مختصر قيام الليل وقيام رمضان وكتاب الوتر (ص: 262 - 263)
بَابُ قِيَامِ لَيْلَةِ الْعِيدِ
هَارُونُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْأَسْلَمِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: «بَلَغَنِي أَنَّهُ مَنْ أَحْيَا لَيْلَةَ الْعِيدِ لَمْ يَمُتْ قَلْبُهُ يَوْمَ تَمُوتُ الْقُلُوبُ» أَبُو أُمَامَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْعِيدِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا لَمْ يَمُتْ قَلْبُهُ حِينَ تَمُوتُ الْقُلُوبُ» وَعَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ مِثْلُهُ. وَعَنْ مُجَاهِدٍ: «لَيْلَةُ الْفِطْرِ كَلَيْلَةٍ مِنْ لَيَالِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ يَعْنِي فِي فَضْلِهَا» وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْأَسْوَدِ «يَقُومُ لَهُمْ لَيْلَةَ الْفِطْرِ بِأَرْبَعِينَ رَكْعَةً وَأَوْتَرَ بِسَبْعٍ» وَصَلَّى وُهَيْبٌ يَوْمَ الْعِيدِ , فَلَمَّا انْصَرَفَ النَّاسُ جَعَلُوا يَمُرُّونَ بِهِ فَنَظَرَ إِلَيْهِمْ ثُمَّ زَفَرَ وَقَالَ: «لَئِنْ كَانَ هَؤُلَاءِ الْقَوْمُ أَصْبَحُوا مُسْتَيْقِنِينَ أَنَّهُ قَدْ تُقُبِّلَ مِنْهُمْ شَهْرُهُمْ هَذَا لَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُصْبِحُوا مَشَاغِيلَ بِأَدَاءِ الشُّكْرِ عَمَّاهُمْ فِيهِ , وَلَئِنْ كَانَتِ الْأُخْرَى لَقَدْ كَانَ يَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يُصْبِحُوا أَشْغَلَ وَأَشْغَلَ» ثُمَّ قَالَ: كَثِيرًا مَا يَأْتِينِي مَنْ يَسْأَلُنِيَ مِنْ إِخَوَانِي فَيَقُولُ: يَا أَبَا أُمَيَّةَ مَا بَلَغَكَ عَمَّنْ طَافَ سَبْعًا بِهَذَا الْبَيْتِ مَا لَهُ مِنَ الْأَجْرِ؟ فَأَقُولُ: يَغْفِرُ اللَّهُ لَنَا وَلَكُمْ , بَلْ لَوْ سَأَلُوا عَمَّا أَوْجَبَ اللَّهُ عَلَيْهِ مِنْ أَدَاءِ الشُّكْرِ فِي طَوَافِ هَذَا السَّبْعَ , وَرَزَقَهُ حِينَ حَرَمَ غَيْرَهُ , فَيَقُولُونَ: إِنَّا نَرْجُوا , فَيَقُولُ وُهَيْبٌ: " وَلَا وَاللَّهِ مَا رَجَا عَبْدٌ قَطُّ حَتَّى يَخَافَ ثُمَّ يَقُولُ كَيْفَ تَجْتَرِي , إِنَّكَ تَرْجُو رِضَاءَ مَنْ لَا تَخَافُ غَضَبَهُ , إِنَّمَا كَانَ الرَّاجِي إِبْرَاهِيمُ خَلِيلُ الرَّحْمَنِ إِذْ يُخْبِرُكَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ} [البقرة: 127] , يَقُولُ وُهَيْبٌ رَحِمَهُ اللَّهُ: فَإِلَى مَاذَا قَالَا: {رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ , رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً} [البقرة: 128] الْآيَةُ، ثُمَّ قَالَ: {وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ} [الشعراء: 82] , ثُمَّ قَالَ: {وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخَرِينَ} [الشعراء: 84] "
حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ , ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأُوَيْسِيُّ , حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ , عَنْ عِيسَى بْنِ يَزِيدَ , عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي حَفْصٍ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ انْصَرَفَ لَيْلَةً صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا فَسَمِعَهُ يَدْعُو فِي الْوِتْرِ فَقَالَ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِكَ تَهْدِي بِهَا قَلْبِي , وَتَجْمَعُ بِهَا أَمْرِي , وَتَلُمُّ بِهَا شَعَثِي , وَتَرْفَعُ بِهَا شَاهِدِي , وَتَحَفَظُ بِهَا غَائِبِي , وَتُلْهِمُنِي بِهَا رُشْدِي , وَتَعْصِمُنِي مِنْ كُلِّ سُوءٍ. اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِكَ أَنَالُ بِهَا شَرَفَ كَرَامَتِكَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ , اللَّهُمَّ ذَا الْأَمْرِ الرَّشِيدِ وَالْحَبْلِ الشَّدِيدِ , أَسْأَلُكَ الْأَمْنَ يَوْمَ الْوَعِيدِ , وَالْجَنَّةَ يَوْمَ الْخُلُودِ مَعَ الْمُقَرَّبِينَ الشُّهُودِ , إِنَّكَ رَحِيمٌ وَدُودٌ , وَإِنَّكَ فَعَالٌ لِمَا تُرِيدُ , اللَّهُمَّ هَذَا الْجَهْدُ وَعَلَيْكَ التُّكْلَانُ , وَهَذَا الدُّعَاءُ وَعَلَيْكَ الِاسْتِجَابَةُ , وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ , اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْفَوْزَ عِنْدَ الْقَضَاءِ , وَمَنَازِلَ الشُّهَدَاءِ , وَعَيْشَ السُّعَدَاءِ , وَالنَّصْرَ عَلَى الْأَعْدَاءِ , إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ , اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي حَرْبًا لِأَعْدَائِكَ , سِلْمًا لِأَوْلِيَائِكَ , أُحِبُّ بِحُبِّكَ النَّاسَ , وَأُعَادِي بِعَدَاوَتِكَ مَنْ خَالَفَكَ , اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِي قَلْبِي نُورًا , وَفِي سَمْعِي نُورًا , وَفِي بَصَرِي نُورًا , وَعَنْ يَمِينِي نُورًا , وَعَنْ شِمَالِي نُورًا , وَاجْعَلْ فَوْقِي نُورًا , وَتَحْتِي نُورًا , وَأَعْظِمْ لِي نُورًا , سُبْحَانَ الَّذِي لَبِسَ الْعِزَّ وَقَالَ بِهِ , سُبْحَانَ الَّذِي لَا يَنْبَغِي التَّسْبِيحُ إِلَّا لَهُ , سُبْحَانَ الَّذِي تَعَطَّفَ بِالْمَجْدِ وَتَكَرَّمَ بِهِ , سُبْحَانَ ذِي الْمَنِّ وَالطَّوْلِ»