موقع د. محمود صبيح

طبعا أنا فاهم ما تقصده حضرتك .. والا لم أكن لأجعل عنوان مشاركتى مشاكسة .. لكن يبدو أن حضرتك جاد وما ليكش فى المشاكسات والدعابات التى من هذا النوع ..
فكرة هذا النوع من المشاكسات أنها تلعب على ثراء اللغة من حيث تحمل اللفظ لأكثر من معنى .. وعدم إحكام المتكلم الكلام ليحمله على المعنى المحدد .. اما ثقة فى حسن تلقى المتلقيين للكلام أو غفلة وعدم انتباه منه ..
فيقوم المشاكس - اللى هو أنا فى الحالة دى - بالتغابى عن المعنى الذى يقصده المتكلم ويستحضر المعنى الآخر الذى تحتمله اللغة ثم يبنى تعليقه كله عليه بحماس وغشم كأنه الحقيقة .. لحكمة يقصدها أو فقط على سبيل الدعابة .. مع ترك خيط بسيط يوضح للمتكلم انه فاهم كلامه الذى يقصده .. لكن هذا الخيط لا ينتبه له الآخرون .
فى مشاكستى السابقة مثلا .. وضعت رمز غمزة العين المسماة Wink شوف موسوعة ويكيبيديا كاتبة ايه عن هذه الغمزة .

غمزة العين هي أحد تعابير الوجه والذي يتم عن طريق إغلاق أحد العينين لوقت قصير. تعتبر غمزة العين من أحد أشكال التواصل اللالفظي والتي عادة ما تتضمن معلومات أو نوايا مخفية .
تبادل معلومات سرية:
تستخدم غمزة العين عادة لإرسال رسالة بين شخصين دون أن يدرك أي طرف آخر ذلك. على سبيل المثال إن قام زيد بالكذب على عمرو فإنه قد يرسل غمزة عين إلى شخص ثالث لتوضيح ذلك الأمر له وربما لإشراكه في المؤامرة على عمرو. أو قد تستخدم الغمزة من قبل شخص لإيضاح لشخص آخر بأن الحديث الدائر هو نوع من المزاح ولا ينبغي أخذه على محمل الجد.

أنا وضعت لك علاة غمزة العين بعد كلمة قبلهم فى إشارة سرية لك إنى فاهم انك ما تقصدش بكلمة بعدهم معنى "الذى يليهم" الذى يقابله كلمة قبلهم .. ثم أكملت الموضوع بالابتسامات دلالة المزاح .

لو حبينا نطلع من هذه المزحة فائدة .. أو رسالة حقيقية فهو شيئين :
1 - ان اللغة الشفاهية تختلف عن اللغة المكتوبة فى ايصال المعنى .. وانه ليس كل شفهى يمكن ان يكتب وكذلك ليس كل عامية لو كتبناها ستصل الى المتلقى بمعناها عندنا .. لأنه عند كتابتها فى الغالب يقرأها القارئ بمعناها الفصيح بعكس السماع .. خاصة وأن المنتدى يرتاده اخوة عرب .. والعامية المصرية لها خصوصية فى التواصل لدى المصريين فقط .
2 - ان هذه الدراسة وان كانت اسرفت فى النتائج وعممت ( كذلك انهاتخص ثقافة أخرى مختلفة عننا تماما) .. لكن أصل الموضوع صحيح .. وهو أن كل انسان منا له طاقة محدودة بالنسبة لعدد الأفراد الذين يمكن ان يتعامل معهم يوميا أو حياتيا محافظا على صحته النفسية من الاعتلال (بدءا من الضيق أو الضغط النفسى انتهاء بالاكتئاب).. وهذا العدد يختلف من فرد الى فرد .. وخيار العزلة وعدم انهاك الانسان لطاقاته الذهنية والفكرية والروحية .. هو خيار أصيل فى ثقافتنا العربية والاسلامية .. يلجأ اليه أهل الثقافة وأهل العلم وأهل الفنون (رسم .. موسيقى .. أدب .. الخ) وقبل كل هؤلاء أهل الله من العارفين بالله .. حيث الخلاء من الخلق وعوالمهم .. وكثير من كل هؤلاء من يصل الى درجة عالية من الصفاء (كل واحد فى عالمه منهم ).. قد يشعر باكتئاب اذا اختلط بالناس كما فى الدراسة ..

***

فالعارفون بالله مثلا .. عندما يبدأ أحدهم مريدا ويعتزل الخلق ويذوق أنسه بالله .. حتى يجعله مولاه من المقربين اذا به يؤمر ان يعود الى الخلق ثانية .. لكنه معلما ومرشدا ..فيبدأ معهم معاناة اخرى من نوع جديد فقد نسيهم بالعزلة عنهم .. ويود لو يرجع الى انسه بمولاه فقط .. لكن انى له ذلك .

***
ضاقت بى الدنيا وضقت بأهلها
ذرعا كأن الخلق كوم رماد
صدرى يضيق بها ومن أعبائها
والنوم فيها صار كل سهادى
لا ألتقى فيها سوى شيطانها
يجرى ويرقص داعيا وينادى
والناس فى جهل أراهم خلفه
يجرون فى ذل وفى استعباد
ألقوا إليه عقولهم وقلوبهم
فأذلهم فرحا بسوء قياد
نحو الهلاك وقد نسوا أخراهم
حتى تراهم فى هوى ورقاد
*****
وذهبت أبحث عن حكيم عاقل
منهم فلم ألق سوى العباد
قوم قليل .. كلهم فى غربة
لاذوا بمولانا الحكيم الهادى
ياليتهم عاشوا سلاما هادئا
بل حولهم بحر من الحساد
هم يتقون أذى العبيد بصبرهم
والناس تلمزهم مع الإبعاد
فى قلبهم حب وود ظاهر
وقلوب غيرهم إنطلت بسواد
هم كالجبال رواسيا لكنهم
من شر كل الناس فى إجهاد
*****
لما أتيت مواسيا قالوا انتظر
الناس هلكى مالهم من زاد
فاذهب إليهم علهم يتحصنوا
من شر شيطان وسوء قياد
قلت: ادعونى كاذبا ومضللا!!
قالوا جهول بالقديم ينادى!!
قالوا:اتركوه ففيه مس جاءه
من شر شيطان وضربة عادى

ضحكوا .. وقالوا :قبلكم قالوا لنا
الجهل فيكم مختف أو بادى
هذى هى الدنيا نعيش ليومنا
والله غفار الذنوب الهادى
إذهب إليهم ثانيا فلربما
يستقيظ الموتى من الإرشاد
*****
يارب إنى تهت بين عبيدكم
مالى أراهم أنتن الأجساد
حتى عقولهم يروح بها الهوى
وقلوبهم حجر بغير فؤاد
يارب كيف أعيش بين ظهورهم
وأنا غريب أنكروا إسنادى
يارب خذنى ضاق صدرى منهم
حتى من الدنيا وكل سواد
أحببت نورك سيدى و" محمدا "
فالكون ضاق بمهجتى وفؤادى
خذنى أعيش إليك منطلقا بكم
فوق العقول ومستوى الأجساد
دعنى أعيش بحبكم وبنوركم
كالطير منطلقا على الآماد
*****
قال استقم ..إنا بلوناكم بهم
وهم عبيدى شأنهم أولادى
لو شئتهم لجعلتهم جمعا بنا
هم مؤمنون بنشرنا ومعاد
ذا شأننا نهدى ونفتن من نشا
وبحق قدرتنا على الإيجاد
وأنا الرحيم بهم .. وكم من تائب
يأتى إلينا بعد طول عناد
فادع إلى الله .. عليك بلاغهم
واترك هواهم للذى هو هادى
*****
أما فؤادك نحن أعلم بالذى
فيه .. وفيه الخير بالإسعاد
كن خالصا عبدا ولا تنظر إلى
غيرى.. وكن من خيرة الأشهاد
ولكل خلق سره وحياته
والكل فى واد وأنت بوادى
أنظر تسعنى بالفؤاد وبالنهى
والقلب عرشى إن فهمت مرادى
إن ضاقت الدنيا عليك فألقها
من خلف ظهرك وارتقب لودادى
عبدى له أنسى .. وليس بغيرنا
أنسا له إن كان من أوتادى
كن ساكنا بالقلب.. وانظر صامتا
أسلم وسلم دائما لمرادى
ليس الرضا والشكر !! بل بعبودة
لله تنشرها على الأشهاد
من شعر عبد الله صلاح الدين القوصى
***