1 ـ عظات وعبر , في رحلة إسراء خير البشر صلى الله عليه وآله وسلم : ـــــــــــــــــــــــــــــــ ( الرحلة الأرضية وهي رحلة عالم الملك: وملخص ما حدث في الرحلة الأرضية من الأحاديث التي تم تقديمها وغيرها, والتي توضح الرحلة في عالم الملك (أو قل معظمها من عالم الملك) , ورؤية البرازخ الأرضية, واستلام خلافة الأرض بأسرها كما يلي: 1 ـ شرح الصدر: أتى جبريل وميكائيل إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلّم بمكة ليلاً, فشق جبريل عليه السلام صدر النبي صلى الله عليه وآله وسلّم وغسل صدره وجوفه بماء زمزم وأتى بطست من ذهب محشواً إيماناً وحكمة, فحشا صدر النبي ولغاديده يعني عروق حلقه صلي الله عليه وآله وسلّم إيماناً وحكمة, ثم أطبقه مرة أخرى. 2 ـ ركوب البراق: قال صلى الله عليه وآله وسلّم: «أُتِيتُ بِالْبُرَاقِ، وَهُوَ دَابَّةٌ أَبْيَضُ طَوِيلٌ فَوْقَ الْحِمَارِ، وَدُونَ الْبَغْلِ، يَضَعُ حَافِرَهُ عِنْدَ مُنْتَهَى طَرْفِهِ»، قَالَ: «فَرَكِبْتُهُ حَتَّى أَتَيْتُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ». 3 ـ وكان في الرحلة أن حاول أحد عفاريت الجن أذية النبي صلى الله عليه وآله وسلّم فكف الله بأسه: عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ؛ أَنَّهُ قَالَ: «أُسْرِيَ بِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم فَرَأَى عِفْرِيتاً مِنَ الْجِنِّ يَطْلُبُهُ بِشُعْلَةٍ مِنْ نَارٍ. كُلَّمَا الْتَفَتَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم رَآهُ. فَقَالَ جِبْرِيلُ: أَفَلاَ أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ تَقُولُهُنَّ. إِذَا قُلْتَهُنَّ طَفِئَتْ شُعْلَتُهُ. وَخَرَّ لِفِيهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: «بَلَى» فَقَالَ جِبْرِيلُ، فَقُلْ: أَعُوذُ بِوَجْهِ اللهِ الْكَرِيمِ, وَبِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّاتِ الَّتِي لاَ يُجَاوِزُهُنَّ بَرٌّ وَلاَ فَاجِرٌ مِنْ شَرِّ مَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَشَرِّ مَا يَعْرُجُ فِيهَا, وَشَرِّ مَا ذَرَأَ فِي الْأَرْضِ، وَشَرِّ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا, وَمِنْ فِتَنِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ, وَمِنْ طَوَارِقِ اللَّيْلِ إِلاَّ طَارِقٍ يَطْرُقُ بِخَيْرٍ يَا رَحْمَنُ». 4 ـ زيارة الأماكن المباركة مثل المدينة المنورة, وشجرة موسى في طور سيناء, وبيت لحم: أخرج الإمام النسائي بسند لا بأس به كما قال الحافظ ابن حجر (وابن كثير في آخر أقواله) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أُتِيتُ بِدَابَّةٍ فَوْقَ الْحِمَارِ وَدُونَ الْبَغْلِ خَطْوُهَا عِنْدَ مُنْتَهَى طَرْفِهَا، فَرَكِبْتُ وَمَعِي جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَسِرْتُ فَقَالَ: انْزِلْ فَصَلِّ فَفَعَلْتُ فَقَالَ: أَتَدْرِي أَيْنَ صَلَّيْتَ؟ صَلَّيْتَ بِطَيْبَةَ وَإِلَيْهَا الْمُهَاجَرُ ثُمَّ قَالَ: انْزِلْ فَصَلِّ فَصَلَّيْتُ فَقَالَ: أَتَدْرِي أَيْنَ صَلَّيْتَ؟ صَلَّيْتَ بِطُورِ سَيْنَاءَ حَيْثُ كَلَّمَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ ثُمَّ قَالَ: انْزِلْ فَصَلِّ فَنَزَلْتُ فَصَلَّيْتُ فَقَالَ: أَتَدْرِي أَيْنَ صَلَّيْتَ؟ صَلَّيْتَ بِبَيْتِ لَحْمٍ حَيْثُ وُلِدَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ. ثُمَّ دَخَلْتُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ فَجُمِعَ لِيَ الْأَنْبِيَاءُ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ, فَقَدَّمَنِي جِبْرِيلُ حَتَّى أَمَمْتُهُمْ. ثُمَّ صُعِدَ بِي إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا, فَإِذَا فِيهَا آدَمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ ثُمَّ صُعِدَ بِي إِلَى السَّمَاءِ الثَّانِيَةِ, فَإِذَا فِيهَا ابْنَا الْخَالَةِ عِيسَى وَيَحْيَى عَلَيْهِمَا السَّلَامُ ثُمَّ صُعِدَ بِي إِلَى السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ فَإِذَا فِيهَا يُوسُفُ عَلَيْهِ السَّلَامُ ثُمَّ صُعِدَ بِي إِلَى السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ, فَإِذَا فِيهَا هَارُونُ عَلَيْهِ السَّلَامُ ثُمَّ صُعِدَ بِي إِلَى السَّمَاءِ الْخَامِسَةِ، فَإِذَا فِيهَا إِدْرِيسُ عَلَيْهِ السَّلَامُ ثُمَّ صُعِدَ بِي إِلَى السَّمَاءِ السَّادِسَةِ، فَإِذَا فِيهَا مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ ثُمَّ صُعِدَ بِي إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ, فَإِذَا فِيهَا إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ ثُمَّ صُعِدَ بِي فَوْقَ سَبْعِ سَمَاوَاتٍ فَأَتَيْنَا سِدْرَةَ الْمُنْتَهَى، فَغَشِيَتْنِي ضبَابةٌ, فَخَرَرْتُ سَاجِدًا فَقِيلَ لِي: إِنِّي يَوْمَ خَلَقْتُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فَرَضْتُ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَّتِكَ خَمْسِينَ صَلَاةً، فَقُمْ بِهَا أَنْتَ وَأُمَّتُكَ فَرَجَعْتُ إِلَى إِبْرَاهِيمَ فَلَمْ يَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ ثُمَّ أَتَيْتُ عَلَى مُوسَى فَقَالَ: كَمْ فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَّتِكَ؟ قُلْتُ: خَمْسِينَ صَلَاةً. قَالَ: فَإِنَّكَ لَا تَسْتَطِيعُ أَنْ تَقُومَ بِهَا أَنْتَ وَلَا أُمَّتُكَ, فَارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ. فَرَجَعْتُ إِلَى رَبِّي فَخَفَّفَ عَنِّي عَشْرًا ثُمَّ أَتَيْتُ مُوسَى فَأَمَرَنِي بِالرُّجُوعِ فَرَجَعْتُ فَخَفَّفَ عَنِّي عَشْرًا ثُمَّ رُدَّتْ إِلَى خَمْسِ صَلَوَاتٍ. قَالَ: فَارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ, فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ؛ فَإِنَّهُ فَرَضَ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ صَلَاتَيْنِ, فَمَا قَامُوا بِهِمَا. فَرَجَعْتُ إِلَى رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ, فَسَأَلْتُهُ التَّخْفِيفَ فَقَالَ: إِنِّي يَوْمَ خَلَقْتُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فَرَضْتُ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَّتِكَ خَمْسِينَ صَلَاةً فَخَمْسٌ بِخَمْسِينَ، فَقُمْ بِهَا أَنْتَ وَأُمَّتُكَ. فَعَرَفْتُ أَنَّهَا مِنَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى صِرَّى فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقَالَ: ارْجِعْ فَعَرَفْتُ أَنَّهَا مِنَ اللَّهِ صِرَّى - أَيْ: حَتْمٌ - فَلَمْ أَرْجِعْ» وله شاهد حسن صححه الإمام البيهقي من رواية شداد بن أوس, قَالَ شَدَّادُ بْنُ أَوْسٍ: «قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ أُسْرِيَ بِكَ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِكَ؟ قَالَ: صَلَّيْتُ بِأَصْحَابِي صَلاةَ الْعَتَمَةِ بِمَكَّةَ مُعْتِمًا، فَأَتَانِي جِبْرِيلُ بِدَابَّةٍ بَيْضَاءَ فَوْقَ الْحِمَارِ وَدُونَ الْبَغْلِ، فَاسْتَصْعَبَ عَلَيَّ فَأَدَارَهَا بِأُذُنِهَا حَتَّى حَمَلَنِي عَلَيْهَا، فَانْطَلَقَتْ تَهْوِي بِنَا تَضَعُ حَافِرَهَا حَيْثُ أَدْرَكَ طَرْفُهَا، حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى أَرْضٍ ذَاتِ نَخْلٍ، قَالَ: انْزِلْ، فَنَزَلْتُ، قَالَ: صَلِّ فَصَلَّيْتُ، ثُمَّ رَكِبْنَا، قَالَ لِي: أَتَدْرِي أَيْنَ صَلَّيْتَ؟ قُلْتُ: اللَّهُ أَعْلَمُ، قَالَ: صَلَّيْتَ بِيَثْرِبَ، صَلَّيْتَ بِطِيبَةَ، ثُمَّ انْطَلَقَتْ تَهْوِي تَضَعُ حَافِرَهَا حَيْثُ أَدْرَكَ طَرْفُهَا حَتَّى بَلَغْنَا أَرْضًا بَيْضَاءَ، قَالَ لِي: انْزِلْ، قَالَ: فَنَزَلْتُ، ثُمَّ قَالَ لي: صَلِّ، فَصَلَّيْتُ، ثُمَّ رَكِبْنَا، قَالَ: أَتَدْرِي أَيْنَ صَلَّيْتَ؟ قُلْتُ: اللَّهُ أَعْلَمُ، قَالَ: صَلَّيْتَ بِمَدْيَنَ، صَلَّيْتَ عِنْدَ شَجَرَةِ مُوسَى، ثُمَّ انْطَلَقَتْ تَهْوِي بِنَا تَضَعُ حَافِرَهَا، أَوْ يَقَعُ حَافِرُهَا حَيْثُ أَدْرَكَ طَرْفُهَا، ثُمَّ ارْتَفَعْنَا، فَقَالَ: انْزِلْ، فَنَزَلْتُ، فَقَالَ: صَلِّ، فَصَلَّيْتُ، ثُمَّ رَكِبْنَا، فَقَالَ: تَدْرِي أَيْنَ صَلَّيْتَ؟ قُلْتُ: اللَّهُ أَعْلَمُ، قَالَ: صَلَّيْتَ بِبَيْتِ لَحْمٍ حَيْثُ وُلِدَ عِيسَى الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ، ثُمَّ انْطَلَقَ بِي حَتَّى دَخَلْنَا الْمَدِينَةَ مِنْ بَابِهَا الثَّامِنِ، فَأَتَى قِبْلَةَ الْمَسْجِدِ، فَرَبَطَ دَابَّتَهُ، وَدَخَلْنَا الْمَسْجِدَ مِنْ بَابٍ فِيهِ تَمِيلُ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ، فَصَلَّيْتُ مِنَ الْمَسْجِدِ حَيْثُ شَاءَ اللَّهُ هَكَذَا، قَالَ ابْنُ زِبْرِيقٍ: ثُمَّ أُتِيتُ بِإِنَاءَيْنِ، فِي أَحَدِهِمَا لَبَنٌ وَفِي الآخَرِ عَسَلٌ، أُرْسِلَ إِلَيَّ بِهِمَا جَمِيعًا، فَعَدَلْتُ بَيْنَهُمَا ثُمَّ هَدَانِي اللَّهُ، فَأَخَذْتُ اللَّبَنَ فَشَرِبْتُ حَتَّى فَرَغَتْ بِهِ جُبِّي وَبَيْنَ يَدَيَّ شَيْخٌ مُتَّكِئٌ، فَقَالَ: أَخَذَ صَاحِبُكَ بِالْفِطْرَةِ، أَوْ قَالَ الْفِطْرَةَ، ثُمَّ انْطَلَقَ بِي حَتَّى أَتَيْتُ الْوَادِيَ الَّذِي بِالْمَدِينَةِ فَإِذَا جَهَنَّمُ تَنْكَشِفُ عَنْ مِثْلِ الزَّرْابَى، قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ وَجَدْتَهَا؟ قَالَ: مِثْلَ، وَذَكَرَ شَيْئًا ذَهَبَ عَنِّي، ثُمَّ مَرَرْنَا بِعِيرٍ لِقُرَيْشٍ بِمَكَانِ كَذَا وَكَذَا قَدْ أَضَلُّوا بَعِيرًا لَهُمْ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: هَذَا صَوْتُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم، ثُمَّ أَتَيْتُ أَصْحَابِي قَبْلَ الصُّبْحِ بِمَكَّةَ، فَأَتَانِي أَبُو بَكْرٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيْنَ كُنْتَ اللَّيْلَةَ؟ فَقَدِ الْتَمَسْتُكَ فِي مَكَانِكَ فَلَمْ أَجِدْكَ، فَقَالَ: إِنِّي أَتَيْتُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ اللَّيْلَةَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّهُ مَسِيرَةُ شَهْرٍ فَصِفْهُ لِي، فَفُتِحَ لِي شِرَاكٌ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ، لا يَسْأَلُونِي عَنْ شَيْءٍ إِلا أَنْبَأْتُهُمْ عَنْهُ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ، فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ: انْظُرُوا إِلَى ابْنِ أَبِي كَبْشَةَ، يَزْعُمُ أَنَّهُ أَتَى بَيْتَ الْمَقْدِسِ اللَّيْلَةَ، فَقَالَ: «نَعَمْ، وَقَدْ مَرَرْتُ بِعِيرٍ لَكُمْ بِمَكَانِ كَذَا وَكَذَا قَدْ أَضَلُّوا بَعِيرًا لَهُمْ بِمَكَانِ كَذَا وَكَذَا وَإِنَّ مَسِيرَهُمْ لَكُمْ يَنْزِلُونَ بِكَذَا، ثُمَّ يَأْتُونَكُمْ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا، يَقْدُمُهُمْ جَمَلٌ آدَمُ عَلَيْهِ مِسْحٌ أَسْوَدُ، وَغِرَارَتَانِ سَوْدَاوَتَانِ»، فَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ الْيَوْمُ أَشْرَفَ النَّاسُ يَنْظُرُونَ، حَتَّى كَانَ قَرِيبًا مِنْ نِصْفِ النَّهَارِ أَقْبَلَتِ الْعِيرُ يَقْدُمُهُمْ ذَلِكَ الْجَمَلُ، الَّذِي وَصَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قلت: وهذه الأحاديث دالة على استحباب شد الرحال إلى أماكن الصالحين وأماكن البركة وقبور الأنبياء, ألم يكن ركوب البراق, والزيارة بغرض صلاة ركعتين من أوضح أنواع شد الرحال؟! وهذه الأحاديث دالة أيضاً على صحة ما فهمه أهل السنة والجماعة أن شد الرحال المقصود في حديث: "لاَ تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلاَّ إِلَى ثَلاَثَةِ مَسَاجِدَ: المَسْجِدِ الحَرَامِ، وَمَسْجِدِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وآله وسلّم، وَمَسْجِدِ الأَقْصَى». مقصود به أنه لا تشد الرحال بغرض زيارة مسجد لفضله إلا لزيارة ثلاثة مساجد, وليس فيه ما فهمه ابن تيمية وأتباعه من حرمة السفر لزيارة قبر سيدنا النبي صلى الله عليه وآله وسلّم أو الأماكن المباركة, وإلا كان السفر لأي غرض حراماً وكما تقتضي قواعد اللغة أن يكون المستثنى من جنس المستثنى منه, كما تقول أتى الطلاب إلا ثلاثة, فالثلاثة هنا من الطلاب, وهناك وجه آخر كأن تقول لا تذهب للعلم إلا لجامعة كذا أو كذا أو كذا, فمعنى ذلك أن الجامعات الثلاث ليس هناك ما هو أخير منها, وكان الإمام الشافعي يقول: "من لم يتزوج مصرية فلم يتزوج", أفيقصد الأمر على الحقيقة أم يقصد بركة السيدة هاجر, والتي ورثت بركتها للمصريات. والأحاديث والحمد لله يفسر بعضها بعضاً, وفي أحاديث «انزل فصل» زيارة بشد رحل من الصادق الأمين صلى الله عليه وآله وسلّم، أو أمين الله جبريل، أو الصحبة كلها, فكان شد الرحال بأطهر دابة فى أشرف وقت, من أقرب خلق الله إليه صلى الله عليه وآله وسلّم. عبد الله بن مسعود رضي الله عنه يشد الرحال لزيارة الشجرة التى آوى إليها سيدنا موسى كان عبد الله بن مسعود أحد من أوصى بهم وبهديهم سيدنا عمر بن الخطاب وغيره من الصحابة, وكانوا يقولون: عليكم بابن أم عبد, يعني سيدنا عبد الله بن مسعود. سيدنا عبد الله بن مسعود بفضل الله العلي العظيم أثبت أن فهم ابن تيمية خطأ في خطأ (ابن تيمية الذي حرم زيارة سيدنا النبي صلى الله عليه وآله وسلّم). عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: «ذُكِرَتْ لِيَ الشَّجَرَةُ الَّتِي آوَى إِلَيْهَا مُوسَى نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، فَسِرْتُ إِلَيْهَا يَوْمَيْنِ وَلَيْلَتَيْنِ، ثُمَّ صَبَّحْتُهَا، فَإِذَا هِيَ خَضْرَاءُ تَرِفُّ فَصَلَّيْتُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلّم وَسَلَّمْتُ فَأَهْوَى إِلَيْهَا بَعِيرِي وَهُوَ جَائِعٌ فَأَخَذَ مِنْهَا مِلْءَ فِيهِ وَهُوَ جَائِعٌ فَلَاكَهُ، فَلَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يُسِيغَهُ فَلَفَظَهُ، فَصَلَّيْتُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلّم وَانْصَرَفْتُ». يعني سيدنا ابن مسعود شد الرحال لزيارة الشجرة التي آوى إليها سيدنا موسى, وانظر إلى فقهه: فَصَلَّيْتُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلّم وَسَلَّمْتُ وعند انصرافه: فَصَلَّيْتُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلّم وَسَلَّمْتُ. فبماذا يجيب المتمسلفة؟ ) ـــــــــــــــــــــ من كتاب : على أعتاب الحضرة المحمدية للأستاذ الدكتور السيد الشريف / محمود صبيح حفظه الله ونفع به ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ اللهم صل على سيدنا محمد عبدك ونبيك ورسولك النبي الأمي وعلى آله وسلم تسليما بقدر عظمة ذاتك في كل وقت وحين)
_________________ صلوات الله تعالى تترى دوما تتوالى ترضي طه والآلا مع صحب رسول الله
|