26 ـ الطريق إلي الله جاء شهر رمضان أخيرا مثلما تجيء أيام السعادة الحلوة التي لا تلبث أن تجري من بين أصابعك كما تجري المياه.
وشهر رمضان عند الأطفال هو الفانوس الملون, والشمعة المشتعلة, والإنسان يخاف من الظلام, ويمثل الظلام عند الأطفال خوفا أشد, ويبدو أن فترات الظلام التي عاشت فيها البشرية كانت طويلة فتراكمت داخل الوعي حقبا بعد حقب.
وفي شهر رمضان يشعل الأطفال شمعة واحدة تبدد الظلام, وهذه هي حقيقة شهر رمضان.
إننا نزيد في هذا الشهر من الصلاة, ومن قراءة القرآن, والصلاة صلة بنور السماوات والأرض, والقرآن كلمات من نور, وهو نور يضيء العقل المدرك, والعقل الباطن.. أي أنه يضيء العقل والفؤاد معا,, وعلي هدي الضوء يري العقل ويري الفؤاد.
قال تعالي: ما كذب الفؤاد ما رأي.
أرأيت فؤادا يري؟ هذه هي الرؤية الصحيحة للهلال.. وغيرها من الرؤي صور وأخيلة.
فإذا تعلم فؤادك الرؤية تعلمت عيناك أسرار البكاء.
إن شاء الله أن يعاوننا جعلنا نميل إلي الحزن والشجي.
فما أهنأ العين التي تبكي من أجله, وما أسعد القلب الذي يحترق في سبيله.
وكل بكاء عاقبته الضحك, والبصير بالعواقب عبد مبارك, فأينما وجدت الماء الجاري وجدت الخضرة, وحيثما وجدت الدمع المنهمر وجدت الرحمة.
فكن مثل الساقية باكيا مبتل العينين حتي تنبت الخضرة في رحاب روحك.
وإذا أردت الدموع فرفقا بمن تفيض منه الدموع, وإن أردت الرحمة فارحم الضعفاء( جلال الدين الرومي) المثنوي المعنوي.
انصرمت أيام شهر رمضان كعقد من اللؤلؤ انفرط في صحراء العطش.. وقديما قال الرسول صلي الله عليه وسلم: إن لله في أيام دهركم نفحات.. ألا فتعرضوا لها.
لم يكن ممكنا للطفولة أن تعي هذا كله أو تفهمه.. ومن ثم اكتفينا بالدهشة. يتبع بمشيئة الله
|