موقع د. محمود صبيح

منتدى موقع د. محمود صبيح

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 180 مشاركة ]  الانتقال إلى صفحة السابق  1, 2, 3, 4, 5, 6 ... 12  التالي
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة: Re: بعض المقتبس من كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء يناير 31, 2018 10:01 pm 
غير متصل

اشترك في: الخميس مايو 30, 2013 5:51 am
مشاركات: 35060
فقال إرميا : إن الله عز وجل لا يخلف الميعاد وأنا به واثق . فلما قرب الأجل وعزم الله عز وجل على
هلاكهم بعث الله تعالى إلى إرميا ملكاً فتمثل له رجلاً من بني إسرائيل فقال له : يا نبي الله ، أستفتيك في أهل رحمي ، وصلت أرحامهم ولم آت إليهم إلا حسناً ، ولا يزيد إكرامي إياهم إلا إسخاطاً لي ، فأفتني فيهم . فقال له : أحسن فيما بينك وبين الله وصلهم وأبشر بخير . فقام الملك فمكث أياماً ثم أقبل إليه في صورة ذلك الرجل فقعد بين يديه ، فقال له إرميا : أو ما ظهرت أخلاقهم لك بعد ؟ فقال : يا نبي الله ، والذي بعثك بالحق ما أعلم كرامة يأتيها أحد من الناس إلى أهل رحمه إلا قدمتها إليهم وأفضل . فقال له إرميا : ارجع إلى أهلك وأحسن إليهم ، واسأل الله تعالى الذي أصلح عباده الصالحين أن يصلحهم . فقام الملك فمكث أياماً وقد نزل بختنصر وجنوده حول بيت المقدس بأكثر من الجراد ، ففزع منهم بنو إسرائيل وشق عليهم . فقال ملكهم لإرميا : يا نبي الله ، أين ما وعدك الله ؟ قال : إني بربي واثق . ثم أقبل الملك إلى إرميا : ألم يأن لهم أن يفيقوا من الذي هم فيه ؟ فقال الملك : يا نبي الله ، كل شيء يصيبني منهم قبل اليوم كنت أصبر عليه ، فاليوم رأيتهم في عمل لا يرضى الله عز وجل . فقال إرميا : على أي عمل رأيتهم ؟ قال : على عمل عظيم من سخط الله ، فغضبت لله ولك وأتيتك لأخبرك . وإني أسألك بالله الذي بعثك بالحق إلا ما دعوت الله عليهم ليهلكهم . قال إرميا : يا ملك السموات والأرض إن كانوا على حق وصواب فأبقهم ، وإن كانوا على سخطك وعمل لا ترضاه فأهلكهم . فلما خرجت الكلمة من فم إرميا أرسل الله عز وجل صاعقة من السماء في بيت المقدس فالتهب مكان القربان وخسف بسبعة أبواب من أبوابها . فلما رأى ذلك إرميا وشق ثيابه ونبذ الرماد على رأسه وقال : يا ملك السموات والأرض ، أين ميعادك الذي وعدتني فنودي : إنه لم يصبهم الذي أصابهم إلا بفتياك ودعائك . فاستيقن إرميا أنها فتياه ، وأن ذلك السائل كان رسول ربه . فطار إرميا حتى خالط الوحوش . ودخل بختنصر وجنوده بيت المقدس ووطئ الشام وقتل بني إسرائيل حتى أفناهم وخرب بيت المقدس ، فقذفوا فيه التراب حتى ملئوه ؛ ثم أمرهم أن يجمعوا من كان في بلدان بيت المقدس كلهم ، فجمعوا عنده كل صغير
وكبير من بني إسرائيل ، فاختار منهم مائة ألف صبي ، وقيل سبعين ألف صبي . فلما خرجت غنائم جنده لتقسم قال له الملوك الذين كانوا معه : أيها الملك ، لك غنائمها كلها ، فاقسم بيننا هؤلاء الصبيان الذين اخترتهم من بني إسرائيل ، ففعل ذلك ، فأصبا كل رجل منهم أربعة غلمة . وكان من أولئك الغلمان دانيال وحنانيا وعزاريا وميشائيل ، وسبعة آلاف من أهل بيت داود عليه السلام - ، وأحد عشر ألفاً من سبط يوسف ابن يعقوب ، وأخيه بنيامين - عليه السلام - ، وثمانية آلاف من سبط أشرس بن يعقوب ؛ وأربعة عشر ألفاً من سبط ريالون بن يعقوب نفتالي بن يعقوب ، وأربعة آلاف من سبط يهوذا بن يعقوب ، وأربعة آلاف من سبط روبيل ولاوى ابنى يعقوب ، ومن بقي من بني إسرائيل .
قال : وجعل بختنصر من بقي من بني إسرائيل ثلاث فرق ، فثلثاً أقر بالشام ، وثلثاً سبى ، وثلثا قتل . وذهب بآينة بيت المقدس وسلب حيله حتى أقدم ذلك بابل ، فكان على سبعين ألفا ومائة ألف عجلة من حلي . فذلك قوله تعالى : " وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدون في الأرض مرتين ولتعلن علواً كبيراً ، فإذا جاء وعد أولاهما بعثنا عليكم عباداً لنا أولي بأس شديد " يعني بختنصر وأصحابه " فجاسوا خلال الديار وكان وعد مفعولاً " فهذه الوقعة الأولى التي أنزلها الله ببني إسرائيل لاختلافهم وظلمهم . ولنصل هذا الفصل بخبر بختنصر . ذكر خبر بختنصر وابتداء أمره وكيف ملك
يتبع

_________________



مولاي صل وسلم دائما أبداعلى حبيبك خير الخلق كلهم
اللهم صل على هذا النبى الأمين وأجعلنا من خاصة المقربين لديه السعداء وعلى آله وسلم حق قدره ومقداره العظيم




أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: بعض المقتبس من كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب
مشاركة غير مقروءةمرسل: السبت فبراير 03, 2018 9:52 pm 
غير متصل

اشترك في: الخميس مايو 30, 2013 5:51 am
مشاركات: 35060
ذكر خبر بختنصر وابتداء أمره وكيف ملك

يقال في اسمه : بختنصر بتشديد الصاد وإسكانها ويقال فيه : بختناصر . وقد اختلف في أمره ، فقال قوم : إنه ملك الدنيا أجمع . وقال آخرون : بل ملك بابل وما افتتحه . وقال قوم : إنما كان مرزباناً للهراسف الفارسي . وقال قوم : كان أصله
من أبناء الملوك ، وقيل : بل كان من الفقراء . وسنذكر إن شاء الله تعالى ما نقف عليه من ذلك . فمن ذلك ما رواه أبو إسحاق الثعلبي في تفسير قوله عز و جل : " وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب . . . . " الآيات بسند رفعه إلى سعيد بن جبير قال : كان رجل من بني إسرائيل يقرأ التوراة ، حتى إذا بلغ " بعثنا عليكم عباداً لنا أولي بأس شديد " بكى وفاضت عيناه ثم أطبق المصحف وقال : أي رب أرني هذا الرجل الذي جعلت هلاك بني إسرائيل على يديه ؛ فأرى في المنام مسكين ببابل يقال له بختنصر ، فانطلق بمال وأعبد له وكان رجلاً موسراً . فقيل له : أين تريد ؟ قال : أريد التجارة . فسار حتى نزل بابل ، فنزل داراً فأكتراها ، ليس فيها أحد غيره ، فجعل يدعوا المساكين ويلطف بهم حتى لا يأتيه أحد إلا أعطاه . فقال : هل بقي مسكين غيركم ؟ قالوا : نعم ، مسكين بفج آل فلان مريض يقال له بختنصر . فقال لغلمته : انطلقوا بنا ، فانطلق حتى أتاه فقال له : ما اسمك ؟ قال بختنصر . فقال لغلمته : احتملوه ، فنقله إليه فمرضه حتى برئ ، فكساه وأعطاه نفقة ، ثم آذن الإسرائيلي بالرحيل ، فبكى بختنصر . فقال حتى له الإسرائيلي : ما يبكك ؟ قال : أبكي أنك فعلت بي ما فعلت ، ولا أجد شيئاً أجزيك به . قال : بلى ، شيئاً يسيراً . فقال له : وما هو ؟ قال : إن ملكت أطعتني . فجعل يتبعه ويقول : تستهزئ بي ؟ ولا يمنعه من أن يعطيه ما سأله إلا أنه يرى أنه يستهزئ به . فبكى الإسرائيلي وقال : لقد علمت ما يمنعك ما سألتك إلا أن الله تعالى يريد أن ينفذ ما قد أمضى وكتب في كتابه . قال : وضرب الدهر ضرباته فقال صيحون وهو ملك فارس ببابل : لو أنا بعثنا طليعة إلى الشام ؟ قالوا : وما ضرك لو فعلت ؟ قال : فمن ترون ؟ قالوا : فلان . فبعث رجلاً وأعطاه مائة ألف فارس ، وخرج بختنصر في مطبخه لا يخرج إلا ليأكل من مطبخه ويعيش منه . فلما قدم الشام رأى صاحب الطليعة أكثر خلق الله فرساناً ورجالاً ، كسر ذلك في ذرعه فلم يسأل . فجعل بختنصر يجلس في مجالس أهل الشام فيقول : ما يمنعكم أن تغزوا بابل فلو غزوتموها فما دون بيت مالها شيء .
قالوا : لا نحسن القتال ولا نقاتل ، حتى انتفذ مجالس أهل الشام . ثم رجع أمير الطليعة فأخبر الملك بما رأى . وجعل بختنصر يقول لفوارسهم الملك : لو دعاني الملك لأخبرته غير ما أخبره فلان . فرفع ذلك إلى الملك فدعاه ، فقال : إن فلاناً لما رأى أكثر أرض الله كراعاً ورجالاً كسر ذلك في ذرعه ولم يسألهم عن شيء ، وإنني لم أدع مجلساً بالشام إلا جالست أهله فقلت لهم كذا وكذا ، فقالوا لي كذا وكذا . فقال صاحب الطليعة لبختنصر : بصحبتي لك مائة ألف دينار وتنزع عما قلت . قال : لو أعطيتني بيت مال بابل ما نزعت . فضرب الدهر ضربانه فقال الملك : لو بعثنا جريدة خيل إلى الشام ، فإن وجدوا مساغاً ساغوا وإلا استلبوا ما قدروا عليه . قالوا : ما ضرك لو فعلت ؟ قال : فمن ترون ؟ قالوا : فلان . قال : بل الرجل الذي أخبرني بما أخبرني . فدعا بختنصر وأرسله وانتخب معه أربعة آلاف من فرسانهم ، فانطلقوا فجاسوا خلال الديار ، فسبوا ما شاء الله ولم يخربوا ولم يقتلوا . ومات صيحون الملك ، فقالوا : استخلفوا رجلاً ، فقالوا : على رسلكم حتى يأتي أصحابكم فإنهم فرسانكم . فأمهلوا وأخروا ذلك حتى جاء بختنصر بالسبي وما معه ، فقسم ذلك في الناس . فقالوا : ما رأينا أحداً أحق بذلك من هذا فملكوه . قال : وقال السدي بإسناده : إن رجلاً من بني إسرائيل رأى في المنام أن خراب بيت المقدس وهلاك بني إسرائيل على يدي غلام يتيم ابن أرملة من أل بابل يدعى بختنصر ، وكانوا يصدقون فتصدق رؤياهم . فأقبل فسأل عنه حتى نزل على أمه وهو يحتطب . فلما جاء وعلى رأسه الحطب ألق الحزمة ثم قعد في جانب من البيت ،
فكلمه ثم أعطاه ثلاثة دراهم وقال : اشتر بهذه طعاماً وشراباً ، فاشترى درهم لحماً ، وبدرهم خبزاً ، وبدرهم خمراً ؛ فأكلوا وشربوا ، حتى إذا كان اليوم الثاني . . . . . به كذلك ؛ وفي اليوم الثالث كذلك . ثم قال : إني أحب أن تكتب لي أماناً إن أنت ملكت يوماً من الدهر . قال : تسخر مني ؟
قال : إني لا أسخر منك ، ولكن ما عليك أن تتخذها عندي يداً فكلمته أمه فقالت : ما عليك إن كان ، وإلا لم ينقصك شيئاً ، فكتب له أماناً . فقال له : أرأيت إن جئت والناس حولك قد حالوا بيني وبينك فاجعل لي آية تعرفني بها . قال : ترفع صحيفتك على قصبة فأعرفك بها ، فكساه وأعطاه . ثم إن ملك بني إسرائيل كان يكرم يحيى بن زكريا عليهما السلام ويدني مجلسه ويستشيره في أمره ولا يقطع أمراً دونه ؛ وإنه هوى أن يتزوج بنت امرأته . - قال وقيل : كانت بنت أخيه ، قال الثعلبي : وهو الأصح إن شاء الله - فسأله عن ذلك ، فنهاه عن نكاحها وقال : لن أرضاها لك . فبلغ ذلك أمها فحقدت على يحيى - عليه السلام - حين نهاه أن يتزوج بنتها ، فعمدت أم الجارية حين جلس الملك على شرابه فألبستها ثياباً رقاقاً حمراء وطيبتها وألبستها من الحلي ، وألبستها . فوق ذلك كساء أسود وأرسلتها إلى الملك ، وأمرتها أن تسقيه وأن تتعرض إليه ، فإن أرادها على نفسها أبت عليه حتى يعطيها ما سألته ، فإذا أعطاها ذلك سألته أن يؤتى برأس يحيى بن زكريا في طست ، ففعلت . فلما أخذ منه الشراب أرادها على نفسها ، فقالت : لا أفعل حتى تعطيني ما أسألك . قال : ما تسألين ؟ قالت : أسألك أن تبعث إلى يحيى بن زكريا فتؤتى برأسه في طست . فقال : ويحك سليني غير هذا . قالت : ما أريد إلا هذا . فلما أبت عليه بعث إليه فأتى برأسه ، والرأس يتكلم حتى وضع بين يديه وهو يقول : لا يحل لك . فلما أصبح إذاً دمه يغلي ، فأمر بتراب فألقى عليه ، فرقى الدم فوق التراب يغلي ، فألقى عليه أيضاً فارتفع الدم فوقه ، فلم يزل يلقى عليه من التراب حتى بلغ سور المدينة وهو في ذلك يغلي . فبلغ صيحون ملك بابل ذلك فنادى في الناس ، وأراد أن يبعث إليهم جيشاً ويؤمر عليهم رجلاً . فأتاه بختنصر فكلمه وقال : إن الذي كنت أرسلت تلك المرة ضعيف ، وإني قد دخلت المدينة وسمعت كلام أهليها فابعثني فبعثه . فسار بختنصر ، حتى إذا بلغوا ذلك المكان تحصنوا منه في مدائنهم فلم يطلقهم . فلما اشتد عليه المقام وجاع أصحابه فأتى بها إليه . فقالت : إنه بلغني أنك تريد أن ترجع بجندك قبل أن تفتح هذه المدينة . قال : نعم ، قد طال مقامي وجاع أصحابي ، فلست أستطيع المقام فوق الذي كان مني . فقالت : أرأيتك إن فتحت لك المدينة أتعطيني ما أسألك ، إذا أصبحت فاقسم جندك أربعة أرباع ، ثم اجعل في كل زاوية ربعاً ، ثم ارفعوا أيديكم إلى السماء فنادوا : إنا نستفتحك يا الله بدم يحيى بن زكريا ، فإنها سوف تساقط ، ففعلوا ؛ فتساقطت المدينة فدخلوا من جوانبها . فقالت : كف يدك واقتل على هذا الدم حتى يسكن ، وانطلقت به إلى دم يحيى بن زكريا ، وهو على تراب كثير ، فقتل عليه حتى سكن ، فقتل سبعين ألفاً . فلما سكن الدم قالت له : كف يدك فإن الله تعالى إذا قتل نبي لم يرض حتى يقتل من قتله ومن رضي قتله . وأتاه . صاحب الصحيفة بصحيفته فكف عنه وعن أهل بيته ، وخرب بيت المقدس وأمر أن تطرح الجيف فيه ، وقال : من طرح فيه جيفة فله جزيته تلك السنة . قال : وأعانه الروم على خرابه من أجل أن بني إسرائيل قتلوا يحيى بن زكريا . قال : فلما خربه بختنصر ذهب معه بوجوه بني إسرائيل وسراتهم وذهب بدانيال وقوم من أولاد الأنبياء وذهب معه برأس جالوت الملك ، فلما قدم وجد صيحون ملك بابل قد مات فملك مكانه .
ذكر خبر بختنصر مع دانيال
يتبع

_________________



مولاي صل وسلم دائما أبداعلى حبيبك خير الخلق كلهم
اللهم صل على هذا النبى الأمين وأجعلنا من خاصة المقربين لديه السعداء وعلى آله وسلم حق قدره ومقداره العظيم




أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: بعض المقتبس من كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء فبراير 07, 2018 10:15 pm 
غير متصل

اشترك في: الخميس مايو 30, 2013 5:51 am
مشاركات: 35060
ذكر خبر بختنصّر مع دانيال
قال: ولمّا سار بختنصّر إلى بابل وملّك بعد موت الملك كان معه دانيال، وكان أكرم الناس عليه هو وأصحابه، فحسدهم المجوس على ذلك، فوشوا بهم إليه وقالوا: إنّ دانيال وأصحابه لا يعبدون إلهك ولا يأكلون ذبيحتك. فدعاهم فسألهم؛فقالوا: أجل، إنّ لنا ربّا نعبده، ولسنا نأكل من ذبيحتكم. فأمر أن يخدّ»
لهم أخدود فخدّ لهم وألقوا فيه وهم ستّة، وألقى معهم سبع ضار ليأكلهم، ثم قال: اذهبوا بنا لنأكل ونشرب، فذهبوا فأكلوا وشربوا، ثم عادوا فوجدوهم سبعة والسبع مفترش ذراعيه بينهم ولم يخدش منهم أحدا. فقالوا: ما بال هذا السابع إنما كانوا ستّة! فخرج السابع إلى بختنصّر، وكان ملكا من الملائكة، فلطمه لطمة فصار من الوحش [ومسخه الله] سبع سنين، [ثم ردّه الله الى صورته وردّ عليه ملكه . هذا ما حكاه السّدىّ.
وروى الثعلبىّ بسنده إلى وهب قال: لمّا سار بختنصّر الى بابل وملّك بعد موت ملكها واستتبّ أمره لبث على ذلك مدّة، ثم رأى رؤيا عجيبة فأفزعته وسأل عنها الكهنة والسحرة فعجزوا عن تعبيرها. فبلغ ذلك دانيال وكان فى السجن مع أصحابه وقد أحبّه صاحب السجن وأعجب به لمّا رأى من حسن سمته. فقال له دانيال: إنك قد أحسنت إلىّ، وإنّ صاحبكم قد رأى رؤيا، فدلّه علىّ لأعبرّها له.
فجاء السجّان فأخبر بختنصّر بقصّة دانيال، فاستدعاه فجاء إليه. وكان من عادة من حضر بين يدى الملك أن يسجد له، فلما أتوا بدانيال قام بين يديه ولم يسجد له.
فقال: ما الذى منعك من السجود؟ فقال: إن لى ربّا آتانى العلم والحكمة وأمرنى ألّا أسجد لغيره، فخشيت إن سجدت لغيره أن ينزع منّى الحكمة والعلم ويهلكنى.
فأعجب به وقال: نعم ما فعلت حيث وفّيت بعهده، وأجللت علمه؛ ثم قال:
هل عندك علم هذه الرؤيا؟ قال: نعم وأبشر، فأخبره برؤيا قبل أن يخبره الملك بها، وعبّرها له.قال الثعلبىّ: وكانت الرؤيا على ما أخبرنا به عبد الله بن حامد فى إسناده عن وهب بن منبّه قال: إنّ بختنصّر رأى فى آخر زمانه صنما رأسه من ذهب، وصدره من فضّة، وبطنه من نحاس، وفخذاه من حديد، وساقاه من فخّار، ثم رأى حجرا من السماء وقع عليه فدقّه، ثم ربا الحجر حتى ملأ ما بين المشرق والمغرب، ورأى شجرة أصلها فى الأرض وفرعها فى السماء، ثم رأى عليها رجلا بيده فأس وسمع مناديا ينادى: اضرب جذعها ليتفرّق الطير من فروعها، وتتفرّق الدوابّ والسباع من تحتها، واترك أصلها قائما.فعبّرها دانيال عليه السلام له فقال: أمّا الصنم الذى رأيت، فأنت الرأس وأنت أفضل الملوك. وأما الصدر الذى من فضة فابنك يملك من بعدك. وأما البطن الذى رأيت من نحاس فملك يكون بعد ابنك. وأما ما رأيت من الفخذين من حديد فيتفرّق الناس فرقتين فى فارس يكون أشدّ الملوك. وأما الفخّار فآخر ملكهم يكون دون الحديد. وأما الحجر الذى رأيته قد ربا حتى ملأ ما بين المشرق والمغرب فنبىّ يبعثه الله تعالى فى آخر الزمان فيفرّق ملكهم كلّه، ويربو ملكه حتى يملأ ما بين المشرق والمغرب.
وأما الشجرة التى رأيت والطير التى عليها والسّباع والدوابّ التى تحتها وما أمر بقطعها، فيذهب ملكك ويردّك الله طائرا تكون نسرا ملك الطير، ثم يردّك الله ثورا ملك الدوّاب، ثم يردّك الله أسدا ملك السباع والوحش سبع سنين، وفى كل ذلك قلبك قلب إنسان، حتى تعلم أنّ الله له ملك السموات والأرض، يقدر على الأرض ومن عليها، وكما رأيت أصلها قائما فإن ملكك قائم.
قال: فمسخ بختنصّر نسرا فى الطيور، وثورا فى الدوّاب، وأسدا فى السباع، فكان مسخه كله سبع سنين، ثم ردّ الله تعالى إليه ملكه، فآمن ودعا الناس إلى الله تعالى.
قال: وسئل وهب بن منبّه: أكان بختنصّر مؤمنا؟فقال: وجدت أهل الكتاب قد اختلفوا فيه،فمنهم من قال: مات مؤمنا، ومنهم من قال: مات كافرا؛ لأنه حرّق بيت المقدس وكتب الله وقتل الأنبياء، فغضب الله تعالى عليه ولم يقبل توبته.
قالوا: فلمّا عبّر دانيال لبختنصّر رؤياه أكرمه وصحبه واستشاره فى أموره وقرّبه منه حتى كان أكرم الناس عليه وأحبّهم إليه، فحسده المجوس على ذلك ووشوا به وبأصحابه الى بختنصّر فقالوا: إنّ دانيال وأصحابه لا يعبدون إلهك، ولا يأكلون ذبيحتك. فدعاهم وسألهم فقالوا: إنّ لنا ربّا نعبده ولسنا نأكل من ذبائحكم.
فأمر بختنصّر بأخدود، فخدّ لهم وألقوا فيه، وهم ستّة، وألقى معهم سبع ضار ليأكلهم،
ثم قالوا: انطلقوا لنأكل ونشرب، فأكلوا وشربوا، ثم راحوا فوجدوهم جلوسا والسبع مفترش ذراعيه بينهم ولم يخدش منهم أحدا ولم ينكأهم بشىء، ووجدوا معهم رجلا فعدوّهم فوجدوهم سبعة،فقالوا: ما بال هذا السابع وإنما كانوا ستّة! فخرج إليهم السابع، وكان ملكا من الملائكة، فلطم بختنصّر لطمة فصار فى الوحوش، ومسخه الله تعالى سبع سنين ثم ردّه الله تعالى إلى صورته وردّ عليه ملكه.
قال السّدىّ: ثم إن بختنصر لمّا رجع إلى صورته بعد المسخ وردّ الله تعالى عليه ملكه، كان دانيال وأصحابه أكرم الناس عليه، فحسدته المجوس ووشوا به ثانية فقالوا
يتبع

_________________



مولاي صل وسلم دائما أبداعلى حبيبك خير الخلق كلهم
اللهم صل على هذا النبى الأمين وأجعلنا من خاصة المقربين لديه السعداء وعلى آله وسلم حق قدره ومقداره العظيم




أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: بعض المقتبس من كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين فبراير 12, 2018 9:17 pm 
غير متصل

اشترك في: الخميس مايو 30, 2013 5:51 am
مشاركات: 35060
قال السدي : ثم إن بختنصر لما رجع إلى صورته بعد المسخ ورد الله تعالى عليه ملكه ، كان دانيال وأصحابه أكرم الناس عليه ، فحسدته المجوس ووشوا به ثانية فقالوا لبختنصر : إن دانيال إذا شرب الخمر لم يملك نفسه أن يهول ، وكان ذلك فيهم عار . فجعل بختنصر لهم طعاماً وشراباً فأكلوا وشربوا وقالوا للبوابين : أنظروا أول من يخرج إليكم ليبول فاضربوه بالطبرزين (الطبر هو نوع قديم من السلاح كان يُستخدم قديماً ويُشبه الفأس) ، وإن قال لكم أنا بختنصر فقولوا له :
كذبت ، بختنصر أمرنا بهذا . فحبس الله تعالى عن دانيال البول ، وكان أول من قام من القوم يريد البول بختنصر ، فقام مدلاً وذلك ليلاً ، فخرج يسحب ثيابه ، فشد عليه البواب فقال : أنا بختنصر . فقال : كذبت ، بختنصر أمرني أن أقتل أول من يخرج ، فضربه فقتله . وحكى محمد بن إسحاق بن يسار في سبب هلاك بختنصر غير ما حكاه السدي ، وذلك أنه قال بإسناده : لما أراد الله تعالى هلاك بختنصر انبعث فقال لمن كان في يده من بني إسرائيل : أرأيتم هذا البيت الذي خربته ، وهؤلاء الناس الذين قتلتهم من هم ؟ وما هذا البيت ؟ قالوا : هذا بيت الله ومسجد من مساجده ، وهؤلاء أهله ، كانوا من ذراري الأنبياء فظلموا وتعدوا وعصوا ، فسلطت عليهم بذنوبهم ، وكان ربهم رب السموات والأرض ورب الخلق كلهم ، يكرمهم ويمنعهم ويعزهم ، فلما فعلوا ما فعلوا أهلكهم الله تعالى وسلط عليهم غيرهم . قال : فأخبروني ما الذي يطلع بي إلى السماء العليا لعلي أطلع إليها وأقتل من فيها وأتخذها ملكاً فإني قد فرغت من الأرض ومن فيها ؟ قالوا : ما يقدر على هذا أحد من الخلائق . قال : لتفعلن أو لأقتلنكم عن أخركم . فبكوا وتضرعوا إلى الله تعالى ، فبعث الله عز وجل عليه بقدرته ليريه ضعفه وهوانه بعوضة فدخلت في منخره ثم ساخت فيه حتى عضت بأم دماغه فما يقر ولا يسكن حتى يوجأ له رأسه على أم دماغه . فلما عرف أنه الموت قال لخاصته من أهل : إذا مت فشقوا رأسي فانظر . ما هذا الذي قتلني . فلما مات شقوا رأسه فوجدوا البعوضة عاضة بأم دماغه ليرى الله تعالى عباده قدرته وسلطانه ، ونجى الله تعالى من بقي في يديه من بني إسرائيل وردهم إلى إيليا والشام ، فبنوا فيه وربوا وكثروا حتى كانوا كأحسن ما كانوا عليه . قال : فيزعمون أن الله تعالى أحيا أولئك الموتى الذين قتلوا ولحقوا بهم .

قال : ثم إنهم لما رجعوا إلى الشام وقد أحرف التوراة وليس معهم عهد من الله تعالى جدد الله عز وجل توراتهم وردها عليهم على لسان عزيز ، على ما نذكره إن شاء الله تعالى .
يتبع

_________________



مولاي صل وسلم دائما أبداعلى حبيبك خير الخلق كلهم
اللهم صل على هذا النبى الأمين وأجعلنا من خاصة المقربين لديه السعداء وعلى آله وسلم حق قدره ومقداره العظيم




أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: بعض المقتبس من كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأحد فبراير 18, 2018 8:58 pm 
غير متصل

اشترك في: الخميس مايو 30, 2013 5:51 am
مشاركات: 35060
ونجى الله تعالى من بقي في يديه من بني إسرائيل وردهم إلى إيليا والشام ، فبنوا فيه وربوا وكثروا حتى كانوا كأحسن ما كانوا عليه . قال : فيزعمون أن الله تعالى أحيا أولئك الموتى الذين قتلوا ولحقوا بهم . قال : ثم إنهم لما رجعوا إلى الشام وقد أحرف التوراة وليس معهم عهد من الله تعالى جدد الله عز وجل توراتهم وردها عليهم على لسان عزيز ، على ما نذكره إن شاء الله تعالى .
قال : وكان عمر بختنصر بأيام مسخه نيفاً وخمسين سنة وخمسين يوماً . فلما مات بختنصر استخلف ابنه بلسطاس . وكانت آنية بيت المقدس التي حملها بختنصر إلى بابل باقية ، فنجسها بلحوم الخنازير وأكل وشرب فيها ، و أقصى دانيال ولم يقبل منه ، واعتزله دانيال . فبينما بلسطاس ذات يوم إذ بدت له كف بغير ساعد وكتبت ثلاثة أحرف بمشهده ثم غابت ، فعجب من ذلك ولم يدر ما هي ، فاستدعى دانيال واعتذر إليه وسأله أن يقرأ تلك الكتابة ويخبره بتأويلها . فقرأها دانيال ، فإذا هي : " بسم الله الرحمن الرحيم . وزن فخف ، ووعد فنجز ، وجمع فتفرق " . فقال دانيال : أما قوله وزن فخف ، أي وزن عملك في الميزان فخف . ووعد ملك فنجز اليوم ، وجمع فتفرق ، أي جمع لك ولوالدك من قبلك ملك عظيم فتفرق اليوم فلا يرجع إلى يوم القيامة . فلم يلبث إلا قليلاً حتى أهلكهم الله تعالى وضعف ملكهم ، وبقي دانيال بأرض بابل إلى أن مات بالسوس . فهذه الأقاويل التي وردت في بختنصر هي على ما جاء في التفسير المبتدأ . وأما قول من قال إنه كان مرزباناً للهراسف الملك الفارسي فسنذكره إن شاء الله تعالى في أخبار ملوك الفرس ، على ما تقف عليه إن شاء الله تعالى في موضعه وهو في الباب الثالث من القسم الرابع من هذا الفن في السفر الثالث عشر من هذه النسخة من كتابنا هذا . وهذه الأخبار التي قدمنا ذكرها أوردها أبو إسحاق الثعلبي في تفسيره وفي كتابه المترجم بيواقيت البيان في قصص القرآن . وقال في تفسيره : إلا أن رواية من روى أن بختنصر عزا بني إسرائيل عند قتلهم يحيى بن زكريا عليهما السلام غلط عند أهل السير والأخبار والعلم بأمور الماضين من أهل الكتاب والمسلمين . وذلك أنهم مجمعون على أن بختنصر غزا بني إسرائيل عند قتلهم نبيهم شعياً وفي عهد إرميا بن حلقيا عليهم السلام ، وهي الوقعة الأولى التي قال الله تعالى : " فإذا جاء وعد أولادهما بعثنا عليكم عباداً لنا أولي بأس شديد فجاسوا خلال الديار وكان وعداً مفعولاً " يعني بختنصر وجنوده .
قال الثعلبي قالوا : ومن عهد إرميا وتخريب بختنصر البيت المقدس إلى مولد يحيى بن زكريا أربعمائة سنة وإحدى وستون سنة . والله أعلم .

ذكر خبر عمارة بيت المقدس بعد أن خربه بختنصر


_________________



مولاي صل وسلم دائما أبداعلى حبيبك خير الخلق كلهم
اللهم صل على هذا النبى الأمين وأجعلنا من خاصة المقربين لديه السعداء وعلى آله وسلم حق قدره ومقداره العظيم




أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: بعض المقتبس من كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء فبراير 20, 2018 9:36 pm 
غير متصل

اشترك في: الخميس مايو 30, 2013 5:51 am
مشاركات: 35060
ذكر خبر عمارة بيت المقدس بعد أن خربه بختنصر


وخبر الذي مر على قرية قال الله عز وجل : " أو كالذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها قال أنى يحيي هذه الله بعد موتها فأماته الله مائة عام ثم بعثه . . . " الآية . قال أبو إسحاق الثعلبي رحمه الله : اختلفوا في ذلك المار من كان ، فقال عكرمة وقتادة والربيع بن أنس والضحاك والسدي وناجية بن كعب وسليمان بن بريدة وسلم الخواص : هو عزيز بن شرخيا . وقال وهب بن منبه وعبد الله بن عبيد ابن عمير : هو إرميا بن حلقياً ، وكان من سبط هارون بن عمران ، وقد تقدم ذكره . قال : واختلفوا أيضاً في القرية التي مر عليها ، فقال وهب وعكرمة وقتادة والربيع : هي بيت المقدس . وقال الضحاك : هي الأرض المقدسة . وقال ابن زيد : هي الأرض التي أهلك الله تعالى بها الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت . وقال الكلبي : هي دير سابرا باذ . وقال السدي : هي سلما باذ . وقيل : هي دير هزقل . وقيل : هي قرية العنب ، وهي على فرسخين من بيت المقدس . قال فالذي يقول : إن المار إرميا وإن القرية بيت المقدس ، هو ما رواه محمد ابن اسحاق بن يسار عن وهب بن منبه : أنه لما كان من أمر إرميا ما قدمناه ، وأنه طار لما التهب مكان القربان وخسف بسبعة أبواب من أبواب بيت المقدس حتى خالط إرميا الوحش ودخل بختنصر وجنوده بيت المقدس وخرب كما تقدم . فلما رجع
بختنصر عن بيت المقدس أقبل إرميا على حمال له معه عصير عنب في ركوة وسلة تين حتى غشى إيلياء . فلما وقف عليها ورأى خرابها قال : " أنى يحيي هذه الله بعد موتها " . قال : ثم ربط إرميا حماره بحبل جديد ، فألقى الله تعالى عليه النوم ، فلما نام نزع منه الروح مائة عام وأمات حماره ، وعصيره وتينه عنده ، وأعمى الله تعالى عنه العيون فلم يره أحد وذلك ضحى ، ومنع الله السباع والطير لحمه . فلما مضى من نومه سبعون سنة أرسل الله عز وجل ملكاً إلى ملك عظيم من ملوك فارس يقال له : بوسك فقال له : إن الله عز وجل يأمرك أن تنفر بقومك فتعمر بيت المقدس وإيلياء وأرضها حتى تعود أحسن ما كانت ، فانتدب الملك ألف قهرمان مع كل قهرمان ثلاثمائة ألف عامل ، فجعلوا يعمرونها فعمرت ، ونجى الله تعالى من بقي من بني إسرائيل ولم يمت ببابل أحد منهم وردهم الله تعالى إلى بيت المقدس وعمروها ثلاثين سنة حتى كانوا كأحسن ما كانوا عليه ؛ وذلك بعد أن خربت سبعين سنة . فلما مضت المائة سنة أحيا الله عز وجل منه عينيه وسائر جسده ميت ، ثم أحيا جسده وهو ينظر ، ثم نظر إلى حماره فإذا عظامه متفرقة بيض تلوح ، فسمع صوتاً من السماء : أيتها العظام البالية إن الله يأمرك أن تجتمعي ، فاجتمع بعضها إلى بعض واتصل بعضها ببعض ، ثم نودي : إن الله يأمرك أن تكتسي لحماً وجلداً فكان كذلك . ثم نودي : إن الله يأمرك أن تحيا ، فقام بإذن الله ونهق . وعمر الله تعالى إرميا ، فهوا الذي يرى في الفلوات ؛ فذلك قوله تعالى : " فأماته الله مائة عام ثم بعثه " أي أحياه " قال كم لبثت قال لبثت يوماً أو بعض يوما " وذلك أن الله تعالى أماته ضحى في أول النهار وأحياه بعد مائة عام في آخر النهار قبل غيبوبة الشمس ، فقال : " لبثت يوماً " وهو يرى أن الشمس قد غربت ، ثم التفت فرأى بقية من الشمس فقال : " أو بعض يوم " بمعنى بل بعض يوم " قال بل لبثت مائة عام فانظر إلى طعامك " يعني التين " وشرابك " يعني العصير " لم يتسنه " أي لم يتغير " وانظر إلى حمارك ولنجعلك آية للناس وانظر إلى العظام كيف ننشزها ثم نكسوها لحماً فلما تبين له قال أعلم أن الله على كل شيء قدير " . قال وهب : ليس في الجنة كلب ولا حمار إلا كلب أصحاب أهل الكهف وحمار إرميا الذي أماته الله مائة عام ثم بعثه . هذا قول من قال إنه إرميا بن حلقيا .

قصة من قال إنه عزير ، فإنه يقول : إن بختنصر لما خرب بيت المقدس قتل أربعين ألفاً من قراء التوراة والعلماء ، وقتل منهم أبا عزير وحده

يتبع

_________________



مولاي صل وسلم دائما أبداعلى حبيبك خير الخلق كلهم
اللهم صل على هذا النبى الأمين وأجعلنا من خاصة المقربين لديه السعداء وعلى آله وسلم حق قدره ومقداره العظيم




أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: بعض المقتبس من كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء فبراير 28, 2018 9:44 pm 
غير متصل

اشترك في: الخميس مايو 30, 2013 5:51 am
مشاركات: 35060
وأما من قال إنه عزير ،

فإنه يقول : إن بختنصر لما خرب بيت المقدس قتل أربعين ألفاً من قراء التوراة والعلماء ، وقتل منهم أبا عزيروحده .
وكان عزير يومئذ غلاماً قد قرأ التوراة وتقدم في العلم ، وأقدمه بختنصر مع بني إسرائيل إلى أرض بابل ، وهو من ولد هارون . فلما نجا عزير من بابل ارتحل على حمار حتى نزل على دير هزقل على شط دجلة ، وطاف في القرية فلم ير فيها أحداً ، وعامة شجرها حامل ، فأكل من الفاكهة واعتصر من العنب وشرب منه ، وجعل فضل الفاكهة في سلة وفضل العصير في زق . فلما رأى خراب القرية وهلاك أهلها قال : " أنى يحيي هذه الله بعد موتها " الآية ، وساق فيه نحو ما تقدم في خبر إرميا . وقال قوم في قوله تعالى : " وانظر إلى حمارك " إن الله تعالى لم يمت حماره فأحياه الله تعالى عينيه ورأسه وسائر جسده ميت فقال له : " أنظر إلى حمارك " فنظر إلى حماره قائماً كهيئته يوم ربطه حياً ، ولم يطعم ولم يشرب مائة عام ، ونظر إلى الرمة في عنقه جديدة ؛ وهذا قول الضحاك وقتادة . و قال الآخرون : أراد عظام حماره كما تقدم في قصة إرميا . وقوله تعالى : " ولنجعلك آية للناس " أي عبرة ودلالة على البعث بعد الموت . وقال الضحاك : وهو أنه عاد إلى قريته وأولاده وأولاد أولاده شيوخ وعجائز وهو أسود الرأس واللحية . وعن ابن عباس رضي الله عنها قال : أحيا الله تعالى عزيراً بعد مائة سنة ، فركب حماره حتى جاء محلته ، فأنكره الناس وأنكر الناس ومنازله ، فانطلق على وهم حتى أتى منزله ، وإذا هو بعجوز عمياء قد أتى عليها مائة وعشرون سنة ، وكانت أمة لهم ، فخرج عنهم عزير وهي ابنة عشرين سنة ، وكانت قد عرفته وعقلته ؛ فلما أصابها الكبر والزمن قال لها عزيز : يا هذه ، هذا منزل عزير ؟ قالت : نعم هذا منزل عزير وبكت وقالت : ما رأيت أحداً من كذا وكذا سنة يذكر عزيراً وقد نسيه الناس . قال : فإني عزير . قالت : سبحان الله فإن عزيراً قد فقدناه من مائة سنة . قال : فإني أنا عزير ، إن الله أماتني مائة سنة ثم بعثني . قالت : فإن عزيراً كان رجلاً مجاب الدعوة ، يدعو المريض وصاحب البلاء بالعافية والشفاء ، فادع الله يرد علي بصري
حتى أراك ، فإن كنت عزيراً عرفتك . فدعا ربه تعالى فاستجاب له ومسح بيده على وجهها وعينيها فصحتا ، وأخذ بيدها وقال لها : قومي بإذن الله تعالى ، فأطلق الله رجليها ، فقامت صحيحة كأنما نشطت من عقال ، فنظرت إليه فقالت : أشهد أنك عزير . فانطلقت إلى محلة بني إسرائيل وهم في أنديتهم ومجالسهم وابن لعزير شيخ ابن مائة سنة وثمانية عشر سنة وبنو ابنه شيوخ في المجالس ، فنادت : هذا عزير قد قدم وجاءكم ، فكذبوها . فقالت : وأنا فلانة مولاتكم دعا لي ربه فرد الله علي عيني وأطلق رجلي ، وزعم أن الله أماته مائة عام ثم بعثه . فنهض الناس وأقبلوا إليه ، فقال ابنه : إنه كان لأبي شامة سوداء مثل الهلال بين كتفيه ، فكشف عن كتفيه وإذا هو عزير . وأما خبر فتنة اليهود به وقوهم عزير ابن الله ، فقد روى عطية العوفي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان عزير من أهل الكتاب ، وكانت التوراة عندهم ، فعملوا بها ما شاء الله تعالى أن يعملوا ، ثم أضاعوها وعملوا بغير الحق ، وكان التابوت فيهم . فلما رأى الله تعالى أنهم قد أضاعوا التوراة وعملوا بالأهواء رفع عنهم التابوت وأنساهم التوراة ونسخها من صدروهم ، وأرسل عليهم عزير . فمكثوا ما شاء الله أن يمكثوا بعد ما نسخت التوراة من صدورهم . فبينما هو يصلي ويبتهل إلى الله تعالى إذ نزل نور من السماء فدخل في جوفه ، فعاد إليه الذي كان ذهب من التوراة ، فأذن في قومه فقال : يا قوم ، قد أتاني الله التوراة وردها إلي ، فطفق يعلمهم ، فمكثوا ما شاء الله وهو يعلمهم . ثم إن التابوت نزل بعد ذلك . فلما رأوا التابوت عرضوا ما كان فيه على الذي كان يعلمهم عزير فوجدوه مثله ، فقالوا : والله ما أوتي عزير هذا إلا وهو ابن الله .
وقال السدي وابن عباس في رواية عمار بن ياسر : إنما قالت اليهود هذا لأن العمالقة ظهرت عليهم فقتلوهم وأخذوا التوراة وهرب علماؤهم الذين بقوا ودفنوا التوراة في الجبال وغيرها ، ولحق عزير بالجبال والوحوش ، وجعل يتعبد في رءوس الجبال ولا يخالط الناس ولا ينزل إلا يوم عيد ، وجعل يبكي ويقول : يا رب تركت بني إسرائيل بغير عالم ، فبكى حتى سقطت أشفار عينيه ، فنزل مرة إلى العيد ، فلما رجع إذا هو بامرأة قد تمثلت له عند قبر من القبور تبكي
يتبع

_________________



مولاي صل وسلم دائما أبداعلى حبيبك خير الخلق كلهم
اللهم صل على هذا النبى الأمين وأجعلنا من خاصة المقربين لديه السعداء وعلى آله وسلم حق قدره ومقداره العظيم




أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: بعض المقتبس من كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب
مشاركة غير مقروءةمرسل: السبت مارس 03, 2018 9:14 pm 
غير متصل

اشترك في: الخميس مايو 30, 2013 5:51 am
مشاركات: 35060
وقال السدي وابن عباس في رواية عمار بن ياسر : إنما قالت اليهود هذا لأن العمالقة ظهرت عليهم فقتلوهم وأخذوا التوراة وهرب علماؤهم الذين بقوا ودفنوا التوراة في الجبال وغيرها ، ولحق عزير بالجبال والوحوش ، وجعل يتعبد في رءوس الجبال ولا يخالط الناس ولا ينزل إلا يوم عيد ، وجعل يبكي ويقول : يا رب تركت بني إسرائيل بغير عالم ، فبكى حتى سقطت أشفار عينيه ، فنزل مرة إلى العيد ، فلما رجع إذا هو بامرأة قد تمثلت له عند قبر من القبور تبكي

وتقول : يا مطعماه ، ويا كاسياه . فقال لها عزير : يا هذه اتقي الله واصبري واحتسبي ، أما علمت أن الموت مكتوب على الناس وقال لها : ويحك من كان يطعمك ويكسوك قبل هذا الرجل ؟ يعني زوجها التي كانت تندبه . قالت له : الله تعالى . قال : فإن الله تعالى حي لا يموت . فقالت : يا عزير ، من كان يعلم العلماء قبل بني إسرائيل ؟ قال : الله . قالت : فلم تبكي عليهم وقد علمت أن الموت حق وأن الله حي لم يمت . فلما علم عزير أنه قد خصم ولى مدبراً . فقالت له : يا عزير ، لست بامرأة ولكني الدنيا . أما أنه ستنبع لك في مصلاك عين وتنبت لك شجرة ، فكل من ثمرة تلك الشجرة واشرب من ماء تلك العين واغتسل وصل ركعتين ؛ فإنه سيأتيك شيخ ، فما أعطاك فخذ منه . فلما أصبح نبعت العين في مصلاه ونبتت الشجرة ، ففعل ما أمرته به ، وجاء شيخ وقال له : افتح فاك ، ففتح فاه فألقى فيه شيئاً كهيئة الجمرة العظيمة مجتمعاً كهيئة القوارير ثلاث مرات ، ثم قال له : ادخل هذه العين فامش فيها حتى تبلغ قومك . قال : فدخلها فجعل لا يرفع قدمه إلا زيد في علمه ، فرجع إليهم وهو أعلم الناس بالتوراة . فقال : يا بني إسرائيل ، قد جئتكم بالتوراة . فقالوا : يا عزير ، ما كنت كذاباً . فربط على كل إصبع له قلماً وكتب بأصابعه كلها حتى كتب التوراة كلها عن ظهر قلبه ، فأحيا لبني إسرائيل التوراة وأحيا لها السنة . فلما رجع العلماء استخرجوا كتبهم التي كانوا دفنوها ، فعارضوا بها توراة عزير فوجدوها مثلها ، فقالوا : ما أعطاه الله تعالى هذا إلا أنه ابنه . وقال الكبي : إن بختنصر لما ظهر على بني إسرائيل وهدم بيت المقدس وقتل مرة قراء التوراة ، كان عزير إذ ذاك غلاماً صغيراً ، فاستضعفه فلم يقتله ، ولم يدر أنه يقرأ التوراة . فلما توفي مائة سنة ورجعت بنو إسرائيل إلى بيت المقدس وليس منهم من يقرأ التوراة بعث الله عز وجل عزيراً ليجدد لهم التوراة ويكون لهم آية ، فأتاهم فقال : أنا عزير . فكذبوه وقالوا : إن كنت عزيراً كما تزعم فاتل علينا التوراة . فكتبها وقال : هذه التوراة . ثم إن رجلاً قال : إن أبي حدثني عن جدي أن التوراة جعلت في خابية ثم دفنت في كرم . فانطلقوا معه حتى احتفروها وأخرجوا التوراة ، فعارضوها بما كتب عزير فلم يجدوه غادر منها آية ولا حرفاً ، فعجبوا وقالوا : إن الله لم يقذف التوراة في قلب رجل واحد منا بعد ما ذهبت من قلوبنا إلا أنه ابنه ؛ فعند ذلك قالت اليهود : عزيراً ابن الله .


في قصة ذي النون يونس بن متى عليه السلام و خبر بلوقيا ذكر قصة ذي النون يونس بن متى عليه السلام

_________________



مولاي صل وسلم دائما أبداعلى حبيبك خير الخلق كلهم
اللهم صل على هذا النبى الأمين وأجعلنا من خاصة المقربين لديه السعداء وعلى آله وسلم حق قدره ومقداره العظيم




أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: بعض المقتبس من كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس مارس 08, 2018 10:33 pm 
غير متصل

اشترك في: الخميس مايو 30, 2013 5:51 am
مشاركات: 35060
في قصة ذي النون يونس بن متى عليه السلام و خبر بلوقيا ذكر قصة ذي النون يونس بن متى عليه السلام
*****************
قال الكسائي رحمه الله قال وهب بن منبه : كان متى رجلاً صالحاً من أهل بيت النبوة ، ولم يرزق الولد إلى آخر عمره بعد أن أسن هو وزوجته ، فسأل الله تعالى الولد ، فنودي : إن الله قد استجاب دعاءك ، فانطلق إلى حضيرة التوبة ، وهو الموضع الذي أمر الله تعالى بني إسرائيل أن يقتلوا أنفسهم فيه لما عبدوا العجل . فصار إلى هناك وإذا بملك قد هبط من السماء فضرب قبة على باب حضيرة التوبة ، وذلك في ليلة عاشوراء ، وأمرهما أن يدخلاها فدخلا وواقعها ، فحملت بيونس ، ثم انصرفا إلى منزلهما فلما صار لها أربعة أشهر توفي متى وبقيت امرأته أرملة ليس لها إلا قصعة كانت لآل هارون ، فكانت تصيب رزقها في المساء والصباح من عند الله . فلما وضعت يونس لم يكن لها لبن يكفيه ، فكانت أمه تأتي إلى الرعاة وتسألهم اللبن فلا يجيبونها ، فكانت تقول : اللهم هذا الولد هبتك فلا تهلكه جوعاً ، فكانت المواشي تأتيه تمج عليه بضرعها حتى يشبع ، فإذا شبع يقولك الحمد لله ، فآمن به جماعة
من الرعاة فبقي كذلك حتى فطمته أمه ، وكان يسمى يتيم بني إسرائيل ، حتى أتت عليه سبع سنين ، فأقبل على أمه فقال : يا أماه ، لا ينبغي أن تذهب أيامي بالبطالة ، وأريد أن تلبسيني ثوباً من الصوف حتى ألحق بالعباد وأكون معهم . فقالت : يا بني ، أنت صغير ولم يأن لك أن تسيح . فلم يزل بأمه حتى أجابته إلى ذلك ولحق بالعباد واشتهر ذكره فيهم بكثرة العبادة حتى استكمل من العمر خمساً وعشرين سنة ، فرأى في منامه : إن الله يأمرك أن تمضي إلى مدينة الرملة فإن فيها ولياً من أوليائي وله ابنة عفيفة فتزوجها منه . فلما أصبح عزم على المسير ، وصحبه جماعة من بني إسرائيل من أصحابه ، وسار حتى دخل مدينة الرملة ، وسأل عنه فقيل : إنه في السوق يبيع ويشتري . فعجب يونس من ذلك وجاء إلى السوق فرآه وهو يبيع الطيب ويكثر الضحك . فقال يونس ليس هذا من صفات الأولياء والعباد . فنظر إليه زكريا وقام إليه وصافحه وسلم عليه باسمه واسم أبيه . قال : وكيف عرفتني ؟ قال : رأيتك في المنام وأمرت أن أزوج ابنتي منك . وتوجه به إلى منزله وقدم له الطعام فأكلا ، وذكر له رؤياه وأنها سبب مسيره إلى الرملة ، ثم سأله عن مكسبه بالبيع والشراء فقال : أما البيع والشراء فمباح ، والتاجر فاجر إلا من أخذ الحق وأعطاه ، واتقى الله ولم يمدح سلعته . فلما أقبل الليل نزع زكريا ما كان عليه من الثياب ولبس الصوف ودخل محرابه ولم يزل في صلاته ودعائه وتضرعه حتى أصبح ، فنزع الصوف ولبس ما كان عليه بالأمس وبرز إلى السوق ويونس معه ، فكان ذلك دأبه . ثم زوج ابنته من يونس ووهب لهما بعض ماله . وأقام يونس عنده ، ورزق الله يونس من زوجته ولدين ومات زكريا ، فاحتمل يونس زوجته إلى بيت المقدس وأقام هناك يعبد الله تعالى . وشعيا يومئذ بيت المقدس وهو نبي في بني إسرائيل إلى أن بعث الله تعالى يونس نبياً .
قال : وكان في بلاد نينوى ملك وكانت جيوشه كثيرة ، قيل : إنها كانت تزيد على عشرة آلاف قائد . وكان إذا غزا تكون معه تماثيل من الأسود والفيلة متخذة من النحاس والحديد ، يخرج من أفواهها لهب النيران ، ومعه رجال يلعبون بالنيران . فغزا هذا الملك بني إسرائيل على هذه الصورة ، فقتل من بني إسرائيل وسبى ، ثم عاد إلى بلاد نينوى ، وغزاهم ثانية وتكررت غزواته فيهم . فأوحى الله تعالى إلى شعيا نبي بني إسرائيل أن يختار من عباد بني إسرائيل أميناً قوياً يبعثه إلى بلاد نينوى رسولاً إلى من بها من الملوك وغيرهم ؛ فإنهم قد جحدوا حقي وأنكروا معرفتي . فدخل شعيا على حزقيا الملك وأمره أن ينادي في عباد بيت المقدس ، وبها يومئذ عشرة آلف عابد ، لباسهم الشعر والصوف ونعالهم الخوص ، فنادى فيهم بالاجتماع فاجتمعوا ، فاختار منهم ثلاثة واختار من الثلاثة يونس بن متى ، ثم قال له حزقيا : إن الله أوحى إلى نبيه شعيا أن يختار من جملة هؤلاء العباد والزهاد أعبدهم وأتقاهم ، وقد وقع اختياره عليك لتبعث إلى أهل بلاد نينوى . قال يونس : إن في بني إسرائيل من هو أعبد مني وأزهد ، فابعث أيها الملك غيري . قال : لا أبعث سواك ، فانهض ولا تخالفني فإن هذا عن أمر الله . فانصرف يونس إلى أمه وأخبرها الخبر واستشارها ، فقالت : إن الله أنطق الملك في حقك بالرسالة فسر كما أمرت ولا تعص الله ونبينا شعيا وملكنا حزقيا . فعزم على المسير وودع أمه وحمل أهله حتى بلغ شاطئ دجلة ، فنزل هناك وفكر في أمره وضعفه وعياله وقال : كيف لي بمطاولة الجبابرة والفراعنة وأقبل على أهله وقال : قد عزمت على الفرار ، فنهاه أهله عن ذلك . فسكت وقام ليعبر دجلة زاد الماء فغرق ابنه الذي كان معه ، وكان في يده نقرة من الذهب كان قد ورثها من حميه فغرقت ، وجاء ذئب إلى ولده الذي عبر به فاحتمله . فصاحت المرأة : يا يونس ، إن ابنك أخذه الذئب
يتبع

_________________



مولاي صل وسلم دائما أبداعلى حبيبك خير الخلق كلهم
اللهم صل على هذا النبى الأمين وأجعلنا من خاصة المقربين لديه السعداء وعلى آله وسلم حق قدره ومقداره العظيم




أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: بعض المقتبس من كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء مارس 14, 2018 10:28 pm 
غير متصل

اشترك في: الخميس مايو 30, 2013 5:51 am
مشاركات: 35060
فغرق ابنه الذي كان معه، وكان في يده نقرة من الذهب كان قد ورثها من حميه فغرقت، وجاء ذئب إلى ولده الذي عبر به فاحتمله. فصاحت المرأة: يا يونس، إن ابنك أخذه الذئب. فخرج من الماء يعدو خلف الذئب فالتفت إليه وقال: ارجع يا يونس فإني مأمور، فرجع يونس باكياً على ولديه. فلما بلغ الشط لم ير أهله، فجلس يبكي. فأوحى الله إليه: إنك شكوت كثرة العيال، وقد أرحتك منهم، فاذهب الآن إلى قومك فإني سأرد عليك أهلك وولديك وأنا على كل شيء قدير. فطابت نفسه وسار حتى بلغ بلاد نينوى فتوسط سوقها ونادى: يا قوم، قولوا بأجمعكم: لا إله إلا الله وأني يونس عبده ورسوله. فلما سمعوا ذلك أقبلوا على ملكهم وأخبروه به بمقالته. فأحضره الملك وقال له: من أين أنت؟ قال: رسول الله إليك وإلي أهل مملكتك فآمنوا بي تنجوا من النار. فأمر الملك بحبسه ثم بعث إليه وزيره، وهو من أهل بيت المقدس، واسمه سنجير، فقال له: ادخل على هذا الرجل يونس وتعرف أمره. فدخل عليه وسأله عن اسمه واسم أبيه، ومن أين أقبل وفي ماذا جاء. فذكر له أنه رسول الله إليهم. فقال له الوزير: أرى أن ترفق فإني أحشى عليك من هذا الملك فإنه جبار. وانصرف الوزير إلى الملك وقال له قد عرفت الرجل، وقد ذكر أنه رسول من إله السماء. فهم الملك بقتله، فاستوهبه الوزير منه على أن يكون في البلد ولا يقول مثل مقالته. فاستدعى الوزير يونس وذكر له ذلك. فقال له: أما القتل فلا أخشى منه، والرسالة فلا أتركها حتى يحكم الله بيني وبينه. ثم إن الملك خلى سبيله على أنه مجنون. فلم يزل يونس يدعوهم إلى طاعة الله تعالى في كل يوم عامة نهاره، حتى إذا جاء المساء أتى شط دجلة فيصلي حتى يصبح، ثم يعود إليهم والناس يضربونه ويرجمونه ويسبونه حتى ضجر فاستغاث إلى ربه. فأوحى الله تعالى إليه: يا يونس، إنك دعوت القوم فلا تعجل عليهم وادعهم أربعين يوماً، فإن آمنوا وإلا جاءهم العذاب. فدعاهم حتى استكمل العدة ولم يؤمنوا. فأوحى الله إليه أن اخرج من بين أظهرهم، فخرج حتى بلغ شاطئ دجلة، فقعد ينظر إلى العذاب؛ كيف ينزل العذاب فأمر الله تعالى جبريل أن يرسل على قوم يونس سحابة فيها ألوان العذاب، فانطلق إلى مالك وأمره بذلك، فأخرج شرارة من الحطمة على مثال سحابة سوداء مظلمة. فجاءت بها الزبانية حتى بلغت بلاد نينوى وانبسطت حتى أظلت عليها، فظن القوم أنها مطر. فنظر وزير الملك إلى السحابة يخرج من أطرافها شرر النار، فدخل على الملك وقال: الحذر الحذر! فليست هذه سحابة مطر بل هي سحابة عذاب، وأخشى أن يكون ذلك لتكذيبنا يونس نبي الله. ثم قال: انظروا إلى يونس إن كان معكم في بلدكم فلا تخافوا، وإن كان قد خرج عنكم فقد هلكتم. فطلبوا يونس فلم يجدوه. وجعلت السحابة تدنو حتى قربت منهم ورمتهم بشرر كالرماد الأحمر لا يقع على شيء إلا أحرقه. فبينا الناس يقولون: أين نطلب يونس إذا هم بالملك قد خرج عليهم وجميع أصحابه وهم يقولون: أني أنت يا يونس! فإنا لا نعود إلى مخالفتك، فلم يجدوه. فأقبل عليهم سنجير الوزير وقال: أيها الملك، إن يكن يونس قد غاب عنا فإن إلهه لم يغب، فتعالوا حتى نتضرع إلى الله لعله يرحمنا. فخرجوا بأجمعهم نسائهم وأطفالهم إلى ظاهر البلد يبكون ويتضرعون، فقام سنجير فيهم وقال: إلهنا إنك أمرتنا أن نعتق رقاب عبيدنا وإيمائنا ونحن عبيدك وإماؤك فأعتقنا إلهنا إنك أمرتنا أن نعفو عمن ظلمنا فاغفر لنا واعف عنا اللهم أعتقنا من عذابك فإنا قد آمنا بنبيك يونس وبجميع النبيين فاغفر لنا ذنوبنا، وثم خروا سجداً بأجمعهم. فأوحى الله تعالى إلى ملائكة العذاب أن ارجعوا، فانصرفت السحابة عنهم، وسمعوا صوتاً: أبشروا يأهل نينوى برحمة من بركم؛ فرجعوا إلى المدينة وقد آمنوا. وجاء يونس لينظر إلى ما نزل بهم من العذاب، فلقيه إبليس في صورة شيخ. فقال له يونس: من أين أقبلت أيها الشيخ؟ قال: من نينوى. قال: فما نزل بهم اليوم؟ قال: ما نزل بنا إلا سحابة بيضاء أمطرت مطراً جوداً، وكان يونس قد وعدنا بالعذاب فلم يكن وعلمنا كذبه. فغضب يونس وقال: لا أعود إلى قوم كذبوني، وسار. قال الله تعالى: " وذا النون إذ ذهب مغاضباً فظن أن لن نقدر عليه " . قال مجاهد وقتادة والضحاك والكلبي: معناه أن لن نقضي عليه بالعقوبة، وهي رواية العوفي عن ابن عباس؛ ودليل ذلك قراءة عمر بن عبد العزيز والزهري " فظن أن لن نقدر عليه " . بالتشديد. وقال عطاء وكثير من العلماء: معناه نضيق عليه الحبس. تخافوا، وإن كان قد خرج عنكم فقد هلكتم. فطلبوا يونس فلم يجدوه. وجعلت السحابة تدنو حتى قربت منهم ورمتهم بشرر كالرماد الأحمر لا يقع على شيء إلا أحرقه. فبينا الناس يقولون: أين نطلب يونس إذا هم بالملك قد خرج عليهم وجميع أصحابه وهم يقولون: أني أنت يا يونس! فإنا لا نعود إلى مخالفتك، فلم يجدوه. فأقبل عليهم سنجير الوزير وقال: أيها الملك، إن يكن يونس قد غاب عنا فإن إلهه لم يغب، فتعالوا حتى نتضرع إلى الله لعله يرحمنا. فخرجوا بأجمعهم نسائهم وأطفالهم إلى ظاهر البلد يبكون ويتضرعون، فقام سنجير فيهم وقال: إلهنا إنك أمرتنا أن نعتق رقاب عبيدنا وإيمائنا ونحن عبيدك وإماؤك فأعتقنا إلهنا إنك أمرتنا أن نعفو عمن ظلمنا فاغفر لنا واعف عنا اللهم أعتقنا من عذابك فإنا قد آمنا بنبيك يونس وبجميع النبيين فاغفر لنا ذنوبنا، وثم خروا سجداً بأجمعهم. فأوحى الله تعالى إلى ملائكة العذاب أن ارجعوا، فانصرفت السحابة عنهم، وسمعوا صوتاً: أبشروا يأهل نينوى برحمة من بركم؛ فرجعوا إلى المدينة وقد آمنوا. وجاء يونس لينظر إلى ما نزل بهم من العذاب، فلقيه إبليس في صورة شيخ. فقال له يونس: من أين أقبلت أيها الشيخ؟ قال: من نينوى. قال: فما نزل بهم اليوم؟ قال: ما نزل بنا إلا سحابة بيضاء أمطرت مطراً جوداً، وكان يونس قد وعدنا بالعذاب فلم يكن وعلمنا كذبه. فغضب يونس وقال: لا أعود إلى قوم كذبوني، وسار. قال الله تعالى: " وذا النون إذ ذهب مغاضباً فظن أن لن نقدر عليه " . قال مجاهد وقتادة والضحاك والكلبي: معناه أن لن نقضي عليه بالعقوبة، وهي رواية العوفي عن ابن عباس؛ ودليل ذلك قراءة عمر بن عبد العزيز والزهري " فظن أن لن نقدر عليه " . بالتشديد. وقال عطاء وكثير من العلماء: معناه نضيق عليه الحبس.
قال الكسائي: فلم يزل يسير حتى لحق بساحل البحر، فإذا هو بسفينة مارة فلوح إليهم فدخلوا إليه فقال: احملوني معكم فإني رجل منقطع غريب من بيت المقدس. فحملوه فقعد على كوثل السفينة. فلما توسطوا البحر هبت عليهم رياح كثيرة من جميع الجوانب وأشرفوا على الغرق، فأخذوا في الدعاء والتضرع ويونس لا يتكلم، فأقبل أهل السفينة عليه وقالوا: لم لم تدع أنت معنا؟ قال: لأني مغموم لذهاب الأهل والولد. فلم يزالوا به حتى دعا، فازداد البحر هيجاناً. قال يونس: اطرحوني في البحر فإن هذا من أجلي. قالوا: ما نفعل. قال: فاقترعوا. فاقترعوا فوقعت القرعة عليه. فقالوا: إن القرعة تخطئ وتصيب، ولكن تعالوا حتى نتساهم. فجعل كل واحد منهم لنفسه سهماً ثم رموا بها في البحر، فغرقت إلا سهم يونس فإنه بقي على وجه الماء. قال الله عز وجل: " فساهم فكان من المدحضين " . ثم أقبل حوت عظيم من بحر الهند حتى بلغ جانب السفينة، فقام يوسن ليرمي بنفسه، فتعلق القوم به وقالوا: ألا ترى هذه الأمواج وهذا الحوت العظيم! فأقعدوه والبحر يزيد عليهم بكثرة أمواجه وأهواله، فصار إلى جانب السفينة ليرمي بنفسه، فإذا بالحوت قد دار إلى الجانب الذي قصد أن يرمي نفسه منه، فعلم يونس أنه هو المراد، فغطى وجهه بكسائه ورمى نفسه في البحر فابتلعه الحوت. قال الله تعالى: " فالتقمه الحوت وهو مليم " معناه يلوم نفسه على ما فعله. وبقي في جوف الحوت وهو يسمع تسبيح الحيتان بلغاتهم، فلم يزل كذلك حتى بلغ إلى موضع يسمع فيه صريف الأقلام. وهو إذا سجد يكون سجوده على كبد الحوت وهو يقول له: يا يونس، أسمعني تسبيح المغمومين المحبوسين في حبس لم يحبس فيه أحد من الآدميين، ويونس يقول: " لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين " ، وكانت الملائكة تقول: إلهنا إنا نسمع تسبيح مكروب كان لك شاكراً، اللهم ارحمه في غربته. قال الله تعالى: " فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت " الآية. قيل: ظلمة الليل، وظلمة البحر، وظلمة بطن الحوت. قال الله تعالى: " فلولا إنه كان من المسبحين " أي المصلين " للبث في بطنه إلى يوم يبعثون " . واختف في مدة لبثه، فمنهم من قال: لبث أربعين يوماً، وقيل: ثلاثة أيام. فلما انقضت المدة التي قدر الله عليه ألهم الله الحوت أن يرجع إلى الموضع الذي ابتلعه فيه. فشق ذلك على الحوت لأنه كان قد أنس به وبتسبيحه، فناداه الملك أن اقذفه من بطنك فليس هو مطعم لك. فتقدم الحوت إلى الساحل وقذفه. قال الله تعالى: " فنبذناه بالعراء وهو سقيم " . قال: خرج كالفرخ الذي لا ريش له، وهو لا يقدر على القيام، فأنبت الله عليه شجرة من يقطين كان لها ثلاثة أغصان: غصن قبل المشرق، وغصن قبل المغرب، والغصن الثالث على رأسه. وجاءه جبريل فقال: يا يونس، إن الله قد أعطاك من الجنة ما ترضى به، ثم أمر يده على رأسه وجسمه فأنبت الله شعره ولحيته، وأمر الله ظبية فوقفت بين يدي يونس وكلمته بإذن الله، فمص من لبنها فقوي عند شربه؛ ثم بشرته بإيمان قومه وأخبرته بما كان من أمرهم وسبب إيمانهم وذكرت اشتياقهم إلى رؤيته. وكانت الظبية ترعى حول يونس فإذا جاع أو عطش أرضعته، فلم يزل كذلك أربعين يوماً. فنام في بعض الأيام ثم انتبه فرأى اليقطينة قد جفت والظبية قد غابت، فاغتم لذلك، فعلم يونس أن الله ضرب له مثلاً بقومه. ثم هبط عليه ملك وقال: قم إلى قومك فإنهم يتمنون رؤيتك،
يتبع

_________________



مولاي صل وسلم دائما أبداعلى حبيبك خير الخلق كلهم
اللهم صل على هذا النبى الأمين وأجعلنا من خاصة المقربين لديه السعداء وعلى آله وسلم حق قدره ومقداره العظيم




أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: بعض المقتبس من كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأحد مارس 18, 2018 10:42 pm 
غير متصل

اشترك في: الخميس مايو 30, 2013 5:51 am
مشاركات: 35060
وأتاه بحلتين فأتزر بواحدة وارتدى بالأخرى، ثم سار حتى دخل قرية كثيرة الأشجار والخيرات وأهلها يقطعون تلك الأشجار ويلقون ثمارها في الأرض، فقال: يا قوم، كيف تفعلون ذلك وتبطلون على أنفسكم ثمارها! فأوحى الله تعالى إليه: يا يونس، إنك أشفقت على قوم لا نعرفهم من قطعهم الأشجار ولم تشفق على قومك وهم مائة ألف أو يزيدون! فعلم يونس أن هذا مثل ضربه الله تعالى له، فقال: إلهي لا أعود إلى ذلك أبداً. ثم سار حتى دخل قرية أخرى وقت المساء، فتلقاه رجل من أهل القرية وسأله أن ينزل عليه فنزل. فلما أكل وشرب نظر إلى بيت الرجل وفيه فخار كثير يريد أن يوقد عليه. فأوحى الله تعالى إليه: يا يونس، قل لهذا الفاخراني أن يكسر الفخار الذي قد عمله. فقال يونس ذلك للفاخراني، فقال: يا هذا أضفتك لما رأيت فيك من أثر الخير وإذا أنت رجل مجنون، تأمرني أن أكسر فخاراً قد أتعبت فيه نفسي لأنتفع بثمنه! قم الآن فاخرج
من عندي، وأخرجه. فأوحى الله تعالى إليه: يا يونس، إنه أشفق على فخاره وسماك مجنوناً وأخرجك من منزله حين أمرته بكسره، وأنت بعثت إلى مائة ألف أو يزيدون فدعوت عليهم ولم تفكر في هلاكهم فترحمهم!. قال: إلهي لا أعود إلى ذلك أبداً. فلما أصبح سار فإذا هو برجل يزرع زرعاً، فقال له الرجل: ادع الله عز وجل حتى يبارك لي في زرعي، فدعا له فأنبته الله تعالى من ساعته وقام على سوقه، ففرح الرجل وأتى بيونس إلى منزله. فأوحى الله تعالى إليه: يا يونس، قد حزنت على إرسال الجراد على الزرع ولم تزرعه، ولم تحزن على إرسال العذاب على مائة ألف أو يزيدون!. قال: إلهي تبت إليك من ذنبي لا أعود إليه أبداً. وسار حتى دخل قرية وهناك امرأة معها رجل وهو ينادي: من يحمل هذه المرأة إلى بلاد نينوى ويردها إلى زوجها وله مائة مثقال من الذهب؟ فنظر إليها يونس فإذا هي امرأته، فقال: أيها الرجل، ما قصة هذه المرأة؟ قال: إنها كانت قاعدة على شاطئ دجلة تنظر زوجها يونس، فمر بها ملك من ملوك هذه القرية فاحتملها وأراد أن يفجر بها، فأيبس الله يديه ورجليه، فسألها أن تدعو له بالفرج ولا يعود إلى ذلك، فدعت له. فلما عافاه الله لوقته دفعها إلي وأعطاني مائة مثقال ذهباً على أن أحملها إلى بلاد نيونوى، وما يمكنني ذلك. قال يونس: أنا أحملها فأعطني الذهب، فأعطاه إياه وسلم إليه المرأة. فسار وقد فرحا حتى أتيا قرية أخرى، وإذا برجل يبيع سمكة، فاشتراها يونس وقعد ليصلحها فشق بطنها فوجد فيها تلك الصرة الذهب التي وقعت منه في دجلة، فقال: الحمد لله الذي رد علي أهلي ومالي، اللهم فاردد علي أولادي يا أرحم الراحمين، ثم سار فإذا هو برجل على دابة ومن ورائه غلام، فإذا هو ولد يونس الصغير. فتعلق به، فقال له الرجل: من أنت؟ قال: أنا يونس. فسلم إليه الغلام وقال: الحمد لله الذي ردالأمانة إلى أهلها وخلص ذمتي. فسأله يونس عن قصة الغلام فقال: أنا رجل صياد وكنت قد ألقيت الشبكة في طرف دجلة فوقع هذا الغلام فيها فأخذته، وإذا بهاتف يقول: يا صياد، احفظ هذا الغلام حتى يأتي إليك يونس فإنه أبوه فادفعه إليه. ثم قال له: يا نبي الله، أدع لي أن يغنيني الله عن صيد السمك، فدعا له فرزقه الله مالاً وولداً. وسار يونس حتى قرب من بلاد نينوى، فإذا هو براع على قارعة الطريق يرعى غنماً وهو يقول: اللهم أردد علي والدي، فرآه يونس فعرفه وهو ولده الأكبر، فتعانقا وبكيا طويلاً، ثم قال له: يا أبت إن هذه الأغنام لرجل في القرية فسر معي حتى أردها إليه، فسار إلى القرية وإذا بشيخ على باب داره، فقال له الغلام: هذا أبي. فقام الشيخ إلى يونس وسلم عليه. فقال له يونس: هل تعرف قصة هذا الغلام؟ قال الشيخ: نعم، كنت أرعى هذه الغنم، وإذا بهذا الغلام على ظهر ذئب فكلمني الذئب بقدرة الله وقال: إذا جاء إليك يونس فادفع إليه هذا الغلام. ثم قال له: يا نبي اله، أدع الله أن يغفر لي ذنوبي وأن يميتني في وقتي هذا، فدعا له فقبضه الله لوقته، فغسله يونس وكفنه وصلى عليه ودفنه. ثم سار حتى قرب من المدينة، فإذا هو بغلام يرعى غنماً فوقف يونس - ع - وقال: يا غلام، هل من لبن؟ قال الغلام: يا هذا، والذي بعث إلينا يونس نبياً ما ذقت اللبن منذ غاب عنا نبينا يونس. قال: فأنا يونس نبي الله. فقبل الغلام رأسه وقال: لو رأيتنا يا نبي الله ونحن نجول تحت العذاب لرحمتنا. قال: يا غلام، اذهب الآن إلى المدينة وأخبر الناس أنك قد رأيتني. قال: أخش أن يكذبوني. فقال: سر إليهم وهذه الأغنام شهود لك. فمضى حتى توسط سوق المدينة وقال: أيها الناس، البشرى فقد رجع إلينا يونس نبينا وقد لقيته. فاتصل الخبر بالملك فقام عن سريره وقال: علي بالغلام، فأتى به، فسأله فأخبره بمقدم يونس. ففرح وخرج الملك وأهل المدينة والتقوا بيونس وأدخلوه المدينة وأجلسه الملك في موضعه، ووقف بين يديه، وفرح به أهل المدينة. فقام يونس فيهم ما شاء الله يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر إلى أن مات الملك وماتت امرأة يونس وولداه جميعاً، فاستخلف يونس الراعي على مدينة نينوى وخرج هو وسبعون رجلاً من العباد حتى جاء إلى جبل يقال له صهيون فكانوا هناك يعبدون الله حق عبادته، حتى مات يونس - عليه السلام - ، ومات العباد الذين صحبوه، فقبروا هناك في جبل صهيون، رضي الله عنهم ورحمهم.


ذكر خبر بلوقيا وما شاهد من العجائب وهذه القصة تشتمل على عجائب كثيرة ووقائع قد ينكرها بعض من يقف عليها لغرابتها وليست بمستنكرة بعد أن ثبت في صحيح البخاري عن عبد الله بن عمرو بن العاصي رضي الله عنهما عن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أنه قال : " بلغوا عني ولو آية وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج ومن كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار " .

يتبع

_________________



مولاي صل وسلم دائما أبداعلى حبيبك خير الخلق كلهم
اللهم صل على هذا النبى الأمين وأجعلنا من خاصة المقربين لديه السعداء وعلى آله وسلم حق قدره ومقداره العظيم




أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: بعض المقتبس من كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس مارس 22, 2018 7:18 pm 
غير متصل

اشترك في: الخميس مايو 30, 2013 5:51 am
مشاركات: 35060
ذكر خبر بلوقيا وما شاهد من العجائب وهذه القصة تشتمل على عجائب كثيرة ووقائع قد ينكرها بعض من يقف عليها لغرابتها وليست بمستنكرة بعد أن ثبت في صحيح البخاري عن عبد الله بن عمرو بن العاصي رضي الله عنهما عن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أنه قال : " بلغوا عني ولو آية وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج ومن كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار "


ولنأخذ الآن في سرد القصة . قال أبو إسحاق الثعلبي رحمه الله تعالى في كتابه المترجم بيواقيت البيان في قصص القرآن بسند رفعه عن عبد الله بن سلام قال : كان في بني إسرائيل رجل يقال له أوشيا وكان من علمائهم ، وكان كثير المال ، وكان إماماً لبني إسرائيل ، وكان قد عرف نعت النبي ( صلى الله عليه وسلم ) في التوراة ، فخبأه وكتمه عنهم . وكان له ابن يقال له بلوقيا خليفة أبيه في بني إسرائيل ، وذلك بعد سليمان بن داود عليهما السلام . فلما مات أوشيا بقي ابنه بلوقيا والأمانة في يده والقضاء ، ففتش يوماً خزائن أبيه فوجد فيها تابوتاً من حديد مقفلاً بقفل حديد ، فسأل الخزان عن ذلك ، فقالوا : لا ندري . فاحتال على القفل حتى فكه ، فإذا فيه صندوق من خشب الساج ، ففكه وإذا فيه أوراق ، فقرأها فإذا فيها نعت النبي ( صلى الله عليه وسلم ) وأمته وهي مختومة بالمسك ، فقرأ ذلك على بني إسرائيل ثم قال : الويل لك يا أبت من الله فيما كتبت وكتمت من الحق وأهله . فقالت بنو إسرائيل : يا بلوقيا ، لولا أنك إمامنا وكبيرنا لنبشنا قبره وأخرجناه منه وحرقناه بالنار . قال : يا قوم ، لا ضير إنما ترك حظ نفسه وخسر في دينه ودنياه ، فألحقوا نعت النبي ( صلى الله عليه وسلم ) وأمته بالتوراة . قال : وكانت أم بلوقيا في الأحياء ، فاستأذنها في الخروج إلى بلاد الشام ، وكانوا يومئذ في بلاد مصر . فقالت : وما تصنع بالشام ؟ قال : أسأل عن محمد وأمته ، فلعل الله تعالى أن يرزقني الدخول في دينه ، فأذنت له . فبرز بلوقيا وقدم بلاد الشام . فبينما هو يسير إذا انتهى إلى جزيرة من جزائر البحر ، فإذا هو بحيات كأمثال الإبل عظماً وفي الطول ما شاء الله وهن يقلن : لا إله إلا الله محمد رسول الله . فقلن له : أيها الخلق المخلوق من أنت ؟ وما اسمك ؟ قال : اسمي بلوقيا ، وأنا من بني إسرائيل . فقلن : وما إسرائيل ؟
قلت : من ولد آدم . فقلن : سمعنا باسم آدم ولم نسمع باسم إسرائيل . فقال بلوقيا : أيتها الحيات من أنتن ؟ فقلن : نحن حيات من حيات جهنم ونحن نعذب الكفار فيها يوم القيامة . قال بلوقيا : وما تصنعن هاهنا ؟ وكيف عرفتن محمداً ؟ فقلن : إن جهنم تفور وتزفر في كل سنة مرتين فتلقينا هاهنا ثم نعود إليها ، فشدة الحر في الصيف من حرها ، وشدة البرد في الشتاء من بردها . وليس في جهنم درك من دركاتها ، ولا باب من أبوابها ، ولا سرادق من سرادقاتها إلا وقد كتب عليه : " لا إله إلا الله محمد رسول الله " . فمن أجل هذا عرفنا محمداً ( صلى الله عليه وسلم ) . قال بلوقيا : أيتها الحيات ، هل في جهنم مثلكن أو أكبر منكن ؟ فقلن : إن في جهنم حيات تدخل إحدانا في أنف إحداهن وتخرج من فمها ولا تشعر بذلك لعظمها . قال : فسلم بلوقيا عليهن ومضى حتى أتى جزيرة أخرى ، فإذا هو بحيات كأمثال الجذوع والسواري ، وعلى متن إحداهن حية صغرى صفراء كلما مشت اجتمعت الحيات . حولها فإذا نفخت صرن تحت الأرض خوفاً منها . فلما رآها ورأته قالت له : أيها الخلق المخلوق من أنت ؟ وما اسمك ؟ قال : اسمي بلوقيا ، وأنا من بني إسرائيل من ولد إبراهيم . فاخبريني أيتها الحية من أنت ؟ قالت : أنا موكلة بالحيات واسمي تمليخا ، ولولا أني موكلة بهن لقتلت الحيات بني آدم كلهم في يوم واحد ، ولكني إذا صفرت صفرة واحدة وسمعن صوتي دخلن في الماء الذي تحت الأرض . ولكن يا بلوقيا إن لقيت محمد ( صلى الله عليه وسلم ) فأقرئه مني السلام . قال : ومضى بلوقيا إلى بلاد الشام فأتى بيت المقدس ، وكان بها حبر من أحبارهم يسمى عفان الخير ، فأتاه فسلم عليه وقص عليه قصته . فقال له : ليس هذا زمان محمد ولا زمان أمه ، وبينك وبينه بعد سنين وقورن . ثم قال عفان : يا بلوقيا أرني موضع الحية التي اسمها تمليخا ، فإن قدرت أن أصيدها رجوت أن أنال معك ملكاً عظيماً ونحيا حياة طيبة إلى أن يبعث الله محمداً ( صلى الله عليه وسلم ) فندخل في دينه . قال : فمن حرص بلوقيا على الدخول في دين محمد ( صلى الله عليه وسلم ) قال : أنا أريك المكان . فقام عفان وأخذ تابوتاً من حديد وحمل فيه قدحين من فضة في أحدهما خر وفي الآخر لبن ؛
ثم سارا جميعاً حتى انتهيا إلى موضع الحية ففتحا باب التابوت وتنحيا . وجاءت الحية تبغي الرائحة فدخلت التابوت وشربت من اللبن والخمر حتى سكرت ونامت

يتبع

_________________



مولاي صل وسلم دائما أبداعلى حبيبك خير الخلق كلهم
اللهم صل على هذا النبى الأمين وأجعلنا من خاصة المقربين لديه السعداء وعلى آله وسلم حق قدره ومقداره العظيم




أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: بعض المقتبس من كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأحد مارس 25, 2018 10:04 pm 
غير متصل

اشترك في: الخميس مايو 30, 2013 5:51 am
مشاركات: 35060
فقام عفان ودب إلى التابوت دبيباً خفيفاً فأغلق بابه واحتضنه وسارا جميعاً فم يمرا بشجرة ولا بيت إلا كلمهما بإذن اله تعالى. فمرا بشجرة يقال لها الدواء فقالت: يا عفان، من يأخذني ويقطعني ويدقني ويعصر مائي ودهني ويطلي به قدميه فإنه يغوص البحار السبعة ولا تبتل قدماه ولا يغرق. فقال عفان: إياك طلبت، فقطع تلك الشجرة فدقها وعصر دهنها وجعله في كوز ثم خلى عن الحية فطارت بين السماء والأرض وهي تقول: يا بني آدم ما أجرأكم على الله تعالى، ولن تصلوا إلى ما تريدون، وذهبت الحية. وسار عفان وبلوقيا إلى اليم فطليا أقدامهما ثم عبرا البحر ومشيا على الماء كما كانا يمشيان على الأرض حتى قطعا البحر الأول ثم الثاني، فإذا هما بجبل في وسط البحر ليس بعال ولا متدان ترابه كالمسك، عليه غمام أبيض، وفيه كهف، وفي الكهف سرير من الذهب عليه شاب مستلق على قفاه ذو وفرة، واضع يده اليمنى على صدره واليسرى على بطنه بمنزلة النائم وليس بنائم وهو ميت، وعلى رأسه تنين وخاتمه في الشمال. قال: وكان ذلك سليمان بن داود، وملك سليمان في خاتمه، وكانت حلقته من ذهب وفضة من ياقوت أحمر مربع، مكتوب عليه أربعة أسطر، في كل سطر اسم من أسماء الله الأعظم. وكان عند عفان علم من الكتاب، فقال بلوقيا: من هذا؟ قال: هذا سليمان بن داود، نريد أن نأخذ خاتمه فنملك ملكه ونرجو الحياة إلى أن يبعث الله محمد صلى الله عليه وسلم. فقال بلوقيا: أليس قد سأل سليمان ربه: " رب هب لي ملكاً لا ينبغي لأحد من بعدي " فأعطاه الله إياه على ما سأل، ولا ينال ملك سليمان إلى يوم القيامة لدعائه. فقال عفان: يا بلوقيا اسكت إن الله معنا ومعنا اسم الله الأعظم، ولكن أنت يا بلوقيا فاقرأ التوراة. فتقدم عفان لينزع خاتم سليمان من إصبعه، فقال التنين: ما أجرأك على الله! إن غلبتنا باسم الله فنحن نغلبك بقوة الله. قال: فكلما نفخ التنين ذكر بلوقيا اسم الله، فلم تعلم نفخات التنين فيهما. ودنا عفان من السرير لينزع الخاتم من إصبع سليمان، فاشتغل بلوقيا بالنظر إلى نزول جبريل من السماء، فلما نزل صاح بهما صيحة ارتجت الأرض والجبال وتزلزت منها واختلطت مياه البحار وماجت والتطمت حتى صار كل عذب ملحاً من شدة صيحته، وسقط عفان على وجهه، ونفخ التنين فخرجت من بطنه شعلة نار كأنها البرق الخاطف، فاحترق عفان وعادت نفخته في البحر فما مرت البرقة بشيء إلا أحرقته ولا بماء إلا أجاشته وأغلته. وذكر بلوقيا اسم الله الأعظم فلم ينله مكروه، ثم تراءى له جبريل في صورة رجل فقال له: يا بن آدم ما أجرأك على الله تعالى! فقال له بلوقيا: من أنت رحمك الله؟ قال: أنا جبريل أمين رب العالمين. قال له يا جبريل، إنما خرجت حباً لمحمد ودينه ولم أقصد الخطأ ولم أتعمده. قال: فبذلك نجوت. ثم صعد جبريل إلى السماء، و مضى بلوقيا فطلى قدميه بذلك الدهن فأضل الطريق الذي جاء منه وأخذ في طريق آخر، وسار فقطع ستة أبحر ووقع في السابع فإذا هو بجزيرة من ذهب حشيشها الورس والزعفران وأشجارها النخل والرمان. قال بلوقيا: ما أشبه هذا المكان بالجنة على ما وصفت!. ثم دنا من بعض تلك الأشجار فتناول من ثمرها، فقالت الشجرة: يا خاطئ ابن الخاطئ لا تأخذ مني شيئاً. فتعجب، وإذا بحيال الشجرة قوم يتراكضون، بأيديهم سيوف مسلولة، يتناوش بعضهم بعضاً بالطعن والضرب. فلما رأوا بلوقيا طافوا به وأحدقوا من ورائه وهموا به سوءاً، فذكر اسم الله فهابوه وعجبوا منه وأغمدوا سيوفهم وقالوا
بأجمعهم: لا إله إلا الله محمد رسول الله. ثم قالوا له: من أنت يا عبد الله؟ قال: أنا من بني آدم اسمي بلوقيا. قالوا: نعرف آدم ولا نعرفك فما أوقعك إلينا؟ قال: إني خرجت في طلب نبي يسمى محمداً وإنني قد ضللت عن الطريق الذي أردته فرأيت من الأهوال كذا وكذا. قالوا: يا بلوقيا نحن من الجن مؤمنون، ونحن مع ملائكة الله في السماء، ثم نزلنا إلى الأرض وقاتلنا كفرة الجن ونحن هاهنا مقيمون نغزوهم ونجاهدهم إلى يوم القيامة، ولسنا نموت إلى يوم القيامة وأنت لا تصبر معنا. فقال بلوقيا لملك الجن: يا صخرة أخبرني عن خلق الجن كيف كان؟ قال: لما خلق الله جهنم خلق لها سبعة أبواب وسبعة ألسن، وخلق منها خلقين: خلق في سمائه سماه حيليت، وخلق في أرضه سماه تمليت. فأما حيليت فإنه خلق على صورة أسد، وتمليت في صورة ذئب، وجعل الأسد ذكراً والذئب أنثى، وجعل طول كل واحد منهما مسيرة خمسمائة عام، وجعل ذنب الذئب بمنزلة ذنب العقرب، وذنب الأسد بمنزلة الحية، وأمرهما أن ينتفضا في النار انتفاضة ففعلا، فسقط من ذنب الذئب عقارب، ومن ذنب الأسد حيات. فعقارب جهنم وحياتها من ذلك. ثم أمرهما أن يتناكحا ففعلاً، فحمل الذئب من الأسد فولد سبعة بنين وسبع بنات. فأوحى الله تعالى إليهم أن يزوج البنات من البنين كما أمر آدم، فستة بنين أطاعوا وواحد لم يطع ولم يتزوج فلعنه أبوه وهو إبليس. وكان اسمه الحارث، وكنيته أبو مرة؛ فهذا أول خلق الجن. ثم قال له: يا بلوقيا إن دوابنا لا تثبت مع الإنس ولكن أجلل فرسي وأبرقعه حتى لا يعرف راكبه، فأركب عليه على اسم الله تعالى؛ فإذا انتهيت إلى أقصى أعمالي على ساحل بحر كذا وإذا شيخ وشاب ومشايخ معهما فإنك ستلقاهما هناك فادفع الفرس إليهما وامض في حفظ الله راشداً. فجاء بلوقيا على الفرس حتى انتهى إليهم فسلم على الشيخ والشاب ونزل عن الفرس ودفعه إليهما. وكان قد فصل من عند ملك الجن عند صلاة الغداة ووصل إليهما نصف النهار. فقالا لبلوقيا: مذ كم فارقت الملك؟ قال: فارقته غدوة. فقالا له: ما أسرع ما جئت! قد أتعبت فرسنا. فقال بلوقيا: والله ما مددت إليه يداً ولا حركت عليه رجلاً ولم أركضه عنفاً. قالا: صدقت ولكن فرسنا أحسن بك وبمنزلتك، فطار ما بين السماء والأرض ليريح نفسه منك، فكم تراه جاء بك؟ قال: خمسة فراسخ أو أقل أو أكثر. قالا: بل جاء بك مسيرة مائة وعشرين سنة، وكان يطير بك بين السماء والأرض حول الدنيا دون قاف وأنت لا تعلم. فحولوا عنه السرج واللجام والبرقع وإذا العرق يقطر من كل شعرة منه، وله جناحان انقضا من كثر الطيران. فقال بلوقيا: هذا والله العجب. فقالوا: يا بلوقيا عجائب الله لا تنقضي. ثم سلم عليهم ومضى فركب اليم. فبينما هو يسير إذ رأى ملكاً إحدى يديه بالمشرق والأخرى بالمغرب وهو يقول: لا إله إلا الله محمد رسول الله. فسلم عليه بلوقيا، فقال له الملك من أنت أيها الخلق المخلوق؟ فقال: أنا بلوقيا وأنا من بني إسرائيل من ولد آدم. ثم قال له: أيها الملك ما اسمك؟ قال: اسمي يوحاييل وأنا موكل بضوء النهار وظلمة الليل. فقال: فما بال يدك مبسوطتين؟ فقال له: في يدي اليمنى ضوء النهار، وفي يدي اليسرى ظلمة الليل، ولو سبق النهار الليل لأضاءت السموات والأرضون. ولم يكن الليل أبداً، ولو سبقت الظلمة النور لأظلمت السماء والأرض ولم يكن ضوء أبداً. وبين يديه لوح معلق في سطران سطر أبيض وسطر أسود، فإذا رأيت السواد ينتقص نقصت الظلمة، وإذا رأيت السواد يزيد زدت الظلمة، وإذا رأيت السطر الأبيض يزداد زدت في البياض والنور، وإذا انتقص نقصت؛ فلذلك الليل في الشتاء أطول و النهار أقصر؛ وفي الصيف النهار أطول والليل أقصر. ثم سلم بلوقيا ومضى، فإذا هو بملك قائم يده اليمن في السماء ويده اليسراى في الأرض في الماء تحت الثرى وهو يقول: لا إله إلا الله محمد رسول الله. فسلم عليه بلوقيا، فقال له: من أنت وما اسمك؟ قال اسمي بلوقيا وأنا من بني إسرائيل من ولد آدم. قال له بلوقيا: أيها الملك ما اسمك؟ قال: اسمي ميخائيل. قال: فما لي أراك يمينك في السماء وشمالك في الماء؟ قال: أحبس الريح بيمني والماء بشمالي، ولو رفعت شمالي عن الماء لزخرت البحار كلها في ساعة واحدة ولطمت بإذن الله تعالى، ويدي اليمنى في الهواء أحبس الريح عن بني آدم لأن في السماء ريحاً يقال لها
الهائمة لو أرسلنها لقتلت من في السماء ومن في الأرض من بردها.

يتبع

_________________



مولاي صل وسلم دائما أبداعلى حبيبك خير الخلق كلهم
اللهم صل على هذا النبى الأمين وأجعلنا من خاصة المقربين لديه السعداء وعلى آله وسلم حق قدره ومقداره العظيم




أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: بعض المقتبس من كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء مارس 27, 2018 10:19 pm 
غير متصل

اشترك في: الخميس مايو 30, 2013 5:51 am
مشاركات: 35060
ويدى اليمنى فى الهواء أحبس الريح عن بنى آدم لأنّ فى السماء ريحا يقال لها الهائمة » لو أرسلنها لقتلت من فى السماء ومن فى الأرض من بردها. فسلم عليه بلوقيا ومضى، وإذا بأربعة من الملائكة، أحدهم رأسه كرأس الثّور ؛ والآخر رأسه كرأس النسر؛ والثالث رأسه كرأس الأسد؛ والرابع رأسه كرأس الإنسان. فالذى رأسه كرأس الثّور يقول: اللهم ارفع العذاب عن البهائم، وارفع عنهم برد الشتاء وحرّ الصيف، واجعل لهم فى قلوب بنى آدم الرأفة والرحمة كيلا يكرهنّ ولا يكلّفوهن » فوق طاقتهن،
واجعلنى من أهل شفاعة محمد صلى الله عليه وسلم يوم القيامة. وأمّا الذى رأسه كرأس النسر فيقول: اللهم ارحم الطيور ولا تعذّبها، وادفع عنها برد الشتاء وحرّ الصيف، واجعلنى من أهل شفاعة محمد صلى الله عليه وسلم يوم القيامة.
وأمّا الذى رأسه كرأس الأسد فإنه يقول: اللهمّ ارحم السّباع ولا تعذبها وادفع عنها برد الشتاء وحرّ الصيف، واجعلنى من أهل شفاعة محمد صلى الله عليه وسلم يوم القيامة. وأمّا الذى رأسه كرأس الإنسان فإنه يقول: لا إله إلّا الله محمد رسول الله، اللهمّ ارحم المسلمين ولا تعذّبهم وادفع عنهم حرّ النار، واجعلنى من أهل شفاعة محمد صلى الله عليه وسلم يوم القيامة. فسلم عليهم ومضى حتى أتى على جبل قاف واذا هو بملك قائم على قاف، وهو جبل محيط بالدنيا من ياقوتة خضراء. فسلم بلوقيا على الملك، فقال له: من أنت؟ فقال: أنا بلوقيا وأنا من بنى إسرائيل من ولد آدم.
فقال الملك: وأين تريد؟ قال: خرجت فى طلب من يسمى محمدا. ولست أرى أمره ولا أدرى فى أىّ بلاد أنا. فقال الملك: لا إله إلّا الله محمد رسول الله، قد أمرنا بالصلاة على محمد. قال بلوقيا: أيها الملك، ما اسمك؟ قال: اسمى حزقاييل. قال:
وما تصنع هنا؟ قال: أنا أمين الله على قاف، واذا فى يده وتر مرّة يعقده ومرّة يحلّه، وعروق الأرض كلها مشدودة عليه والوتر فى كفّ الملك [قال فإذا أراد الله أن يضيّق على عباده أمرنى أن أمدّ الوتر وأعقده وأرتق » عروق الأرض فتضيق الدنيا على العباد والبلاد. وإذا أراد الله أن يوسّع عليهم أمرنى أن أرخى الوتر وأفتق عروق الأرض فتتّسع الدنيا على العباد والبلاد. وإذا أراد أن يخوّف قوما أمرنى أن أحرّك عروق تلك الأرض، فمن أجل ذلك موضع يهتزّ وموضع لا يهتزّ، وموضع يتزلزل وموضعلا يتزلزل. قال بلوقيا: أيها الملك، ما وراء قاف؟ قال: وراء قاف أربعون دنيا غير الدنيا التى جئت منها، فى كلّ دنيا أربعمائة ألف « باب، فى كل باب أربعة آلاف ضعف مثل الدنيا التى جئت منها، وليس فيها ظلمة بل كلّها نور وأرضها ذهب عليها حجب من نور، وسكّانها الملائكة لا يعرفون آدم ولا إبليس ولا جهنّم وهم يقولون:
لا إله إلا الله محمد رسول الله، لذلك ألهموا وله خلقوا وبه أمروا الى يوم القيامة.
قال بلوقيا: فما وراءهم؟ قال: حجب ووراء الحجب علم الله وقدرته. قال بلوقيا:
أخبرنى أيها الملك على أىّ شىء هذا الجبل موضوعا؟ قال: على قرنى ثور واسمه قرياطيه « وهو أبيض، رأسه بالمشرق ومؤخّره بالمغرب، وما بين قرنيه مسيرة ثلاثين ألف سنة وهو ساجد لربّه على صخرة بيضاء. قال بلوقيا: أيها الملك، كم الأرضون؟ وكم البحار؟ قال: الأرضون سبع، والبحار سبع. قال: فجهنّم أين هى؟
قال: تحت الأرض السابعة. قال: فسلم بلوقيا عليه ومضى حتى انتهى الى حجاب طرفه فى السماء وأسفله فى الماء، عليه باب مقفل وعليه خاتم من نور، وعلى الباب ملكان أحدهما رأسه كرأس الثور، والآخر رأسه كرأس الكبش وبدنه كبدن الثور وهما يقولان: لا إله إلّا الله محمد رسول الله. قال: فسلم بلوقيا عليهما فردّا عليه السلام وقالا: أيها الخلق الضعيف المخلوق من أنت؟ وما اسمك؟ قال: اسمى بلوقيا وأنا من بنى إسرائيل من ولد آدم. فقالا: لا إله إلّا الله محمد رسول الله، هذه أسامى ما عرفناها. قال بلوقيا؟ كيف عرفتم محمدا ولم تعرفوا آدم ومحمد من نسله؟.
فقالا: لهذا خلقنا وبذلك أمرنا، ولم نسمع باسم آدم ولا إسرائيل. فقال بلوقيا:
افتحا لى الباب حتى أجوز. فقالا: ما نحسن فتحه، وإنّ لله فى السماء ملكا اسمه جبرائيل عسى أن يقدر على فتحه. فدعا بلوقيا، فأمر الله تعالى جبريل فنزل عليه وفتح الباب، ثم قال: يابن آدم ما أجرأك على الله! ثم جاز بلوقيا حتى انتهى الى بحرين:
بحر مالح وبحر عذب. فلمّا وصل إليهما رأى بينهما حاجزا، وفى البحر المالح جبل من ذهب، وفى البحر العذب جبل من فضّة، وبينهما ملك على صورة النمل ومعه ملائكة على تلك الصورة. فسلم عليهم فردّوا عليه السلام وقالوا له: من أنت؟
فأخبرهم بقصّته. ثم قال بلوقيا: من أنتم؟ قالوا: نحن أمناء الله تعالى على هذين البحرين لا يلتقيان ولا يبغيان. فقال لهم بلوقيا: ما هذا الجبل الأحمر؟ قالوا:
هذا كنز الله فى الأرض وكلّ ذهب فى الأرض إنما هو من نصاب هذا الجبل، وكلّ ما فى الدنيا من ماء عذب هو من هذا البحر. وهذا البحر إنما يجىء من تحت العرش من قبل أن خلق الله تعالى الملائكة؛ وكل ما يجرى من ماء مالح فهو من ذلك البحر الملح. وهذا الجبل الأبيض هو من فضّة وهو كنز الله تعالى؛ وكل كنز فى الدنيا وكل معدن فضّة فهو من عروق هذا الجبل. فسلم بلوقيا عليهم ومضى حتى انتهى الى بحر عظيم، فإذا هو بحيتان كثيرة عظيمة وقد اجتمعت وبينها حوت عظيم يقضى بين الحيتان. فلمّا نظر الى بلوقيا قال: لا إله إلّا الله محمد رسول الله.
فسلم بلوقيا وأخبره بحال النبىّ صلى الله عليه وسلم وأنه خرج فى طلبه، فردّ السلام ثم قال: يا بلوقيا، إن لقيت محمدا فأقرئه منّى السلام. فقال:
نعم إن شاء الله. ثم قال: أيّتها الحيتان إنى جائع عطشان وماء البحر ملح وما أجد ما آكل. فقال الحوت الأعظم: يا بلوقيا سأطعمك طعاما تسير أربعين سنة لا تعيا ولا تجوع ولا تعطش، قال: فأطعمه ذلك الحوت قرصا أبيض، فأكله ومضى حتى بلغ العمران. قال: ومن قبل أن يبلغ العمران رأى شابّا يجرى على الماء كأنه البدر. فقال له بلوقيا: من أنت؟ قال: سل الذى خلفى. فسار بلوقيا يوما وليلة فإذا هو بآخر يمرّ على الماء ضوءه كضوء النجوم. فقال له بلوقيا: يا فتى، من أنت؟ قال: سل الذى خلفى. فسار بلوقيا يوما وليلة، فإذا هو بشابّ كأنه القمر يلوح فى آخر الشمس «1» ، فقال بلوقيا: أنشدك الله إلّا وقفت. قال: فوقف وقال:
لماذا استحلفتنى؟ قال: خشيت أن تفوتنى مثل أصحابك الماضين، فمن كان الأوّل؟ قال: إسرافيل صاحب الصّور، والثانى ميكائيل صاحب المطر، والثالث جبرائيل أمين ربّ العالمين. فقال بلوقيا: ماذا تصنعون فى اليمّ؟ قال جبريل:
حيّة من حيّات البحر قد آذت سكّانه، فدعوا الله عليها فاستجاب الله دعاءهم وأمرنا أن نسوقها الى جهنّم ليعذّب الله بها الكفّار يوم القيامة. قال بلوقيا: كم طولها وكم عرضها؟ قال: طولها مسيرة ثلاثين سنة، وعرضها مسيرة عشرين سنة.
فقال بلوقيا: يا جبريل، أيكون فى جهنّم مثل هذه أو أكبر منها؟ فقال جبريل
يتبع

_________________



مولاي صل وسلم دائما أبداعلى حبيبك خير الخلق كلهم
اللهم صل على هذا النبى الأمين وأجعلنا من خاصة المقربين لديه السعداء وعلى آله وسلم حق قدره ومقداره العظيم




أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: بعض المقتبس من كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس مارس 29, 2018 7:25 pm 
غير متصل

اشترك في: الخميس مايو 30, 2013 5:51 am
مشاركات: 35060
إنّ فى جهنّم من الحيّات ما تدخل هذه فى أنف إحداهنّ ولا تشعر بها من عظم خلقتها. فسلم بلوقيا عليه ومضى الى جزيرة أخرى، وإذا هو بغلام أمرد بين قبرين، فسلم عليه بلوقيا وقال: يا شابّ، من أنت وما اسمك؟ قال: اسمى صالح.
قال: فما هذان القبران؟ قال: أحدهما أبى والآخر أمّى، كانا سائحين فماتا هاهنا، وأنا عند قبريهما حتى أموت. فسلم بلوقيا ومضى حتى انتهى الى جزيرة، فإذا هو بشجرة عظيمة عليها طائر رأسه من ذهب، وعيناه من ياقوت، ومنقاره من لؤلؤ، وبدنه من زعفران، وقوائمه من زمرد، واذا مائدة موضوعة تحت الشجرة وعليها طعام وحوت مشوىّ. فسلم عليه بلوقيا فردّ عليه الطائر السلام. فقال بلوقيا: أيها الطائر من أنت؟ قال: أنا من طيور الجنّة، وأنّ الله تعالى بعثنى الى آدم بهذه المائدة لمّا هبط من الجنة وكنت معه حتى لقى حوّاء، وأنا هاهنا من ذلك
الوقت، وكلّ غريب وعابر سبيل يمرّ بها ويأكل منها، وأنا أمين الله عليها الى يوم القيامة. فقال بلوقيا: ولا تتغيّر ولا تنقص! قال: طعام الجنّة لا يتغيّر ولا ينقص. فقال لبلوقيا: كل فأكل حاجته، ثم قال: أيها الطائر، هل معك أحد؟
قال: معى أبو العبّاس يأتينى أحيانا. قال: ومن أبو العبّاس؟ قال: الخضر.
فلمّا ذكر اسمه اذا هو بالخضر عليه السلام قد أقبل عليه ثياب بيض. قال:
فما خطا خطوة إلّا نبت الحشيش تحت قدميه. فسلّم عليه بلوقيا وسأله عن حاله.
قال بلوقيا: قد طالت غيبتى وأريد أن أرجع الى أمّى. قال الخضر: بينك وبينها مسيرة خمسمائة سنة، أنا أردّك فى مسيرة خمسمائة شهر. قال الطائر: إن كان بينك وبين أمّك مسيرة خمسمائة سنة أنا أردّك مسيرة خمسمائة يوم. قال الخضر: أنا أردّك إليها فى ساعة ثم قال: غمّض عينيك فغمّضهما ثم قال له: افتحهما ففتحهما، وإذا هو عند أمّه جالس. فسألها: من جاء بى؟ فقالت: جئت على متن طائر أبيض يطير بين السماء والأرض فوضعك قدّامى. قال: ثم إنّ بلوقيا حدّث بنى إسرائيل بما رأى من العجائب والأخبار، فأثبتوها وكتبوها الى يومنا هذا. فهذا ما كان من حدبث بلوقيا. والله أعلم

عمران ومريم وعيسى بن مريم عليهم السلام


يتبع

_________________



مولاي صل وسلم دائما أبداعلى حبيبك خير الخلق كلهم
اللهم صل على هذا النبى الأمين وأجعلنا من خاصة المقربين لديه السعداء وعلى آله وسلم حق قدره ومقداره العظيم




أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 180 مشاركة ]  الانتقال إلى صفحة السابق  1, 2, 3, 4, 5, 6 ... 12  التالي

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 54 زائر/زوار


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
© 2011 www.msobieh.com

جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في المنتديات تعبر عن رأي أصحابها فقط