موقع د. محمود صبيح

منتدى موقع د. محمود صبيح

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ مشاركة واحده ] 
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة: ما حسّنه الشرع فهو حسن وما قبّحه الشرع فهو قبيح
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء سبتمبر 01, 2004 8:31 am 
غير متصل

اشترك في: السبت يوليو 10, 2004 1:37 am
مشاركات: 136
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

لقد أمر الله تبارك وتعالى بالقول السديد وهو عبارة عن القول الذي حسّنه الشرع . ليس القول الحسن ما يعتبره الناس الذين ليس لهم فهم في الدين قولاً حسنا. لأن الناس الذين لا عبرة بهم لجهلهم بالدين قد يرون القول الفاسد حسنًا، وقد يرون القول الحسن في شرع الله قولا فاسدا. إنما العبرة بالناس الذين لهم فهم بالدين أي يعرفون كتاب الله ويعملون بأحكامه فهؤلاء الذين يُعتبر فهمهم صحيحا ويقتدى بهم.

فالقاعدة الدينية والتي لا يختلف فيها اثنان من المسلمين (( أن ما حسّنه الشرع فهو حسن وما قبّحه الشرع فهو قبيح )) .

إن مما ابتلينا به في هذا العصر أناسًا يروّجون الأكاذيب الملفقة والأقاويل الفاسدة باسم الصوفية وهم في الحقيقة ما عرفوا من الصوفية إلا الاسم بل هم بعيدون كل البعد عن التصوف.

كما نرى أناسًا ءاخرون يذمون الصوفية بالإطلاق ويعتبرون التصوف كفرًا وزندقة.

ليست الصوفية مذمومة على الإطلاق بل المذموم هو من ادعى التصوف ثم خالف الشريعة وترك العمل بما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه لا بد للصوفي أن يعمل بما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ظاهرًا وباطنًا ليس كما يقول بعض مدعي التصوف عن الذين يشتغلون بالعلم أنتم أهل الظاهر أما نحن أهل الباطن ، يقولونها على معنى الذم وهذا فساد لا يقبله الدين.

فالتصوف هو صفاء المعاملة مع الله والصدق بالقول والعمل والنية ، واجتناب المحرم والتزام الواجب والإكثار من نوافل الطاعات وتعلق القلب بالآخرة والعطف على الفقراء والمساكين ومساعدة الأرامل والمحتاجين وعدم تعلق القلب بالدنيا وزينتها مع التواضع والانكسار وغض البصر وحفظ الجوارح مع الحلم والتأدب بآداب الشريعة واتباع الرسول في كل صغيرة وكبيرة ، والعمل بقول الله تعالى { قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله } . فالصوفية هم الذين صفت نفوسهم وزكت أعمالهم. فمن كان بهذه الصفة فهو من أحباب الله تعالى، وقد كان أول الصوفية أبو بكر الصديق رضي الله عنه ثم أشباهه في سيرته التي هي صفاء المعاملة واتباع الرسول. فمن عامل ربه معاملة صافية وأخلص لله في سره وأحسن نيته فذلك هو الصوفي الذي تستنزل الرحمات بذكره.

وقد كان أكبر الصوفية من التابعين (( أويس القرَني )) الذي كان زاهدًا في الدنيا وقد مدحه رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: (( خير التابعين رجل يقال له أويس بن عامر من قرن ثم من مراد، له والدة هو بها برٌّ كان به برصٌ فأذهبه الله عنه إلا قدر درهم فإذا لقيتموه فمروه فليستغفر لكم )) .

ثم بعدما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وجاءت خلافة عمر رضي الله عنه الذي كان سمع الحديث من النبي صار يسأل أمداد اليمن هل فيكم أويس بن عامر، حتى اجتمع بمن يعرفه وقالوا: إنه معنا فاجتمع به عمر رضي الله عنه وسأله أن يستغفر له وهذا من تواضع سيدنا عمر لأن عمر أفضل من أويس بآلاف المرات ولكنه عملاً بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم طلب منه أن يستغفر له.

فهذا أويس كان أفضل الأولياء بعد أولياء الصحابة وكان رث الثياب فقال له عمر أكتب لك إلى عاملي يجري لك عطاءً فقال: (( أكون في غبراء الناس أحب الي )). لم يقبل أن يجرى له راتبًا، بل ءاثر فقره على الغنى والرفاهية.

فالصوفي كما قال بعضهم: (( من صفا سرّه عن الكدر واستوى عنده الذهب والمدر )) (أي التراب). فصفاء المعاملة من أسس التصوف ، فهذا حارثة الذي هو من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأنصار قال: (( أصبحت عازفًا عن الدنيا أسهرت ليلي وأظمأت نهاري وكأني بعرش ربي بارزًا وكأني بأهل الجنة يتزاورون فيها وكأني بأهل النار يتعاوون فيها )) فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( عرفت فالزم )) .

ليس التصوف مجرد لبس الثياب الرثة وعدم الاكتراث إلى صنوف الملذات بل لا بد من التقوى قبل كل ذلك، فكم من أناس يظهرون أنفسهم بمظهر التصوف ثم نراهم يحرفون دين الله تعالى بل ومنهم من يعتقد الحلول والاتحاد أي على زعمهم أن الله حلَّ فيهم وهذا كفر وضلال ، فمثل هؤلاء هم من أساءوا إلى التصوف حتى ظن بعض الناس أن الصوفية كلهم على هذا الاعتقاد ، وقد قال الشيخ محيي الدين بن العربي : (( من قال بالحلول فدينه معلول وما قال بالاتحاد إلا أهل الإلحاد )) .

معناه من اعتقد بالحلول أو الاتحاد فهو كافر ملحد والعياذ بالله وكان من هؤلاء رجل اسمه (( الحلاّج )) كان يدعي التصوف ثم يقول: (( ما في الجبة إلا الله وأنا الله )) وقد بعث مرة برسالة إلى أحد مريديه يقول له فيها: (( من الرحمن الرحيم إلى فلان )) ، والعياذ بالله من هذا الكفر. فالتصوف بريء من مثل هذا الرجل الذي تفرس فيه الجنيد إمام الصوفية العارفين حيث قال له : (( لقد فتحت في الإسلام ثغرة لا يسدها إلا رأسك )) . فتحققت فراسة الجنيد بالحلاج الذي قتل على يد الخليفة (( المقتدر بالله )) فأراح الله المسلمين من فساده وشره . وقد قال سيدنا أحمد الرفاعي الكبير عن الحلاج : (( لو كان على الحق ما قال أنا الحق )) .

وليعلم أيضا أنه ليس من التصوف الاجتماع باسم الطريقة بدعوى الذكر كما يفعل بعض المنتسبين إلى بعض الطرق ثم نراهم يحرفون اسم الله كأن يقولوا " اللا " بدل الله ثم يقولون بعد ذلك " ءاه ءاه ". فذلك من الحرام الذي لا يرضى الله به لأن فيه تحريفًا لاسم الله والله تعالى يقول : { ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه } .

إن من كان يريد أن يسلك مسلك التصوف لا بد له من أن يتبع الرسول اتباعًا كاملاً مع التواضع وإخفاء الحال فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( إن الله يحب الأتقياء الأخفياء الذين إذا حضروا لم يعرفوا وإذا غابوا لم يفتقدوا قلوبهم مصابيح الهدى يخرجون من كل غبراء مظلمة )) .


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ مشاركة واحده ] 

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 144 زائر/زوار


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
© 2011 www.msobieh.com

جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في المنتديات تعبر عن رأي أصحابها فقط