موقع د. محمود صبيح

منتدى موقع د. محمود صبيح

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 16 مشاركة ]  الانتقال إلى صفحة السابق  1, 2
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة: Re: روايح الزمن الجميل
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأحد مايو 10, 2020 4:41 pm 
غير متصل

اشترك في: الخميس مايو 30, 2013 5:51 am
مشاركات: 35060
ألف ليلة وليلة الحلقة 14 من 17 حلقة السندباد البحري




حكاية السندباد البحري
***************************
الرحلة السادسة

(رحلة نهرية في كهف)

اشتاقت نفسي إلى السفر والتجارة، فعزمت على السفر واشتريت لي بضائع نفيسة فاخرة تصلح للبحر وحملت حمولي وسافرت من مدينة بغداد إلى مدينة البصرة، فرأيت سفينة عظيمة فيها تجار وأكابر ومعهم بضائع نفيسة فنزلت حمولي معهم في هذه السفينة وسرنا بالسلامة من مدينة البصرة.
ولم نزل مسافرين من مكان إلى مكان ومن مدينة إلى مدينة، إلى أن كنا سائرين يوماً من الأيام وإذا بريس المركب صرخ وصاح ورمى عمامته ولطم على وجهه ونتف لحيته ووقع في بطن المركب من شدة الغم والقهر.

فاجتمع عليه جميع التجار والركاب وقالوا له يا ريس ما الخبر فقال لهم الريس اعلموا يا جماعة أننا قد تهنا بمركبنا وخرجنا من البحر الذي كنا فيه ودخلنا بحر لم نعرف طرقه وإذا لم يقيض الله لنا شيئاً يخلصنا من هذا البحر هلكنا جميعاً فادعوا الله تعالى أن ينجينا من هذا الأمر، ثم إن الريس قام وصعد على الصاري وأراد أن يحل القلوع، فقوي الريح على المركب فرده على مؤخره فانكسرت دفته قرب جبل عال، فنزل الريس من الصاري وقال لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم لا يقدر أحد أن يمنع المقدور، واعلموا أننا قد وقعنا في مهلكة عظيمة ولم يبق لنا منها خلاص ولا نجاة، فبكى جميع الركاب على أنفسهم وودع بعضهم بعضاً لفراغ أعمارهم وانقطع رجاؤهم ومال المركب على ذلك الجبل فانكسر وتفرقت الواحة فغرق جميع ما فيه ووقع التجار في البحر، فمنهم من غرق ومنهم من تمسك بذلك الجبل وطلع عليه وكنت أنا من جملة من طلع على ذلك الجبل، وإذا فيه جزيرة كبيرة عندها كثير من المراكب المكسرة وفيها أرزاق كثيرة على شاطئ البحر من الذي يطرحه البحر من المراكب التي كسرت وغرق ركابها وفيها شيء كثير يحير العقل والفكر من المتاع والأموال التي يلقيها البحر على جوانبها. فعند ذلك طلعت على تلك الجزيرة ومشيت فيها. فرأيت في وسطها عين ماء عذب حار خارج من تحت أول ذلك الجبل وداخل في آخره من الجانب الثاني، فعند ذلك طلع جميع الركاب على ذلك الجبل إلى الجزيرة وانتشروا فيها وقد ذهلت عقولهم من ذلك وصاروا مثل المجانين من كثرة ما أروا في الجزيرة من الأمتعة والأموال على ساحل البحر. وقد رأيت في وسط تلك العين شيئاً كثيراً من أصناف الجواهر والمعادن واليواقيت اللآلئ الكبار الملوكية وهي مثل الحصى في مجاري الماء في تلك الغيطان، وجميع أرض تلك العين تبرق من كثرة ما فيها من المعادن وغيرها.

ورأينا كثيراً في تلك الجزيرة من أعلى العود العود الصيني والعود القماري، وفي تلك الجزيرة عين نابعة من صنف العنبر الخام وهو يسيل مثل الشمع على جانب تلك من شدة حر الشمس ويمتد على ساحل البحر فتطلع الهوايش من البحر وتبتلعه وتنزل في البحر فيحمي في بطونها، فتقذفه من أفواهها في البحر فيجمد على وجه الماء فعند ذلك يتغير لونه وأحواله فتقذفه الأمواج إلى جانب البحر فيأخذه السواحون والتجار الذين يعرفونه فيبيعونه.

وأما العنبر الخالص من الابتلاع فإنه يسيل على جانب تلك العين ويتجمد بأرضه، وإذا طلعت عليه الشمس يسيح وتبقى منه رائحة ذلك الوادي كله مثل المسك، وإذا زالت عنه الشمس يجمد وذلك المكان الذي هو فيه هذا العنبر الخام لا يقدر أحد على دخوله ولا يستطيع سلوكه فإن الجبل محاط بتلك الجزيرة ولا يقدر أحد على صعود الجبل، ولم نزل دائرين في تلك الجزيرة نتفرج على ما خلق الله تعالى فيها من الأرزاق ونحن متحيرون من أمرنا وفيما نراه وعندنا خوف شديد.

وقد جمعنا على جانب الجزيرة شيئاً قليلاً من الزاد، فصرنا نوفره ونأكل منه في كل يوم أو يومين أكلة واحدة ونحن خائفون أن يفرغ الزاد منا فنموت كمداً من شدة الجوع والخوف، وكل من مات منا نغسله ونكفنه في ثياب وقماش من الذي يطرحه البحر على جانب الجزيرة حتى مات منا خلق كثير ولم يبق منا إلا جماعة قليلة فضعفنا بوجع البطن من البحر وأقمنا مدة قليلة، فمات جميع أصحابي ورفقائي واحداً بعد واحد، وكل من مات منهم ندفنه وبقيت في تلك الجزيرة وحدي، وبقي معي زاد قليل بعد أن كان كثيراً فبكيت على نفسي و تفكرت في نفسي وقلت والله لابد أن هذا النهر له أول وآخر ولابد له من مكان يخرج منه إلى العمار، والرأي السديد عندي أن أعمل لي فلكاً صغيراً على قدر ما أجلس فيه وأنزل وألقيه في هذا النهر وأسير به، فإن وجدت خلاصاً أخلص وأنجو بإذن الله تعالى وإن لم أجد لي خلاصاً أموت داخل هذا النهر أحسن من هذا المكان وصرت أتحسر على نفسي. ثم إني قمت وسعيت فجمعت أخشاباً من تلك الجزيرة من خشب العود الصيني والقماري، وشددتها على جانب البحر بحبال المراكب التي كسرت وجئت بألواح مساوية من ألواح المراكب ووضعتها في ذلك الخشب وجعلت ذلك الفلك في عرض ذلك النهر أو أقل من عرضه وشددته طيباً مكيناً وقد أخذت معي من تلك المعادن والجواهر والأموال واللؤلؤ الكبير الذي مثل الحصى وغير ذلك من الذي في تلك الجزيرة وشيئاً من العنبر الخام الخالص الطيب ووضعته في ذلك الفلك، ووضعت فيه جميع ما جمعته من الجزيرة وأخذت معي جميع ما كان باقياً من الزاد ثم إني ألقيت ذلك الفلك في هذا النهر وجعلت له خشبتين على جنبيه مثل المجاديف

يتبع




https://youtu.be/rA8UguCMDno



_________________



مولاي صل وسلم دائما أبداعلى حبيبك خير الخلق كلهم
اللهم صل على هذا النبى الأمين وأجعلنا من خاصة المقربين لديه السعداء وعلى آله وسلم حق قدره ومقداره العظيم




أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 16 مشاركة ]  الانتقال إلى صفحة السابق  1, 2

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 24 زائر/زوار


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
© 2011 www.msobieh.com

جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في المنتديات تعبر عن رأي أصحابها فقط