موقع د. محمود صبيح

منتدى موقع د. محمود صبيح

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 57 مشاركة ]  الانتقال إلى صفحة السابق  1, 2, 3, 4
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة: Re: [ حالة أهل الحقيقة مع الله تعالى ]
مشاركة غير مقروءةمرسل: الجمعة مايو 29, 2020 4:21 am 
غير متصل

اشترك في: الخميس مايو 30, 2013 5:51 am
مشاركات: 35060
الحديث الثلاثون إذا راح أحدكم الجمعة فليغتسل
حقيقة الاغتسال - تفويض الأمر لله
الاعتصام بالله - دعائم العبودية

عن ابن عمر رضي الله عنهما قال:
قال رسول الله ﷺ: "إذَا رَاحَ أحَدُكُمْ إلَى الجُمُعَةِ فَلْيَغْتَسِلْ" .

وهذا الحديث الشريف، فيه من إعظام مناجاة الله الغاية، فإن العبد إذا صلى ناجى ربه، سيَّما في يوم الجمعة ومشهدها، فإنه من أعظم مشاهد الحضرة.

حقيقة الاغتسال
والاغتسال عبارة عن غسل القلب والقالب من الوجودات، هذا مع ما فيه من فضيلة التطهر الشرعي، وهذا سر من أسرار الاغتسال، ولم يكن من حكم شرعي، إلا فيه من الأسرار الباطنة والظاهرة ما تحيّر  له العقول!.

تفويض الأمر لله
أي بُنيّ! اعلم أن مَن نظر في حسن تدبير الله تعالى، ولطائف صنعه، وكمال قدرته في كل شيء، علم أنه تعالى قائمٌ على نفسه بما كسبت، وأنَّ نواصي العباد بيده، يقلبهم كيف يشاء، وأن سعادتهم وشقاوتهم في ماضي حكمته، لا رادَّ لقضائه ولا معقب لحكمه.
فمتى تحقق ذلك اعتصم بالله، واستسلم له، وفوَّض الكُـلّية إليه، وقام بقدم الاضطرار بين يديه، وبقي بلا حول ولا قوة، ولا اختيار ولا تعليق، ولا تدبير ولا سؤال،
فإن راحة الدارين وسرورهما في الاعتصام بالله.
وهمومهما في الاعتصام بغير الله، ورؤية الحول والقوة بالنفس!، ألا ترى قول الله تعالى لنبيه عليه الصلاة والسلام: (قُل لَّا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّه)

ومعاملة الله تعالى موسى عليه الصلاة والسلام في التيه، مكافأة لقوله: (لا أمْلِكُ إلَّا نفْسِي وَأَخي) 

وقيل في معنى قوله تعالى: (فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ) أي اخلع عن قلبك أهلك وولدك وكل ما سوى الله،
ثم قال تعالى: (وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى* قَالَ هِيَ عَصَايَ) أضافها إلى نفسه،
قال ما تصنع بها؟ قال: (أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا)
فقال له: (أَلْقِهَا يَا مُوسَى * فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى)
قال الله تعالى: يا موسى! هذه التي قلت: أتوكأ عليها، صارت عدوة لك! لتعلق قلبك بغيري،
فرجع موسى بقلبه إلى الله تعالى، فلما علم ذلك منه: (قَالَ خُذْهَا وَلا تَخَفْ)

وقال لنبينا عليه الصلاة والسلام: (قُلْ لَن يُصِيبَنَا إلا مَا كَتَبَ اللهُ لَنَا).

الاعتصام بالله
يقول الله تعالى: " ما من عبد نزلت به بلية، فاعتصم بمخلوق دوني، إلَّا قطعتُ أسباب السماء من يديه، ووكَلْتُه إلى نفسه!،
وما من عبد نزلت به بلية، فاعتصم بي دون خلقي، إلَّا أعطيتهُ قبل أن يسألني، وأستجيب له قبل أن يدعوني"

وبلغنا أن الله تعالى أوحى إلى داود عليه الصلاة والسلام: وعزتي وجلالي، وعظمتي وارتفاعي فوق خَلقي، لا يعتصم عبد من عبيدي بي دون خلقي، فأعلم ذلك من قلبه، فيكيده السموات السبع ومَن فيهن، والأرضون السبع ومَن فيهن، إلا جعلت له من ذلك مخرجاً.
وعزتي وجلالي، وعظمتي وارتفاعي فوق خَلقي، لا يعتصم عبد من عبادي بمخلوق دوني، فأعلم ذلك من قلبه، إلَّا قطعتُ عنه الأسباب، ثم لا أبالي في أي واد أهلكته، وأملأ قلبه شغلاً، وحرصاً، وأملاً، لا يبلغه أبداً".

وفي الخبر:" من اعتصم بالله واستعان به، أحوج الله إليه الناس، وأنطقه بالحكمة، وجعله من ملوك الدارين،
ومن اعتصم بمخلوق دونه، ووكل إليه قلبه، عذبه الله، وقطع عنه أسباب الدنيا والآخرة".

وروي أيضاً: " تفرغوا من هموم الدنيا ما استطعتم، وأقبلوا إلى الله تعالى بقلوبكم، واعتصموا به في جميع أموركم، لأن العبد إذا أقبل إلى الله بقلبه، أقبل الله بقلوب العباد إليه، ومن يعتصم بالله كفاه الله كل مؤنة".

قيل ليحيى بن معاذ رحمه الله تعالى: متى يكون الرجل معتصماً بالله؟ فقال: إذا قطع قلبه عن كل علاقة موجودة ومفقودة، ورضي بالله وكيلا.

وروي أن الله تعالى قال لداود عليه الصلاة والسلام: ما يتعبد المتعبدون، ولا يتقرب المتقربون بشيء، أبلغ عندي من الاعتصام والتسليم.

وقال عامر بن قيس لأحد العارفين: ادعُ الله لي، فقال: لقد استعنت بمن هو أعجز منك! أطع الله تعالى، واعتصم به، يُعطك أعظم ما يعطي السائلين.

وقال: فيما أنزل على موسى عليه الصلاة والسلام: إن أردت أن تكون قائداً لأهل الدنيا، وسيداً في المنظر الأعلى فكن مستسلماً راضياً بحكمي.

وقال الفضيل بن عياض رحمه الله تعالى : إني لأستحيي من الله أن أقول: إني معتصم بالله، لأن من اعتصم بالله لا يخافُ مَن دونه، ولا يرجو غيره، ويقطع قلبه عن علائقه في الدارين.

وقيل في معني قوله: ( إنَّا لله) الآية، أي نحن عبيد الله وإماؤه، نتقلب في مشيئته وقضائه، ونَواصي العباد بيده- (وإنا إليه راجعون) بالرضا عنه، والتسليم له والاعتصام به، والتفويض إليه.

وروي أن الله تعالى قال لموسى عليه الصلاة والسلام: (اِذْهَبْ إلَى فِرعَوْنَ إنَّهُ طَغى)،
فقال يا رب أهلي وغنمي.
قال الله تعالى: إذا وجدتني فأي شيء تصنع بغيري؟ يا موسى اذهب واعتصم، واستسلم لي، وفوِّض الأمورَ إليَّ، فإني جعلت الذئب راعياً لغنمك، والملائكة حافظين لأهلك.
يا موسى! مَن أنجاك من اليمِّ حين ألقتكَ أمك فيه؟ ومَن ردَّكَ إلى أُمِّكَ بعده؟ ومَن أنجاكَ من عدوكَ فرعون حين قتلتَ نفساً؟ ومن أنجاك من المفازة حين فررت من فرعون؟
وهو يقول في ذلك كله: أنت أنت.

واعلم أن مَن اعتصم بغيره، أو بشيء دونه فهو مخذول، خارج من حد العبودية، لأن حد العبودية ترك الاختيار إلى الجبار.

قال الله تعالى: (وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ ۗ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ)،  وقال: (مَّا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا) وقال: (وَإِن يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ) وقال تعالى: (قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا)
وقال تعالى: (وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ)

دعائم العبودية
واعلم أن العبودية مبنية على عشر خصال:
1-الاعتصام بالله في كل شيء.
2-والرضا عن الله في كل شيء.
3-والرجوع إليه في كل شيء.
4-والفقر إلى الله في كل شيء.
5-والإنابة إلى الله في كل شيء.
6-والصبر مع الله في كل شيء.
7-والانقطاع إلى الله في كل شيء.
8-والاستقامة بالله في كل شيء.
9-والتفويض إلى الله في كل شيء.
10-والتسليم له في كل شيء.

واعلم أن التسليم والاستسلام، شعبتان من شعب الإيمان والمعرفة،

التسليم: هو تسليم الكُـلّية إلى السلام بالسلامة بلا تخليط،
والاستسلام: هو أن يستسلم راضياً بجميع ما ينزل عليه منه.


 



 







_________________



مولاي صل وسلم دائما أبداعلى حبيبك خير الخلق كلهم
اللهم صل على هذا النبى الأمين وأجعلنا من خاصة المقربين لديه السعداء وعلى آله وسلم حق قدره ومقداره العظيم




أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: [ حالة أهل الحقيقة مع الله تعالى ]
مشاركة غير مقروءةمرسل: الجمعة مايو 29, 2020 9:57 pm 
غير متصل

اشترك في: الخميس مايو 30, 2013 5:51 am
مشاركات: 35060
الحديث الحادي والثلاثون أفلا أكون عبداً شكوراً
روايات قُدْسيّة

عن ابن عيينة، قال: حدثنا زياد هو ابن علاقة أنه سمع المغيرة يقول:
قام النبي ﷺ حتى تورمت قدماه فقيل له: غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، قال: "أفلا أَكُوُنُ عَبْداً شَكُورَاً؟ " (1).

في هذا الحديث الشريف من الإلزام بالقيام بواجب العبودية، غاية الغاية عند مَن يعقل، فإن السيد الأعظم، والكنز المطلسمﷺ (2)، حالة كونه سِرّ الوجودات، وسبب الموجودات، والبرزخ الوسط بين الخَلق والخالق، قد فعل في مقام عبديته ما تورّم له قدماه الشريفان!.
فأين نحن؟ هات أيها العارف! ابذل مهجتك اتباعاً لهذا الرسول العظيم ﷺ، وامحقْ كُلَّكَ في اليوم والليلة ألف مرة، وأنت بعدها مقصر، العبودية وصف العارف المحض.

روايات قُدْسيّة
أي بُنيّ! قد ذكر الله تعالى في كتب الأنبياء نعت الأصفياء، يقول الله تعالى: عبدي! بي وجدتني، وبي وقع بيني وبينك عقد المحبة، وبي صرت من أهل خدمتي، وبي تعرفني وبي تذكرني وتثني عليَّ، وبي تتلذذ بذكري، وبي قصدتَ صحبتي، وبي قدرتَ أن تنظر في الآخرة إلى وجهي.
عبدي! نفسك لي، وروحك لي، وقلبك لي، وكُلِّيتك لي، فإن أعطيتني الكل أعطيتك الكُلَّ، وكنت لك مع الكلِّ.

وفي الخبر: أوحى الله تعالى إلى داود عليه الصلاة والسلام: مَن الذي دعاني فقطعت رجاءه؟ ومن الذي قرع بابي فلم يُفْتَحْ له؟ أنا الذي جعلت آمال خَلقي بي متصلة، وعندي مدّخرة.
يا داود! ما لعبدي يُعرض عني وأنا أقول إليّ،
يا داود! أنا محلُّ الآمال، أنا الذي جعلت طيران قلوب المشتاقين نحوي، وجعلتها في الأرض مواضع نظري، وأطلقتُها إليّ حتى تزداد شوقاً إليّ، وقرباً مني،
يا داود! بشِّر أوليائي وأحبائي، بأني كل ساعة أُريهم كرامتي، ولطائف صنعي، وحسن امتناني عليهم، حتى لا ينسَوني، ولا يميلوا إلى غيري، وشوقتهم إليّ حتى لا يصبروا عني، وفتحت لهم أبواب أُنسي، واستجبت لهم قبل أن يدعوني، وأعطيتم قبل أن يسألوني،
يا داود! فوعِزَّتي وجلالي لأقعدنهم في الفردوس، ولأمكننَّهم من رؤيتي حتى أرضى عنهم، ويرضَوْا عني،
يا داود! أخبر أهل الأرض بأني حبيبٌ لمَن أحبني، وجليسٌ لمن جالسني، ومؤنسٌ لمن أنِسَ بي، وصاحبٌ لمن صاحبني، ومطيعٌ لمن أطاعني، ومختارٌ لمن اختارني،
وقل لعبادي: هلمّوا إلى مصاحبتي ومؤانستي، وسارعوا إلى محبتي وقربي.
اعلم يا داود أني خلقت طينة أحبائي من طينة إبراهيم خليلي، ويحيى زكيّي، ومحمد حبيبي،
يا داود! هل رأيت حبيباً يبخل على حبيبه؟،
يا داود! ألا إن طال شوق الأبرار إلى لقائي، فإني إليهم لأشد شوقاً،
ألا مَن طلبني وجدني، ومن طلب غيري لم يجدني.
يا داود! إذا كان الغالب على عبدي الاشتياق ليَّ، والاشتغال بي، جعلتُ راحته ولذته في ذكري وعشقته، ورفعت الحجاب بيني وبينه، أُحِبُّه ويحبني، حتى لا يغفُل إذا غفل الناس، ولا يسهو إذا سها الناس، ولا يلهو إذا لها الناس، أولئك الأبرار حقاً،
يا داود! إن طلبتني وجدتني، وكفيتك الأسباب، ولم أطالبك بالحقوق، وإن طلبت غيري شغلتك بالأسباب، وطالبتك بالحقوق،
يا داود! إني جعلت محبتي لمن لا ينساني بلسانه وقلبه، فإنه لا شيء أنقص عندي من الغفلة والنسيان.
يا داود! إن رضيت عني، رضيت عنك، وإن أفردتني بالحاجة، أفردتك بالإنجاح، وإن شكرتني صيرتُك ملِكاً في الدارين،
يا داود! من لم يصبر على بلائنا لا يفزع إلينا،
يا داود! إني إذا أحببت عبداً من عبيدي، ملأت قلبه خوفاً مني، وتشوقاً إلى لقائي، وحرصاً على طاعتي.
يا داود! أوليائي في قبابي، لا يعرفهم إلا أوليائي، فطوبى لأوليائي وطوبى لأحبائي،
يا داود! إني لا أنسى مَن ينساني، فكيف أنسى من يذكرني؟
يا داود! إني أجود على مَن يبخل عليَّ، فكيف أبخل على من يجود بي؟
يا داود! إني أحب مَن يبغضني، فكيف أُبغض مَن يحبني؟
يا داود! بشِّر عبادي السائلين: بأني بهم رؤوفٌ رحيم.
يا داود! كل حبيبٍ يحب خلوةَ حبيبه، وأنا مُطلع على قلوب أحبائي، قل للمتلذذين بذكري: هل وجدتم رباً أبرَّ مني؟
يا داود! مَن أطاعني وهو يحبني أُسكنه(1) جنتي، وأُريه وجهي، ومَن عصاني ولم يحبني أدخله ناري، وأُحِلُّ عليه سخطي،
يا داود! وعزتي وجلالي، لا يجاورني إلا مَن طلب جواري.
يا داود! كذب من ادعى محبتي، وإذا جَنَّ عليه الليل نام عني،
يا داود! مَن عرفني أرادني، ومن أرادني طلبني، ومن طلبني وجدني، ومن وجدني لا يختار حبيباً سواي.
يا داود! مَن طلبني قتلته، ومن أحبني ابتليته، ومن هرب مني أحرقته.
يا داود! بشر المذنبين بأني غفور، وأنذر الصديقين بأني غيور.
يا داود! من لقيني وهو يخافني، لم أعذبه بناري، ومن لقيني وهو يحبني، لم أحزنه بفراقي، ومن لقيني وهو مستحي مني، لم أخجله يوم يلقاني.
يا داود! جنتي لمن لم يقنط من رحمتي، وغضبي عن مَن أخطأ خطيئة فاستعظمها في جنب عفوي! ولو عاجلتُ أحداً بالعقوبة إذاً عاجلت القانطين من رحمتي، وما العجلة من شأني، فها أنا مطلع على قلوب أحبائي، إذا جنَّ الليل جعلت أبصارهم في قلوبهم، فخاطبوني علي المشافهة، وكلموني على الحضور.
يا داود! لولا أني ربطت أرواح أحبائي في أبدانهم، لخرجت الأرواح من أبدانهم شوقاً إلى لقائي،
يا داود! إن من عبادي عباداً جعلتهم للخير أهلاً، وجعلت لهم المؤانسة نصيباً، طوبى لهم وحسن مآب.

ورُوي أن الله تعالى أوحى إلى يحيى بن زكريا عليهما الصلاة والسلام: إني قضيتُ على نفسي أن لا يحبني عبدٌ من عبادي أعلم ذلك من قلبه، إلا كنت سمعه وبصره ولسانه، وأُبَغِّضُ إليه كلَّ شيء، وأمنعه شهوات الدنيا ولذاتها، وطيب عيشها، وأطَّلع عليه في كل يوم سبعين ألف مرة، وأزيد له كل ساعة: لذائذ حبي، وحلاوة أُنسي، وأملأ قلبه نوراً مني، حتى ينظر إلىَّ كل ساعة فأمسح برأسه، وأضع يدي على ألم قلبه، حتى لا يشكو منه، وأنا أسمع خفقان قلبه من الشوق إلى لقائي، والخوف من قطيعتي، وهو يقول: حقيق عليّ أن لا يسكن قلبي حتى أصل إليك يا ربي!
يا يحيى! وكيف يسكن قلب المشتاق وأنا غاية مُنيته، ومنتهى أمله؟ وهو كل ساعة يتقرب إليّ وأتقرب إليه، وأسمع كلامه، وأعلم أسفه، وأحب صوته،
فوعِزَّتي وجلالي، لأنقبنه يوم القيامة منقباً (1) يغبطه الأولون والآخرون، ثم آمر منادياً ينادي من تحت عرشي: هذا فلان ابن فلان وليُّ الله وصفيُّه، دعاه الله ليُقِرَّ عينه،
ثم آمر برفع الحجاب حتى ينظر حبيبي إليّ، وأقول: السلام عليك عبدي وولييِّ، أُبَشِّرُك.
قال: فغشي على يحيى فلم يفق ثلاثة أيام، فلما أفاق قال:
سبحانك، سبحانك، ما أكثر توددك إلى أوليائك وأصفيائك؟ لا يفصل عنك الأمل، يا خير صاحب وأنيس! فنعم المولى أنتَ ونعم النصير.

وروي أن الله تعالى قال في بعض كتبه: " إذا كان الغالب على قلب عبدي الاشتغال والأنس بي، رفعت الحجاب بيني وبينه في الباطن، حتى كأنه ينظر إليّ (1)".

ورُوي أن الله تعالى قال في بعض الكتب: وعزتي وجلالي! لأقطعن أمل كل مؤمِّل غيري بالإياس، يؤمل عبدي غيري والخير كله بيدي!
مَن الذي أملني فقطعتُ عنه أمله؟ ومن الذي رجاني فخيبت رجاءه؟ ومن الذي قرع بابي بالدعاء فلم أفتح له؟
عبدي! تنعم بذكري، فإني نعم الحبيب لك في الدنيا والآخرة،
عبدي! ستذكرني إذا جربتَ غيري بأني لك خير من كل ما سواي،
عبدي! أما استحييت مني إن أعرضتَ وجهك عني؟ وتُقبِل على غيري؟
عبدي! إلى أين تذهب؟ وطريق الوسيلة إليّ لا إلى غيري!
عبدي! أين مَن دعاني فلم أجبه؟ وأين مَن سألني فلم أعطه؟
عبدي! بابي لك مفتوح، عطائي لك مبذول، وأنا أرحم الراحمين.

وروي أن الله تعالى قال لموسى عليه الصلاة والسلام: حقَّت محبتي للمتحابين من أجلي، وحقت محبتي للمتواصلين من أجلي، وحقت محبتي للمتزاورين من أجلي،
يا موسى! إن ذكرتني ذكرتك، وإن رضيت عني رضيت عنك، وإن كنت لي فرداً كنت لك الفرد، وإن لم تردَّ على حكمي واليتك واصطفيتك، وقرَّبتُ مقعدك مني،
يا موسى! إذا خِفتَ فخَفْني حتى أؤمنك، وإذا أحببتَ فأحبني، حتى أحبك، وأحببك إلى قلوب الصالحين، وإذا نظرت فانظر إليّ، حتى أنظر إليك من فوق عرشي.

وروي في بعض الأخبار أن الله تعالى يقول يوم القيامة لأوليائه: يا أوليائي! طالما لحظتكم، ورأيتكم في دار الدنيا وقد غارت أعينكم، وقلصت شفاهكم، وخفت بطونكم، فكلوا واشربوا، هنيئاً بما أسلفتم في الأيام الخالية.
أوليائي وأحبائي! جزائي لكم أفضل البذل، وفضلي لكم أوفر الفضل، ومعاملتي إياكم أحسن المعاملة، ومطالبتي إياكم أشد المطالبة، أنا مؤنس القلوب، وأنا علاّم الغيوب.







_________________



مولاي صل وسلم دائما أبداعلى حبيبك خير الخلق كلهم
اللهم صل على هذا النبى الأمين وأجعلنا من خاصة المقربين لديه السعداء وعلى آله وسلم حق قدره ومقداره العظيم




أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: [ حالة أهل الحقيقة مع الله تعالى ]
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأحد مايو 31, 2020 4:26 am 
غير متصل

اشترك في: الخميس مايو 30, 2013 5:51 am
مشاركات: 35060
الحديث الثاني والثلاثون صاحب الخلق العظيم ﷺ
الحياء شعبة من الإيمان -الصلاة معراج العارفين



عن عبدالله بن عمرو بن العاص أن هذه الآية التي في القرآن:

(يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا)(1) قال في التوراة (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا، وحِرزاً لِلأُمِّيِّينَ، أنْتَ عَبْدِي وَرَسُولي، سمَّيْتُكَ الْمُتوَكِّلْ، ليْسَ بفظٍّ وَلا غَلِيظٍ، ولا سَخَّاب(عالي الصوت) في الأسْوَاقِ، ولا يَدْفَعُ السَّيِّئَة بالسَّيئَة، وَلكِنْ يَعْفُوُ وَيَصفح، وَلَن يَقْبِضهُ الله حتَّى يُقيمَ بِهِ المِلَّةَ العَوْجَاءَ، بأن يَقُولُوا: لا إِله إلَّا الله، فَيَفْتَحُ بِهَا أَعْيُناً عُمياً، وآذَاناً صُماً، وقُلُوباً غُلْفاً)(2).

ولنا بهذا السند عن البخاري قال: حدثنا خالد بن مخلد قال: حدثنا سليمان قال: حدثنا عبدالله بن دينار، عن أبي صالح، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي ﷺ قال: :"الرَّحِمَ شَجْنَةٌ مِنَ الرَّحْمَنِ، فَقَالَ اللَّهُ : مَنْ وَصَلَكِ وَصَلْتُهُ وَمَنْ قَطَعَكِ قَطَعْتُهُ" (1).

فالحديث الأول: أفاد أن الله يُسعف نبيه ﷺ حتى يقوِّم العوجاء، بكلمة لا إله إلا الله.
والحديث الثاني: أفاد أن الرحم من أشعة نور الرحمن، مَن وصلها اتصل، ومَن قطعها انقطع.
والجمع بين السرّين في الحديثين، هو فتح القلب والعين والأذن بالتوحيد الخالص، وإيصال القلب بالرحمن، بحبل الرحمة والشفقة على الخَلق، وبهذا تَعيَّن الأقرب فالأقرب، يفهم ذلك العارف،
فكلمة التوحيد: تفيد الإيمان بالله،
وصلة الرحم: تفيد التخلق بخُلُق الله،
وهو الرحمن، وإليه المرجع في المَبطن والعِيان، وبه المستعان، وعليه التكلان، وما ذاك إلّا لإعظام أمر الله، وهو من إعظام الله.

قال يحيى بن معاذ رحمه الله تعالى: اعرف حُرمة من لا تعرف الفضلَ إلا منه، ولا ترجو الراحةَ إلّا منه، واستحي منه حق الحياء، واذكر امتنانه إذ خلقك ولم تكُ شيئاً، وزيّنك بنور المعرفة، حتى كأنك لم تزل تعرفه، ولولا فضله ورحمته عليك، كيف كنت تعرفه بأنه مولاك، من غير أن تراه بعينك؟.
ثم طَهَّرَ سرّك وضمائرك من الشك والشبهة والنفاق، وألبسك من أحسن لباسه، وتوَّجَك بتاجه بلا سؤال، ثم دعاك إلى دار السلام،

ويقال: لا يزال المؤمن عظيماً ما أعظم الله، وعظَّم أمره، وعظّم أولياءه، وعرف قدرهم وحرمتهم.

الحياء شعبة من الإيمان
وحُكي أن رجلاً من ملوك الدنيا قال لشقيق البلخي(2) سل حاجتك قال: إني لأستحي من ربي أن أسألك، ومولاي ناظر إليَّ يقول: سَل حاجتك بلا حشمة، حتى أرضى عنك، ولا تسأل غيري فأمقتك!.

ودخل على رابعة البصرية (1) جماعةٌ من الزهاد وفيهم سفيان الثوري (2)، فرأوا لها حالة رثة!
فقال لها بعضهم: أما تُرسلين إلى بعض مواليك ليعطيك شيئاً؟
فقالت: والله إني لأستحيي أن أسأل الدنيا ممن يملكها، فكيف ممن لا يملكها؟.

وقيل لأبي عبد الله رحمه الله تعالى: ما صفة المريدين؟ قال: أن يكونوا مع الناس بأبدانهم، وقلوبهم تحت العرش كأنهم يرون ربهم فوق عرشه، ويستحيون أن يسألوه شيئاً سواه.

وفي الخبر: " أرأيتم سليمان وما أعطي من المُلك، فإنه لم يرفع رأسه إلى السماء، تخشعاً لله وحياءً منه، حتى قبضه الله" (3).

وقال عامر بن عبد قيس رحمه الله(4) ما نظرت إلى شيء إلا رأيت الله أقرب إليَّ منه، وأنَّ نظره إليّ قبلَ نظري إلى ذلك الشيء.

وكان يحيى بن معاذ رحمه الله إذا قرأ : (وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ )(5) قال: إلهي هذا قربك إلى أعدائك، فكيف قربك إلى أوليائك؟

وقال شهر بن حَوشب (6) رحمه الله: ما رأيت إبراهيم التيمي (7) رافعاً رأسه وبصره إلى السماء قط، حتى قبضه الله حياءً منه،

ومرض العارف داود الطائي (1) رضي الله عنه وهو في جوف بيته، فقيل له: لو خرجتَ إلى صحن الدار حتى تهب عليك ريح الهواء، قال: إني لأستحي من الله أن يراني وأنا أطلب الراحة لنفسي في الدنيا.

ويقال: كان في مِصْرَ رَجلٌ مجذوم فقال: إنه يعرف اسم الله الأعظم، فقيل له: لو دعوت الله باسمه الأعظم، أن يكشف عنك هذا البلاء؟ قال: إني لأستحي منه أن يكون لي مراد بخلاف مراده.

الصلاة معراج العارفين
وكان سيدنا الإمام الحسين بن الإمام علي عليهما السلام، إذا توضأ ليصلي أصفر لونه، وارتعدت فرائصه، فقيل له في ذلك؟ فقال: حُقَّ لمن وقف بين يدي رب العرش، أن يتغير لونه حياءً من إجلاله.

وكان مسلم بن يسار رحمه الله(2) يصلي، فانهدمت زاوية المسجد ولم يشعر.

وكان الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام ترتعد فرائصه عند قضاء أمانة لم تحملها السموات والأرض، وهي الصلاة.

ولدغت امرأةً حيةٌ في أربعين موضعاً ولم تشعر، من حلاوة الصلاة.

وكان مسلم بن يسار رحمه الله يصلي، فوقع الحريق في بيته، وفزع الناس إليه، حتى أطفؤوها ولم يشعر.

قال الجريري رحمه الله(3) إني لأستحيي من الله، أن أنام تكلفاً حتى يَصرعني النوم.

وحكي أن معاذة بنت عبدالله رحمها الله(4) ما رفعت بصرها إلى السماء أربعين عاماً، وكانت تقول: عجبت لعين تنام، والحبيب إليها ناظر، وربما كانت تتفكر في جلالته وعظمته، حتى يُغشى عليها.

وكان داود عليه الصلاة والسلام لا يرفع رأسه إلى السماء هيبةً من إجلاله تعالى.

وقال ابن سنان رحمه الله(5): ما اتخذ الله إبراهيم خليلاً حتى ألقى في قلبه إجلالاً منه، بحيث يسمع خفقان قلبه كالطير في الهواء.

علامة السعداء ثلاث: التمسك بسنة النبي المختار ﷺ، والصحبة مع الأولياء الأخيار، والحياء من الملك الجبار،

ومكتوبٌ في الزبور: يا داود! إني لأستحيي من عبدي أن أرده إذا دعاني، وإن عبدي لا يستحيي أن أدعوه فلا يجيبني.

قال النبي ﷺ: "الإحْسَانُ أنْ تَعْبُدَ الله كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاك" (1)

قال الفضيل رحمه الله تعالى: إلهي! ارحم مَن لو عقل لم يتكلم من الحياء.

وحكي أن عامر ابن قيس رحمه الله كان يصلي، فاكتنفته السباع، فلما انفلتَ من صلاته مسح ظهورهم بيده، وقال: أنتم كلاب الله، وأنا عبد الله، فقيل له: هل هِبتَ منهم؟ قال: إني لأستحيي من ربِّي أن أهاب شيئاً دونه.

وقال صالح المُرّي رحمه الله (2): رأيت ربي في المنام ليلة، قلت: لبيك لبيك، وصرت كالبعوضة من إجلاله،
فقال: يا صالح إني لخبير بالمريدين، وإني أسمع أنينهم، وأرى حركاتهم، وإني لمطلع على سرائرهم وضمائرهم،
قال: فدهش عقلي حياءً منه.

وحُكي أن الحسن البصري رحمه الله صعد موضعاً يؤذن للصلاة، فلما قال: أشهد أن لا إله إلا الله غُشي عليه من إجلاله.

وقالت عائشة رضي الله عنها: " كان رسول الله ﷺ يحدثنا ونحدثه، فإذا حضرت الصلاة كأنه لم يعرفنا ولم نعرفه" (3)

وقال بعض أهل المعرفة في معنى قوله عليه الصلاة والسلام: " جُعِلَتْ قُرَّةُ عَيْني في الصَّلاةِ (4)"، لم تكن الصلاة قرة عينه، ولكن إذا قام للصلاة رأى فيها ما تقرُّ عينه، لقوله: " الإحْسَانُ أنْ تَعْبُدَ الله كَأَنَّكَ تَرَاهُ".

وقال الفضيلُ بن عياض رحمه الله: صليتُ خلف ذي النون صلاة العصر، فلما أراد أن يكبِّر، رفع يديه وقال: الله، فبهت (1) وبقي كأنه جسد لا روح فيه من إجلاله، ثم قال: أكبر، فظننت أن قلبي ينخلع من هيبة تكبيره.

قَلَّ حَيَاءُ النَّاسِ مِنْ رَبِّهِمْ

فَكُلُّهُمْ يُظْهِرُ تَقْوَاهُ

لَيْسَ يُبَالِي الخُبْثَ فِي ثَوْبِهِ

مَنْ بَالى (2) في عَاجلِ دُنْيَاهُ

يَخَافُ أن يَمْقُتهُ أَهْلُهُ

ولا يُبَالي مَقْتَ مَوْلاهُ










_________________



مولاي صل وسلم دائما أبداعلى حبيبك خير الخلق كلهم
اللهم صل على هذا النبى الأمين وأجعلنا من خاصة المقربين لديه السعداء وعلى آله وسلم حق قدره ومقداره العظيم




أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: [ حالة أهل الحقيقة مع الله تعالى ]
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين يونيو 01, 2020 4:14 am 
غير متصل

اشترك في: الخميس مايو 30, 2013 5:51 am
مشاركات: 35060
الحديث الرابع والثلاثون مَن وُلد له مولود فسماه محمداً
أنواع البكاء- درجات البكاء


عن مكحول، عن أبي أمامة الباهلي، قال:
قال رسول الله ﷺ: "مَن وُلِدَ لَهُ مولودٌ فسماهُ محمداً تبركاً به، كان هو ومولودهُ في الجنة"(1).

في هذا الحديث الشريف مِن سِرِّ الحب له ﷺ ما يفهمه أهل الخصوصية، فإنهم بذكر اسمه المبارك ترتاح هممهم للتخلق بأخلاقه الزكية، وللتشبث بأذياله، فتراهم لا تقف هممهم في طريق متابعته وقفة المشغول بالدنيا، بل هم متنبهون خاشعون، ومن الله خائفون، ولنبيهم متبعون، وبسنته عاملون، وأولئك هم العارفون.

أنواع البكاء
أي بُنيّ! اعلم أن أهل المعرفة يبكون إذا ضحك أهل الغفلة، ويحزنون إذا فرح أهل الغِرَّة،
قال الله تعالى (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ).
وقوله: (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌۙ* ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌۚ) .
وأن الله تعالى ذكر من دلائل المعرفة ومن علامات العارفين كثرة البكاء وسيل الدموع، قال (وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ) .
وذم أهل الغفلة بالضحك وترك البكاء في قوله (أَفَمِنْ هَٰذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ* وَتَضْحَكُونَ وَلَا تَبْكُونَ) (4) الآية.

واعلم أن البكاءَ بكاءُ العين، وبكاءُ القلب وبكاء السر،
فأما بكاءُ العين فهو لأهل المعرفة من المنيبين.
وأما بكاء القلب فهو لأهل المعرفة من المريدين.
وأما بكاء السر فهو لأهل المعرفة من المحبين.

واعلم أن لأهل المعرفة هموماً مخبوءة تحت أسرارهم، مستورة عن أفكارهم، فكلما هاج من أسرارهم رياح خشية الهيبة، ومن قلوبهم لهب نيران الأحزان، أحرقت ما عليها من هشيم الغفلة والنسيان.

درجات البكاء
والبكاء على خمسة أوجه:
1-بكاءُ الحياء، مثل بكاء آدم،
2-وبكاء الخطيئة، مثل بكاء داود،
3-وبكاء الخوف مثل بكاء يحيى بن زكريا،
4-وبكاء الفقد، مثل بكاء يعقوب،
5-وبكاء الهيبة، مثل بكاء سائر الأنبياء، وهو قوله تعالى (إِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَٰنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا*)(5) الآية.

وبكاء سادس: مثل بكاء شعيب ذلك بكاء الشوق والمحبة، بكى شعيب حتى ذهب بصره، ثم رُدَّ إليه بصره، فبكى حتى ذهب بصره، ثلاث مرات،
فأوحى الله تعالى إليه: أن يا شعيب إن كان بكاؤك من مخافة النار فقد أمنتك من النار، وإن كان بكاؤك من أجل الجنة فقد أوجبت لك الجنة.
فقال: لا يا رب ولكن من الشوق إلى رؤيتك،
فأوحى الله إليه: أن يا شعيب حَقَّ لِمَن أرادني أن يبكي من شوقي، إنه ليس لهذا دواء غير لقائي،

ويروى أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: " لو أن عبداً بكى من خشية الله في أُمّة لرحم الله تلك الأمة ببكائه"(1).

وقالت رابعة رحمها الله تعالى: بكيت عشر سنين عن الله، وعشر سنين بالله، وعشر سنين إلى الله. فأما ما هو بالله: فالرجاء به، وأما ما هو عن الله: فالخوف منه، وأما ما هو إلى الله: فالشوق إليه.

وقال بعضهم: دخلت على رابعة البصرية فإذا هي ساجدة، فجلستُ عندها حتى رفعت رأسها، فإذا في موضع سجودها ماء واقف من دموعها، فسلمتُ عليها فردت علي السلام، وقالت: ما حاجتك ؟ قلت: أريد زيارتك، فبكت ثم صرفت وجهها عني، وكانت تبكي وتقول: قرة عيني لابد لي منك، فالعجب ممن عرفك، كيف يشتغل بغيرك، والعجب ممن أرادك، كيف يريد غيرك؟!

وكان عطاء السلمي رحمه الله (2) كثيراً ما يقول في بكائه: اللهم ارحم انقطاعي إليك، وإعراضي عن سواك، وغربتي في بلادك، ووحشتي بين عبادك، ووقوفي بين يديك.

وقال الفضيل بين عياض رحمه الله: بينا أنا في الطواف، إذ أنا برجل قد تغيَّر لونه، ونحل جسمه، وهو يبكي ويدندن (3) مع نفسه، فدنوت منه، فإذا هو يقول: إلهي! قد أستأنستْ بك قلوبُ المحبين، واستَرَاحتْ إليك قلوب العارفين، فلا تقطع منك آمال المشتاقين.
قال: فسمعت هاتفاً يقول: يا وليّ لقد أبكيت السموات السبع، اسكت فإن لك ما سألت.

وروي أن آدم عليه الصلاة والسلام لما نزل من الجنة، بكى حتى نبت من دموعه النبات، فأوحى الله إليه: هذا البكاء على فوت الجنان، فأين البكاء على ترك خدمتي؟ ففزع آدم إلى كلمة الإخلاص، فقال: لا إله إلا أنت سبحانك،
قال الله تعالى: (فَتَلَقَّىٰ آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ)(1).

وقال ذو النون رحمه الله: رأيت بمكة رجلا يبكي بكاء العارفين، فدنوت منه وقلت: ألك حبيب؟ قال: نعم، قلت: حبيبك قريبٌ أم بعيد؟ قال: قريب، قلت: موافقٌ لك أم مخالف؟ قال: بل موافق لي، قلت: سبحان الله فلم تبكي؟
قال: أما علمتَ أن عذاب القرب والموافقة، أشد من عذاب البعد والمخالفة؟.

وحكي أن رابعة رحمها الله كانت تمر يوماً في بعض طرق البصرة، فقطرت عليها قطرةٌ من الميزاب، فسألت عنها، فقيل: أنها من بكاء الحسن، قالت: قولوا للحسن لو ازددت بالدموع، حتى تصل العرش محبةً له، لكان قليلا.

وقيل لعبادة بن شميط بن عجلان: هل يبكي المنافق؟ قال: أما من الرأس فنعم، وأما من القلب فلا.

قال الفضيل: إذا رأيت الرجل يبكي، وقلبه ساهٍ فهو بكاء منافق، وإن البكاء بكاء القلب.

قيل لمالك بن دينار(2): ألا تجئ بقارئ يقرأ بين يديك؟ فقال: إن الثكلى لا تحتاج إلى النائحة.

وقال كعب الأحبار(3) : لأن أبكي دمعة من خشية الله أحب إليّ من أن أتصدق بجبل من الذهب.

وكان مالك بن دينار كثيراً ما يبكي ويقول: يا نفس تريدين أن تجاوري الجبار، وتشاهدي المختار، بأي شهوة تركتِها، بأي بعيد قربته إلى الله، بأي ولي أحببته لله، بأي عدو أبغضته لله، بأي غيظ كظمته لله، لا والله لولا عفو الله ورحمته، ثم يغشى عليه.

وروي أن الله تعالى قال لموسى عليه الصلاة والسلام: (لن يتقرب إليّ المتقربون بمثل البكاء من خشيتي).

وقال ثابت النساج رحمه الله: ما شرب داود عليه الصلاة والسلام شربة من الماء بعد الخطيئة إلى وكان نصفه دموعه حتى لحق بالله عز وجل،
فقال يوماً من الأيام فيما رأى من كثرة دموعه: أما ترحم بكائي يا إلهي؟
فنودي من السماء يا داود تذكر دموعك، ولا تذكر ذنبك؟
فأخذ برمض النار من الرماد، وصار يجعله على رأسه، ويقول: ذهب ماء وجهي عند ربي.

وقيل: كان في عهد الحسن البصري رضي الله عنه رجل كان له ابنة تبكي حتى عميت عيناها، فجاء الرجل إلى الحسن ودعاه ليعظها، لعلها ترفق بنفسها،
فأتاها الحسن وقال لها: ارفقي،
فقالت: أيها الأستاذ إن عيني لا تخلو من وجهين، إما أن تصلح لرؤية ربي أو لا تصلح، فإن لم تصلح فحق لها أن تعمى، وإن كانت تصلح فألوف مثل عيني فداء لرؤيته،
قال الحسن: جئتُ مداوياً فصرتُ مداوَى، وأتيتُ مطيّباً فوجدتُ طبيباً.

وقالت سلمة بنت خالد المخزومي رحمها الله: كانت امرأة من الشام ببيت الله الحرام، ويقال لها حزينة، أبداً تبكي من غلبة الشوق، وكلما نظرت إلى باب الكعبة، قالت: بيت ربي، بيت ربي،
ففُتح باب الكعبة يوماً من الأيام، فرأت فيها طائفين يبكون، ويقولون: مليكنا وقرة أعيننا، طال شوقنا متى تكون ملاقاتنا، فسمعت تلك المقالة (1)، فصاحت صحية وخرت مغشياً عليها، ولم تزل تضطرب حتى ماتت.

وقال يحيى بن أصفر: دخلنا مع جماعة من أصحابنا على عفيرة العابدة(2)، وكانت عمياء من كثرة بكائها،
فقال واحد منا: ما أشد العمى بعد البصر!
فسمعت ذلك فقالت: يا أبا عبدالله عمى القلب عن الله أشد من عمى العين، وددتُ لو أن الله أعطاني كُنهَ محبته، ولم يُبق لي جارحة إلا أخذها مني!

اللَّيلُ داجٍ والعُصاةُ نِيَامُ

والعَارِفُون لَدَى الجَلِيلِ قِيَامُ

يَتْلُون آياتِ الهُدى ودموعُهم

تَجْرِي، ومِنْهَا قَدْ تَفِيضُ سِجَامُ

لا يَصْبِرُونَ سُويْعَةً عَن ذِكرِهِ

شَوْقاً وَلَيْسَ لِمَن يُحبُّ مَنَامُ









_________________



مولاي صل وسلم دائما أبداعلى حبيبك خير الخلق كلهم
اللهم صل على هذا النبى الأمين وأجعلنا من خاصة المقربين لديه السعداء وعلى آله وسلم حق قدره ومقداره العظيم




أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: [ حالة أهل الحقيقة مع الله تعالى ]
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء يونيو 02, 2020 4:12 am 
غير متصل

اشترك في: الخميس مايو 30, 2013 5:51 am
مشاركات: 35060
الحديث الخامس والثلاثون مَن أدّى حديثاً.

عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:
قال رسول اللهﷺ : " مَنْ أدَّى حَدِيثاً إلى أمتي لِتُقَام بِهِ سُنَّةٌ أو لتُثلَم بِهِ بِدْعَةٌ فله الجَنَّة".

ومن هذا الحديث الشريف يُعلم أن اهل الجنة القائمون بإقامة السُّنَّة، وإثلام البدعة، تجرداً لله تعالى، وتوكلاً عليه، وإيماناً به، وحباً له.

أي بُنيّ! اعلم أن حبيب القلوب سبحانه إذا أحب عبداً أطلع سره على جلال قدرته، وحرك قلبه بمراوح ذكر مِنّته، وسقاه شَربةً من كأس محبته، حتى يُسكره به عن غيره، وجعله من أهل أُنسه وقُربه وصُحبته، حتى لا يصبر عن ذكر ربه، ولا يختار أحداً عليه، ولا يُشغل بشيء دون أمره.

وقال الشيخ أبو بكر الواسطي رحمه الله: منزلة الحب أقدم من منزلة الخوف، فمن أراد الدخول في عصبة أهل المحبة، فليحسن الظن بالله، وليعظِّم حُرْمَتَهُ.

وروي أن الله تعالى أوحى إلى داود عليه الصلاة والسلام: أن يا داود أحِبني، وأحِبّ أحبائي، وحببني إلى عبادي،
فقال داود: إلهي أحبك وأحب أحباءك، فكيف أحببك إلى عبادك؟
فقال: ذكرهم آلائي، وحُسن لطائفي.

وفي الخير: " إذا أحَبَّ الله عَبْداً مِن عِباده نادى جبريل عليه الصلاة والسلام: يا أهْل السَّماء والأرض، يا مَعْشر أولياء الله وأصفيائه، إن الله تعالى يُحِبُ فلاناً فأحبوه" .

وقال أبو عبدالله النسّاج  كل عمل لم يكن فيه محبة الله لم يُقبل.
وقال: مَن أحبه الله ابتلاه بالمحن، فمن التفت منه إلى ما سواه صار محجوباً عنه، وسقط عن بساط أهل المحبة.

وقال عبدالله بن يزيد  مررت برجل نائم في الثلج، وعلى جبينه قطرات من العرق، فقلت له: يا أبا عبدالله، أما تجد البرد؟
فقال: مَن شغله حب مولاه لا يجد البرد،
قلت: وما علامة المحب؟ قال: استقلال الكثير من نفسه، واستكثار القليل من حبيبه،
فقلت له: أوصني، فقال: كن لله يكن الله لك.

وقال محمد بن الحسين دخلت سوق النخاسين لأشتري جارية، فرأيت جارية مشدودة على وجنتيها عصابة، مكتوب عليها: مَن أرادنا أفلسناه، ومن هرب منا وسْوسناه.
فقلت: كذا قال الله تعالى لعباده: إن طلبتموني أنسيتكم بنفسي عن غيري، وأفنيتكم بي عن أنفسكم، حتى لا تروا شيئاً دوني.

قال: قرع واحد باب محبوبه، فقال مَن داخل الباب: مَن أنت؟ قال: أنا أنت، فقال يا أنا ادخل:

عَجِبْتُ مِنْكَ ومِنِّي 

أفْنَيْتَنِي بِكَ عَنِّي 

أدْنَيْتَّنِي مِنْكَ حَتَّى

ظَنَنْتُ أنَّكَ أنِّي

 


 







_________________



مولاي صل وسلم دائما أبداعلى حبيبك خير الخلق كلهم
اللهم صل على هذا النبى الأمين وأجعلنا من خاصة المقربين لديه السعداء وعلى آله وسلم حق قدره ومقداره العظيم




أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: [ حالة أهل الحقيقة مع الله تعالى ]
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء يونيو 03, 2020 4:37 am 
غير متصل

اشترك في: الخميس مايو 30, 2013 5:51 am
مشاركات: 35060
الحديث السابع والثلاثون لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا
النعمة والمحنة- وبشر الصابرين


عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
قال رسول الله ﷺ: " لا تَدْخُلُونَ الجنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا، ولن تُؤمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا، ألا أُخبِرَكم بشيء إذا فَعلتُمُوه تَحَابَبْتُم؟ أفْشُوا السَّلام بَيْنكُم".

أمر ﷺ بهذا الحديث الشريف بقمع النفس، ومحق ثورتها، وصفعها بنعل الهمة، إذا تعدَّت طورها، بشأن إخوانها المسلمين.
وألزم بالمحبة الخالصة، وجعلها عماد الإيمان، لأنها لله سبحانه وتعالى.
وعلَّمنا وهو معلم الخير ﷺ أن إفشاء السلام مُنتِجٌ للمحبة، وأهل الحق ممتحَنون بأهل الباطل، ولكن لا تنحرف هممهم عن الحق، اعتماداً عليه سبحانه وتعالى.

النعمة والمحنة
أي بُنيّ! اعلم أن الله تعالى خلق الدنيا، وجعلها دار المحنة، ومحل الأخطار والأشرار، ثم خلط فيها الأبرار والفجار، وأهل المحبة بأهل البطالة، ثم يقلبهم من حال النعمة إلى حال الشدة، ومن حال الشدة إلى حال النعمة، لإظهار مَن يعبده على بساط المحنة، ممن يعبده على بساط النعمة، ومَن يعبده على رؤية المُعطي، ممن يعبده على رؤية العطاء.

قال الله تعالى: (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ، فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ المُبينُ) الآية،

وفي الخبر إن الذهب ليجرَّب بالنار، والعبد الصالح ليجرَّب بالبلاء"،
والحكمة في امتحان الله تعالى عباده الصالحين، إظهار ما في ضمائرهم من صدق الدعوى وكذبه، وحقيقة المعنى وبطلانه، ليكون فيه ظهور مرتبة الصديقين وافتضاح غيرهم.

أما ترى أنه لا يسع للحاكم أن يحكم للخصم على إحاطة علمه، في تصديق دعواه وبطلانه، من غير أن يظهر لغيره ذلك، قال تعالى: (ألم*  أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ) الآية،
وقال تعالى: (فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ).
وقال الله تعالى: (لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ).

ثم اختلفوا فقال بعض العلماء: من يعبده على بساط النعمة أولى ممن يعبده على بساط المحنة، لأن منزلة الشكر أفضل من منزلة الصبر، وذلك لأن الشكر على النعمة طاعةٌ على بساط الفراغة، والصبر على الشدة طاعةٌ على بساط الشغل، وليس مَن عَبَدَ اللهَ فارغاً كمن عبده مشغولا.

وقال بعضهم: مَن يعبده على بساط المحنة أفضل، لأن الأنبياء أفضل مرتبة ممن دونهم، فامتحن الله عامتهم بأنواع المحن والبلاء.
قال ﷺ: "إن أشّدُّ النَّاسِ بَلاءً الأنْبِيَاء" الخبر.
وان الكفرة هم أهون الخلق على الله، وعيش عامتهم بأنواع النعم، وليس مَن طلبه بنفي الحجاب كمن طلبه مِن وراء الحجاب.

وبشر الصابرين
والشاكر يطلبه من وراء الحجاب، والصابر يطلبه دون الحجاب.
والشاكر يطلبه على حظ نفسه، والصابر يعبده على حب ربه.
والشاكر مفتخر بملكه، والصابر مفتخر بمليكه.
والشاكر حبس نفسه مع النعمة، والصابر حبس قلبه مع المُنعم.
والشاكر يقول: ما دامت النعمة معي لا أبالي إن أصابني ما أصابني، والصابر يقول: ما دام المنعم معي لا أبالي إن أصابني ما أصابني.

قال الله تعالى: (الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ)
وإن الله تعالى أوجب للشاكر الزيادة، ونفى عن أجر الصابر النهاية، حيث قال: (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ) وقال: (والله يُحِبُّ الصَّابِرِينَ).

أوحى الله تعالى إلى نبي من الأنبياء: إني قدَّرتُ في أم الكتاب، أني إذا أحببت عبداً جعلته للبلاء غرضاً، وألبسته جلباب الفقر.

وفي الخبر: أن الله تعالى أوحى إلى داود عليه الصلاة والسلام: قُل لأوليائي وأصفيائي وأهل محبتي، أن لا يدخلوا مداخل أعدائي، ولا يسكنوا مساكن أعدائي، ولا يَطعَموا  مطاعم أعدائي، فيكونوا أعدائي، كما أولئك أعدائي.

وقال وهب إنا نجد في كتاب الله المنزل: ان عبادي المخلصين، كانوا إذا سلكوا طريق الشدة والبلاء فرحوا واستبشروا، ويقولون: الآن يتعهدنا ربنا.

وفي الحديث القدسي: أن البلاء أسرع إلى مَن يحبني من السيل إلى منتهاه.

حكي أن ذا النون المصري سمع مريضاً يقول: أخ أخ، فقال: ليس هذا بصادق في حبه، فقال المريض: أنيني من وجدان اللذة، لا من وجدان الشدة.

وحكي أن فتحاً الموصلي، أصابته الحمى فصلى ألف ركعة، شكراً لله على ذلك، وقال: أمثلي يذكره الله من فوق عرشه، وعلم أن لي ذنباً فأراد طهارتي.

وقالت رابعة: ما عرفت البلاء منذ عرفت الله.

أي بُنيّ! الخَلق صنفان: وليّ وعدو, والحال حالان: شِدة ونعمة،
فربما تصل الشدة إلى الولي كرامة له، كما وصلت إلى الرسل والأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وربما تصل اللذة إلى العدو خسراناً له، كما قال الله سبحانه: (وَلَنُذِيقَنَّهُم مِّنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَىٰ دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ)
ربما تصل النعمة إلى الولي استدراجاً وتنبيهاً له، وربما تصل النعمة إلى العدو وهو حظه من الآخرة، كما قال الله تعالى: (قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ).

ثم الابتلاء على نوعين: إكرام وإهانة، فكل بلاء يقربك من المولى فهو في الاسم بلوى، وفي الحقيقة زُلفى،
وكل بلاء يبعدك عن المولى فهو في الحقيقة بلوى،
ألا ترى أن الله تعالى ابتلى إبراهيم عليه الصلاة والسلام، وكان سبب ابتلائه الخُلَّة والقُربة،
وابتلى إبليس، وكان سبب ابتلائه اللعنة والفضيحة،
فقال إبراهيم في البلوى: حسبي ربي،
وقال إبليس: حسبي نفسي!
فنودي لإبراهيم عليه الصلاة والسلام بالخُلة، ولإبليس باللعنة.


 
 







_________________



مولاي صل وسلم دائما أبداعلى حبيبك خير الخلق كلهم
اللهم صل على هذا النبى الأمين وأجعلنا من خاصة المقربين لديه السعداء وعلى آله وسلم حق قدره ومقداره العظيم




أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: [ حالة أهل الحقيقة مع الله تعالى ]
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء يونيو 03, 2020 10:08 am 
غير متصل

اشترك في: الأربعاء فبراير 03, 2010 12:20 am
مشاركات: 7602
متابعة لا مقاطعة .........جزاكم الله خيرا ,,,,,
ـــــــــــــــــ
اللَّهُمَّ صَلِّ صَلِّاَةً كَامِلَةً وَسَلِّمْ سَلاَماً تَامًّا عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ الذي تَنْحَلُّ بِهِ الْعُقَدُ وَتَنْفَرِجُ بِهِ الْكُرَبُ وَتُقْضَى بِهِ الْحَوَائِجُ وَتُنَالُ بِهِ الرَّغَائِبُ وَحُسْنُ الْخَوَاتِمِ وَيُسْتَسْقَى الْغَمَامُ بوَجْهِهِ الْكَرِيمِ وَعَلى آلِهِ وَصَحْبِهِ فِي كُلِّ لَمْحَةٍ وَنَفَسٍ بِعَدَدِ كُلِّ مَعْلُومٍ لَكَ

_________________
صلوات الله تعالى تترى دوما تتوالى ترضي طه والآلا مع صحب رسول الله


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: [ حالة أهل الحقيقة مع الله تعالى ]
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس يونيو 04, 2020 4:34 am 
غير متصل

اشترك في: الخميس مايو 30, 2013 5:51 am
مشاركات: 35060
فراج يعقوب كتب:
متابعة لا مقاطعة .........جزاكم الله خيرا ,,,,,
ـــــــــــــــــ
اللَّهُمَّ صَلِّ صَلِّاَةً كَامِلَةً وَسَلِّمْ سَلاَماً تَامًّا عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ الذي تَنْحَلُّ بِهِ الْعُقَدُ وَتَنْفَرِجُ بِهِ الْكُرَبُ وَتُقْضَى بِهِ الْحَوَائِجُ وَتُنَالُ بِهِ الرَّغَائِبُ وَحُسْنُ الْخَوَاتِمِ وَيُسْتَسْقَى الْغَمَامُ بوَجْهِهِ الْكَرِيمِ وَعَلى آلِهِ وَصَحْبِهِ فِي كُلِّ لَمْحَةٍ وَنَفَسٍ بِعَدَدِ كُلِّ مَعْلُومٍ لَكَ





اللهم آمين اللهم آمين يارب
اللَّهُمَّ صَلِّ صَلِّاَةً كَامِلَةً وَسَلِّمْ سَلاَماً تَامًّا عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ الذي تَنْحَلُّ بِهِ الْعُقَدُ وَتَنْفَرِجُ بِهِ الْكُرَبُ وَتُقْضَى بِهِ الْحَوَائِجُ وَتُنَالُ بِهِ الرَّغَائِبُ وَحُسْنُ الْخَوَاتِمِ وَيُسْتَسْقَى الْغَمَامُ بوَجْهِهِ الْكَرِيمِ وَعَلى آلِهِ وَصَحْبِهِ فِي كُلِّ لَمْحَةٍ وَنَفَسٍ بِعَدَدِ كُلِّ مَعْلُومٍ لَكَ
**
***حفظكم الله شيخنا الجليل الفاضل الشيخ فراج يعقوب
جبر الله خاطرك وأعزكم وأكرمكم ولا يحرمنا مروركم الطيب العطر ودعاؤكم المبارك وجزاكم الله خيرا كثيرا


****** ******** ******


الحديث الثامن والثلاثون [ صلة الرحم]
لبيك ياخير صاحب وجليس- مناجاة العشق الالهي


عن الإمام زين العابدين علي، عن أبيه الشهيد المظلوم الإمام الحسين، عن أبيه أمير المؤمنين علي المرتضى رضي الله عنه، وعنهم أجمعين، قال:
قال رسول الله ﷺ: "لمّا أُسْرِيَ بي إلى السَّماءِ، رَأيْتُ رَحِماً مُعَلَّقة بالعرش، تَشْكُو رحماً إلى رَبِّهَا أَنَّها قَاطِعَةٌ لها، قُلْتُ: كَمْ بَيْنَكِ وبَيْنَهَا مِنْ أبٍ؟ قالت: نَلْتقِي في أربَعِينَ أباً"(1).

وفي هذا الحديث الشريف من الإلزام للعبد بالرحمة، ما يقيد نفسه عن جموحها، إذا أدرك وكان من الموفقين،
وقد بلغني عن بعض العارفين أنه كان يقول في مناجاته: إلهي بأرحام اتصلت، وبقلوبٍ بك اشتغلت.

لبيك ياخير صاحب وجليس
أي بُنيّ! اعلم أن المحبين في طرائق العبودية، وأوقات المناجاة، على أصناف شتى، فمنهم من ناجاه على لسان الاعتذار، ومنهم من ناجاه على لسان التحير والاضطرار، ومنهم من ناجاه على لسان الطرب والافتخار، ولو علم أهل الغفلة ما فاتهم في كل نفس.

قال النبي ﷺ في مناجاته: " إلهي! إذ قرت أعين أهل الدنيا من دنياهم، فأقر عيني بك، واقر عيني بلذائذ أنسك، والشوق إلى لقائك"(1)،
وكذا يقول مَن يحب: يا خير مؤنس وأنيس، يا خير صاحب وجليس، طوبى لمن اكتفى منك بك، اللهم لبيك لبيك يا حبيب القلوب، لبيك يا سرور القلوب، لبيك لبيك يا منى القلوب، لبيك اللهم آليت بك عليك، أن لا تصرفني بك عنك، ولا تحجبني بك عنك.

مناجاة العشق الالهي
إلهي لو دعوتني إلى النار لأجبتك، وافتخرت بك، فكيف وقد دعوتني إلى نفسك،
إلهي إن قربتني منك، فمن الذي يبعدني، وإن أعززتني بك فمن الذي يذلني، وإن رفعتني إليك فمن الذي يضعني،
إلهي مَن أرهب وأنت مولاي؟ ولمن أرجو وأنت مناي؟ وبمن أستأنس وأنت جليسي؟ فبك عليك أن تتفضل بإتمام فضلك، يا نعم المولى ونعم النصير،
إلهي سِرِّي عندك مكشوف، وأنا إليك ملهوف، وأنت بالجود معروف، وبالكرم موصوف.
إلهي أنت أنيس المستأنسين من أحبائك، ومأوى الموهوبين من أصفيائك، وجليس الملهوفين من أوليائك،
إلهي ما أطيب معرفتك في قلوب العارفين، وما أحلى ذكرك في أفواه الذاكرين، وما أحلى مودتك في أسرار المحبين،
إلهي أنت الذي لا تبطل أمل الآملين، لا يخفى عليك أحوال المريدين، ولا يخيب لديك رجاء المنيبين.
إلهي أنت سروري إذا نظرتُ منك إليك وأنت حسبي إذا استكفيتُ بك منك، وأنت أنيسي إذا نزلتُ منكَ بك،
اللهم ارحم انقطاعي إليك، وانفرادي بك ووحشتي (1) عمن سواك، فيا خير مؤنس وأنيس، ويا خير صاحب وجليس، كن دليلي منك وإليك،
إلهي اجعل أجلَّ العطايا في قلبي حياءك، وأعذب الكلام على لساني ثناءك، وأحب الساعات إليَّ ساعةً يكونُ فيها لقاؤك.
إلهي ما أوحش قلباً ليس فيه ذكرك، وما أخرب قلباً ليس فيه خوفك، وما أقل سروراً ليس في حبك،
إلهي لا صبر لي في الدنيا عن ذكرك، فكيف أصبر في الآخرة عن رؤيتك؟
إلهي أشكو إليك غربتي في بلادك، ووحشتي بين عبادك،
إلهي ما لمرادنا غيرك، ولا لبغيتنا دونك، وما لحاجتنا سواك،
إلهي هذه لذائذ المناجاة، فكيف لذائذ الملاقاة؟
إلهي هذا شكري، وشكر شكري، إلهي هذا سروري وسرور سروري،
إلهي هذا ودي وود ودي،
إلهي أُنسي بك أوحشني من خلقك، ومعرفتي بك تمنعني عن مناجاة غيرك.
إلهي كيف أشغل لساني بذكر غيرك، أم كيف أشغل بصري برؤية غيرك، أم كيف أشغل قلبي بحب سواك، وأنا لا أعرف غيرك؟
إلهي على من أُثني وأنت وليي، ومَن أرجو وأنت مُناي؟ يا خير معروف مذكور، أعززتني بولاية معرفتك، فلا تذلني يا سيدي بعدها بمَن سواك،
إلهي عجبت ممن يعرفك كيف لا يستغني عمن سواك،
إلهي عجبتُ ممن أنس بك كيف لا يستوحش من غيرك؟
إلهي عجبت لمن أرادك كيف يريد سواك،
إلهي هذا سروري بك في دار الفناء، فكيف سروري بك في دار البقاء؟
إلهي هذا سروري بك في قراطق(1) الخدمة، فكيف سروري بك في غلائل(2) النعمة؟
إلهي هذه لذائذ المحبة، فكيف لذائذ الرؤية؟
إلهي هذه لذائذ المؤانسة، فكيف لذائذ الزيارة؟
إلهي مَن لم يكن مسروراً بك فمن أي شيء يكون له سرور؟
إلهي سقيتني بكأس الحب حتى أسكرتني، فالحب يقتلني والشوق يُحرقني،
إلهي أريتني حبك، فأرني وصلك،
إلهي طال بك حسن ظني، على أن لا تردني خائباً فلا تخيب ظني بك، يا معروفاً بالمعروف،
إلهي ليس لي عنك صبر، ولا فيك حيلة، ولا منك بد، ولا عنك مَهرب، ولا مع سواك أُنس.
إلهي أحييتني بمعرفتك، فلا تُمتني بنكرتك،
إلهي أريتني وصالك، فلا تُرني فراقك،
إلهي إن لم تفعل ما نريد، فصبرنا على ما تريد،
إلهي فرِّغ قلبي لذكر عظمتك، وأطلق لساني بوصف منتك، وقوني على شكر نعمتك،
إلهي ارحمني فأنا عاجز عند النصب، جاهل بالسبب، حيران في الطلب،
إلهي جعلت سبب ما تعطي رجاءك، وسبب ما يجمع بين أوليائك تأليفك بين قلوبهم.
إلهي فأعطني المرجو كما وهبت الرجاء، واجمع بيني وبين أوليائك، كما ألفت بين القلوب، كيف يفتقر مَن أنت حظه، أم كيف يستوحش من أنت أنيسه، أم كيف يذل من أنت حبيبه، أم كيف يحزن من أنت نصيبه؟
إلهي همك أبطل عني الهموم وحبك حال بيني وبين الرقاد، وشوقي إليك منعني اللذات، وأُنسي بك أوحشني عمن سواك.
إلهي أنت تُوالي مَن يعاديك، فكيف تُعادي مَن يواليك؟
إلهي معرفتي بك دليلي عليك، وحبي لك وسيلتي إليك،
إلهي عرف المحبون كمال ربوبيتك، والمذنبون صنيعك، وكمال قدرتك، فاستسلموا وانقادوا لك،
إلهي اجعلني ممن لا يتخذ دونك خليلاً، ولا يلتمس إلى سواك سبيلاً، ولا يرجو من غيرك فتيلاً(1).
إلهي لا تجعلني ممن صرفت عنه وجهك، وحجبت عنه عفوك، وأغلقت عليه بابك، وقطعت عنه أسباب عصمتك، ووكلته إلى نفسه، إنك على كل شيء قدير.

قال مالك بن دينار: رأيت جارية متعلقة بأستار الكعبة تقول:

إلَيْكَ جِئْنَا وأنْتَ جِئْتَ بِنَا

ولَيْسَ شَيءٌ سِواكَ يُحيينَا

مِنْكَ طَلَبْنَا وأنْتَ تَمْلِكُنَا

ولَيْسَ شَيءٌ سِوَاكَ يُؤتِينَا(2)

 


 

(1)  عن عائشة رضي الله عنها عن النبي ﷺ قال: الرحم معلقة بالعرش تقول: مَن وصلني وصله الله، ومن قطعني قطعه الله" رواه البخاري ومسلم. وعن أبي هريرة t، قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: إن الرحم شجنة من الرحمن تقول: يا رب إني قُطعت، يا رب إني أُسيء إليّ، يا رب إني ظُلمت، يا رب.. فيجيبها: ألا ترضين أن أصل مَن وصلك، وأقطع مَن قطعك؟. رواه أحمد بإسناد جيد قوي.

 

_________________



مولاي صل وسلم دائما أبداعلى حبيبك خير الخلق كلهم
اللهم صل على هذا النبى الأمين وأجعلنا من خاصة المقربين لديه السعداء وعلى آله وسلم حق قدره ومقداره العظيم




أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: [ حالة أهل الحقيقة مع الله تعالى ]
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأحد يونيو 07, 2020 4:24 am 
غير متصل

اشترك في: الخميس مايو 30, 2013 5:51 am
مشاركات: 35060
الحديث التاسع والثلاثون نظر الولد إلى والديه
من أحوال المشتاقين إلى لقاء ربهم

عن الإمام الحسين عن أبيه الإمام علي المرتضى رضي الله عنهم
عن النبي ﷺ أنه قال: " نَظَرُ الوَلَدِ إلى وَالِديْهِ عِبَادةٌ" (1).

قلت: وفي هذا الحديث الشريف، من إعظام شأن الحب لله، ما يرفع بهمم المحبين إلى الله، فإن النظر في الله عبادة، وكذلك .

أي بُنيّ! فاعلم أن عالِمَ أسرار المحبين، والمطلع على همة المشتاقين، طيَّب الدنيا للعارفين بذكر الخروج منها، كما طيب الجنة لأهلها، بذكر الخلود فيها، ولا شيء أحبُّ إلى المحب من لقاء المحبوب، ولولا الآجال التي كتبها الله على المشتاقين لماتت أرواحهم في أبدانهم، لشدة الاشتياق إليه.

قال أنس: قيل يا رسول الله! لو شاء الله أن يدوم البقاء لأوليائه في الدنيا، فقال: يأبى الله أن يجعل الخلود لأوليائه في الدنيا، بل اختار لأوليائه وأحبائه، ما عنده من جزيل كراماته، أما تعلمون أن الحبيب يشتاق إلى الحبيب، فطوبى لمن كان روحه وراحته في لقاء الله.

من أحوال المشتاقين إلى لقاء ربهم
وحكي أن أبا هريرة قال لرفيق له: أين تذهب؟ فقال: أشتري شيئاً لأهلي، فقال أبو هريرة له: إن قدرتَ أن تشتري الموت لي فافعل، فإنه طال شوقي إلى ربي، وإن الموت أحب إليَّ من شرب الماء البارد للعطشان، وأحلى من العسل، ثم بكى بكاء شديداً، وقال: واشوقاهُ إلى مَن يراني ولا أراه، وغُشي عليه.

قيل لأويس (1) كيف أصبحت، قال: كيف يصبح مَن إذا أصبح لا يشتهي أن يُمسي، وإذا أمسى لا يشتهي أن يصبح، وطال شوقه إلى مُنى قلبه.

قال مالك بن دينار: كنت أسير في بعض حيطان البصرة، فرأيت شاباً مريضاً، أشعث أغبر، مستقبلاً للقبلة، يقول: قرة عيني طال شوقي إليك، وما آن أن ألقاك، فإلى متى تحبسني عنك؟
فقلت: يا شاب هذا الوقت الذي يطلب فيه الأحبة محبوبهم؟ فقال: الحبيب في كل الأوقات موجود، ليس بمفقود، بل هذا الوقت الذي تظهر الأحبة احتراقهم بحبيبهم، ويكشف المشتاقون كتمان سرائرهم، بهيجان نيران الاشتياق إلى مُناهم.

وحكي أن رجلاً من أهل البصرة، بكى على شوقه حتى ذهبت عيناه، ثم قال: إلهي إلى متى لا ألقاك؟ فبعزتك لو كانت بيني وبينك نار تلتهب، ما رجعت عنك بعونك وتوفيقك، حتى أصل إليك، ولا أرضى منك بدونك.

قيل: كان لفتح الموصلي ابنتان عارفتان فخرجتا إلى الحج، فلما وقعت أعينهما على البيت، قالت إحداهما للأخرى: يا هذه أهذا بيت ربي؟
فقالت الأخرى: نعم، فصاحت صيحة وماتت من ساعتها
وقالت الأخرى: إلهي أشكو من نفسي إليك، وقد طال شوقي إليك آه آه آه، وتقولها حتى ماتت.

وقيل لأبي بكر الواسطي رحمه الله: ما حظيرة القدس؟ قال: هي حظيرةٌ جعلها الله لاستماع كلامه ومناجاته، والنظر إلى وجهه، حيث شاؤوا ومتى شاؤوا، وتلا قوله: (وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ)(1).

قال إبراهيم بن أدهم(2) دخلت جبل لبنان فإذا أنا بشاب قائم يقول: يا مَن قلبي له محبّ، ونفسي له خادمة، وشوقي إليه شديد، متى ألقاك؟
فقلت: رحمك الله ما علامة حب الله؟ قال: حب ذكره،
قلت: فما علامة المشتاق؟ قال: أن لا ينساه في كل حال.

بعض أهل المعرفة حضرته الوفاة، فبكت امرأته، فقال: ما يبكيك؟ قالت: كيف لا أبكي وأنا أبقى منك فرداً،
قال: يا هذه أنا منذ أربعين سنة بكيت شوقاً إلى هذا اليوم، فإنه يوم وصلتي وأُلفتي وراحتي، فمرحباً به.

وحكي أن الحسن البصري رضي الله عنه حضرته الوفاة، وكانوا يلقنونه الشهادة، ففتح عينيه وقال: إلى متى تدعونني إليه وأنا محترق به منذ عشرين سنة.

وسئل سهل بن علي عن خفقان قلب الخليل، وأزيز قلب المصطفى صلى الله عليهما وسلم، فقال: خفقانه من الخوف، وأزيزه من الشوق.

وبكت رابعة العدوية عند موتها، وضحكت من ساعتها فقيل لها في ذلك، فقالت: أما بكائي فمن مفارقتي الذكر آناء ليلي ونهاري، وأما ضحكي فمن سروري بلقائه، وماتت من لحظتها.

ومرض أبو الدرداء رضي الله عنه فقيل له: ألا ندعو لك طبيباً يداويك؟  فقال: الطبيب أمرضني، طال شوقي إلى ربي، وإلى قرة عيني محمد ﷺ، وإلى إخواني الذين مضوا من قبلي، وإني أخاف أن أفرَّق عنهم.

وكان ذو النون يقول ليلةً إلى الصباح: المستغاث المستغاث، ثم دخله السكينة، فقيل له في ذلك،
فقال: نظرت البارحة بعين السر، في ملاحظة الحق حتى بسط إلى بساط محبته، وغلبني الاشتياق إليه، فاستغثتُ إليه بالخروج من الدنيا، كما يستغيث أهل النار بالخروج منها، ثم نظرت إلى سرور المجتهدين في الدنيا، ومؤانسة المريدين في ظلم الليالي، وافتراشهم الجبهة بين يدي علام الغيوب بصفاء القلوب، فدخلتْ عليّ السكينة.

قال عقبة بن سلمة: ما من ساعة يكون العبد أقرب إلى الله من حين يخر ساجداً، وما من خَصلة في العبد أحب إلى الله من الشوق إلى لقائه.

وفي الخبر: "نعم التحفة للمؤمن لقاء مولاه"(1).

قال محمد بن يوسف (2) لو خُيرت بين أن أعيش في الدنيا مائة سنة أعبد الله تعالى لا أعصيه طرفةَ عين، وبين أن أموت لاخترت الموت،
قيل: ولم ذلك؟ قال: من شدة اشتياقي إليه.


 

(1)  ذكر السيوطي عدة أحاديث في هذا المعنى، أنقلها بأرقامها في كنز العمال للمتقي علي الهندي:

34714 النظر إلى الكعبة عبادة، والنظر في وجه الوالدين عبادة، والنظر في كتاب الله عبادة (أخرجه ابن أبي داود في المصاحف عن عائشة رضي الله عنها، وفيه زافر، قال ابن عدي: لا يتابع على حديثه).

45536 النظر في ثلاثة أشياء عبادة: النظر في وجه الأبوين، وفي المصحف، وفي البحر (أخرجه أبو نعيم في الحلية عن عائشة رضي الله عنها).







 

_________________



مولاي صل وسلم دائما أبداعلى حبيبك خير الخلق كلهم
اللهم صل على هذا النبى الأمين وأجعلنا من خاصة المقربين لديه السعداء وعلى آله وسلم حق قدره ومقداره العظيم




أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: [ حالة أهل الحقيقة مع الله تعالى ]
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأحد يونيو 07, 2020 6:43 am 
غير متصل

اشترك في: السبت يونيو 09, 2012 3:03 am
مشاركات: 564
تحدثت عن الاشتياق ًًً بارك الله في حضرتك صورة

علي قدري اشتاق الي اسيادنا ال البيت وزيارتهم


نحن الفقراء الي الله
الاذلاء اليه

المحتاجين لفضله في كل نفس
نحن لاشيء اصبحنا بالله شيء

طال اشتياقنا الي زياره سادتنا ال البيت

لعل اللقاء قريب
وما كنت ادرى ولست ادري

الهي ان عظمت ذنوبي فان عفوك اعظم

سادتنا ان عظمت غفلتي فان عفوكم اعظم

مادمت بين يديكم فالهنا مددى
والبسط حالى والأفراح طوع يدى

أنتم حياتى وان شاهدتكم حضرت
وان تغيبوا تغيب الروح عن جسدى

لاغيب الله عنى وجهكم أبدا
حتى يطيب بكم عيشى الى الأبد

أنا الفقير اليكم والغنى بكم
وليس لى بعدكم حرص على أحد

وافيت حضرتكم أرجوا مراحمكم
معودا بالوفا معناكم الصمدى
صورة
صورة


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: [ حالة أهل الحقيقة مع الله تعالى ]
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء يونيو 09, 2020 4:58 am 
غير متصل

اشترك في: الخميس مايو 30, 2013 5:51 am
مشاركات: 35060
بارك الله في حضرتك أخي الكريم الفاضل
ابن سيدنا الحسن أكرمكم الله وأسعدني المرور الطيب
جزاكم الله خيرا كثيرا

********
الحديث الأربعون التسبيح للرجال والتصفيق للنساء
قبض روح المؤمن

عن أبي هريرة رضي الله عنه
عن النبي ﷺ قال: " التَّسْبِيحُ لِلرِّجالِ والتَّصفِيقُ لِلنِّسَاء" (1)

هذا الحديث يشير إلى الجِد في الأعمال والاستهلاك للحركات والسكنات في الله تعالى.

وقد ترى جماعة من العارفين، يضربون للإشارات في الحالات، ولذي الحضرات كفاً بكف، فإياك أن تظن أن إشارتهم هذه من التصفيق فتزلق، إنما هي استهلاك حركة لله، في حركة أخرى لله، فإنهم ماتوا بالله حالة كونهم أحياء فلذلك أحياهم الله حالة كونهم أمواتاً.

قبض روح المؤمن
أي بُنيّ! اعلم أن لله تعالى عباداً، قد مُلئت قلوبهم بمحبة ربهم، ينتظرون الموت اشتياقاً إلى حبيبهم، ويكرهون طول المُكْثٍ في هذه الدنيا، لا راحة لهم دون الخروج منها، وهم مغمومون بطول البقاء فيها، وشوقهم إلى الخروج أشد من شوق العطشان إلى الماء الزلال، فإذا قرب أجلهم أتاهم ملك الموت مع سبعين ألف ملك من الله بالتحية والسلام،
كما قال تعالى: (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ ۙ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ)(1) الآية،

وكذلك يجيء الملك للمؤمن على أطيب ريح، وأحسن صورة، فيقول المؤمن له: مرحباً لأي أمر جئت؟
فيقول له: لقبض روحك، على أي حال تحب أن أقبض روحك؟
فيقول: إذا كنت في السجود، فيفعل ذلك ملك الموت،
فيأتيه حافظاه ويقول أحدهما لصاحبه: كان لنا صاحباً وأخاً قد حان له الفراق، فيقولان له جزاك الله خيراً، وغفر لك، فنعم الأخ كنت، لقد كنتَ أيسر مؤمن ونعم ما قدمتَ لنفسك: (يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةَ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً) (2) بالروح (3) والراحة،
وتقول روحه لجسده: جزاك الله عني خيراً، كنتَ تحب الخير وأهله، وتبغض الشر وأهله، أستودعك الله.

مُرَّ بجنازة على أمير المؤمنين علي كرم الله وجهه ورضي الله عنه فقال: مستريح، أو مستراح منه، فقيل له: من المستريح؟
قال: المؤمن اذا مات استراح من نصب الدنيا، وإيذاء أهلها، فلقي رحمة الله عليه، والمستراح منه الفاجر، إذا مات استراح منه العباد والبلاد.
 

(1)  البخاري (بتحقيق  الدكتور مصطفى البغا) العمل في الصلاة، باب: التصفيق للنساء 1145و 1146 وأنظر أيضاً 652 و 1143 و 1146 و 1160 و 1177 و 2544و 2547 و 6767 ومسلم: الصلاة، باب تقديم الجماعة من يصلي بهم إذا تأخر الإمام، رقم 421 وباب تسبيح الرجل وتصفيق المرأة إذا نابهما شيء في الصلاة 422. و " يُسن للرجل الذي نابه شيء في صلاته، كتنبيه إمامه لنحو سهو، وإذنه لداخل استأذن في الدخول عليه، وإنذاره أعمى مخافة أن يقع في محذور، أو نحو ذلك كغافل وغير مميز، ومن قصده ظالم أو نحو سبع، أن يسبح فيقول: " سبحان الله" بشرط ألا يقصد التنبيه وحده، وإلا بطلت صلاته. وأما المرأة فتصفق بضرب بطن اليمين على اليسار أو عكسه.. وهذه سنة متفق عليها إلا المالكية قالوا: الشأن لمن نابه شيء وهو يصلي التسبيح (سبحان الله) ويكره التصفيق للمرأة" والخنثى كالمرأة في التصفيق" [ د. وهبة الزحيلي: الفقه الإسلامي وأدلته (ط4) 2/934 و 935 وانظر 1122 (تنبيه الإمام على السهو)].




 

_________________



مولاي صل وسلم دائما أبداعلى حبيبك خير الخلق كلهم
اللهم صل على هذا النبى الأمين وأجعلنا من خاصة المقربين لديه السعداء وعلى آله وسلم حق قدره ومقداره العظيم




أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: [ حالة أهل الحقيقة مع الله تعالى ]
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس يونيو 11, 2020 4:05 am 
غير متصل

اشترك في: الخميس مايو 30, 2013 5:51 am
مشاركات: 35060
الآخيرة
حالة أهل الحقيقةمع الله عز وجل
لسيدي مولانا
السيد أحمد الرفاعي
512- 578 هـ

رضي الله عنه وأرضاه

 
من حكايات الصالحين بعد الموت
***************************
وقال مأمون السلمي رحمه الله: لما توفي أبو عبد الله بن مقاتل غسلناه وكفناه ودفناه، فهتف بنا هاتف من السماء:
 الحمدلله الذي أوصل الحبيب إلى الحبيب راضياً مرضياً.
وقال رجل من أصحاب أبي عبد الله: رأيته في المنام بعد موته كان يتبختر في حظيرة القدس.
فقلت له: ما هذا التبختر يا أبا عبد الله، أليس قد نُهينا عنه؟ فقال: هذا مشي الخدام، في دار السلام، عند الملك العلاّم.

ورؤي ذو النون بعد موته في المنام، فقيل له: ما حالك؟ قال: سألت الله أربع مسائل، فأعطاني اثنتين، وأنتظر اثنتين، فقيل: وما هن ؟ قال: قلت:
إلهي إن قبضتَ روحي فلا تكلني إلى ملك الموت.
وإن سألتني فلا تكلني إلى منكر ونكير.
وإن أهنتني فلا تكلني إلى مالك.
وإن أكرمتني فلا تكلني إلى رضوان.

وحكي أن داود العجمي  لما مات حُمِلَ إلى قبره، فإذا هو مفروش بالرَّيحان، فأخذ الذي يدفنه شعبة من الرياحين، وكان الناس ينظرون إليها تعجباً سبعين يوماً لم يتغير حالها، فأشخص الأمير وأخذها من الرجل، ففُقِدت فلا يُدرى كيف ذهبت؟!

وقال عمار بن إبراهيم: رأيت المسكينة الطاوية بعد موتها في المنام، وكانت تحب مجلس الذكر، فقلت: مرحباً يا مسكينة.
فقالت: هيهات يا عمار، ذهبت المسكينة، وجاء الغنى.
قلت: هنيئاً لك،
فقالت: وما تسأل عمن أبيحت له الجنة بحذافيرها.
قلت: بماذا؟
قالت: بمجالس الذكر.
فقلت: فما فعل الله بعلي بن زادان؟
فضحكت وقالت: كساه حلة البهاء، وقيل له: يا قارئ! اقرأ، وارْقَ.

وقال ابن أبي الحواري رأيت الواصلي بعد موته في المنام، كأنه قائم في الهواء، وقد امتلأ الهواء من نوره، فقلت له: ما فعل الله بك؟
قال: نعم المولى مولانا، غفر لنا وأكرمنا، وفعل بنا ما هو أهله.
قلت له: أوصني!
قال: عليك بمجالسة الذاكرين، فإنهم عندنا في الرفيع من الدرجات.

ولما حضر معاذاً الموت أغمي عليه، ثم أفاق، فقال: ألحِقوني بالذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء، ثم ضحك وقال: لا إله إلا الله محمد رسول الله الحمد لله ثم مات.

وحكي أن امرأة دخلت على عائشة رضي الله عنها، فصلت عند قبر النبي ﷺ، ثم سجدت فلم تزل تقول واشوقاه، فلم ترفع رأسها حتى ماتت.

وقال جعفر الضبي: حضرت زيارة قبر مالك بن دينار، فقلت: ليت شعري ما فعل الله بمالك؟ فسمعت صوتاً من فوق مالك يقول:
مالك نجا من المهالك، ومن وعثاء المسالك، وصار إلى دار السرور، بمجاورة الرب الغفور، فقلت: الحمد لله.

وقال ابن بكّار: صلينا الغداة يوماً بالمَصِّيصة، فلما سلَّم الإمام قام رجل وقال: يا أيها الناس إني رجل من أهل الجنة، وإني أموت اليوم، فمن كانت له حاجة فليأت، فلما صلينا العصر مات الرجل في سجوده.

وحكي أن الحارث بن عمرو الطائي مرض بإرمينية فيوماً من الأيام، استقبل القبلة وصلى ركعتين، ثم قال في آخر سجوده:
اللهم إن أسألك باسمك الذي هو قوام الدين، وبه ترزق العالمين، وبه تحيي العظام وهي رميم، إن كان لي خيرٌ عندك فعجل قبضتي، ثم سكت فحركوه فإذا هو ميت.

وقال مالك بن دينار رضي الله عنه: كان لي رفيق، وكان والله من العارفين، فمرض فحضرته لأعوده، فإذا هو رافع طرفه نحو السماء، وقال:
اللهم إن كنت تعلم أني أحبك فبارك لي في لقائك، فلم يتم كلامه حتى مات.

وحكي أن رجلاً رأى مالك بن دينار رضي الله عنه كأنه في قصر معلق في الهواء بحيث لم يصف الواصفون حسنه.
فقال: ما فعل الله بك يا مالك؟
فقال: أنزلني ربي في هذا القصر كما ترى، وأباح لي أن أنظر إليه كلما اشتقت إلى رؤيته بلا كيف ولا شبيه، والحمد لله رب العالمين.

ولما حضرت الوفاة سيدي الشيخ منصور بكينا حوله فأفاق من غشيته وقال:

مَوْتُ المحبِّ حَيَاةٌ لا انْقِطَاعَ لَها

قَدْ مَاتَ قومٌ وَهُم في النَّاسِ أحْيَاءُ

ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله ﷺ، وقضى نحبه رضي الله عنه وعن عباد الله الصالحين أجمعين.


 




 

_________________



مولاي صل وسلم دائما أبداعلى حبيبك خير الخلق كلهم
اللهم صل على هذا النبى الأمين وأجعلنا من خاصة المقربين لديه السعداء وعلى آله وسلم حق قدره ومقداره العظيم




أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 57 مشاركة ]  الانتقال إلى صفحة السابق  1, 2, 3, 4

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 22 زائر/زوار


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
© 2011 www.msobieh.com

جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في المنتديات تعبر عن رأي أصحابها فقط