اشترك في: الجمعة إبريل 28, 2006 11:18 pm مشاركات: 4146 مكان: الديار المحروسة
|
أنباء الأذكياء بحياة الأنبياء الحاوي للفتاوي جلال الدين السيوطي الجزء الثاني. الفتاوى الأصولية الدينية. مبحث النبوات.
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى.
وقع السؤال: قد اشتهر أن النبي صلى الله عليه وسلم حي في قبره وورد أنه صلى الله عليه وسلم قال ما من أحد يسلم على إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام فظاهره مفارقة الروح في بعض الأوقات فكيف الجمع وهو [ص 328] سؤال حسن يحتاج إلى النظر والتأمل فأقول:
حياة النبي صلى الله عليه وسلم في قبره هو وسائر الأنبياء معلومة عندنا علما قطعيا لما قام عندنا من الأدلة في ذلك وتواترت الأخبار. وقد ألف البيهقي جزءا في حياة الأنبياء في قبورهم. فمن الأخبار الدالة على ذلك:
ما أخرجه مسلم عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم ليلة أسرى به مر بموسى عليه السلام وهو يصلي في قبره، وأخرج أبو نعيم في الحلية عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بقبر موسى عليه السلام وهو قائم يصلي فيه.
وأخرج ابو يعلي في مسنده والبيهقي في كتاب حياة الأنبياء عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الأنبياء أحياء في قبورهم يصلون.
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن يوسف بن عطية قال: سمعت ثابتا البناني يقول لحميد الطويل هل بلغك أن أحدا يصلي في قبره إلا الأنبياء قال لا.
وأخرج أبو داود والبيهقي عن أوس بن أوس الثقفي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من أفضل أيامكم يوم الجمعة فأكثروا علي الصلاة فيه فإن صلاتكم تعرض علي قالوا يا رسول الله وكيف تعرض عليك صلاتنا وقد أرمت يعني بليت فقال أن الله حرم على الأرض أن تأكل أجسام الأنبياء.
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان والأصبهاني في الترغيب عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من صلى علي عند قبري سمعته ومن صلى علي نائيا بلغته.
وأخرج البخاري في تاريخه عن عمار سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: أن لله تعالى ملكا أعطاه أسماع الخلائق قائم على قبري فما من أحد يصلي علي صلاة إلا بلغتها.
وأخرج البيهقي في حياة الأنبياء والأصبهاني في الترغيب عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من صلى علي مائة في يوم الجمعة وليلة الجمعة قضى الله له مائة حاجة سبعين من حوائج الآخرة وثلاثين من حوائج الدنيا ثم وكل الله بذلك ملكا يدخله عليّ في قبري كما يدخل عليكم الهدايا أن علمي بعد موتي كعلمي في الحياة، ولفظ البيهقي يخبرني من صلى عليّ باسمه ونسبه فأثبته عندي في صحيفة بيضاء.
وأخرج البيهقي عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أن الأنبياء لا يتركون في قبورهم بعد أربعين ليلة ولكنهم يصلون بين يدي [ص 329] الله حتى ينفخ في الصور.
وروى سفيان الثوري في الجامع قال: قال شيخ لنا عن سعيد بن المسيب قال ما مكث نبي في قبره أكثر من أربعين حتى يرفع. قال البيهقي فعلى هذا يصيرون كسائر الأحياء يكونون حيث ينزلهم الله.,
ثم قال البيهقي: ولحياة الأنبياء بعد موتهم شواهد. فذكر قصة الإسراء في لقيه جماعة من الأنبياء وكلمهم وكلموه، وأخرج حديث أبي هريرة في الإسراء وفيه "وقد رأيتني في جماعة من الأنبياء فإذا موسى قائم يصلى فإذا رجل ضرب جعد كأنه من رجال شنوة وإذا عيسى بن مريم قائم يصلي وإذا إبراهيم قائم يصلي أشبه الناس به صاحبكم يعني نفسه فحانت الصلاة فأممتهم". وأخرج حديث "أن الناس يصعقون فأكون أول من يفيق" وقال: هذا إنما يصح على أن الله رد على الأنبياء أرواحهم وهم احياء عند ربهم كالشهداء فإذا نفخ في الصور النفخة الأولى صعقوا فيمن صعق ثم لا يكون ذلك موتا في جميع معانيه إلا في ذهاب الاستشعار انتهى.
وأخرج أبو يعلي عن أبي هريرة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: والذي نفسي بيده لينزلن عيسى بن مريم ثم لئن قام على قبري فقال يا محمد لأجيبنه.
وأخرج أبو نعيم في دلائل النبوة عن سعيد بن المسيب قال: لقد رأيتني ليالي الحرة وما في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم غيري وما يأتي وقت صلاة إلا سمعت الآذان من القبر.
وأخرج الزبير بن بكار في أخبار المدينة عن سعيد بن المسيب قال: لم أزل أسمع الآذان والإقامة في قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أيام الحرة حتى عاد الناس.
وأخرج ابن سعد في الطبقات عن سعيد بن المسيب أنه كان يلازم المسجد أيام الحرة والناس يقتتلون قال: فكنت إذا حانت الصلاة أسمع آذانا يخرج من قبل القبر الشريف.
وأخرج الدارمي في سنده قال أنبأنا مروان بن محمد عن سعيد ابن عبد العزيز قال: لما كان أيام الحرة لم يؤذن في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثا ولم يقم ولم يبرح سعيد بن المسيب المسجد وكان لا يعرف وقت الصلاة إلا بهمهة يسمعها من قبر النبي صلى الله عليه وسلم معناه فهذه الأخبار دالة على حياة النبي صلى الله عليه وسلم وسائر الأنبياء وقد قال تعالى في الشهداء (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل [ص 330] الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون). والأنبياء أولى بذلك فهم أجل وأعظم وما نبي إلا وقد جمع مع النبوة وصف الشهادة فيدخلون في عموم لفظ الآية.
أخرج أحمد وأبو يعلي والطبراني والحاكم في المستدرك والبيهقي في دلائل النبوة عن ابن مسعود قال: لأن أحلف تسعا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قتل قتلا أحب إلى من أن أحلف واحدة أنه لم يقتل وذلك أن الله اتخذه نبيا واتخذه شهيدا.
وأخرج البخاري والبيهقي عن عائشة قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في مرضه الذي توفي فيه لم أزل أجد ألم الطعام الذي أكلت بخيبر فهذا أو إن انقطع أبهري من ذلك السم. فثبت كونه صلى الله عليه وسلم حيا في قبره بنص القرآن أما من عموم اللفظ وأما من مفهوم الموافقة.
قال البيهقي في كتاب الاعتقاد: الأنبياء بعد ما قبضوا ردت إليهم أرواحهم فهم أحياء عند ربهم كالشهداء.
_________________ أنا الذى سمتنى أمى حيدره
كليث غابات كريه المنظره
أوفيهم بالصاع كيل السندره
|
|