13 ــ الطريق إلي الله أوقفني في الموت فرأيت الأعمال كلها سيئات, ورأيت الخوف يتحكم علي الرجاء, ورأيت الغني قد صار نارا, ورأيت الفقر خصما يحتج, ورأيت كل شيء لا يقدر علي شيء, ورأيت الملكوت خداعا, وناديت يا علم فلم يجبني, وناديت يا معرفة فلم تجبني, ورأيت كل شيء قد أسلمني, ورأيت كل خليقة قد هرب مني, وبقيت وحدي, وجاءني العمل فرأيت فيه الوهم الخفي.
فما نفعني إلا رحمة ربي, وقال لي أين عملك فرأيت النار, وقال لي أين معرفتك فرأيت النار, وكشف لي عن معارفه الفردانية فخمدت النار.
وقال لي: أنا وليك.. فثبت, وقال لي: أنا معرفتك.. فنطقت, وقال لي: أنا طالبك.. فخرجت..( النفري).
خرجت من رحم الأم إلي سطح الأرض, ولدت والفجر يوشك علي الأذان والمؤذن يبتهل بقوله: يا أرحم الراحمين ارحمنا.
أخيرا وصلت إلي الدنيا. حمل ميلادي فرحة عارمة للأسرة, كنت أول عطاء من الله لهما في الذرية, مات قبلي شقيق وهو في بطن أمي, وكان وجوده سيؤدي إلي وفاة الأم, واختارت العائلة بقاء الأم, وهكذا ولدت بعد يأس ومخاوف, ولكنني عوضت هذه المخاوف بولادة سهلة للغاية, ويبدو أن رغبتي في القدوم إلي الدنيا غلبت علي, فلم أكد أصدق انفراج باب الرحم حتي سارعت بالنزول. كانت جدتي لأمي هي أول من تلقاني من الأرض, وكانت أول من لفني في الثياب. بكيت قليلا شأن كل الأطفال, ولم أكن أبكي لسبب.
كنت أريد أن أسمع صوتي. لقد ظللت قرونا كاملة صامتا لا أتكلم, ولا أكتب, ولا أري, ولا أسمع.. أخيرا دبت في الحياة. كنت أبكي وكانوا يضحكون.. أخيرا رزقنا الله بولد.
يتبع بمشيئة الله
|