ما أعظم أدبك سيدي يا رسول الله !!

الطارق · **مرسل:** السبت إبريل 28, 2012 6:37 pm

قال الله تعالى: {يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُقَدِّمُوا بـيْنَ يدي اللَّهِ ورَسُولِهِ واتَّقُوا اللَّهَ إنَّ اللَّهَ سميعٌ عليمٌ}.

قال أبو عبد الله بن حنيف: قال لي رويم: يا بني اجعل عملك ملحاً وأدبك دقيقاً .
فقد اتفق أهل الله قاطبة على أن من لا أدبَ له لا سيرَ له، ومن لا سيرَ له لا وصولَ له، وأن صاحب الأدب يَبلغ في قليل من الزمن مبلغَ الرجال،

وقال أبو حفص النيسابوري رضي الله عنه: (التصوف كله آداب، لكل وقت آداب، ولكل حال آداب، ولكل مقام آداب، فمن لزم الأدب بلغ مبلغ الرجال، ومن حُرم الأدب فهو بعيد من حيث يظن القرب، مردود من حيث يظن القبول) ["طبقات الصوفية" للسلمي ص119].

وبالجملة فأدب المريد لا نهاية له مع شيخه ولا مع إخوانه ولا مع عامة الوجود، وقد أفرده المربون بالتآليف، وألف فيه ابن عربي الحاتمي، والشعراني، وأحمد زروق، وابن عجيبة، والسهروردي، وغيرهم.
فمن أهم تلك الآداب :
1- أدب المريد في مجلس الشيخ ينبغي أن يلزم السكوت ولا يقول شيئاً بحضرته من كلام حسن إلا إذا استأمر الشيخ ووجد من الشيخ فسحة في ذلك . فشأن المريد في حضرة الشيخ كمن هو قاعد على ساحل بحر ينتظر رزقاً يساق إليه، فتطلعه إلى الاستماع وما يرزق من طريق كلام الشيخ يحقق مقام إرادته وطلبه واستزادته من فضل الله، وتطلعه إلى القول يرده عن مقام الطلب والاستزادة إلى إثبات شيء لنفسه وذلك جناية المريد. وينبغي أن يكون تطلعه إلى مبهم من حاله يستكشف عنه بالسؤال من الشيخ: على أن الصادق لا يحتاج إلى السؤال باللسان في حضرة الشيخ بل يبادئه بما يريد. فالشيخ مقتدٍ برسول الله صلى الله عليه وسلم ظاهراً وباطناً، لا يتكلم بهوى النفس .

2- وينبغي للمريد أن لا يحدث نفسه بطلب منزلة فوق منزلة الشيخ، بل يحب للشيخ كل منزلة عالية، ويتمنى للشيخ عزيز المنح وغرائب المواهب، وبهذا يظهر جوهر المريد في حسن الإرادة، وهذا يعز في المريدين؛ فإرادته للشيخ تعطيه فوق ما يتمنى لنفسه ويكون قائماً بأدب الإرادة.

3- ينبغي أن يكون المريد مع الشيخ فى كلامه كأخ السرار لا ينبسط برفع الصوت وكثرة الضحك وكثرة الكلام إلا إذا بسطه الشيخ؛ فرفع الصوت تنحية جلباب الوقار؛ والوقار إذا سكن القلب عقل اللسان ما يقول، وقد ينازل باطن بعض المريدين من الحرمة والوقار من الشيخ ما لا يستطيع المريد أن يشبع النظر إلى الشيخ.

4- على المريد أن يتأدب في الدخول على الشيخ والإقدام عليه وتركه الاستعجال وصبره إلى أن يخرج الشيخ من موضع خلوته.

5- أن يوافق شيخه أمراً ونهياً، كموافقة المريض لطبيبه. وينبغي للمريد أنه كلما أشكل عليه شيء من حال الشيخ يذكر قصة موسى مع الخضر عليهما السلام كيف كان الخضر يفعل أشياء ينكرها موسى، وإذا أخبره الخضر بسرها يرجع موسى عن إنكاره، فما ينكره المريد لقلة علمه بحقيقة ما يوجد من الشيخ فللشيخ في كل شيء عذر بلسان العلم والحكمة. سأل بعض أصحاب الجنيد مسألة من الجنيد، فأجابه الجنيد، فعارضه في ذلك فقال الجنيد: فإن لم تؤمنوا لي فاعتزلون. فقال بعض المشايخ: من لم يعظم حرمة من تأدب به حرم بركة ذلك الأدب. وقيل: من قال لأستاذه: لا، لا يفلح أبداً . فالاستسلام لشيخه وطاعته في جميع أوامره ونصائحه يشبه تماماً استسلام المريض لطبيبه استسلاماً كلياً في جميع معالجاته وتوصياته، ولا يُعَدُّ المريض في هذا الحال مهملاً لعقله متخلياً عن كيانه وشخصيته، بل يُعْتَبَرُ منصفاً عاقلاً لأنه سلَّم لذي الاختصاص، وكان صادقاً في طلب الشفاء. وينبغى عليه عدم الاعتراض على شيخه في طريقة تربية مريديه، لأنه مجتهد في هذا الباب عن علم واختصاص وخبرة، كما لا ينبغي أن يفتح المريد على نفسه باب النقد لكل تصرف من تصرفات شيخه ؛ فهذا من شأنه أن يُضْعِفَ ثقته به ويَحجُبَ عنه خيراً كثيراً، ويَقطعَ الصلة القلبية والمدد الروحي بينه وبين شيخه. وإذا أورد الشيطان على قلب المريد إشكالاً شرعياً حول تصرفٍ من تصرفات شيخه بغية قطع الصلة ونزع الثقة فما على المريد إلا أن يُحسِنَ الظن بشيخه ويلتمسَ له تأويلاً شرعياً ومخرجاً فقهياً، فإن لم يستطع ذلك فعليه أن يسأل شيخه مستفسراً بأدب واحترام. قال العلامة ابن حجر الهيثمي: (ومن فتح باب التأويل للمشايخ، وغض عن أحوالهم، ووكل أمورهم إلى الله تعالى، واعتنى بحال نفسه وجاهدها بحسَب طاقته، فإنه يُرجى له الوصول إلى مقاصده، والظفر بمراده في أسرع زمن) ["الفتاوى الحديثية" ص55].

6- أن لا يعتقد في شيخه العصمة، فإن الشيخ وإن كان على أكمل الحالات فليس بمعصوم، إذ قد تصدر منه الهفوات والزلات، ولكنه لا يصر عليها ولا تتعلق همته أبداً بغير الله تعالى، لأنه إذا اعتقد المريد في شيخه العصمة، ثم رأى منه ما يخالف ذلك، وقع في الاعتراض والاضطراب مما يسبب له القطيعة والحرمان. ولكن لا ينبغي للمريد حين يعتقد في شيخه عدم العصمة أن يضع بين عينيه دائماً احتمال خطأ شيخه في كل أمر من أوامره أو توجيه من توجيهاته، لأنه بذلك يمنع عن نفسه الاستفادة، كمثل المريض الذي يدخل إلى طبيبه وليس في قلبه إلا فكرة احتمال خطأ الطبيب في معالجته فهذا من شأنه أن يُضعف الثقة ويُحدثَ الشكَّ والاضطراب في نفسه.

7- أن يعتقد كمال شيخه وتمام أهليته للتربية والإرشاد، وإنما كَوَّن هذا الاعتقاد بعد أن فتش ودقَّقَ بادىء أمره ؛ فوجد شروط الوارث المحمدي التي سبق ذكرها قد تحققت في شيخه، ووجد أن الذين يصحبونه يتقدمون في إيمانهم وعباداتهم وعلمهم وأخلاقهم ومعارفهم الإلهيةـ

8- ينبغى على المريد اتصافه بالصدق والإخلاص في صحبته لشيخه، فيكون جاداً في طلبه، منزهاً عن الأغراض والمصالح.

9- تعظيمه وحفظ حرمته حاضراً وغائباً. قال إبراهيم بن شيبان القرميسيني: (من ترك حرمة المشايخ ابتلي بالدعاوي الكاذبة وافتضح بها) ["طبقات الصوفية" ص405]. وقال أيضاً: (من لم تُرضِهِ أوامر المشايخ وتأديبُهم فإنه لا يتأدب بكتاب ولا سنة) ["طبقات الصوفية" ص283].

10- أن يحب شيخه محبة فائقة شريطة أن لا ينقص من قدر بقية الشيوخ، وأن لا يصل غلوه في المحبة إلى حدٌّ فاسد ؛ بأن يُخرج شيخه عن طور البشرية، وإنما تقوى محبة المريد لشيخه بموافقته له أمراً ونهياً، ومعرفتِهِ لله تعالى في سيره وسلوكه، فالمريد كلما كبرت شخصيته بالموافقة ازدادت معرفته، وكلما ازدادت معرفته ازدادت محبته.

11- عدم تطلعه إلى غير شيخه لئلا يتشتت قلبه بين شيخين، ومثال المريد في ذلك كمثل المريض الذي يطبب جسمه عند طبيبين في وقت واحد فيقع في الحيرة والتردد.

12- أن يلتزم السكينة والوقار في مجلسه، فلا يتكىء على شيء يعتمده، ولا يتثاءب ولا ينام، ولا يضحك بلا سبب، لأن ذلك من عدم المبالاة بالشيخ وعدم الاحترام له. ومن صحب المشايخ بغير أدب واحترام حرم مددهم وثمرات ألحاظهم وبركاتهم.

13- المبادرة إلى خدمته بقدر الإمكان، فمن خَدَم خُدِم.

14- دوام حضور مجالسه، فإن كان في بلد بعيد فعليه أن يكرر زيارته بقدر المستطاع، ولذلك قيل: (زيارة المربي ترقي وتربي). وإن السادة الصوفية بنوا سيرهم على ثلاثة أصول "الاجتماع والاستماع والاتباع" وبذلك يحصل الانتفاع.

15- الصبر على مواقفه التربوية كجفوته وإعراضه... الخ، التي يقصد بها تخليص المريد من رعوناته النفسية وأمراضه القلبية.

16- أن لا ينقل من كلام الشيخ إلى الناس إلا بقدر أفهامهم وعقولهم لئلا يسيء إلى نفسه وشيخه .

17- أن لا يتزوج زوجة طلقها شيخه أو مالت نفسه إليها.

( يتبع إن شاء الله )
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
منقووووووووووول

الآمنة · **مرسل:** السبت إبريل 28, 2012 9:43 pm

الله عليك ياأخى الطارق ..........

لقدطرقت بابامباركانحتاج لقراءته مرات ومرات ........

أكمل رعاك الله وأعطاك ماتتمنى ........

يانور سيدنا النبى · **مرسل:** السبت إبريل 28, 2012 10:16 pm

اخى الفاضل الطارق
موضوع رائع اخى كم نحتاج ان نتأدب بهذة الاخلاق الكريمة

حقا وانك على خلق عظيم ياسيدى يارسول الله صلى الله عليه واله وسلم

مدد يا اخلاق سيدنا النبى مدد
مدد يانور سيدنا النبى مدد

صلى الله عليه واله وسلم تسليما مباركا طيبا كما تحب وترضى

حامد الديب · **مرسل:** السبت إبريل 28, 2012 11:09 pm

صلى الله عليك يا حبيبى يا رسول الله
-----------------------------------------
بصراحه موضوع هايل وجزاك الله كل خير

الطارق · **مرسل:** الأحد إبريل 29, 2012 9:33 pm

- آداب المريد مع إخوانه:

- حفظ حرمتهم غائبين أو حاضرين، فلا يغتاب أحداً منهم، ولا ينقص أحداً، لأن لحومهم مسمومة كلحوم العلماء والصالحين.

- نصيحتهم بتعليم جاهلهم وإرشاد ضالهم، وتقوية ضعيفهم.
وللنصيحة شروط ينبغي التزامها، وهي ثلاثة للناصح، وثلاثة للمنصوح.

فشروط الناصح:

- أن تكون النصيحة سراً.

- أن تكون بلطف.

- أن تكون بلا استعلاء.

وشروط المنصوح:

- أن يقبل النصيحة.

- أن يشكر الناصح.

- أن يطبق النصيحة.

- التواضع لهم والإنصاف معهم وخدمتهم بقدر الإمكان إذ "سيد القوم خادمهم"

[أخرجه ابن ماجه والترمذي عن أبي قتادة رضي الله عنه، كما في "فيض القدير" "شرح الجامع الصغير" للمناوي ج4/ص122].

- حسن الظن بهم وعدم الانشغال بعيوبهم ووَكْلُ أمورهم إلى الله تعالى:

ولا تر العيب إلا فيك معتقداً عيباً بدا بيِّناً لكنه استترا

- قبول عذرهم إذا اعتذروا.

- إصلاح ذات بينهم إذا اختلفوا واختصموا.

- الدفاع عنهم إذا أُوذوا أو انتُهكِتْ حرماتهم.

- أن لا يطلب الرئاسة والتقدم عليهم لأن طالب الولاية لا يُوَلَّى.

الطارق · **مرسل:** الأحد إبريل 29, 2012 9:56 pm

عفوا إخوتي الكرام /
الآمنة
يانور سيدنا النبى
حامد الديب

نسيت التوجه بالشكر على ثنائكم الرقيق بارك الله فيكم ورزقني حسن الأدب ..

الطارق · **مرسل:** الأحد مايو 13, 2012 12:26 pm

قال ابن حجر الهيثمي: (كثير من النفوس التي يراد لها عدم التوفيق إذا رأت من أستاذ شدة في التربية تنفر عنه، وترميه بالقبائح والنقائص مما هو عنه بريء. فليحذر الموفق من ذلك، لأن النفس لا تريد إلا هلاك صاحبها، فلا يطعها في الإعراض عن شيخه) ["الفتاوى الحديثية" ص55].

موقع د. محمود صبيح

ما أعظم أدبك سيدي يا رسول الله !!

الموجودون الآن