اشترك في: الثلاثاء أكتوبر 25, 2011 10:25 pm مشاركات: 71
|
وهذا هو تعقيبنا: غالبا ما يكون التعقيب من غير صاحب المقال ولكنى سأخرج على المألوف هذه المرة وأعقب على نفسى ،بل على مسائل تحدثت فيها وسأزيدها إيضاحا : وأولى هذه المسائل هو اعتراض الشيخ إحسان عفا الله عنه ،على الصوفية فى تفضيلهم ربهم جل شأنه على الجنة والنار ووصفهم بأنهم يهزأون بالجنة والنار ويستهينون بهما وقال فى معرض ذلك: أما المتصوفة فلا يرون الأمر كذلك،فلا الدنيا ولا الآخرة ،ولا الخوف، ولا الجنة ولا النار ،بل كثيرا ما يستهزؤن بها ويسخرون بها"هذا هو نص كلامه ،ثم ذكر بعد ذلك أقوالهم عن تفضيلهم ربهم وعز وجل على الجنة والنار وكل شئ ولكنه لم يكن مقتنعا بذلك وأصر على رأيه فهو يرى انهم مخطئون، وإنهم قد أهانوا الجنة واستهانوا بالنار !!أى إهانة للجنة أو النار لو فضلنا اللـه تعالى عليهما ؟!هل هناك أعظم من جلال اللـه وعظمته ورفعة شأنه ؟!!لا واللـه لا يوجد ولا حتى الجنة التى هى من أروع ما خلق اللـه جل شأنه،والجنة على عظم شأنها أصغر من الكرسى والكرسى أصغر من العرش وجميع هذا كله لا يقارن بجلال اللـه تعالى وعظمته! ولتوضيح ذلك نذكر هذا حديث عَنْ أَنَس أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَة " فَلَمَّا تَجَلَّى رَبّه لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا " قَالَ " هَكَذَا بِأُصْبُعِهِ " وَوَضَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُصْبُعه الْإِبْهَام عَلَى الْمِفْصَل الْأَعْلَى مِنْ الْخِنْصَر " فَسَاخَ الْجَبَل "تفسير بن كثير وَقَالَ السُّدِّيّ عَنْ عِكْرِمَة عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي قَوْل اللَّه تَعَالَى" فَلَمَّا تَجَلَّى رَبّه لِلْجَبَلِ " قَالَ مَا تَجَلَّى مِنْهُ إِلَّا قَدْر الْخِنْصَر " جَعَلَهُ دَكًّا " قَالَ تُرَابًا " وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا " قَالَ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ رَوَاهُ اِبْن جَرِير تفسير بن كثير فهل هناك وجه مقارنة بين جلال اللـه تعالى وعظمته التى تندك لها الجبال وبين أى شئ من مخلوقاته؟ ونقول كذلك أيهما أعظم علما باللـه تعالى : العارفين باللـه من الصوفية أم غيرهم ممن لم يسلكوا طريقهم؟!! عن صهيب ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تلا هذه الآية : ( للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ) وقال : " إذا دخل أهل الجنة الجنة ، وأهل النار النار ، نادى مناد : يا أهل الجنة ، إن لكم عند الله موعدا يريد أن ينجزكموه . فيقولون : وما هو ؟ ألم يثقل موازيننا ، ويبيض وجوهنا ، ويدخلنا الجنة ، ويزحزحنا من النار ؟ " . قال : " فيكشف لهم الحجاب ، فينظرون إليه ، فوالله ما أعطاهم الله شيئا أحب إليهم من النظر إليه ، ولا أقر لأعينهم " .فلذة النظر إلى وجه اللـه الكريم أعظم من جميع مُتع الجنة، وهى لا تتحصل بالعمل وإنما هو تَفضُل من اللـه تعالى على أهل الجنة.. وخلاصة القول أن تفضيل الصوفية لرؤية اللـه فى الجنة على الجنة ،هو حق وصحيح تماما .. ويبدو أن الرجل كان يحتاج إلى نص قاطع فى هذه المسألة !!كأن يكون هناك حديث يقول "رؤية اللـه تعالى أعظم من جميع متع الجنة " فبحديث كهذا كان يمكنه أن يؤمن بما آمن به العارفون وبدونه لا يمكنه أن يرى أو يعلم!! أما الآيات البينات فى كتاب اللـه تعالى التى تتحدث عن عظمة اللـه تعالى فلم تكن تكفى عنده.. وكان الأدب مع اللـه تعالى يقتضى ،إذ لم يفهم، ألا يتعرض للحديث عنها.. ونختم الحديث فى هذه المسألة بهذا الحديث القدسى الذى ذكره المؤلف نفسه فى كتابه: (وحكى عماد الأموى وغيره أن داود عليه السلام قد أوحى إليه الرب تبارك وتعالى أن أَوَدّ الأوِدّاء** إلىّ، من عبدنى بغير نوال..ومن أظلم ممن عبدنى لجنة أو نار ،لو لم أخلق جنة أو نارا ألم أكن أهلا لأن أطاع؟) بلى يا رب **أود الأوداء:أى الأعظم ودا ..كأن نقول أحب الأحباء والمسألة الثانية هى عدم تصديقه بالكرامات الواردة عن هؤلاء العارفين باللـه من الصوفية وإنكاره لها ونسبتها إلى الكذب والاختلاق..ووجب عليه حينئذٍ ،وعلى كل مكذب مثله أن يثبت بالدليل القاطع صحة ما يقول وإلا كان آثما بسوء الظن ،ولا يكفى أن يقول قال فلان من الأئمة ،إلا أن يكون هناك إجماع من الأئمة المعتبرين على ذلك، وهذا ما لم يكن.. والفيصل فى هذه المسألة هو قصة الخضر مع موسى عليهما السلام الواردة فى سورة الكهف ،فإن ما حدث على يديه من أمور عجيبة وغريبة ينكرها الشرع فى ظاهرها بينما هى فى حقيقتها موافقة للشرع تماما ،تشبه تماما ما يقع على أيدى هؤلاء الصوفية من كرامات وأحوال خارقة ينكرها من لا دراية له بها بينما هى فى حقيقتها موافقة للشرع تماما . والشيخ الشعراوى رحمه اللـه تعالى كان رجلا صوفيا غير متعمق وكان محبا للصوفية،وله كرامات أقر بها وذكرها أحد رجال السلفية المحترمين وهو الشيخ عمر عبد الكافى وآخرون: ] http://www.youtube.com/watch?v=QXhqwHkjWjk والمسألة الأخيرة هى إصرار المؤلف على إنزال الصوفية منزلة عوام المسلمين ،وهذا ظلم بيّن لهم وانتقاص من قدرهم،فهم من خواص الأمة بل من خواص خواصها ،كما ذكرنا من قبل،ولكنه يُصِر على مقارنة أفعالهم وطاعاتهم بطاعة العوام من الأمة‘وهو يقول " ولكن الصوفية يروون عن مشايخهم أنهم لم يكونوا ينامون الليل ويقطعونه فى الذكر والتلاوة كما ذكر بن عجيبة:"وقد كان منهم(من الصوفية)من يقطع الليل كله فى ليلة ويختم القرآن كله فى كل ليلة" ويقول: مع أن رسول اللـه صلى اللـه عليه وسلم :" كان ينام ويسهر ويعمل ويستريح وأصحابه كذلك.وأن اللـه تعالى يقول(وهو الذى جعل لكم الليل لباسا والنوم سباتا)الفرقان آية وهو يعنى بذلك مداومة النبى على إحدى عشر ركعة لا يزيد عليها ،وهذا حق ولكن فليخبرنى امرؤ مَن مِن الصحابة أو التابعين اكتفى بإحدى عشر ركعة ؟!لقد كان كثير منهم يحيى ليله بعدد كبير جدا من الركعات قد يصل إلى ألف ركعة ،ومع هذا فقد كانت الإحدى عشرة ركعة للنبى تعادل الألف ركعة !!فقد كان يستفتح بالبقرة وآل عمران والنساء فى ركعة واحدة ولا يقتصر الأمر على ذلك،بل كان ركوعه قريبا من قيامه بهذه السور الثلاث وكذلك سجوده قريبا من ركوعه!! وهكذا باقى ركعات صلاته، فمن يطيق ذلك؟! (فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُطِيلُ الْقِيَامَ بِاللَّيْلِ حَتَّى إنَّهُ قَدْ ثَبَتَ عَنْهُ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ حُذَيْفَةَ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَةِ بِالْبَقَرَةِ وَالنِّسَاءِ وَآلِ عِمْرَانَ فَكَانَ طُولُ الْقِيَامِ يُغْنِي عَنْ تَكْثِيرِ الرَّكَعَاتِ، وأبي بْنُ كَعْبٍ لَمَّا قَامَ بِهِمْ وَهُمْ جَمَاعَةٌ وَاحِدَةٌ لَمْ يُمْكِنْ أَنْ يُطِيلَ بِهِمْ الْقِيَامَ فَكَثَّرَ الرَّكَعَاتِ لِيَكُونَ ذَلِكَ عِوَضًا عَنْ طُولِ الْقِيَامِ وَجَعَلُوا ذَلِكَ ضِعْفَ عَدَدِ رَكَعَاتِهِ فَإِنَّهُ كَانَ يَقُومُ بِاللَّيْلِ إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً أَوْ ثَلَاثَ عَشْرَةً ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ كَانَ النَّاسُ بِالْمَدِينَةِ ضَعُفُوا عَنْ طُولِ الْقِيَامِ فَكَثَّرُوا الرَّكَعَاتِ حَتَّى بَلَغَتْ تِسْعًا وَثَلَاثِينَ) (من موقع تذكير الإخوان بهدى النبى فى قيام الليل ) ومن الحديث يتبين لنا أن الاجتهاد بالليل ليس له حد معين، وكل إنسان على قدر طاقته وعزيمته، ولم يأت الصوفية ببدعة . أما عن دهشته من سرد الصوم فقد بيناه وأظهرنا فيه الحق ،أما صيام بعضهم لعدة سنوات بغير إفطار لا ليلا ولا نهارا ،فإنه محق فى دهشته ولكن لا حق له فى استنكاره ،ومن نظر بعقل لذلك علم أن هذا لا يكون إلا بعون من اللـه وتأييد،وبغير ذلك يهلك الإنسان ،فهو مناف لطبيعة الجسم الإنسانى تماما ولكنها قدرة اللـه ،ونوضح فنقول إنهم قد يستعينون ببعض أسماء اللـه الحسنى على ذلك،فقد ذكروا أن من داوم على ذكر اسمه تعالى الصمد ،صار صمدانيا أى لا يكون بحاجة إلى طعام أوشراب طالما هو ذاكر للاسم ولو ظل على ذلك أعواما ..وكذلك من داوم على ذكر اسمه تعالى القيوم جل شانه ،ذهب عنه النوم بعد فترة . وعلى ذلك فإن بعضهم يستطيع ،بالإستعانة بهذين الإسمين، ألا يأكل ولا يشرب ولاينام . واخيرا صدق الصوفية فى قولهم "عِلمُنا هذا حرام على غيرنا" ومن اقترب منه غرق فيه ولم يخرج..
|
|