الدخول والخروج في هذه السموات له نظام عالٍ جداً : ــــــــــــــــــــــ ( فلنرجع مرة أخرى إلى الرحلة السماوية, فنقول: أهل السماء الثانية, بل كل أهل سماء معزولون تماماً عن السماء الأخرى بما مسافته خمسمائة عام, أهل السماء الثانية كحال أهل السماء الأولى وحال غيرها من السموات لا يعلمون ما سر الاستخلاف, ولا كيف بدأ الله الخلق, وعندهم في السماء الثانية ابنا الخالة سيدنا عيسى بن مريم وسيدنا يحيى بن زكريا, وذكرنا في كتابنا هذا من قبل أن وجود نبيين بسبب ألا تخلو السماء من وجود نبي عندما ينزل سيدنا عيسى إلى الأرض ليقتل الدجال. في السماء الثالثة سيدنا يوسف, وفي الرابعة سيدنا إدريس, وفي الخامسة سيدنا هارون, وفي السادسة سيدنا موسى, وفي السابعة سيدنا إبراهيم عليهم الصلوات والتسليمات الطيبات المباركات, ما قابل النبي صلى الله عليه وآله وسلّم في السموات أحد من الأنبياء إلا ورحب به وقال: «مَرْحَبًا بِكَ مِنْ أَخٍ وَنَبِيٍّ» إلا سيدنا آدم وسيدنا إبراهيم فقالا: «مَرْحَبًا بِكَ مِنَ ابْنٍ وَنَبِيٍّ». لم يظهر في السموات بعدُ سر الاستخلاف, ولا كيف بدأ الله الخلق, فأهل السماء الثالثة والرابعة والخامسة والسادسة والسابعة كحال أهل السماء الأولى والثانية لا يعلمون ما سر الاستخلاف, ولا كيف بدأ الله الخلق, إلا من أطلعه الله, وأطلعه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم من حيث الإخبار عند سدرة المنتهى, فإليها ينتهى علم المخلوقات. الدخول والخروج في هذه السموات له نظام عالٍ جداً, فلا يسمح لأحد بالدخول إلا بعد إجراءات مشددة, لماذا؟ ... سيعلمها الإنسان حين يكشف سيدنا عيسى عن أسرارها بعد نزوله, ويقول سيدنا النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلّم حقائقها في الآخرة. بعد كل خروج من سماء ثم اجتياز المسافة التي بينها وبين السماء التي تليها كان سيدنا جبريل يضرب باباً من أبوابها حتى يأذنوا له بالدخول, ففي الحديث: « ... فَضَرَبَ بَابًا مِنْ أَبْوَابِهَا، فَنَادَاهُ أَهْلُ السَّمَاءِ مَنْ هَذَا؟ فَقَالَ: جِبْرِيلُ، قَالُوا: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مَعِيَ مُحَمَّدٌ، قَالَ: وَقَدْ بُعِثَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالُوا: فَمَرْحَبًا بِهِ وَأَهْلاً، فَيَسْتَبْشِرُ بِهِ أَهْلُ السَّمَاءِ، لاَ يَعْلَمُ أَهْلُ السَّمَاءِ بِمَا يُرِيدُ اللهُ بِهِ فِي الأَرْضِ حَتَّى يُعْلِمَهُمْ». فسبحان من خبأ حال سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلّم عن العالمين, فلا يدري أحد متى يبعث إليه لزيارة تعتبر من أعظم أيام الملكوت الأعلى. قول أهل كل سماء يذكرنا بالإشارات التي ذكرناها في آية سورة الإسراء التي لم يقل الله فيها اسمه ولا اسم حبيبه صلى الله عليه وآله وسلّم. السموات كبيرة جداً ... فليس بمجرد دخولها يقابل النبي صلى الله عليه وآله وسلّم الأنبياء, ففي الروايات: «فَأَتَيْنَا السَّمَاءَ الرَّابِعَةَ، قِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ، قِيلَ: مَنْ مَعَكَ؟ قِيلَ: مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وآله وسلّم، قِيلَ: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قِيلَ: مَرْحَبًا بِهِ، وَلَنِعْمَ المَجِيءُ جَاءَ، فَأَتَيْتُ عَلَى إِدْرِيسَ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: مَرْحَبًا بِكَ مِنْ أَخٍ وَنَبِيٍّ، فَأَتَيْنَا السَّمَاءَ الخَامِسَةَ، قِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قِيلَ: جِبْرِيلُ، قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قِيلَ: مُحَمَّدٌ، قِيلَ: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قِيلَ: مَرْحَبًا بِهِ، وَلَنِعْمَ المَجِيءُ جَاءَ، فَأَتَيْنَا عَلَى هَارُونَ، ... إلى آخره». فالسموات مترامية, فكان الترحيب على الأبواب ثم أن يأتي سيدنا رسول الله إلى الأنبياء (يذهب إليهم) فتكون المقابلات مع الأنبياء والملائكة وسكان السموات, بروجرام ونظام كنا نتمنى من الصحابة الكرام أحاديث أكثر وأكثر تنبئنا عما حدث. أما عن سكان السموات فالله أعلم بهم, إلا أن أغلبهم ملائكة, (وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ) (المدثر 31) حدث شيء ما في السماء السادسة, وهو بكاء سيدنا موسى لما تجاوزه سيدنا النبي صلى الله عليه وآله وسلّم , قال صلى الله عليه وآله وسلّم: «فَأَتَيْتُ عَلَى مُوسَى، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: مَرْحَبًا بِكَ مِنْ أَخٍ وَنَبِيٍّ، فَلَمَّا جَاوَزْتُ بَكَى، فَقِيلَ: مَا أَبْكَاكَ؟ قَالَ: يَا رَبِّ، هَذَا الغُلاَمُ الَّذِي بُعِثَ بَعْدِي، يَدْخُلُ الجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِهِ أَفْضَلُ مِمَّا يَدْخُلُ مِنْ أُمَّتِي». وفي رواية أن سيدنا موسى قال: «رَبِّ لَمْ أَظُنَّ أَنْ تَرْفَعَ عَلَيَّ أَحَدًا». وهذا البكاء من سيدنا موسى حباً في الله ألا يكون هناك أقرب إلى الله تعالى منه؛ لذا كان ما علمناه في الأحاديث من تودد سيدنا موسى للنبي صلى الله عليه وآله وسلّم مرة أخرى عند نزوله من مرحلة ما فوق السدرة, وقوله : اسأل لقومك التخفيف في الصلوات, وكأنه نوع تحبب, وتشوق إلى معرفة ما فضل الله به نبيه وعبده محمداً صلى الله عليه وآله وسلّم على جميع خلق الله, وتلمساً لنور النبي صلى الله عليه وآله وسلّم , فكأن سيدنا موسى رأى في النبي صلى الله عليه وآله وسلّم نور الحق جل وعلا (نور الرؤية) فقال أراهم أو أرى من رآهم فإن الله تعالى قال له: (لَنْ تَرَانِي) (الأعراف 143) لا تنس أن ما حدث من بكاء سيدنا موسى حدث في عالم الأرض البرزخي حينما مر سيدنا النبي صلى الله عليه وآله وسلّم على سيدنا موسى فوجده قائماً في قبره يصلي، وحينما سمعه الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم , فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلّم عنه: «وَيَرْفَعُ صَوْتَهُ: أَكْرَمْتَهُ، وَفَضَّلْتَهُ، قَالَ: فَدَفَعْنَا إِلَيْهِ، فَسَلَّمْنَا عَلَيْهِ، فَرَدَّ السَّلَامَ، فَقَالَ: مَنْ هَذَا مَعَكَ يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: هَذَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: مَرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الْأُمِّيِّ، الَّذِي بَلَّغَ رِسَالَةَ رَبِّهِ، وَنَصَحَ لِأُمَّتِهِ، قَالَ: ثُمَّ دَفَعْنَا، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا يَا جِبْرِيلُ؟، فَقَالَ: هَذَا مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: وَقُلْتُ: وَمَنْ يُعَاتِبُ رَبَّهُ؟ قِيلَ: لَا، قُلْتُ: وَيَرْفَعُ صَوْتَهُ عَلَى رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ؟ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ عَرَفَ حِدَّتَهُ». ما يحدث في الدوائر الملكية, دوائر عالم الملك, وما يحدث في العوالم البرزخية أيضاً يحدث بصورة قريبة مما يحدث في دوائر عالم الملكوت, وما يحدث في عالم الملكوت يؤثر أيضاً على ما يحدث في عالم الملك, وعالم الجبروت, وكذلك ما يحدث في عالم الجبروت وحضرة الجبروت له أثر وظهور في عالم الملك والملكوت, نشرح جزءاً من هذا الأمر في جزئية محاولة كسر الدجال للبرازخ إن شاء الله تعالى. كان النبي صلى الله عليه وآله وسلّم يسلم على الأنبياء في كل سماء, فالسلام سلام, فوجوده صلى الله عليه وآله وسلّم ليس لنزع ما في أيديهم, ولكن لإقرارهم على ما في أيديهم, وقد بايعوه إماماً لهم في الميثاق, وصلوا وراءه كلهم. استلم النبي صلى الله عليه وآله وسلّم أمانات عالم الملك والملكوت دون أن ينقص من أحد شيئاً مما أعطاه الله, فالله هو العاطي الوهاب, وقد ذكرنا طرفاً من ذلك في باب الموازاة. كان أبو الأنبياء سيدنا إبراهيم في السماء السابعة حيث كان لقاء المحبة والترحيب، وكما كانت نصيحة من سيدنا إبراهيم في الأرض كما سبق كانت النصيحة في السماء السابعة, فعَن أبي أَيُّوب الْأنْصَارِيّ: «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ مَرَّ عَلَى إِبْرَاهِيمَ فَقَالَ: مَنْ مَعَكَ يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: هَذَا مُحَمَّدٌ، فَقَالَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ: مُرْ أُمَّتَكَ فَلْيُكْثِرُوا مِنْ غِرَاسِ الْجَنَّةِ فَإِنَّ تُرْبَتَهَا طَيِّبَةٌ وَأَرْضَهَا وَاسِعَةٌ، قَالَ: وَمَا غِرَاسُ الْجَنَّةِ؟ قَالَ: لاَ حَوْلَ، وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ». , وعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «لَقِيتُ إِبْرَاهِيمَ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، أَقْرِئْ أُمَّتَكَ مِنِّي السَّلَامَ وَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ الجَنَّةَ طَيِّبَةُ التُّرْبَةِ عَذْبَةُ المَاءِ، وَأَنَّهَا قِيعَانٌ، وَأَنَّ غِرَاسَهَا سُبْحَانَ اللَّهِ وَالحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ». وكما كانت النصيحة من سيدنا إبراهيم كانت النصيحة من الملائكة, فالكل يريد تقديم هدية, ولا يدري كيف! فتكون النصيحة هي خير هدية, فهي عنوان صدق المحبة, فعن مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «مَا مَرَرْتُ لَيْلَةَ أُسَرِيَ بِي عَلَى مَلَأٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، إِلَّا أَمَرُونِي بِالْحِجَامَةِ» وفي رواية ابن عمر: «مَا مررت بسماء من السَّماوَات إلاَّ قَالَتِ الْمَلائِكَةُ: يَا مُحَمَّدُ مُرْ أُمَّتَكَ بِالْحِجَامَةِ». وهذا أمر عجيب, ونصيحة من الروحانيين إلى من كان في عالم الملك, فإن الملائكة النورانية ترى ما يعتري الجسد الترابي من وهن وما يلحق به من ضعف, وترى كيف أن الحجامة تقوي الروح, وتذهب بالدم الفاسد الذي لم تتخلله الأنوار ... نورك يا محمد صلى الله عليه وآله وسلّم. في السماء شاهد سيدنا النبي صلى الله عليه وآله وسلّم أهل كل سماء من ملائكة ومن جند الله الذي لا يعلمهم إلا هو, وشاهد من أسرار (وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا) (فصلت 12) فقد رأى من آيات ربه الكبرى, وشاهد أنواعاً من المخلوقات, وشاهد الملائكة العظام ممن قال عنهم شيئاً أو لم يقل, فكان منهم حنين لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم , لا يدرون كنهه, غير أنهم متيقنون أن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم الحاضر بكله, روحاً وجسداً, وعقلاً ونفساً, وهيكلاً وذاتاً, وحقيقة كاملة يختلف عن غيره من البشر, فقابل منهم إسماعيل, وهو ملك عظيم وعند وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلّم استأذن ربه في النزول إليه, فلا يطيق أن يرى النبي صلى الله عليه وآله وسلّم طعم الموت وسكراته, وكم من ملك نزل معه, تختلجهم المشاعر بين ما لا يريدونه له صلى الله عليه وآله وسلّم من ألم الموت, وبين اشتياقهم لوجوده في الرفيق الأعلى. وكم من ملك حن للنبي صلى الله عليه وآله وسلّم بعد الإسراء واشتاق للنبي صلى الله عليه وآله وسلّم فاستأذن لزيارة النبي صلى الله عليه وآله وسلّم , كما هو وراد في السيرة الشريفة. قابل سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم كثيراً من الملائكة وشاهد بحر النور وبحر الحيوان ونهر الرحمة, وكيف تُخلق ملائكة من انتفاضة جبريل كما جاء عن أبي هريرة عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلّم: «يُؤمر جِبْرِيل فِي كل غَدَاة، فَيدْخل بَحر النُّور فينغمس فِيهِ انغماسة، ثمَّ يخرج فينتفض انتفاضة، فيسقط منه سَبْعُونَ أَلْفَ قَطْرَةٍ، يَخْلُقُ اللَّهُ من كل قطرة ملكاً فَيُؤْمَر بهم إلى البيت الْمَعْمُورِ, فيصلون فِيهِ، ثمَّ يُؤمر بهم إِلَى جنته مَا شَاءَ، فيُسَبِّحُونَ إلى يوم القيامة». وفي رواية: «فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا بَيْتٌ يُقَال لَهُ: الْبَيْتُ الْمَعْمُورُ حِيَالَ الْكَعْبَةِ، وَفِي السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ نَهْرٌ يُقَال لَهُ: الْحَيَوانُ فَيَدْخُلُهُ جِبْرِيلُ صلى الله عليه وسلم كل يَوْمٍ فَيَنْغَمِسُ فِيهِ الْغَمْسَةَ ثُمَّ يَخْرُجُ فَيَنْتَفِضُ انْتِفَاضَةً فَتَخِرُّ عَنْهُ سَبْعُونَ أَلْفَ قَطْرَةٍ، فَيَخْلُقُ اللَّهُ من كل قطرة ملكاً يؤمروا أَنْ يَأْتُوا الْبَيْتَ الْمَعْمُورَ فَيَطُوفُونَ فِيهِ فَيَقِفُونَ ثُمَّ يَخْرُجُونَ مِنْهُ فَلا يَعُودُونَ إِلَيْهِ أَبَدًا يُوَلَّى عليه أَحَدُهُمْ يُؤْمَرُ أَنْ يُقَدِّمَهُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَوْقِفًا يُسَبِّحُونَ اللَّهَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ». عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ هَارُونَ قَالَ: «لِجِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي كُلِّ يَوْمٍ اغْتِمَاسَةٌ فِي الْكَوْثَرِ، ثُمَّ يَنْتَفِضُ، فَكُلُّ قَطْرَةٍ يُخْلَقُ مِنْهَا مَلَكٌ». ويقوي هذه الأحاديث ما رواه ابن أبي الدنيا ومحمد بن نصر وأبو الشيخ والبيهقي وغيرهم عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلّم قَالَ: «إِنَّ لِلَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مَلَائِكَةً تَرْعَدُ فَرَائِصُهُمْ مِنْ مَخَافَتِهِ، مَا مِنْهُمْ مَلَكٌ تَقْطُرُ مِنْ عَيْنَيْهِ دَمْعَةٌ إِلَّا وَقَعَتْ مَلَكًا قَائِمًا يُصَلِّي، وَإِنَّ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَلَائِكَةً سُجُودًا لِلَّهِ مُنذْ يَوْمِ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ لَمْ يَرْفَعُوا رُءُوسَهُمْ، وَلَا يَرْفَعُونَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَلَائِكَةً رُكُوعًا لَمْ يَرْفَعُوا رُءُوسَهُمْ، وَلَا يَرْفَعُونَهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَصُفُوفًا لَمْ يَنْصَرِفُوا عَنْ مَصَافِّهِمْ، وَلَا يَنْصَرِفُونَ عَنْهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَإِذَا رَفَعُوا وَنَظَرُوا إِلَى وَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى قَالُوا: سُبْحَانَكَ مَا عَبَدْنَاكَ حَقَّ عِبَادَتِكَ». قلت: ولا مستبعد فإن بحر الحيوان أو نهر الحيوان (كما جاء في رواية للإمام أحمد ـ بسند على شرط الشيخين ـ , وابن خزيمة وابن أبي حاتم) يعني نهر الحياة, فيه سر الحياة كما جاء في حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلّم: « .... حَتَّى إِذَا أَرَادَ اللهُ رَحْمَةَ مَنْ أَرَادَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، أَمَرَ اللهُ المَلاَئِكَةَ أَنْ يُخْرِجُوا مَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللهَ، فَيُخْرِجُونَهُمْ، وَيَعْرِفُونَهُمْ بِآثَارِ السُّجُودِ، وَحَرَّمَ اللهُ عَلَى النَّارِ أَنْ تَأْكُلَ أَثَرَ السُّجُودِ، فَيَخْرُجُونَ مِنَ النَّارِ، فَكُلُّ ابْنِ آدَمَ تَأْكُلُهُ النَّارُ إِلاَّ أَثَرَ السُّجُودِ، فَيَخْرُجُونَ مِنَ النَّارِ قَدِ امْتَحَشُوا، فَيُصَبُّ عَلَيْهِمْ مَاءُ الحَيَاةِ، فَيَنْبُتُونَ كَمَا تَنْبُتُ الحِبَّةُ فِي حَمِيلِ السَّيْلِ ... » إلى آخره.) ـــــــــــــــــــــ من كتاب : على أعتاب الحضرة المحمدية للأستاذ الدكتور السيد الشريف / محمود صبيح حفظه الله ونفع به ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ اللهم صل على سيدنا محمد عبدك ونبيك ورسولك النبي الأمي وعلى آله وسلم تسليما بقدر عظمة ذاتك في كل وقت وحين)
_________________ صلوات الله تعالى تترى دوما تتوالى ترضي طه والآلا مع صحب رسول الله
|