موقع د. محمود صبيح

منتدى موقع د. محمود صبيح

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ مشاركة واحده ] 
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة: فهنالك السعادة وذلك هو السلام
مشاركة غير مقروءةمرسل: الجمعة سبتمبر 17, 2004 11:28 pm 
غير متصل

اشترك في: السبت يوليو 10, 2004 1:37 am
مشاركات: 136
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

قال الله تعالى: { وما جعل عليكم في الدين من حرج } وقال سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم: (( بعثت بالشريعة السمحة)) ، الدين هو الرحمة التي أرشد الله إليها لتتبع ويستضاء بنورها في ظلمات الأعمار ويستدل بتعاليمها عند اختلاف الدروب، ويستهدى بسماحتها إذا تضاربت الأهواء، حملها الأنبياء فأدوها نعم الأمانة، وتمسكوا بحبلها المتين الذي يفضي إلى مرضاة رب العالمين نعم الضمانة، هي العروة الوثقى والمحجة البيضاء والسراج المنير والمنهج الرشيد المبين .

في كل قضية ومعاملة وكلمة وخلق للدين حكم ، حتى لا يأتي الإنسان إلا وقد عرف حكم الله فيه ، إن أحب النجاة وأراد لنفسه ولمن حوله الخير ، أحكام سمحة مشرقة يقتبس منها ءاداب الدنيا وخيرات الآخرة ، لا الإفراط فيها يراد ، ولا التفريط يتبع ، العلم صنو العمل ، والإسلام لازمه الإيمان وباب القبول الإخلاص والإنسان يسمو بمقدار الخير المبذول وبدرجة الصلاح المعمول { إن أكرمكم عند الله أتقاكم } .

وخير من التزم هذه التعاليم من هذه الأمة السلف الذي صلح أمره بالإتباع لهدي الكتاب والسنة وهم الصحابة الصالحون وأتباعهم بإحسان وأتباع التابعين ومن اقتدى بهم من أهل القرون الثلاثة ولم ينقطع الخير من بعدهم بل هو محفوظ لكل من تمسك بالحبل المتين وسلك درب المصطفى الأمين ولا تخلو الأرض من قائم لله بحجة.

فاستمر خلف الخير من بعدهم يرفعون لواء الدين وينشرون أحكامه ويذبون عن حياضه محدّثين وفقهاء وصوفية وحفاظاً ومجتهدين وكلهم من رسول الله ملتمس .

فمن بحر السنة اغترف المحدثون ومن تفاصيل الشريعة علم المتفقهون وبحفظ القرءان سمت همة الحفاظ وعلى قواعد الدين بنى المجتهدون استنباطاتهم ومن فيوضات الزهد المحمدية والأخلاق النبوية والآداب الشرعية اقتبس الصوفية . وكل هؤلاء تعلموا وعلموا أن الزهد في الدنيا لا يعني الكسل وأن الأخذ بالأسباب لا ينافي التوكل على الله وأن السعي في الدنيا لكسب القوت لا يتعارض مع اعتقاد أن الرزق مقسوم ، فكانوا يطيلون القيام للصلوات طلباً لرضوان الله ليس لمجرد السهر، وكانوا يكثرون من الصيام لتربية النفس وترويضها لا إلى حد الإضرار بها، يريدون إيصال الخير للناس على اختلاف صنوفهم ومشاربهم وانتماءاتهم ولا يغرقون في بحار أنانية تبعدهم عن الناس وتنأى بهم عن المجتمعات. ولعل الصوفية بين هؤلاء جميعاً هم من أكثر من تعرض للإجحاف وللنقد الظالم وللتهم الكاذبة، وهم بالحقيقة ليسوا مستقلين عن مجموع الأمة، بل إن التصوف كان سمة لكثير من العلماء والمحدثين والفقهاء وحفّاظ كتاب الله وعلماء أصول الفقه والمفسرين وسائر المتفننين في العلوم الشرعية نعتهم الجامع زهد بالدنيا واشتغال للآخرة دون إهمال لطلب الكفاية للعيش ، علم واسع وعمل يصدق القول ، لا ينكرون الواجبات ولا يستحلون المحرمات ولا يقولون على الله إلا ما يليق به ، بالخير يأمرون وعن الشر ينهون وبكتاب الله يعملون وبسنة نبيه يهتدون ، صحبوا الدنيا بأبدان أرواحها معلقة بالملأ الأعلى ، لا يتوانون عن خدمة الناس وعمل الخير لهم وفي سبيل الله يجاهدون ، ولقد كان إمام القوم الجنيد من كبار العلماء وهذا حال الإمام أحمد الرفاعي وعبد القادر الجيلاني وغيرهم مما لا نحصيهم ، يعلمون صنوف العلم ويشرحون الفقه ويرشدون الناس الى سواء السبيل .

ولا ينبغي أن يحمل خطأ منتسب إليهم ليجري حكمه على الكل، فالتصوف مأخوذ بالتبعية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ومنشأه الإرشادات التي ربى عليها والإصلاحات التي وجه إليها ، فلم تكن الصوفية اجتزاءً لأتباعها من المجتمع ومحواً لدورهم في هيكلية الأمة ولا طمساً لجهود الفرد المنتسب إليها ، إنما هي تربية للنفس ليكون عطاؤها بالمحبة وافراً وتأديتها للطاعة لذة وجهوزيتها لتقديم الصالح العام على المنفعة الشخصية أسهل وءاكد هذا الدين ، أنزله الله ليدل الإنسان إلى أبواب السعادة ويأخذ بيد الذين استجابوا إلى حوض الرضى حتى تمضي الأعمار والقلوب مشدودة الى ما وعد الله من الخير فيتباذل الناس ويتزاورون ويتوادون ويتحابون { وفي ذلك فليتنافس المتنافسون }.

فاليوم كما في كل يوم نحن بحاجة الى دواء الإلتزام الديني الناجع الذي لا تطرف فيه ولا مغالاة ولا تفريط ولا إفراط ، نحن بحاجة إلى الإلتزام الديني الذي دعا إليه الأنبياء والمرسلون وحمله العلماء الأمناء ومات في سبيل نشره الشرفاء حتى أضاء الكون بنوره وسارت الركبان ءامنة في سبيله ، نحتاجه أمة وفرداً ومجتمعاً ، لنبني به الأوطان على أساس العدل والإعتدال والحق والرشاد لنهنأ في ربوعه بأمن الكرامة واطمئنان العزة ، ونحتاجه في الزمن الذي نشهد حملات مسعورة ، أنيابها ظالمة مسنونة بتفرق الكلمة ، وبارزة بتشرذم الصفوف تمعن في جسد الأمة تمزيقاً من كل جانب وكأننا قصعة تتنازعها أيدي الآكلين .

أكثر من أي وقت مضى نحتاج لسماحة الدين تغمر قلوباً قاسية وأكباداً غليظة ونفوساً جافة لعلها أن تلين بالموعظة الحسنة وترق بالكلمة الطيبة وتروى من معين التقوى فتحمل من عبء المجتمع بدل أن يحملها، ويرتفع بها الوطن عوض أن يشكو منها .

نريد الإلتزام الديني حلا للعصبية الذميمة التي تجتاح المجتمعات وتنصر الظالم بمزيد ظلم بدل أن تكون على الظلم ، وتحيا بالحقد وتستمر بالكراهية ولا تهزم إلا بتلك المسلكية السامية التي نستفيدها من الإلتزام الديني الصافي من كل الشوائب ، عدونا الرابض لن يهزمه إلا ذلك ، وتشرذم الصفوف لن يجمعه غيره وتصدع البناء لن يرأبه سواه ، فهلم الى درب النبيين نمشي فيه ، وإلى صراط المرسلين نتبعه ، فهنالك السعادة وذلك هو السلام .

_________________
توسّلت بالهادي البشير محمد إلى اللّه في أمر تعسّر حلّه ، إذا ضاق صدري و الكروب تزايدت فليس لها إلا الذي عمّ فضله ، هو السيد المختار من ءال هاشم عليه صلاة اللّه ثم سلامه.


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ مشاركة واحده ] 

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 181 زائر/زوار


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
© 2011 www.msobieh.com

جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في المنتديات تعبر عن رأي أصحابها فقط