موقع د. محمود صبيح

منتدى موقع د. محمود صبيح

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 20 مشاركة ]  الانتقال إلى صفحة 1, 2  التالي
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة: العرف العاطر فى معرفة الخواطر
مشاركة غير مقروءةمرسل: السبت نوفمبر 10, 2007 1:50 am 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 19600

الحمد لله الذى يصطفى من عباده من يشاء ويختار , وبمحض فضله
وحكمته يقدر الأقدار , يعز من يشاء ويذل من يشاء سبحانه العالم
بالأسرار جل فى علاه وعطاياه الحنان المنان , الخالق العالم بباطن
وظاهر الإنسان لا يغيب عنه شىء من الضمائر , مطلع على
ما تتوج به الخواطر .

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له , له الملك وله الحمد
وهو على كل شىء قدير , وبكل شىء عليم وخبير
وأشهد أن سيدنا محمداً رسول الله سيد الأولين والآخرين والمبعوث
رحمة للعالمين المتوج بتاج
{وإنك لعلى خلق عظيم }

أما بعد :
فإن مخطوط {العرف العاطر فى معرفة الخواطر }
للإمام السيد عبد الرحمن بن مصطفى العيدروس من
نوارد المخطوطات العربية الإسلامية ويعد أيضاً من نوادر التراث
الإسلامى والإنسانى
أرجو من الله أن تعم المنفعة والإستفادة بإذن الله تعالى

---------------------------------------------------------------

بسم الله الرحمن الرحيم

والحمد لله , والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه
وأولياء الله .. وبعد :

فهذه تعليقة لطيفة على أبيات لنا منيفة وأسمها
( العرف العاطر فى معرفة الخواطر وغيرها من الجواهر)
وسبحان الله الظاهر فى المظاهر والأبيات هى هذه :

إن الخواطر يابن ودى أربعة *** وهى التى أحوالها متنوعة

منها الذى يعزى الى الشيطان *** وكذا الذى هو خاطر نفسانى

وخاطر يعزى الى فعل الملك *** وأجلها يولى به من قد ملك

ولقد تكامل عدها ياسالك *** فاعلمه واعمل يحل ليل حالك

وأقول أولاً هذا التنبيه الذى وقع فيه رفع إشكال عما عسى
أن سيأتى فى هذه التعليقة فيما يتعلق بالقرآن الكريم ونحوه :

أعلم أنه قد ثبت بالأحاديث الصحيحة أن لكل آية من القرآن ظهراً :
أى وهو تفسيره المتعارف , وحده أن لايجاوز المنقول وعليه يحمل
قوله صلى الله عليه وسلم :
" من قال فى القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار "
وبطناً : أى وهو التأويل , وهو ما تشير إليه الآية , وحده أن يجاوز
الكتاب والسنة مع عدم الجزم بأن المراد به هذا لا غير , فلا يكون من
قبيل تأويل الباطنية بل هو من باب وجوه الإحتمالات بالعقل من غير
قطع بشىء منها .

ومن ذلك قول عبد الله بن عباس رضى الله عنه وعن أبويه ونفع بهم
فى قوله تعالى :

{ أنزل من السماء ماء فسالت أودية بقدرها }..

الماء : العلم , والأودية : القلوب . إنتهى
أى ظهر من غيب سماء الحضرة الإلهية ماء العلم فجرى كل واد من
أودية القلوب القابلة له الى النفوس بقدر امتلائها به
وهذا النوع من التأويل غير ممنوع إذا كان فيه عبوراً من الظاهر الى
الباطن مع تقريرالظاهر
وإنما الممنوع ما عليه الباطنية من إنكار الظاهر بالكلية وذلك كفر .

وبالجملة :
فالتأويل يختلف إختلاف حال المؤول من صفاء الفهم ورتبة المعرفة
ونصيب القرب من الله تعالى , وثم قال أبو الدرداء رضى الله عنه :
لا يفقه الرجل كل الفقه حتى يرى للقرآن وجوها كثيرة , وأعجب منه
قول ابن مسعود رضى الله عنه :
ما من آية إلا ولها قوم سيعلمون بها .

وهذا الكلام منه رضي الله عنه محرض لكل طالب صادق صاحب همة
أن يصفي موارد الكلام ويفهم دقيق معانيه وغامض أسراره من قلبه
وإلي هذا يشير قول الأستاذ المحضار نفع الله به :
لو شئت أن أملي من تفسير قوله تعالي :
( ما ننسخ من آية أو ننسها ) وقر مائة بعير لفعلت ولم ينفد تفسيرها .

ولنرجع إلي تمام ما ذكرنا فنقول :
وحَدٌّه : وهو ألا يجاوز في الظاهر بالعقل بدون النقل
وفي الباطن ألا يجاوز قواعد العربية والمعقول
ومطلعا : أي وهو ما يطلع به إلي ما وراء التفسير والتأويل
حتي يشاهد المتكلم

كما نقل عن الإمام جعفر الصادق رضي الله عنه ونفع به أنه قال :
لقد تجلي الله لعباده في كلامه ولكن لا يبصرون
وقد نقل عنه أيضا :
خرّ مغشيا عليه وهو في الصلاة , فسئل عن ذلك فقال :
ما زلت أردد الآية حتي سمعتها من المتكلم بها .

فالصوفي لما لاحت له ناصية التوحيد , وألقي سمعه عن
سماع الرعد والوعيد وصفا قلبه بالتخلص عما سوا الله تعالي
صار بين يدي الله حاضرا شهيدا , ويري لسانه أو لسان غيره
في التلاوة كشجرة موسي عليه السلام حيث أسمعه الله منها
خطابه إياه : بأنني أنا الله ..

رزقنا الله هذه الحالة بمحض فضله إنه جواد كريم .

وللحديث بقية إن شاء الله تعالى


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين نوفمبر 12, 2007 11:50 am 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 19600
ولنشرع الآن فى المقصود بعون الموجود :

فنقول : اعلم أن المشهور أن الخواطر أربعة :

ربانى , ونفسانى , وملكى , وشيطانى .

ومعرفة الخواطر من أهم شأن العبد , لأن الخاطر أول الفعل ومتتحه
لأن الأفعال تنشأ من الخواطر , والعبد إنما خلق للعبادة والعبادة أفعال
وهى إنما تنشأ من الخواطر كما ذكرنا على أنها تصير عبادة بمقدار
صحة الخاطر وهو من تمييز الخواطر فهو أول الواجبات بعد معرفة
الصانع والنبوة
حتى ذهب العلماء رحمهم الله الى أن العلم المفترض طلبه
لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم :

" طلب العلم فريضة على كل مسلم " .. هو علم الخواطر

قال : لأنها أول الفعل وبفساده فساد الفعل .

لكن هذا الذى قاله لا يتوجه , لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم
أوجب ذلك على كل مسلم , وليس كل المسلمين عندهم من
القريحة والمعرفة ما يعرفون به ذلك

وعلى هذا يحمل الوجوب المذكور فى حق الخواص أرباب القرائح
الصافية السليمة
ويحمل توقف الأفعال على معرفتها من حيث التمييز الكامل فى أنها
مقبولة أم لا , لا من حيث التكليف الشرعى

إذا علم ذلك فليعلم الطالب أن الخواطر بمثابة البذر
فمنها ما ينبت السعادة , ومنها ما ينبت الشقاوة

وللحديث بقية إن شاء الله تعالى


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس نوفمبر 22, 2007 1:43 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 19600
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله صلى الله عليه
وآله وسلم

وقفنا عند :

أن الخواطربمثابة البذرة , منها ما ما ينبت السعادة ومنها ما ينبت الشقاوة

والذى ينبت السعادة : خاطر (ربانى ) إلا عند الغضب , وخاطر الملك

والذى ينبت الشقاوة : خاطر النفس إلا عند الطمأنينة
وإلا فهى التى أوقعت الشيطان فى إبائه من السجود بكبرها وعجبها

وخاطر الشيطان إلا عند قصد الكد بإظهار خواطر الخير حتى يستدرج الى
خاطر الشر , أو يظهر خاطر خير ليشغل العبد به عما هو أهم منه .

وسبب اشتباه الخواطر أربعة أشياء لا خامس لها , وعند ارتفاعها تتم
المعرفة بالنافع والضار على ما هما عليه , وطلب الأول والهروب من الثانى .

والأول :
---------
هو ضعف اليقين بالأمور الأخروية أو بالمخبرين بها .

والثانى :
---------
هو قلة العلم الذى تعرف به صفات النفس وأخلاقها التى
هى طلب النافع والهرب من الضار , فإنها إذا لم تعرف تلبس
النافع بالضار والضار بالنافع طلباً لما تهواه وهرباً عما يخالف هواها .

والثالث :
----------
هو متابعة الهوى وإن علم أنه يضل عن سبيل الله , وأن من يضل
عن سبيل الله له عذاب شديد , إلا أن النفس قد تغلب صاحبها بحيث
يعجز عنها لعدم إلجامها بلجام التقوى ولوجود تعويدها الإتيان
بمشتهياتها إذ عند ذلك تنخرم قواعد التقوى فتسرى الظلمة الى
القلب , فلا يكون له نور يقدر على دفع ظلمة النفس فتغلبه النفس .

والرابع :
----------
هو محبة الدنيا جاهها ومالها لا من حيث إنه يوصل الى الشهوات
بل لطلب الرفعة بالغنى والمنزلة عند الناس
والفرق بين الكل يعرف مما ذكرناه .

وللحديث بقية إن شاء الله تعالى


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأحد نوفمبر 25, 2007 1:59 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد أكتوبر 21, 2007 6:35 pm
مشاركات: 335
مكان: مصر المحروسه
بسم الله الرحمن الرحيم و الصلاة و السلام على سيد المرسلين و رحمة الله للعالمين سيدنا محمد الحبيب الأعظم و الرسول الأكرم و على اله و صحبه أجمعين

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

الأخت الكريمه المهاجره

شكرا لك على العرف العاطر و أسأل الله تعالى أن يصفى لنا و لك الخواطر و ينجينا من

المخاطر و يجعلنا من خير من يجبر الخواطر بجاه خير من جبر الخواطر صلى الله عليه و

اله و سلم


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: السبت ديسمبر 01, 2007 1:44 am 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 19600
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيراً

أشكر الأخ المحمدى على هذا الكلام الطيب
وأرجو أن يتقبل الله منا جميعاً ويغفر لنا ويجعلنا
عند حسن الظن بحوله وقوته

نكمل ما سبق
وقد نفرق بين العلم واليقين بأن العلم :
هو الإعتقاد الجازم المطابق للواقع
واليقين : وجدان برودة ذلك واستقراره .

وبين متابعة الهوى ومحبة الدنيا وأخلاق النفس :
إن الأخلاق مبادىء الأفعال , والمتابعة نفس الأفعال
وبين متاعة الهوى ومحبة الدنيا :
بأن محب الدنيا قد يتعب ويترك المآكل والمناكح لأجلها ويتلذذ بالجاه
دون المآكل والمناكح .

فمن عصم عن هذه الأربعة فسار قوى الدين كامل المعرفة بصفات
النفس وأخلاقها , وألجم نفسه بلجام التقوى وكمل زهده فى الدنيا
مالها وجاها فرق بين لٌّمة الملك ولمة الشيطان أولاً , ثم ينتهى الى
معرفة خاطر النفس وخاطر الحق .

ومن ابتٌلى بهذه الأمور جميعاً لا يعرف الخواطر ولا يطلبها , إذ ليس له
اعتقاد الأمور الأخروية حتى يطلب معرفة النافع والضار الأخروى
والدافع والضار إنما يعتبر عند أهل الحق بالنسبة الى الأمور الأخروية
مع أنه جاهل بحقيقة ما تطلبه نفسه , فيعتقد نفع كل ما تطلبه وضرر
ما تهرب عنه , ومع ذلك يلزمه الهوى ذلك وتعينه محبة الدنيا التى هى
رأس الخطيئة , وانكشاف بعض الخواطر دون البعض لوجود بعض
هذه الأربعة دون بعض .

وأقوم الناس بتقويم الخواطر أقومهم بمعرفة النفس , ومعرفة النفس
عسرٌ المنال جداً , لا يكاد يتيسر إلا بالاستقصاء فى الزهد والتقوى
ولهذا ربط صلى الله عليه وسلم معرفة الله بمعرفة النفس فقال :

" من عرف نفسه عرف ربه "

وذلك ربط معرفة النهار بمعرفة الليل , فإنه لولا ظهور الليل لم تعرف
فضيلة النهار , فكذا لولا معرفة النفس لم يٌعرف مقام العبودية
فلم يٌعرف مقام الربوبية على الكمال
وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مع غاية طهارة نفسه
دائم الإفتقار الى مولاه فى الإستعاذة من شرها
حتى كان يقول صلى الله عليه وسلم :

" لا تكلنى الى نفسى طرفة عين , إكلأنى كلاءة الوليد "
أى احفظنى حفظ الوالد الشفيق ولده يسترقه الغير أو يأخذه .

ولتحقق الأستاذ العيدروسى - (مؤلف المخطوط ) - نفعه الله به
الوراثة المحمدية من جدّه صلى الله عليه وسلم كان يقول :
أنا عبد الله الفقير إلى الله فى كل نفس .

فالسالك إذ تحقق بهذا الإفتقار فقد تبع النبى صلى الله عليه وسلم
فى أشرف مقاماته من رؤية النفس الذاتى فى مقام طمأنينتها
وكمال صفاتها ,لأن مابالذات لا يرتفع بالغير بالكلية
وهذا نظر لا ينكشف إلا لكامل المعرفة بحيث لا يغتر بما ظهر له
من صفاتها ومطاوعتها .

وللحديث بقية إن شاء الله تعالى


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الجمعة ديسمبر 21, 2007 5:31 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد يونيو 19, 2005 3:33 pm
مشاركات: 2280
مكان: الحسين
[fot][font=Tahoma]المهاجرة
كل عام وانتى بخير
اول مالاقى موضوع للمهاجرة بسرعة بسرعة اطلع عليه
اصل المهاجرة تسكت تسكت ولما تكتب حاجة
لازم تقراها لانها بالطبع مفيدة يا اما نادرة
وكل سنة وانتى طيبة فين الاكل الجميل بتاعك
كده مفيش فى العيد ولا حتى قطعة مشوية [/font]
[/fot]

_________________
انا فى جاه رسول الله


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: السبت ديسمبر 29, 2007 12:31 am 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 19600
كل عام وحضرة الدكتور محمود وانتم جميعاً بخير وسعادة

أرجو المعذرة يا سلافة فقد مرت الأيام الماضية فى إنشغال شديد
والحمد لله وجزاك الله خيراً ياسلافة والله على كلامك الطيب وأشكرك جداً

نكمل الحديث السابق

ومن أعظم آفات النفس على السالك أنه ربما يترائى له اهتزاز النفس
دعوى الغنى بالله والتقاء به وهما من خواص القلب ونهضاته
والنفس كاذبة فى دعوى ذلك إذ لا وجود لها معهما , فكيف تدّعيهما ؟!

لكنه يشتبه الأمرعلى السالك فيظن أنه بالله يصول وبالله يجول
وبالله يتحرك , فينسب فعل نفسه الى الله والعياذ بالله من ذلك
وذلك حيث ابتلى بنهضة النفس ووثوبها وهو لا يشعر به ,
بل يتوهم إنه فى مقام القلب وتنوره بنور الروح , ثم تظهر له غائلة ذلك .

ولا يقع هذا الإشتباه إلا لأرباب القلوب وأرباب الأحوال إذا ردوا
الى مقام النفس من غير شعور منهم أو أسترقت أنفسهم السمع
من القلب فتنهض فيردوا إليها من غير شعور منهم بذلك .

وأما الكمل فهم عن هذا بمعزل , إذ لا يتأتى لهم دعوى ذلك
بالنسبة الى أنفسهم
وهذه مزلة قدم مختصة بمن ذكر إذ يدعون الألهية لأنفسهم
وينسبون أفعالها الى الله مع أنها لم تنتقش قلوبهم بالنور الإلهى
ولم تسكر بالحال حتى تعفى عنهم تلك الدعوة .

وقد روى أن الشبلى قال : شربت بالكأس التى شرب بها الحلاج
فحوت وسكر الحلاج , فبلغ ذلك الحلاج فقال :
لو شرب بالكأس التى شربت بها لسكر كما سكرت
فبلغ الجنيد أمرهما فقال : يقبل قول الصاحى على السكران
فرجح حال الشبلى على الحلاج .

ولذلك قالوا : أكثر الشطح يكون من سكر الحال وغلبة
سلطان الحقيقة , فمن ثم صحوة وخلص عن بقية السكر
نزلت فى قلبه السكينة مقر الحقيقة بالعلم
ووقف على حد العبودية , فاعلم ذلك فإنه عزيز علمه
إذ تنكشف به الالتباسات التى لم تزل خفية على أكثر أرباب القلوب .

وللحديث بقية إن شاء الله تعالى


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين فبراير 25, 2008 12:54 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 19600
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيراً

نكمل بإذن الله ما سبق

قال عبد الله بن المبارك نفع الله به فى قوله تعالى :
( وجاهدوا فى الله حق جهاده )

هو مجاهدة النفس والهوى , وذلك حق الجهاد هو الجهاد الأكبر
على ما روى فى الخبر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال حين رجع من بعض غزواته :

" رجعنا من الجهاد الأصغر الى الجهاد الأكبر "

وذلك أن النفس هى العدو الأكبر الذى بين جنبيك ومفاسده مؤيدة عليك
وإنما شرع الجهاد على الكفار لدفع مفاسدهم عن المسلمين العابدين لله

والنفس أعظم عائق منهم وذلك لأنها أكبر الأعداء , لها دواعى مشتهية
وأهوية مختلفة محبطة الى السفل والهلاك الكلى
مع أنه لا يجوز إتلافها لأنها المركب , ولا يجوز أيضاً تركها
فلابد من إلجامها بلجام التقوى , ومنعها عن دواعيها وأهويتها
المختلفة التى لا يطلع عليها إلا آحاد المحققين الممارسين لها .

فلابد من جهادها بما يفيدها موتاً جديداً كل حين ,وإليه الإشارة
بقوله صلى الله عليه وسلم : " موتوا قبل أن تموتوا "

وقول الأ ستاذ عيدروسى فى موشحه :

فيكم قتلت ألف قتلة من قبل الحمام .
وأن يذكرها بأن المعاصى كالحلوى المسمومة بل هى أشد كما انكشف
ذلك للعارفين بالله تعالى , فهى تفعل فى الدين كما يفعل السم فى
البدن فكيف للعاقل أن يقدم عليها !!.

وليذكرها أن لذات الدنيا كلها لو فاتت فليس فيها كثير ضرر
لسرعة زوالها وبقاء تبعاتها , وإنها لا تصبر فى الدنيا على قرص النملة
والضرب بالسياط والكيّة و هى آلام متناهية
فكيف تصبر على مقامع الحديد فى الآخرة من الملائكة الغلاظ الشداد
والإحراق بالنار ظاهراً وباطناً ولسع حيات كالجمال
وعقارب كالبغال خلقت من النار بلا انقطاع مد الدهور والأعصار
وإن الأخلاق المذمومة هى بعينها تنقلب فى الآخرة حيات وعقارب

وإليه الإشارة بقوله صلى الله عليه وسلم :

" إنما أعمالكم ترد عليكم "

وللحديث بقية إن شاء الله تعالى


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: السبت إبريل 12, 2008 1:47 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 19600
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيراً

نكمل بإذن الله ما سبق

وأن يذكرها ما أعد الله لأحبابه فى جنة عدن مما لا عين رأت ولا أذن
سمعت ولا خطر على قلب بشر , ولذة النظر الى وجه الله الكريم هو
أعظم اللذات , فإنها بهذه الذكرى تندرج الى الأطمئنان فيهون أمرها
وإلا فغلبتها ليس بعذر لصاحبها إذ لا سلطان لها عليه إلا بما أطعمها .

وأما احتجاج النفس بالقدر من جهة ارتكابها المعصية فهو أعظم من
معصيتها كما نبه عليه أهل المعرفة بالله تعالى
واعلم أن النفس إنما خفيت عيوبها على أكثر الناس لأنها عدو ومحبوب
والمحب يكون أعمى عن عيوب محبوبه بحيث لا يكاد يراها عيوباً
إذ مع المحبة لا يراها عيوباً
ولصعوبة أمرها قال القطب العيدروس نفع الله به :
أجمع الصوفية على أن أكثف الحجب بين العبد وربه نفسه
أعاذنا الله بقدرته من شرها .. آمين .

ومن ثم قال الله تعالى لبعض أحبابه : اترك نفسك وتعال .

وللحديث بقية إن شاء الله تعالى


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأحد إبريل 27, 2008 3:09 am 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 19600
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى
آله وسلم تسليماً كثيراً

نكمل بإذن الله ما سبق

واعلم أنه قد فرق العارفون رضى الله عنهم ونفع بهم
بين هواجس النفس وهى خواطرها الطالبة حظوظها وبين
وساوس الشيطان مع أنهما مشتركان فى الشر , وقالوا :
إن النفس إذا ألقت الخاطر لطلب شىء تقيم عليه – حتى تصل
الى مرادها , ولا ترضى بدون الوصول الى ذلك الأمر المعين
وإن الشيطان إذا دعاه الى زلة ولم يجب يوسوس بأخرى
من غير إلحاح على الأولى ولا الأخرى , إذ لا غرض له فى
تخصيص زلة دون أخرى حتى يلج فى زلة معينة , بل مراده
الإغواء كيف أمكن , فإذا لم يمكن بواحدة وسوس بأخرى .

ويقاس على هذا الفرق بين خاطر الحق وخاطر الملك
فإن الملك كان غرضه الإرشاد , فإذا لم يمكنه تحصيله
أخذ يلهم بأخرى , وأما الحق فإنه فى إلقاء الخاطر لعلمه
بصلاح العبد وعنايته يلح عليه , لا كإلحاح النفس , بل
يعقب بخاطر آخر .

وتكلم العارفون رضى الله عنهم فى الخاطرين إذا كانا من
الحق بأن كانا خاطرى خير , وكان عليها نورع إلحاح
أيهما يتبع الأول أم الأخر ؟

فقيل : يتبع الأول . لأنه لما كان خاطر الحق فلابد أن
يبقى الى حضور الثانى وبعد الثانى , فيكون محل التأمل
فيحصل فيه العلم بأنه إلهى
بخلاف الثانى فإنه قل التأمل فيه فلا ينم العلم به إذا
شرط العلم التأمل .

وقيل : يتبع الثانى لأنه لما ورد عليه الخاطر الأول تنور
به لكن لم يعمل به لما رأى فيه من الرخصة , وهو
صاحب همة فى العزيمة فهو أقوى بنور الأول .

وقيل : هما سواء لأنهما من الحق , وكما يحتمل
كون الثانى عزيمة يحتمل كونه رخصة عند رؤية ضعف
العبد بالأول .
فلا ترجيح بالأولية , ولا يحتاج الى التمييز بينهما
بأن أيهما عزيمة فيمضى وأيهما رخصة فيترك
لأن الخاطر قد يراد به الرفق فالرخصة فيه أولى من
العزيمة , إذ ربما يعقب الرخصة وارد سرور أو بسط
والعزيمة وارد حزن أو قبض أ هـ .

قال العارفون قدس الله اسرارهم :
والواردات أعم من الخواطر , لأن الخواطر لكونها
كلاماً نفسياً تختص أى تتعلق بذات صاحب الخواطر
بنوع خطاب مما يتعلق به صاحب الخواطر أو بغيره
أو مطالبة منه , والوارد كل ما ينزل من جهة الحق
على القلب -خواطر أو غيرها – كوارد السرور عند
مشاهدة الجمال , ووارد الحزن عند مشاهدة الجلال
ووارد القبض عند توقع الحجاب , ووارد البسط عند
توقع الكشف .

وللحديث بقية إن شاء الله تعالى


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: السبت يونيو 28, 2008 3:40 am 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 19600
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً

نكمل بإذن الله ما سبق

وبنور التوحيد يقبل السالك الخاطر من الله تعالى , لأنه إذا غلب
عليه التوحيد قرب من الواحد القهار
فقبل الخاطر من نور التوحيد المتجلى على روحه , بنور المعرفة
يقبل الخاصر من الملك , لأنه إذا عرف ناسب العقول والنفوس
السماوية فالتحق بالملائكة, وبنور الإيمان – أى بنور بصيرة القلب
يرد هوى النفس , لأن النفس متطلعه إلى خسة الأهويه النفسانية
ومع خستها – أى النفس - تفوت اللذات الحقيقية
وبنور الإسلام – أى ظاهرة الشرع – يرد العدو وهو الشيطان .

وهذا كله فى حق الكامل الذى أدرك حقائق الزهد – حتى تنورت بصيرته
وصفت معرفته وانتهى إلى عالم التوحيد
وأما القاصر وهو من قصر عن درك حقائق الزهد فضلاً عما فوقها من
تنور البصيره وصفاء المعرفه والانتهاء إلى عالم التوحيد فإنه يزن
الخاطر أولاً بميزان الشرع فإن كان فرضاً أو مندوباً يمضيه
إن كان محرماً أو مكروهاً ينفيه
فإن استوى الخاطران لكون كل منهما مباحاً فلينفذ أقربهما إلى مخالفة
هوى النفس بعد التأمل التام فى الأهوية الكامنة
ويعتقد أن النفس لا تخلو عن ذلك , فما لم يظهر وجه الهوى
فلا يمضى شيئاً منهما .

فإن النفس قد يكون لها هوى كامن فى أحدهما , ولابد أن يكون من الأمور
السفلية لمناسبتها لها , إذ الغالب من شأن النفس الإعوجاج بالركون إلى
الدون لكونه سفلياً مثلها , ولذلك قال الشاعر :

إذا التبس الأمران فالخير فى الذى .......... تراه إذا كلفته النفس يثقل .

وكثيراً ما تلبس النفس الهوى الكامن بنشاط القلب .
حتى إنه قد ينزل الخاطر الداعى إلى العبادة بنشاط النفس بسبب
هواها الكامن , ولذلك لما فيه من عجب أو رياء أو غيرهما.

وللحديث بقية إن شاء الله تعالى


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأحد أغسطس 10, 2008 3:27 am 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 19600

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وسلم
تسليماً كثيراً

نكمل بإذن الله ما سبق

والعبد يظن انه بنهوض القلب اغترارا بظاهرة لدعوته إلى العبادة
ومن ذلك أن العبد يجد الروح بالخروج من خلوته إلى بعض الصحارى
والبساتين , ويسهل له معه الذكر والفكر وسائر المساعى القلبية
فيظن انه من طيبة القلب وليس كذلك وإلا لما ضره إذا عاد إلى خلوته
كما سيأتى, بل هو من نشاط النفس
وإنما تراءى له ذلك الوقت إنه من طيبة القلب ولبس عليه
وسبب رؤيته إياه فى ذلك الوقت أنه من طيبة القلب , وأن النفس
تنفسح لخروجها عن مضيق الخلوة وتتسع ببلوغ غرضها
وهوتسهيل هواها بالخروج إلى الصحراء والتنزه بفلوائها واشجارها
وسائر آثارها.
وإذا اتسعت النفس بعدت عن القلب وتنحت عن إيذائه وجذبه إلى أهويتها
بل تكون ناظرة إلى متعلق هواها بما تراه من الصحراء فيتروح القلب
عن إيذائها حالتئذ لا بالصحراء نفسها , بل من حيث ان نفسه تعلقت بالنظر
إلى ما فى الصحراء فبعدت عنه فلا تؤذيه فتأتى له الأذكار والأفكار
بسهوله وصفاء .

فهذا التروح يبعدها لكونها كانت ثقيلة عليه عند توجهه إلى معاملاته
فيكون كشخص تباعد عنه قرين يستثقله , فيتروح مادام متباعدا عنه ذلك
القرين , فمادام العبد فى الصحراء يكون كذلك , وإذا عاد إلى خلوته
واستفتح ديوان معاملاته مع الله وميز حالته حينئذ من الحالة التى كانت
له إذ كان فى الصحراء يجد النفس مقارنة للقلب , لانهما إنما كانت متباعدة
عنه لتنزهها بالصحراء فلما رجعت منها رجعت إليه مع مزيد ثقل فيها موجب
لتبرم القلب منها اكثر من تبرمه الاول معها , لانه قد زاد ثقلها وكما زاد
ثقلها تكدر القلب والقلب يتبرم بما يوجب كدورته, لان الكدورةخلاف طبعه
الذى طبع عليه من الصفاء.

وسبب زيادة ثقل النفس بعد الرجوع من الصحراء أنها كانت فى الصحراء
مسترسلة فى تناول هواها بالتنزه فيها , وهذا يوجب غلظتها وتقويتها
فظهر حينئذ أن الخروج إلى الصحراء كان عين الداء بحسب ما يؤول إليه
وقد كان العبد يظن أولاً أنه ترويح القلب وهو داؤه , ولا يظن أنه نشاط النفس
ولكن بعد عودة إلى خلوته تبين له خطأ ظنه وأنه كان ملبسا عليه
فلو صبر العبد على وحدته فى محل خلوته ولم يكن خرج إلى الصحراء
لزادت نفسه ذوباناً بمنع هواها وخفت , وكلما لطفت , وكلما لطفت صارت
قريته صالحة للقلب فلا يستثقلها.
ويقاس على هذا التروح بالصحراء الذى ظهر فى العاقبة انه كان عين الداء
الترّوح بالأسفار , فإنه ربما يظهر كذلك
إلا انه علم بعلم خاص يقينى انه ليس خاطرا لسفر ونحوه من النفس
فليمضه لحسن النية طالباً من الله العصمة من نفسه.

وقد يكون ذلك الخاطر الذى تقدم الكلام فيه بنهوض القلب كما يظن العبد
لكنه قلب فيه نفاق مع صاحبه لسكونه الى النفس مع إخفاء ذلك
على صاحبه .

قال بعض العارفين قدس الله سره :

منذ عشرين ساعة ما سكن قلبى الى نفسى ساعة .

وللحديث بقية إن شاء الله تعالى


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين ديسمبر 22, 2008 4:49 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 19600
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وسلم
تسليماً كثيراً

نكمل بإذن الله ما سبق

فلولا أن للقلب سكونا إلي النفس لما كان لنفيه عنه معني, فتظهر من
سكون القلب إلي النفس خواطر تشبه الخواطر الربانية التي تأذن بالسعة
مع أنه لم يدخل وقتها, ويشتبه ذلك علي من يكون ضعيف العلم لا يعرف
وقت السعة, ولذلك لا يدرك نفاق القلب في الخواطر المتولدة من سكونه
إلي النفس إلا العلماء الراسخون في علم النفس وصفاتها حتى إنهم
يعلمون وقت السعة من وقت الضرورة بسبب رسوخهم في ذلك العلم.

وأكثر ما تدخل الآفات علي أرباب القلوب الآخذين من اليقين مع
كمال التيقظ والحال بنصيب من هذا القبيل, وذلك لقلة علمهم بالنفس
حتى تشتبه بالقلب, وقلة علمهم بالقلب وسكونه إلي النفس وذلك
لبقاء نصيب الهوى فيهما, إما في النفس فبالذات
وإما في القلب فبواسطة سكونه إلي النفس
فمرجع الاشتباه بقاء بقية الهوى فيهما, فيبقي أن يعلم العبد قطعا
أنه مهما بقي عليه أثر من الهوى وإن دق وقل يبقي عليه بقية من
اشتباه الخواطر لأن النفس تشبه بالقلب يميل إلي النفس بواسطتها.

وإذا انعدمت بالكلية فلا غرض لها في التشبيه بالقلب علي سبيل التلبيس
وما للقلب سكون إلي النفس بل إلي الروح, وهذا الاشتباه لما كان في
غاية الصعوبة بحيث لا يقدر علي رفعه إلا الراسخون
يرحم الغالط فيه إذا كان قليل العلم بمعرفة أمر النفس والقلب
فلا يؤاخذ بإمضاء خاطر النفس إذا اشتبه بالقلب أو القلب الساكن إلي
النفس ما لم يكن عليه من الشرع مطالبة ظاهرة.

وأما إذا غلط من كوشف بأسرار النفس والقلوب واطلع علي طريقة خفية
في التمييز ثم استعجله الطبع, فغلط باشتباه النفس بالقلب أو سكون
القلب إلي النفس فلا يسامح في ذلك.

وقد قيل: إن لكل من الخواطر الأربعة جهة معينة يرد منها علي القلب

فخاطر من النفس يحس به من أرضي القلب, لأن القلب متوسط
بين الروح والنفس, والروح علوي من عالم الأمر, والنفس سفلية من
عالم الخلق
وخاطر من الحق يحس به من فوق القلب لأنه تعالي فوق الكل
علي أن إلقاء الخاطر أولا علي الروح وهو فوق القلب
وخاطر من الملك يحس به عن يمين القلب لأن الملك جاثم علي
يمين القلب لأنه جهة قوية أخروية
وخاطر من الشيطان يحس به عن يسار القلب, لأن الشيطان جاثم علي
يساره لأنه جهة ضعيفة دنيوية.

هذا الذي قيل من إحساس كل خاطر من جهة معينة إنما يصح لعبد
أذاب نفسه بالتقوى والزهد حتى حصل الصفاء لجميع ظاهره وباطنه
ومن هذا الصفاء حصلت الاستقامة لظاهره وباطنه, فحصل كل شيء
في موضعه المعين, ولولا هذه الاستقامة لأتي الشيطان من الجوانب
كلها كما قال سبحانه وتعالي:

( ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم

ولا تجد أكثرهم شاكرين ).

وعلي تقدير التعين لا يعرف الشيطان إنه من أي جانب ورد عند عدم الصفاء
وأما عند الصفاء فإنه تصير قلب العبد كالمرآة المجلوة لا يأتيه الشيطان
من ناحية إلا ويبصره فيأخذ الشيطان موضعا معينا, إذ لا يبقي له موضع آخر
يسعه لاشتغال العبد بما يختص به عند استقامته الحاصلة من صفائه
وإنما يبقي للشيطان موضع مع استقامة العبد لأنه ربما يغفل العبد
فيجد الشيطان فرصة, لكن العبد كثيرا ما يبصره بأقل ذكر

قال الله تعالي:

( إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون ).

وللحديث بقية إن شاء الله تعالى .


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء ديسمبر 30, 2008 11:45 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 19600

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وسلم
تسليماً كثيراً

نكمل بإذن الله ما سبق

والذكر موجب للنور الموجب للإبصار , ونور الذكر يتقيه الشيطان
كإتقاء احدنا النار , وقد قال صلى الله عليه وسلم :
" إن ذكر الله تعالى فى جنب الشيطان كالأكلة فى جنب آدم "

وقد قيل : إذا تمكن الذكر من القلب كلما دنا منه الشيطان صرع
فتجتمع عليه الشياطين فيقول بعضهم لبعض :
ما لهذا ؟ مسه الإنس .

ولعظمة سر الذكر إنه إذا توهم السالك إنه أكل طعاماً فيه
حرام أو شبهة وكان كذلك فى نفس الأمر ثم اشتغل بالذكر
بعد ذلك أذاب سر الذكر جميع ذلك, فاعلمه فإنه ينفعك في
هذا الزمان المبارك
وأما إذا اسود قلب العبد كله بحيث علاه الرّين فلا يبصر
العبد الشيطان أصلا سواء تعينت له جهة أولا فيشتبه عليه
الأمر, وذلك عند عدم كمال التقوي والزهد, كما قال صلي الله
عليه وسلم :
" إن العبد إذا أذنب ذنبا نكتت في قلبه نكنة سوداء, فإذا هو
نزع واستغفر وتاب صقل, فإن عاد زيد فيه حتي يعلو قلبه الرّين".

قال الله تعالي : (كلا بل ران علي قلوبهم ما كانوا يكسبون)

فالواجب علي العبد أن يبادر إلي التوبة فورا إذا وقع في الذنب
وإلا علا قلبه الرّين الموجب للكفر والعياذ بالله تعالي منه
ولا يترك التوبة موافقة لهوس النفس, كأن تقول له النفس قد
تتوب من هذا الذنب ثم تعود إليه, فتقول لها وما يدريك إن
الموت يأتيني قبل أن أعود إليه فأموت تائبا منه, كذلك لا يترك
التوبة يأسا من قبولها, فقد جاء في تفسير قوله تعالي:

( ولا تلقوا بأيديكم إلي التهلكة)

هو العبد يذنب الذنوب الكبار ثم يقول :
قد هلكت لا ينفعني عمل , أي لا توقعوا أنفسكم باكتسابكم
الكبائر إلي التهلكة باليأس بعدها, بأن تزعموا بأن لا ينفعكم
عمل أصلا, فإن اليأس مانع من التوبة موجب للتهلكة.

فليحذر العبد منه وليعلم إن العبد إذا خاف من الانتقام بترك
التوبة ورجاء المغفرة بفعل التوبة واستقام في ذلك فقد تحقق
بحقيقة التوبة النصوح, وصار الرجاء والخوف مقامين في حقه.

وللحديث بقية إن شاء الله تعالى


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس يناير 29, 2009 4:35 am 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 19600
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وسلم
تسليماً كثيراً

نكمل بإذن الله ما سبق

واعلم إنه لم يذكر عنه صلى الله عليه وسلم من هذه الخواطر الأربعة
فى القلب غير لمة الملك ولمة الشيطان , فيكون القلب معترك جنديهما
فقط ومن ثم قال بعضهم رحمه الله تعالى :
هاتان اللمتان هما الأصل , والخاطران الآخران فرع عليهما لأن لمة الملك
إذا حركت الروح لإلقاء همة صالحة فى القلب , واهتز بالهمة الصالحة إلى
حظائر القرب ورد عليه عند ابتلاء القرب خواطر من الحق .

ولمة الشيطان إذا حركت هوت النفس بجبلتها إلى مركزها من الغريزة
والطبع وظهر منها بحركتها خواطر ملائمة لغريزتها وطبيعتها وهواها بحيث
تلح بذلك و تصر على طلبها .

وأما إذا تحقق السالك بالفناء فتنتفى عنه حينئذ جميع الخواطر حتى الربانية
لآن الخواطر رسل , ولا يحسن الإرسال مع غاية القرب , لآنه حينئذ تجرد عن
الأثار المحدثة وانغمس فى بحر الأنوار الإلهية التى لا يمكن تصور الخاطر فيها .

الإ أن العبد قد يرد من حيث عبوديته من مقام الفناء إلى مقام البقاء الذى
لا يحجب فيه الحق عن الخلق ولا الخلق عن الحق , لآنهما لا يتغايران
تغايرهما قبل الفناء.

وحينئذ يرد عليه وجوده الخاص به الذى كان متعلق أقسام الخواطر مطهراً
عن الصفات الذميمة التى كانت له قبل الفناء فيتصف بالصفات الحميدة الإلهية
ويتنور وجوده بنور الحق من غير مغايرة كلية تتوهم قبل الفناء , فيعود إليه
من حيث وجوده الخاص به مطالبات النفس وخواطرها الطالبة حقوقها
وهى حينئذ استحقت ادخال الرفق عليها بإعطاء حقوقها التى لو امتنعت
لختلت أفعالها من اختلال عقلها وقواها , فيختل الأمر وتعود إليه أيضاً
خواطر الحق حينئذ وخواطر الملك ولا تعود إليه خواطر النفس الطالبة للحظوظ .

فإن حصل منها شىء من ذلك فلا يمكنها منه فإنها وإن بلغت ما بلغت فيها
جهالة لا تميز بين ما ينفعها وبين ما يضرها , فهى بمثابة الطفل الذى
يتعاهد بما ينفعه ويمنع عما يضره .

بل حينئذ يقسم بينها وبين القلب بالعدل , وذلك بأن يعطيها القلب هواها
مما تستحق وتعطى القلب حقه من المتابعة فى طاعة الله تعالى .

وكذلك لا تعود إليه هنا أيضاً خواطر الشيطان , كما يشير إليه قوله تعالى :

( إن عبادى ليس لك عليهم سلطان )

وللحديث بقية إن شاء الله تعالى


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 20 مشاركة ]  الانتقال إلى صفحة 1, 2  التالي

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: [AhrefsBot] و 26 زائر/زوار


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
© 2011 www.msobieh.com

جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في المنتديات تعبر عن رأي أصحابها فقط