لم ينقل لأحد من الصحابة رضي الله عنهم : ما نقل لسيدنا علي عليه السلام : ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ( 3 ـ بعض فضائل الخمسة أهل العباء : أبو الحسنين أمير المؤمنين علي بن أبي طالب: رضي الله تعالى عنه قال الحافظ ابن حجر: هو أول الناس إسلاما في قول الكثير من أهل العلم. ولد قبل البعثة بعشر سنين على الصحيح فربي فى حجر النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولم يفارقه , وشهد معه المشاهد كلها إلا غزوة تبوك فقال له بسبب تأخيره له بالمدينة:" ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى ". وزوجه ابنته فاطمة , وكان اللواء بيده في أكثر المشاهد , ولما آخى النبي صلى الله عليه وآله وسلم بين أصحابه قال له:" أنت أخي ". ومناقبه كثيرة حتى قال الإمام أحمد: " لم ينقل لأحد من الصحابة ما نقل لعلى ". وقال غيره: وكان سبب ذلك تنقيص بني أمية له , فكان كل من كان عنده علم من شئ من مناقبه من الصحابة يثبته , وكلما أرادوا إخماده وهددوا من حدث بمناقبه لا تزداد إلا انتشارا , وقد ولد له الرافضة مناقب موضوعة هو غني عنها. وتتبع النسائي ما خص به دون الصحابة فجمع من ذلك شيئا كثيرا أسانيد أكثرها جياد. " لأدفعنَّ الرَّاية غدا إلى رجل يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله , يفتح الله على يديه ". فلما أصبح رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم غدوا وكل واحد منهم يرجو أن يعطاها فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:" أين علي بن أبي طالب؟ ". فقالوا: هو يشتكي عينه , فأتى به فبصق في عينيه فدعا له خيرا وأعطاه الراية. وعن عمر رضي الله تعالى عنه: ما أحببت الإمارة إلا ذلك اليوم. وروى عبد الله بن أحمد بن حنبل من حديث جابر أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما دفع الراية لعلي يوم خيبر, أسرع فجعلوا يقولون له ارفق , حتى انتهى إلى الحصن فاجتذب بابه فألقاه على الأرض , ثم اجتمع عليه سبعون رجلا , حتى أعادوه. وبعثه صلى الله عليه وآله وسلم ليقرأ سورة براءة على قريش وقال:" لا يذهب إلا رجل مني وأنا منه ". وقال لبني عمه:" أيكم يواليني في الدنيا والآخرة؟ فأبوا فقال علي: أنا , فقال صلى الله عليه وآله وسلم:" إنه وليِّي في الدنيا والآخرة ". وعن عمران بن حصين رضي الله تعالى عنه أنه صلى الله عليه وآله وسلم قال:" ما تريدون من علي؟ إن عليا مني وأنا من علي, وهو ولي كل مؤمن بعدي". ونقل الحافظ ابن حجر في الإصابة عن مسند أحمد بن حنبل بسند جيد عن علي رضي الله تعالى عنه قيل:" يا رسول الله: من تؤمر بعدك؟ قال:" إن تؤمروا أبا بكر تجدوه أمينا زاهدا في الدنيا راغبا في الآخرة , وإن تؤمروا عمر تجدوه قويا أمينا لا يخاف في الله لومة لائم , وإن تؤمروا عليا , وما أراكم فاعلين , تجدوه هاديا مهديا يأخذ بكم الطريق المستقيم ". وعن ابن عباس قال قال لي علي: يا ابن عباس إذا صليت العشاء الآخرة فالحق إلى الجبانة قال: فصليت ولحقته وكانت ليلة مقمرة قال: فقال لى: ما تفسير الألف من الحمد؟ قلت: لا أعلم , فتكلم في تفسيرها ساعة تامة , ثم قال: ما تفسير اللام من الحمد؟ قلت: لا أعلم , فتكلم فيها ساعة تامة , ثم قال: ما تفسير الحاء من الحمد؟ قلت: لا أعلم , فتكلم فيها ساعة تامة , ثم قال: ما تفسير الميم من الحمد؟ قلت: لا أعلم , قال: فتكلم في تفسيرها ساعة تامة , قال: فما تفسير الدال من الحمد؟ قال: قلت لا أدري , فتكلم فيها إلى أن بزغ عمود الفجر قال: وقال لي قم يا ابن عباس إلى منزلك فتأهب لفرضك فقمت , وقد وعيت ما قال ثم تفكرت فإذا علمي بالقرآن في علم علي , كالقرارة فى المثعنجر قال: القرارة: الغدير الصغير والمثعنجر: البحر. وقال ابن عباس:" علم رسول الله من علم الله , وعلم علي من علم رسول الله , وعلمي من علم علي , وما علمي وعلم أصحاب محمد في علم علي إلا كقطرة في سبعة أبحر ". فانظر كيف تفاوت الخلق في العلوم والفهوم. ويقال أن عبد الله بن عباس أكثر البكاء على علي حتى ذهب بصره. قال أبو الطفيل: شهدت عليا يخطب وهو يقول: " سلونى فوالله ما من آية إلا وأنا أعلم أبليل نزلت أم بنهار أم في سهل أم في جبل , ولو شئت أوقرت سبعين بعيرا من تفسير فاتحة الكتاب ". وقال ابن عباس: لقد أعطي علي تسعة أعشار العلم , وايم الله لقد شاركهم في العشر العاشر ". وكان معاوية يكتب فيما ينزل به فيسأل علي بن أبى طالب , فلما بلغه قتله قال: لقد ذهب الفقه والعلم بموت ابن أبي طالب , وكان عمر يتعوذ من معضلة ليس لها أبو الحسن. وسئل عطاء أكان في أصحاب محمد أحد أعلم من علي؟ قال: لا والله ما أعلمه. وقال معاوية يوما لضرار الصدائي أحد أصحاب علي صف لي عليا قال: أعفني يا أمير المؤمنين. قال: لتصفنه , قال: أما إذ لا بد من وصفه: فكان , والله , بعيد المدى شديد القوى , يقول فصلاً ويحكم عدلاً , يتفجر العلم من جوانبه , وتنطق الحكمة من نواحيه , ويستوحش من الدنيا وزهرتها , ويستأنس بالليل ووحشته , وكان غزير العبرة طويل الفكرة , يعجبه من اللباس ما قصر , ومن الطعام ما خشن , وكان فينا كأحدنا , يجيبنا إذا سألناه , وينبئنا إذا استنبأناه , ونحن والله مع تقريبه إيانا وقربه منا لا نكاد نكلمه هيبةً له , يعظم أهل الدين ويقرب المساكين , لا يطمع القوي في باطله , ولا ييئس الضعيف من عدله , وأشهد أنه لقد رأيته في بعض مواقفه وقد أرخى الليل سدوله قابضاً على لحيته يتململ تململ السليم , ويبكي بكاء الحزين , ويقول: يا دنيا غري غيري أإليّ تعرضت؟ أم إلي تشوفت؟ هيهات قد أبنتك ثلاثاً لا رجعة فيها، فعمرك قصير , وخطرك قليل. آهٍ من قلة الزاد , وبعد السفر , ووحشة الطريق. فبكى معاوية وقال: رحم الله أبا الحسن، كان والله كذلك , فكيف حزنك عليه يا ضرار؟ قال: حزني حزن من ذبح ولدها على حجرها. وسيأتي تخصيصه أيضا بذكر نبذة أخرى من فضائله مع الخلفاء الراشدين في خاتمة هذا الكتاب إظهارا للمزيتين وإيفاء بحق الفضيلتين .) ــــــــــــــــــــــــــ من كتاب / الشرف المؤبد / للعارف النبهاني رضي الله عنه ـــــــــــــــــــــــ اللهم صل على سيدنا محمد النور وآله وسلم
_________________ صلوات الله تعالى تترى دوما تتوالى ترضي طه والآلا مع صحب رسول الله
|