
هى فعلاً حلاوة زمان.. زمان قوى.. بدأ تاريخها فى مصر مع دخول الفاطميين فى السابع من رمضان لعام 362 هجرية أى بالتقريب فى عام 980 ميلادية.
ومنذ دخول المعز لدين الله الفاطمى إلى مصر كان اهتمام الفاطميين بالاحتفالات والمواسم عظيماً وأقام الخليفة العزيز بالله (دار الفطرة)، وقرر أن تكون هذه الدار لصناعة الحلوى التى توزع على الناس فى الأعياد، وكان يُرسل إلى هذه الدار جميع الأصناف من السكر والعسل والتمر والقلوب (المكسرات) والزعفران والدقيق والزبيب والسمسم والبيض وماء الورد، وكانت هذه الدار تنتج كميات هائلة وبها أكثر من مائة صانع، ومائة فراش لحمل الحلوى، وتفريقها على أصحاب الوظائف والمهمين من خدم الخليفة ثم على العامة من الناس.
وكان الخليفة يركب فى موكب إلى دار الفطرة "وبالمناسبة كانت هذه الدار مقابلة للمشهد الحسينى الذى أصبح الجامع الحسينى بعد ذلك"، وفى كل المناسبات الدينية يدخل ليشاهد بنفسه الحلوى المعبأة مثل الجبال من كل صنف فيفرقها على الناس من ربع قنطار إلى عشرة أرطال إلى رطل واحد "أقل حاجة" على الناس جميعاً.

ولذلك تعود صناعة الحلوى فى مصر إلى أيام الفاطميين، ويعود الفضل أيضاً لهم فى بقاء المواسم والأعياد كل بطريقة احتفال مختلفة إلى يومنا هذا.. أما حلاوة المولد بشكلها الحالى فقد بدأت تقريباً منذ أكثر من خمسمائة عام فى سوق كان يسمى سوق "الحلاوين" ويقول المقريزى، إنه كان يصنع فيه من السكر أمثال خيول وسباع وقطط تسمى العلاليق من "علاقة"، وترفع لتعلق بخيوط على واجهات الحوانيت، ومنها ما يكون وزنه من ربع رطل إلى عشرة أرطال، ويشترى الأطفال كلها فى مصر، ولا يبقى جليل ولا حقير حتى يشترى لأهله وأولاده.
أما فى العصر الحديث أى فى أيام "أدوارد لين" الذى وصف أهل مصر وعوايدهم، وذلك فى عام 1834 ميلادية، قال عن احتفال المولد النبوى الشريف ما يأتى.. يتم الاحتفال فى مكان بركة الأزبكية وهى جافة لأنها كانت تمتلئ بالمياه فى أيام الفيضان ثم تقل المياه إلى أن تجف وتعود مرة أخرى وهكذا..
وفى أيام الفيضان عندما تكون البركة مليئة بالمياه كان احتفال المولد النبوى يقام على شاطئ البركة وفى الليلة التى حضرها "لين" بنفسه كانت البركة جافة، وأقيمت الليلة الكبيرة فى قاع البركة الجافة.. كانت تقام خيام كبيرة تسمى صواوين (جمع صيوان)، ويقيم بها الدراويش، ويرفعوا بين الخيام صوارى طويلة تُعلق فيها مصابيح وتعمل حبال بين الصوارى، وتعلق فيها مصابيح، وتكون على شكل دائرة، وتكون أشكالها جميلة على شكل ورود، وبعضها على شكل اسم الجلالة "الله" أو "محمد" أو على شكل كلمات الشهادة.
تنتهى ترتيبات العيد يوم 2 ربيع الآخر، وتستمر الاحتفالات حتى الليلة الثانية عشرة، ويتجمع الناس حول الشعراء، وهم رواة قصص أبوزيد الهلالى،
والمراجيح، وأكشاك لبيع حلاوة المولد، وتفتح محلات الحلوى والمطاعم والمقاهى، ليل نهار خلال 12 يوم، والشعراء ورواة القصص يظلون بين الناس بالنهار وبالليل يأخذون من أماكنهم على المقاهى.
أما السقايين فيدورون بين الناس يطلبون النقود من أجل أن يوزعوا المياه على زوار المولد.. ويمر موكب الدراويش كل ليلة بعد ساعة من منتصف الليل، ويمسكوا عصا طويلة عليها راية الصباح، وبعد المغرب يمسكون بعصا عليها مصباح تسمى المنور والجمع مناوير، ويسمى موكب الدراويش بالليل والنهار (بالإشارة)، وفى آخر ليلتين يتجمع أكبر عدد من الناس، وأكبر عدد من الدراويش، ويستمر الذكر طوال الليل حتى آذان الفجر.. أى أن الليلة الكبيرة كانت فى تلك الأيام ليلتين.
منقولhttps://ar-ar.facebook.com/elradio9090/posts/862865647160493/