http://agri.ahram.org.eg/NewsContent/2/التقارير/ننشر-وثيقة-سرية-تكشف/40386.aspx
أظهرت وثيقة سرية تم إرسالها برقم 56 إلى قلم السكرتارية الأمريكى منذ 133 سنة اهتمام الدولة الناشئة آنذاك الولايات المتحدة الأمريكية بقضية حفظ مصر لنهر النيل في بلاد المنابع عقب فيضان عام 1883م، كما تظهر الوثيقة عدة تساؤلات ماهو دخل أمريكا بقضية نهر النيل في تقرير كتب عنوانه «القضية التي صار أبلاغها».
كانت «الأهرام الزراعي» قد انفردت بنشر وثيقة مذكرة قدمتها وزارة الأشغال «الرى» للبرلمان المصري تثبت فيه بالأدلة القاطعة وبالأرقام والأحصائيات، كم من المبالغ المالية قامت بصرفها علي النيل في السودان حال انتهاء الفيضان القادم من الهضبة الإثوبية في عام 1883م.
«القضية التي صار أبلاغها» تظهر الكثير هنا، فهي تظهر أنها قضية تم ابلاغها لقلم سكرتارية أمريكا من قبل مصدر مهم، يقدم معلومات تفصيلية منوط به تقديمها للجهات الأجنبية ومنها أمريكا.
ويؤكد الباحث التاريخي أحمد الجارد لــ «للأهرام الزراعي»، إن الوثيقة السرية عبارة عن تقرير تم أرساله إلي قلم السكرتارية الأمريكي يظهر فيه مذكرة وزارة الأشغال «الري» «للبرلمان»، عقب فيضان عام 1883م وبعد احتلال مصر بعام واحد.
حيث أظهرت المذكرة التفصيلية بمجهودات الري في حفظ نهر النيل في السودان ومصر، كما أظهرت عدد البرقيات والتليغرافات المتبادلة بين موظفيها لقياس النيل وعمق الفيضان القادم من الهضبة الإثوبية ومروره بالسودان حتي مصر .
تاريخيا استعان الخديو إسماعيل بجنود وضباط مرتزقة من أمريكا في حروبه الأفريقية، بعد أن صار القرن الافريقي مصريا بعد تنازل الدولة العثمانية عن ميناء مصوع بأريتريا لمصر، حيث صار القرن الأفريقي مصريا خالصا وهذا ماجعل الحبشة وملكها يوحنا يقوم باستفزاز مصر بصفتها دولة حبيسة تبحث عن ميناء علي البحر الأحمر وتنشب حرب بينهما في نوفمبر عام 1875م .
بعد دخول الدول الاستعمارية الأوربية للقارة الأفريقية وإحكام انجلترا قبضتها علي مصر التي كانت تضم السودان وأجزاء من اثيوبيا وإرتيريا واجزاء من اوغندا والصومال، صارت كافة الدول الأوربية وغيرها مشغولة بما يحدث في مصر وخاصة في قضية نهر النيل وحفظه، التي قامت مصر بأنشاء ديوان له وتكلفت ميزانية طائلة للكشف عن منابعه وروافده .
يضيف «الجارد» أن الوثيقة السرية الأمريكية المكتوبة باللغة العربية والفرنسية والانجليزية كانت تظهر وقت انشغال مصر بمطالب وزارة الاشغال «الري» من مصروفاتها من قبل وزارة المالية في شهر نوفمبر وهو شهر انحسار الفيضان في مصر، لافتا أن الوثيقة كانت توضيح لإرسال المذكرة التفصيلية التي قدمها الري للبرلمان المصري .
وأوضح أن وزارة الأشغال قدمت مذكرة للبرلمان عقب فيضان 1883م وهو ثاني فيضان تشهده مصر بعد وقوعها تحت براثن الاحتلال الإنجليزي حيث تكلفت وزارة الأشغال «الري» 428643 قرش ثمن تليغرافات متبادلة لمراقبة نهر النيل والفيضان في السودان، وهو مبلغ يقارب نصف مليون قرش ويساوي نحو 4268 جنيه و43 قرش في زماننا الطريف.
أن الوثيقة السرية التي تم إرسالها لأمريكا كانت مكتوبة بالآلة الكاتبة، وموضوع فيها مذكرة وزارة الري المكتوبة بخط اليد للبرلمان، حيث حوت المذكرة الأمريكية مطالب وزارة الري في أحقيتها أيضا في مقدار 150 الف قنطار دبش من ميزانية وزارة الأشغال للسيطرة علي الفيضان في منطقة القيراطين بالجيزة بجوار السكة الحديد .
إلا إن الوثيقة المرسلة لسكرتير القلم الأمريكي لم تحو مطالب وزارة الري في مطالبتها بأحقيتها في ميزانية علاوة حفظ النيل التي لم تتقاضاها في شهر أكتوبر عام 1883م ولا المكافأة التي لم تقاضاها عقب فيضان عام 1882م، وهو العام الذي وقعت فيه مصر تحت براثن الاحتلال الإنجليزي كأن هذه المطالب لم تكن من اهتمامات من كتب التقرير وأرسله لأمريكا.
ويؤكد «الجارد» أن الوثيقة السرية الأمريكية لم تظهر من كان منوطا بكتابة هذه التقارير، التي كانت تنشغل بها السياسة الأمريكية إلا إن الوثيقة كانت مكتوبة بأحصائيات المطالب، التي طالبت بها وزارة الري وهو مقدار نصف مليون قرش وهو العملة الرسمية لمصر .
كانت وزارة المالية صممت علي خصم مبلغ النصف مليون قرش ثمن التليغرافات المتبادلة لمعرفة قياس النيل وقوة الفيضان من وزارة الأشغال الري، مما جعل وزارة الأشغال ترفض هذا القرار، موضحة في مذكرتها للبرلمان «ولكنة لم يسبق قبول أجر التلغرافات من جهة السودان بخصوص مقياس النيل، كما يندرج فى موازين نظارة الأشغال شىء برسم ذلك، قد تحرر للمالية بعدم أمكان القبول فلم تقبل ذلك وصممت عن قبول المبلغ المذكور بحسابات نظارة الاشغال ضمن مصروفات حفظ النيل».
وأشار «الجارد»، أنه رغم أن الوثيقة السرية التي كتبتها التقارير الأمريكية برقم أمر 1947 كانت فقط عبارة عن صورة حقيقية عن مطالب تم تقديمها للبرلمان المصري، إلا إنها تكشف أن الدول التي تحولت لأمبراطوريات فيما بعد، مثل أمريكا التى كانت تهيىء نفسها أن تكون متواجدة وتراقب سر حياة مصر في بلاد المنابع.