اشترك في: الجمعة إبريل 28, 2006 11:18 pm
مشاركات: 4147
مكان: الديار المحروسة
|
|
إليكم نص خطبة مفتي الديار المصرية الأستاذ الدكتور علي جمعة حفظه الله ورعاه والتي ألقاها في مؤتمر جامعة مركز الثقافة السنية الإسلامية بكاليكوت، كيرالا، الهند بتاريخ 8-1-2011م بحضور كبار العلماء من جميع أنحاء الهند، وذلك بمناسبة تخريج الدفعة 33 من كليات الشريعة، وأصول الدين، واللغة العربية بالجامعة.
النص
"
(بعد المقدمة ) وعملا بالسنة الكريمة الشريفة فإنني في بداية حديثي وقد منّ الله سبحانه وتعالى وحده بالحضور من بلاد بعيدة في المسافة قريبة من القلوب أتقدم بالشكر لهذه الجامعة السنيّة السنّيّة، وبالشكر إلى حكومة هذه الولاية وأدعو لها أن يجعل الله بركته فيها، وإلى حكومة الهند التي يسرت لي هذه الزيارة حتى ألتقي بالأحبة.
الحضور الكريم درج العلماء من المحدثين والفقهاء أن يتبركوا بسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن يبدأوا علاقاتهم بتلاميذهم وكنا منهم بالحديث الأولية وهو يترجم عن القرآن وعن رسول الرحمن صلى الله عليه وسلم وعن الدين في حقيقته وظاهره وباطنه.
نرى في القرآن أول آية {بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة:1] ونرى في وصف الرسول صلى الله عليه وسلم {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء:107] ونرى في حديث الأولية وهو أول حديث نتلقى عن سيد المرسلين في مجالس العلم.
قال صلى الله عليه وسلم عن نفسه «إنما بعثت لأن أتمم مكارم الأخلاق» والرحمة التي بدأ الله بها كتابه وتجلى بها على خلقه وقال: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ} [الأعراف:156] هذه الرحمة هي أساس الأخلاق المصطفوية المحمدية التي يجب عليكم أن تتحلوا بها {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَاليَوْمَ الآَخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيرًا} [الأحزاب:21].
رسول الله صلى الله عليه وسلم علمنا الإسلام، والإسلام في لغة العرب التي بعث به النبي صلى الله عليه وسلم من السلام، وجعل تحية المسلمين السلام، وجعل آخر كلمة ننطق بها حتى لو كنت وحدك بصلاتك: السلام عليكم، وجعل اسم الجنة دار السلام، والسلام اسم من أسمائه سبحانه وتعالى، فلذلك فإن الرحمة ولّدت السلام، {وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ} [الأنفال:61].
عباد الله إن مراد الله من خلقه ثلاثة: العبادة، نعبده وحده لا شريك له وعمارة الدنيا، وتزكية النفس قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الجِنَّ وَالإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات:56] وقال تعالى: {هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا} [هود:61] أي طلب منكم عمارتها وقال تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} [الشمس:9-10].
فالإسلام على ثلاثة أنحاء: إيمان وإسلام وإحسان -عقيدة وشريعة وأخلاق؛ ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «سورة الإخلاص تعدل ثلث القرآن».
أيها الخريجون إذا كنتم قد أتقنتم علوم الشريعة فاعلموا أنها المساحة أقل في دين الله وأن دين الله أغلبه أخلاق مرتبطة بالعقيدة .
في القرآن كما يقول الأصوليون نحو ثلاثمائة آية تتكلم في كل الفقه من أوله إلى آخره، وفي الحديث لما جمع الإمام ابن حجر العسقلاني الشافعي كتابه «بلوغ المرام في أدلة الأحكام» لم يزد على أية حالة على ألفين من حديث.
فنسبة آيات القرآن التي تتعلق بالشريعة كلها وبالفقه كله ثلاثمائة بالنسبة إلى ست آلاف مائتين وست وثلاثين آية هي عدد آيات رواية حفص عن عاصم. ونسبة الأحاديث نسبة ألفين إلى نحو ستين ألف حديث، فنسبة القرآن ونسبة الحديث يعني أكثر من خمس وتسعين في المائة في الأخلاق المرتبطة بالعقيدة.
استمروا في عمارة الأرض، وفي التعايش السلمي بين البشر، وكونوا سفراء لسيدنا النبي صلى الله عليه وسلم، حببوا الناس في الدين، ولا تكونوا حجابا بين الخالق سبحانه وتعالى وبين خلقه، تمسكوا بالأخلاق المحمدية، {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللهُ المُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ} [يوسف:18].
أذكركم بنيل المعادلة التي تمت بين كليات هذه الجامعة الكريمة وبين الأزهر الشريف، وأقول لكم إن مصر بلد الأزهر الشريف تفتح يدها وقلبها وعقلها وروحها لكم، فمرحبا بكم لإكمال دراستكم وإتقان لغتكم وللاستمرار في العلم الذي لا يعرف نهاية {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا} [طه:114] {وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ} [يوسف:76]، فاسلكوا طريق العلم من المهد إلى اللحد فإن شرف العلم فوق كل شرف، ومن ذاق عرف، ومن عرف اغترف.
تواصلا معكم وعلى مذهبكم مذهب الشافعي وهو مذهبي حتى استعرنا أبياتا تتكلم عن مذهب آخر فقلنا:
أنا شافعي ما حييت وإن أمت * فوصيتي للناس أن يتشفعوا
وهذا السند الذي سأتلو عليكم هو سند كتب الإمام ابن حجر الهيتمي، والإمام الشهاب الرملي، والشمس الرملي، والخطيب صاحب المغني، والإمام النووي محرر المذهب، وسائر كتبهم انتهاء إلى إمام الأئمة وناصر السنة سيدنا الإمام الشافعي رضي الله عنه، فقد حدثني العلامة إسماعيل بن عثمان زين اليمني المكي الشافعي بمكة المكرمة رواية عن السيد محمد بن يحيى الأهدل عن السيد محمد بن عبد الرحمن الأهدل عن السيد أحمد زيني دحلان عن الشيخ عبد الله الشرقاوي عن الأستاذ محمد بن سالم الحصني عن الشيخ أحمد الخليفي عن الشيخ أحمد بن عبد اللطيف الشبشيبي عن الشيخ علي الزيادي عن المحقق أحمد بن حجر الهيتمي والشيخ محمد الرملي والشيخ خطيب الشربيني كلهم عن شيخ الإسلام زكريا الأنصاري عن الحافظ ابن حجر العسقلاني عن الولي أحمد بن عبد الرحيم عن والده زين الدين العراقي عن السراج البلقيني عن علاء بن العطار عن محرر المذهب الإمام النووي رضي الله تعالى عنهم عن كمال الدين صلال الإربيلي عن أبي عمرو عثمان بن الصلاح صاحب المقدمة عن والده عبد الرحمن الملقب بالصلاح عن أبي سعد عبد الله بن مروز عن أبي علي الفاروق عن أبي إسحق الشيرازي صاحب المذهب عن القاضي الطيب الطاهر ابن عبد الله الطبري عن أبي الحسن محمد بن الناسرجيسي عن أبي إسحق إبراهيم بن محمد المروزي عن أبي العباس أحمد بن سريج عن عثمان بن بشار الأنماطي عن الربيع بن سليمان المرادي عن إمام الأئمة وناصر السنة سيدنا أحمد بن إدريس الشافعي عن الإمام مالك عن نافع عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما عن سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم، وبهذا السند أجيزكم برواية كل كتب الشافعية لمن كان في الطريق إليها وأوصي الطالب بتقوى الله في السر والعلن، وأوصي بالجد في طلب العلم، ونشر السنة المطهرة، والتمسك بعقيدة أهل السنة والجماعة الأشعرية، وبالتمسك بطريق الله تعالى من الذكر، والفكر، وألا ينساني ومشايخي ومشايخنا في صالح دعواته في جلواته وخلواته، وأصل هذا السند تصورونه من المترجم.
والحاصل أن الإسلام قد أمرنا بالرحمة، وبالسلام، وبالتعايش السلمي بين الناس، وبطلب العلم، وإن مصر ركن ركين لنشر عقيدة أهل السنة والجماعة بأزهرها الشريف وإننا نريد أن نبني جسرا بين هذا البلاد الكريمة العريقة وبين مصر، وإننا نرحب بكم جميعا لزيارتها، أو للدراسة فيها، أو لعمل مشاريع علمية بشأنها، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ووفقكم الله إلى ما يحب ويرضاه فسيروا على بركة الله فإن الله سبحانه وتعالى يؤيدكم بمدد من عنده فاللهم اغفر لنا ذنوبنا، وكفر عنا سيئاتنا، وتوفنا مع الأبرار، وأرنا الحق حقا فاهدنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلا وجنبنا اتباعه، واجعل جمعنا هذا جمعا مرحوما، وتفرقنا من بعده تفرقا معصوما، ولا تجعل فينا شقيا ولا محروما، كن لنا ولا تكن علينا فارحم حينا وميتنا، وحاضرنا وغائبنا، وآتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، وأدخلنا الجنة مع الأبرار، واحشرنا تحت لواء نبيك صلى الله عليه وسلم يوم القيامة، واسقنا من يده الشريفة شربة ماءٍ لا نظمأ بعدها أبدا، وانقلنا من دائرة سخطك إلى دائرة رضاك، اللهم يا أرحم الراحمين ارحمنا (يكرر ثلاثا) والسلام عليكم.
_________________  أنا الذى سمتنى أمى حيدره
كليث غابات كريه المنظره
أوفيهم بالصاع كيل السندره
|
|
المنتدى
التسجيل
الأسئلة المتكررة
بحث
