موقع د. محمود صبيح https://www.msobieh.com:443/akhtaa/ |
|
غاية الإحسان في فضل شهر رمضان https://www.msobieh.com:443/akhtaa/viewtopic.php?f=42&t=26579 |
صفحة 1 من 1 |
الكاتب: | البخاري [ الجمعة يونيو 10, 2016 12:46 am ] |
عنوان المشاركة: | غاية الإحسان في فضل شهر رمضان |
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله الطاهرين، وارض اللهم عن الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد: فهذا كتاب "غاية الإحسان في فضل شهر رمضان" للعلامة الشيخ عبد الله الغماري ، قال رحمه الله: "مقدمة أسرار الصيام (شهر رمضان) الحمد لله الغني الكريم، الرؤوف الرحيم، خلق العباد على مراتب ودرجات، وجعل لهم في أيام دهرهم مواسم للخيرات، فالسعيد من وفق لاغتنام تلك المواسم واتخذ فيها لطاعة مولاه خطى ومراسم، أحمده سبحانه على ما وفق وهدى، وأعتصم به جل شأنه من سلوك سبيل الردى. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة ننجو بها من العذاب غدا. وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله أفضل من دعا إلى طريق الهدى - صلى الله وبارك عليه وعلى آله وصحبه وسلم- ما كر الجديدان وتعاقب الملوان. أما بعد: - فإن شهر رمضان شهر كبير القدر، جليل الخطر ( أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان) وأكرم الصائمين فيه باستجابة الدعاء، وعموم الغفران، وهيأ لهم أسباب الطاعة فيه بفتح أبواب الجنان، وتغليق أبواب النيران، وتصفيد مردة الجان. وضاعف ثواب صومه مضاعفة لا يقدر قدرها إنسان. إلى غير ذلك من الفضائل التي يضيق عنها البيان. حتى لقد جاء وصفه في بعض الأحاديث بأنه سيد الشهور. وكيف لا ؟ وهو شهر تكثر فيه الخيرات ويعظم السرور. ويهذب الطباع، ويلين العرائك، ويصير الصائمين أشبه بالملائك. وهذا كتاب صغير الحجم، غزير العلم، كبير الفائدة، جم العائدة، يكشف لقارئه عن جوانب من فضل هذا الشهر العظيم، ويبين عما ورد فيه من أنواع التكريم. ما أوردت فيه إلا حديثا صحيحا يحتج به في كل حال، أو حديثا ضعيفا يقبل في فضائل الأعمال. وأبحث جني ثمره؛ لينال كل قارئ من خيره، وحشوته بفوائد يحتاج إليها العالم قبل غيره. وقصدي بذلك أن تنالني دعوة صالحةمن بعض القراء الكرام. والله المسئول أن يكرمنا وأحبابنا بخير الدنيا والآخرة، وأن يستر عوراتنا، ويؤمن روعاتنا، بفضله وكرمه إنه جواد كريم. أبو الفضل عبدالله محمد الصديق الغماري الحسني" اهـ . |
الكاتب: | البخاري [ الخميس يونيو 16, 2016 1:34 pm ] |
عنوان المشاركة: | Re: غاية الإحسان في فضل شهر رمضان |
( كيف كان بدء الصوم: ثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان يصوم عاشوراء تصومه قريش في الجاهلية وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصومه، فلما قدم المدينة صامه وأمر بصيامه، فلما نزل رمضان كان رمضان الفريضة، وترك عاشوراء فكان من شاء صامه ومن شاء لم يصمه. وفي الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: كان عاشوراء يصومه أهل الجاهلية فلما نزل رمضان قال: "من شاء صامه ومن شاء لم يصمه". وفي الصحيحين أيضا عن علقمة قال: دخل الأشعث بن قيس على ابن مسعود - رضي الله عنه - وهو يطعم – بفتح الياء والعين أي يأكل – فقال: يا أبا عبدالرحمن اليوم عاشوراء، فقال ابن مسعود: كان يصام قبل أن ينزل رمضان فلما نزل رمضان ترك، فادن فكل. وفيهما أيضا عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قدم النبي – صلى الله عليه وسلم – المدينة فرأى اليهود تصوم يوم عاشوراء فقال: "ما هذا"؟ قالوا: هذا يوم نجى الله بني إسرائيل من عدوهم فصامه موسى، قال: "فأنا أحق بموسى منكم" فصامه وأمر بصيامه. قلت : كانت قريش تصوم يوم عاشوراء وتعظمه بكسوة الكعبة فيه، وجاء في المجلس الثالث من مجالس الباغندي الكبير عن عكرمة أنه سئل عن ذلك فقال: أذنبت قريش ذنبا في الجاهلية فعظم في صدورهم، فقيل لهم: صوم عاشوراء يكفر ذلك . وأما صوم اليهود يوم عاشوراء فهو شكر لله على إنجاء موسى وبني إسرائيل، وإغراق فرعون. وظاهر هذه الأحاديث التي أوردناها أن صوم يوم عاشوراء كان مفروضا ثم نسخ بفرضية رمضان وبهذا قال الحنفية، وهو وجه في مذهب الشافعية، والمشهور عندهم وهو قول الجمهور- أنه لم يجب صوم قط قبل رمضان لا عاشوراء ولا غيره، والأول أصح، وكان فرضية صوم عاشوراء سنة قدوم النبي – صلى الله عليه وسلم – المدينة، وفي السنة الثانية نزل صوم رمضان .) اهـ صـ6-7 |
الكاتب: | البخاري [ الخميس يونيو 16, 2016 1:41 pm ] |
عنوان المشاركة: | Re: غاية الإحسان في فضل شهر رمضان |
( كيف تدرجت أحوال الصيام : روى الإمام أحمد في المسند عن معاذ بن جبل – رضي الله عنه – قال: أحيلت الصلاة ثلاثة أحوال، وأحيل الصيام ثلاثة أحوال: فأما أحوال الصلاة : فإن النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – قدم المدينة وهو يصلي سبعة عشر شهرا إلى بيت المقدس، ثم إن الله – عز وجل – أنزل عليه {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا} فوجهه الله إلى مكة، هذا حول. قال : وكانوا يتجمعون للصلاة ويؤذن بها بعضهم بعضا حتى نقسوا أو كادوا ينقسون – أي كادوا يستعملون الناقوس للإعلام بالصلاة – ثم إن رجلا من الأنصار يقال له عبد الله بن زيد بن عبد ربه أتى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فقال: يا رسول الله إني رأيت فيما يرى النائم ولو قلت إني لم أكن نائما لصدقت إني بينما أنا بين النائم واليقظان إذ رأيت شخصا عليه ثوبان أخضران فاستقبل القبلة فقال الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله – مثنى – حتى فرغ من الأذان ثم أمهل ساعة، ثم قال مثل الذي قال غير أنه يزيد في ذلك: قد قامت الصلاة – مرتين – قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "علمها بلالا فليؤذن بها" فكان بلال أول من أذن بها، قال وجاء عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – فقال يا رسول الله قد طاف بي مثل الذي طاف به غير أنه سبقني، فهذان حالان . قال : وكانوا يأتون الصلاة وقد سبقهم النبي – صلى الله عليه وسلم – ببعضها فكان الرجل يشير إلى الرجل: كم صلى؟ فيقول: واحدة، أو اثنتين، فيصليهما ثم يدخل مع القوم في صلاتهم، قال فجاء معاذ فقال: لا أجده على حال أبدا إلا كنت عليها ثم قضيت ما سبقني، قال: فجاء وقد سبقه النبي – صلى الله عليه وسلم – ببعضها قال: فثبت معه، فلما قضى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قام فقضى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنه سن لكم معاذ فهكذا فاصنعوا" فهذه ثلاثة أحوال . وأما أحوال الصيام : فإن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قدم المدينة فجعل يصوم من كل شهر ثلاثة أيام، وصام عاشوراء، ثم إن الله فرض عليه الصيام وأنزل الله تعالى { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } إلى قوله: { وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} فكان من شاء صامه ومن شاء أطعم مسكينا فأجزأ ذلك عنه، ثم إن الله – عز وجل – أنزل الآية الأخرى { شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} فأثبت الله صيامه على المقيم الصحيح، ورخص فيه للمريض والمسافر، وثبت الإطعام للكبير الذي لا يستطيع الصيام، فهذان حالان. قال : وكانوا يأكلون ويشربون ويأتون النساء ما لم يناموا فإذا ناموا امتنعوا، ثم إن رجلا من الأنصار يقال له صرمة كان يعمل صائما حتى أمسى فجاء إلى أهله حتى صلى العشاء ثم نام فلم يأكل ولم يشرب حتى أصبح فأصبح صائما فرآه رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وقد جهد جهدا شديدا فقال: "ما لي أراك قد جهدت جهدا شديدا؟" قال: يا رسول الله إني عملت أمس فجئت فألقيت نفسي فنمت فأصبحت حين أصبحت صائما. قال وكان عمر قد أصاب من النساء بعدما نام، فأتى النبي – صلى الله عليه وسلم – فذكر له ذلك فأنزل الله عز وجل { أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} . وأخرجه أيضا أبو داود والحاكم . فتبين من هذا الحديث أن الصيام تدرج على ثلاثة أحوال: إحداها : صيام عاشوراء وثلاثة أيام من كل شهر، ثم فرض الصيام على التخيير بمعنى أن من شاء صام ومن شاء أفطر وفدى بالإطعام . ثانيها: نسخ التخيير وفرض الصيام على كل مقيم صحيح، وبقي الإطعام في حق الشيخ الهرم الذي لا يستطيع الصيام. قال البخاري في الصحيح: وأما الشيخ الكبير الذي لم يطق الصيام فقد أطعم أنس بعدما كبر – عاما أو عامين – عن كل يوم مسكينا خبزا ولحما وأفطر . وكذلك فعل عطاء بعد ما كبر وضعف عن الصيام . ثالثها : إباحة الأكل والشرب طوال الليل قبل النوم وبعده، وكان قبل ذلك من نام قبل أن يأكل وجب عليه مواصلة الصوم إلى اليوم التالي، وكان سبب الإباحة والتخفيف حادثة الأنصاري وعمر – رضي الله عنهما – كما جاء في هذا الحديث الذي نتكلم عنه، وثبت مثله في صحيح البخاري أيضا. وصرمة الأنصاري اضطرب الرواة في اسمه كثيرا والصواب في ذلك على ما حققه الحافظ ابن عبد البر أنه أبو قيس صرمة – بكسر الصاد وسكون الراء – بن أبي أنس قيس بن مالك بن عدي بن عامر بن غنم – بفتح الغين وسكون النون – بن عدي بن النجار، قال ابن إسحاق: كان صرمة رجلا قد ترهب في الجاهلية ولبس المسوح وفارق الأوثان واغتسل من الجنابة، وهم بالنصرانية ثم أمسك عنها ودخل بيتا له فاتخذه مسجدا لا يدخل عليه طامث و لا جنب، وقال أعبد رب إبراهيم، فلما قدم رسول الله – صلى الله عليه وسلم – المدينة أسلم فحسن إسلامه وهو شيخ كبير، وكان قوالا بالحق، معظما في الجاهلية، قال سفيان بن عيينة عن يحيى بن سعيد قال: سمعت عجوزا من الأنصار تقول: رأيت ابن عباس يختلف إلى صرمة بن قيس يتعلم منه هذه الأبيات – قالها صرمة في مدح النبي – صلى الله عليه وسلم – و هي: ثوى في قريش بضع عشرة حجة يذكر لو يلفى صديقا مواتيا ويعرض في أهل المواسم نفسه فلم ير من يؤوي ولم ير واعيا فلما أتانا واستقر به النوى وأصبح مسرورا بطيبة راضيا وأصبح لا يخشى ظلامة ظالم بعيد و لا يخشى من الناس باغيا بذلنا له الأموال من حل مالنا وأنفسنا عند الوغى والتآسيا نعادى الذي عادى من الناس كلهم جميعا وإن كان الحبيب المواتيا ونعلم أن الله لا شئ غيره وأن كتاب الله أصبح هاديا )اهـ صـ7-10 |
الكاتب: | البخاري [ الخميس إبريل 30, 2020 2:39 pm ] |
عنوان المشاركة: | Re: غاية الإحسان في فضل شهر رمضان |
"هل فرض صوم رمضان على من قبلنا؟ اختلف العلماء هل كان صوم رمضان مفروضا على أهل الكتاب من قبلنا أو لا؟ فذهب الحسن البصري والسدي إلى أن رمضان كان مفروضا على الأمم السابقة، واستدلا بحديث رواه ابن أبي حاتم عن ابن عمر مرفوعا: "صيام رمضان كتبه الله على الأمم قبلكم". وهو حديث ضعيف. وروى الطبراني في الأوسط عن دغفل بن حنظلة النسابة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "كان على النصارى صوم شهر رمضان، وكان عليهم ملك فمرض فقال لئن شفاه الله ليزيدن عشرة أيام، ثم كان عليهم ملك بعده فأكل اللحم فوجع، فقال: لئن شفاه الله ليزيدن ثمانية أيام، ثم كان عليهم ملك بعده فقال ما نفرغ من هذه الأيام أن نتمها ونجعل صومها في الربيع فصارت خمسون يوما". وإسناده صحيح إلا أن الطبراني رواه في الكبير بإسناد صحيح أيضا موقوفا على دغفل ولم يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم. ودغفل بوزن جعفر لم تثبت له صحبة. وذهب الجمهور إلى أن الصوم إنما فرض على الأمم مطلق الصوم غير مقيد برمضان. وأخرج ابن جرير عن عطاء في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ} [البقرة: 183، 184] قال: "كتب عليكم الصيام ثلاثة أيام من كل شهر وكان هذا صيام الناس قبل ذلك، ثم فرض الله شهر رمضان". وورد مثله عن معاذ وابن مسعود وابن عباس وقتادة والضحاك بن مزاحم وزاد: "ولم يزل هذا الصوم مشروعا من زمان نوح عليه السلام إلى أن نسخ الله ذلك بصوم رمضان" اهـ. ولهذا عد شهر رمضان من خصائصه صلى الله عليه وسلم انظر الخصائص الكبرى للسيوطي" اهـ. غاية الإحسان صـ (10-11) |
الكاتب: | البخاري [ الخميس إبريل 30, 2020 2:49 pm ] |
عنوان المشاركة: | Re: غاية الإحسان في فضل شهر رمضان |
"قصة الرجل الذي جاء يسأل عن الإسلام ثبت في الصحيحين وغيرهما عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قال: "بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ مَعَ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي المَسْجِدِ، دَخَلَ رَجُلٌ عَلَى جَمَلٍ، فَأَنَاخَهُ فِي المَسْجِدِ ثُمَّ عَقَلَهُ، ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: أَيُّكُمْ مُحَمَّدٌ؟ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَّكِئٌ بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِمْ، فَقُلْنَا: هَذَا الرَّجُلُ الأَبْيَضُ المُتَّكِئُ. فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ: ابْنَ عَبْدِ المُطَّلِبِ- أي يا ابن عبد المطلب- فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قَدْ أَجَبْتُكَ». فَقَالَ الرَّجُلُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنِّي سَائِلُكَ فَمُشَدِّدٌ عَلَيْكَ فِي المَسْأَلَةِ، فَلاَ تَجِدْ عَلَيَّ فِي نَفْسِكَ؟ فَقَالَ: «سَلْ عَمَّا بَدَا لَكَ» فَقَالَ: أَسْأَلُكَ بِرَبِّكَ وَرَبِّ مَنْ قَبْلَكَ، آللَّهُ أَرْسَلَكَ إِلَى النَّاسِ كُلِّهِمْ؟ فَقَالَ: «اللَّهُمَّ نَعَمْ». قَالَ: أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ، آللَّهُ أَمَرَكَ أَنْ نُصَلِّيَ الصَّلَوَاتِ الخَمْسَ فِي اليَوْمِ وَاللَّيْلَةِ؟ قَالَ: «اللَّهُمَّ نَعَمْ». قَالَ: أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ، آللَّهُ أَمَرَكَ أَنْ نَصُومَ هَذَا الشَّهْرَ مِنَ السَّنَةِ؟ قَالَ: «اللَّهُمَّ نَعَمْ». قَالَ: أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ، آللَّهُ أَمَرَكَ أَنْ تَأْخُذَ هَذِهِ الصَّدَقَةَ مِنْ أَغْنِيَائِنَا فَتَقْسِمَهَا عَلَى فُقَرَائِنَا؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللَّهُمَّ نَعَمْ». فَقَالَ الرَّجُلُ: آمَنْتُ بِمَا جِئْتَ بِهِ، وَأَنَا رَسُولُ مَنْ وَرَائِي مِنْ قَوْمِي، وَأَنَا ضِمَامُ بْنُ ثَعْلَبَةَ أَخُو بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ". وفي رواية عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: نُهِينَا أَنْ نَسْأَلَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ شَيْءٍ، فَكَانَ يُعْجِبُنَا أَنْ يَجِيءَ الرَّجُلُ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ الْعَاقِلُ، فَيَسْأَلَهُ، وَنَحْنُ نَسْمَعُ، فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، أَتَانَا رَسُولُكَ فَزَعَمَ لَنَا أَنَّ اللهَ أَرْسَلَكَ، قَالَ: «صَدَقَ»، قَالَ: فَمَنْ خَلَقَ السَّمَاءَ؟ قَالَ: «اللهُ»، قَالَ: فَمَنْ خَلَقَ الْأَرْضَ؟ قَالَ: «اللهُ»، قَالَ: فَمَنْ نَصَبَ هَذِهِ الْجِبَالَ، وَجَعَلَ فِيهَا مَا جَعَلَ؟ قَالَ: «اللهُ»، قَالَ: فَبِالَّذِي خَلَقَ السَّمَاءَ، وَخَلَقَ الْأَرْضَ، وَنَصَبَ هَذِهِ الْجِبَالَ، آللَّهُ أَرْسَلَكَ؟ قَالَ: «نَعَمْ»، قَالَ: وَزَعَمَ رَسُولُكَ أَنَّ عَلَيْنَا خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي يَوْمِنَا، وَلَيْلَتِنَا، قَالَ: «صَدَقَ»، قَالَ: فَبِالَّذِي أَرْسَلَكَ، آللَّهُ أَمَرَكَ بِهَذَا؟ قَالَ: «نَعَمْ»، قَالَ: وَزَعَمَ رَسُولُكَ أَنَّ عَلَيْنَا زَكَاةً فِي أَمْوَالِنَا، قَالَ: «صَدَقَ»، قَالَ: فَبِالَّذِي أَرْسَلَكَ، آللَّهُ أَمَرَكَ بِهَذَا؟ قَالَ: «نَعَمْ»، قَالَ: وَزَعَمَ رَسُولُكَ أَنَّ عَلَيْنَا صَوْمَ شَهْرِ رَمَضَانَ فِي سَنَتِنَا، قَالَ: «صَدَقَ»، قَالَ: فَبِالَّذِي أَرْسَلَكَ، آللَّهُ أَمَرَكَ بِهَذَا؟ قَالَ: «نَعَمْ»، قَالَ: وَزَعَمَ رَسُولُكَ أَنَّ عَلَيْنَا حَجَّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا، قَالَ: «صَدَقَ»، قَالَ: ثُمَّ وَلَّى، قَالَ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، لَا أَزِيدُ عَلَيْهِنَّ، وَلَا أَنْقُصُ مِنْهُنَّ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَئِنْ صَدَقَ لَيَدْخُلَنَّ الْجَنَّةَ». قلت: نهى الله الصحابة عن سؤال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيما لم ينزل به قرآن، ولا دعت إليه ضرورة تعليم مثلا، وكان سبب النهي ما رواه البخاري في صحيحه عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: "كَانَ قَوْمٌ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ اسْتِهْزَاءً، فَيَقُولُ الرَّجُلُ: مَنْ أَبِي؟ وَيَقُولُ الرَّجُلُ تَضِلُّ نَاقَتُهُ: أَيْنَ نَاقَتِي؟ فَأَنْزَلَ اللهُ فِيهِمْ هَذِهِ الآيَةَ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} حَتَّى فَرَغَ مِنَ الآيَةِ كُلِّهَا". فكان الصحابة بعد نزول هذه الآية لا يسألون رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ إلا لعارض مهم، وكانوا يحبون أن يأتي الرجل الغريب العاقل يسأل رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ فيستفيدون من ذلك، وممن وفد على رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ من الغرباء العقلاء ضِمَامُ- بكسر الضاد- ابْنُ ثَعْلَبَةَ، أوفده قومه سنة تسع، فأظهر من حسن أدبه وكمال عقله في سؤال النبي صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ ما لفت نظر الصحابة إليه، حتى قال عمر رضي الله عنه: "ما سمعنا بوافد قوم كان أفضل من ضمام". ثم لما رجع ضمام إلى قومه بني سعد بن بكر صدقوه وآمنوا، وفي هذه القصة فوائد ولطائف بينها شراح الحديث" اهـ. غاية الإحسان في فضل شهر رمضان وفضل زكاة الفطر صـ (11- 13). |
الكاتب: | البخاري [ الخميس إبريل 30, 2020 2:56 pm ] |
عنوان المشاركة: | Re: غاية الإحسان في فضل شهر رمضان |
أخرج البزار عن حذيفة رضي الله عنه، وأبو يعلى عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الإِسْلامُ ثَمَانِيَةُ أَسْهُمٍ: الإِسْلامُ سَهْمٌ، وَالصَّلاةُ سَهْمٌ، وَالزَّكَاةُ سَهْمٌ، وَالصَوْمُ سَهْمٌ، وَحَجُّ البيت سَهْمٌ، وَالأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ سَهْمٌ، وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ سَهْمٌ، وَالْجِهَادُ في سبيل الله سَهْمٌ. وَقد خَابَ مَنْ لا سَهْمَ لَهُ». وورد موقوفا على حذيفة من كلامه، قال الدارقطني وغيره: وهو أصح أهـ ... قلت: كانت أسهم الإسلام ثمانية على عدد أبواب الجنة، وخصت هذه الأسهم بالذكر دون غيرها؛ لأن الخمسة الأولى أركان الإسلام وقواعده، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بهما صلاح المجتمع، واستقامة أحواله، ولا خير في مجتمع يخلو من القائمين بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وانظر كيف لعن الله بني إسرائيل لتفريطهم في هذا الواجب العظيم، قال تعالى: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} [المائدة: 78، 79]. والجهاد أساس الدين وعصام اليقين، به تدفع غائلة المعتدين وتنال العزة التي كتبها الله للمؤمنين، وما هان المسلمون اليوم وامتهنت كرامتهم، وضاع استقلالهم إلا بتركهم الجهاد في سبيل الله، وركونهم إلى الراحة، وإقبالهم على مصالحهم الشخصية، ولا صلاح يرجى لهم إلا بالرجوع إلى دينهم والعمل على استعادة مجدهم، ومكافحة دول الاستعمار، وإزالة عوامل الشر والفساد. نسأل الله أن يلهمنا الرشاد والسداد" اهـ. غاية الإحسان صـ (13-14) |
الكاتب: | البخاري [ الخميس إبريل 30, 2020 8:02 pm ] |
عنوان المشاركة: | Re: غاية الإحسان في فضل شهر رمضان |
"فتح أبواب الجنة في رمضان أخرج الشيخان وغيرهما عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إِذَا جَاءَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ، وَصُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ». وفي رواية: «فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الرَّحْمَةِ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ جَهَنَّمَ، وَسُلْسِلَتِ الشَّيَاطِينُ». غلقت: بضم الغين وتشديد اللام المكسورة. وصفدت: بضم الصاد وتشديد الفاء المكسورة. قال عياض: يحتمل أنه على حقيقته، وأن ذلك علامة للملائكة على دخول الشهر وتعظيم حرمته ولمنع الشياطين من أذى المؤمنين، ويحتمل أن يكون فتح أبواب الجنة عبارة عما يفتحه الله لعباده من الطاعات وهي أسباب دخول الجنة، وتغليق أبواب النار عبارة عن صرف الهمم عن المعاصي الآيلة بأصحابها إلى النار، وتصفيد الشياطين عبارة عن تعجيزهم عن الإغواء وتزيين الشهوات أهـ. وقال التوربشتي في شرح المصابيح: فتح أبواب السماء كناية عن تنزل الرحمة وإزالة الغلق عن مصاعد أعمال العباد، تارة ببذل التوفيق، وأخرى بحسن القبول، وغلق أبواب جهنم كناية عن تنزه أنفس الصوام عن رجس الفواحش والتخلص من البواعث على المعاصي بقمع الشهوات أهـ . ورجح القرطبي وابن المنير وغيرهما أن فتح أبواب الجنة وغلق أبواب جهنم وتصفيد الشياطين على ظاهره وحقيقته، وأنه لا ضرورة تدعو إلى تأويله، قال ابن المنير: وأما الرواية التي فيها أبواب الرحمة وأبواب السماء فمن تصرف الرواة، والأصل أبواب الجنة بدليل ما يقابله وهو غلق أبواب جهنم. وقال القرطبي: فإن قيل: نرى الشرور والمعاصي واقعة في رمضان كثيرا فلو صفدت الشياطين لم يقع ذلك؟ فالجواب: أن المعاصي إنما تقل عن بعض الصائمين، وهم الذين صاموا صوما حافظوا على شروطه وآدابه، أو أن المصفد بعض الشياطين وهم المردة كما جاء في رواية النسائي: "وتغل فيه مردة الشياطين". والمردة: هم العتاة والأكثرون فسادا. أو أن المقصود تقليل الشرور في رمضان، وهذا أمر مشاهد، فإن وقوع الشرور فيه أقل منه في غيره. أو أن تصفيد الشياطين أجمعين لا يمنع وقوع الشرور والمعاصي؛ لأنها تقع بأسباب أخرى كالنفوس الخبيثة، والعادات القبيحة، والشياطين الأنسية التي هي أقوى في بعض الأحيان من الشياطين الجنية. تنبيه: قال بعض العارفين: تصفيد الشياطين في رمضان إشارة إلى رفع عذر المكلف كأنه يقال له قد كفت الشياطين عنك فلا تعتل بهم في ترك الطاعة ولا فعل المعصية" اهـ . غاية الإحسان صـ (14-15). |
الكاتب: | مريد السنة [ الجمعة مايو 01, 2020 2:34 am ] |
عنوان المشاركة: | Re: غاية الإحسان في فضل شهر رمضان |
بارك الله فيكم أخي الكريم البخاري تسجيل حضور ومتابعة |
الكاتب: | حامد الديب [ الجمعة مايو 01, 2020 10:34 am ] |
عنوان المشاركة: | Re: غاية الإحسان في فضل شهر رمضان |
|
الكاتب: | البخاري [ الجمعة مايو 01, 2020 2:22 pm ] |
عنوان المشاركة: | Re: غاية الإحسان في فضل شهر رمضان |
الأخ الفاضل الكريم مريد السنة، والأخ الفاضل د حامد الديب بارك الله فيكما وجزاكما الله خيرا وشرفنا وأسعدنا مروركما الكريم |
الكاتب: | حليمة [ الجمعة مايو 01, 2020 2:46 pm ] |
عنوان المشاركة: | Re: غاية الإحسان في فضل شهر رمضان |
جزاك الله خيرا سيدى الفاضل البخارى تسجيل حضور ومتابعة |
الكاتب: | البخاري [ الجمعة مايو 01, 2020 7:56 pm ] |
عنوان المشاركة: | Re: غاية الإحسان في فضل شهر رمضان |
وجزاكم الله خيرا الفاضلة حليمة وشكرا على المرور الكريم |
الكاتب: | البخاري [ الثلاثاء مايو 05, 2020 6:11 pm ] |
عنوان المشاركة: | Re: غاية الإحسان في فضل شهر رمضان |
"صيام رمضان يكفر الذنوب أخرج النسائي عن أبي هريرة أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، وَمَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» ورواه أحمد بزيادة «وَمَا تَأَخَّرَ». وإسناده هذه الزيادة صحيح أيضا، والحديث في الصحيحين بدون هذه الزيادة. قال الخطابي: قوله: "إيمانا واحتسابا" أي: نية وعزيمة وهو أن يصومه على التصديق والرغبة في ثوابه، طيبة به نفسه، غير كاره له، ولا مستثقل لصيامه، ولا مستطيل لأيامه لكن يغتنم طول أيامه لعظم الثواب أهـ . وقال البغوي: قوله: "احتسابا" أي: طلبا لوجه الله تعالى وثوابه، ويقال فلان يحتسب الأخبار أي يتطلبها أهـ . واختلف في الذنوب التي يكفرها صوم رمضان هل هي الصغائر والكبائر؟ أو الصغائر فقط؟ جزم بالأول ابن المنذر وإليه ميل الآبي. وجزم بالثاني إمام الحرمين وعزاه النووي للفقهاء ودليلهم ما رواه مسلم في صحيحه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عن رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ ، وَالْجُمْعَةُ إِلَى الْجُمْعَةِ ، وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ ، مُكَفِّرَاتٌ مَا بَيْنَهُنَّ إِذَا اجْتَنَبَ الْكَبَائِرَ». فقيد تكفير الذنوب في هذا الحديث باجتناب الكبائر. قال الحافظ ابن حجر: وهو- أي التكفير المذكور- في حق من له كبائر وصغائر، ومن ليس له إلا كبائر خفف عنه منها مقدار ما لصاحب الصغائر، ومن ليس له صغائر ولا كبائر يزاد في حسناته بنظير ذلك أهـ . تنبيه: إنما يكفر صوم رمضان الذنوب كلها أو بعضها على الخلاف إذا راعى الصائم حدوده وحافظ على شرائطه لما ثبت عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "مَنْ صَامَ رَمَضَانَ وَعَرَفَ حُدُودَهُ، وَتَحَفَّظَ مَا يَنْبَغِي أَنْ يَتَحَفَّظَ، كفر ما قبله" رواه ابن حبان في صحيحه، والبيهقي في السنن" اهـ. غاية الإحسان (15-16) |
الكاتب: | البخاري [ الأربعاء مايو 06, 2020 6:30 pm ] |
عنوان المشاركة: | Re: غاية الإحسان في فضل شهر رمضان |
" فضل الجود وتلاوة القرآن في شهر رمضان في الصحيحين عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، قَالَ: "كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ أَجْوَدَ النَّاسِ، وكَانَ أَجْوَدُ بِالخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ المُرْسَلَةِ. وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ عليه السلام، وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ القُرْآنَ". ورواه الإمام أحمد بزيادة في آخره وهي: "لاَ يُسْأَلُ عَنْ شَيْءٍ إِلاَّ أَعْطَاهُ". الجود: سعة العطاء وكثرته، والله تعالى يوصف بالجود، ومن أسمائه: (الجواد) بفتح الواو المخففة. وفي سنن الترمذي عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ جَوَادٌ يُحِبُّ الجُودَ، كَرِيمٌ يُحِبُّ الكَرَمَ" وفي الترمذي أيضا عَنْ أَبِي ذَرٍّ, رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عن النبي صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ عن ربه تعالى قال: "يَا عِبَادِي.. لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَحَيَّكُمْ وَمَيِّتَكُمْ وَرَطْبَكُمْ وَيَابِسَكُمْ اجْتَمَعُوا فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ فَسَأَلَ كُلُّ إِنْسَانٍ مِنْكُمْ مَا بَلَغَتْ أُمْنِيَّتُهُ فَأَعْطَيْتُ كُلَّ سَائِلٍ مِنْكُمْ .. مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِنْ مُلْكِي إِلَّا كَمَا لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ مَرَّ بِالبَحْرِ فَغَمَسَ فِيهِ إِبْرَةً ثُمَّ رَفَعَهَا إِلَيْهِ، ذَلِكَ بِأَنِّي جَوَادٌ وَاجِدٌ مَاجِدٌ أَفْعَلُ مَا أُرِيدُ عَطَائِي كَلَامٌ وَعَذَابِي كَلَامٌ إِنَّمَا أَمْرِي لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْتُ أَنْ أَقُولَ لَهُ: كُنْ، فَيَكُونُ". وكان النبي صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ أجود بني آدم على الإطلاق كما في هذا الحديث وفي الصحيحين عَنْ أَنَسٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ أَحْسَنَ النَّاسِ، وَأَشْجَعَ النَّاسِ، وَأَجْوَدَ النَّاسِ". وكان جوده صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ يتضاعف في رمضان ويزداد، وذلك لعدة أسباب: إحداها: أن شهر رمضان موسم الخيرات؛ لأن نعم الله على عباده فيه زائدة على غيره، فكان النبي صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ يؤثر متابعة سنة الله في عباده. ثانيها: أن الصدقة في رمضان أفضل منه في غيره لما جاء في سنن الترمذي وغيره عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عن النبي صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: «أَفْضَلُ الصَّدَقَةِ صَدَقَةٌ فِي رَمَضَانَ». ثالثها: إعانة الصائمين والقائمين والذاكرين على طاعتهم فيستوجب ذلك مثل أجرهم؛ لما جاء في سنن الترمذي والنسائي وابن ماجه عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الجُهَنِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عن النبي صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَالَ: «مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ، غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ شَيْئ» وفي رواية للنسائي ابن خزيمة في صحيحه: «مَنْ جَهَّزَ غَازِيًا أَوْ جَهَّزَ حَاجًّا , أَوْ خَلَفَهُ فِي أَهْلِهِ أَوْ فَطَّرَ صَائِمًا كَانَ لَهُ مِثْلُ أُجُورِهِمْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ». رابعها: أن شهر رمضان شهر المواساة والتعاون والمساعدة، لما رواه ابن خزيمة والبيهقي عَنْ سَلْمَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنْ شَعْبَانَ فَقَالَ: «يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ أَظَلَّكُمْ شَهْرٌ عَظِيمٌ مُبَارَكٌ، شَهْرٌ فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، شَهْرٌ جَعَلَ اللَّهُ صِيَامَهُ فَرِيضَةً، وَقِيَامَ لَيْلِهِ تَطَوُّعًا، مَنْ تَقَرَّبَ فِيهِ بِخَصْلَةٍ كَانَ كَمَنْ أَدَّى فَرِيضَةً فِيمَا سِوَاهُ، وَمَنْ أَدَّى فِيهِ فَرِيضَةً كَانَ كَمَنْ أَدَّى سَبْعِينَ فَرِيضَةً فِيمَا سِوَاهُ، وَهُوَ شَهْرُ الصَّبْرِ، وَالصَّبْرُ ثَوَابُهُ الْجَنَّةُ، وَشَهْرُ الْمُوَاسَاةِ، وَشَهْرٌ يَزْدَادُ رِزْقُ الْمُؤْمِنِ فِيهِ، مَنْ فَطَّرَ فِيهِ صَائِمًا كَانَ مَغْفِرَةً لِذُنُوبِهِ وَعِتْقَ رَقَبَتِهِ مِنَ النَّارِ، وَكَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَجْرِهِ شَيْءٌ»، قَالُوا: يا رسول الله لَيْسَ كُلُّنَا يَجِدُ مَا يُفَطِّرُ الصَّائِمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يُعْطِي اللَّهُ هَذَا الثَّوَابَ مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا عَلَى تَمْرَةٍ، أَوْ شَرْبَةِ مَاءٍ، أَوْ مَذْقَةِ لَبَنٍ، وَهُوَ شَهْرٌ أَوَّلُهُ رَحْمَةٌ، وَأَوْسَطُهُ مَغْفِرَةٌ، وَآخِرُهُ عِتْقٌ مِنَ النَّارِ، مَنْ خَفَّفَ عَنْ مَمْلُوكِهِ فِيهِ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ، وَأَعْتَقَهُ مِنَ النَّارِ، وَاسْتَكْثِرُوا فِيهِ مِنْ أَرْبَعِ خِصَالٍ: خَصْلَتَيْنِ تُرْضُونَ بِهِمَا رَبَّكُمْ، وَخَصْلَتانِ لَا غَنَاءَ بِكُمْ عَنْهُمَا، فَأَمَّا الْخَصْلَتَانِ اللَّتَانِ تُرْضُونَ بِهِمَا رَبَّكُمْ: فَشَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَتَسْتَغْفِرُونَهُ، وَأَمَّا الْخَصْلَتَانِ اللَّتَانِ لَا غَنَاءَ بِكُمْ عَنْهُمَا: فَتُسْأَلُونَ اللَّهَ الْجَنَّةَ، وَتَعُوذُونَ بِهِ مِنَ النَّارِ، وَمَنْ سَقَى صَائِمًا سَقَاهُ اللَّهُ مِنْ حَوْضِي شَرْبَةً لَا يَظْمَأُ حَتَّى يَدْخُلَ الْجَنَّةَ". فلهذه الأسباب وغيرها كان جوده صلى الله عليه وسلم يتضاعف في رمضان،وينبغي لنا بل ويتأكد في حقنا أن نقتدي به صلى الله عليه وسلم في فعل الخير وكثرة الجود في هذا الشهر العظيم المبارك، لقد كان لكم في رسول الله قدوة حسنة، وأما تلاوة القرآن في شهر رمضان فلها فضل كبير بل يؤخذ من هذا الحديث كما قال النووي: أنها أفضل من سائر الأذكار، إذ لو كان ذكر أفضل منها أو يساويها لفعله النبي وجبريل صلى الله عليهما وسلم بدلا من مدارسة القرآن، وكان السلف يتلون القرآن في شهر رمضان في الصلاة وغيرها. وكان الأسود يقرأ القرآن في كل ليلتين في رمضان. وكان النخعي يقرأ القرآن في كل ثلاث ليال من رمضان، وفي العشر الأواخر يقرؤه في كل ليلتين. وكان قتادة يختم القرآن في سبع ليال دائما، وفي رمضان في كل ثلاث ليال، وفي العشر الأواخر منه في كل ليلة، وكان يدرس القرآن في شهر رمضان. وكان الزهري إذا دخل رمضان قال: إنما هو تلاوة القرآن وإطعام الطعام. وقال ابن عبد الحكم: كان مالك إذا دخل رمضان يفر من قراءة الحديث ومجالسة أهل العلم، ويقبل على قراءة القرآن من المصحف. وقال عبد الرزاق: كان سفيان الثوري إذا دخل رمضان ترك جميع العبادة وأقبل على تلاوة القرآن. وكان للشافعي ستون ختمة يقرؤها في غير الصلاة، وكذلك أبو حنيفة. وقال سفيان: كان زبيد اليامي إذا حضر رمضان أحضر المصاحف وجمع إليه أصحابه. وكانت عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها تقرأ في المصحف أول النهار في شهر رمضان فإذا طلعت الشمس نامت. والمقصود أن شهر رمضان شهر القرآن ينبغي الإكثار فيه من التلاوة بقدر الإمكان، ومن الحكمة في ذلك أن ينضم القرآن إلى الصيام في الشفاعة للعبد يوم القيامة؛ لما جاء في المسند عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ: «الصِّيَامُ وَالْقُرْآنُ شَفيعَانِ لِلْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَقُولُ الصِّيَامُ أَىْ رَبِّ مَنَعْتُهُ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ بِالنَّهَارِ فَشَفِّعْنِى فِيهِ . وَيَقُولُ الْقُرْآنُ مَنَعْتُهُ النَّوْمَ بِاللَّيْلِ فَشَفِّعْنِى فِيهِ. فَيُشَفَّعَانِ » . صححه الحاكم" اهـ. غاية الإحسان (17-20) يقول العبد الفقير (البخاري): هناك رواية أخري لحديث سيدنا سلمان رضي الله عنه فيها أن من الخصلتين اللتين لا غنى بنا عنهما الصلاة على سيدنا ومولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم. ترتيب الأمالي الخميسية للشجري (2/ 16) عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ، قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ آخِرَ يَوْمٍ مِنْ شَعْبَانَ، أَوْ قَالَ: أَوَّلَ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ، قَالَ: " يَأَيُّهَا النَّاسُ، أَظَلَّكُمْ شَهْرٌ عَظِيمٌ مُبَارَكٌ، فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، افْتَرَضَ اللَّهُ صِيَامَهُ، وَجَعَلَ قِيَامَهُ تَطَوُّعًا، فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا , كَانَ حَظُّهُ مِنْ ذَلِكَ الْخَيْرِ كَمَنْ أَدَّى فَرِيضَةً فِيمَا سِوَاهُ، وَمَنْ أَدَّى فَرِيضَتَهُ كَانَ كَمَنْ أَدَّى سَبْعِينَ فَرِيضَةً، وَهُوَ شَهْرُ الصَّبْرِ وَالْمُؤَاسَاةِ، وَيُزَادُ فِي رِزْقِ الْمُؤْمِنِ فِيهِ، وَمَنْ فَطَّرَ صَائِمًا , كَانَ لَهُ كَعِتْقِ رَقَبَةٍ، وَمَغْفِرَةٍ لِذُنُوبِهِ , وَدُخُولِ الْجَنَّةِ، وَسَقَاهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ حَوْضِي شَرْبَةً لَا يَظْمَأُ فِي الدُّنْيَا , وَلَا فِي الْآخِرَةِ، وَمَنْ خَفَّفَ عَلَى مَمْلُوكِهِ , أَعْتَقَهُ اللَّهُ مِنَ النَّارِ، وَهُوَ شَهْرٌ أَوَّلُهُ رَحْمَةٌ , وَأَوْسَطُهُ مَغْفِرَةٌ , وَآخِرُهُ عِتْقٌ مِنَ النَّارِ، فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَيْسَ كُلُّنَا يَجِدُ مَا يُفَطِّرُ الصَّائِمَ، قَالَ: يُعْطِي اللَّهُ هَذَا الثَّوَابَ مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا عَلَى مَذْقَةِ لَبَنٍ، أَوْ تَمْرَةٍ، أَوْ أَشْبَعَ جَائِعًا، وَكَانَ لَهُ مَغْفِرَةً لِذُنُوبِهِ , وَسَقَاهُ اللَّهُ مِنْ حَوْضِي شَرْبَةً لَا يَظْمَأُ بَعْدَهَا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَهُوَ شَهْرٌ لَا غِنَى بِكُمْ عَنْ أَرْبَعِ خِصَالٍ: خَصْلَتَانِ تُرْضُونَ بِهِمَا رَبَّكُمْ، وَخَصْلَتَانِ لَا غِنَى بِكُمْ عَنْهُمَا، أَمَّا الْخَصْلَتَانِ اللَّتَانِ تُرْضُونَ رَبَّكُمْ: شَهَادَةُ أَنْ لَا إلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ , وَتَسْتَغْفِرُونَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَأَمَّا الْخَصْلَتَانِ اللَّتَانِ لَا غِنَى بِكُمْ عَنْهُمَا: فَالصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، وَتَسْتَعِيذُونَ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنَ النَّار " |
صفحة 1 من 1 | جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين |
Powered by phpBB © 2000, 2002, 2005, 2007 phpBB Group http://www.phpbb.com/ |