المهاجرة كتب:
يا فرحتى سمح الحبيب وزارني ** وبكأسه بين الأحبة خصني
وصفا الوداد وطاب وقتى باللقا ** والحِبُ هناني وفيه أعزني
فسكرتُ من طربي بحُلوِ مقاله ** وبفضلةِ الكأسِ المروقِ رشني
ناديتُهُ زد يا جميلُ من الصفا ** فأمالني بين الدنانِ وغطني
يارب يارب يارب يارب يارب
تسلم ايدك ياملهمة تسلم ايدك يارب وتسلمى من أى شر
تسلمى
حبيبتى و أختى الغالية الكريمة المهاجرة أسعدنى مرورك الجميل


الفناء فى المحبوب:
قال سيدى أبو الحسن:
(الزم باباً واحداً تفتح لك الأبواب واخضع لسيد واحد تخضع لك الرقاب. قال تعالى: "{وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلا عِنْدَنَا خَزَائِنُه} [الحجر: 21] – {فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ} [التكوير: 26] ") انتهى.
ونقول مستمدين العون من الله: وطريق المحبة تنبني على فناء التلميذ في محبة أستاذه الهائم في الحضرة المحمدية فينال من مراتب الحب ما يعجز عنه السائرين فى دروب الطريق.
ولذا يقول سيدي أحمد بن عطاء الله السكندرى رضي الله عنه فى لطائف المنن:
كان مبنى طريق الشيخ رضى الله عنه الجمع على الله وعدم التفرقة ... إلى أن يقول: وكان يأمر أصحابه بالجمع على محبته. انتهى المقصود نقله من كلام سيدى ابن عطاء الله عن سيدى أبى الحسن رضى الله عنهما وعنا بهما.
وقال بعض المشايخ: إن العمدة فى طريق الشاذلية الصحبة الصالحة مع الاهتداء والمحبة الصادقة مع الاقتضاء.
ولذا قال سيدى أبو الحسن الشاذلى لسيدى أبى العباس المرسى رضى الله عنهما:
"ما صحبتك إلا لتكون أنت أنا وأنا أنت"
ولما اجتمع الأئمة ياقوت العرشى وأحمد بن عطاء الله ومحمد شرف الدين البوصيرى بشيخهم الإمام أبى العباس المرسى رضى الله عنهم فى مجلس سيادته وكان تجلى الوقت تجلى بسط وعطاء فقال لهم سيدى أحمد أبو العباس المرسى: "تمنوا على الله" فقال الإمام البوصيرى: أريد أن أمدح النبى صلى الله عليه وسلم كأننى أراه. فقال له: كذلك. وقال الإمام ابن عطاء الله مستحضراً قوله تعالى : ({يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلا أُولُو الْأَلْبَابِ} [البقرة: 269]) فقال: أريد أن أعطى الحكمة. فقال له: كذلك. وقال الإمام ياقوت العرشي الفاني فى حب شيخه والذى كان يقول له (يا دهشة يا حيرة يا حرف لا يقرأ) قال: أريد أن أكون عين شيخي. فقال له: كذلك. فقال الأحباب كلهم: فاز بها ياقوت. انتهت الرواية بالمعنى ومن عنده نصها فليثبته مشكوراً.
يقول سيدى أبو الحسن الشاذلى:
رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله، ما حقيقة المتابعة؟ فقال:
(رؤية المتبوع عند كل شيء ومع كل شيء وفي كل شيء)
والمراد رؤية الشهود، ولهذا نقل عنه وعن تلميذه سيدي أبي العباس رضي الله عنهما كلاً على حدة أنه قال بلفظ قريب:
لو حجب عنى رسول الله طرفة عين ما عددت نفسى من جملة المسلمين.
ثم إن سيدي أبو الحسن الشاذلي نادى اللـه فى الوظيفة الشاذلية أن يجمع عليه الوارث لهذه الأمانة فقال:
(اسمع ندائي فى فنائي وبقائي بما سمعت به نداء عبدك زكريا)
وكان دائماً ما يقول:
( ألا رجل من الأخيار يعقل عنا هذه الأسرار… هلموا إلى رجل صيره اللـه بحر الأنوار).
ولما خرج سيادته من تونس للحج وكان قد أوتي عليه فيه من قبل ابن البراء والسلطان إلا أنه رجع إليها ومكث فيها حتى قدم إليها سيدي أبو العباس المرسي فقال سيدي أبو الحسن: واللـه ما ردني إلى تونس إلا هذا الفتى.
ولذا لما دخل سيدي أبو العباس على سيدي أبي الحسن لما كف بصره قال سيدى أبو الحسن لسيدى أبى العباس:
يا أبا العباس انعكس بصري على بصيرتي فصرت كلي مبصراً، بالله الذى لا إله إلا هو ما أترك فى زماني أفضل من أصحابى وأنت واللـه أفضلهم. ثم قال له: كم سنك يا أبا العباس فقال : يا سيدى يوشك أنه ثلاثون سنة فقال له: بقيت عليك عشرة أعوام وترث الصديقية من بعدي. انتهى رضي اللـه عنهما ونفعنا ببركاتهما أمين.