قال أهل التحقيق : الذي نختاره وندين الله به أن السيدة فاطمة بنت سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم سيدة نساء العالمين : ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ( 2 ـ بعض فضائل الخمسة أهل العباء : السيدة فاطمة الزهراء رضي الله تعالى عنها: روى الترمذي وغيره عن أسامة بن زيد رضي الله تعالى عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: " أحب أهلي إلي : فاطمة ". وروى الطبراني عن أبي هريرة أن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه قال: يارسول الله أينا أحب إليك أنا أم فاطمة؟ قال : " فاطمة أحب إلي منك. وأنت أعز علي منها ". قال سيدي عبد الوهاب الشعراني: فصرح صلى الله عليه وآله وسلم بأن فاطمة أحب إليه من علي , وأما كونه أعز فنحتاج إلى دليل هل هو أعلى مِن أحب أم دونه؟ فتأمل . اهـ. وروى عن كثير من الصحابة أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: " إذا كان يوم القيامة نادى مناد من بطنان العرش: ياأهل الجمع نكسوا رؤوسكم وغضوا أبصاركم حتى تمر فاطمة بنت محمد على الصراط إلى الجنة ". وعن أبي أيوب: " فتمر مع سبعين ألف جارية من الحور العين كمر البرق ". ... وروى ابن حبان عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: ما رأيت أحدا أشبه كلاما وحديثا برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من فاطمة , وكانت إذا دخلت قام إليها ورحب بها وأخذ بيدها وأجلسها في مجلسه. وروى الطبراني بإسناد صحيح على شرط الشيخين. قالت عائشة رضي الله تعالى عنها: ما رأيت أحدا قط أفضل من فاطمة غير أبيها. وروى الطبراني وغيره بإسناد حسن عن علي أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال لفاطمة:" إن الله يغضب لغضبك ويرضى لرضاك ". وفي الجامع الصغير: " فاطمة بضعة مني يغضبني ما يغضبها ". وفي رواية:" فمن أغضبها أغضبنى ". وروى ابن حبان وغيره عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " إن ملكا من السماء لم يكن زارني فأستأذن ربي في زيارتي , فبشرني وأخبرني أن فاطمة سيدة نساء أمتي ". روى ابن عبد البر أنه صلى الله عليه وآله وسلم قال لها:" يا بنيَّة ألا ترضين أنك سيدة نساء العالمين؟ قالت ياأبت فأين مريم؟ قال: تلك سيدة نساء عالمها ". وصرح بأفضليتها على سائر النساء حتى السيدة مريم كثير من العلماء المحققين منهم التقي السبكي والجلال السيوطي والبدر الزركشي والتقي المقريزي. وعبارة السبكي حين سأل عن ذلك: الذي نختاره وندين الله به أن فاطمة بنت محمد أفضل. وسئل عن مثل ذلك ابن أبي داود فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال:" فاطمة بضعة مني ". ولا أعدل ببضعة رسول الله أحدا: وعبارة المناوي في شرح قوله صلى الله عليه وآله وسلم:" فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام ". قال جمع من السلف والخلف: لا نعدل ببضعة المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم أحدا , قال البعض: وبه يعلم أن بقية اولاده صلى الله عليه وآله وسلم كفاطمة رضي الله تعالى عنها. انتهى. وقال الحافظ ابن حجر: يدل لتفضيل بناته على زوجاته خبر أبي يعلى عن عمر مرفوعا: " تزوج حفصة خير من عثمان , وتزوج عثمان خير من حفصة ". وروى النسائي أنه صلى الله عليه وآله وسلم قال: " إن ابنتي فاطمة حوراء آدمية , لم تحض ولم تطمث " قال الحافظ السيوطي في الخصائص: ومن خصائص ابنته فاطمة أنها كانت لا تحيض , وكان إذا ولدت طهرت من نفاسها بعد ساعة حتى لا تفوتها صلاة , ولذلك سميت الزهراء , ولما جاعت وضع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يده على صدرها فما جاعت بعد , ولما احتضرت غسلت نفسها , وأوصت أن لا يكشفها أحد فدفنها علي رضي الله تعالى عنه بغسلها ذلك. ا هـ. وأما تسميتها بالبتول فقال الصبان: سميت بذلك لانقطاعها عن نساء زمانها فضلا ودينا ونسبا. والبتل في اللغة: القطع , قال: ومع كونها في تلك المنزلة الرفيعة كانت رضي الله تعالى عنها في غاية من ضيق العيش , تنبيها للغافلين على أن الدنيا ليست مطمح نظر الكاملين. روى أحمد: " أن بلالا أبطأ عن صلاة الصبح فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم ما حبسك؟ قال: مررت بفاطمة , وهي تطحن والصبي يبكي فقلت: إن شئت كفيتك الرحا , وإن شئت كفيتك الصبي , فقالت أنا أرفق بابني منك , فذاك الذي حبسني عنك ". وروى أحمد بسند جيد عن علي أنه قال لفاطمة: قد جاء أباك خدم كثير فاذهبي فاستخدميه , ثم أتيا إليه جميعا , فقالت فاطمة: يارسول الله لقد طحنت حتى كلت يدي , وقد جاءك الله بسبعة فأخدمنا: يعني أعطنا خادما فقال:" والله لا أعطيك وأدع أهل الصُّفَّة تطوى بطونهم من الجوع , ثم قال: ألا أخبركما بخير مما سألتمانى؟ فقال بلى. قال: كلمات علَّمنيهنَّ جبريل: إذا أتيتما إلى فراشكما فاقرآ آية الكرسي وسبحا ثلاثا وثلاثين , وأحمدا ثلاثا وثلاثين , وكبرا أربعا وثلاثين". ا هـ. وقد زوجها صلى الله عليه وآله وسلم لعلي رضي الله عنه بأمر الله تعالى في السنة الثانية من الهجرة. عقد عليها في المحرم على بعض الروايات , ودخل بها في ذي الحجة , وهي ابنة خمس عشرة سنة , وهو ابن إحدى وعشرين سنة , ولم يتزوج عليها حتى ماتت , ودعا لها صلى الله عليه وآله وسلم ليلة الدخول بقوله:" اللهم إني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم ". ودعا بمثله لعلي رضي الله تعالى عنه , ولهما بقوله أيضا:" جمع الله شملكما ". فجعل الله نسلهما مفاتيح الرحمة , ومعادن الحكمة. وأمن الأمة , وبقوله صلى الله عليه وآله وسلم مخاطبا لهما:" بارك الله لكما , وبارك فيكما , وأعز جدكما , وأخرج منكما الكثير الطيب ". قال أنس رضي الله تعالى عنه: فوالله لقد أخرج منهما الكثير الطيب , وهذه خطبته عليه الصلاة والسلام حين عقد النكاح بعد أن دعا أجلاء الصحابة من المهاجرين والأنصار , فلما اجتمعوا لديه وأخذوا مجالسهم وكان علي رضي الله تعالى عنه غائبا قال صلى الله عليه وآله وسلم: " الحمد لله المحمود بنعمته، المعبود بقدرته، المطاع سلطانه، المرهوب من عذابه وسطوته، النافذ أمره في سمائه وأرضه، الذي خلق الخلق بقدرته، وميزهم بأحكامه، وأعزم بدينه، وأكرمهم بنبيه محمد صلى الله عليه وسلم. إن الله تبارك اسمه، وتعالت عظمته، جعل المصاهرة نسباً لاحقاً، وأمراً مفترضاً أوشج به الأرحام، وألزم الأنام، فقال عز من قائل: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً}. فأمر الله تعالى يجري إلى قضائه، وقضاؤه يجري إلى قدره، ولكل قضاء قدر، ولكل قدر أجل، ولكل أجل كتاب:" يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَبِ ". ثم إن الله تعالى أمرني أن أزوج فاطمة من علي ابن أبي طالب، فاشهدوا أني قد زوجته إياها على أربعمائة مثقال فضة إن رضي علي بذلك ". ثم دخل علي رضي الله عنه، فتبسم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في وجهه , وقال:" إن الله عز وجل أمرني أن أزوجك فاطمة على أربعمائة مثقال فضة أرضيت بذلك؟ ". فخطب خطبة وقال: رضيت بذلك يا رسول الله , ولم يتزوج عليها رضي الله تعالى عنها حتى ماتت , ولما خطب جويرية بنت أبي جهل قام صلى الله عليه وآله وسلم على المنبر وقال:" إن بني هاشم ابن المغيرة استأذنوني في أن ينكحوا ابنتهم علي بن أبي طالب، فلا آذن لهم ثم لا آذن لهم , إلا أن يريد ابن أبي طالب أن يطلق ابنتي وينكح ابنتهم، إنما هي بضعة مني , يَريبني ما رابها ويؤذيني ما آذاها , والله لا تجتمع بنت رسول الله وبنت عدو الله عند رجل أبدا ". فترك علىّ الخِطبة. قال أبو داود: حرم الله على علي رضي الله عنه أن ينكح على فاطمة رضي الله تعالى عنها مدة حياتها. توفيت رضي الله تعالى عنها بعد أبيها صلى الله عليه وآله وسلم بستة أشهر ليلة الثلاثاء لثلاث خلون من رمضان سنة إحدى عشرة.) ــــــــــــــــــــــــــ من كتاب / الشرف المؤبد / للعارف النبهاني رضي الله عنه ـــــــــــــــــــــــ اللهم صل على سيدنا محمد النور وآله وسلم
_________________ صلوات الله تعالى تترى دوما تتوالى ترضي طه والآلا مع صحب رسول الله
|