ قَدْ فُضِّلَ عَلَى النَّاسِ كُلِّهِمْ فِي الْحُسْنِ كَمَا فُضِّلَ الْقَمَرُ لَيْلَةَ الْبَدْرِ عَلَى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ، قَالَ: "مَنْ هَذَا يَا جَبْرَائِيلُ الَّذِي فُضِّلَ عَلَى النَّاسِ فِي الْحُسْنِ؟ " قَالَ: هَذَا أَخُوكَ يُوسُفُ.
ثُمَّ صَعِدَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ، فَاسْتَفْتَحَ، فَقِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جَبْرَائِيلُ، قَالُوا: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ قَالُوا: أَو َقَدْ أُرْسِلَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالُوا: حَيَّاهُ اللَّهُ مِنْ أَخٍ وَمِنْ خَلِيفَةٍ، فَنِعْمَ الأَخُ وَنِعْمَ الْخَلِيفَةُ، وَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ، قَالَ: فَدَخَلَ، فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ، قَالَ: "مَنْ هَذَا يَا جَبْرَائِيلُ؟ " قَالَ: هَذَا إِدْرِيسُ رَفَعَهُ اللَّهُ مَكَانًا عَلِيًّا.
ثُمَّ صَعِدَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ الْخَامِسَةِ، فَاسْتَفْتَحَ جَبْرَائِيلُ، فَقَالُوا: مَنْ هَذَا؟ فَقَالَ: جَبْرَائِيلُ، قَالُوا: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ، قَالُوا: أَوَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالُوا: حَيَّاهُ اللَّهُ مِنْ أَخٍ وَمِنْ خَلِيفَةٍ، فَنِعْمَ الأَخُ وَنِعْمَ الْخَلِيفَةُ، وَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ، ثُمَّ دَخَلَ فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ جَالِسٍ وَحَوْلَهُ قَوْمٌ يَقُصُّ عَلَيْهِمْ، قَالَ: "مَنْ هَذَا يَا جَبْرَائِيلُ وَمَنْ هَؤُلاَءِ الَّذِينَ حَوْلَهُ؟ " قَالَ: هَذَا هَارُونُ الْمُحَبَّبُ فِي قَوْمِهِ، وَهَؤُلاَءِ بَنُو إِسْرَائِيلَ.
ثُمَّ صَعِدَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ السَّادِسَةِ، فَاسْتَفْتَحَ جَبْرَائِيلُ، فَقِيلَ لَهُ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جَبْرَائِيلُ، قَالُوا: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ، قَالُوا: أَو َقَدْ أُرْسِلَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالُوا: حَيَّاهُ اللَّهُ مِنْ أَخٍ وَمِنْ خَلِيفَةٍ، فَنِعْمَ الأَخُ وَنِعْمَ الْخَلِيفَةُ، وَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ، فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ جَالِسٍ، فَجَاوَزَهُ، فَبَكَى الرَّجُلُ، فَقَالَ: "يَا جَبْرَائِيلُ مَنْ هَذَا؟ " قَالَ: مُوسَى، قَالَ: "فَمَا بَالُهُ يَبْكِي؟ " قَالَ: تَزْعُمُ بَنُو إِسْرَائِيلَ أَنِّي أَكْرَمُ بَنِي آدَمَ عَلَى اللَّهِ، وَهَذَا رَجُلٌ مِنْ بَنِي آدَمَ قَدْ خَلَفَنِي فِي دُنْيَا، وَأَنَا فِي أُخْرَى، فَلَوْ أَنَّهُ بِنَفْسِهِ لَمْ أُبَالِ، وَلَكِنْ مَعَ كُلِّ نَبِيٍّ أُمَّتُهُ.
ثُمَّ صَعِدَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ، فَاسْتَفْتَحَ، فَقِيلَ له: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جَبْرَائِيلُ، قيل: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ، قَالُوا: أَو َقَدْ أُرْسِلَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالُوا: حَيَّاهُ اللَّهُ مِنْ أَخٍ وَمِنْ خَلِيفَةٍ، فَنِعْمَ الأَخُ وَنِعْمَ الْخَلِيفَةُ، وَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ، قَالَ: فَدَخَلَ فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ أَشْمَطَ جَالِسٍ عِنْدَ بَابِ الْجَنَّةِ عَلَى كُرْسِيٍّ، وَعِنْدَهُ قَوْمٌ جُلُوسٌ بِيضُ الْوُجُوهِ، أَمْثَالُ الْقَرَاطِيسِ، وَقَوْمٌ فِي أَلْوَانِهِمْ شَيْءٌ، فَقَامَ هَؤُلاَءِ الَّذِينَ فِي أَلْوَانِهِمْ شَيْءٌ، فَدَخَلُوا نَهْرًا فَاغْتَسلُوا فِيهِ، فَخَرَجُوا وَقَدْ خَلَصَ مِنْ أَلْوَانِهِمْ شَيْءٌ، ثُمَّ دَخَلُوا نَهْرًا آخَرَ، فَاغْتَسَلُوا فِيهِ، فَخَرَجُوا وَقَدْ خَلَصَ مِنْ أَلْوَانِهِمْ شَيْءٌ، ثُمَّ دَخَلُوا نَهْرًا آخَرَ فَاغْتَسَلُوا فِيهِ، فَخَرَجُوا وَقَدْ خَلَصَ مِنْ أَلْوَانِهِمْ شَيْءٌ، فَصَارَتْ مِثْلَ أَلْوَانِ أَصْحَابِهِمْ، فَجَاءُوا فَجَلَسُوا إِلَى أَصْحَابِهِمْ فَقَالَ: "يَا جَبْرَائِيلُ مَنْ هَذَا الأَشْمَطُ، ثُمَّ مَنْ هَؤُلاَءِ الْبِيضُ وُجُوهُهُمْ، وَمَنْ هَؤُلاَءِ الَّذِينَ فِي أَلْوَانِهِمْ شَيْءٌ، وَمَا هَذِهِ الأَنْهَارُ الَّتِي دَخَلُوا فَجَاءُوا وَقَدْ صَفَتْ أَلْوَانُهُمْ؟ " قَالَ: هَذَا أَبُوكَ إِبْرَاهِيمُ أَوَّلُ مَنْ شُمِطَ عَلَى الأَرْضِ، وَأَمَّا هَؤُلاَءِ الْبِيضُ الْوُجُوهِ: فَقَوْمٌ لَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ، وَأَمَّا هَؤُلاَءِ الَّذِينَ فِي أَلْوَانِهِمْ شَيْءٌ، فَقَوْمٌ خَلَطُوا عَمَلاً صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا، فَتَابُوا، فَتَابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ، وَأَمَّا الأَنْهَارُ: فَأَوَّلُهَا رَحْمَةُ اللَّهِ، وَثَانِيهَا: نِعْمَةُ اللَّهِ، وَالثَّالِثُ: سَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا.
قَالَ: ثُمَّ انْتَهَى إِلَى السِّدْرَةِ، فَقِيلَ لَهُ: هَذِهِ السِّدْرَةُ يَنْتَهِي إِلَيْهَا كُلُّ أَحَدٍ خَلاَ مِنْ أُمَّتِكَ عَلَى سُنَّتِكَ، فَإِذَا هِيَ شَجَرَةٌ يَخْرُجُ مِنْ أَصْلِهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ، وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ، وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ، وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى، وَهِيَ شَجَرَةٌ يَسِيرُ الرَّاكِبُ فِي ظِلِّهَا سَبْعِينَ عَامًا لاَ يَقْطَعُهَا، وَالْوَرَقَةُ مِنْهَا مُغَطِّيَةٌ لِلأُمَّةِ كُلِّهَا، قَالَ: فَغَشِيَهَا نُورُ الْخَلاَّقِ عَزَّ وَجَلَّ، وَغَشِيَتْهَا الْمَلاَئِكَةُ أَمْثَالُ الْغِرْبَانِ حِينَ يَقَعْنَ عَلَى الشَّجَر، قَالَ: فَكَلَّمَهُ عِنْدَ ذَلِكَ، فَقَالَ لَهُ: سَلْ، فَقَالَ: "اتَّخَذْتَ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً وَأَعْطَيْتَهُ مُلْكًا عَظِيمًا، وَكَلَّمْتَ مُوسَى تَكْلِيمًا، وَأَعْطَيْتَ دَاوُدَ مُلْكًا عَظِيمًا وَأَلَنْتَ لَهُ الْحَدِيدَ وَسَخَّرْتَ لَهُ الْجِبَالَ، وَأَعْطَيْتَ سُلَيْمَانَ مُلْكًا عَظِيمًا، وَسَخَّرْتَ لَهُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ وَالشَّيَاطِينَ، وَسَخَّرْتَ لَهُ الرِّيَاحَ، وَأَعْطَيْتَهُ مُلْكًا لاَ يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ، وَعَلَّمْتَ عِيسَى التَّوْرَاةَ وَالإِنْجِيلَ، وَجَعَلْتَهُ يُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ، وَيُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ، وَأَعَذْتَهُ وَأُمَّهُ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ، فَلَمْ يَكُنْ لِلشَّيْطَانِ عَلَيْهِمَا سَبِيلٌ". فَقَالَ لَهُ رَبُّهُ: قَدِ اتَّخَذْتُكَ حَبِيبًا وَخَلِيلاً، وَهُوَ مَكْتُوبٌ فِي التَّوْرَاةِ: حَبِيبُ الرحمن، وَأَرْسَلْتُكَ إِلَى النَّاسِ كَافَّةً بَشِيرًا وَنَذِيرًا، وَشَرَحْتُ لَكَ صَدْرَكَ، وَوَضَعْتُ عَنْكَ وِزْرَكَ، وَرَفَعْتُ لَكَ ذِكْرَكَ، فَلاَ أُذْكَرُ إِلاَّ ذُكِرْتَ مَعِي، وَجَعَلْتُ أُمَّتَكَ أُمَّةً وَسَطًا، وَجَعَلْتُ أُمَّتَكَ هُمُ الأَوَّلُونَ وَالآخِرُونَ، وَجَعَلْتُ أُمَّتَكَ لاَ تَجُوزُ لَهُمْ خُطْبَةٌ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنَّكَ عَبْدِي وَرَسُولِي، وَجَعَلْتُ مِنْ أُمَّتِكَ أَقْوَامًا قُلُوبُهُمْ أَنَاجِيلُهُمْ، وَجَعَلْتُكَ أَوَّلَ النَّبِيِّينَ خَلْقًا، وَآخِرَهُمْ بَعْثًا، وَأَوَّلَهُمْ يُقْضَى لَهُ، وَأَعْطَيْتُكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي، لَمْ يُعْطَهَا نَبِيُّ قَبْلَكَ، وَأَعْطَيْتُكَ الْكَوْثَرَ، وَأَعْطَيْتُكَ ثَمَانِيَةَ أَسْهُمٍ: الإِسْلاَمَ وَالْهِجْرَةَ، وَالْجِهَادَ، وَالصَّدَقَةَ، وَالصَّلاَةَ، وَصَوْمَ رَمَضَانَ، وَالأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ، وَالنَّهْيَ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَجَعَلْتُكَ فَاتِحًا وَخَاتَمًا، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلّم: " فَضَّلَنِي رَبِّي بِسِتٍّ: أَعْطَانِي فَوَاتِحَ الْكَلِمِ وَخَوَاتِيمَهُ، وَجَوَامِعَ الْحَدِيثِ، وَأَرْسَلَنِي إِلَى النَّاسِ كَافَّةً بَشِيرًا وَنَذِيرًا، وَقَذَفَ فِي قُلُوبِ عَدُوِّي الرُّعْبَ مِنْ مَسِيرَةِ شَهْرٍ، وَأُحِلَّتْ لِيَ الْغَنَائِمُ وَلَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ قَبْلِي وَجُعِلَتْ لِيَ الأَرْضُ كُلُّهَا طَهُورًا وَمَسْجِدًا.
قَالَ: "وَفَرَضَ عَلَيَّ خَمْسِينَ صَلاَةً"، فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى مُوسَى قَالَ: بِمَ أُمِرْتَ يَا مُحَمَّدُ، قَالَ: "بِخَمْسِينَ صَلاَةً"، قَالَ: ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ، فَإِنَّ أُمَّتَكَ أَضْعَفُ الأُمَمِ، فَقَدْ لَقِيتُ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ شِدَّةً، قَالَ: فَرَجَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلّم إِلَى رَبِّهِ فَسَأَلَهُ التَّخْفِيفَ، فَوَضَعَ عَنْهُ عَشْرًا، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى مُوسَى، فَقَالَ: بِكَمْ أُمِرْتَ؟ قَالَ: "بِأَرْبَعِينَ"، قَالَ: ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ، فَإِنَّ أُمَّتَكَ أَضْعَفُ الأُمَمِ، وَقَدْ لَقِيتُ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ شِدَّةً، قَالَ: فَرَجَعَ إِلَى رَبِّهِ، فَسَأَلَهُ التَّخْفِيفَ، فَوَضَعَ عَنْهُ عَشْرًا، فَرَجَعَ إِلَى مُوسَى، فَقَالَ: بِكَمْ أُمِرْتَ؟ قَالَ: "أُمِرْتُ بِثَلاَثِينَ"، فَقَالَ لَهُ مُوسَى: ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ، فَإِنَّ أُمَّتَكَ أَضْعَفُ الأُمَمِ، وَقَدٍ لَقِيتُ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ شِدَّةً، قَالَ: فَرَجَعَ إِلَى رَبِّهِ فَسَأَلَهُ التَّخْفِيفَ، فَوَضَعَ عَنْهُ عَشْرًا، فَرَجَعَ إِلَى مُوسَى فَقَالَ: بِكَمْ أُمِرْتَ؟ قَالَ: "أمرت بِعِشْرِينَ"، قَالَ: ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ، فَإِنَّ أُمَّتَكَ أَضْعَفُ الأُمَمِ، وَقَدْ لَقِيتُ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ شِدَّةً، قَالَ: فَرَجَعَ إِلَى رَبِّهِ فَسَأَلَهُ التَّخْفِيفَ، فَوَضَعَ عَنْهُ عَشْرًا، فَرَجَعَ إِلَى مُوسَى، فَقَالَ: بِكَمْ أُمِرْتَ؟ قَالَ: "بِعَشْرٍ"، قَالَ: ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ، فَإِنَّ أُمَّتَكَ أَضْعَفُ الأُمَمِ، وَقَدْ لَقِيتُ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ شِدَّةً، قَالَ: فَرَجَعَ عَلَى حَيَاءٍ إِلَى رَبِّهِ فَسَأَلَهُ التَّخْفِيفَ، فَوَضَعَ عَنْهُ خَمْسًا، فَرَجَعَ إِلَى مُوسَى، فَقَالَ: بِكَمْ أُمِرْتَ؟ قَالَ: "بِخَمْسٍ"، قَالَ: ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ، فَإِنَّ أُمَّتَكَ أَضْعَفُ الأُمَمِ، وَقَدْ لَقِيتُ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ شِدَّةً، قَالَ: "قَدْ رَجَعْتُ إِلَى رَبِّي حَتَّى اسْتَحْيَيْتُ فَمَا أَنَا رَاجِعٌ إِلَيْهِ"، فَقِيلَ لَهُ: أَمَا إِنَّكَ كَمَا صَبَّرْتَ نَفْسَكَ عَلَى خَمْسِ صَلَوَاتٍ فَإِنَّهُنَّ يُجْزِينَ عَنْكَ خَمْسِينَ صَلاَةً فَإِنَّ كُلَّ حَسَنَةٍ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، قَالَ: فَرَضِيَ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وآله وسلّم كُلَّ الرِّضَا، قال: فَكَانَ مُوسَى أَشَدَّهُمْ عَلَيْهِ حِينَ مَرَّ بِهِ، وَخَيْرَهُمْ لَهُ حِينَ رَجَعَ إِلَيْهِ».)
ـــــــــــــــــــــ
من كتاب : على أعتاب الحضرة المحمدية
للأستاذ الدكتور السيد الشريف / محمود صبيح حفظه الله ونفع به
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اللهم صل على سيدنا محمد عبدك ونبيك ورسولك النبي الأمي وعلى آله وسلم تسليما بقدر عظمة ذاتك في كل وقت وحين)

_________________
صلوات الله تعالى تترى دوما تتوالى ترضي طه والآلا مع صحب رسول الله


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ مشاركة واحده ] 

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 77 زائر/زوار


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
cron
© 2011 www.msobieh.com

جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في المنتديات تعبر عن رأي أصحابها فقط