موقع د. محمود صبيح

منتدى موقع د. محمود صبيح

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ مشاركة واحده ] 
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة: تعليلات جميلة حكيمة, من الحكماء , في مناسبة لقاء الأنبياء ب
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأحد نوفمبر 14, 2021 9:33 am 
غير متصل

اشترك في: الأربعاء فبراير 03, 2010 12:20 am
مشاركات: 7633
تعليلات جميلة حكيمة, من الحكماء , في مناسبة لقاء الأنبياء بخاتم الأنبياء :
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
( نرجع مرة أخرى إلى ما رآه النبي صلى الله عليه وآله وسلّم في ليلة الإسراء والمعراج.
ورأى النبي صلى الله عليه وآله وسلّم النار في ليلة الإسراء, مرة في الأرض ورآها في السماء, ورأى شجرة الزقوم فسبحان من أخرجها وسط نيران لا يعلمها إلا الله، ورأى بعض أنواع العذاب مما تعذب به أمته,
روى أبو يعلى والطبراني وغيرهما عَنْ أَنَسٍ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «أَتَيْتُ عَلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي، فَرَأَيْتُ فِيهَا رِجَالًا تُقْطَعُ أَلْسِنَتُهُمْ وِشِفَاهُهُمْ بِمَقَارِيضَ مِنْ نَارٍ، فَقُلْتُ: يَا جِبْرِيلُ، مَا هَؤُلَاءِ؟، قَالَ: هَؤُلَاءِ خُطَبَاءُ مِنْ أُمَّتِكَ».
ورواه ابن حبان بلفظ:
«رَأَيْتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي رِجَالًا تُقْرَضُ شِفَاهُهُمْ بِمَقَارِضَ مِنْ نَارٍ فَقُلْتُ: مَنْ هَؤُلَاءِ يَا جِبْرِيلُ؟ فَقَالَ: الْخُطَبَاءُ مِنْ أُمَّتِكَ يَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَيَنْسَوْنَ أَنْفُسَهُمْ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا يعقلون».
قلت:
كم عانت الأمة من خطباء الضلالة, وقد رآهم المسلمون في كل عصر, وقد رأيتم أثرهم في تدمير أوطانهم والاستعداء على احتلالها في أحداث صفر الموافق شهر يناير سنة 2011 م.
ورأى النبي صلى الله عليه وآله وسلّم البيت المعمور في ليلة المعراج
والبَيْتُ المَعْمُورُ، هو بيت في السماء السابعة بحيال الكعبة, (فوقها) تحج إليه الملائكة كما نحج نحن إلى الكعبة, يُصَلِّي فِيهِ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ، إِذَا خَرَجُوا لَمْ يَعُودُوا إِلَيْهِ أبداً, وقد رأى النبي صلى الله عليه وآله وسلّم سيدنا إبراهيم مُسْنِدًا ظَهْرَهُ إِلَى الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ، ويسمى البيت المعمور: "الضراح" و "الضَّرِيحُ",
فأما الضُّرَاحُ فورد عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «الْبَيْتُ الَّذِي فِي السَّمَاءِ يُقَالُ لَهُ الضُّرَاحُ، وَهُوَ مِثْلُ بِنَاءِ هَذَا الْبَيْتِ الْحَرَامِ، وَلَوْ سَقَطَ لَسَقَطَ عَلَيْهِ، يَدْخُلُهُ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ، لَا يَعُودُونَ فِيهِ أَبَدًا».
و أما "الضَّرِيحُ" فورد عن علي كرم الله وجهه.
وقد مر حديث أبي هارون العبدي, وما قيل فيه, وفي حديثه هذا قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم: «ثُمَّ دَخَلْتُ الْبَيْتَ الْمَعْمُورَ فَصَلَّيْتُ فِيهِ, فَإِذَا هُوَ يَدْخُلُهُ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ, لَا يَعُودُونَ فِيهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ, ثُمَّ نَظَرْتُ فَإِذَا أَنَا بِشَجَرَةٍ إِنْ كَانَتِ الْوَرَقَةُ مِنْهَا لَمُغَطِّيَةً هَذِهِ الْأُمَّةَ, وَإِذَا فِي أَصْلِهَا عَيْنٌ تَجْرِي فَانْشَعَبَتْ شُعْبَتَيْنِ فَقُلْتُ: مَا هَذَا يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: أَمَّا هَذَا فَهُوَ نَهْرُ الرَّحْمَةِ وَأَمَّا هَذَا فَهُوَ نَهْرُ الْكَوْثَرِ الَّذِي أَعْطَاكَهُ اللَّهُ, فَقَالَ: فَاغْتَسَلْتُ فِي نَهْرِ الرَّحْمَةِ فَغُفِرَ لِي مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِي وَمَا تَأَخَّرَ ...
انتهت مرحلة السموات السبع
وما بقى إلا ذكر الجنة والكوثر, ثم الرفع إلى السدرة, وأحب أن أذكر نقطتين قبل الإنتهاء من هذه المرحلة:
الأولى:
قالوا في سبب إسناد سيدنا إبراهيم ظهره للبيت المعمور كلاماً كثيراً,
ملخصه انشغال سيدنا إبراهيم بربه عن كل شيء ,
وفسروه أيضا بانتظار سيدنا إبراهيم للنبي صلى الله عليه وآله وسلّم , فكان مسندا ظهره للبيت المعمور حتى لا يعطي ظهره للنبي عليهما الصلاة والسلام,
وقالوا:
فليكن قلبك كالبيت المعمور, ينظر إليه
وتكون الأنفاس التي تدخل فإذا خرجت لا ترجع إليه مرة أخرى
بمثابة حال الملائكة مع البيت المعمور, ولتكن الأنفاس معمورة بنور الله.
الثانية:
ما قيل في سبب ترتيب وجود الأنبياء في السماوات.
قال العلامة الصالحي الشامي:
"اختلفت طرق المتكلمين على حديث الإسراء في ذكر من ذكر من الأنبياء وترتيبهم في السماوات، فمن العلماء من لم ير الكلام على سرّ ذلك أصلاً، ومنهم من تكلم فيه،
ثم اختلف هؤلاء،
فمنهم من قال: اختص من ذكر من الأنبياء بلقاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم على عرف الناس إذا تلقّوا الغائب مبتدرين للقائه، فلا بدّ غالباً أن يسبق بعضهم بعضاً، ويصادف بعضهم اللقاء ولا يصادفه بعضهم وإلى هذا جنح ابن بطّال وهذا زيّفه السهيلي فأصاب.
وذهب غير ابن بطّال إلى أن ذلك تنبيه على الحالات الخاصة بهؤلاء الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين وتمثيل لما سيقع للنبي صلى الله عليه وآله وسلّم مما اتفق لهم مما قصّه الله تعالى عنهم في كتابه. والنبي صلى الله عليه وآله وسلّم كان يحب الفأل الحسن ويستدل على حسن العاقبة وبالضدّ من ذلك. والفأل في اليقظة نظير الرؤيا في المنام. وأهل التعبير يقولون من رأى نبياً من الأنبياء بعينه في المنام فإن رؤياه تؤذن بما يشبه من حال ذلك النبي من شدّة أو رخاء أو غير ذلك من الأمور التي أخبر بها عن الأنبياء في القرآن والحديث.
قال ابن أبي جمرة:
«الحكمة في كون آدم في السماء الدنيا لأنه أول الأنبياء وأول الآباء فهو أصل فكان الأوّل في الأولى، ولأجل تأنيس النبوّة بالأبوة» وقال السهيلي رحمه الله:
«فآدم وقع التنبيه بما وقع له من الخروج من الجنة إلى الأرض بما سيقع للنبي صلى الله عليه وآله وسلّم من الهجرة إلى المدينة، والجامع بينهما ما حصل لكل منهما من المشقّة وكراهة فراق ما لقيه في الوطن، ثم كان لكل منهما أن يرجع إلى وطنه الذي خرج منه».
وقال ابن دحية: «إن في ذلك تنبيهاً على أنه يقوم مقامه في مبدأ الهجرة لأن مقام آدم التهيئة والنشأة وعمارة الدنيا بأولاده، وكذا كان مقام المصطفى أول سنة من الهجرة مقام تنشئة الإسلام وتربية أهله واتخاذ الأنصار لعمارة الأرض كلها بهذا الدين الذي أظهره الله على الدين كله، وزوى الأرض لنبيّه حتى أراه مشارقها ومغاربها، وقال صلى الله عليه وآله وسلّم: «وليبلغنّ ملك أمّتي ما زوى لي منها».
واتفق ذلك في زمن هشام بن عبد الملك حتى جيء إليه خراج الأرض شرقاً وغرباً، وكان إذا نشأت سحابة يقول: «أمطري حيث شئت فسيصل إليّ خراجك».
ثم رأى في السماء الثانية عيسى ويحيى وهما الممتحنان باليهود. أما عيسى فكذّبته اليهود وآذته وهمّوا بقتله فرفعه الله تعالى، وأما يحيى فقتلوه، ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم بعد انتقاله إلى المدينة صار إلى حالة ثانية من الامتحان. وكانت محنته فيها باليهود آذوه وظاهروا عليه وهمّوا بإلقاء الصخرة عليه ليقتلوه فنجّاه الله تعالى كما نجّى عيسى منهم ثم سمّوه في الشاة، فلم تزل تلك الأكلة تعاوده حتى قطعت أبهره كما قال عند الموت. وقال ابن أبي جمرة: لأنهما أقرب الأنبياء عهداً بسيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم.
وقال ابن دحية:
كانت حالة عيسى ومقامه معالجة بني إسرائيل والصبر على معاداة اليهود وحيلهم ومكرهم، وطلب عيسى الانتصار عليهم بقوله: (مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ) أي مع الله؟
(قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ) (آل عمران 52)
فهذه كانت حالة نبينا صلى الله عليه وآله وسلّم في السنة الثانية من الهجرة، ففيها طلب الأنصار للخروج إلى بدر العظمى فأجابوا ونصروا،
فلقاؤه لعيسى في السماء الثانية تنبيه على أنه سيلقى مثل حاله ومقامه في السنة الثانية من الهجرة.
وأما لقاؤه ليوسف عليه السلام في السماء الثالثة فإنه يؤذن بحالة ثالثة تشبه حال يوسف بما جرى له مع إخوته الذين أخرجوه من بين أظهرهم ثم ظفر بهم فصفح عنهم وقال: (لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) (يوسف 92) وكذلك نبيّنا عليه الصلاة والسلام أخرجه قومه ثم ظفر بهم في غزوة الفتح فعفا عنهم وقال: «أقول كما قال أخي يوسف: (لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ) (يوسف 92)».
قال ابن أبي جمرة:
لأن أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلّم يدخلون الجنة على صورته،
زاد ابن أقرص : وإشارة إلى جعله على خزائن الأرض.
وقال ابن دحية:
مناسبة لقائه ليوسف في السماء الثالثة أن السنة الثالثة من سني الهجرة اتفقت فيها غزوة أحد وكانت على المسلمين لم يصابوا بنازلة قبلها ولا بعدها مثلها، فإنها كانت وقعة أسف وحزن.
وأهل التعبير يقولون:
من رأى أحداً اسمه يوسف آذن ذلك من حيث الاشتقاق ومن حيث قصة يوسف عليه السلام بأسف يناله. قال ابن دحية: فإن كان يوسف النبي فالعاقبة حميدة والآخرة خير من الأولى.
ومما اتفق في غزوة أحد من المناسبة شيوع قتل المصطفى فناسب ما حصل للمسلمين من الأسف على فقد نبيهم ما حصل ليعقوب من الأسف على يوسف لاعتقاده أنه فقد إلى أن وجد ريحه بعد تطاول الأمد. ومن المناسبة أيضاً بين القصتين أن يوسف كيد وألقي في غيابة الجبّ حتى أنقذه الله تعالى علي يد من شاء.
قال ابن إسحاق:
وكبّت الحجارة على جبهة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم من قريش حتى سقط لجنبه في حفرة كان أبو عامر الفاسق قد حفرها مكيدة للمسلمين، فأخذ علي كرم الله وجهه بيد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم واحتضنه طلحة حتى قام.
قال السهيلي:
«ثم لقاؤه لإدريس عليه السلام في السماء الرابعة وهو المكان الذي سمّاه الله (مَكَانًا عَلِيًّا) (مريم 57) وإدريس أول من آتاه الله الخط بالقلم فكان ذلك مؤذناً بحال رابعة وهي علوّ شأنه عليه السلام حتى خافه الملوك وكتب إليهم يدعوهم إلى طاعته
حتى قال أبو سفيان وهو عند ملك الروم حين جاءه كتاب النبي صلى الله عليه وآله وسلّم ورأى ما رأى من خوف هرقل: لقد أَمِرَ أَمْرُ ابن أبي كبشة حتى أصبح يخافه ملك بني الأصفر،
[وكتب عنه بالقلم إلى جميع ملوك الأرض فمنهم من اتبعه على دينه كالنجاشي وملك عمان، ومنهم من هادنه وأهدى إليه وأتحفه كهرقل والمقوقس، ومنهم من تعصّى عليه فأظهره الله عليه، فهذا مَقَامٌ عَلِيّ وخط بالقلم كنحو ما أوتى إدريس عليه السلام].
«ولقاؤه في السماء الخامسة لهارون المحبّب في قومه يؤذن بحبّ قريش وجميع العرب له بعد بغضهم فيه». وقال ابن أبي جمرة: إنما كان هارون في الخامسة لقربه من أخيه موسى، وكان موسى أرفع منه بفضل كلام الله تعالى. وقال ابن دحية ما نال هارون من بني إسرائيل من الأذى ثم الانتصار عليهم والإيقاع بهم وقصر التوبة فيهم على القتل دون غيره من العقوبات المنحطّة عنه، وذلك أن هارون عند ما تركه موسى في بني إسرائيل وذهب لموعد المناجاة تفرّقوا على هارون وتحزّبوا عليه وداروا حول قتله ونقضوا العهد وأخلفوا الموعد واستضعفوا جانبه كما حكى الله تعالى ذلك عنهم
وكانت الجناية العظمى التي صدرت منهم عبادة العجل فلم يقبل الله تعالى منهم التوبة إلا بالقتل فقتل في ساعة واحدة سبعون ألفاً، كان نظير ذلك في حقه صلى الله عليه وآله وسلّم ما لقيه في السنة الخامسة من الهجرة من يهود قريظة والنّضير وقينقاع، فإنهم نقضوا العهد وحزّبوا الأحزاب وجمعوها وحشدوا وحشروا وأظهروا عداوة النبي صلى الله عليه وآله وسلّم وأرادوا قتله. وذهب إليهم قبل الوقعة بزمن يسير يستعينهم في دية قتيلين فأظهروا إكرامه وأجلسوه تحت جدار ثم تواعدوا أن يلقوا عليه رحى، فنزل جبريل فأخبره بمكرهم الذي همّوا به.
فمن حينئذ عزم على حربهم وقتلهم، وفعل الله تعالى ذلك، وقتل قريظة بتحكيمهم سعد بن معاذ، فقتلوا شرّ قتلة وحاق المكر السّيء بأهله. ونظير استضعاف اليهود لهارون استضعافهم المسلمين في غزوة الخندق كما سيأتي بسط ذلك.
ولقاؤه في السماء السادسة لموسى يؤذن بحالة تشبه حالة موسى حين أمر بغزو الشام، فظهر على الجبابرة الذين كانوا فيها وأدخل بني إسرائيل البلد الذي خرجوا منه بعد إهلاك عدوهم، وكذلك غزا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم تبوك من أرض الشام وظهر على صاحب دومة حتى صالحه على الجزية
وقال ابن دحية:
«يؤذن لقاؤه في السادسة بمعالجة قومه فإن موسى ابتلي بمعالجة بني إسرائيل والصبر على أذاهم، وما عالجه المصطفى في السنة السادسة لم يعالج قبله ولا وبعده مثله، ففي هذه السنة افتتح خيبر وفدك وجميع حصون اليهود وكتب الله عليهم الجلاء وضربهم بسوط البلاء
وعالج النبي صلى الله عليه وآله وسلّم في هذه السنة كما عالج موسى من قومه، أراد أن يقيم الشريعة في الأرض المقدسة وحمل قومه على ذلك فتقاعدوا عنه وقالوا: (إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا) (المائدة 22). وفي الآخر سجّلوا بالقنوط فقالوا: (إِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا أَبَدًا مَّا دَامُوا فِيهَا) (المائدة 24)، فغضب الله عليهم وحال بينهم وبينها، وأوقعهم في التيه. وكذلك أراد النبي صلى الله عليه وآله وسلّم في السنة السادسة أن يدخل بمن معه مكة يقيم بها شريعة الله وسنّة إبراهيم، فصدّوه فلم يدخلها في هذا العام،
فكان لقاؤه لموسى تنبيهاً على التّأسي به وجميل الأثر في السنة القابلة.
ثم لقاؤه في السماء السابعة لإبراهيم عليه السلام لحكمتين: إحداهما أنه رآه عند البيت المعمور مسنداً ظهره إليه. والبيت المعمور حيال الكعبة وإليه تحج الملائكة، كما أن إبراهيم هو الذي بنى الكعبة وأذن في الناس بالحجّ إليها، والحكمة الثانية أن آخر أحوال النبي صلى الله عليه وآله وسلّم حجة إلى البيت الحرام وحج معه في ذلك العام نحو من سبعين ألفاً من المسلمين. ورؤية إبراهيم عند أهل التأويل تؤذن بالحج؛ لأنه الداعي إليه والرافع لقواعد الكعبة المحجوجة.
قال ابن أبي جمرة:
«وإنما كان إبراهيم في السماء السابعة لأنه الأب الأخير، فناسب أن يتجدد للنبي صلى الله عليه وآله وسلّم بلقائه أنس لتوجهه بعده إلى عالم آخر، وأيضاً فمنزلة الخليل تقتضي أرفع المنازل، ومنزلة الحبيب أرفع من منزلته فلذلك ارتفع النبي صلى الله عليه وآله وسلّم عن منزلة إبراهيم إلى قاب قوسين أو أدنى».
وقال ابن دحية:
«مناسبة لقائه لإبراهيم عليه السلام في السماء السابعة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلّم اعتمر عمرة القضاء في السنة السابعة من الهجرة، ودخل مكة وأصحابه ملبّين معتمرين محيياً لسنّة إبراهيم ومقيماً لرسمه الذي كانت الجاهلية أماتت ذكره وبدّلت أمره.
وفي بعض الطرق أنه رأى إبراهيم مسنداً ظهره إلى البيت المعمور في السماء السابعة، وذلك- والله أعلم- إشارة إلى أنه يطوف بالكعبة في السنة السابعة وهي أول دخلة دخل فيها مكة بعد الهجرة. والكعبة في الأرض قبالة البيت المعمور.
وفي قوله صلى الله عليه وآله وسلّم في وصف البيت المعمور:
«فإذا هو يدخله كل يوم سبعون ألفاً لا يرجعون إليه إلى آخر الدهر إشارة إلى أنه إذا دخل البيت الحرام لا يرجع إليه؛ لأنه لم يدخله بعد الهجرة إلا عام الفتح
ولم يعاوده في حجة الوداع". انتهى
قلت:
تعليلات جميلة, حكيمة,
ولبعض أهل الله كلام فيما يسمى بالدورات, نتوسع فيه بإذن الله في كتاب السيرة.)
ـــــــــــــــــــــ
من كتاب : على أعتاب الحضرة المحمدية
للأستاذ الدكتور السيد الشريف / محمود صبيح حفظه الله ونفع به
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد الفاتح لما أغلق والخاتم لما سبق والناصر الحق بالحق والهادي إلى صراطك المستقيم, وعلى آله حق قدره ومقداره العظيم

_________________
صلوات الله تعالى تترى دوما تتوالى ترضي طه والآلا مع صحب رسول الله


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ مشاركة واحده ] 

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: [AhrefsBot] و 23 زائر/زوار


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
© 2011 www.msobieh.com

جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في المنتديات تعبر عن رأي أصحابها فقط