موقع د. محمود صبيح

منتدى موقع د. محمود صبيح

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 48 مشاركة ]  الانتقال إلى صفحة السابق  1, 2, 3, 4  التالي
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة: Re: قصص و حكايات على ألسنة الحيوانات
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين يونيو 20, 2016 3:33 pm 
غير متصل

اشترك في: الخميس مايو 30, 2013 5:51 am
مشاركات: 35060
قصص و حكايات على ألسنة الحيوانات


قيل يحتاج السلطان من الأعوان كثير و لكن ما يجمع منهم من النصيحة و العفاف قليل

صورة
زعموا أن ابن آوى كان يسكن في بعض الدحال وكان متزهداً متعففاً، مع بنات آوى وذئاب وثعالب. ولم يكن يصنع ما يصنعن، ولا يغير كما يغرن، ولا يهريق دماً ولا يأكل لحماً. فخاصمه تلك السباع، وقلن لا نرضى بسيرتك و لا رأيك الذي أنت عليه من تزهدك: مع أن تزهدك لا يغني عنك شيئاً. وأنت لا تستطيع أن تكون إلا كأحدنا: تسعى معنا، وتفعل فعلنا فما الذي كفك عن الدماء وعن أكل اللحم؟ قال ابن آوى: إن صحبتي إياكن لا تؤثمني إذا لم أؤثم نفسي: لأن الآثام ليست من قبل الأماكن والأصحاب، ولكنها من قبل القلوب والأعمال. ولو كان صاحب المكان الصالح يكون عمله فيه صالحاً، وصاحب المكان السيء يكون عمله فيه سيئاً، كان حينئذ من قتل الناسك في محرابه لم يأثم، ومن استحياه في معركة القتال أثم. وإني إنما صحبتكن بنفسي، ولم أصحبكن بقلبي وأعمالي: لأني أعرف ثمرة الأعمال: فلزمت حالي: وثبت ابن آوى على حاله تلك واشتهر بالنسك والتزهد حتى بلغ ذلك أسداً كان ملك تلك الناحية فرغب فيه: لما بلغه عنه من العفاف والنزاهة والزهد والأمانة فأرسل إليه يستدعيه. فلما حضر كلمه وآنسه فوجده في جميع الأمور وفق غرضه. ثم دعاه بعد أيام إلى صحبته وقال له: تعلم أن عمالي كثير وأعواني جم غفير وأنا مع ذلك إلى الأعوان محتاج. وقد بلغني عنك عفاف وأدب وعقل ودين فازددت فيك رغبة. وأنا موليك من عملي جسيماً ورافعك إلى منزلة شريفة وجاعلك من خاصتي. قال ابن آوى: إن الملوك أحقاء باختيار الأعوان فيما يهتمون به من أعمالهم وأمورهم. وهم أحرى ألا يكرهوا على ذلك أحداً: فإن المكره لا يستطيع البالغة في العمل. وإني لعمل السلطان كاره. وليس لي به تجربة ولا بالسلطان رفق. وأنت ملك السباع وعندك من أجناس الوحوش عدد كثير فيهم أهل نبل وقوة ولهم على العمل حرص وعندهم به وبالسلطان رفق: فإن استعملتهم أغنوا عنك واغتبطوا لأنفسهم بما أصابهم من ذلك. قال الأسد: دع عنك هذا: فإني غير معفيك من العمل. قال ابن آوى: إنما يستطيع خدمة السلطان رجلان لست بواحد منهما: إما فاجر مصانع ينال حاجته بفجوره ويسلم بمصانعته وإما مغفل لا يحسده أحد. فن أراد أن يخدم السلطان بالصدق والعفاف فلا يخلط ذلك بمصانعته وحينئذ قل أن يسلم على ذلك: لأنه يجتمع عليه عدو السلطان وصديقه بالعداوة والحسد. أما الصديق فينافسه في منزلته ويبغى عليه فيها ويعاديه لأجلها وأما عدو السلطان فيضطغن عليه لنصيحته لسلطانه وإغنائه عنه. فإذا اجتمع عليه هذان الصنفان فقد تعرض للهلاك. قال الأسد: لا يكونن بغي أصحابي عليك وحسدهم إياك مما يعرض في نفسك: فأنت معي وأنا أكفيك ذلك وأبلغ بك من درجات الكرامة والإحسان على قدر همتك. قال ابن آوى: إن كان الملك يريد الإحسان إلي فليدعني في هذه البرية أعيش آمناً قليل الهم راضياً بعيشي من الأذى والخوف في ساعة واحدة ما لا يصل إلى غيره في طول عمره وإن قليلاً من العيش في آمن وطمأنينة خير من كثير من العيش في خوف ونصب. قال الأسد: قد سمعت مقالتك، فلا تخف شيئاً مما أراك تخاف منه. وست أجد بداً من الاستعانة بك في أمري. قال ابن آوى : أنا إذا أبى الملك إلا ذلك فليعجل لي عهداً إن بغى على أحد من أصحابه عنده، ممن هو فوقي: مخافة على منزلته، أو ممن هو دون: لينازعني في منزلتي فذكر عند الملك منهم ذاكر بلسانه، أو على لسان غيره ما يريد به تحميل الملك على ألا يعجل في أمر وأن يتثبت فيما يرفع إليه ويذكر عنده من ذلك ويفحص عنه ثم ليصنع ما بدا له. فإذا وثقت منه بذلك أعنته بنفسي فيما يحب وعملت له فيما أولاني بنصيحة واجتهاد وحرصت على ألا أجعل له على نفسي سبيلاً. قال الأسد: لك ذلك على وزيادة. ثم ولاه خزائنه واختص به دون أصحابه وزاد في كرامته. فلما رأى أصحاب الأسد ذلك غاظهم وساءهم؟ فأجمعوا كيدهم، واتفقوا كلهم على أن يحملوا عليه الأسد وكلن الأسد قد استطاب لحماً فعزل منه مقدراً، وأمره بالاحتفاظ به، وأن يرفعه في أحصن موضع طعامه وحملوه إلى بيت ابن آوى، فخبئوه فيه، ولا علم له به، ثم حضروا يكذبونه إن جرت في ذلك حال. فلما كان من الغد ودعا الأسد بغدائه، فقد ذلك اللحم، فالتمسه ولم يجده، وابن آوى لم يشعر بما صنع في حقه من المكيدة. فحضر الذين عملوا المكيدة، وقعدوا في المجلس. ثم إن الملك سأل عن اللحم، وشدد فيه، وقي المسألة عنه، فنظر بعضهم إلى بعض، فقال أحدهم قول المخبر الناصح: إنه لا بد لنا من أن نخبر الملك بما يضره وينفعه، وإن شق ذلك على من يشق عليه. وإنه بلغني أن ابن آوى هو الذي ذهب باللحم إلى منزله. قال الآخر: لا أراه يفعل هذا، ولكن انظروا وفحصوا فإن معرفة الخلائق شديدة. فقال الآخر: لعمري ما تكاد السرائر تعرف، وأظنكم إن فحصتم عن هذا وجدتم اللحم ببيت ابن آوى، وكل شيء يذكر من عيوبه وخيانته نحن أحق أن نصدقه. قال الآخر: لئن وجدنا هذا حقاً فليست بالخيانة فقط، ولكن مع الخيانة كفر النعمة، والجراءة على الملك. قال الآخر: أنتم أهل العدل والفضل، لا أستطيع أن أكذبكم، ولكن سيبين هذا لو أرسل إلى الملك من يفتشه. قال الآخر: إن كان الملك مفتشاً منزله فليعجل: فإن عيونه وجواسيسه مبثوثة بكل مكان. ولم يزالوا في الكلام و أشباهه، حتى وقع في نفس الأسد ذلك، فأمر بابن آوى فحضر فقال له: أين اللحم الذي أمرتك بالاحتفاظ به، قال: دفعته إلى صاحب الطعام ليقربه إلى الملك. فدعا الأسد بصاحب الطعام، وكان ممن وبايع مع القوم على ابن آوى. فقال: ما دفع إلى شيئاً. فأرسل الأسد أميناً إلى بيت ابن آوى ليفتشه، فوجد فيه ذلك اللحم، فأتى به الأسد.
صورة
فدنا من الأسد ذئب لم يكن تكلم في شيء من ذلك. وكان يظهر أنه من العدول الذين لا يتكلمون فيما لا يعلمون، حتى يتبين لهم الحق. فقال: بعد أن اطلع الملك على خيانة ابن آوى فلا يعفونَّ عنه: فإنه إن عفا عنه لم يطلع الملك بعدها على خيانة خائن، ولا ذنب مذنب. فأمر الأسد بابن آوى أن يخرج، ويحتفظ به. فقال بعض جلساء الملك: إني لأعجب من رأي الملك ومعرفته بالأمور كيف يخفى عليه أمر هذا، ولم يعرف خبثه ومخادعته؟ وأعجب من هذا أني أراه سيصفح عنه، بعد الذي ظهر منه. فأرسل الأسد بعضهم رسولاً إلى ابن آوى يلتمس منه العذر، فرجع إليه الرسول برسالة كاذبة اخترعها فغضب الأسد من ذلك وأمر بابن آوى أن يقتل. فعلمت أم الأسد أنه قد عجّل في أمره، فأرسلت إلى الذين أمروا بقتله أن يؤخروه، ودخلت على ابنها، فقالت: يا بني بأي ذنب أمرت بقتل ابن آوى؟ فأخبرها بالأمر. فقالت: يا بنيَّ عجّلت. وإنما يسلم العاقل من الندامة بترك العجلة وبالتثبت. والعجلة لا يزال صاحبها يجتني ثمرة الندامة، بسبب ضعف الرأي. وليس أحد أحوج إلى التُّؤدة والتثبت من الملوك: فإن المرأة بزوجها، والولد بوالديه، والمتعلم بالمعلم والجند بالقائد، والناسك بالدين، والعامة بالملوك، والملوك بالتقوى، والتقوى بالعمل، والعقل بالتثبت والأناة، ورأس الكل الحزم، ورأس الحزم للملك معرفة أصحابه، وإنزالهم منازلهم على طبقاتهم، واتهامه بعضهم على بعض. فإنه لو وجد بعضهم إلى هلاك بعض سبيلاً لفعل. وقد جربت ابن آوى، وبلوت رأيه وأمانته ومروءته، ثم لم تزل مادحاً له راضياً عنه. وليس ينبغي للملك أن يخوّنه بعد ارتضائه إياه وائتمانه له، ومنذ مجيئه إلى الآن لم يطلع له على خيانة إلا على العفة والنصيحة. وما كان رأي الملك أن يعجل عليه لأجل طابق لحم. وأنت أيها الملك حقيق أن تنظر في حال ابن آوى: لتعلم أنه لم يكن ليتعرّض للحم استودعته إياه. ولعل الملك إن فحص عن ذلك ظهر له أن ابن آوى له خصماء هم الذين أتمروا بهذا الأمر. وهم الذين ذهبوا باللحم إلى بيته فوضعوه فيه: فإن الحدأة إذا كان في رجلها قطعة لحم اجتمع عليها سائر الطير، والكلب إذا كان معه عظم اجتمع عليه الكلاب. وابن آوى منذ كان إلى اليوم نافع، وكان محتملاً لكل ضرر في جنب منفعة تصل إليك، ولكل عناء يكون لك فيه راحة، ولم يطوى دونك سراً.
فبينما أم الأسد تقص عليه هذه المقالة، إذ دخل على الأسد بعض ثقاته، فأخبره ببراءة ابن آوى. فقالت أم الأسد، بعد أن اطلع الملك على براءة ابن آوى: إن الملك حقيق ألا يرخّص لمن سعى به لئلا يتجرءوا إلى ما هو أعظم من ذلك بل يعاقبهم عليه لكي لا يعودوا إلى مثله: فأنه لا ينبغي للعاقل أن يراجع في أمر الكفور للحسنى، الجريء على الغدر، الزاهد في الخير الذي لا يوقن بالآخرة. وينبغي أن يجزى بعمله، وقد عرفت سرعة الغضب وفرط الهفوة، ومن سخط باليسير لم يبلغ رضاه بالكثير. والأولى لك أن تراجع ابن آوى، وتعطف عليه، ولا يوئسنك من مناصحته ما فرط منك إليه من الإساءة: فإن من الناس من لا ينبغي تركه على حال من الأحوال، وهو من عرف بالصلاح والكرم وحسن العهد والشكر والوفاء والمحبة للناس والسلامة من الحسد والبعد من الأذى والاحتمال للإخوان والأصحاب وإن ثقلت عليه منه المئونة. وأما من ينبغي تركه فهو من عرف بالشراسة ولؤم العهد وقلة الشكر والوفاء والبعد من الرحمة والورع، واتصف بالجحود لثواب الآخرة وعقابها. وقد عرفت ابن آوى وجربته وأنت حقيق بمواصلته.
صورة
فدعى الأسد بابن آوى وأعتذر إليه مما كان منه ووعده خيراً، وقال: إني معتذر إليك ورادّك إلى منزلتك. فقال ابن آوى: إن شر الأخلاء من التمس منعة نفسه بضر أخيه، ومن كان غير ناظر له كنظره لنفسه، أو كان يريد أن يرضيه بغير الحق لأجل إتباع هواه. وكثيراً ما يقع ذلك بين الأخلاء. وقد كان من الملك إلى ما علم فلا يغلظن على نفسه ما اخبره به إني به غير واثق، وإنه لا ينبغي لي أن أصحبه: فإن الملوك لا ينبغي أن يصحبوا من عاقبوه أشد العقاب، ولا ينبغي لهم أن يرفضوه أصلاً: فإن ذا السلطان إذا عزل كان مستحقاً للكرامة في حالة إبعاده والإقصاء له. فلم يلتفت الأسد إلى كلامه. ثم قال له: إني قد بلوت طباعك وأخلاقك، وجربت أمانتك ووفاءك وصدقك، وعرفت كذب من تمحّل الحيلة لتحملي عليك. وإني منزلك من نفسي منزلة الأخيار الكرماء، والكريم تنسيه الخلة الواحدة من الإحسان، الخلال الكثيرة من الإساءة. وقد عدنا إلى الثقة بك، فعد إلى الثقة بنا: فإن لنا ولك بذلك غطة وسروراً. فعاد ابن آوى إلى ولاية ما كان يلي، وضاعف له الملك الكرامة، ولم تزده الأيام إلا تقرباً من السلطان.

_________________



مولاي صل وسلم دائما أبداعلى حبيبك خير الخلق كلهم
اللهم صل على هذا النبى الأمين وأجعلنا من خاصة المقربين لديه السعداء وعلى آله وسلم حق قدره ومقداره العظيم




أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: قصص و حكايات على ألسنة الحيوانات
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء يونيو 21, 2016 2:57 pm 
غير متصل

اشترك في: الخميس مايو 30, 2013 5:51 am
مشاركات: 35060
قصص و حكايات على ألسنة الحيوانات

صورة
نظرَ الليثُ إلى عجلٍ سمينْ
كان بالقربِ على غيْطٍ أَمينْ
فاشتهتْ من لحمه نفسُ الرئيس
وكذا الأنفسُ يصبيها النفيس
قال للثعلبِ: يا ذا الاحتيال
رأسكَ المحبوبُ، أو ذاك الغزال!
فدعا بالسعدِ والعمرِ الطويل
ومضى في الحالِ للأمرِ الجليل
وأتى الغيظَ وقد جنَّ الظلام
فأرى العجلَ فأهداهُ السلام
قائلاً: يا أيها الموْلى الوزيرْ
أنت أهلُ العفوِ والبرِّ الغزير
حملَ الذئبَ على قتلي الحسد
فوشَى بي عندَ مولانا الأَسد
فترامَيْتُ على الجاهِ الرفيع
وهْوَ فينا لم يزَل نِعمَ الشَّفيع!
فبكى المغرورُ من حالِ الخبيث
ودنا يسأَلُ عن شرح الحديث
قال: هل تَجهلُ يا حُلْوَ الصِّفات
أَنّ مولانا أَبا الأَفيالِ مات؟
فرأَى السُّلطانُ في الرأْس الكبير
ولأَمْرِ المُلكِ ركناً يُذخر
ولقد عدُّوا لكم بين الجُدود
مثل آبيسَ ومعبودِ اليهود
فأَقاموا لمعاليكم سرِير
عن يمين الملكِ السامي الخطير
واستَعدّ الطير والوحشُ لذاك
في انتظار السيدِ العالي هناك
فإذا قمتمْ بأَعباءِ الأُمورْ
وانتَهى الأُنسُ إليكم والسرورْ
برِّئُوني عندَ سُلطانِ الزمان
واطلبوا لي العَفْوَ منه والأمان
وكفاكم أنني العبدُ المطيع
أخدمُ المنعمَ جهدَ المستطيع
فأحدَّ العجلُ قرنيه، وقال:
أَنت مُنذُ اليومِ جاري، لا تُنال!
فامْضِ واكشِفْ لي إلى الليثِ الطريق
أنا لا يشقى لديه بي رفيق
فمَضى الخِلاَّنِ تَوّاً للفَلاه
ذا إلى الموتِ، وهذا للحياه
وهناك ابتلعَ الليثُ الوزير
وحبا الثعلبَ منه باليسير
فانثنى يضحكُ من طيشِ العُجولْ
وجَرى في حَلْبَة ِ الفَخْر يقولْ:
سلمَ الثعلبُ بالرأسِ الصغير
ففداه كلُّ ذي رأسٍ كبير!








دواوين الشعر العربي على مر العصور
أحمد شوقي >> نظرَ الليثُ إلى عجلٍ سمينْ

_________________



مولاي صل وسلم دائما أبداعلى حبيبك خير الخلق كلهم
اللهم صل على هذا النبى الأمين وأجعلنا من خاصة المقربين لديه السعداء وعلى آله وسلم حق قدره ومقداره العظيم




أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: قصص و حكايات على ألسنة الحيوانات
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء يونيو 22, 2016 7:34 am 
غير متصل

اشترك في: الخميس مايو 30, 2013 5:51 am
مشاركات: 35060


إن الكرام إذا ما صادقوا صدقوا ... لم يثنهم عنه ترغيب وترهيب

الجزء الأول
ذكر شخص معتبر من رواة الخبر أن في القديم كان رجل عديم وعنده قط رباه وأحسن مرباه فكان عنده كالولد الأعز وأكرم من ابن الفرات عند ابن المعتز وكان القط قد عرف منه الشفقة وألف منه المودة والمقه فكان لا يبرح عن مبيته ولا يسعى لطلب قوته فحصل له هزال وتغير ما له من أمر وحال لا عند صاحبه ما يغذيه ولا هو ذو قوة عن الاصطياد تغنيه
صورة
إلى أن عجز عن الصيد فصار يسخر به من أرذال الفيران كل عمرو وزيد وصار كما قيل:
خلت الرقاع من الرخا ... خ وفرزنت فيها البيادق
وتسابقت عرج الحمي؟ر فقلت من عدم السوابق
وسطا الغراب على العقا ... ب وصاد فرخ البوم باشق
سكتت بلابلة الزما ... ن وأصبح الخفاش ناطق
وأيضا:
وإذا خلا الميدان من أسد ... رقص ابن عرس ونومس النمس
وكان في ذلك المكان مأوى لرئيس الجرذان
صورة
وفي جوار مخزن للسمان فاجتر الجرذان لضعف أبي غزوان وتمكن من نقل ما يحتاج إليه وصار يمر على القط آمنا ويضحك عليه إلى أن امتلأ وكره من أنواع المآكل والمطاعم وحصل له الفراغ من المخاوف والمزاحم واستطال على الجيران واستعان بطوائف الفيران على العدوان فافتكر الجرذان يوما في نفسه فكرا أداه إلى حلول رمسه وهو أن هذا القط وإن كان عدوا قديما ومهلكا عظيما لكنه قد وقع في الانتحال وضعف عن الاصطياد لقوة الهزال وقوتي إنما هي بسبب ضعفه وهذا الفتح إنما هو حاصل بحتفه ولكن الدهر الغدار ليس له على حالة استمرار فربما يعود الدهر عليه وترجع صحته وعافيته إليه فان الزمان الكثير الدوران يتهب ويهب ويعطي ما ساب ويرجع فيما وهب كل ذلك من غيره وجب ولا سبب وإذا عاد القط إلى ما كان عليه يتذكر من غير شك إساءتي إليه فيثور قلقه ويفور حنقه ويأخذه لاذاى والانتقام سهره وأرقه فلا يقر لي معه قرار فاحتاج بالاضطرار إلى التحول عن هذا الديار والخروج عن الوطن المألوف ومفارقة السكن المعروف أمر صعب مشوم الكعب فلا بد من الاهتمام قبل حلول هذا الغرام والأخذ في طريقه الإخلاص قبل الوقوع في شرك الاقتناص ثم أنه ضرب أخماسا لأسداس في كيفية الخلاص من هذا البأس فاداه الفكر إلى إصلاح المعاش بينه وبين أبي خراش ليدوم له هذا النشاط ويستمر بواسطة الصلح بساط الانبساط فرأى أنه لا يفيد ما يريده إلا بزرع الجميل من كثير وقليل خصوصا في وقت الفاقة فانه أجلب للصداقة وأبقى في الوثاقة ثم بعد ذلك يترتب عليها العهود ويتأكد ما يقع عليه الاتفاق من العقود وهو أن يلتزم الجرذان أن يقوم لأبي غزوان في كل غداة من طيب الغذاء ما يكفيه لغداء وعشاء لأن الشيخ في الدرس قال خير المال وما وقيت به النفس إلى أن يصح جسده ويرد إليه من عيشه رغده ويكون ذلك سببا لمعقود الصداقة وترك العداوة القديمة المساقة وأن تشترط دوام المحبة وازدياد الوداد والصحبة وأن لا يقصد أبو الهيثم أبار راشد بشيء من الأذى والشرور والمفاسد ويعمل هذا الهر بموجب ما قال الشاعر:
إن الكرام إذا ما أسهلوا ذكروا ... من كان يألفهم في المنزل الخشن
ثم إن الجرذان جمع من الأخباز والأجبان واللحم القديد والمطعم المزيد ما قدر على حمله ونهضت قوته بنقله وقصد مقام الهر وسلم عليه السلام مكرم مبر محب قديم وصديق حميم وقدم ما معه إليه وترامى بكثرة التودد والاشتياق عليه وقال يعز ويعظم لدي أني أراك يا خير جار في هذا الضرر والأضطرار ولكن العاقبة إلى خير وسيقبل السعد بأحسن طير فتقدم أيها الخيطل وكل من هذا المأكل فإذا سددت خلتك كلمتك بشيء أستشير به خدمتك فانه قد قيل:
أن الصداقة أولاها السلام ومن ... بعد السلام طعام ثم ترحيب
وبعد ذاك كلام في ملاطفة ... وضحك وثغر وإحسان وتقريب
وأصل ذلك أن تبغي شمائلها ... بين الأحبة تأييد وتأديب
لم تنس غيبا ولم تملل إذا حضروا ... قد زان ذلك تهذيب وترتيب
إن الكرام إذا ما صادقوا صدقوا ... لم يثنهم عنه ترغيب وترهيب
يتبع


دواوين الشعر العربي على مر العصور

أحمد شوقي >> كانت النَّملة تمشي
كانت النَّملة تمشي

-----------------------------------
صورة

كانت النَّملة تمشي
مرة ً تحتَ المُقطَّمْ
فارتخى مَفصِلُها من
هَيبة ِ الطَّوْدِ المعظَّمْ
وانثنتْ تنظرُ حتى
أوجد الخوف وأعدم
قالت : اليوم هلاكي
حلَّ يومي وتحتم !
ليت شعري : كيف أنجو
ـ إنْ هوى هذا ـ وأَسلم؟
فسعت تجري ، وعينا
ها ترى الطَّود فتندم
سقطتْ في شبرِ ماءٍ
هو عند النّمل كاليمّ
فبكت يأساً ، وصاحت
قبل جري الماء في الفمّ
ثم قالت وهي أدرى
بالذي قالت وأَعلَم:
ليتني لم أتأخَّر
ليتني لم أتقدَّم
ليتني سلَّمت ، فالعا
قل من خاف فسلَّم !
صاح لا تخش عظيما
فالذي في الغيْب أَعظم


_________________



مولاي صل وسلم دائما أبداعلى حبيبك خير الخلق كلهم
اللهم صل على هذا النبى الأمين وأجعلنا من خاصة المقربين لديه السعداء وعلى آله وسلم حق قدره ومقداره العظيم




أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: قصص و حكايات على ألسنة الحيوانات
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس يونيو 23, 2016 7:39 am 
غير متصل

اشترك في: الخميس مايو 30, 2013 5:51 am
مشاركات: 35060
قصص و حكايات على ألسنة الحيوانات

الجزء الثانى

إن العدو العتيق لا يتأتى منه صديق


صورة
فتناول القط من تلك السرقة ما سد رمقه وشكر للجرذان تلك الصدقة ولما أكل فمه استحيت الحدقة ثم قال له أنشد ما أنت ناشد يا أبا راشد قال إن لي عليك من الحقوق مثل ما للجار الصدوق على الجار الشفوق وأردت أن يتأكد الجوار بالصداقة وتتراقى إلى درجة المحبة بأوثق علاقة وأن كانت بيننا عداوة قديمة فنترك من الجانبين تلك الخصلة الذميمة ونستأنف العهود على خلاف الخلق المعهود وتدبير الأمور على مصلحة الجمهور ونبني القاعدة في البين على ما يعود نفعه على الجانبين وأذكر بك أشياء تحملك على ترك خلقك القديم وتهديك في طريق الإخاء إلى الصراط المستقيم وهو أن أكلي مثلا ما يغذي منك بدنا فضلا عن أن يظهر فيك صحة وسمنا ولكن أن أمنتني مكرك وأعملت نظرك وفكرك ثم رغبت في صحبتي وعاهدتني على سلوك طريق مودتي وأكدمت أي أبا غزوان ذلك بمغلظات الأيمان إلى أن أستوثق باستصحابك وأبيت آمنا في مجيئك وذهابك ولو كنت بين مخالبك وأنيابك فأني ألتزم لك في كل يوم إذا استيقظت من النوم بما يسد خلتك ويبقي مهجتك صباحا ومساء وغداء وعشاء وإن قلت أن ذلك شيء مجهول فأنا أقدره بنظير هذا المأكول فان هذا الغذاء يكفيك عشاء وغداء وماقصدت بذلك إلا رعاية لحق الجوار ولقد آنستني تسبيحك بالليل والنهار وأظن وظني لا يخيب أنك تبت إلى الله ورجعت من قريب وكففت عن أذى الجيران وعففت عن أكل الفيران ثم أعلم يا أسد الضياون أن لي من هذه المؤنة عشر مخازن قد أعددتها لمثلك وأنا أقدمها لمنزلك وادخرها لأجلك والقصد أن أكون آمنا من سطواتك ساكنا في صدمات حركاتك وذلك إنما يعلم بتأكيد الإخاء وتأييد المحبة والولاء فلما رأى الهر هذا البر أعجبته هذه النعم وأطربه هذا النغم وأقسم طائعا مختارا ليس إكراها ولا إجبارا أنه لا يسلك مع الجرذان إلا طريق الأمان والإحسان وأنه لا ينوء إليه بقصد سوء بحيث تتأكد المحبة وتزداد الصداقة والصحبة فرجع الجرذان وهو بهذه الحركة جذلان وصار كل يوم يأتي أبا غزوان بما التزم به من الغداء والعشاء كل صباح وعشاء إلى أن صح القط واستوى وسلمت خلوات بدنه من الخو والخوا وصارت المحبة تنعه بكل يوم عقد مجددا ويزداد كل منهما في الآخر محبة وتوددا

صورة
وكان لهذا القط ديك وهو صاحب قديم وصديق نديم كل منهما يأنس بصاحبه ويحفظ خاطره بمراعاة جانبه للديك تعويق عن زيارة الصديق فغاب عنه مدة وكل منهما للفراق في شده فلم يتفق لهما إلا وقد حصل للقط الشفاء وزال الشقاء فسأل الديك صاحبه بماذا صارت علته ذاهبة وذاك الهزال بأي شيء زال فاخبره بأحوال الجرذ أبي جوال وأنهى أمره من الأول إلى الآخر وبالغ في الشكر في الباطن والظاهر وأنه كان سبب حياته ونجاته من مخاليب مهلكاته وأنه لم يكن مثله في الأصحاب وقد صار أعز الأصدقاء والأحباب فغار الديك على الصاحب القديم وأختشى أن يفسد ما بينهما المفسد الذميم فضحك مستغربا وصفق بجناحيه متعجبا فقال له مم تضحك فقال من سلامة باطنك وانقيادك لمداهنك وحسن صنائعك مع المنافق مخادعك ومكارم أخلاقك مع ناقض ميثاقك وإصغائك لهذا الخبيث بمشوه الكلام ومموه الحديث ومن يا من لهذا البرم الواجب القتل في الحل والحرم المفسد لفاسق المؤذي المنافق الذي خدعك حتى أمن على نفسه واستطرق بذلك التمكن من أذاه ونحسه فتسلط الأذى كما يختار وانهمك في الشر آمنا منك البوار كل ذلك بسببك ومكتوب في صحائف كتبك مع أنك بمشكور ولا بالخير مذكور وأن الذي شاع وذاع وملأ عنك الأسماع أنك ستحل عقده وتنكث عهده وتنقض الإيمان وتجازي بالسيئة الإحسان وأنه لم ير منك ما يسره وهو متوقع منك ما يضره وأعظم من هذا أنه آذى وحشر فنادى وبالشر بادي فقال أنه أحياك بعد الموت وردك بعد الفوت ولولا فضله عليك وبره الواصل إليك لمت هزالا وجوعا ولما عشت أسبوعا ولكنه أشبع جوعك وجلب هجوعك واستنفذ من مخاليب المنية بعد ذهابك رجوعك فشفاك وعافاك وصفا لك وصافاك وكفاك وأنك كافيته مكافأة التمساح وجازيت حسناته بالسيآت القباح ولم يكن لإحسانه إليك ولا لما من به عليك سبب ولا علاقة سوى طهارة نفس زكت أخلاقه ولا لإساءتك إليه سبب تنقم به عليه إلا ما أسداه من مكارم شيمه الواصلة إليك وفوائد نعمه السابغة عليك وقد أشاع هذا كله في الشوارع والحارات خصوصا في هذه المحلة ثم أقسم بمن عطفه عليك وساق

فضله إليك وجعلك محتاجا إلى نواله وأسبل عليك لباس صدقاته وافضاله ليستوفين منك ما صنعته وليحفظن عليك ما عليه ضيعته وليوقعنك في طوى بليه يعجز عن خلاصك منها كل البرية فليريحن منك جنس الفار وليخلدن ذكر هذه القضية في بطون الأسفار وبالجملة فهل سمعت أن جرذنا صادق هره أو اتفق بينهما مرافقة في الدنيا ولو مره ومناصحة القط والفار كمصادقة الماء والنار:
فأنت كواضع في الماء جمرا ... وأنت كمودع الريح الثرايا
فلما سمع القط هذا الكلام تألم باطنه بعض إيلام وما صدق ولكن ظن واشتغل خاطره لأمر عن وتلهبواشتغل ومن يسمع بخل وقال للديك جزاك الله عني خيرا وما أكثر شفقتك طيرا ولكن من قال لك هذا المقال قال أنت محب وعلى مودة الجرذان مكب وقد قال سيدا لعرب والعجم صلى الله عليه وسلم حيك للشيء يعمي ويصم وقال الشاعر:
وعين الرضا عن كل عيب عمية ... كما أن عين السخط تبدى المساويا
ولقد غرك بلقيمات من الحرام والسحت المنغمس في الآثام وجعلها بمنزلة حبة الفج فلا تشعر بها إلا وأنت في السلخ وقد وقعت ولا رفيق ولا أخ هناك يعرف تحقيق هذا الكلام ولكن أنت الآن راقد مثل النيام والكلام ما يفيد ولا بد أن الله تعالى يجري ما يريد وما في إشاعة الكلام طائل وكأنك أنت القائل:
ظن العذول بان عذلي ينفع ... قل ما تشأ فعلي أن لا أسمع

وما قلت لك هذا الكلام إلا من فرط الشفقة والضرام ورعاية لحق ما وجب علي من القيام وحفظا للصداقة القديمة والمودة التي سحائبها ديمه وأنا لو غششت كل أحد ما خطر لي أن أغشك وأنا لا استشهد على صدقي إلا يقينك الساكن عشك فرجح جانب صدق الديك كفاك الله شر من يؤذيك وقال القط في خاطره بعد ما أجال قداح ضمائره هذا الديك من حين انفلقت عنه المبيضة وسرحت أنا وإياه من الصدقة في روضة ما وقفت له على كذب ولا سمعت عنه أنه لزور مرتكب مع أنه مؤذن أمين بين ظهور المسلمين وهو بالصدق قمين وما حمله على هذا إلا المحبة وقديم المودة والصحية وهو أبعد من أن يكذب ويخدع وأي قصد له في أن يغش ويتصنع وتردد أبو هريرة في تيه الخيرة بين الديك والفريره ثم قال للديك وقاك الله شر أعاديك فكيف أعرف صدق هذا الحبر وهل للدلالة على سوء طويته علامة تنتظر قال نعم ورب الحرم علامة ذلك أنه إذا دخل عليك ونظر إليه أن يكون منخفض الرأس مجتمع الأنفاس متوقعا حلول نائبه أو نزول مصيبة صائبة أو شمول بليه غائبة ملتفتا يمينا وشمالا متخوفا نكالا ووبالا طائفا يتنقب خائفا يترقب وذلك لأنه خائن والخائن خائف وهذا بائن وبينما هما في المحاورة والمناظرة والمشاورة يتجاذبان القيل والقال

دخل المفسد أبو جوال وهو غافل عن هذه الأحوال فرأى أبا القيظان يخاطب أبا غزوان فخنس وقهقر وتخوف وتشور وهو غافل عما قضاه الله وقدر فاشمأز لرؤيته الديك وابرأل وانتغض واشمعل
صورة
فارتعد الجرذان من شيخ الديكة لما رأى منه هذه الحركة وانتفش وانزوى وتقبض وزوى وأشبه بغداديا بلع الدوا ونظر يمينا وشمالا كالطالب للمفر مجالا والقط يراقب أحواله ويتميز حركاته وأفعاله فتحقق ما قاله أبو سليمان ونظر إلى الجرذان نظر الغضبان وهمز واكفهور ورقصت شواربه وابزأر فاضطر الجرذان وطلب الأمان
صورة

فنسي السنور العهود والأيمان ونفض عرق العداوة القديمة والعدوان وطفر على الجرذان وأدخله في خبر كان وأخلى منه الزمان والمكان
(وإنما أوردت) هذا التنظير أيها الصاحب البصير للإعلام بالتحقيق إن العدو العتيق لا يتأتى منه صديق

_________________



مولاي صل وسلم دائما أبداعلى حبيبك خير الخلق كلهم
اللهم صل على هذا النبى الأمين وأجعلنا من خاصة المقربين لديه السعداء وعلى آله وسلم حق قدره ومقداره العظيم




أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: قصص و حكايات على ألسنة الحيوانات
مشاركة غير مقروءةمرسل: الجمعة يونيو 24, 2016 6:56 am 
غير متصل

اشترك في: الخميس مايو 30, 2013 5:51 am
مشاركات: 35060
قصص و حكايات على ألسنة الحيوانات

صورة
كان فيما مضى من الدهر بيتُ من بيوت الكرام فيه غزال
يَطعَم اللَّوْزَ والفطيرَ ويُسقى عسلاَ لم يشبه إلا الزَّلال
فأَتى الكلبَ ذاتَ يومٍ يُناجيـ ـهِ وفي النفسِ تَرحَة ٌ وملال
قال : يا صاحب الأمانة ، قل لي كيف حالُ الوَرَى ؟ وكيف الرجال؟
فأجاب الأمين وهو القئول الصّـَ ـادِقُ الكامل النُّهَى المِفضال
سائلي عن حقيقة الناس ، عذراً ليس فيهم حقيقة ُ فتقال
إنما هم حقدٌ ، وغشٌّ ، وبغضُ وأَذاة ٌ، وغيبة ٌ، وانتحال
ليت شعري هل يستريحُ فؤادي ؟ كم أداريهم ! وكم أحتال !
فرِضا البعض فيه للبعضِ سُخْطٌ ورضا الكلِّ مطلبٌ لا يُنال
ورضا اللهِ نرتجيهِ ، ولكن لا يؤدِّي إليه إلا الكمال
لا يغرَّنكَ يا أخا البيدِ من موْ لاكَ ذاك القبولُ والإقبال
أنتَ في الأسرِ ما سلمتَ ، فإن تمـ ـرض تقطَّعْ من جسمك الأوصال
فاطلبِ البِيدَ، وارض بالعُشبِ قوتاً فهناك العيشُ الهنِيُّ الحلال
أنا لولا العظامُ وهيَ حياتي لم تَطِبْ لي مع ابنِ آدمَ حال

دواوين الشعر العربي على مر العصور

أحمد شوقي




قال رب السموات والأرض ومالك الطول والعرض والبسط والقبض والرفع والخفض الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض


ذكر أن زاغه ( نوع من الطيور )في بلد مراغه انتشى لها فرخه انتشر لها بين الطيور صرخه وكانت ذات بهجة لطيفه وصفات ظريفة وتربت بتيمة بالدلال وجمعت بين فنون الكمال فلما بلغت مبلغ الزواج خطبها من صنوف الطير الأزواج وترادفت عليها الخطاب ودخلوا على أمها في ذلك من كل باب
صورة

فكانت تأبى عليهم ولا تلتفت إلى بذلهم ولا إليهم إلى أن بلغ خبرها إلى بومة كريهة الوجه مشومه بينها وبين أم الزاغه صداقة قديمه فخطبتها لأبنها وأبانت للطير مزيد غبنها فاستشارت الأم ابنتها وأظهرت في ابن البومة رغبتها وقالت أي ربيبة الخير قد رغب فيك أصناف الطيور فكنت أدافعهم وأسوف بهم وأمانعهم وقد اشتهر صيتك بين الكبراء وخطبك مني الأمراء والوزراء وأنا على المطاولة والرد والمقاولة وقد استحييت منهم واختشيت غائلة ما يصدر عنهم ولم أفعل ذلك إلا عارية لحالك وخوفا من زوج ظالم بقدرك غير عالم يستضعف جانبك ويكره أهلك وأقاربك ثم لا نقدر على مقاومته ونتعب في مرافقته ومفارقته لا سيما أن صار بينكما معاشقه فيصير نكاحكما الدماشقه كل يضمر السوء لصاحبه حالة المعانقة كل يا أحسن معنى بما قال الشاعر:
رأيت الذي لأكله أنت قادر ... عليه ولا عن بعضه أنت صابر

ونعوذ بالله من اختلاف الوداد وأن يصبر نكاح السنة كنكاح أهل بغداد فأن صادفتما في محله مثلي أبي بكر الرباني ودله أو مثل الفرغاني وعلى أو جارة تشبه عيشة تلي خرجتما من يدي وزدتما نكدي فكنت لهذه الأمور أخشى تقلبات الدهور وأرد خطاب الجمهور وقد خطبك يا كريمة ابن صاحبة قديمة وهي البومة الفلانية وهي صاحبة هنيه وأخلاق ابنها رضيه وهو شخص فقير الحال حقير نقلبه في أيدينا كما نريد ونتصرف فيه تصرف الموالي في العبيد

صورة
لا في الطير جنس يحبه بل كلهم يكرهه ويسبه ولا لهناصر علينا ولا جارح يدلي به إلينا فهو تحت طاعتك كما تحبين وفي ربقة إرادتك كما تريدين لا كالحمام يتطوق بطوق الفخر ولا كالهدهد يتتوج بتاج الكبر فما رأيك في هذا الأمر فقالت الزويغة مقالة بليغة حفظت شيا وغابت عنك أشيا ما أصنع بزوج ممتهن وبغض الأجناس ممتحن مكسور مهجور يتطير بين الطيور هذا يخطفه وهذا يلقفه وهذا ينقره وهذا ينئره وهذا يأثره وهذا يكسره وإذا لم يكن للزوج حرمه ولا تسمع له كلمه خصوصا عند زوجته وأهل بيته وعثرته فأي قدر يكون له عند غيرها وأني ينشر بالسعد جناح طيرها وقد قال رب السموات والأرض ومالك الطول والعرض والبسط والقبض والرفع والخفض الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وقال من جعلهم قوامين وذواتنا منعوجه وللرجال عليهن درجة ومقدار المرأة بين جيراني وأهلها إنما يعرف بقدر حرمة بعلها

_________________



مولاي صل وسلم دائما أبداعلى حبيبك خير الخلق كلهم
اللهم صل على هذا النبى الأمين وأجعلنا من خاصة المقربين لديه السعداء وعلى آله وسلم حق قدره ومقداره العظيم




أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: قصص و حكايات على ألسنة الحيوانات
مشاركة غير مقروءةمرسل: السبت يونيو 25, 2016 7:09 am 
غير متصل

اشترك في: الخميس مايو 30, 2013 5:51 am
مشاركات: 35060
قصص و حكايات على ألسنة الحيوانات



أحمد شوقي >> فأْرٌ رأَى القِطَّ على الجِدارِ

صورة
فأْرٌ رأَى القِطَّ على الجِدارِ
مُعَذَّباً في أَضيَقِ الحِصار
والكلبُ في حالتهِ المعهوده
مستجمعاً للوثبة ِ الموعوده
فحاولَ الفأرُ اغتنامَ الفرصه
وقال أكفي القطَّ هذي الغصَّه
لعلّه يكتبُ بالأمانِ
لي ولأَصحابي من الجيران
فسارَ للكلبِ على يديهِ
ومَكَّنَ الترابَ من عينَيه
فاشتغل الرّاعي عن الجدار
ونزلَ القطُّ على بدار
مبتهجاً يفكر في وليمه
وفي فريسة ٍ لها كريمه
يجعلها لِخَطْبِه علامه
يذكرُها فيذكرُ السَّلامه
فجاءَ ذاكَ الفأرُ في الأثناءِ
وقال: عاشَ القِطُّ في هَناءِ
رأَيتَ في الشِّدّة ِ من إخلاصِي
ما كان منها سببَ الخلاص
وقد أتيتُ أطلبُ الأمانا
فامنُنْ به لِمعشَري إحسانا
فقال: حقّاً هذه كرامَه
غنيمة ٌ وقبلَها سَلامه
يكفيكَ فخراً يا كريمَُ الشِّمه
أَنك فأرُ الخطْبِ والوليمه
وانقَضَّ في الحالِ على الضَّعيفِ
يأكلُه بالمِلحِ والرغيف
"
فقلت في المقام قوْلاً شاعا
مَنْ حفِظَ الأَعداءَ يوماً ضاعا"




صورة
أحمد شوقي >> وقفَ الهُدْهُدُ في باب سليمان
-----------------------------------
وقفَ الهُدْهُدُ في بابِ سليمانَ بذلِّهْ

قال: يا مولايَ، كن لي
عشتي صارت مملَّه
متُّ من حَبَّة ِ بُرٍّ
أحدثتْ في الصدر علَّه
لا مياهُ النيلِ ترويــها،
ولا أَمواهُ دِجْله
وإذا دامت قليلا
قتلتْني شرَّ قِتْلَه
فأشار السيد العالي
غلى من كان حوله:
قد جنى الهدهدُ ذنباً
وأتى في اللؤوم فعله
تِلك نارُ الإثمِ في الصَّدْرِ،
وذي الشكوى تَعِلَّه
ما أرى الحبة إلا
سُرِقت من بيتِ نمله
إن للظالم صَدْراً
يشتكي من غير عله

_________________



مولاي صل وسلم دائما أبداعلى حبيبك خير الخلق كلهم
اللهم صل على هذا النبى الأمين وأجعلنا من خاصة المقربين لديه السعداء وعلى آله وسلم حق قدره ومقداره العظيم




أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: قصص و حكايات على ألسنة الحيوانات
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأحد يونيو 26, 2016 4:39 pm 
غير متصل

اشترك في: الخميس مايو 30, 2013 5:51 am
مشاركات: 35060
قصص و حكايات على ألسنة الحيوانات

صورة
زعموا أنه كان بأرض من الأرضين مكان كثير الصيد يتصيد فيه الصيادون، وكان في ذلك المكان شجرة عظيمة كبيرة الغصون متلفة الورق، وكان فيها وكر غراب. فبينما الغراب ذات يوم على الشجرة إذ أبصر رجل من الصيادين قبيح المنظر، سيء الحال، على عاتقه شرك يحمله، وفي يده عصا، مقبلاً نحو الشجرة، فذُعر منه الغراب وقال: لقد ساق هذا الرجل إلى هذا المكان أمر فسأنظر ماذا يصنع. فأقبل الصياد فنصب شركه ونثر حبّه وكمن في مكان قريب، فلم يلبث إلا قليلاً حتى مرت به حمامة يقال لها المطوقة، وكانت سيدة حمام كثير وهنّ معها. فأبصرت المطوقة وسربها الحبّ ولم يبصرن الشرك فوقعن فيه جميعاً. ثم أقبل الصياد إليهن مسرعاً فرحاً بهن. وانفردت كل حمامة منهن عن ناحيتها تعالج نفسها لتفرّ. فقالت لهن المطوقة: لا تتخاذلن في المعالجة، ولا تكونن نفس واحدة منكن أهم إليها من نفس صاحبتها، ولكن لنتعاون جميعاً لعلنا نقتلع الشرك فينجي بعضنا بعضاَ. ففعلن ذلك واقتلعن الشرك، فطرن به في السماء وتبعهن الصياد، وظن أنهن لن يتجاوزن قريباً حتى يثقلهن الشرك فيقعن.
فقال الغراب: لأتبعهن حتى أنظر إلى ما يصير أمرهن وأمر الصياد. والتفتت المطوقة فرأت الصياد يتبعهن، لم ينقطع رجاؤه منهن، فقالت لصواحبها، إني أرى الصياد جاداّ في طلبكن، فإن استقمتنّ في الفضاء لن تخفين عليه. ولكن توجّهن إلى الخير والعمران، فإنه لن يلبث أن يخفى عنه منتهاكن فينصرف آئساً منكن. وأنا أعرف فيما بلينا به مكاناً قريباً من العمران والريف فيه جحر جرذ، وهو صديق لي، فلو انتهينا إليه قطع عنا هذا الشرك وما عنّفنا منه.
فتوجهن حيث قالت المطوقة، فخفين من الصياد، وانصرف آئساً منهن. ولم ينصرف الغراب بل أراد أن ينظر هل لهن حيلة يحتلنها للخروج من الشرك فيتعلمها، وتكون له عدة لأمر إن كان.
فلما انتهت المطوقة بهن إلى الجرذ أمرت الحمام بالوقوع فوقعن، ووجدن حول جحر الجرذ منئة ثقب أعدها للمخاوف، وكان مجرباً للأمور داهية. فنادته المطوقة باسمه، وكان اسمه أيزك، فأجابها الجرذ من جحره قائلا: من أنت؟ قالت أنا خليلتك المطوقة. فأقبل إليها مسرعاً. فلما رآه في الشرك قال لها: ما أوقعك في هذه الورطة وأنت من الأكياس؟
قالت المطوقة: ألم تعلم ما يفعل الجهل في عقل المرء؟ فإن الغباوة أوقعتني في هذه الورطة، وهي التي رغّبتني في الحب وأعمت بصري عن الشرك حتى لججت في أنا وأصحابي. وليس أمري وقلة امتناعي من مصائب الدهر بعجيب، فقد لا ينجو منها من هو أقوى مني وأعظم شأناً. قد تًكسف الشمس والقمر إذا قضي عليهما ذلك، وقد تصاد الحيتان في الغمر ويستنزل الطير الذي يحول دون الحازم وطلبته.
صورة
ثم إن الجرذ أخذ بقرض العقد التي كانت فيها المطوقة. فقالت له المطوقة: ابدأ بعقد صواحبي ثم أقبل على عقدي. فأعادت عليه القول مرارا، كل ذلك والجرذ لا يلتفت إلى قولها، ثم قال لها: قد كررت علي هذه المقالة كأنك ليست لك بنفسك رحمة ولا ترين لها حقا.

فقالت المطوقة: لا تلمني على ما أمرتك به، فإنه لم يحملني على ذلك إلا أني تلكفت الرئاسة على جماعة هؤلاء الحمام، فلذلك لهن علي حق، وقد أدّين إليّ حقي في الطاعة والنصيحة، وبطاعتهن ومعونتهن نجّانا الله من صاحب الشرك. وتخوّفت، إن أنت بدأت بقطع عقدي، أن تملّ وتكسل عند فراغك من ذلك عن بعض ما بقي من عقدهن. وعرفت أنك، إن بدأت بهن وكنت أنا الآخرة، أنك لا ترضى، وإن أدركك الفتور والملل أن تدع معالجة قطع وثاقي عني.
قال الجرذ: وهذا مما يزيد أهل المودة لك والرغبة فيك رغبة ووداً.

ثم أخذ الجرذ في قرض الشبكة حتى فرغ منها، وانطلقت المطوقة وحمامها إلى مكانهن راجعات آمنات.

فلما رآى الغراب صنيع الجرذ وتخليصه الحمام، رغب في مصادقة الجرذ وقال: ما أنا من مثل ما أصاب الحمام بآمن، ولا أنا عن الجرذ ومودته بغنىً.
فدنا من جحر الجرذ، ثم ناداه باسمه فأجابه الجرذ: من أنت؟
قال: أنا غراب كان من أمري كيت وكيت، وإني رأيت من أمرك ووفائك لأخلائك الحمام ما رأيت، فتبين لي صفاء ودّك وحسن صداقتك فرغبت في إخائك، وجئتك لذلك.
قال الجرذ: ليس بيني وبينك سبب تواصل، وإنما ينبغي للعاقل أن يطلب ما يجد إليه سبيلاً ويترك ما طلب ما لا يكون، لئلاً يعد جاهلاً فيشيه رجلاً أراد أن يجري السفن في البرّ والعجل على الماء. وكيف يكون بيني وبينك تواصل وإنما أنا طعام لك؟
قال الغراب: اعتبر بعقلك أن أكلي إياك، وإن كنت لي طعاماً، لا يغني عني شيئا، وأن بقاءك ومودتك أيسر لي وآمن ما بقيت. ولست حقيقاّ إذ جئت أطلب مودتك أن ترجعني خائباً
قال الجرذ: إن أشد العداوة عداوة الجوهر، فإن الماء، وإن أسخن وأطيل إسخانه، فليس يمنعه ذلك من إطفاء النار إذا صبّ عليها.
قال الغراب: قد فهمت ما تقول، وأن حقيق أن تأخذ بفضل خليقتك وتعرف صدق مقالتي ولا تصعّب الأمر فيما بني وبينك بقولك: “ليس لنا إلى التواصل سبيل”. فإن العقلاء الكرماء يبتغون إلى كل معروف وصلة وسبيلاً. والمودة بين الصالحين بطيء انقطاعها، سريع اتصالها.

وأنا إلى ودك محتاج، وأنا لازم بابك وغير ذائق طعاما حتى تؤاخيني وتواصلني.
قال الجرذ: قد قبلت إخاءك. فإني لم أردد ذا حاجة قط عن حاجته، وإنما ابتدأتك بما ابتدأتك به للاعتذار عن نفسي. فإن أنت غدرت بي لا تقل: وجدت الجرذ ضعيف الرأي، سريع الانخداع.
ثم خرج من جحره، فقام عند الباب، فقال له الغراب: ما يحبسك عند باب الجحر؟ وما يمنعك من الخروج إلي والاستئناس بي؟ أفي نفسك ريبة بعد؟
قال الجرذ قد وثقت بذات النفس ومنحتك مثل ذلك من نفسي. وليس يمنعني من الخروج إليك سوء ظن، ولكني قد عرفت أن لك أصحاباً جوهرهم كجوهرك، وإنما رأيهم فيّ ليس كرأيك، فأنا أخاف أن يراني بعضهم معك فيهلكني.
قال الغراب: إن من علامة الصديق أن يكون لصديق صديقه صديقاً، ولعدو صديقه عدوا، وإنه ليس لي بصاحب ولا صديق من لم يكن له محبا. وإنما تهون عليّ قطيعة من كان كذلك،
تلع من ريحانه معه.
ثم إن الجرذ خرج إلى الغراب، فتصافحا وتعانقا وتصافيا، واستأنس كل واحد منهما بصاحبه، فأقاما على ذلك أياما إلى ما شاء الله.
ومضت بينهما على ذلك مدة من الدهر، حتى قال الغراب يوماً للجرذ: إن جحرك قريب من طريق الناس، وأنا أخشى على نفسي من ذلك، وقد عرفت مكاناً ذات عزلة وخير وبركة، ولي فيه صديق من السلاحف، وهناك عين كثيرة السمك، وأنا واجد عندها ما آكل، وأريد أن أنطلق إليها فأعيش معها آمنا.
قال الجرذ: وأنا أحب أن أنطلق معك فإني لمكاني هذا كاره.
قال الغراب: وما تكره من مكانك؟
قال الجرذ: إن لي أخباراً وقصصاً سأقصها عليك لو انتهينا إلى المكان الذي تريد.
فأخذ الغراب بذنب الجرذ، فطار به حتى بلغ حيث أراد. فلما دنا من المكان الذي فيه السلحفاة، ورأت السلحفاة غراباً ومعه جرذ ذعرت منه، ولم تعلم أنه صاحبها، فغاصت في الماء، فوضع الغراب الجرذ، وقعد على شجرة فنادى السلحفاة باسمها، فعرفت صوته وخرجت إليه، ورحّبت به وسألته من أين أقبل. فأخبرها الغراب بقصته وقصة الصياد حين تبع الحمام، وخلاص المطوقة بواسطة الجرذ، وما كان من أمره بعد ذلك وأمر الجرذ حتى انتهينا إليها.
فلما سمعت السلحفاة شأن الجرذ تعجبت من عقله ووفائه، ورحبت به وقالت: ما ساقك إلى هذه الأرض؟
فقال الغراب للجرذ: ارو لنا الأخبار والقصص التي زعمت أنك تحدثني بها فاقصصها الآن إذ سألتك السلحفاة عنها، فإن السلحفاة منك بمثل منزلتي
فبدأ الجرذ وقال:
وجدت الفقر رأس كل بلاء، وجالبا إلى صاحبه كل مقت،
وجدت البلاء في الدنيا إنما يسوقه الحرص والشره، ولا يزال صاحب الدنيا في بلية وتعب ونصب، ووجدت تجشم الأسفار البعيدة في طلب الدنيا أهون علي من بسط اليد إلى السخى بالمال، ولم أر كالرضا شيئا،
وكان لي صديق من الحمام، فسيقت إلي بصداقته صداقة. ثم ذكر لي الغراب ما بينك وبينه من المودة، وأخبرني أنه يريد إتيانك، فأحببت أن آتيك معه، فكرهت الوحدة، فإنه لا شيء من سرور الدنيا يعدل صحبة الإخوان، ولا غم فيها يعدل البعد عنهم. وجربت: فعلمت أنه لا ينبغي للعاقل أن يلتمس من الدنيا غير الكفاف الذي يدفع به الأذى عن نفسه: وهو اليسير من المطعم والمشرب، إذا اشتمل على صحة البدن ورفاهة البال.
ولو أن رجلا وهبت له الدنيا بما فيهان لم يك ينتفع من ذلك إلا بالقليل الذي يدفع به عن نفسه الحاجة: فأقبلت مع الغراب إليك على هذا الرأي، وأنا لك أخ، فلتكن منزلتي عندك كذلك.
صورة
فلما فرغ الجرذ من كلامه أجابته السلحفاة بكلام رقيق عذب، وقالت: قد سمعت كلامك، وما أحسن ما تحدثت به!
، ولا تحزن لقلة المال: فإن الرجل ذا المروءة قد يكرم على غير مال: كالأسد الذي يهاب، وإن كان رابضا، والغني الذي لا مروءة له يهان وإن كان كثير المال: كالكلب لا يحفل به،
فلما سمع الغراب كلام السلحفاة للجرذ وردها عليه وملاطفتها إياه فرح بذلك وقال: لقد سررتني وأنعمت علي، وأنت جديرة أن تسري نفسك بمثل ما سررتني به. وإن أولى أهل الدنيا بشدة السرور من لا يزال عنده منهم جماعة يسرهم ويسرونه، ويكون من وراء أمورهم وحاجاتهم بالمرصاد: فإن الكريم إذا عثر لا يأخذ بيده إلا الكرام: كالفيل إذا وحل لا تخرجه إلا الفيلة. فبينما الغراب في كلامه، إذ أقبل نحوهم ظبي يسعى، فذعرت منه السلحفاة، فغاصت في الماء، وخرج الجرذ إلى جحره، وطار الغراب فوقع على شجرة.
ثم إن الغراب حلق في السماء لينظر هل للظبي طالب؟ فنظر فلم ير شيئا؛ فنادى الجرذ والسلحفاة، وخرجا، فقالت السلحفاة للظبي، حين رأته ينظر إلى الماء: اشرب إن كان بك عطش، ولا تخف: فإنه لا خوف عليك. فدنا الظبي فرحبت به السلحفاة وحيته وقالت له: من أين أقبلت؟ قال: كنت أسنح بهذه الصحارى فلم تزل الأساورة تطردني من مكان إلى مكان حتى رأيت اليوم شبحا. فخفت أن يكون قانصا قالت: لا تخف: فإنا لم نرى هاهنا قانصا قط، ونحن نبذل لك ودنا ومكاننا والماء والمرعى كثيران عندنا فارغب في صحبتنا. فأقام الظبي معهم وكان لهم عريش يجتمعون فيه ويتذاكرون الأحاديث والأخبار. فبينما الغراب والجرذ والسلحفاة ذات يوم في العريش غاب الظبي فتوقعوه ساعة فلم يأت. فلما أبطأ أشفقوا أن يكون قد أصابه عنت، فقال الجرذ والسلحفاة للغراب: انظر هل ترى مما يلينا شيئا؟ فحلق الغراب في السماء فنظر: فإذا الظبي في الحبائل مقتنصا فانقض مسرعا فأخبرهما بذلك فقالت السلحفاة والغراب للجرذ: هذا أمر لا يرجى فيه غيرك، فأغث أخاك، فسعى الجرذ مسرعا، فأتى الظبي، فقال له: كيف وقعت في هذه الورطة وأنت من الأكياس؟ قال الظبي: هل يغني الكيس مع المقادير شيئا، فبينما هما في الحديث إذ وافتهما السلحفاة فقال لها الظبي. ما أصبت بمجيئك إلينا: فإن القانص لو انتهى إلينا وقد قطع الجرذ الحبائل استبقه عدوا، وللجرذ أحجار كثيرة، والغراب يطير وأنت ثقيلة: لا سعى لك ولا حركة وأخاف عليك القانص. فقالت: لا عيش مع فراق الأحبة وإذا فارق الأليف أليفه فقد سلب فؤاده، وحرم سروره، وغشى بصره، فلم ينتهي كلامهما حتى وافى القانص، ووافق ذلك فراغ الجرذ من قطع الشرك، فنجا الظبي بنفسه، وطار الغراب محلقا ودخل الجرذ بعض الأحجار ولم يبق غير السلحفاة،
صورة
ودنا الصياد فوجد حبالته مقطعة، فنظر يمينا وشمالا فلم يجد غير السلحفاة تدب، فأخذها وربطها، فلم يلبث الغراب والجرذ والظبي أن اجتمعوا فنظروا القانص قد ربط السلحفاة فاشتد حزنهم، وقال الجرذ: ما أرانا نجاوز عقبة من البلاء إلا صرنا في أشد منها. ولقد صدق الذي قال: لا يزال الإنسان مستمرا في إقباله ما لم يعثر، فإذا عثر لج به العثار وإن مشى في جدد الأرض. وحذري على السلحفاة خير الأصدقاء التي خلتها ليست للمجازاة ولا لالتماس مكافأة، ولكنها خلة الكرم والشرف، خلة هي أفضل من خلة الوالد لولده، خلة لا يزيلها إلا الموت. ويح لهذا الجسد الموكل به البلاء الذي لا يزال في تصرف وتقلب، ولا يدوم له شيء، ولا يلبث معه أمر: كما لا يدوم للطالع من النجوم طلوع، ولا للآفل منها أفول، لكن لا يزال للطالع منها آفلا، والآفل طالعا، وكما تكون آلام الكلوم وانتقاض الجراحات، كذلك من قرحت كلومه بفقد إخوانه بعد اجتماعه بهم.
فقال الظبي والغراب للجرذ: إن حذرنا وحذرك وكلامك، وإن كان بليغا، كل منها لا يغني عن السلحفاة شيئا، وإنه كما يقال: إنما يختر الناس عند البلاء، وذو الأمانة عند الأخذ والعطاء، والأهل والولد عند الفاقة، كذلك يختبر الإخوان عند النوائب. قال الجرذ: أرى من الحيلة أن تذهب أيها الظبي فتقع بمنظر من القانص: كأنك جريح، ويقع الغراب عليك كأنه يأكل منك، وأسعى أنا فأكون قريبا من القانص، مراقبا له، فعله أن يرمي ما معه من الآلة، ويضع السلحفاة، ويقصدك طامعا فيك، راجيا تحصيلك. فإذا دنا منك ففر عنه رويدا: بحيث لا ينقطع طمعه منك، ومكنه من أخذك مرة بعد مرة، حتى يبعد عنا، وانح منه هذا النحو ما استطعت: فإني أرجو ألا ينصرف إلا وقد قطعت الحبائل عن السلحفاة، وأنجو بها. ففعل الغراب والظبي ما أمرهما به الجرذ، وتبعهما القانص، فاستجره الظبي، حتى أبعده عن الجرذ والسلحفاة، والجرذ مقبل على قطع الحبائل، حتى قطعها، ونجا بالسلحفاة، وعاد القانص مجهودا لاغبا فوجد حبالته مقطعة. ففكر في أمره مع الظبي المتظالع، فظن أنه خولط في عقله وفكر في أمر الظبي والغراب الذي كأنه يأكل منه وقرض حبالته فاستوحش من الأرض وقال: هذه أرض جن أو سحرة. فرجع موليا لا يلتكس شيئا ولا يلتفت إليه. واجتمع الغراب والظبي والجرذ والسلحفاة إلى عريشهم سالمين آمنيين كأحسن ما كانوا عليه. فإذا كان هذا الخلق مع صغره وضعفه قد قدر على التخلص م مرابط الهلكة مرة بعد أخرى بمودته وخلوصها وثبات قلبه عليها واستمتاعه مع أصحابه بعضهم ببعض فالإنسان الذي قد أعطي العقل والفهم. وألهم الخير ولا شر ومنح التميز والمعرفة، أولى وأحرى بالتواصل والتعاضد. فهذا مثل إخوان الصفاء وأتلافهم في الصحبة.

_________________



مولاي صل وسلم دائما أبداعلى حبيبك خير الخلق كلهم
اللهم صل على هذا النبى الأمين وأجعلنا من خاصة المقربين لديه السعداء وعلى آله وسلم حق قدره ومقداره العظيم




أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: قصص و حكايات على ألسنة الحيوانات
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين يونيو 27, 2016 5:10 pm 
غير متصل

اشترك في: الخميس مايو 30, 2013 5:51 am
مشاركات: 35060
قصص و حكايات على ألسنة الحيوانات




كم من مستضعف حقير صدر منه بالحيلة أمر خطير وبحسن التدبير ومساعدة التقدير تم له أمر كبير



وناهيك قصة الفارة مع رئيس الحارة وما فعلته إذ ختلته إلى أن قتلته فسال حيدره عن تلك المأثرة
صورة
(فقال) بلغني النفيس أنه كان رئيس ضيق العطن خسيس له زوجة ذات صيانة ودين وأمانة لم تزل تتجنب الخيانة وتتعاطى العفة والرزانة وله دجاجة تبيض على الدوام فيسرق بيضتها أبو راشد وهم نيام
صورة
فإذا افتقد الرئيس بيضته طالب زوجته فتحلف إنها ما رأتها ولا تعرف يدا أخذتها فيؤلمها سبا ويوجعها ضربا ولا يصدق قولها ولا يرحم عولها ففي بعض الأحيان رأت المرأة الجرذان وهو يجر البيضة إلى حجره وقد بلغ بها باب وكره فدعت بعلها لتريه الفار وفعلها فعلم براءة ساحتها وعمل على راحتها واعتذر إليها وطلب الفارة وحنق عليها وأعمل المكيدة ونصب للفارة دون البيضة مصيدة فلما رأت الفارة علمت أن وراءه الدرك فشعرت بما وضع عليه فلم تقدم إليه إلى أن زار الجرذان أحد أقاربه من الفيران فلم يجد شيأ يضيفه فاعتذر إلى الضيف بما هو مخيفة وأراه البيضة سعاد وأن دونها خرط القتاد وكان الضيف الغر لا يعرف هرا بر فحمله السفه والحرص والشره على أن قال أنا أخوض هذه الأهوال وأرد من الموت حوضه وأصل إلى هذه البيضة ثم قصد المصيدة فقبضت وريده وفجعت وليده ووديده فتنكدت الفارة وتكدرت والتظت أحشاؤها وتسعرت وتألمت لموت ضيفها وبلغ جيرانها حديث ضيفها فخجلت منهم واختفت عنهم وشاعت قضيتها وذاعت بليتها فلم تجد لبرد النار سوى أخذ الثار فأخذت تفتكر في وجه الخلاص فرأت أنها لا تخلص من عتب الجيران إلا بالقصاص فشرعت في تعاطي أخذ الثار من صاحب الدار

وكان لها صاحبة قديمة عقرب خبيثة لئيمة معدن السموم في زبان إبرتها وطعم المنايا مودع في شوكتها
صورة
فتوجهت إليها وترامت عليها وقالت إنما تدخر الأصحاب للشدائد ولدفع الضرر والمكائد وإنزال الداء بساحة الأعداء ولأخذ الثار والانتقام من المعتدين اللئام وقصت عليها القصة وطلبت إزاحة هذه الغصة وأن تأخذ لها بضرباتها القصاص ليحصل لها بين جيرانها من العتب الخلاص فأجابتها إلى ما سألت وأقبلت إلى وكر الفارة بما اقتبلت وأخذا في أعمال الحيلة قادت أفكارهما الوبيلة إلى أن تخدعا صاحب البيت بالذهاب وتلقياه بذلك في اللهب تم أمهلا إلى أن دخل الليل وشرعا في إيصال الويل فأخرجت الفارة دينارا وألقته في صحن الدار ووضعت آخر عند حجر الفار وأظهرت نصف دينار من ذلك الذهب وسترت النصف الآخر عند العقرب واستترت العقرب بجناح السكون تحت ذيل الكمون وقد عبت في زبانها ريب المنون فلما أصبح الصباح ونودي بالفلاح وجد صاحب الدار في وسطها الدينار فتفاءل بسعد نهاره ولم يعلم أنه علامة دماره ففتح عينيه ونظر حواليه فرأى عند حجر الفار أخا الدينار ففرح وطار ونشط واستطار وزاد في الطلب على بقية الذهب فرأى نصف دينار داخل حجر الفار فمد يده إليه وأعمى القضاء عينيه عما قدره الله عليه فضربته العقرب ضربه قضى منها نحبه فبرد مكانه ولاقى هوانه وأخذت الفارة ثأرها وقضت من عدوها

_________________



مولاي صل وسلم دائما أبداعلى حبيبك خير الخلق كلهم
اللهم صل على هذا النبى الأمين وأجعلنا من خاصة المقربين لديه السعداء وعلى آله وسلم حق قدره ومقداره العظيم




أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: قصص و حكايات على ألسنة الحيوانات
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء يونيو 28, 2016 3:15 pm 
غير متصل

اشترك في: الخميس مايو 30, 2013 5:51 am
مشاركات: 35060
قصص و حكايات على ألسنة الحيوانات

صورة

فاعلم أن الوهم يصدر كالسهم و أن سهم الوهم يقتل صاحبه


ذكر أنه في بعض العصور والمعاصر حمار في مدار يستعملونه بالليل والنهار إلى أن حصل له الكبر ورمى بالعبر وابتلى باطنا بالجوع وظاهرا بالدبر وعجز عن العمل وانقطع منه الأمل فتركه أصحابه واعتقوه وفي بعض المراعي أطلقوه فصار يمرح وفي تلك المروج يسرح إلى أن خرج إلى الصحرا وانفرد في رياض الفلا فوصل إلى بعض الآجام وحصل له النشاط التام إلى أن صح بدنه وسمن وبرأ دبره وأمن وأخذه البطر واستولى عليه الأشر واستخفه الطيش وطيب العيش وصار في تلك المراعي يتردد ذهابا وإيابا كالساعي فيسدي ويلحم في شقتها ويفصل مهما اختار من مزهرخرقتها وينهق على عادة الحمير فيملأ تلك الأماكن من الشهيق والزفير وكان في تلك الآجام أسد متخبس يسمى الشبل بن المتأنس كان أبوه ملك تلك الأماكن قد نشأ بها وهو فيها ساكن شاب غرير لم يكن يعرف الحمير ولا طرق سمعه شهيق ولا زفير بل ولا خرج من تلك الآجام ولا عرف تصرفات الأيام وكان أبوه قتل في الاصطياد وتفرقت عنه العساكر والأجناد فنشأ وحيدا يتيما واسمر فيها مقيما

فلما سمع صوت الحمار أخذته الرعدة والاقشعرار واستولى عليه الهلع فقعد عن الاصطياد وانقطع وصار كلما نهق هرب واختفى من الفرق وغلب عليه الدهش إلى أن كاد يموت من الجوع والعطش وصار الحمار يتردد إلى عين كان الأسد يسكن منها سورة الظمأ فما اجتر أبعد ذلك على الورود وأضر به الخوف والانقطاع والقعود فلما كاد العطش أن يقتله توجه إلى العين محفوفا بالحيرة والوله فوجد الحمار واقفا عندها
صورة
وأدرك الحمار خوفه منه بالدها فتقدم إليه وصوب نحوه أذنيه وحملق عينيه فبدر من الأسد صرخة وقال للحمار ايش أنت ولأي شيء هاهنا سكنت وجعل يرجف وفي قيد الخوف يرسف فعلم الحمار أن الأسد خار فقال بجنان جرى وبيان قوى أنا في هذا المكان أفرق رزق الحيوان وقد أقمت أحوش أرزاق الوحوش ثم أقسمها بينهم وأملأ جوفهم وعينهم فقال الأسد أني جيعان ولي مدة عطشان فاعطني من الأكل رزقي وافرز لي من الماء حقي فقال بوجه مقطب ادن إلى الماء واشرب فدنا وشرب وهو خائف مضطرب ثم قال أنا جائع فأطعمني وعجل ولا تحرمني فلي مدة من الجوع لا قرار لي ولا هجوع فقال الحمار تعالى معي إلى موضعي لتعرف مكاني وتقرر جرايتك في ديواني فذهبا في طريق حتى وصلا إلى نهر ماء عميق فأراد العبور فقال الأسد الهصور هذا الماء عميق وكم فيه من غريق فاحملني في الذهاب وأنا أحملك في الإياب فأجابه الحمار وحمله وخاض به ونقله فانشب الأسد الأظافر في كاهل الحمار وثقل عليه فلم يتأثر ولم يلتفت إليه فزاد وهمه من الحمار وقال هذا رأس الدعار ثم سارا ساعة أخرى فرأيا في طريقهما نهرا فطلب الحمار الوثوب وقال هذه نوبتي في الركوب ثم طفر على الأسد وثقل عليه الجسد وتمكن عليه وأرخى يديه ورجليه
صورة

فتضرر من ثقله وابتلى بشر عمله ثم تورك عليه وانشب في كاهله مسامير نعليه فماج ومار وقد أثرت فيه حوافر الحمار فقال له أثبت وآلك فما حولك تحت وأحالك فقال يا أخي حرت في أمري لقد أوجعتني وقصمت ظهري وكان يكفيني جوعي وقلتي وخضوعي وما أدري هذا الضرر البلا من أين أقبلا فقل لي ما الذي انشبته في كاهلي ونزلت به من حافرك في ساحلي فقال هذه مسامك لطلاب الجرايات والجوامك وهي أربعون مسمار لا بد أن تثبت كلها في قفاك حتى يترصع لك اسم في الديوان وإلا فالرزق لا يحصل بالهو ينابل بالهوان يا أخاه اتركني لوجه الله وارفق بي رفق وما أريد منك رزقا ودعني بالأمانة ووفر الجراية على الخزانة ولا رأيتك ولا أريتني ولا عرفتك ولا عرفتني فأني أتقوت من حشيش الأرض

صورة
وخشاشها واستعد لمعاد نفسي بالرفق في معاشها فنزل عنه الحمار وتركه وسار فهرب منه بعد ما ودعه وولى يلتفت يمينا وشمالا لئلا يتبعه
فاعلم أن الوهم يصدر كالسهم و أن سهم الوهم يقتل صاحبه


_________________



مولاي صل وسلم دائما أبداعلى حبيبك خير الخلق كلهم
اللهم صل على هذا النبى الأمين وأجعلنا من خاصة المقربين لديه السعداء وعلى آله وسلم حق قدره ومقداره العظيم




أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: قصص و حكايات على ألسنة الحيوانات
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء يونيو 29, 2016 4:42 pm 
غير متصل

اشترك في: الخميس مايو 30, 2013 5:51 am
مشاركات: 35060
قصص و حكايات على ألسنة الحيوانات



صورة
سمعت مخبرا أنه كان في بعض القرى ديك حسن الخلق ديك مرت به التجارب وقرأ تواريخ المشارق والمغارب ومضى عليه من العمر سنون واطلع من حوادث الزمان على فنون وقاسى حلوه ومره وعانى حره وقره وقطع للثعالب شباك مصايد وتخلص لأبن آوى من ورطات مكايد ورأى من الزمان وبنيه نوائب وشدائد وحفظ وقائع لبنات آوى وثعالب وطالع من كتب حيلها طلائع كتائب وأحكم من طرائقها عجائب وغرائب فاتفق له في بعض الأحيان أنه وقف على بعض الجدران فنظر في عطفيه وتأمل في نقش برديه فرأى خيال تاجه العقيقي ونظر إلى خده الشقيقي ونفض بزائله المنفش وسراويله المنقش والثوب الذي رقمه نقاش القدرة من المقطع والمبرقش فأعجبته نفسه وأذن فاطريه حسه وتذكر ما قاله الأسعد المادح في المعتصم بن صمادح وهو:
كأن أنوشروان أعطاه تاجه ... وناطت عليه كف مارية القرطا
سبى حلة الطاوس حسن لباسه ... ولم يكفه حتى سبي المشية البطا
فصار يتيه ويتبختر ويتقصف ويتمخطر فاستهواه التمشي سويعة حتى أبعد عن الضيعة فصعد إلى جدار وكان قد انتصف النهار فرفع صوته بالأذان فأنسى صوته الكناني والدهان
فسمعه ثعلب فقال مطلب وسارع من وكره وحمل شبكة مكره وتوجه إليه فرآه فسلم عليه فلما أحس به أبو اليقظان طفر إلى أعلى الجدران ثم حياه تحية مشتاق وترامى لديه ترامي العشاق
صورة
وقال أنعش الله بدنك وروحك وروى من كاسات الحياة غبوقك وصبوحك فانك أحييت الأرواح والأبدان بطيب النغم والصياح في الآذان فان لي زمانا لم أسمع بمثل هذا الصوت وقاك الله نوائب الفوت ومصائب الموت وقد جئت لأسلم عليك وأذكرك ما أسدى من النعم إليك وأبشر ببشارة وهي أربح تجارة وأنجح من الولاية والأمارة لم يتفق مثلها في سالف الدهر ولا يقع نظيرها إلى آخر العصر وهي أن السلطان أيد الله بدولته أركان الإيمان أمر مناديا فنادى بالإيمان والأطمئنان وأجراء مياه العدل والإحسان من حدائق الصحبة والصداقة في كل بستان وأن تشمل الصداقة كل حيوان من الطير والوحوش والحيتان ولا يقتصر فيها على جنس الإنسان فيتشارك فيها الوحوش والسباع والبهائم والضباع والأروى والنعام والصقروالحمام والضب والنون والذباب وأبو قلمون ويتعاملون بالعدل والأنصاف والإسعاف دون الأعساف ولا يجري بينهم إلا المصادقة وحسن المعاشرة والمرافقة فتمحى من لوح صدورهم نقوش العداوة والمنافقة فيطير القطا مع العقاب وببيت العصفور مع الغراب ويرعى الذئب مع الأرنب ويتآخى الديك والثعلب وفي الجملة لا يتعدى أحد على أحد فتأمن الفارة من الهرة والخروف من الأسد وإذا كان الأمر كذا فقد ارتفع الشر والأذى فلا بد أن يتمثل هذا المرسوم ويترك ما بيننا من العداوة والخلق المذموم ويجري بيننا بعد اليوم المصادقة وتنفتح أبواب النمحبة والمرافقة ولا ينفر أحد منا صاحبه بل يراعي مودته ويبالغ في حفظ جانبه وجعل الثعلب يقرر هذا المقال والديك يتلفت إلى اليمين والشمال ويحتاط غاية الاحتياط ولا يلتفت إلى هذا الهذيان الخياط فقال الثعلب يا أخي مالك عن سماع كلامي مرتخي أنا أبشرك ببشائر عظمه لم تنفق في الأعصر القديمة وإنما برزت بها مراسيم مولانا السلطان الجسيمة وأراك لا تلتفت إلى هذا الكلام ولا تسر بهذا اللطف العام ولا تلتفت إلي ولا تغول علي وتستشرف على بعد الشيء فهلا أخبرتني بما أضمرت ونويت وتطلعني فيما تتطاول إليه على ما رأيت حتى أعرف في أي شيء أنت وهل ركنت إلى أخباري وسكنت فقال أرى عجاجا ثائرا ونقعا إلى العنان فائرا وحيوانا جاريا كأنه البرق ساريا ولا عرفت ما هو ولكنه أجرى من لهوا فقال أبو الحصين وقد نسي المكر والمين بالله يا أبا نبهان حقق لي هذا الحيوان فقال حيوان رشيق له آذان طوال وخصر دقيق لا الخيل تلحقه ولا الريح تسبقه فرجفت قوائم الثعلب وطلب المهرب فقال أبو المنذر تلبث يا أبا الحصين وأصبر حتى أحقق رؤيته وأتبين ما هيته فانه يا أبا الحصين يسبق طرف العين ويكاد أبا النجم يخلف النجم في الرجم فقال أخذني فؤادي وما هذا وقت التمادي ثم أخذ يسلح وولى وهو يصدح بقوله:
لابس التاج العقيقي ... لا تقف في طريقي
إن يكن ذا الوصف حقا ... فهو والله السلوق
الكلب

صورة
فقال الديك وإذا كان وقد قلت إن السلطان رسم بالصلح بين سائر الحيوان فلا بأس منه عليك فتلبث حتى يجيء ويقبل يديك وتعقد بيننا عقود الصداقة ويصير رفيقنا ونصير رفاقه فقال ما لي برؤيته حاجة فدع عنك المحاجة واللجاجة فقال أو ما زعمت يا أبا وثاب إن السلطان رسم الأعداء والأصحاب أن يسلكوا طرائق الأصدقاء والأحباب فلو خالف المرسوم هذا الكلب لما قابله الملك إلا بالقتل والصلب قال لعل هذا المشوم لم يبلغه المرسوم ثم ولى هاربا وقصد للخلاص جانبا

_________________



مولاي صل وسلم دائما أبداعلى حبيبك خير الخلق كلهم
اللهم صل على هذا النبى الأمين وأجعلنا من خاصة المقربين لديه السعداء وعلى آله وسلم حق قدره ومقداره العظيم




أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: قصص و حكايات على ألسنة الحيوانات
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس يونيو 30, 2016 4:42 pm 
غير متصل

اشترك في: الخميس مايو 30, 2013 5:51 am
مشاركات: 35060
قصص و حكايات على ألسنة الحيوانات


صورة

ذكران حائكا من الحياك كانت له زوجة تخجل شمس الأفلاك صورتها مليحة وسيرتها قبيحة فشم زوجها روائح ما هي عليه من القبائح وخاف أن يؤدي إلى الفضيحة فطلب تحقيق ذلك ليوصلها إلى المهالك فقال لها أريد ضيعه لأجل بيعه فأغيب أياما يسيره لفائدة كثيرة فارصدي بابك وأسدلي حجابك واحفظي من الشر جنابك فقالت بيت أنت رئيسه ومثلي قعيدته وعروسه أنى يحوم حوله فساد فأدرك سوقك قبل الكساد وجزته أسرع جهاز كالمتوجه إلى الحجاز فسافر من غير مريه ثم رجع إلى البيت في خفية واختبأ تحت السرير لينظر ما يجري فبادرت إلى النار ونفخت وأسرعت إلى الطعام وطبخت وخرجت تدو مرامها وقد هيأت طعامها فخرج زوجها من المخبأ وأتى على الطعام المهيأ ورجع إلى مكانه ونام بعد أكله الطعام فجاءت المرأة بحريفها وقصدت الطعام لمضيفها فصادفت يدها الحصير فعرفت أن البلاء تحت السرير فأخذت تطلب المخلص من ذلك المنقص واتفق أن الملك رأى مناما هاله ولكن نسي هيئته وحاله فقصد من يخبره برؤياه ويعبرها له فنادى في الورى يطلب لمنامه مخبرا ومعبرا وبينما تلك الفاجرة على حيلة الخلاص دائرة وفي بحر الأفكار حائرة سمعت المنادي ينادي في كل نادي من يدل الملك الهمام على معبر المنام فله مزيد الإكرام والإنعام العام فسارعت المرأة إلى باب الأمير وقالت قد سقطت على الخبير أن لي زوجا حكيما بتعبير المنامات عليما لكنه يتعزز وعن تعبيرها يتحرز فلا يفوه بالتعبير إلا بعد ضرب كثير وأنه ليس له في ذلك نظير فأرسل وراءه وأكرم لقاءه ثم قال له بعد إكرام أوصله ووعده بأنعام وصله رأيت مناما راعني وفي الحيرةوالفكر أضاعني فدع عنك الاحتشام وأخبرني عن ذلك المنام ثم عبره لي فقد أخبرت أنك حبيب لله ولي فقال يا مولانا الملك أنا في الجهل منهمك حائك فقير ليس لي من العلم نقير ولقد كذب علي من نسب العلم إلي والعين تعرف العين أنا من أين وتعبير الرؤيا من أين فما صدقه ولا في كلام استوثقه وصدق قول المرأة فيه بإيصاله ما ينكيه
صورة
ثم طلب المقارع وشدوا منه الأكارع وضربوه ضربا أعسفه إلى أن كاد أن يتلفه فنادى الأمان الأمان أمهلني ثلاثة أيام من الزمان فتركوه وأمهلوه وقيده أطلقوه فصار يدور في الخرائب ويتضرع تضرع النائب ففي ثالث الأيام وقد أيقن بحلول الحمام دخل إلى مكان خراب وأخذ في البكاء والانتحاب فنادته حية من الشقوق مالك تنتحب يا ذا العقوق فأخبرها بحاله وما جرى عليه من نكاله فقالت ما ذا تجعل لي من الأنعام إذا أخبرتك بما رآه الملك في المنام ثم فضضت عن تعبيره مسك الختام قال أكون لك عبدا وصيفا وأعطيك مما أعطى نصيبا قالت إن الملك رأى في منامه أن الجو يمطر من غمامه أسود ونمور وفهودا وببور وأن السماء في ذلك تمور وتعبير هذا المنام والله أعلم أنه يظهر في هذا العام للملك أعداء كواسر وحساد جواسر يقصدون هلكه ويريدون ملكه وسيطفئ نار كيدهم بمياه سيوفه ويسقيهم من رحيق فتوحه كاسات حتوفه فكشفت غمته ثم أصلح لباسه وعمته وقصد باب الملك ونادى غير مرتبك وذكر المنام وعبره ووعد السلطان بالنصر وبشره فتذكر المنام وحققه واعتمد عليه وصدقه وأمر له بألف دينار وصار له عند الملك بذلك الاعتبار فأخذ الذهب مجبورا وانقلب إلى أهله مسرورا ثم افتكر ما اشترطه مع الحية فأبت عن الوفاء نفسه الشقية وخاف أن تطالبه بحصتها أو تفضحه بقصتها فلم يري أوفق من قتلها وسد ذريعة سلبها فأخذ عصا ورام بذلك مخلصا وقصد مأواها ووق فناداها فخرجت مسرعة إليه وأقبلت بالوداد عليه
صورة

فرأت العصا بيمينه فعلمت أنه ناكث بيمينه فولت هاربة فضربها ضربة خائبة لكنه جرحها وعمد إلى نفسه ففضحها وتركها وذهب فائزا بالذهب فاتفق أن في العام الثان رأى السلطان مناما أقلقه وعن نومه أرقه ومن شدة أهواله محاه الوهم عن لوح خياله فدعا المعبر المعهود إليه وقص حاله عليه وطلب منه صورة المنام وما يترتب عليه من كلام فاستمهله الأيام المعدودات وقصد رئيسة الحيات وناداها عجلا ووقف في مقام الاعتذار خجلا فقالت أي غدر كيف استحليت ما مضى من فعلك ومر بأي وجه تقابلني
صورة
وتخاطب وقد قصدت عطبي بعد ما خلصتك من المعاطب وقابلت إحساني بالسوء ولكن غدرك بك يبوء فقال عفا الله عما سلف والصداقة بيننا من اليوم تؤتنف ثم أنشأ أيمانا أنه يبدل الإساءة إحسانا وأنه لا يخون ولا يمين فيما يقع عليه العهد واليمين بل يعود إلى العهود ومهما وقع عليه الاتفاق لا يمازجه خلف ولا نفاق فقلت أريد جميع الجائزة لأكون بها فائزة ولها حائزة فأجابها إلى ما سألت وعاهدها على ذلك فقبلت وقالت رأي الإمام في هذا المنام أن السماء تمطر قردة وفيرانا وثعالب وجرذانا وتعبير هذه الرؤيا وكلمة الله هي العليا في هذا العام والشهور والأيام يكثر اللصوص والعيارون والمكرة والطرارون ويظهر في العساكر كل حسود ماكر وشيطان داعر ولكن صولة الملك تمحقهم وصواعق سيوفه تصعقهم فأسرع إلى السلطان وخبره بما رآه في منامه وعبره فقال بالحق أتيت هذا الذي كنت رأيت ثم أمر له بجائزة سنية وخلعة بهية فصار في عيشة مرضة وحياة هنية وسلك طريقته الدنية فلم يلتفت إلى عهوده القوية ونبذ عهد الحية الحبية وقال يكفيها مني كفي عنها فلا تطالب مني ولا أطلب منها ثم أن السلطان رأى في المنام في ثالث الأعوام مناما آخر ونسيه فأرسل إلى المعبرة فغشيه من يم الهم ما غشيه وسأله عما رآه وطلب منها تعبير رؤياه فطلب كما كان وأحاط به موج الهم من كل مكان ولم ير بدا من معاودة الحية فأتاها وبه من الحياء كية وناداها بصوت خاشع ووقف في مقام الذليل الخاضع فخرجت فرأته وزأرته وقالت يا خائن يا كذاب يا ناقص العهد يا مرتاب يا قليل الحياء يا كثير البذاء يا صفيق الوجه يا حقيق النجه ترى بأي لسان تخاطبني وبأي وجه تقابلني وقد ختلت وفتلت وفعلت فعلتك التي فعلت فقال لم يبق للاعتذار مجال ولا للاستقالة مقال وما ثم طريق إلا معاملتك بالأفضل فأن أفضلت أتممت الإحسان وإن رددت فعذرك واضح البيان وهذه المرة الثالثة لا تكون يمينها حانثة ولا عهودها ناكثة وأشهد الله وكفى به شهيدا أني بعد لا أنقض لك عهودا ولا أجل مما بيننا عقودا لا أخبرك بشيء أن لا تعهد إلى أن تعطيني جميع ما تعطي وتكف هما وقع منك من الخطأ فسمع مقالها وأجاب سؤالها فقالت رأى الملك في منامه كان الجو أمطر من غمامه ما ملأ الفضاء من خرافه وأغنامه وتعبير هذا المنام أنه يكون في هذا العام من الخيرات والأنعام ما يشمل الخاص والعام فتطيب الأوداء وتصالح الأعداء وتطيع العصاه وتذعن البغاة ويوافق المخالف ويكثر المحب والموالف فاحفظ ما قلت لك فقد حللت مشكلك فتوجه بصدر منشرح وخاطر مطمئن فرح وقص المنام وعبر ما فيه من الأحلام فطار الملك بالفرح وتم سروره وانشرح وأمر بالجوائز فصبت عليه وبالأموال فانهالت إليه فنعم بتلك العطبه والخلع السنية وقصد وكر الحية ثم وقف وناداها وقدم إليها كل ذلك وأعطاها وشكر لها إحسانها وتحمل جيلها وامتناعها فقالت له الحية أعلم يا أبلم أنه لا عتب عليك ولا ملام فيما جنيته أولا من الآثام ولا ما ارتكبته من العداوة والمين في العاملين الأولين ولا فضل لك في هذه السنة على ما فعلته من الحسنه فان ذينك العامين كانا مشتملين على قران النحسين فكان مقتضى حالهما فساد الزمان والعداوة بين الأصدقاء والأخوان ووقوع البغضاء والشرور والحنث والخلف وقول الزور فجريت على مقتضاهما حسب مرتضاها

والناس في طباعهم وأيامهم أشبه بزمانهم منهم بآبائهم
وهذا الأوان قد انصلح الزمان واستقام الطالع وزال الحسد والتقاطع واقتضى الزمان الصلح والصلاح والموافقة والفلاح فمشيت على موجبة وتشبثت بذيل مذهبه فخذ مالك وانصرف بارك الله لك فيه فلا حاجة لي به ولا يد لي لتقلبه

_________________



مولاي صل وسلم دائما أبداعلى حبيبك خير الخلق كلهم
اللهم صل على هذا النبى الأمين وأجعلنا من خاصة المقربين لديه السعداء وعلى آله وسلم حق قدره ومقداره العظيم




أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: قصص و حكايات على ألسنة الحيوانات
مشاركة غير مقروءةمرسل: الجمعة يوليو 01, 2016 7:47 am 
غير متصل

اشترك في: الخميس مايو 30, 2013 5:51 am
مشاركات: 35060
قصص و حكايات على ألسنة الحيوانات


صورة
كان في بعض المروج من قرى سروج نهر كثير الحيتان شديد الجريان وفي مكان من مصون مأوى المالك الحزين البلشون فكان يتصرف في السمك نصرف المالك فيما ملك قضى في ذلك عمره وزجى أوقاته في طيب عيش ومشره إلى أن أدركه المشيب ورحل عنه العمر القشيب وكساه خياط الدهر دلق ومن نعمرة ننكسه في الخلق ورأى من الكبر أصناف العبر إلى أن ضعفت قوته عن الاصطياد وجرى عليه من الآلام والأنكاد ومن نوائب الدهر ما الزمان به معتاد فصار يمر عليه برهة من الأوقات وهو عاجز عن تحصيل الأقوات فتوجه في بعض الأحيان وقد علته كآبة الأحزان ووقف على النهر متفكرا في تصرفات الدهر
صورة
فمرت به سمكة لطيفة الحركة فرأته في ذل الانكسار سابحا في بحر الأفتكار لا قدرة له ولا حركة ولا نهضة لاختطاف السمكة فلم يلتفت إليها ولا عول عليها وقد أوطأته الحوادث أقدام الهمومالكوارث وبدل ربيع شبابه بخريف الهرم وحرارة حربه ببرودة السلم فوقفت لديه وسلمت عليه وسألته عن موجب تفكره وسبب تحزنه وتحيره فقال تفكرت ما مضى من الزمان الناضر وما تقتضي فيه من طيب العيش وانشراح الخاطر وقد تبدل وجوده بالعدم ولم يحصل من ذلك سوى الذنوب والندم وقد وهنت العظام واستولى على الجسد السقام وتزلزلت أركان الأعضاء وتراكمت فنون الأدواء واشتعل الشيب وانقد وجر الآلام فما أمكنتي إلا التلافي بالتوبة والندم قبل حلول نوائب الأجل وزلة القدم والتطهر من جنابة المظالم بمياه الاستعبار والالتجاء إلى جانب الحق بالالظاظ في الاستغفار وغسل أوساخ الذنوب والمظالم بدموع الإنابة والاعتذار:
وما أقبح التفريط في زمن الصبا ... فكيف به والشيب للرأس شامل
وقد قدمت إلى هذا المكان لا تحلل من الأسماك والحيتان فأني طالما أغرت على عشائرهم وأولادهم وخضت في دماء قلوبهم وأكبادهم وشتت شملهم وخوفت جلهم وقلهم. وأرعبتهم وأرهبتهم وأقلقتهم وفرقتهم وغربتهم وبالدماء شرقتهم فرأيت براءة الذمة في الأولى أولى والمبادرة بالتوبة قبل المصير إلى الأخرى أحرى فلعل أحمال الذنوب تخف وسحائب الغفران تكف فلما سمعت السمكة هذه الخديعة ووعت ما فيها من حركة بديعة تشربتها أضلاعها ودعاها انخداعها إلى أن قالت فما ترى أيها العبد الصالح أن أتعاطاه من المصالح فقال ابلغني السمك هذا الكلام بعد إبلاغ التحية والسلام وأن يكون القوم من بعد اليوم آمنين من سطواتي سالمين من حملاتي ساكنين إلى حركاتي بحيث تتجلى الظلماء ويعود بيننا الحرب سلما وينام السمك في الماء قالت لا بد من أخذ العهود على الوفاء بهذه العقود وأقلها المصافحة على المصالحة ثم تأكيد الأيمان بخالق الأنس والجان ولكن كيف أصافيك وأنا طعمتك وأني أتخلص من فيك إذا وضعت فيه لقمتك قال لها ابرمي هذا العلف واربطي به حنكي لتأمني التلف فأخذت قبضة من الحشيش وفتلت وإلى ربط فكه أقبلت
صورة
فعندها مد منقاره إلى الماء وقربت منه السمكة العمياء لم يفتر أن اقتلعها ثم ابتلعها

_________________



مولاي صل وسلم دائما أبداعلى حبيبك خير الخلق كلهم
اللهم صل على هذا النبى الأمين وأجعلنا من خاصة المقربين لديه السعداء وعلى آله وسلم حق قدره ومقداره العظيم




أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: قصص و حكايات على ألسنة الحيوانات
مشاركة غير مقروءةمرسل: السبت يوليو 02, 2016 5:29 am 
غير متصل

اشترك في: الخميس مايو 30, 2013 5:51 am
مشاركات: 35060
قصص و حكايات على ألسنة الحيوانات


صورة


ذكروا إن الله مجري الخير علم بعض عبيده الصلحاء منطق الطير فصاحب منها هدهدا وازداد ما بينهما توددا ففي بعض الأيام مر بالهدهد ذلك الإمام وهو في مكان عال ملتفت إلى ناحية الشمال وهو مشغول بالتسبيح يسبح الله بلسانه الفصيح فناداه يا صاحب التاج والقباء والديباج لا تقعد في هذا المكان فإنه طريق كل فتان ومطروق كل صائد شيطان ومقعد أرباب البنادق ومرصد أصحاب الجلاهق فقال الهدهد أني عرفت ذلك وإنه مسلك المهالك قال فلأي شيء عزمت على القعود فيه مع علمك بما فيه من دواهيه قال أرى صبيا وأظنه غويا نصب لي فخا يروم لي فيه زخا وقد وقفت على مكايده وماصب مصايده وعرفت مكيدته أين هي وإلى ماذا تنتهي وأنا أتفرج عليه وأتقدم بالضحك إليه وأتعجب من تضييع أوقاته وتعطيل ساعاته فيما لا يعود عليه منه نفع ولا يفيده في قفاه سوى الصفع وأسخر من حركاته وأنبه من يمر على خزعبلاته فتركه الرجل وذهب وقضى حاجاته وانقلب فرأى الهدهد في يد الصبي يلعب به لعب الخلى بالشجى ولسان حاله يلهج بمقاله:
كعصفوره في يد طفل يهينها ... تقاسي حياض الموت والطفل يلعب
فلا الطفل ذو عقل في يد طفل لحالها ... ولا الطير مطلوق الجناح فيهرب
فناداه وقال: يا أبا عباد كيف وقع في شرك الصياد وقلت لي أنك وعيت ورأيت ما رأيت؟ فقال: أما سمعت أن الهدهد إذا نقر الأرض يعرف مسافة ما بينه وبين الماء ولا يبصر شعرة الفخ وذلك لينفذ ما كتبه الله تعالى وقدره من قضائه وقدره وناهيك في قضية القضاء والقدر قضية آدم أبي البشر مع موسى الكليم عليهما الصلاة والتسليم لما جرت عليه أحكام القضاء والقدر فتمت مشيئة الله تعالى السابقة في عمله وجرى ما لم تدركه عقول الفحول في ميدان إرادته من سوابق حكمه وحكمته وأنشد الهدهد:
يا سائلي عما جرى ... والعين مبصرة القدر
أو ما سمعت بأن إذا ... جاء القضا عمى البصر
وقال أيضا:
إن كنت أخطأت فما أخطأ القدر ... إن القضاء إن أتى يعمى البصر
واسمع أيها العاقل قول القائل:
إذا أراد الله أمرا لامرئ ... وكان ذا عقل وسمع وبصر
وحيلة يفعلها في دفع ما ... يأتي به محتوم أسباب القدر
أصم أذنيه وأعمى قلبه ... وسل منه عقله له سل الشعر
فلا تقل فيما جرى كيف جرى ... فكل شيء بقضاء وقدر
وأنا لما اغتررت بحدة بصري ذهلت عما يجول في فكري فتغطت حدة استبصاري فوقعت في فخ غنراري أما سمعت يا همام قول الإمام إذا حلت المقادير ضلت التدابير ثم قال
دع عنك لومي فإن اللوم إغراء ... و داوني بالتي كانت هي الداء

_________________



مولاي صل وسلم دائما أبداعلى حبيبك خير الخلق كلهم
اللهم صل على هذا النبى الأمين وأجعلنا من خاصة المقربين لديه السعداء وعلى آله وسلم حق قدره ومقداره العظيم




أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: قصص و حكايات على ألسنة الحيوانات
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأحد يوليو 03, 2016 5:59 am 
غير متصل

اشترك في: الخميس مايو 30, 2013 5:51 am
مشاركات: 35060
قصص و حكايات على ألسنة الحيوانات


صورة
بلغني إن راعيا كان يرعى ثلة من الأغنام وحميلة من المعز الجسام وفي ماشيته تيس مطاع كلها له أتباع وهو قديمها وقائدها وزعيمها وأبو نتاجها وحمو نعاجها وأصله من الشرق لم يكن بينه وبين ابليس في الشيطنة فرق اسمه الذميم التيس الزنيم وكان بواسطة الفحول والكبر والتقدم في الحضر والسفر يستطيل ويصول وينطح الكباش والوعول ويكسر أصحاب القرون من الفحول فيجرح ضعيفها ويطرح نحيفها ويضرب بخالصها لفيفها إلى أن أباد أعيانها وأعجز رعيانها وطال منه العقوق فذهب به الراعي إلى السوق ليبيعه ويستريح ويخلص الماشية من شره ويريح فبينما هو يطوف إذا برجل مهول مخوف طويل القامة كبير الهامة كأنه زبنى القيامة شثن اليدين أزرق العينين أسود الخفين بثوب غير نظيف وسطه محزوم بسير مبزوم فصادف الراعي وهو في السوق ساعي فمد يده إلى التيس وقال بكم هذا يا أبا الكيس فوقع بينهما الاتفاق ووقع الزنيم في شبكة الرباق فتأمل شكل القصاب وصورته القاضية بالعجاب
صورة
فرأى رجلا كأنه من الشياطين معلقا في وسطه عدة سكاكين فدخله الرعب ورجف من الرهب وأدرك بالفراسة أنه سيهلكه ويحذف رأسه وقال ظني والظن يخطئ ويصيب أني وقعت مع هذا في يوم عصيب وأنه قاصد هلاكي ومقيم على البواكي فالأولى الاحتراز والتأهب قبل زمان الجزاز فان حصل خير فما في الاحتراز ضير وإن وقع على الإهلاك العزم فأتلقى سيفه بما أعددته من ترس الحزم فوزن الجزار الثمن وشحط الزنيم بالرسن وأتى به مطابخ فقطعها إلى مسالح فشم رائحة لزومه وأحس من الجزار نكده وشومه فلما دخل المسلخ ورأى القصابين هذا يذبح وهذا يسلخ واللحم شقات على الجدران معلقات وأنهر الدماء كدموع العشاق جاريه ورؤوس الغنم وجلودها وأكارعها كل كاشيه هذه الكاشية في ناحية وهذه الكاشية في زاوية فرجف قلبه وازداد رعبه والتجأ إلى الله تعالى وتاب إليه عما عليه من الذنوب مالا فما واطأ القصاب المصارع أن شد من المشرقي الاكارع وجدله على الجداله وأخرج لذبحه الآلة فلما رأى هذه الحالة تحقق ما كان ظنه فاستحضر باله وأيقن أنه هالك لا محالة فنظر إلى القصاب وذكر ما قيل في حق الساب:
نظروا إليك بأعين محمرة ... نظر التيموس إلى شفار الجازر فوجد السكين كليله ليس للذبح بها حيله فطلب المسن ليحدها ويريح ذبيحته أن حدها فتركه وذهب للمسن وقد تحقق الزنيم ما كان ظن فتنفس له البلاء وارتخى عنه القضاء فتمطى في رباط الأكارع فمزقه قاطع ثم وثب وقصد الهرب وخرج من الباب وصاحوا عليه هرب فلم يلتفت إلى الصوت وفر فرار من عاين الموت وطلب الخلاء وطريق الفضاء فادى به الذهاب إلى بستان بجوار بيت القصاب فدخل البستان وامتد في الجريان والقصاب وراءه بهيئته المهولة والسكين في يده مسلولةوكان قبل هذا الزمان بين زوجة القصاب وصاحب البستان ما يكون
فاغتنمت الزوجة غفلة الرقيب ونزلت من بيتها إلى بيت الحبيب فكان المحبان آمنين فاتفق أن الهارب من الموت ودواهيه أخذ على مكان هما فيه والقصاب يتبعه رافعا يده والسكين في يده مجردة فلم تشعر إلا وزوجها رافع الصوت واقف على رأسهما وبيده آلة الموت
حتى عثر عليهما فاشتغل القصاب بنفسه والتهى بنعجته عن تيسه وكان الناس تابعيه فوقفوا على ما وقع فيه وقامت الغوغاء وقعدت للعار من البلاء فتفرس النجاة من الردى فلم يزل في ميدان الجرى ذاهلا عما جرى حتى وصل إلى ثغرة خرج منها إلى الصحراء فانقطع عن ذلك الجنى تابعه ولم يوجد من شياطين الأنس رائيه وسامعه فانتهى التيسار في تلك الصحاري والقفار إلى جبل فأوى فيه إلى غار كان يأوي إليه مع المواشي أوان الأمطار فأمسى فيه تلك الليلة إلى وقت الأسفار:
فلما رأى الليل العبوس صنيعه ... تبسم فافترت تباشير فجره
فلما أصبح الصباح خرج إلى السراح وهو في نشاط ومراح وجعل يرتاد أنيسا ليكون له جليسا أو رفيقا صالحا أو صديقا ناصحا يتأنس به في الغربة ويمسح بأنامل مؤانسته ثقل الكربة وما يحصل على جبين راحته من عرق القرية وبينما هو ينشر البيداء ويطوي إذ سمع نباح كلب يعوي فترجى الخير وزوال ثم قصد نحوه فرآه مقبلا من فجوه
صورة
فناداه أهلا بأحب الأحباب وأعز الأصحاب المفضل على كثير ممن لبس الثياب فلما دنا منه وتباكى لأليم فراقه فتعانقا تعانق المحبين ثم قال له اعلم يا لطيف الحركات وكثيف البركات أن كلا منا غريب وكل غريب للغريب نسيب وأنا قد تفرست فيك وما تكاد فراستي تخطيك أنك رفيق صالح وشقيق ناصح وأحسن مليح مما لح وفي طريقه أخوان الصفاء قيم وراجح وأن كانت الجنسية بيتنا مختلفة لكن القلوب بحمد الله تعالى مؤتلفة وكم لك من أياد سابقه وصدقات متناسقة وكم حططنا في المراعي وبتنا في الحظائر نائمين وأنت لحفظنا ساعي تحرسنا من الغداة إلى الروح ومن المساء إلى الصباح فاخبرني ما شأنك وأين مكانك وما اسمك وما صنعتك ورسمك ومجيئك من أين وما حاجتك في البين قال أما اسمي فيسار وأما مكاني فبلاد التتار وصنعتي راعي وسبب مجيئي ضياعي ولي صاحب اسمه أقرق من دشت قفجاق بن شقرق كنت في خدمته راعي مشيته فأضللت رعيتي وضيعت حق حرمتي فإذا أطلب ولي نعمتي لا محو من وصمة الجفاء سميتي فهذا شأني وجل بغيتي قال الزنيم أنا من حين شاهدت في وجهك الأنوار علمت أنك يساروأنك معدن الذكاء والألقاب تنول من السماء وأما طلبك لصاحبك ورعيتك فانه دال على كمال مروأتك ولا ينكر لكم الرفاء فان بينك وبينه الوفاء مقام الصدق والصفاء ولم يقع بينكما قط بعد ولا جفاء وشهرتك بحمد الله بجميل الصفات التي قلما يجتمع في زكى الذوات ولا تصفوا إلا للأولياء والبررة المبرزين الأصفياء من المسكنة والقناعة والجراءة والشجاعة وحفظ العهود والوفاء وكسر النفس والصفاء وعدم الحقد والحسد واطراح العجب والنكد والحراسة والسهر وقيام الليل إلى السحر والتودد إلى الناس حتى قال فيك ابن عباس كلب أمين خير من صديق خؤن وعندك من التهذيب وقبول التعلم والتأديب ما يصير صيدك مذكى وسنك كالشفرة مركى وفي شأنك يا ذا الوفاء والمنفعة قال الحرث بن صعصة:
وما زال يرعى ذمتي ويحوطني ... ويحفظ عرسي والخليل يخون

فيا عجبا للخل يهتك حرمتي ... ويا عجبا للكلب كيف يصون
ومن هذا الضرب ما رواه أحمد بن حرب عن ذي العتاب منادم الكلاب أن الكلب يكف عني أذاه ويكفيني أذى سواه ويشكر قليلي ويحفظ مبيتي ومقيلي فهو من بين الحيوان خليلي

_________________



مولاي صل وسلم دائما أبداعلى حبيبك خير الخلق كلهم
اللهم صل على هذا النبى الأمين وأجعلنا من خاصة المقربين لديه السعداء وعلى آله وسلم حق قدره ومقداره العظيم




أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: قصص و حكايات على ألسنة الحيوانات
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين يوليو 04, 2016 3:22 pm 
غير متصل

اشترك في: الخميس مايو 30, 2013 5:51 am
مشاركات: 35060
قصص و حكايات على ألسنة الحيوانات

صورة
كان جمال فقير ذو عيال له جمل يتعيش عليه ويتقوت هو وعياله بما يصل منه إليه فرأى صلاحه في نقل ملح من الملاحة فحد في تثقيل الأجمال وملازمته بإثقال الأثقال إلى أن آل حال الجمل إلى الهزال وزال نشاطه وحال والجمال لا يرق له بحال ويجد في كده بالاشتغال ففي بعض الأيام أرسله مع السوام فتوجه إلى المرعى وهو ساقط القوة عن المسعى وكان له أرنب صديق فتوجه إليه في ذلك المضيق ودعاه وسلم عليه وبث عظيم اشتياقه إليه فلما رأى الخزر هزاله وسأله أحواله فاخبره بحاله وما يقاسيه من عذابه ونكاله وأن الملح قد قرحه وجب سنامه وجرحه وأنه قد أعيته الحيلة وأضل إلى الخلاص سبيله فتألم الأرنب وتأمل وتفكر في كيفية عصر هذا الدمل ثم قال يا أبا أيوب لقد فزت بالمطلوب وقدظهر وجه الخلاص من شرك هذا الاقتناص والنجاة من الأرتهاص والأرتصاص تحت حمل كالرصاص فهل يعترضك يا ذا الرياضة في طريق الملاحة مخاضة فقال كثير وكم من نهر وغدير فقال إذا مررت في خوض ولو أنه روض أو حوض فابرك فيه وتمزق وتنصل من جملك وتفرغ واستمر يا أبا أيوب فان الملح في الماء يذوب وكرر هذه الحركة فانك ترى فيها البركة فأما أنهم يغيرون حملك أو يخففوه أو تستريح بذوبه من الذي أضعفوه فتحمل الجمل للأرنب المنة وشنف بدر هذه الفائدة أذنه فلما حمله صاحبه الحمل المعهود ودخل به في طريقه المورود ووصل إلى المخاضه برك فضربوه فما قام ولا احترك وتحمل ضربه وعسفه حتى أذاب من الحمل نصفه ثم نهض انتهاضه وخرج من المخاضه ولازم هذه العادة إلى أن أفقر صاحبه وأباده فأدرك الجمال هذه الحيلة فافتكر له في داهية وبيله وعمد إلى عهن منفوش وو ضع عليه الصوف وغير في مقامرته شكل النقوش وأوسق للجمل منه جملاً بالغ فيه تعبية وثقلاً وسلط عليه الظمأ ثم دخل به إلى الماء فلما توسط الماء برك وتغافل عنه صاحبه وترك فتشرب الصوف من الماء ما يملؤه البرك ثم أراد النهوض فنأى به الربوض فقاسى من المشاق مالا يطاق ورجع هذا الفكر الوبيل على الجمل المسكين بإضعاف التثقيل فساء مصيره وكان في تدبيره تدميره وما استفاد إلا زيادة النصب وأمثال ما كان يجده من التعب والوصب


حكاية "فأر الغيط وفأر البيت"


صورة
وفي مقارنة بين "فأر الغيط وفأر البيت": يقال: كانت فأرة الغيطان تتيه بابنيها على الفيران! قد سمت الأكبر نور الغيط وعلمته المشي فوق الخيط. فعرف الغياض والمروجا وأتقن الدخول والخروجا. وصار في الحرفة كالآباء وعاش كالفلاح في هناء. وأتعب الصغير قلب الأم بالكبر، فاختارت بما تسمى. فقال سميني بنور القصر لأنني –يا أم- فأر العصر. إني أرى ما لم ير الشقيق فلي طريق، وله طريق. لأدخلن الدار بعد الدار وثباً من الرف إلى الكرار. لعلني إن ثبتت أقدامي ونلت –يا كل المنى- مرامي. آتيكما بما أرى في البيت من عسل، أو جبنة، أو زيت. فعطفت على الصغير أمه وأقبلت من وجدها تضمه. تقول: إني –يا قتيل القوت- أخشى عليك ظلمة البيوت. كان أبوك قد رأى الفلاحا في أن تكون مثله فلاحا. فاعمل بما أوصي ترح جناني أو لا، فسر في ذمة الرحمن. فاستضحك الفأر، وهز الكتفا وقال: من قال بذا قد خرفا. ثم مضى لما عليه صمما وعاهد الأم على أن تكتما. فكان يأتي كل يوم جمعه وجبنة في فمه، أو شمعه. حتى مضى الشهر، وجاء الشهر وعرف اللص، وشاع الأمر. فجاء يوماً أمه مضطربا فسألته: أين خلي الذنبا؟. فقال: ليس بالفقيد من عجب في الشهد قد غاص، وفي الشهد ذهب. وجاءها ثانية في خجل منها يدارى فقد إحدى الأرجل. فقال: رف لم أصبه عالي صيرني أعرج في المعالي. وكان في الثالثه ابن الفاره قد أخلف العادة في الزياره. فاشتغل القلب عليه، واشتعل وسارت الأم له على عجل. فصادفته في الطريق ملقى قد سحقت منه العظام سحقا. فناحت الأم، وصاحت:
واها‍! إن المعالي قتلت فتاها!.

صورة


تم بحمد الله و توفيقه كل عام و مولانا الفاضل الكريم و حضراتكم طيبين وفى سعادة و فى أحسن الأحوال
حكايات الحيوانات نقلتها وجمعتها لكم أحبائى من هذه الكتب أتمنى من الله أن تكون أسعدتكم






حكايات "شوقي" علي ألسنة الحيوان والطير ـ
عن كتاب دواوين الشعر العربي على مر العصور
عن كتاب: فاكهة الخلفاء ومفاكهة الظرفاء المؤلف: أبو محمد أحمد بن محمد، المعروف بابن عربشاه (المتوفى: 854هـ) ...
نفحة اليمن فيما يزول بذكره الشجن
اسم المؤلف: احمد بن محمد الانصاري- الشرواني التصنيف: طبعه الهند سنه 1866 ...
كتاب أبو مُحمّد عبد الله بن المقفع (106 - 142 هـ)
. نقل من البهلوية إلى العربية كليلة ودمنة.

_________________



مولاي صل وسلم دائما أبداعلى حبيبك خير الخلق كلهم
اللهم صل على هذا النبى الأمين وأجعلنا من خاصة المقربين لديه السعداء وعلى آله وسلم حق قدره ومقداره العظيم




أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 48 مشاركة ]  الانتقال إلى صفحة السابق  1, 2, 3, 4  التالي

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 13 زائر/زوار


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
© 2011 www.msobieh.com

جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في المنتديات تعبر عن رأي أصحابها فقط