موقع د. محمود صبيح

منتدى موقع د. محمود صبيح

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 33 مشاركة ]  الانتقال إلى صفحة السابق  1, 2, 3
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة: Re: قصص الأنبياء فى رمضان
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس يوليو 02, 2015 10:34 am 
غير متصل

اشترك في: الجمعة نوفمبر 02, 2012 12:16 am
مشاركات: 1938
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فقصة نبي الله شعيب عليه الصلاة والسلام مذكورة في القرآن،

فقد ذكرت في سورة الأعراف، وهود، وسورة الأنبياء، والعنكبوت وغيرها.


وملخصها أن الله بعثه إلى أهل مدين وهم قوم كفار يعبدون الأيكة،
وهي شجرة من الأيكة حولها غيضة ملتفة بها،
وكانوا من أسوأ الناس معاملة يبخسون المكيال والميزان ويطففون فيهما،
فبعث الله فيهم رجلاً منهم (شعيب عليه السلام)
فدعاهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له،
ونهاهم عن تعاطي هذه الأفعال القبيحة،
فآمن بعضهم وكفر أكثرهم، حتى أحل الله بهم العذاب وأنجى المسلمين منهم.



اقرأ ذلك في قوله تعالى:وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ وَلا تَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ وَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ [هود:84]،
وما بعدها، وفي الأعراف الآية رقم 85، وفي الشعراء الآية رقم 176.
والله أعلم.

_________________
صورة


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: قصص الأنبياء فى رمضان
مشاركة غير مقروءةمرسل: الجمعة يوليو 03, 2015 3:12 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة نوفمبر 02, 2012 12:16 am
مشاركات: 1938
قصة لوط عليه السلام

نسبه عليه السلام

ومما وقع في حياة إبراهيم الخليل من الأمور العظيمة قصة قوم لوط عليه السلام، وما حل بهم من النقمة العميمة.

وذلك أن لوطاً بن هاران بن تارح، وهو آزر, ولوط هو ابن أخي إبراهيم الخليل، فإبراهيم، وهاران وناحور إخوة كما ذكرنا فى قصة ابراهيم عليه السلام. ويقال: إنَّ هاران هذا هو الذي بنى حرّان. وهذا ضعيف والله تعالى أعلم.

وكان لوط قد نزح عن محلة عمه الخليل عليهما السلام بأمره له وأذنه، فنزل بمدينة سدوم من أرض غور، زُغَر، وكان أمّ تلك المحله، ولها أرض ومعتملات وقرى، مضافة إليها ولها أهل من أفجر الناس وأكفرهم وأسوأهم طوية، وأرداهم سريرة وسيرة، يقطعون السبيل ويأتون في ناديهم المنكر، ولا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون.

قصته مع قومه عليه السلام


و قوم لوط ابتدعوا فاحشة لم يسبقهم إليها أحد من بني آدم، وهي إتيان الذكران من العالمين، وترك ما خلق الله من النسوان لعباده الصالحين.

فدعاهم لوط إلى عبادة الله تعالى وحده لا شريك له، ونهاهم عن تعاطي هذه المحرمات، والفواحش المنكرات، والأفاعيل المستقبحات، فتمادوا على ضلالهم وطغيانهم، واستمروا على فجورهم وكفرانهم، فأحل الله بهم من البأس الذي لا يرد ما لم يكن في خلدهم وحسبانهم، وجعلهم مثله في العالمين، وعبرة يتعظ بها الألباء من العالمين.

ولهذا ذكر الله تعالى قصتهم في غير ما موضع في كتابه المبين، فقال تعالى في سورة الأعراف: {وَلُوطاً إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ الْعَالَمِينَ، إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ، وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ، فَأَنجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنْ الْغَابِرِينَ، وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَراً فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ}.

و سنورد الآن ما كان من أمرهم وما أحل الله بهم مجموعاً من الآيات والآثار وبالله المستعان.
وذلك أن لوطاً عليه السلام لما دعاهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له، ونهاهم عن تعاطي ما ذكر الله عنهم من الفواحش، لم يستجيبوا له ولم يؤمنوا به، حتى ولا رجل واحد منهم، ولم يتركوا ما عنه نهوا، بل استمروا على حالهم، ولم يرتدعوا عن غيهم وضلالهم، وهمّوا بإخراج رسولهم من بين ظهرانيهم.
{واستضعفوه وسخروا منه} وما كان حاصل جوابهم عن خطابهم إذ كانوا لا يعقلون إلا أن قالوا:
{أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ}
فجعلوا غاية المدح ذماً يقتضي الإخراج، وما حملهم على مقالتهم هذه إلا العناد واللجاج.
فطهره الله وأهله إلا امرأته، وأخرجهم منها أحسن إخراج، وتركهم في محلتهم خالدين، لكن بعد ما صيّرها عليهم بحرة منتنة، ذات أمواج، لكنها عليهم في الحقيقة نار تأجج، وحرّ يتوهج، وماؤها ملح أجاج.
وما كان هذا جوابهم إلاّ لما نهاهم عن الطامة العظمى والفاحشة الكبرى، التي لم يسبقهم إليها أحد من أهل الدنيا. ولهذا صاروا مثلة فيها وعبرة لمن عليها. وكانوا مع ذلك يقطعون الطريق، ويخونون الرفيق، ويأتون في ناديهم، وهو مجتمعهم ومحل حديثهم وسمرهم، المنكر من الأقوال والأفعال، على اختلاف أصنافه، حتى قيل: إنهم كانوا يتضارطون في مجالسهم، ولا يستحيون من مجالسهم، وربما وقع منهم الفعلة العظيمة في المحافل، ولا يستنكفون ولا يرعوون لوعظ واعظ، ولا نصيحة من عاقل، وكانوا في ذلك وغيره كالأنعام بل أضل سبيلاً، ولم يقلعوا عما كانوا عليه في الحاضر، ولا ندموا على ما سلف من الماضي، ولا راموا في المستقبل تحويلاً، فأخذهم الله أخذاً وبيلاً.
وقالوا له فيما قالوا:
{ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِنْ كُنتَ مِنْ الصَّادِقِينَ}
فطلبوا منه وقوع ما حذّرهم عنه من العذاب الأليم وحلول البأس العظيم.
فعند ذلك دعا عليهم نبيهم الكريم، فسأل من رب العالمين وإله المرسلين، أن ينصره على القوم المفسدين.

فغار الله لغيرته، وغضب لغضبته، واستجاب لدعوته، وأجابه إلى طلبته، وبعث رسله الكرام، وملائكته العظام، فمروا على الخليل إبراهيم، وبشّروه بالغلام العليم، وأخبروه بما جاؤا له من الأمر الجسيم والخطب العميم
{قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ، قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ، لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ طِينٍ، مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ}

وقال: {وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا إِنَّا مُهْلِكُو أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ إِنَّ أَهْلَهَا كَانُوا ظَالِمِينَ، قَالَ إِنَّ فِيهَا لُوطاً قَالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيهَا لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنْ الْغَابِرِينَ}

وقال الله تعالى: {فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ وَجَاءَتْهُ الْبُشْرَى يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ}.

وذلك إنه كان يرجو أن يجيبوا أو ينيبوا ويسلموا ويقلعوا ويرجعوا. لهذا قال تعالى: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ، يَا إِبْرَاهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا إِنَّهُ قَدْ جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذَابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ}.
أي أعرض عن هذا وتكلم في غيره فإنه قد حتم أمرهم ووجب عذابهم وتدميرهم وهلاكهم إنه قد جاء أمر ربك أي قد أمر به من لا يرد أمره ولا يرد بأسه ولا معقب لحكمه وإنهم آتيهم عذاب غير مردود.

وذكر سعيد بن جبير والسدي وقتادة ومحمد بن إسحاق أن إبراهيم عليه السلام جعل يقول "أتهلكون قرية فيها ثلاثمائة مؤمن
قالوا لا
قال فمائتا مؤمن
قالوا لا
قال فأربعون مؤمناً
قالوا: لا
قال فأربعة عشر مؤمناً
قالوا لا
قال ابن إسحاق: إلى أن قال: "أفرأيتم إن كان فيها مؤمن واحد
قالوا لا"
قال: { إِنَّ فِيهَا لُوطاً قَالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيهَا} الآية.

قال الله تعالى:{وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطاً سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعاً وَقَالَ هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ}.

قال المفسرون: لما فصلت الملائكة من عند إبراهيم، وهم جبريل وميكائيل وإسرافيل، أقبلوا حتى أتوا أرض سدوم، في صُوَرِ شُبّانٍ حِسَانٍ اختباراً من الله تعالى لقوم لوط، وإقامة للحجة عليهم، فتضيفوا لوطاً عليه السلام وذلك عند غروب الشمس، فخشي إن لم يضفهم أن يضيفهم غيره، وحسبهم بشراً من الناس
{وسِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعاً وَقَالَ هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ}.
قال ابن عباس ومجاهد وقتادة ومحمد بن إسحاق، شديد بلاؤه، وذلك لما يعلم من مدافعته الليلة عنهم، كما كان يصنع بهم في غيرهم، وكانوا قد اشترطوا عليه أن لا يضيف أحداً، ولكن رأى من لا يمكن المحيد عنه.

وذكر قتادة أنهم وردوا عليه وهو في أرض له، يعمل فيها فتضيفوا، فاستحيا منهم، وانطلق أمامهم، وجعل يعرض لهم في الكلام لعلهم ينصرفون عن هذه القرية، وينزلون في غيرها
فقال لهم فيما قال: والله يا هؤلاء ما أعلم على وجه الأرض أهل بلد أخبث من هؤلاء، ثم مشى قليلاً ثم أعاد ذلك عليهم، حتى كرره أربع مرات. قال: وكانوا قد أمروا أن لا يهلكوهم حتى يشهد عليهم نبيّهم بذلك.

وقال السدي: خرجت الملائكة من عند إبراهيم نحو قرية لوط، فأتوها نصف النهار، فلما بلغوا سدوم، لقوا ابنة لوط تستقي من الماء لأهلها، وكانت له ابنتان اسم الكبرى "ريثا"، والصغرى "زغرتا"،
فقالوا لها: يا جارية هل من منزل؟
فقالت لهم: مكانكم لا تدخلوا حتى آتيكم، فرقت عليهم من قومها،
فأتت أباها فقالت: يا أبتاه،أرادك فتيان على باب المدينة، ما رأيت وجوه قوم قط هي أحسن منهم، لا يأخذهم قومك، فيفضحوهم.
وقد كان قومه نهوه أن يضيف رجلاً فقالوا: خل عنا فلنضف الرجال.
فجاء بهم، فلم يعلم أحد إلا أهل البيت
فخرجت امرأته فأخبرت قومها، فقالت: إن في بيت لوط رجالاً ما رأيت مثل وجوههم قط فجاءه قومه يهرعون إليه.

وقوله: {وَمِنْ قَبْلُ كَانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ}.
أي هذا مع ما سلف لهم من الذنوب العظيمة الكبيرة الكثيرة،

{قَالَ يَا قَوْمِ هَؤُلاَءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ}
يرشدهم إلى غشيان نسائهم، وهن بناته شرعاً لأن النبي للأمة بمنزلة الوالد، كما ورد في الحديث

وكما قال تعالى: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ}
وفي قول بعض الصحابة والسلف وهو أب لهم. وهذا كقوله: {أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنْ الْعَالَمِينَ، وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ}.
وهذا هو الذي نص عليه مجاهد وسعيد بن جبير والربيع بن أنس وقتادة والسدّي ومحمد بن إسحاق وهو الصواب.
وقوله: {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلا تُخْزُونِي فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ}
نهى لهم عن تعاطي ما لا يليق من الفاحشة، وشهادة عليهم بأنه ليس فيهم رجل له مسكة، ولا فيه خير، بل الجميع سفهاء، فجرة أقوياء، كفرة أغبياء.
وكان هذا من جملة ما أراد الملائكة أن يسمعوه منه من قبل أن يسألوه عنه.

فقال قومه عليهم لعنة الله الحميد المجيد. مجيبين لنبيهم فيما أمرهم به من الأمر السديد :
{قَالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ}

يقولون: عليهم لعائن الله، لقد علمت يا لوط إنه لا أربّ لنا في نسائنا، وإنك لتعلم مرادنا وغرضنا "من غير النساء".
واجهوا بهذا الكلام القبيح رسولهم الكريم، ولم يخافوا سطوة العظيم، ذي العذاب الأليم. ولهذا قال عليه السلام
{قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ}
ود أن لو كان له بهم قوة، أو له منعة وعشيرة ينصرونه عليهم، ليحل بهم ما يستحقونه من العذاب، على هذا الخطاب
عن أبي سلمة عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "رحمة الله على لوط، إن كان يأوي إلى ركن شديد، يعني الله عز وجل، فما بعث الله بعده نبي إلا في ثروة من قومه".

ذكر المفسرون وغيرهم أن نبي الله لوطاً عليه السلام جعل يمانع قومه الدخول، ويدافعهم، والباب مغلق، وهم يرومون فتحه وولوجه، وهو يعظهم وينهاهم من وراء الباب، وكل ما لهم في إلحاح وإنحاح، فلما ضاق الأمر وعسر الحال قال ما قال {قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ} لأحللت بكم النكال.

قالت الملائكة {يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ}
وذكروا أن جبريل عليه السلام خرج عليهم فضرب وجوههم خفقة بطرف جناحه، فطمست أعينهم، حتى قيل: إنها غارت بالكلية، ولم يبق لها محل ولا عين، ولا أثر، فرجعوا يتحسسون مع الحيطان، ويتوعدون رسول الرحمن، ويقولون: إذا كان الغد كان لنا وله شأن.

قال الله تعالى {وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ، وَلَقَدْ صَبَّحَهُمْ بُكْرَةً عَذَابٌ مُسْتَقِرٌّ}.

فذلك أن الملائكة تقدمت إلى لوط عليه السلام آمرين له بأن يسري هو وأهله من آخر الليل، ولا يلتفت منكم أحد، يعني عند سماع صوت العذاب إذا حلّ بقومه، وأمروه أن يكون سيره في آخرهم كالسّاقة لهم.

وقوله: {إِلاَّ امْرَأَتَكَ} على قراءة النصب، يحتمل أن يكون مستثنى من قوله {فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ}، كأنه يقول: إلا امرأتك فلا تَسْرِ بها. ويحتمل أن يكون من قوله: {وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلاَّ امْرَأَتَكَ}،
أي: فإنها ستلتفت فيصيبها ما أصابهم. ويقويّ هذا الاحتمال قراءة الرفع، ولكن الأول أظهر في المعنى والله أعلم.
قال السهيلي واسم امرأة لوط "والهة" واسم امرأة نوح "والغة".

وقالوا له مبشرين بهلاك هؤلاء البغاة العتاة الملعونين النظراء والأشباه الذين جعلهم الله سلفاً لكل خائن مريب:
{إِنَّ مَوْعِدَهُمْ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ}.

هلاك قوم لوط عليه السلام
فلما خرج لوط عليه السلام بأهله، وهم ابنتاه، لم يتبعه منهم رجل واحد، ويقال: إن امرأته خرجت معه فالله أعلم.
فلما خلصوا من بلادهم، وطلعت الشمس فكان عند شروقها جاءهم من أمر الله ما لا يرد. ومن البأس الشديد ما لا يمكن أن يصد.
قال الله تعالى: {فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ، مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنْ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ}.

قالوا: اقتلعهن جبريل بطرف جناحه من قرارهن، وكن سبع مدن بمن فيهن من الأمم، فقالوا: إنهم كانوا أربع مائة نسمة. وقيل: أربعة آلاف نسمة وما معهم من الحيوانات، وما يتبع تلك المدن من الأراضي والأماكن والمعتملات، فرفع الجميع حتى بلغ بهن عنان السماء، حتى سمعت الملائكة أصوات ديكتهم ونباح كلابهم، ثم قلبها عليهم، فجعل عاليها سافلها. قال مجاهد: فكان أول ما سقط منها شرفاتها.

{وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ}
والسجّيل فارسي معرب، وهو الشديد الصّلب القوي (منضود) أي يتبع بعضها بعضاً في نزولها عليهم من السماء

(مسومة) أي معلمة مكتوب على كل حجر اسم صاحبه، الذي يهبط عليه فيدمغه، كما قال: {مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ}
وكما قال تعالى: {وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَراً فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنذَرِينَ}.
وقال تعالى: {وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى، فَغَشَّاهَا مَا غَشَّى} يعني: قلبها فأهوى بها منكّسة عاليها سافلها، وغشاها بمطر من حجارة من سجيل، متتابعة مسومة مرقومة، على كل حجر اسم صاحبه الذي سقط عليه من الحاضرين، منهم في بلدهم والغائبين عنها من المسافرين، والنازحين والشاذين منها.

ويقال: إن امرأة لوط مكثت مع قومها.
ويقال: إنها خرجت مع زوجها وبنتيها، ولكنها لما سمعت الصيحة، وسقوط البلدة) التفتت إلى قومها، وخالف أمر ربها قديماً وحديثاً، وقالت: وا قوماه فسقط عليها حجر، فدمغها وألحقها بقومها، إذ كانت على دينهم، وكانت عيناً لهم، على من يكون عند لوط من الضيفان.

كما قال تعالى: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَاِمْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنْ اللَّهِ شَيْئاً وَقِيلَ ادْخُلاَ النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ}

أي خانتاهما في الدين فلم يتبعاهما فيه. وليس المراد أنهما كانتا على فاحشة، حاشا وكلا. فإن الله لا يقدر على نبي قط أن تبغى امرأته، كما قال ابن عباس وغيره من أئمة السلف والخلف: ما بغت امرأة نبي قط. ومن قال خلاف هذا فقد أخطأ خطأ كبيراً.
وقوله هنا: {وَمَا هِيَ مِنْ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ} أي وما هذه العقوبة ببعيدة ممن أشبههم في فعلهم. ولهذا ذهب من ذهب من العلماء إلى أن اللائط يرجم سواء كان محصناً أو لا، ونصَّ عليه الشافعي وأحمد بن حنبل وطائفة كثيرة من الأئمة.

واحتجوا أيضاً بما رواه الإمام أحمد وأهل السنن من حديث عمرو بن أبي عمرو، عن عكرمة، عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به".

وجعل الله مكان تلك البلاد بحرة منتنة لا ينتفع بمائها ولا بما حولها من الأراضي المتاخمة لفنائها، لرداءتها ودناءتها، فصارت عبرة ومثلة وعظة وآية على قدرة الله تعالى وعظمته وعزته في انتقامه ممن خالف أمره وكذّب رسله واتّبع هواه وعصى مولاه. ودليلاً على رحمته بعباده المؤمنين في انجائه إياهم من المهلكات، وإخراجه إياهم من النور إلى الظلمات،

كما قال تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآَيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ، وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ}.

وقال الله تعالى: {فَأَخَذَتْهُمْ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ، فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ، إِنَّ فِي ذَلِكَ لآَيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ، وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ، إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ} أي من نظر بعين الفراسة والتوسّم فيهم، كيف غير الله تلك البلاد وأهلها، وكيف جعلها بعد ما كانت آهلة عامرة، هالكة غامرة.

كما روى الترمذي وغيره مرفوعاً "اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله". ثم قرأ: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ}.

وقوله {وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ} أي لبطريق مهيع مسلوك إلى الآن،
كما قال: {وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ، وَبِاللَّيْلِ أَفَلاَ تَعْقِلُون}

وقال تعالى: {وَلَقَد تَرَكْنَا مِنْهَا آيَةً بَيِّنَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ}
وقال تعالى: {فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنْ الْمُؤْمِنِينَ، فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، وَتَرَكْنَا فِيهَا آيَةً لِلَّذِينَ يَخَافُونَ الْعَذَابَ الأَلِيمَ}.
أي تركناها عبرة وعظة لمن خاف عذاب الآخرة وخشي الرحمن بالغيب، وخاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى، فانزجر عن محارم الله وترك معاصيه وخاف أن يشابه قوم لوط. ومن تشبه بقوم فهو منهم، وإن لم يكن من كل وجه فمن بعض الوجوه، كما قال بعضهم:

فإن لم تكونوا قوم لوط بعينهم ** فما قوم لوط منكم ببعيد
فالعاقل اللبيب الفاهم الخائف من ربه يمتثل ما أمره الله به عز وجل، ويقبل ما أرشده إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من إتيان ما خلق له من الزوجات الحلال، والجواري من السراري ذوات الجمال. وإياه أن يتبع كل شيطان مريد. فيحق عليه الوعيد. ويدخل في قوله تعالى: {وَمَا هِيَ مِنْ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ}.


http://anbiaastory.blogspot.com/2011/05/blog-post_4333.html

_________________
صورة


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: قصص الأنبياء فى رمضان
مشاركة غير مقروءةمرسل: السبت يوليو 04, 2015 3:10 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة نوفمبر 02, 2012 12:16 am
مشاركات: 1938
قصة نبي الله أيوب

نسبه عليه السلام

قال ابن إسحاق: كان رجلاً من الروم وهو أيوب بن موص بن زارح بن العيص بن إسحاق بن إبراهيم الخليل.
وحكى ابن عساكر أن أمه بنت لوط عليه السلام. وقيل كان أبوه ممن آمن بإبراهيم عليه السلام يوم ألقي في النار فلم تحرقه.
والمشهور هو القول الأول، لأنه من ذرية إبراهيم كما قررنا عند قوله تعالى: {وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ ...} الآيات .
من أن الصحيح أن الضمير عائد على إبراهيم دون نوح عليهما السلام.

وهو من الأنبياء المنصوص على الإيحاء إليهم في سورة النساء في قوله تعالى: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ} الآية.


قصته عليه السلام

قال الله تعالى: {وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ}.

وقال تعالى في سورة ص: {وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ * ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ * وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنَّا وَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ * وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ}.


قال علماء التفسير والتاريخ وغيرهم: كان أيوب رجلاً كثير المال من سائر صنوفه وأنواعه، من الأنعام، والعبيد، والمواشي، والأراضي المتسعة بأرض البثينة من أرض حوران.

وحكى ابن عساكر أنها كلها كانت له، وكان له أولاد وأهلون كثير، فسلب من ذلك جميعه، وابتلى في جسده بأنواع البلاء، ولم يبق منه عضو سليم سوى قلبه ولسانه، يذكر الله عز وجل بها، وهو في ذلك كله صابر محتسب ذاكر لله عز وجل في ليله ونهاره، وصباحه ومسائه.

وطال مرضه حتى عافه الجليس، وأوحش منه الأنيس، وأخرج من بلده، وألقي على مزبلة خارجها، وانقطع عنه الناس، ولم يبق أحد يحنو عليه سوى زوجته، كانت ترعى له حقه، وتعرف قديم إحسانه إليها، وشفقته عليها، فكانت تتردد إليه، فتصلح من شأنه، وتعينه على قضاء حاجته، وتقوم بمصلحته.

وضُعف حالها، وقل ما لها، حتى كانت تخدم الناس بالأجر، لتطعمه وتقود بأوده رضي الله عنها وأرضاها، وهي صابرة معه على ما حل بهما من فراق المال والولد، وما يختص بها من المصيبة بالزوج، وضيق ذات اليد، وخدمة الناس بعد السعادة، والنعمة، والخدمة، والحرمة، فإنا لله وإنا إليه راجعون.

وقد ثبت في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
((أشد الناس بلاء الأنبياء، ثم الصالحون، ثم الأمثل فالأمثل، يبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان في دينه صلابة زيد في بلائه)).

ولم يزد هذا كله أيوب عليه السلام إلا صبراً واحتساباً وحمداً وشكراً، حتى أن المثل ليضرب بصبره عليه السلام، ويضرب المثل أيضاً بما حصل له من أنواع البلايا.

وعن مجاهد أنه قال: كان أيوب عليه السلام أول من أصابه الجدري، وقد اختلفوا في مدة بلواه على أقوال؛ فزعم وهب أنه ابتلي ثلاث سنين لا تزيد ولا تنقص.

وقال أنس: ابتلي سبع سنين وأشهراً، وألقى على مزبلة لبني إسرائيل تختلف الدواب في جسده، حتى فرَّج الله عنه، وعظم له الأجر، وأحسن الثناء عليه.

وقال حميد: مكث في بلواه ثمانية عشرة سنة.
وقال السدي: تساقط لحمه حتى لم يبق إلا العظم والعصب، فكانت امرأته تأتيه بالرماد تفرشه تحته، فلما طال عليها
قالت: يا أيوب لو دعوت ربك لفرج عنك،
فقال: قد عشت سبعين سنة صحيحاً، فهو قليل لله أن أصبر له سبعين سنة، فجزعت من هذا الكلام، وكانت تخدم الناس بالأجر وتطعم أيوب عليه السلام.

ثم إن الناس لم يكونوا يستخدمونها لعلمهم أنها امرأة أيوب، خوفاً أن ينالهم من بلائه، أو تعديهم بمخالطته، فلما لم تجد أحداً يستخدمها عمدت فباعت لبعض بنات الأشراف إحدى ضفيرتيها، بطعام طيب كثير، فأتت به أيوب،
فقال: من أين لك هذا؟ وأنكره.
فقالت: خدمت به أناساً
فلما كان الغد لم تجد أحداً، فباعت الضفيرة الأخرى بطعام فأتته به فأنكره أيضاً، وحلف لا يأكله حتى تخبره من أين لها هذا الطعام، فكشفت عن رأسها خمارها، فلما رأى رأسها محلوقاً قال في دعائه:

{أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ}

عن عبد الله بن عبيد بن عمير، قال:
كان لأيوب أخوان، فجاءا يوماً فلم يستطيعا أن يدنوا منه من ريحه، فقاما من بعيد، فقال أحدهما لصاحبه: لو كان الله علم من أيوب خيراً ما ابتلاه بهذا، فجزع أيوب من قولهما جزعاً لم يجزع من شيء قط.
قال: اللهم إن كنت تعلم أني لم أبت ليلة قط شبعاناً وأنا أعلم مكان جائع فصدقني، فصدق من السماء وهما يسمعان.

ثم قال: اللهم إن كنت تعلم أني لم يكن لي قميصان قط وأنا أعلم مكان عار، فصدقني فصدق من السماء وهما يسمعان.

ثم قال: اللهم بعزتك وخر ساجداً، فقال: اللهم بعزتك لا أرفع رأسي أبداً حتى تكشف عني، فما رفع رأسه حتى كشف عنه.

عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((إن نبي الله أيوب لبث به بلاؤه ثماني عشرة سنة، فرفضه القريب والبعيد إلا رجلين من إخوانه كانا من أخص إخوانه له، كانا يغدوان إليه ويروحان،
فقال أحدهما لصاحبه: يعلم الله لقد أذنب أيوب ذنباً ما أذنبه أحد من العالمين
قال له صاحبه: وما ذاك؟
قال: منذ ثماني عشر سنة لم يرحمه ربه فكشف ما به، فلما راحا إليه لم يصبر الرجل حتى ذكر ذلك له.
فقال أيوب: لا أدري ما تقول غير أن الله عز وجل يعلم أني كنت أمر على الرجلين يتنازعان فيذكران الله فأرجع إلى بيتي فأكفر عنهما، كراهية أن يذكر الله إلا في حق)).

قال: ((وكان يخرج في حاجته فإذا قضاها أمسكت امرأته بيده حتى يرجع، فلما كان ذات يوم أبطأت عليه، فأوحى الله إلى أيوب في مكانه أن

{ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ}
فاستبطأته فتلقته تنظر، وأقبل عليها قد أذهب الله ما به من البلاء وهو على أحسن ما كان،
فلما رأته قالت: أي بارك الله فيك هل رأيت نبي الله هذا المبتلى، فوالله على ذلك ما رأيت رجلاً أشبه به منك إذ كان صحيحاً،
قال: فإني أنا هو)).

قال: ((وكان له أندران: أندر للقمح وأندر للشعير، فبعث الله سحابتين، فلما كانت إحداهما على أندر القمح أفرغت فيه الذهب حتى فاض، وأفرغت الأخرى في أندر الشعير الورق حتى فاض)).
وهذا الحديث غريب رفعه جداً، والأشبه أن يكون موقوفاً.

عن ابن عباس قال: وألبسه الله حلة من الجنة فتنحى أيوب وجلس في ناحية، وجاءت امرأته فلم تعرفه.
فقالت: يا عبد الله هذا المبتلى الذي كان ههنا لعل الكلاب ذهبت به أو الذئاب، وجعلت تكلمه ساعة.
قال: ولعل أنا أيوب.
قالت: أتسخر مني يا عبد الله؟
فقال: ويحك أنا أيوب، قد رد الله عليّ جسدي.
قال ابن عباس: ورد الله عليه ماله وولده بأعيانهم ومثلهم معهم.

وقال وهب بن منبه: أوحى الله إليه: قد رددت عليك أهلك، ومالك، ومثلهم معهم فاغتسل بهذا الماء فإن فيه شفاءك، وقرب عن صحابتك قرباناً، واستغفر لهم فإنهم قد عصوني فيك. رواه ابن أبي حاتم.

عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((لما عافى الله أيوب عليه السلام أمطر عليه جراداً من ذهب، فجعل يأخذ بيده ويجعل في ثوبه
قال: فقيل له يا أيوب أما تشبع؟
قال: يا رب ومن يشبع من رحمتك)).

أبو هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((بينما أيوب يغتسل عرياناً خرّ عليه جراد من ذهب، فجعل أيوب يحثي في ثوبه فناداه ربه عز وجل: يا أيوب ألم أكن أغنيتك عما ترى.
قال: بلى يا رب، ولكن لا غنى لي عن بركتك)).

وقوله: {ارْكُضْ بِرِجْلِكَ}

أي: اضرب الأرض برجلك فامتثل ما أمر به، فأنبع الله له عيناً باردة الماء، وأمر أن يغتسل فيها ويشرب منها، فأذهب الله عنه ما كان يجده من الألم والأذى والسقم والمرض، الذي كان في جسده ظاهراً وباطناً، وأبدله الله بعد ذلك كله صحة ظاهرة وباطنة، وجمالاً تاماً، ومالاً كثيراً حتى صب له من المال صباً مطراً عظيماً جراداً من ذهب.

وأخلف الله له أهله كما قال تعالى: {وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ}

فقيل: أحياهم الله بأعيانهم،
وقيل: آجره فيمن سلف وعوضه عنهم في الدنيا بدلهم وجمع له شمله بكلهم في الدار الآخرة.
وقوله: {رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا} أي: رفعنا عنه شدته، وكشفنا ما به من ضر رحمة منا به، ورأفة وإحساناً.

{وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ} أي: تذكرة لمن ابتلي في جسده أو ماله أو ولده، فله أسوة بنبي الله أيوب حيث ابتلاه الله بما هو أعظم من ذلك فصبر واحتسب، حتى فرج الله عنه.
عن ابن عباس: رد الله إلي إمرأته شبابها، وزادها حتى ولدت له ستة وعشرون ولداً ذكراً.
وعاش أيوب بعد ذلك سبعين سنة بأرض الروم على دين الحنيفية، ثم غيروا بعده دين إبراهيم.

وقوله: {وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ}

هذه رخصة من الله تعالى لعبده ورسوله أيوب عليه السلام، فيما كان من حلفه ليضربن امرأته مائة سوط
فقيل: حلفه ذلك لبيعها ضفائرها.
وقيل: لأنه عرضها الشيطان في صورة طبيب يصف لها دواء لأيوب، فأتته فأخبرته فعرف أنه الشيطان، فحلف ليضربها مائة سوط.

فلما عافاه الله عز وجل أفتاه أن يأخذ ضغثاً، وهو كالعثكال الذي يجمع الشماريخ فيجمعها كلها ويضربها به ضربة واحدة، ويكون هذا منزلا منزلة الضرب بمائة سوط، ويبر ولا يحنث، وهذا من الفرج والمخرج لمن اتقى الله وأطاعه، ولا سيما في حق امرأته الصابرة المحتسبة المكابدة الصديقة، البارة الراشدة، رضي الله عنها.
ولهذا عقب الله هذه الرخصة وعللها بقوله: {إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ}.
وقد استعمل كثير من الفقهاء هذه الرخصة في باب الإيمان والنذور، وتوسع آخرون فيها حتى وضعوا كتاب الحيل في الخلاص من الإيمان.

وقد ذكر ابن جرير وغيره من علماء التاريخ: أن أيوب عليه السلام لما توفي كان عمره ثلاثاً وتسعين سنة، وقيل: إنه عاش أكثر من ذلك،

وقد روى ليث عن مجاهد ما معناه: أن الله يحتج يوم القيامة بسليمان عليه السلام على الأغنياء، وبيوسف عليه السلام على الأرقاء، وبأيوب عليه السلام على أهل البلاء، رواه ابن عساكر بمعناه.
وأنه أوصى إلى ولده حومل، وقام بالأمر بعده ولده بشر بن أيوب، وهو الذي يزعم كثير من الناس أنه ذو الكفل فالله أعلم.

http://anbiaastory.blogspot.com/2011/05 ... _8063.html

_________________
صورة


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 33 مشاركة ]  الانتقال إلى صفحة السابق  1, 2, 3

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 38 زائر/زوار


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
© 2011 www.msobieh.com

جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في المنتديات تعبر عن رأي أصحابها فقط