نبي الله سليمان بن داود والخرنوب وخراب بني إسرائيل, وعلاقة ذلك بالنور المحمدي : ــــــــــــــــــــــ ( وما دمنا قد وصلنا إلى أن الله تعالى يخلق من كل دمعة وقعت من ملك ملكاً آخر قائماً يصلي وانتفاضة سيدنا جبريل فلنذكر حضرة من الحضرات, فالكتاب الذي بين يديكم بدأت تتضح فيه علاقات العوالم والحضرات والتأثير بينهم, ولنذكر ما جاء عن سيدنا سليمان بن داود والخرنوب وخراب بني إسرائيل. والخرنوب هو ما يعرف في زمننا هذا بالـ " خروب ". نبي الله سليمان بن داود والخرنوب وخراب بني إسرائيل : في حديث صححه الإمام الحاكم والذهبي والضياء المقدسي عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلّم، قَالَ: «كَانَ سُلَيْمَانُ نَبِيُّ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، إِذَا قَامَ فِي مُصَلَّاهُ رَأَى شَجَرَةً نَابِتَةً بَيْنَ يَدَيْهِ، (وفي رواية البزار: كَانَ إِذَا قَامَ يُصَلِّي رَأَى شَجَرَةً نَابِتَةً بَيْنَ يَدَيْهِ) فَيَقُولُ: مَا اسْمُكِ؟ فَتَقُولُ: كَذَا، فَيَقُولُ: لِأَيِّ شَيْءٍ أَنْتِ؟ فَتَقُولُ: لِكَذَا وَكَذَا، فَإِنْ كَانَتْ لِدَوَاءٍ كَتَبَ، وَإِنْ كَانَتْ لِغَرْسٍ غُرِسَتْ، فَبَيْنَمَا هُوَ يُصَلِّي يَوْمًا إِذْ رَأَى شَجَرَةً نَابِتَةً بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ لَهَا: مَا اسْمُكِ؟ قَالَتْ: الْخَرْنُوبُ، قَالَ: لِأَيِّ شَيْءٍ أَنْتِ؟ قَالَتْ: لِخَرَابِ هَذَا الْبَيْتِ، قَالَ سُلَيْمَانُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: اللَّهُمَّ عَمِّ عَلَى الْجِنِّ مَوْتِي حَتَّى يَعْلَمَ الْإِنْسُ أَنَّ الْجِنَّ لَا تَعْلَمُ الْغَيْبَ، قَالَ: فَنَحَتَهَا عَصًا فَتَوَكَّأَ عَلَيْهَا، قَالَ: فَأَكَلَتْهَا الْأَرَضَةُ فَسَقَطَ فَخَرَّ فَوَجَدُوهُ مَيِّتًا حَوْلًا، فَتَبَيَّنَتِ الْإِنْسُ أَنَّ الْجِنَّ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا حَوْلًا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ». «وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقْرَؤُهَا هَكَذَا، فَشَكَرَتِ الْجِنُّ الْأَرَضَةَ فَكَانَتْ تَأْتِيهَا بِالْمَاءِ حَيْثُ كَانَتْ». قلت: فما العلاقة بين: «مَا مِنْهُمْ مَلَكٌ تَقْطُرُ مِنْ عَيْنَيْهِ دَمْعَةٌ إِلَّا وَقَعَتْ مَلَكًا قَائِمًا يُصَلِّي» وبين: «كان سيدنا سليمان إذا قام يصلي نبتت شجرة بين يديه, وفي رواية : كَانَ سُلَيْمَانُ كُلَّمَا صَلَّى صَلَاةً رَأَى شَجَرَةً نَابِتَةً» , ولا نتكلم الآن على العلاقة بين ذلك وخراب بني إسرائيل؟. قلت: هي حضرة من نفس الباب, غير أنه لن يكون من صلاة سيدنا سليمان خلق رجل آخر, فعالم الأجساد لا يتحمل ذلك, أما عالم الملكوت واللطائف فيتحمل, فإذا كان ذلك فلا استبعاد لما جاء في حديث النور, في دوران النور بالقدرة وفيه: «وَأَقَامَ الْجُزْءَ الرَّابِعَ فِي مَقَامِ الْحَيَاءِ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ سَنَةٍ، ثُمَّ نَظَرَ إلَيْهِ فَتَرَشَّحَ ذَلِكَ النُّورُ عَرَقًا، فَقُطِرَتْ مِنْهُ مِائَةُ أَلْفٍ وَعِشْرُونَ أَلْفًا وَأَرْبَعَةُ آلَافِ قَطْرَةٍ، فَخَلَقَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ كُلِّ قَطْرَةٍ رُوحَ نَبِيٍّ أَوْ رَسُولٍ، ثُمَّ تَنَفَّسَتْ أَرْوَاحُ الْأَنْبِيَاءِ فَخَلَقَ اللَّهُ مِنْ أَنْفَاسِهِمْ نُورَ أَرْوَاحِ الْأَوْلِيَاءِ وَالسُّعَدَاءِ وَالشُّهَدَاءِ وَالْمُطِيعِينَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» , فكان النبي صلى الله عليه وآله وسلّم في عالم النور (نُّورٌ عَلَى نُورٍ) ومنه انشقت الأنوار, ومنه كان روح الأنبياء والأولياء, فلا تستعجب فمثله بالضبط ما قاله النبي صلى الله عليه وآله وسلّم: «مَا مِنْهُمْ مَلَكٌ تَقْطُرُ مِنْ عَيْنَيْهِ دَمْعَةٌ إِلَّا وَقَعَتْ مَلَكًا قَائِمًا يُصَلِّي». وقد قدمنا أن ابن كثير قال فيه: "وهذا إسناد لا باس به". فالقادر على أن يخلق من دموع الملائكة, ملائكة تقوم تصلي, والقادر على أن يخرج من انتفاضة جبريل في نهر النور سبعين ألف قطرة, كل قطرة يخلق الله منها ملكاً, والقادر على أن يخرج شجرة تنبت إذا قام سيدنا سليمان للصلاة وتكلمه بما خُلقت له : قادر على أن يخلق أرواح الأنبياء والصالحين من نور سيد الخلق صلى الله عليه وآله وسلّم. ) ـــــــــــــــــــــ من كتاب : على أعتاب الحضرة المحمدية للأستاذ الدكتور السيد الشريف / محمود صبيح حفظه الله ونفع به ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد الفاتح لما أغلق والخاتم لما سبق والناصر الحق بالحق والهادي إلى صراطك المستقيم, وعلى آله حق قدره ومقداره العظيم
_________________ صلوات الله تعالى تترى دوما تتوالى ترضي طه والآلا مع صحب رسول الله
|