موقع د. محمود صبيح

منتدى موقع د. محمود صبيح

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 3 مشاركة ] 
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة: 2 ـ عظات وعبر , في رحلة إسراء خير البشر صلى الله عليه وآله و
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس نوفمبر 11, 2021 1:03 pm 
غير متصل

اشترك في: الأربعاء فبراير 03, 2010 12:20 am
مشاركات: 8042
2 ـ عظات وعبر , في رحلة إسراء خير البشر صلى الله عليه وآله وسلم :
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
( 5 ـ
رؤيته صلى الله عليه وآله وسلّم للدنيا وداعي اليهود وداعي النصاري
وفي حديث أَبِي هَارُونَ الْعَبْدِيِّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وقد سبق:
« ..... فَسَمِعْتُ نِدَاءً عَنْ يَمِينِي يَا مُحَمَّدُ عَلَى رِسْلِكَ أَسْأَلُكَ, فَمَضَيْتُ وَلَمْ أُعَرِّجْ عَلَيْهِ, ثُمَّ سَمِعْتُ نِدَاءً, عَنْ شِمَالِي يَا مُحَمَّدُ عَلَى رِسْلِكَ أَسْأَلُكُ, فَمَضَيْتُ فَلَمْ أُعَرِّجْ عَلَيْهِ, ثُمَّ اسْتَقْبَلَتْنِي امْرَأَةٌ عَلَيْهَا مِنْ كُلِّ زِينَةِ الدُّنْيَا رَافِعَةً يَدَهَا تَقُولُ: عَلَى رِسْلِكَ أَسْأَلُكُ (وفي رواية البيهقي: إِذَا أَنَا بِامْرَأَةٍ حَاسِرَةٍ عَنْ ذِرَاعَيْهَا وَعَلَيْهَا مِنْ كُلِّ زِينَةٍ خَلَقَهَا اللهُ) , فَمَضَيْتُ فَلَمْ أُعَرِّجْ عَلَيْهَا, ثُمَّ أَتَيْتُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ, أَوْ قَالَ الْمَسْجِدَ الْأَقْصَى, فَنَزَلْتُ عَنِ الدَّابَّةِ فَأَوْثَقْتُهَا بِالْحَلْقَةِ الَّتِي كَانَتِ الْأَنْبِيَاءُ تُوثِقُ بِهَا, ثُمَّ دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ فَصَلَّيْتُ فِيهِ فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ: مَاذَا رَأَيْتَ فِي وَجْهِكَ؟ فَقُلْتُ: سَمِعْتُ نِدَاءً عَنْ يَمِينِي أَنْ يَا مُحَمَّدُ عَلَى رِسْلِكَ أَسْأَلُكَ فَمَضَيْتُ وَلَمْ أُعَرِّجْ عَلَيْهِ, قَالَ: ذَاكَ دَاعِي الْيَهُودِ, أَمَا إِنَّكَ لَوْ وَقَفْتَ عَلَيْهِ تَهَوَّدَتْ أُمَّتُكَ, قَالَ: ثُمَّ سَمِعْتُ نِدَاءً عَنْ يَسَارِي أَنْ يَا مُحَمَّدُ عَلَى رِسْلِكَ فَمَضَيْتُ وَلَمْ أُعَرِّجْ عَلَيْهِ, قَالَ: ذَلِكَ دَاعِي النَّصَارَى أَمَا إِنَّكَ لَوْ وَقَفْتَ عَلَيْهِ لَتَنَصَّرَتْ أُمَّتُكَ, ثُمَّ اسْتَقْبَلَتْنِي امْرَأَةٌ عَلَيْهَا مِنْ كُلِّ زِينَةِ الدُّنْيَا رَافِعَةً يَدَيْهَا تَقُولُ: عَلَى رِسْلِكَ يَا مُحَمَّدُ أَسْأَلُكَ, فَمَضَيْتُ وَلَمْ أُعَرِّجْ عَلَيْهَا, قَالَ: تِلْكَ الدُّنْيَا تَزَيَّنَتْ لَكَ أَمَا إِنَّكَ لَوْ وَقَفْتَ عَلَيْهَا اخْتَارَتْ أُمَّتُكَ الدُّنْيَا
عَلَى الْآخِرَةِ, ثُمَّ أُتِيتُ بِإِنَاءَيْنِ, أَحَدُهُمَا لَبَنٌ وَالْآخَرُ فِيهِ خَمْرٌ, فَقِيلَ لِي: اشْرَبْ أَيَّهُمَا, فَأَخَذْتُ اللَّبَنَ فَشَرِبْتُهُ, فَقَالَ: أَصَبْتَ الْفِطْرَةَ أَوْ أَخَذْتَ الْفِطْرَةَ».
وعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: لَمَّا أَتَى جِبْرِيلُ بِالْبُرَاقِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
«فَكَأَنَّهَا صَرَّتْ أُذُنَيْهَا»، فَقَالَ لَهَا جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: مَهْ يَا بُرَاقُ، وَاللَّهِ إِنْ رَكِبَكَ مِثْلُهُ. فَسَارَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، فَإِذَا هُوَ بِعَجُوزٍ عَلَى جَنْبِ الطَّرِيقِ، فَقَالَ: «مَا هَذِهِ يَا جِبْرِيلُ؟»، قَالَ: سِرْ يَا مُحَمَّدُ فَسَارَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَسِيرَ، فَإِذَا شَيْءٌ يَدْعُوهُ مُتَنَحِّيًا عَنِ الطَّرِيقِ: هَلُمَّ يَا مُحَمَّدُ، قَالَ لَهُ جِبْرِيلُ: سِرْ يَا مُحَمَّدُ. فَسَارَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَسِيرَ، قَالَ: ثُمَّ لَقِيَهُ خَلْقٌ مِنَ الْخَلْقِ، فَقَالَ أَحَدُهُمُ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أَوَّلُ، وَالسَّلَامُ عَلَيْكَ يَا آخِرُ، وَالسَّلَامُ عَلَيْكَ يَا حَاشِرُ. فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ: ارْدُدِ السَّلَامَ يَا مُحَمَّدُ، قَالَ: فَرَدَّ السَّلَامَ، ثُمَّ لَقِيَهُ الثَّانِي، فَقَالَ لَهُ مِثْلَ مَقَالَةِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ لَقِيَهُ الثَّالِثُ فَقَالَ لَهُ مِثْلَ مَقَالَةَ الْأَوَّلِينَ، حَتَّى انْتَهَى إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَعَرَضَ عَلَيْهِ الْمَاءَ وَاللَّبَنَ وَالْخَمْرَ، فَتَنَاوَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ اللَّبَنَ، فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: أَصَبْتَ الْفِطْرَةَ، لَوْ شَرِبْتَ الْمَاءَ لَغَرِقْتَ وَغَرِقَتْ أُمَّتُكَ، وَلَوْ شَرِبْتَ الْخَمْرَ لَغَوِيتَ وَغَوِيَتْ أُمَّتُكَ، ثُمَّ بُعِثَ لَهُ آدَمُ فَمَنْ دُونَهُ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ، فَأَمُّهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ، ثُمَّ قَالَ لَهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: أَمَّا الْعَجُوزُ الَّتِي رَأَيْتَ مِنَ عَلَى جَنْبِ الطَّرِيقِ، فَلَمْ يَبْقَ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا مَا بَقى مِنْ تِلْكِ الْعَجُوزِ، وَأَمَّا الَّذِي أَرَادَ أَنْ تَمِيلَ إِلَيْهِ، فَذَاكَ عَدُوُّ اللَّهِ إِبْلِيسُ أَرَادَ أَنْ تَمِيلَ إِلَيْهِ، وَأَمَّا الَّذِينَ سَلَّمُوا عَلَيْكَ، فَذَاكَ إِبْرَاهِيمُ وَمُوسَى وَعِيسَى صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ».
6 ـ
رؤيته صلى الله عليه وآله وسلّم للجنة والنار الأرضية البرزخية.
وقد طويت الأرض تحت قدم النبي صلى الله عليه وآله وسلّم فرأى البرازخ الأرضية, ورأى المنعمين والمعذبين، ورأى الجنة والنار الأرضيتين,
فإن العبد إذا كان من أهل الجنة يقال في حقه: «فَأَلْبِسُوهُ مِنَ الْجَنَّةِ وَأَفْرِشُوهُ مِنْهَا وَأَرُوهُ مَنْزِلَهُ مِنْهَا، فَيَلْبِسُ مِنَ الْجَنَّةِ وَيُفْرَشُ مِنْهَا وَيَرَى مَنْزِلَهُ مِنْهَا وَيُفْسَحُ لَهُ مَدَّ بَصَرِهِ».
ويكون له باب يطلع منه إلى منزله في الجنة ويقال: «ويقال له: افتحوا له باباً إلى الجنة، فيفتح له، فيقال: هذا منزلك، وما أعد الله لك، فيزداد غبطة وسروراً، وتجعل روحه في نسم طير تعلق في شجر الجنة». وأما إن كان من أهل النار فيفتح له باب إلى جهنم والعياذ بالله.
أما عن رؤية الجنة والنار البرزخية في الأرض فقَالَ حُذَيْفَةُ:
«قَدْ أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ بِدَابَّةٍ طَوِيلَةِ الظَّهْرِ، مَمْدُودَةٍ، هَكَذَا خَطْوُهُ مَدُّ بَصَرِهِ، فَمَا زَايَلَا ظَهْرَ البُرَاقِ حَتَّى رَأَيَا الجَنَّةَ وَالنَّارَ وَوَعْدَ الآخِرَةِ أَجْمَعَ، ثُمَّ رَجَعَا عَوْدَهُمَا عَلَى بَدْئِهِمَا». قَالَ: وَيَتَحَدَّثُونَ أَنَّهُ رَبَطَهُ، لِمَ؟ لِيَفِرَّ مِنْهُ؟ وَإِنَّمَا سَخَّرَهُ لَهُ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ».
وورد في حديث ضعيف عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أُتِيتُ بِالْبُرَاقِ فَرَكِبْتُهُ خَلْفَ جِبْرِيلَ فَسَارَ بنا فَكَانَ إِذَا أَتَى عَلَى جَبَلٍ ارْتَفَعَتْ رِجْلاهُ، وَإِذَا هَبَطَ ارْتَفَعَتْ يَدَاهُ فَسَارَ بِنَا فِي أَرْضٍ غَمَّةٍ مُنْتِنَةٍ وَأَفْضَيْنَا إِلَى أَرْضٍ فَيْحَاءَ طَيِّبَةٍ فَقُلْتُ: يَا جِبْرِيلُ إِنَّا كُنَّا نَسِيرُ فِي أَرْضٍ غَمَّةٍ مُنْتِنَةٍ وَإِنَّا أَفْضَيْنَا إِلَى أَرْضٍ فَيْحَاءَ طَيِّبَةٍ؟ فَقَالَ: تِلْكَ أَرْضُ النَّارِ وَهَذِهِ أَرْضُ الْجَنَّةِ، فَأَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي ... » إلى آخره. وقد مر.
قبر ماشطة بنت فرعون: وقد مر رسول الله على قبر ماشطة بنت فرعون, فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم:
«لَمَّا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الَّتِي أُسْرِيَ بِي فِيهَا أَتَتْ عَلَيَّ رَائِحَةٌ طَيِّبَةٌ، فَقُلْتُ: يَا جِبْرِيلُ مَا هَذِهِ الرَّائِحَةُ الطَّيِّبَةُ، فَقَالَ: هَذِهِ رَائِحَةُ مَاشِطَةِ ابْنَةِ فِرْعَوْنَ وَأَوْلاَدِهَا، قَالَ: قُلْتُ: وَمَا شَأْنُهَا؟ قَالَ: بَيْنَا هِيَ تَمْشُطُ ابْنَةَ فِرْعَوْنَ ذَاتَ يَوْمٍ إِذْ سَقَطَتِ الْمِدْرَى (فَوَقَعَ الْمُشْطُ) مِنْ يَدِهَا، فَقَالَتْ: بِسْمِ اللهِ، فَقَالَتْ لَهَا ابْنَةُ فِرْعَوْنَ: أَبِي؟ قَالَتْ: لاَ وَلَكِنْ رَبِّي وَرَبُّ أَبِيكِ اللهُ، قَالَتْ: أُخْبِرُهُ بِذَلِكَ، قَالَتْ: نَعَمْ، فَأَخْبَرَتْهُ، فَدَعَاهَا فَقَالَ: يَا فُلاَنَةُ، وَإِنَّ لَكِ رَبًّا غَيْرِي؟ قَالَتْ: نَعَمْ رَبِّي وَرَبُّكَ اللهُ، فَأَمَرَ بِبَقَرَةٍ مِنْ نُحَاسٍ فَأُحْمِيَتْ، ثُمَّ أَمَرَ بِهَا أَنْ تُلْقَى هِيَ وَأَوْلاَدُهَا فِيهَا، قَالَتْ لَهُ: إِنَّ لِي إِلَيْكَ حَاجَةً، قَالَ: وَمَا حَاجَتُكِ؟ قَالَتْ: أُحِبُّ أَنْ تَجْمَعَ عِظَامِي وَعِظَامَ وَلَدِي فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ وَتَدْفِنَّا، قَالَ: ذَلِكَ لَكِ عَلَيْنَا مِنَ الْحَقِّ، قَالَ: فَأَمَرَ بِأَوْلاَدِهَا فَأُلْقُوا بَيْنَ يَدَيْهَا وَاحِدًا وَاحِدًا إِلَى أَنِ انْتَهَى ذَلِكَ إِلَى صَبِيٍّ لَهَا مُرْضَعٍ كَأَنَّهَا تَقَاعَسَتْ مِنْ أَجْلِهِ، قَالَ: يَا أُمَّهُ اقْتَحِمِي فَإِنَّ عَذَابَ الدُّنْيَا أَهْوَنُ مِنْ عَذَابِ الآخِرَةِ فَاقْتَحَمَتْ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: تَكَلَّمَ أَرْبَعَةٌ صِغَارٌ: عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ عليه السلام، وَصَاحِبُ جُرَيْجٍ، وَشَاهِدُ يُوسُفَ، وَابْنُ مَاشِطَةِ ابْنَةِ فِرْعَوْنَ».
أما عن رؤية جهنم فبالإضافة إلى حديث حذيفة السابق وحديث شداد بن أوس المذكور في جزئية زيارة الأماكن المباركة وفيه: «ثُمَّ انْطَلَقَ بِي حَتَّى أَتَيْتُ الْوَادِيَ الَّذِي بِالْمَدِينَةِ فَإِذَا جَهَنَّمُ تَنْكَشِفُ عَنْ مِثْلِ الزَّرْابَى .. » , أحاديث أخرى منها:
عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: «رُئِيَ عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ عَلَى سُوَرِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ الشرقي يبكي فقيل له, فقال: من ها هنا نَبَّأَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ رأى مالكاً يقلب جمراً كالقطف».
ومالك هو خازن النار كما هو معلوم.
ويؤيده ما جاء في البخاري ومسلم أن النبي صلى الله عليه وآله وسلّم بعد أن أم الأنبياء والمرسلين ببيت المقدس, قَالَ قَائِلٌ: «يَا مُحَمَّدُ، هَذَا مَالِكٌ صَاحِبُ النَّارِ، فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، فَالْتَفَتُّ إِلَيْهِ، فَبَدَأَنِي بِالسَّلَامِ».
وعَنْ صُهَيْبِ بْنِ سِنَانٍ، قَالَ: «لَمَّا عُرِضَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم الْمَاءُ، ثُمَّ الْخَمْرُ، ثُمَّ اللَّبَنُ أَخَذَ اللَّبَنَ، فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ: أَصَبْتَ أَخَذْتَ الْفِطْرَةَ، وَبِهَا عُذِّبَتْ كُلُّ دَابَّةٍ، وَلَوْ أَخَذْتَ الْخَمْرَ غَوَيْتَ، وَغَوَتْ أُمَّتُكَ، وَكُنْتَ مِنْ أَهْلِ هَذِهِ، وَأَشَارَ إِلَى الْوَادِي الَّذِي يُقَالُ لَهُ: وَادِي جَهَنَّمَ، فَنَظَرْتُ فِيهِ فَإِذَا هُوَ يَلْتَهِبُ».
عَنْ أَبِي الْعَوَّامِ مُؤَذِّنِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، يَقُولُ:
«إِنَّ السُّورَ الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْقُرْآنِ (فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ) (الحديد 13)
هُوَ السُّوَرُ الشَّرْقِيُّ بَاطِنُهُ الْمَسْجِدُ وَمَا يَلِيهِ، وَظَاهِرُهُ وَادِي جَهَنَّمَ».
وكانت الصحابة تعرف أن هذه المنطقة فيها وادي جهنم وتسمى به, ويذكرونه بينهم دون نكير,
قال سعيد بن عبد العزيز: «أشرفت أم الدرداء على وادي جهنم ومعها إسماعيل بن عبيد الله، فقالت: اقرأ يا إسماعيل، فقرأ (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا) (المؤمنون 115)
فخرت على وجهها، وخر إسماعيل على وجهه، فما رفعا رءوسهما حتى ابتل ما تحت وجوههما من الدموع».
قال عبد الله بن أبي عبد الله:
«لما ولي عمر بن الخطاب زار أهل الشام، فنزل الجابية، وأرسل رجلاً من جديلة إلى بيت المقدس، فافتتحها صلحاً، ثم جاء عمر ومعه كعب، فقال: يا أبا إسحاق، أتعرف موضع الصخرة؟ فقال أذرع من الحائط الذي يلي وادي جهنم كذا وكذا ذراعاً، ثم احتفر، فإنك تجدها، قال: وهي يومئذ مزبلة فحفروا فظهرت لهم، فقال عمر لكعب: أين ترى أن نجعل المسجد؟ - أو قال: القبلة - فقال: اجعلها خلف الصخرة، فتجمع القبلتين: قبلة موسى عليه السلام، وقبلة محمد صلى الله عليه وآله وسلّم، فقال: ضاهيت اليهودية يا أبا إسحاق، خير المساجد مقدمها قال: فبناها في مقدم المسجد».
7 ـ
زيارة برزخ سيدنا موسى حيث كان يصلي, وزيارة برزخ سيدنا إبراهيم
ومر سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم بسيدنا موسى وهو حي في قبره يصلي
أ ـ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم قَالَ: «أَتَيْتُ (وَفِي رِوَايَةِ: مَرَرْتُ) عَلَى مُوسَى لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي عِنْدَ الْكَثِيبِ الْأَحْمَرِ، وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي قَبْرِهِ»
فلما مر به حدث أمر ما, فتذكره جيداً, فسيتكرر في السماء السادسة، وهو أنه لما مر سيدنا النبي صلى الله عليه وآله وسلّم بسيدنا موسى كان عند سيدنا موسى خبر أن النبي صلى الله عليه وآله وسلّم في سبيل الإسراء والمعراج فكان يعاتب ربه عز وجل في أنه فضل سيدنا محمداً صلى الله عليه وآله وسلّم عليه كما في هذا الحديث والأحاديث السابقة، وسيأتى الكلام عن ذلك في الرحلة السماوية بإذن الله.
ب ـ قَالَ أَبُو ظَبْيَانَ الْجَنْبِيُّ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَمُحَمَّدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَهُمَا جَالِسَانِ، فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ لِأَبِي عُبَيْدَةَ: حَدِّثْنَا عَنْ أَبِيكَ، لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم، فَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: لَا، بَلْ حَدِّثْنَا أَنْتَ عَنْ أَبِيكَ، فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: لَوْ سَأَلْتَنِي قَبْلَ أَنْ أَسْأَلَكَ، لَفَعَلْتُ، فَأَنْشَأَ أَبُو عُبَيْدَةَ يُحَدِّثُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «أَتَانِي جِبْرِيلُ بِدَابَّةٍ فَوْقَ الْحِمَارِ وَدُونَ الْبَغْلِ، فَحَمَلَنِي عَلَيْهِ، ثُمَّ انْطَلَقَ يَهْوِي بِنَا، كُلَّمَا صَعِدَ عَقَبَةً، اسْتَوَتْ رِجْلَاهُ كَذَلِكَ مَعَ يَدَيْهِ، وَإِذَا هَبَطَ اسْتَوَتْ يَدَاهُ مَعَ رِجْلَيْهِ، حَتَّى مَرَرْنَا بِرَجُلٍ سَبْطٍ طُوَالِ أدَمَ، كَأَنَّهُ مِنْ رِجَالِ أَزْدِ شَنُوءةَ، وَهُوَ يَقُولُ، وَيَرْفَعُ صَوْتَهُ: أَكْرَمْتَهُ، وَفَضَّلْتَهُ، قَالَ: فَدَفَعْنَا إِلَيْهِ، فَسَلَّمْنَا عَلَيْهِ، فَرَدَّ السَّلَامَ، فَقَالَ: مَنْ هَذَا مَعَكَ يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: هَذَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: مَرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الْأُمِّيِّ، الَّذِي بَلَّغَ رِسَالَةَ رَبِّهِ، وَنَصَحَ لِأُمَّتِهِ، قَالَ: ثُمَّ دَفَعْنَا، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا يَا جِبْرِيلُ؟، فَقَالَ: هَذَا مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: وَقُلْتُ: وَمَنْ يُعَاتِبُ رَبَّهُ؟ قِيلَ: لَا، قُلْتُ: وَيَرْفَعُ صَوْتَهُ عَلَى رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ؟ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ عَرَفَ حِدَّتَهُ، قَالَ: ثُمَّ انْدَفَعْنَا حَتَّى مَرَرْنَا بِشَجَرَةٍ، كَانَ ثَمَرُهَا السَّرْحُ، تَحْتَهَا شَيْخٌ، وَعِيَالُهُ،
قَالَ: فَقَالَ لِي جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: اعْمَدْ إِلَى أَبِيكَ إِبْرَاهِيمَ، فَدَفَعْنَا إِلَيْهِ، فَسَلَّمْنَا عَلَيْهِ، فَرَدَّ السَّلَامَ، فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: مَنْ هَذَا مَعَكَ يَا جِبْرِيلُ؟ فَقَالَ: هَذَا ابْنُكَ مُحَمَّدٌ، قَالَ: مَرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الْأُمِّيِّ، الَّذِي بَلَّغَ رِسَالَةَ رَبِّهِ، وَنَصَحَ لِأُمَّتِهِ، يَا بُنَيَّ إِنَّكَ لَاقٍ رَبَّكَ اللَّيْلَةَ، وَإِنَّ أُمَّتَكَ آخِرُ الْأُمَمِ، وَأَضْعَفُهُمْ، فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَكُونَ حَاجَتَكَ أَوْ جُلَّهَا فِي أُمَّتِكَ، فَافْعَلْ، قَالَ: ثُمَّ انْدَفَعْنَا حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى، فَنَزَلْتُ، فَرَبَطْتُ الدَّابَّةَ بِالْحَلْقَةِ الَّتِي فِي بَابِ الْمَسْجِدِ، الَّتِي كَانَتِ الْأَنْبِيَاءُ تَرْبِطُ بِهَا، ثُمَّ دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ، فَعَرَفْتُ النَّبِيِّينَ مِنْ بَيْنِ قَائِمٍ وَرَاكِعٍ، وَسَاجِدٍ، قَالَ: ثُمَّ أُتِيتُ بِكَأْسَيْنِ مِنْ عَسَلٍ وَلَبَنٍ، فَأَخَذْتُ اللَّبَنَ، فَشَرِبْتُ، فَضَرَبَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَنْكِبِي، وَقَالَ: أَصَبْتَ الْفِطْرَةَ وَرَبِّ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثُمَّ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ، فَأَمَمْتُهُمْ، ثُمَّ انْصَرَفْنَا، فَأَقْبَلْنَا».
ولهذا الحديث شاهد ضعيف وهو ما رواه البزار وأبو يعلى والطبراني وغيرهم عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أُتِيتُ بِالْبُرَاقِ فَرَكِبْتُهُ خَلْفَ جِبْرِيلَ فَسَارَ بنا فَكَانَ إِذَا أَتَى عَلَى جَبَلٍ ارْتَفَعَتْ رِجْلاهُ، وَإِذَا هَبَطَ ارْتَفَعَتْ يَدَاهُ فَسَارَ بِنَا فِي أَرْضٍ غَمَّةٍ مُنْتِنَةٍ وَأَفْضَيْنَا إِلَى أَرْضٍ فَيْحَاءَ طَيِّبَةٍ فَقُلْتُ: يَا جِبْرِيلُ إِنَّا كُنَّا نَسِيرُ فِي أَرْضٍ غَمَّةٍ مُنْتِنَةٍ وَإِنَّا أَفْضَيْنَا إِلَى أَرْضٍ فَيْحَاءَ طَيِّبَةٍ؟ فَقَالَ: تِلْكَ أَرْضُ النَّارِ وَهَذِهِ أَرْضُ الْجَنَّةِ، فَأَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي. قَالَ: فَقَالَ: مَنْ هَذَا مَعَكَ يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: هَذَا أَخُوكَ مُحَمَّدٌ. فَرَحَّبَ وَدَعَا لِي بِالْبَرَكَةِ، قَالَ: سَلْ لأُمَّتِكَ الْيُسْرَ. قَالَ: قُلْتُ: مَنْ هَذَا يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: هَذَا أَخُوكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ. قَالَ: ثُمَّ سَارَ فَأَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ فَقَالَ: مَنْ مَعَكَ يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: هَذَا أَخُوكَ مُحَمَّدٌ. قَالَ: فَرَحَّبَ بِي وَدَعَا لِي بِالْبَرَكَةِ قَالَ: سَلْ لأُمَّتِكَ الْيُسْرَ. قَالَ: قُلْتُ: مَنْ هَذَا يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: هَذَا أَخُوكَ مُوسَى. قَالَ: ثُمَّ سِرْنَا فَرَأَيْنَا مَصَابِيحَ وَضَوْءًا فَقُلْتُ: مَا هَذَا يَا جِبْرِيلُ؟ فَقَالَ: هَذِهِ شَجَرَةُ أَبِيكَ إِبْرَاهِيمَ أَتَدْنُو مِنْهَا؟ قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ؛ فَدَنَوْنَا مِنْهَا فَرَحَّبَ وَدَعَا لِي بِالْبَرَكَةِ حَتَّى أَتَيْنَا بَيْتَ الْمَقْدِسِ وَنُشِرَتْ لِيَ الأَنْبِيَاءُ مَنْ سَمَّى اللَّهُ وَمَنْ لَمْ يُسَمِّ فَصَلَّيْتُ بِهِمْ إِلا هَؤُلاءِ النَّفَرَ الثَّلاثَةَ مُوسَى وَعِيسَى وَإِبْرَاهِيمَ».
وهذه الرواية شاهدة للرواية السابقة غير أنها مخالفة في أن النبي صلى الله عليه وآله وسلّم صلى بجميع الأنبياء والمرسلين وهو الحق الذى لا خلاف فيه.
قَالَ الإمام أَبُو جَعْفَرٍ الطحاوي:
"فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ لِقَاؤُهُ صلى الله عليه وآله وسلّم كَانَ لِلثَّلَاثَةِ الْمُسْتَثْنَيْنَ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ الَّذِينَ أَمَّهُمْ فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ، وَهُمْ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةُ الْمُسَمَّوْنَ فِي حَدِيثِهِ هَذَا، فَاحْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ الِاسْتِثْنَاءُ الَّذِي فِي حَدِيثِهِ الْأَوَّلِ كَانَ لِذَلِكَ، وَأَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الِاسْتِثْنَاءُ مِنَ ابْنِ مَسْعُودٍ لِمَا وَقَفَ مِنْ لِقَاءِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم إِيَّاهُمْ دُونَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَأَخْرَجَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ أَنْ يَكُونُوا صَلُّوا مَعَهُ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ لَا أَنَّهُ سَمِعَ ذَلِكَ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلّم،
وَكَانَ مَا رَوَى أَنَسٌ وَأَبُو هُرَيْرَةَ فِيهِ إِثْبَاتُ إِمَامَةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم فِي لَيْلَتَئِذٍ هُنَاكَ جَمِيعَ الْأَنْبِيَاءِ فِيهِمْ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةُ، إِذْ كَانَ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةُ بَعْدَ مُرُورِهِ بِهِمْ فِي طَرِيقِهِ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ لَحِقُوا بِهِ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَأَمَّهُمْ مَعَ مَنْ أَمَّهُ مِنْ أَنْبِيَاءِ اللهِ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمْ سِوَاهُمْ،
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَيْضًا فِي ذَلِكَ مَا يَدُلُّ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى".
قلت: والأمر الحق على ما في الروايات الصحيحة التي لا مطعن فيها أن النبي صلى الله عليه وآله وسلّم صلى بجميع الأنبياء والمرسلين.
فلنستفد من الرواية الحسنة الإشارة في شجرة أبيك إبراهيم وأن ما يحدث في الأرض يحدث في الدوائر الأعلى على ما سيأتي بإذن الله. )
ـــــــــــــــــــــ
من كتاب : على أعتاب الحضرة المحمدية
للأستاذ الدكتور السيد الشريف / محمود صبيح حفظه الله ونفع به
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اللهم صل على سيدنا محمد عبدك ونبيك ورسولك النبي الأمي وعلى آله وسلم تسليما بقدر عظمة ذاتك في كل وقت وحين)

_________________
صلوات الله تعالى تترى دوما تتوالى ترضي طه والآلا مع صحب رسول الله


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: 2 ـ عظات وعبر , في رحلة إسراء خير البشر صلى الله عليه وآ
مشاركة غير مقروءةمرسل: الجمعة نوفمبر 12, 2021 8:53 pm 
غير متصل

اشترك في: الخميس مارس 29, 2012 9:53 pm
مشاركات: 46935
استأذنكم مولانا فى تكبير الخط شويه

ـ عظات وعبر , في رحلة إسراء خير البشر صلى الله عليه وآله وسلم :
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
( 5 ـ
رؤيته صلى الله عليه وآله وسلّم للدنيا وداعي اليهود وداعي النصاري
وفي حديث أَبِي هَارُونَ الْعَبْدِيِّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وقد سبق:
« ..... فَسَمِعْتُ نِدَاءً عَنْ يَمِينِي يَا مُحَمَّدُ عَلَى رِسْلِكَ أَسْأَلُكَ, فَمَضَيْتُ وَلَمْ أُعَرِّجْ عَلَيْهِ, ثُمَّ سَمِعْتُ نِدَاءً, عَنْ شِمَالِي يَا مُحَمَّدُ عَلَى رِسْلِكَ أَسْأَلُكُ, فَمَضَيْتُ فَلَمْ أُعَرِّجْ عَلَيْهِ, ثُمَّ اسْتَقْبَلَتْنِي امْرَأَةٌ عَلَيْهَا مِنْ كُلِّ زِينَةِ الدُّنْيَا رَافِعَةً يَدَهَا تَقُولُ: عَلَى رِسْلِكَ أَسْأَلُكُ (وفي رواية البيهقي: إِذَا أَنَا بِامْرَأَةٍ حَاسِرَةٍ عَنْ ذِرَاعَيْهَا وَعَلَيْهَا مِنْ كُلِّ زِينَةٍ خَلَقَهَا اللهُ) , فَمَضَيْتُ فَلَمْ أُعَرِّجْ عَلَيْهَا, ثُمَّ أَتَيْتُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ, أَوْ قَالَ الْمَسْجِدَ الْأَقْصَى, فَنَزَلْتُ عَنِ الدَّابَّةِ فَأَوْثَقْتُهَا بِالْحَلْقَةِ الَّتِي كَانَتِ الْأَنْبِيَاءُ تُوثِقُ بِهَا, ثُمَّ دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ فَصَلَّيْتُ فِيهِ فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ: مَاذَا رَأَيْتَ فِي وَجْهِكَ؟ فَقُلْتُ: سَمِعْتُ نِدَاءً عَنْ يَمِينِي أَنْ يَا مُحَمَّدُ عَلَى رِسْلِكَ أَسْأَلُكَ فَمَضَيْتُ وَلَمْ أُعَرِّجْ عَلَيْهِ, قَالَ: ذَاكَ دَاعِي الْيَهُودِ, أَمَا إِنَّكَ لَوْ وَقَفْتَ عَلَيْهِ تَهَوَّدَتْ أُمَّتُكَ, قَالَ: ثُمَّ سَمِعْتُ نِدَاءً عَنْ يَسَارِي أَنْ يَا مُحَمَّدُ عَلَى رِسْلِكَ فَمَضَيْتُ وَلَمْ أُعَرِّجْ عَلَيْهِ, قَالَ: ذَلِكَ دَاعِي النَّصَارَى أَمَا إِنَّكَ لَوْ وَقَفْتَ عَلَيْهِ لَتَنَصَّرَتْ أُمَّتُكَ, ثُمَّ اسْتَقْبَلَتْنِي امْرَأَةٌ عَلَيْهَا مِنْ كُلِّ زِينَةِ الدُّنْيَا رَافِعَةً يَدَيْهَا تَقُولُ: عَلَى رِسْلِكَ يَا مُحَمَّدُ أَسْأَلُكَ, فَمَضَيْتُ وَلَمْ أُعَرِّجْ عَلَيْهَا, قَالَ: تِلْكَ الدُّنْيَا تَزَيَّنَتْ لَكَ أَمَا إِنَّكَ لَوْ وَقَفْتَ عَلَيْهَا اخْتَارَتْ أُمَّتُكَ الدُّنْيَا
عَلَى الْآخِرَةِ, ثُمَّ أُتِيتُ بِإِنَاءَيْنِ, أَحَدُهُمَا لَبَنٌ وَالْآخَرُ فِيهِ خَمْرٌ, فَقِيلَ لِي: اشْرَبْ أَيَّهُمَا, فَأَخَذْتُ اللَّبَنَ فَشَرِبْتُهُ, فَقَالَ: أَصَبْتَ الْفِطْرَةَ أَوْ أَخَذْتَ الْفِطْرَةَ».
وعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: لَمَّا أَتَى جِبْرِيلُ بِالْبُرَاقِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
«فَكَأَنَّهَا صَرَّتْ أُذُنَيْهَا»، فَقَالَ لَهَا جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: مَهْ يَا بُرَاقُ، وَاللَّهِ إِنْ رَكِبَكَ مِثْلُهُ. فَسَارَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، فَإِذَا هُوَ بِعَجُوزٍ عَلَى جَنْبِ الطَّرِيقِ، فَقَالَ: «مَا هَذِهِ يَا جِبْرِيلُ؟»، قَالَ: سِرْ يَا مُحَمَّدُ فَسَارَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَسِيرَ، فَإِذَا شَيْءٌ يَدْعُوهُ مُتَنَحِّيًا عَنِ الطَّرِيقِ: هَلُمَّ يَا مُحَمَّدُ، قَالَ لَهُ جِبْرِيلُ: سِرْ يَا مُحَمَّدُ. فَسَارَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَسِيرَ، قَالَ: ثُمَّ لَقِيَهُ خَلْقٌ مِنَ الْخَلْقِ، فَقَالَ أَحَدُهُمُ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أَوَّلُ، وَالسَّلَامُ عَلَيْكَ يَا آخِرُ، وَالسَّلَامُ عَلَيْكَ يَا حَاشِرُ. فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ: ارْدُدِ السَّلَامَ يَا مُحَمَّدُ، قَالَ: فَرَدَّ السَّلَامَ، ثُمَّ لَقِيَهُ الثَّانِي، فَقَالَ لَهُ مِثْلَ مَقَالَةِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ لَقِيَهُ الثَّالِثُ فَقَالَ لَهُ مِثْلَ مَقَالَةَ الْأَوَّلِينَ، حَتَّى انْتَهَى إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَعَرَضَ عَلَيْهِ الْمَاءَ وَاللَّبَنَ وَالْخَمْرَ، فَتَنَاوَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ اللَّبَنَ، فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: أَصَبْتَ الْفِطْرَةَ، لَوْ شَرِبْتَ الْمَاءَ لَغَرِقْتَ وَغَرِقَتْ أُمَّتُكَ، وَلَوْ شَرِبْتَ الْخَمْرَ لَغَوِيتَ وَغَوِيَتْ أُمَّتُكَ، ثُمَّ بُعِثَ لَهُ آدَمُ فَمَنْ دُونَهُ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ، فَأَمُّهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ، ثُمَّ قَالَ لَهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: أَمَّا الْعَجُوزُ الَّتِي رَأَيْتَ مِنَ عَلَى جَنْبِ الطَّرِيقِ، فَلَمْ يَبْقَ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا مَا بَقى مِنْ تِلْكِ الْعَجُوزِ، وَأَمَّا الَّذِي أَرَادَ أَنْ تَمِيلَ إِلَيْهِ، فَذَاكَ عَدُوُّ اللَّهِ إِبْلِيسُ أَرَادَ أَنْ تَمِيلَ إِلَيْهِ، وَأَمَّا الَّذِينَ سَلَّمُوا عَلَيْكَ، فَذَاكَ إِبْرَاهِيمُ وَمُوسَى وَعِيسَى صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ».
6 ـ
رؤيته صلى الله عليه وآله وسلّم للجنة والنار الأرضية البرزخية.
وقد طويت الأرض تحت قدم النبي صلى الله عليه وآله وسلّم فرأى البرازخ الأرضية, ورأى المنعمين والمعذبين، ورأى الجنة والنار الأرضيتين,
فإن العبد إذا كان من أهل الجنة يقال في حقه: «فَأَلْبِسُوهُ مِنَ الْجَنَّةِ وَأَفْرِشُوهُ مِنْهَا وَأَرُوهُ مَنْزِلَهُ مِنْهَا، فَيَلْبِسُ مِنَ الْجَنَّةِ وَيُفْرَشُ مِنْهَا وَيَرَى مَنْزِلَهُ مِنْهَا وَيُفْسَحُ لَهُ مَدَّ بَصَرِهِ».
ويكون له باب يطلع منه إلى منزله في الجنة ويقال: «ويقال له: افتحوا له باباً إلى الجنة، فيفتح له، فيقال: هذا منزلك، وما أعد الله لك، فيزداد غبطة وسروراً، وتجعل روحه في نسم طير تعلق في شجر الجنة». وأما إن كان من أهل النار فيفتح له باب إلى جهنم والعياذ بالله.
أما عن رؤية الجنة والنار البرزخية في الأرض فقَالَ حُذَيْفَةُ:
«قَدْ أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ بِدَابَّةٍ طَوِيلَةِ الظَّهْرِ، مَمْدُودَةٍ، هَكَذَا خَطْوُهُ مَدُّ بَصَرِهِ، فَمَا زَايَلَا ظَهْرَ البُرَاقِ حَتَّى رَأَيَا الجَنَّةَ وَالنَّارَ وَوَعْدَ الآخِرَةِ أَجْمَعَ، ثُمَّ رَجَعَا عَوْدَهُمَا عَلَى بَدْئِهِمَا». قَالَ: وَيَتَحَدَّثُونَ أَنَّهُ رَبَطَهُ، لِمَ؟ لِيَفِرَّ مِنْهُ؟ وَإِنَّمَا سَخَّرَهُ لَهُ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ».
وورد في حديث ضعيف عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أُتِيتُ بِالْبُرَاقِ فَرَكِبْتُهُ خَلْفَ جِبْرِيلَ فَسَارَ بنا فَكَانَ إِذَا أَتَى عَلَى جَبَلٍ ارْتَفَعَتْ رِجْلاهُ، وَإِذَا هَبَطَ ارْتَفَعَتْ يَدَاهُ فَسَارَ بِنَا فِي أَرْضٍ غَمَّةٍ مُنْتِنَةٍ وَأَفْضَيْنَا إِلَى أَرْضٍ فَيْحَاءَ طَيِّبَةٍ فَقُلْتُ: يَا جِبْرِيلُ إِنَّا كُنَّا نَسِيرُ فِي أَرْضٍ غَمَّةٍ مُنْتِنَةٍ وَإِنَّا أَفْضَيْنَا إِلَى أَرْضٍ فَيْحَاءَ طَيِّبَةٍ؟ فَقَالَ: تِلْكَ أَرْضُ النَّارِ وَهَذِهِ أَرْضُ الْجَنَّةِ، فَأَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي ... » إلى آخره. وقد مر.
قبر ماشطة بنت فرعون: وقد مر رسول الله على قبر ماشطة بنت فرعون, فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم:
«لَمَّا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الَّتِي أُسْرِيَ بِي فِيهَا أَتَتْ عَلَيَّ رَائِحَةٌ طَيِّبَةٌ، فَقُلْتُ: يَا جِبْرِيلُ مَا هَذِهِ الرَّائِحَةُ الطَّيِّبَةُ، فَقَالَ: هَذِهِ رَائِحَةُ مَاشِطَةِ ابْنَةِ فِرْعَوْنَ وَأَوْلاَدِهَا، قَالَ: قُلْتُ: وَمَا شَأْنُهَا؟ قَالَ: بَيْنَا هِيَ تَمْشُطُ ابْنَةَ فِرْعَوْنَ ذَاتَ يَوْمٍ إِذْ سَقَطَتِ الْمِدْرَى (فَوَقَعَ الْمُشْطُ) مِنْ يَدِهَا، فَقَالَتْ: بِسْمِ اللهِ، فَقَالَتْ لَهَا ابْنَةُ فِرْعَوْنَ: أَبِي؟ قَالَتْ: لاَ وَلَكِنْ رَبِّي وَرَبُّ أَبِيكِ اللهُ، قَالَتْ: أُخْبِرُهُ بِذَلِكَ، قَالَتْ: نَعَمْ، فَأَخْبَرَتْهُ، فَدَعَاهَا فَقَالَ: يَا فُلاَنَةُ، وَإِنَّ لَكِ رَبًّا غَيْرِي؟ قَالَتْ: نَعَمْ رَبِّي وَرَبُّكَ اللهُ، فَأَمَرَ بِبَقَرَةٍ مِنْ نُحَاسٍ فَأُحْمِيَتْ، ثُمَّ أَمَرَ بِهَا أَنْ تُلْقَى هِيَ وَأَوْلاَدُهَا فِيهَا، قَالَتْ لَهُ: إِنَّ لِي إِلَيْكَ حَاجَةً، قَالَ: وَمَا حَاجَتُكِ؟ قَالَتْ: أُحِبُّ أَنْ تَجْمَعَ عِظَامِي وَعِظَامَ وَلَدِي فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ وَتَدْفِنَّا، قَالَ: ذَلِكَ لَكِ عَلَيْنَا مِنَ الْحَقِّ، قَالَ: فَأَمَرَ بِأَوْلاَدِهَا فَأُلْقُوا بَيْنَ يَدَيْهَا وَاحِدًا وَاحِدًا إِلَى أَنِ انْتَهَى ذَلِكَ إِلَى صَبِيٍّ لَهَا مُرْضَعٍ كَأَنَّهَا تَقَاعَسَتْ مِنْ أَجْلِهِ، قَالَ: يَا أُمَّهُ اقْتَحِمِي فَإِنَّ عَذَابَ الدُّنْيَا أَهْوَنُ مِنْ عَذَابِ الآخِرَةِ فَاقْتَحَمَتْ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: تَكَلَّمَ أَرْبَعَةٌ صِغَارٌ: عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ عليه السلام، وَصَاحِبُ جُرَيْجٍ، وَشَاهِدُ يُوسُفَ، وَابْنُ مَاشِطَةِ ابْنَةِ فِرْعَوْنَ».
أما عن رؤية جهنم فبالإضافة إلى حديث حذيفة السابق وحديث شداد بن أوس المذكور في جزئية زيارة الأماكن المباركة وفيه: «ثُمَّ انْطَلَقَ بِي حَتَّى أَتَيْتُ الْوَادِيَ الَّذِي بِالْمَدِينَةِ فَإِذَا جَهَنَّمُ تَنْكَشِفُ عَنْ مِثْلِ الزَّرْابَى .. » , أحاديث أخرى منها:
عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: «رُئِيَ عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ عَلَى سُوَرِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ الشرقي يبكي فقيل له, فقال: من ها هنا نَبَّأَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ رأى مالكاً يقلب جمراً كالقطف».
ومالك هو خازن النار كما هو معلوم.
ويؤيده ما جاء في البخاري ومسلم أن النبي صلى الله عليه وآله وسلّم بعد أن أم الأنبياء والمرسلين ببيت المقدس, قَالَ قَائِلٌ: «يَا مُحَمَّدُ، هَذَا مَالِكٌ صَاحِبُ النَّارِ، فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، فَالْتَفَتُّ إِلَيْهِ، فَبَدَأَنِي بِالسَّلَامِ».
وعَنْ صُهَيْبِ بْنِ سِنَانٍ، قَالَ: «لَمَّا عُرِضَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم الْمَاءُ، ثُمَّ الْخَمْرُ، ثُمَّ اللَّبَنُ أَخَذَ اللَّبَنَ، فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ: أَصَبْتَ أَخَذْتَ الْفِطْرَةَ، وَبِهَا عُذِّبَتْ كُلُّ دَابَّةٍ، وَلَوْ أَخَذْتَ الْخَمْرَ غَوَيْتَ، وَغَوَتْ أُمَّتُكَ، وَكُنْتَ مِنْ أَهْلِ هَذِهِ، وَأَشَارَ إِلَى الْوَادِي الَّذِي يُقَالُ لَهُ: وَادِي جَهَنَّمَ، فَنَظَرْتُ فِيهِ فَإِذَا هُوَ يَلْتَهِبُ».
عَنْ أَبِي الْعَوَّامِ مُؤَذِّنِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، يَقُولُ:
«إِنَّ السُّورَ الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْقُرْآنِ (فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ) (الحديد 13)
هُوَ السُّوَرُ الشَّرْقِيُّ بَاطِنُهُ الْمَسْجِدُ وَمَا يَلِيهِ، وَظَاهِرُهُ وَادِي جَهَنَّمَ».
وكانت الصحابة تعرف أن هذه المنطقة فيها وادي جهنم وتسمى به, ويذكرونه بينهم دون نكير,
قال سعيد بن عبد العزيز: «أشرفت أم الدرداء على وادي جهنم ومعها إسماعيل بن عبيد الله، فقالت: اقرأ يا إسماعيل، فقرأ (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا) (المؤمنون 115)
فخرت على وجهها، وخر إسماعيل على وجهه، فما رفعا رءوسهما حتى ابتل ما تحت وجوههما من الدموع».
قال عبد الله بن أبي عبد الله:
«لما ولي عمر بن الخطاب زار أهل الشام، فنزل الجابية، وأرسل رجلاً من جديلة إلى بيت المقدس، فافتتحها صلحاً، ثم جاء عمر ومعه كعب، فقال: يا أبا إسحاق، أتعرف موضع الصخرة؟ فقال أذرع من الحائط الذي يلي وادي جهنم كذا وكذا ذراعاً، ثم احتفر، فإنك تجدها، قال: وهي يومئذ مزبلة فحفروا فظهرت لهم، فقال عمر لكعب: أين ترى أن نجعل المسجد؟ - أو قال: القبلة - فقال: اجعلها خلف الصخرة، فتجمع القبلتين: قبلة موسى عليه السلام، وقبلة محمد صلى الله عليه وآله وسلّم، فقال: ضاهيت اليهودية يا أبا إسحاق، خير المساجد مقدمها قال: فبناها في مقدم المسجد».
7 ـ
زيارة برزخ سيدنا موسى حيث كان يصلي, وزيارة برزخ سيدنا إبراهيم
ومر سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم بسيدنا موسى وهو حي في قبره يصلي
أ ـ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم قَالَ: «أَتَيْتُ (وَفِي رِوَايَةِ: مَرَرْتُ) عَلَى مُوسَى لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي عِنْدَ الْكَثِيبِ الْأَحْمَرِ، وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي قَبْرِهِ»
فلما مر به حدث أمر ما, فتذكره جيداً, فسيتكرر في السماء السادسة، وهو أنه لما مر سيدنا النبي صلى الله عليه وآله وسلّم بسيدنا موسى كان عند سيدنا موسى خبر أن النبي صلى الله عليه وآله وسلّم في سبيل الإسراء والمعراج فكان يعاتب ربه عز وجل في أنه فضل سيدنا محمداً صلى الله عليه وآله وسلّم عليه كما في هذا الحديث والأحاديث السابقة، وسيأتى الكلام عن ذلك في الرحلة السماوية بإذن الله.
ب ـ قَالَ أَبُو ظَبْيَانَ الْجَنْبِيُّ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَمُحَمَّدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَهُمَا جَالِسَانِ، فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ لِأَبِي عُبَيْدَةَ: حَدِّثْنَا عَنْ أَبِيكَ، لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم، فَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: لَا، بَلْ حَدِّثْنَا أَنْتَ عَنْ أَبِيكَ، فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: لَوْ سَأَلْتَنِي قَبْلَ أَنْ أَسْأَلَكَ، لَفَعَلْتُ، فَأَنْشَأَ أَبُو عُبَيْدَةَ يُحَدِّثُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «أَتَانِي جِبْرِيلُ بِدَابَّةٍ فَوْقَ الْحِمَارِ وَدُونَ الْبَغْلِ، فَحَمَلَنِي عَلَيْهِ، ثُمَّ انْطَلَقَ يَهْوِي بِنَا، كُلَّمَا صَعِدَ عَقَبَةً، اسْتَوَتْ رِجْلَاهُ كَذَلِكَ مَعَ يَدَيْهِ، وَإِذَا هَبَطَ اسْتَوَتْ يَدَاهُ مَعَ رِجْلَيْهِ، حَتَّى مَرَرْنَا بِرَجُلٍ سَبْطٍ طُوَالِ أدَمَ، كَأَنَّهُ مِنْ رِجَالِ أَزْدِ شَنُوءةَ، وَهُوَ يَقُولُ، وَيَرْفَعُ صَوْتَهُ: أَكْرَمْتَهُ، وَفَضَّلْتَهُ، قَالَ: فَدَفَعْنَا إِلَيْهِ، فَسَلَّمْنَا عَلَيْهِ، فَرَدَّ السَّلَامَ، فَقَالَ: مَنْ هَذَا مَعَكَ يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: هَذَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: مَرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الْأُمِّيِّ، الَّذِي بَلَّغَ رِسَالَةَ رَبِّهِ، وَنَصَحَ لِأُمَّتِهِ، قَالَ: ثُمَّ دَفَعْنَا، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا يَا جِبْرِيلُ؟، فَقَالَ: هَذَا مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: وَقُلْتُ: وَمَنْ يُعَاتِبُ رَبَّهُ؟ قِيلَ: لَا، قُلْتُ: وَيَرْفَعُ صَوْتَهُ عَلَى رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ؟ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ عَرَفَ حِدَّتَهُ، قَالَ: ثُمَّ انْدَفَعْنَا حَتَّى مَرَرْنَا بِشَجَرَةٍ، كَانَ ثَمَرُهَا السَّرْحُ، تَحْتَهَا شَيْخٌ، وَعِيَالُهُ،
قَالَ: فَقَالَ لِي جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: اعْمَدْ إِلَى أَبِيكَ إِبْرَاهِيمَ، فَدَفَعْنَا إِلَيْهِ، فَسَلَّمْنَا عَلَيْهِ، فَرَدَّ السَّلَامَ، فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: مَنْ هَذَا مَعَكَ يَا جِبْرِيلُ؟ فَقَالَ: هَذَا ابْنُكَ مُحَمَّدٌ، قَالَ: مَرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الْأُمِّيِّ، الَّذِي بَلَّغَ رِسَالَةَ رَبِّهِ، وَنَصَحَ لِأُمَّتِهِ، يَا بُنَيَّ إِنَّكَ لَاقٍ رَبَّكَ اللَّيْلَةَ، وَإِنَّ أُمَّتَكَ آخِرُ الْأُمَمِ، وَأَضْعَفُهُمْ، فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَكُونَ حَاجَتَكَ أَوْ جُلَّهَا فِي أُمَّتِكَ، فَافْعَلْ، قَالَ: ثُمَّ انْدَفَعْنَا حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى، فَنَزَلْتُ، فَرَبَطْتُ الدَّابَّةَ بِالْحَلْقَةِ الَّتِي فِي بَابِ الْمَسْجِدِ، الَّتِي كَانَتِ الْأَنْبِيَاءُ تَرْبِطُ بِهَا، ثُمَّ دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ، فَعَرَفْتُ النَّبِيِّينَ مِنْ بَيْنِ قَائِمٍ وَرَاكِعٍ، وَسَاجِدٍ، قَالَ: ثُمَّ أُتِيتُ بِكَأْسَيْنِ مِنْ عَسَلٍ وَلَبَنٍ، فَأَخَذْتُ اللَّبَنَ، فَشَرِبْتُ، فَضَرَبَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَنْكِبِي، وَقَالَ: أَصَبْتَ الْفِطْرَةَ وَرَبِّ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثُمَّ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ، فَأَمَمْتُهُمْ، ثُمَّ انْصَرَفْنَا، فَأَقْبَلْنَا».
ولهذا الحديث شاهد ضعيف وهو ما رواه البزار وأبو يعلى والطبراني وغيرهم عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أُتِيتُ بِالْبُرَاقِ فَرَكِبْتُهُ خَلْفَ جِبْرِيلَ فَسَارَ بنا فَكَانَ إِذَا أَتَى عَلَى جَبَلٍ ارْتَفَعَتْ رِجْلاهُ، وَإِذَا هَبَطَ ارْتَفَعَتْ يَدَاهُ فَسَارَ بِنَا فِي أَرْضٍ غَمَّةٍ مُنْتِنَةٍ وَأَفْضَيْنَا إِلَى أَرْضٍ فَيْحَاءَ طَيِّبَةٍ فَقُلْتُ: يَا جِبْرِيلُ إِنَّا كُنَّا نَسِيرُ فِي أَرْضٍ غَمَّةٍ مُنْتِنَةٍ وَإِنَّا أَفْضَيْنَا إِلَى أَرْضٍ فَيْحَاءَ طَيِّبَةٍ؟ فَقَالَ: تِلْكَ أَرْضُ النَّارِ وَهَذِهِ أَرْضُ الْجَنَّةِ، فَأَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي. قَالَ: فَقَالَ: مَنْ هَذَا مَعَكَ يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: هَذَا أَخُوكَ مُحَمَّدٌ. فَرَحَّبَ وَدَعَا لِي بِالْبَرَكَةِ، قَالَ: سَلْ لأُمَّتِكَ الْيُسْرَ. قَالَ: قُلْتُ: مَنْ هَذَا يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: هَذَا أَخُوكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ. قَالَ: ثُمَّ سَارَ فَأَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ فَقَالَ: مَنْ مَعَكَ يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: هَذَا أَخُوكَ مُحَمَّدٌ. قَالَ: فَرَحَّبَ بِي وَدَعَا لِي بِالْبَرَكَةِ قَالَ: سَلْ لأُمَّتِكَ الْيُسْرَ. قَالَ: قُلْتُ: مَنْ هَذَا يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: هَذَا أَخُوكَ مُوسَى. قَالَ: ثُمَّ سِرْنَا فَرَأَيْنَا مَصَابِيحَ وَضَوْءًا فَقُلْتُ: مَا هَذَا يَا جِبْرِيلُ؟ فَقَالَ: هَذِهِ شَجَرَةُ أَبِيكَ إِبْرَاهِيمَ أَتَدْنُو مِنْهَا؟ قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ؛ فَدَنَوْنَا مِنْهَا فَرَحَّبَ وَدَعَا لِي بِالْبَرَكَةِ حَتَّى أَتَيْنَا بَيْتَ الْمَقْدِسِ وَنُشِرَتْ لِيَ الأَنْبِيَاءُ مَنْ سَمَّى اللَّهُ وَمَنْ لَمْ يُسَمِّ فَصَلَّيْتُ بِهِمْ إِلا هَؤُلاءِ النَّفَرَ الثَّلاثَةَ مُوسَى وَعِيسَى وَإِبْرَاهِيمَ».
وهذه الرواية شاهدة للرواية السابقة غير أنها مخالفة في أن النبي صلى الله عليه وآله وسلّم صلى بجميع الأنبياء والمرسلين وهو الحق الذى لا خلاف فيه.
قَالَ الإمام أَبُو جَعْفَرٍ الطحاوي:
"فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ لِقَاؤُهُ صلى الله عليه وآله وسلّم كَانَ لِلثَّلَاثَةِ الْمُسْتَثْنَيْنَ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ الَّذِينَ أَمَّهُمْ فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ، وَهُمْ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةُ الْمُسَمَّوْنَ فِي حَدِيثِهِ هَذَا، فَاحْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ الِاسْتِثْنَاءُ الَّذِي فِي حَدِيثِهِ الْأَوَّلِ كَانَ لِذَلِكَ، وَأَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الِاسْتِثْنَاءُ مِنَ ابْنِ مَسْعُودٍ لِمَا وَقَفَ مِنْ لِقَاءِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم إِيَّاهُمْ دُونَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَأَخْرَجَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ أَنْ يَكُونُوا صَلُّوا مَعَهُ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ لَا أَنَّهُ سَمِعَ ذَلِكَ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلّم،
وَكَانَ مَا رَوَى أَنَسٌ وَأَبُو هُرَيْرَةَ فِيهِ إِثْبَاتُ إِمَامَةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم فِي لَيْلَتَئِذٍ هُنَاكَ جَمِيعَ الْأَنْبِيَاءِ فِيهِمْ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةُ، إِذْ كَانَ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةُ بَعْدَ مُرُورِهِ بِهِمْ فِي طَرِيقِهِ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ لَحِقُوا بِهِ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَأَمَّهُمْ مَعَ مَنْ أَمَّهُ مِنْ أَنْبِيَاءِ اللهِ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمْ سِوَاهُمْ،
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَيْضًا فِي ذَلِكَ مَا يَدُلُّ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى".
قلت: والأمر الحق على ما في الروايات الصحيحة التي لا مطعن فيها أن النبي صلى الله عليه وآله وسلّم صلى بجميع الأنبياء والمرسلين.
فلنستفد من الرواية الحسنة الإشارة في شجرة أبيك إبراهيم وأن ما يحدث في الأرض يحدث في الدوائر الأعلى على ما سيأتي بإذن الله. )
ـــــــــــــــــــــ
من كتاب : على أعتاب الحضرة المحمدية
للأستاذ الدكتور السيد الشريف / محمود صبيح حفظه الله ونفع به
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اللهم صل على سيدنا محمد عبدك ونبيك ورسولك النبي الأمي وعلى آله وسلم تسليما بقدر عظمة ذاتك في كل وقت وحين)


_________________
أستغفر الله العلى العظيم الذى لا اله الاّ هو الحى القيوم وأتوب اليه
أستغفر الله العلى العظيم الذى لا اله الاّ هو الحى القيوم وأتوب اليه
أستغفر الله العلى العظيم الذى لا اله الاّ هو الحى القيوم وأتوب اليه


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: 2 ـ عظات وعبر , في رحلة إسراء خير البشر صلى الله عليه وآ
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأحد نوفمبر 14, 2021 8:12 am 
غير متصل

اشترك في: الأربعاء فبراير 03, 2010 12:20 am
مشاركات: 8042
حامد الديب كتب:
استأذنكم مولانا فى تكبير الخط شويه

ـ عظات وعبر , في رحلة إسراء خير البشر صلى الله عليه وآله وسلم :
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
( 5 ـ
رؤيته صلى الله عليه وآله وسلّم للدنيا وداعي اليهود وداعي النصاري
وفي حديث أَبِي هَارُونَ الْعَبْدِيِّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وقد سبق:
« ..... فَسَمِعْتُ نِدَاءً عَنْ يَمِينِي يَا مُحَمَّدُ عَلَى رِسْلِكَ أَسْأَلُكَ, فَمَضَيْتُ وَلَمْ أُعَرِّجْ عَلَيْهِ, ثُمَّ سَمِعْتُ نِدَاءً, عَنْ شِمَالِي يَا مُحَمَّدُ عَلَى رِسْلِكَ أَسْأَلُكُ, فَمَضَيْتُ فَلَمْ أُعَرِّجْ عَلَيْهِ, ثُمَّ اسْتَقْبَلَتْنِي امْرَأَةٌ عَلَيْهَا مِنْ كُلِّ زِينَةِ الدُّنْيَا رَافِعَةً يَدَهَا تَقُولُ: عَلَى رِسْلِكَ أَسْأَلُكُ (وفي رواية البيهقي: إِذَا أَنَا بِامْرَأَةٍ حَاسِرَةٍ عَنْ ذِرَاعَيْهَا وَعَلَيْهَا مِنْ كُلِّ زِينَةٍ خَلَقَهَا اللهُ) , فَمَضَيْتُ فَلَمْ أُعَرِّجْ عَلَيْهَا, ثُمَّ أَتَيْتُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ, أَوْ قَالَ الْمَسْجِدَ الْأَقْصَى, فَنَزَلْتُ عَنِ الدَّابَّةِ فَأَوْثَقْتُهَا بِالْحَلْقَةِ الَّتِي كَانَتِ الْأَنْبِيَاءُ تُوثِقُ بِهَا, ثُمَّ دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ فَصَلَّيْتُ فِيهِ فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ: مَاذَا رَأَيْتَ فِي وَجْهِكَ؟ فَقُلْتُ: سَمِعْتُ نِدَاءً عَنْ يَمِينِي أَنْ يَا مُحَمَّدُ عَلَى رِسْلِكَ أَسْأَلُكَ فَمَضَيْتُ وَلَمْ أُعَرِّجْ عَلَيْهِ, قَالَ: ذَاكَ دَاعِي الْيَهُودِ, أَمَا إِنَّكَ لَوْ وَقَفْتَ عَلَيْهِ تَهَوَّدَتْ أُمَّتُكَ, قَالَ: ثُمَّ سَمِعْتُ نِدَاءً عَنْ يَسَارِي أَنْ يَا مُحَمَّدُ عَلَى رِسْلِكَ فَمَضَيْتُ وَلَمْ أُعَرِّجْ عَلَيْهِ, قَالَ: ذَلِكَ دَاعِي النَّصَارَى أَمَا إِنَّكَ لَوْ وَقَفْتَ عَلَيْهِ لَتَنَصَّرَتْ أُمَّتُكَ, ثُمَّ اسْتَقْبَلَتْنِي امْرَأَةٌ عَلَيْهَا مِنْ كُلِّ زِينَةِ الدُّنْيَا رَافِعَةً يَدَيْهَا تَقُولُ: عَلَى رِسْلِكَ يَا مُحَمَّدُ أَسْأَلُكَ, فَمَضَيْتُ وَلَمْ أُعَرِّجْ عَلَيْهَا, قَالَ: تِلْكَ الدُّنْيَا تَزَيَّنَتْ لَكَ أَمَا إِنَّكَ لَوْ وَقَفْتَ عَلَيْهَا اخْتَارَتْ أُمَّتُكَ الدُّنْيَا
عَلَى الْآخِرَةِ, ثُمَّ أُتِيتُ بِإِنَاءَيْنِ, أَحَدُهُمَا لَبَنٌ وَالْآخَرُ فِيهِ خَمْرٌ, فَقِيلَ لِي: اشْرَبْ أَيَّهُمَا, فَأَخَذْتُ اللَّبَنَ فَشَرِبْتُهُ, فَقَالَ: أَصَبْتَ الْفِطْرَةَ أَوْ أَخَذْتَ الْفِطْرَةَ».
وعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: لَمَّا أَتَى جِبْرِيلُ بِالْبُرَاقِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
«فَكَأَنَّهَا صَرَّتْ أُذُنَيْهَا»، فَقَالَ لَهَا جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: مَهْ يَا بُرَاقُ، وَاللَّهِ إِنْ رَكِبَكَ مِثْلُهُ. فَسَارَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، فَإِذَا هُوَ بِعَجُوزٍ عَلَى جَنْبِ الطَّرِيقِ، فَقَالَ: «مَا هَذِهِ يَا جِبْرِيلُ؟»، قَالَ: سِرْ يَا مُحَمَّدُ فَسَارَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَسِيرَ، فَإِذَا شَيْءٌ يَدْعُوهُ مُتَنَحِّيًا عَنِ الطَّرِيقِ: هَلُمَّ يَا مُحَمَّدُ، قَالَ لَهُ جِبْرِيلُ: سِرْ يَا مُحَمَّدُ. فَسَارَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَسِيرَ، قَالَ: ثُمَّ لَقِيَهُ خَلْقٌ مِنَ الْخَلْقِ، فَقَالَ أَحَدُهُمُ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أَوَّلُ، وَالسَّلَامُ عَلَيْكَ يَا آخِرُ، وَالسَّلَامُ عَلَيْكَ يَا حَاشِرُ. فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ: ارْدُدِ السَّلَامَ يَا مُحَمَّدُ، قَالَ: فَرَدَّ السَّلَامَ، ثُمَّ لَقِيَهُ الثَّانِي، فَقَالَ لَهُ مِثْلَ مَقَالَةِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ لَقِيَهُ الثَّالِثُ فَقَالَ لَهُ مِثْلَ مَقَالَةَ الْأَوَّلِينَ، حَتَّى انْتَهَى إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَعَرَضَ عَلَيْهِ الْمَاءَ وَاللَّبَنَ وَالْخَمْرَ، فَتَنَاوَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ اللَّبَنَ، فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: أَصَبْتَ الْفِطْرَةَ، لَوْ شَرِبْتَ الْمَاءَ لَغَرِقْتَ وَغَرِقَتْ أُمَّتُكَ، وَلَوْ شَرِبْتَ الْخَمْرَ لَغَوِيتَ وَغَوِيَتْ أُمَّتُكَ، ثُمَّ بُعِثَ لَهُ آدَمُ فَمَنْ دُونَهُ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ، فَأَمُّهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ، ثُمَّ قَالَ لَهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: أَمَّا الْعَجُوزُ الَّتِي رَأَيْتَ مِنَ عَلَى جَنْبِ الطَّرِيقِ، فَلَمْ يَبْقَ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا مَا بَقى مِنْ تِلْكِ الْعَجُوزِ، وَأَمَّا الَّذِي أَرَادَ أَنْ تَمِيلَ إِلَيْهِ، فَذَاكَ عَدُوُّ اللَّهِ إِبْلِيسُ أَرَادَ أَنْ تَمِيلَ إِلَيْهِ، وَأَمَّا الَّذِينَ سَلَّمُوا عَلَيْكَ، فَذَاكَ إِبْرَاهِيمُ وَمُوسَى وَعِيسَى صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ».
6 ـ
رؤيته صلى الله عليه وآله وسلّم للجنة والنار الأرضية البرزخية.
وقد طويت الأرض تحت قدم النبي صلى الله عليه وآله وسلّم فرأى البرازخ الأرضية, ورأى المنعمين والمعذبين، ورأى الجنة والنار الأرضيتين,
فإن العبد إذا كان من أهل الجنة يقال في حقه: «فَأَلْبِسُوهُ مِنَ الْجَنَّةِ وَأَفْرِشُوهُ مِنْهَا وَأَرُوهُ مَنْزِلَهُ مِنْهَا، فَيَلْبِسُ مِنَ الْجَنَّةِ وَيُفْرَشُ مِنْهَا وَيَرَى مَنْزِلَهُ مِنْهَا وَيُفْسَحُ لَهُ مَدَّ بَصَرِهِ».
ويكون له باب يطلع منه إلى منزله في الجنة ويقال: «ويقال له: افتحوا له باباً إلى الجنة، فيفتح له، فيقال: هذا منزلك، وما أعد الله لك، فيزداد غبطة وسروراً، وتجعل روحه في نسم طير تعلق في شجر الجنة». وأما إن كان من أهل النار فيفتح له باب إلى جهنم والعياذ بالله.
أما عن رؤية الجنة والنار البرزخية في الأرض فقَالَ حُذَيْفَةُ:
«قَدْ أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ بِدَابَّةٍ طَوِيلَةِ الظَّهْرِ، مَمْدُودَةٍ، هَكَذَا خَطْوُهُ مَدُّ بَصَرِهِ، فَمَا زَايَلَا ظَهْرَ البُرَاقِ حَتَّى رَأَيَا الجَنَّةَ وَالنَّارَ وَوَعْدَ الآخِرَةِ أَجْمَعَ، ثُمَّ رَجَعَا عَوْدَهُمَا عَلَى بَدْئِهِمَا». قَالَ: وَيَتَحَدَّثُونَ أَنَّهُ رَبَطَهُ، لِمَ؟ لِيَفِرَّ مِنْهُ؟ وَإِنَّمَا سَخَّرَهُ لَهُ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ».
وورد في حديث ضعيف عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أُتِيتُ بِالْبُرَاقِ فَرَكِبْتُهُ خَلْفَ جِبْرِيلَ فَسَارَ بنا فَكَانَ إِذَا أَتَى عَلَى جَبَلٍ ارْتَفَعَتْ رِجْلاهُ، وَإِذَا هَبَطَ ارْتَفَعَتْ يَدَاهُ فَسَارَ بِنَا فِي أَرْضٍ غَمَّةٍ مُنْتِنَةٍ وَأَفْضَيْنَا إِلَى أَرْضٍ فَيْحَاءَ طَيِّبَةٍ فَقُلْتُ: يَا جِبْرِيلُ إِنَّا كُنَّا نَسِيرُ فِي أَرْضٍ غَمَّةٍ مُنْتِنَةٍ وَإِنَّا أَفْضَيْنَا إِلَى أَرْضٍ فَيْحَاءَ طَيِّبَةٍ؟ فَقَالَ: تِلْكَ أَرْضُ النَّارِ وَهَذِهِ أَرْضُ الْجَنَّةِ، فَأَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي ... » إلى آخره. وقد مر.
قبر ماشطة بنت فرعون: وقد مر رسول الله على قبر ماشطة بنت فرعون, فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم:
«لَمَّا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الَّتِي أُسْرِيَ بِي فِيهَا أَتَتْ عَلَيَّ رَائِحَةٌ طَيِّبَةٌ، فَقُلْتُ: يَا جِبْرِيلُ مَا هَذِهِ الرَّائِحَةُ الطَّيِّبَةُ، فَقَالَ: هَذِهِ رَائِحَةُ مَاشِطَةِ ابْنَةِ فِرْعَوْنَ وَأَوْلاَدِهَا، قَالَ: قُلْتُ: وَمَا شَأْنُهَا؟ قَالَ: بَيْنَا هِيَ تَمْشُطُ ابْنَةَ فِرْعَوْنَ ذَاتَ يَوْمٍ إِذْ سَقَطَتِ الْمِدْرَى (فَوَقَعَ الْمُشْطُ) مِنْ يَدِهَا، فَقَالَتْ: بِسْمِ اللهِ، فَقَالَتْ لَهَا ابْنَةُ فِرْعَوْنَ: أَبِي؟ قَالَتْ: لاَ وَلَكِنْ رَبِّي وَرَبُّ أَبِيكِ اللهُ، قَالَتْ: أُخْبِرُهُ بِذَلِكَ، قَالَتْ: نَعَمْ، فَأَخْبَرَتْهُ، فَدَعَاهَا فَقَالَ: يَا فُلاَنَةُ، وَإِنَّ لَكِ رَبًّا غَيْرِي؟ قَالَتْ: نَعَمْ رَبِّي وَرَبُّكَ اللهُ، فَأَمَرَ بِبَقَرَةٍ مِنْ نُحَاسٍ فَأُحْمِيَتْ، ثُمَّ أَمَرَ بِهَا أَنْ تُلْقَى هِيَ وَأَوْلاَدُهَا فِيهَا، قَالَتْ لَهُ: إِنَّ لِي إِلَيْكَ حَاجَةً، قَالَ: وَمَا حَاجَتُكِ؟ قَالَتْ: أُحِبُّ أَنْ تَجْمَعَ عِظَامِي وَعِظَامَ وَلَدِي فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ وَتَدْفِنَّا، قَالَ: ذَلِكَ لَكِ عَلَيْنَا مِنَ الْحَقِّ، قَالَ: فَأَمَرَ بِأَوْلاَدِهَا فَأُلْقُوا بَيْنَ يَدَيْهَا وَاحِدًا وَاحِدًا إِلَى أَنِ انْتَهَى ذَلِكَ إِلَى صَبِيٍّ لَهَا مُرْضَعٍ كَأَنَّهَا تَقَاعَسَتْ مِنْ أَجْلِهِ، قَالَ: يَا أُمَّهُ اقْتَحِمِي فَإِنَّ عَذَابَ الدُّنْيَا أَهْوَنُ مِنْ عَذَابِ الآخِرَةِ فَاقْتَحَمَتْ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: تَكَلَّمَ أَرْبَعَةٌ صِغَارٌ: عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ عليه السلام، وَصَاحِبُ جُرَيْجٍ، وَشَاهِدُ يُوسُفَ، وَابْنُ مَاشِطَةِ ابْنَةِ فِرْعَوْنَ».
أما عن رؤية جهنم فبالإضافة إلى حديث حذيفة السابق وحديث شداد بن أوس المذكور في جزئية زيارة الأماكن المباركة وفيه: «ثُمَّ انْطَلَقَ بِي حَتَّى أَتَيْتُ الْوَادِيَ الَّذِي بِالْمَدِينَةِ فَإِذَا جَهَنَّمُ تَنْكَشِفُ عَنْ مِثْلِ الزَّرْابَى .. » , أحاديث أخرى منها:
عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: «رُئِيَ عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ عَلَى سُوَرِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ الشرقي يبكي فقيل له, فقال: من ها هنا نَبَّأَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ رأى مالكاً يقلب جمراً كالقطف».
ومالك هو خازن النار كما هو معلوم.
ويؤيده ما جاء في البخاري ومسلم أن النبي صلى الله عليه وآله وسلّم بعد أن أم الأنبياء والمرسلين ببيت المقدس, قَالَ قَائِلٌ: «يَا مُحَمَّدُ، هَذَا مَالِكٌ صَاحِبُ النَّارِ، فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، فَالْتَفَتُّ إِلَيْهِ، فَبَدَأَنِي بِالسَّلَامِ».
وعَنْ صُهَيْبِ بْنِ سِنَانٍ، قَالَ: «لَمَّا عُرِضَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم الْمَاءُ، ثُمَّ الْخَمْرُ، ثُمَّ اللَّبَنُ أَخَذَ اللَّبَنَ، فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ: أَصَبْتَ أَخَذْتَ الْفِطْرَةَ، وَبِهَا عُذِّبَتْ كُلُّ دَابَّةٍ، وَلَوْ أَخَذْتَ الْخَمْرَ غَوَيْتَ، وَغَوَتْ أُمَّتُكَ، وَكُنْتَ مِنْ أَهْلِ هَذِهِ، وَأَشَارَ إِلَى الْوَادِي الَّذِي يُقَالُ لَهُ: وَادِي جَهَنَّمَ، فَنَظَرْتُ فِيهِ فَإِذَا هُوَ يَلْتَهِبُ».
عَنْ أَبِي الْعَوَّامِ مُؤَذِّنِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، يَقُولُ:
«إِنَّ السُّورَ الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْقُرْآنِ (فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ) (الحديد 13)
هُوَ السُّوَرُ الشَّرْقِيُّ بَاطِنُهُ الْمَسْجِدُ وَمَا يَلِيهِ، وَظَاهِرُهُ وَادِي جَهَنَّمَ».
وكانت الصحابة تعرف أن هذه المنطقة فيها وادي جهنم وتسمى به, ويذكرونه بينهم دون نكير,
قال سعيد بن عبد العزيز: «أشرفت أم الدرداء على وادي جهنم ومعها إسماعيل بن عبيد الله، فقالت: اقرأ يا إسماعيل، فقرأ (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا) (المؤمنون 115)
فخرت على وجهها، وخر إسماعيل على وجهه، فما رفعا رءوسهما حتى ابتل ما تحت وجوههما من الدموع».
قال عبد الله بن أبي عبد الله:
«لما ولي عمر بن الخطاب زار أهل الشام، فنزل الجابية، وأرسل رجلاً من جديلة إلى بيت المقدس، فافتتحها صلحاً، ثم جاء عمر ومعه كعب، فقال: يا أبا إسحاق، أتعرف موضع الصخرة؟ فقال أذرع من الحائط الذي يلي وادي جهنم كذا وكذا ذراعاً، ثم احتفر، فإنك تجدها، قال: وهي يومئذ مزبلة فحفروا فظهرت لهم، فقال عمر لكعب: أين ترى أن نجعل المسجد؟ - أو قال: القبلة - فقال: اجعلها خلف الصخرة، فتجمع القبلتين: قبلة موسى عليه السلام، وقبلة محمد صلى الله عليه وآله وسلّم، فقال: ضاهيت اليهودية يا أبا إسحاق، خير المساجد مقدمها قال: فبناها في مقدم المسجد».
7 ـ
زيارة برزخ سيدنا موسى حيث كان يصلي, وزيارة برزخ سيدنا إبراهيم
ومر سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم بسيدنا موسى وهو حي في قبره يصلي
أ ـ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم قَالَ: «أَتَيْتُ (وَفِي رِوَايَةِ: مَرَرْتُ) عَلَى مُوسَى لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي عِنْدَ الْكَثِيبِ الْأَحْمَرِ، وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي قَبْرِهِ»
فلما مر به حدث أمر ما, فتذكره جيداً, فسيتكرر في السماء السادسة، وهو أنه لما مر سيدنا النبي صلى الله عليه وآله وسلّم بسيدنا موسى كان عند سيدنا موسى خبر أن النبي صلى الله عليه وآله وسلّم في سبيل الإسراء والمعراج فكان يعاتب ربه عز وجل في أنه فضل سيدنا محمداً صلى الله عليه وآله وسلّم عليه كما في هذا الحديث والأحاديث السابقة، وسيأتى الكلام عن ذلك في الرحلة السماوية بإذن الله.
ب ـ قَالَ أَبُو ظَبْيَانَ الْجَنْبِيُّ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَمُحَمَّدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَهُمَا جَالِسَانِ، فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ لِأَبِي عُبَيْدَةَ: حَدِّثْنَا عَنْ أَبِيكَ، لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم، فَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: لَا، بَلْ حَدِّثْنَا أَنْتَ عَنْ أَبِيكَ، فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: لَوْ سَأَلْتَنِي قَبْلَ أَنْ أَسْأَلَكَ، لَفَعَلْتُ، فَأَنْشَأَ أَبُو عُبَيْدَةَ يُحَدِّثُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «أَتَانِي جِبْرِيلُ بِدَابَّةٍ فَوْقَ الْحِمَارِ وَدُونَ الْبَغْلِ، فَحَمَلَنِي عَلَيْهِ، ثُمَّ انْطَلَقَ يَهْوِي بِنَا، كُلَّمَا صَعِدَ عَقَبَةً، اسْتَوَتْ رِجْلَاهُ كَذَلِكَ مَعَ يَدَيْهِ، وَإِذَا هَبَطَ اسْتَوَتْ يَدَاهُ مَعَ رِجْلَيْهِ، حَتَّى مَرَرْنَا بِرَجُلٍ سَبْطٍ طُوَالِ أدَمَ، كَأَنَّهُ مِنْ رِجَالِ أَزْدِ شَنُوءةَ، وَهُوَ يَقُولُ، وَيَرْفَعُ صَوْتَهُ: أَكْرَمْتَهُ، وَفَضَّلْتَهُ، قَالَ: فَدَفَعْنَا إِلَيْهِ، فَسَلَّمْنَا عَلَيْهِ، فَرَدَّ السَّلَامَ، فَقَالَ: مَنْ هَذَا مَعَكَ يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: هَذَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: مَرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الْأُمِّيِّ، الَّذِي بَلَّغَ رِسَالَةَ رَبِّهِ، وَنَصَحَ لِأُمَّتِهِ، قَالَ: ثُمَّ دَفَعْنَا، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا يَا جِبْرِيلُ؟، فَقَالَ: هَذَا مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: وَقُلْتُ: وَمَنْ يُعَاتِبُ رَبَّهُ؟ قِيلَ: لَا، قُلْتُ: وَيَرْفَعُ صَوْتَهُ عَلَى رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ؟ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ عَرَفَ حِدَّتَهُ، قَالَ: ثُمَّ انْدَفَعْنَا حَتَّى مَرَرْنَا بِشَجَرَةٍ، كَانَ ثَمَرُهَا السَّرْحُ، تَحْتَهَا شَيْخٌ، وَعِيَالُهُ،
قَالَ: فَقَالَ لِي جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: اعْمَدْ إِلَى أَبِيكَ إِبْرَاهِيمَ، فَدَفَعْنَا إِلَيْهِ، فَسَلَّمْنَا عَلَيْهِ، فَرَدَّ السَّلَامَ، فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: مَنْ هَذَا مَعَكَ يَا جِبْرِيلُ؟ فَقَالَ: هَذَا ابْنُكَ مُحَمَّدٌ، قَالَ: مَرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الْأُمِّيِّ، الَّذِي بَلَّغَ رِسَالَةَ رَبِّهِ، وَنَصَحَ لِأُمَّتِهِ، يَا بُنَيَّ إِنَّكَ لَاقٍ رَبَّكَ اللَّيْلَةَ، وَإِنَّ أُمَّتَكَ آخِرُ الْأُمَمِ، وَأَضْعَفُهُمْ، فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَكُونَ حَاجَتَكَ أَوْ جُلَّهَا فِي أُمَّتِكَ، فَافْعَلْ، قَالَ: ثُمَّ انْدَفَعْنَا حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى، فَنَزَلْتُ، فَرَبَطْتُ الدَّابَّةَ بِالْحَلْقَةِ الَّتِي فِي بَابِ الْمَسْجِدِ، الَّتِي كَانَتِ الْأَنْبِيَاءُ تَرْبِطُ بِهَا، ثُمَّ دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ، فَعَرَفْتُ النَّبِيِّينَ مِنْ بَيْنِ قَائِمٍ وَرَاكِعٍ، وَسَاجِدٍ، قَالَ: ثُمَّ أُتِيتُ بِكَأْسَيْنِ مِنْ عَسَلٍ وَلَبَنٍ، فَأَخَذْتُ اللَّبَنَ، فَشَرِبْتُ، فَضَرَبَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَنْكِبِي، وَقَالَ: أَصَبْتَ الْفِطْرَةَ وَرَبِّ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثُمَّ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ، فَأَمَمْتُهُمْ، ثُمَّ انْصَرَفْنَا، فَأَقْبَلْنَا».
ولهذا الحديث شاهد ضعيف وهو ما رواه البزار وأبو يعلى والطبراني وغيرهم عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أُتِيتُ بِالْبُرَاقِ فَرَكِبْتُهُ خَلْفَ جِبْرِيلَ فَسَارَ بنا فَكَانَ إِذَا أَتَى عَلَى جَبَلٍ ارْتَفَعَتْ رِجْلاهُ، وَإِذَا هَبَطَ ارْتَفَعَتْ يَدَاهُ فَسَارَ بِنَا فِي أَرْضٍ غَمَّةٍ مُنْتِنَةٍ وَأَفْضَيْنَا إِلَى أَرْضٍ فَيْحَاءَ طَيِّبَةٍ فَقُلْتُ: يَا جِبْرِيلُ إِنَّا كُنَّا نَسِيرُ فِي أَرْضٍ غَمَّةٍ مُنْتِنَةٍ وَإِنَّا أَفْضَيْنَا إِلَى أَرْضٍ فَيْحَاءَ طَيِّبَةٍ؟ فَقَالَ: تِلْكَ أَرْضُ النَّارِ وَهَذِهِ أَرْضُ الْجَنَّةِ، فَأَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي. قَالَ: فَقَالَ: مَنْ هَذَا مَعَكَ يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: هَذَا أَخُوكَ مُحَمَّدٌ. فَرَحَّبَ وَدَعَا لِي بِالْبَرَكَةِ، قَالَ: سَلْ لأُمَّتِكَ الْيُسْرَ. قَالَ: قُلْتُ: مَنْ هَذَا يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: هَذَا أَخُوكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ. قَالَ: ثُمَّ سَارَ فَأَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ فَقَالَ: مَنْ مَعَكَ يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: هَذَا أَخُوكَ مُحَمَّدٌ. قَالَ: فَرَحَّبَ بِي وَدَعَا لِي بِالْبَرَكَةِ قَالَ: سَلْ لأُمَّتِكَ الْيُسْرَ. قَالَ: قُلْتُ: مَنْ هَذَا يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: هَذَا أَخُوكَ مُوسَى. قَالَ: ثُمَّ سِرْنَا فَرَأَيْنَا مَصَابِيحَ وَضَوْءًا فَقُلْتُ: مَا هَذَا يَا جِبْرِيلُ؟ فَقَالَ: هَذِهِ شَجَرَةُ أَبِيكَ إِبْرَاهِيمَ أَتَدْنُو مِنْهَا؟ قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ؛ فَدَنَوْنَا مِنْهَا فَرَحَّبَ وَدَعَا لِي بِالْبَرَكَةِ حَتَّى أَتَيْنَا بَيْتَ الْمَقْدِسِ وَنُشِرَتْ لِيَ الأَنْبِيَاءُ مَنْ سَمَّى اللَّهُ وَمَنْ لَمْ يُسَمِّ فَصَلَّيْتُ بِهِمْ إِلا هَؤُلاءِ النَّفَرَ الثَّلاثَةَ مُوسَى وَعِيسَى وَإِبْرَاهِيمَ».
وهذه الرواية شاهدة للرواية السابقة غير أنها مخالفة في أن النبي صلى الله عليه وآله وسلّم صلى بجميع الأنبياء والمرسلين وهو الحق الذى لا خلاف فيه.
قَالَ الإمام أَبُو جَعْفَرٍ الطحاوي:
"فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ لِقَاؤُهُ صلى الله عليه وآله وسلّم كَانَ لِلثَّلَاثَةِ الْمُسْتَثْنَيْنَ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ الَّذِينَ أَمَّهُمْ فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ، وَهُمْ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةُ الْمُسَمَّوْنَ فِي حَدِيثِهِ هَذَا، فَاحْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ الِاسْتِثْنَاءُ الَّذِي فِي حَدِيثِهِ الْأَوَّلِ كَانَ لِذَلِكَ، وَأَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الِاسْتِثْنَاءُ مِنَ ابْنِ مَسْعُودٍ لِمَا وَقَفَ مِنْ لِقَاءِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم إِيَّاهُمْ دُونَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَأَخْرَجَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ أَنْ يَكُونُوا صَلُّوا مَعَهُ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ لَا أَنَّهُ سَمِعَ ذَلِكَ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلّم،
وَكَانَ مَا رَوَى أَنَسٌ وَأَبُو هُرَيْرَةَ فِيهِ إِثْبَاتُ إِمَامَةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم فِي لَيْلَتَئِذٍ هُنَاكَ جَمِيعَ الْأَنْبِيَاءِ فِيهِمْ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةُ، إِذْ كَانَ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةُ بَعْدَ مُرُورِهِ بِهِمْ فِي طَرِيقِهِ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ لَحِقُوا بِهِ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَأَمَّهُمْ مَعَ مَنْ أَمَّهُ مِنْ أَنْبِيَاءِ اللهِ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمْ سِوَاهُمْ،
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَيْضًا فِي ذَلِكَ مَا يَدُلُّ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى".
قلت: والأمر الحق على ما في الروايات الصحيحة التي لا مطعن فيها أن النبي صلى الله عليه وآله وسلّم صلى بجميع الأنبياء والمرسلين.
فلنستفد من الرواية الحسنة الإشارة في شجرة أبيك إبراهيم وأن ما يحدث في الأرض يحدث في الدوائر الأعلى على ما سيأتي بإذن الله. )
ـــــــــــــــــــــ
من كتاب : على أعتاب الحضرة المحمدية
للأستاذ الدكتور السيد الشريف / محمود صبيح حفظه الله ونفع به
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اللهم صل على سيدنا محمد عبدك ونبيك ورسولك النبي الأمي وعلى آله وسلم تسليما بقدر عظمة ذاتك في كل وقت وحين)


جزاكم الله خيرا
ـــــــــــ
اللهم صل على سيدنا محمد عبدك ونبيك ورسولك النبي الأمي وعلى آله وسلم تسليما بقدر عظمة ذاتك في كل وقت وحين)

_________________
صلوات الله تعالى تترى دوما تتوالى ترضي طه والآلا مع صحب رسول الله

_________________
صلوات الله تعالى تترى دوما تتوالى ترضي طه والآلا مع صحب رسول الله


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 3 مشاركة ] 

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 18 زائر/زوار


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
© 2011 www.msobieh.com

جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في المنتديات تعبر عن رأي أصحابها فقط