موقع د. محمود صبيح

منتدى موقع د. محمود صبيح

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 48 مشاركة ]  الانتقال إلى صفحة السابق  1, 2, 3, 4  التالي
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة: Re: من قصص السنة ............. انتظرونا في رمضان إن شاء الله
مشاركة غير مقروءةمرسل: الجمعة إبريل 30, 2021 10:30 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد إبريل 15, 2012 12:39 pm
مشاركات: 7477

القصة التاسعة عشر: الطفل الذي أراد سيدنا سليمان أن يشقه نصفين.

1-الحديث:

حَدَّثنا أَبُو اليَمَانِ، أَخبَرَنا شُعَيْبٌ، قَالَ: حَدَّثنا أَبُو الزِّنَادِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَالَ: كَانَتِ امْرَأَتَانِ مَعَهُمَا ابْنَاهُمَا، جَاءَ الذِّئْبُ، فَذَهَبَ بِابْنِ إِحْدَاهُمَا، فَقَالَتْ لِصَاحِبَتِهَا: إِنَّمَا ذَهَبَ بِابْنِكِ، وَقَالَتِ الأُخْرَى: إِنَّمَا ذَهَبَ بِابْنِكِ، فَتَحَاكَمَتَا إِلَى دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ، فَقَضَى بِهِ لِلْكُبْرَى، فَخَرَجَتَا عَلَى سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ، فَأَخْبَرَتَاهُ، فَقَالَ: ائْتُونِي بِالسِّكِّينِ أَشُقُّهُ بَيْنَهُمَا، فَقَالَتِ الصُّغْرَى: لاَ تَفْعَلْ يَرْحَمُكَ اللهُ، هُوَ ابْنُهَا، فَقَضَى بِهِ لِلصُّغْرَى، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: وَاللهِ إِنْ سَمِعْتُ بِالسِّكِّينِ قَطُّ إِلاَّ يَوْمَئِذٍ، وَمَا كُنَّا نَقُولُ إِلاَّ المُدْيَةَ.

2-التخريج: صحيح البخاري ط الشعب (8/ 194)، (4/ 198) ، صحيح مسلم (3/ 1344).


3-بيان معاني بعض الألفاظ الواردة بالحديث:

لا يرحمك الله: معناه لا تشقه ثم استأنفت فقالت يرحمك الله هو ابنها قال العلماء ويستحب أن يقال في مثل هذا بالواو فيقال لا ويرحمك الله.
المدية: بضم الميم وفتحها وكسرها سميت به لأنها تقطع مدى حياة الحيوان.

4-شرح الحديث من أحد كتب شروح الحديث:

شرح النووي على مسلم (12/ 18 - 19)

" فِيهِ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي قَضَاءِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمَا وَسَلَّمَ فِي الْوَلَدَيْنِ اللَّذَيْنِ أَخَذَ الذِّئْبُ أَحَدَهُمَا فَتَنَازَعَتْهُ أُمَّاهُمَا فَقَضَى بِهِ دَاوُدُ لِلْكُبْرَى فَلَمَّا مَرَّتَا بِسُلَيْمَانَ قَالَ أَقْطَعُهُ بَيْنَكُمَا نِصْفَيْنِ فَاعْتَرَفَتْ بِهِ الصُّغْرَى لِلْكُبْرَى بَعْدَ أَنْ قَالَتِ الْكُبْرَى اقْطَعْهُ فَاسْتَدَلَّ سُلَيْمَانُ بِشَفَقَةِ الصُّغْرَى عَلَى أَنَّهَا أُمُّهُ وَأَمَّا الْكُبْرَى فَمَا كَرِهَتْ ذَلِكَ بَلْ أَرَادَتْهُ لِتُشَارِكَهَا صَاحِبَتُهَا فِي الْمُصِيبَةِ بِفَقْدِ وَلَدِهَا قَالَ الْعُلَمَاءُ يَحْتَمِلُ أَنَّ دَاوُدَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِهِ لِلْكُبْرَى لِشَبَهٍ رَآهُ فِيهَا أَوْ أَنَّهُ كَانَ فِي شَرِيعَتِهِ التَّرْجِيحُ بِالْكَبِيرِ أَوْ لِكَوْنِهِ كَانَ فِي يَدِهَا وَكَانَ ذَلِكَ مُرَجِّحًا فِي شَرْعِهِ وَأَمَّا سُلَيْمَانُ فَتَوَصَّلَ بِطَرِيقٍ مِنَ الْحِيلَةِ وَالْمُلَاطَفَةِ إِلَى مَعْرِفَةِ بَاطِنِ الْقَضِيَّةِ فَأَوْهَمَهُمَا أَنَّهُ يُرِيدُ قَطْعَهُ لِيَعْرِفَ مَنْ يَشُقُّ عَلَيْهَا قَطْعُهُ فَتَكُونُ هِيَ أُمَّهُ فَلَمَّا أَرَادَتِ الْكُبْرَى قَطْعَهُ عَرَفَ أَنَّهَا لَيْسَتْ أُمَّهُ فَلَمَّا قَالَتِ الصُّغْرَى مَا قَالَتْ عَرَفَ أَنَّهَا أُمُّهُ وَلَمْ يَكُنْ مُرَادُهُ أَنَّهُ يَقْطَعُهُ حَقِيقَةً وَإِنَّمَا أَرَادَ اخْتِبَارَ شَفَقَتِهِمَا لِتَتَمَيَّزَ لَهُ الْأُمُّ فَلَمَّا تَمَيَّزَتْ بِمَا ذَكَرْتُ عَرَفَهَا وَلَعَلَّهُ اسْتَقَرَّ الْكُبْرَى فَأَقَرَّتْ بَعْدَ ذَلِكَ بِهِ لِلصُّغْرَى فَحَكَمَ لِلصُّغْرَى بِالْإِقْرَارِ لَا بِمُجَرَّدِ الشَّفَقَةِ الْمَذْكُورَةِ قَالَ الْعُلَمَاءُ وَمِثْلُ هَذَا يَفْعَلُهُ الْحُكَّامُ لِيَتَوَصَّلُوا بِهِ إِلَى حَقِيقَةِ الصَّوَابِ بِحَيْثُ إِذَا انْفَرَدَ ذَلِكَ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حُكْمٌ فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ حَكَمَ سُلَيْمَانُ بَعْدَ حُكْمِ دَاوُدَ فِي الْقِصَّةِ الْوَاحِدَةِ وَنَقَضَ حُكْمَهُ وَالْمُجْتَهِدُ لَا يَنْقُضُ حُكْمَ الْمُجْتَهِدِ فَالْجَوَابُ مِنْ أَوْجُهٍ مَذْكُورَةٍ أَحَدُهَا أَنَّ دَاوُدَ لَمْ يَكُنْ جَزَمَ بِالْحُكْمِ وَالثَّانِي أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فَتْوَى مِنْ دَاوُدَ لَا حُكْمًا وَالثَّالِثُ لَعَلَّهُ كَانَ فِي شَرْعِهِمْ فَسْخُ الْحُكْمِ إِذَا رَفَعَهُ الْخَصْمُ إِلَى حَاكِمٍ آخَرَ يَرَى خِلَافَهُ وَالرَّابِعُ أَنَّ سُلَيْمَانَ فَعَلَ ذَلِكَ حِيلَةً إِلَى إِظْهَارِ الْحَقِّ وَظُهُورِ الصِّدْقِ فَلَمَّا أَقَرَّتْ بِهِ الْكُبْرَى عَمِلَ بِإِقْرَارِهَا وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْحُكْمِ كَمَا إِذَا اعْتَرَفَ الْمَحْكُومُ لَهُ بَعْدَ الْحُكْمِ أَنَّ الْحَقَّ هُنَا لِخَصْمِهِ قَوْلُهُ (فَقَالَتِ الصُّغْرَى لَا يَرْحَمُكَ اللَّهُ هُوَ ابْنُهَا) مَعْنَاهُ لَا تَشُقَّهُ وَتَمَّ) الْكَلَامُ ثُمَّ اسْتَأْنَفَتْ فَقَالَتْ يَرْحَمُكَ اللَّهُ هُوَ ابْنُهَا قَالَ الْعُلَمَاءُ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُقَالَ فِي مِثْلِ هَذَا بِالْوَاوِ فَيُقَالُ لَا وَيَرْحَمُكَ اللَّهُ قَوْلُهُ (السِّكِّينُ وَالْمُدْيَةُ) أَمَّا الْمُدْيَةُ بِضَمِّ الْمِيمِ وكسرها وفتحها سميت به لأنها تقطع مَدَى حَيَاةِ الْحَيَوَانِ وَالسِّكِّينُ تُذَكَّرُ وَتُؤَنَّثُ لُغَتَانِ وَيُقَالُ أَيْضًا سِكِّينَةٌ لِأَنَّهَا تُسَكِّنُ حَرَكَةَ الْحَيَوَانِ أهـ.

5-ذكر الدروس المستفادة:

أ-مدى الرحمة التي أستودعها الله في الأمهات.
2-أن الحقوق محفوظة لأصحابها وإن تأخرت عليهم.

هذا والله تعالى أعلى وأعلم.......


وصل اللهم على الشفيع المشفع والرسول المقرب أفضل خلقك وأحبهم إليك والذي صرنا به أعظم الأمم وأفضلها وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً كبيراً طيباً مباركاً فيه يا رب العالمين.


_________________
أبا الزهراء قد جاوزت قدري *** بمدحك بيد أن لي انتسابا

سألت الله في أبناء ديني *** فإن تكن الوسيلة لي أجــابا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من قصص السنة ............. انتظرونا في رمضان إن شاء الله
مشاركة غير مقروءةمرسل: السبت مايو 01, 2021 9:47 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد إبريل 15, 2012 12:39 pm
مشاركات: 7477

القصة العشرون: قصة المرأة القصيرة والمرأتان الطويلتان.

1-الحديث:

حَدَّثنا عَبْدُ اللهِ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثنا عَبْدُ الصَّمَدِ، حَدَّثنا الْمُسْتَمِرُّ بْنُ الرَّيَّانِ الإِيَادِيُّ حَدَّثنا أَبُو نَضْرَةَ الْعَبْدِيُّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَليه وسَلم ذَكَرَ الدُّنْيَا فَقَالَ إِنَّ الدُّنْيَا خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ فَاتَّقُوهَا وَاتَّقُوا النِّسَاءَ، ثُمَّ ذَكَرَ نِسْوَةً ثَلاَثًا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ امْرَأَتَيْنِ طَوِيلَتَيْنِ تُعْرَفَانِ وَامْرَأَةً قَصِيرَةً لاَ تُعْرَفُ فَاتَّخَذَتْ رِجْلَيْنِ مِنْ خَشَبٍ وَصَاغَتْ خَاتَمًا فَحَشَتْهُ مِنْ أَطْيَبِ الطِّيبِ الْمِسْكِ وَجَعَلَتْ لَهُ غَلَقًا فَإِذَا مَرَّتْ بِالْمَلإِ، أَوْ بِالْمَجْلِسِ قَالَتْ بِهِ فَفَتَحَتْهُ فَفَاحَ رِيحُهُ قَالَ الْمُسْتَمِرُّ بِخِنْصَرِهِ الْيُسْرَى فَأَشْخَصَهَا دُونَ أَصَابِعِهِ الثَّلاَثِ شَيْئًا وَقَبَضَ الثَّلاَثَةَ.

2-التخريج: صحيح مسلم (4/ 1765)، مسند أحمد ط المكنز (4/ 2025) واللفظ له.


3-بيان معاني بعض الألفاظ الواردة في الحديث:

كشف المشكل من حديث الصحيحين (3/ 180)

المُرَاد بِالرجلَيْنِ: النَّعْلَانِ، فَكَأَنَّهَا اتَّخذت نَعْلَيْنِ لَهما كَثَافَة فطالت بهما.
والمطبق: الَّذِي دَاخله فارغ.
والمسك: طيب مَعْرُوف، وَمن مَنَافِعه أَنه يذهب الْحزن، ويفرح الْقلب ويقويه، وَيُقَوِّي الدِّمَاغ وَالْعين، وينشف رطوباتها، وينفع الْأَمْرَاض الْبَارِدَة السوداوية والبلغمية، وَيزِيد فِي القوى.

4-شرح الحديث من أحد كتب شروح الحديث:

شرح النووي على مسلم (15/ 8 - 9)

" (وَالْمِسْكُ أَطْيَبُ الطِّيبِ) فِيهِ أَنَّهُ أَطْيَبُ الطِّيبِ وَأَفْضَلُهُ وَأَنَّهُ طَاهِرٌ يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ فِي الْبَدَنِ وَالثَّوْبِ وَيَجُوزُ بَيْعُهُ وَهَذَا كُلُّهُ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ وَنَقَلَ أَصْحَابُنَا فِيهِ عَنِ الشِّيعَةِ مَذْهَبًا بَاطِلًا وَهُمْ مَحْجُوجُونَ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ وَبِالْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ فِي اسْتِعْمَالِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ وَاسْتِعْمَالِ أَصْحَابِهِ قَالَ أَصْحَابُنَا وَغَيْرُهُمْ هُوَ مُسْتَثْنًى مِنَ الْقَاعِدَةِ الْمَعْرُوفَةِ أَنَّ مَا أُبِينَ مِنْ حَيٍّ فَهُوَ مَيْتٌ أَوْ يُقَالُ إِنَّهُ فِي مَعْنَى الْجَنِينِ وَالْبَيْضِ وَاللَّبَنِ وَأَمَّا اتِّخَاذُ الْمَرْأَةِ الْقَصِيرَةِ رِجْلَيْنِ مِنْ خَشَبٍ حَتَّى مَشَتْ بَيْنَ الطَّوِيلَتَيْنِ فَلَمْ تُعْرَفْ فَحُكْمُهُ فِي شَرْعِنَا أنها ان قَصَدَتْ بِهِ مَقْصُودًا صَحِيحًا شَرْعِيًّا بِأَنْ قَصَدَتْ سَتْرَ نَفْسِهَا لِئَلَّا تُعْرَفَ فَتُقْصَدَ بِالْأَذَى أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَإِنْ قَصَدَتْ بِهِ التَّعَاظُمَ أَوِ التَّشَبُّهَ بِالْكَامِلَاتِ تَزْوِيرًا عَلَى الرِّجَالِ وَغَيْرِهِمْ فَهُوَ حَرَامٌ"أهـ.

5-الدروس المستفادة:

أ-إن الله جميل يحب الجمال.
ب-ما ذُكر من فوائد المسك في بيان معاني الألفاظ الواردة بالحديث وهي أَنه يذهب الْحزن، ويفرح الْقلب ويقويه، وَيُقَوِّي الدِّمَاغ وَالْعين، وينشف رطوباتها، وينفع الْأَمْرَاض الْبَارِدَة السوداوية والبلغمية، وَيزِيد فِي القوى.

هذا والله تعالى أعلى وأعلم.......


وصل اللهم على الشفيع المشفع والرسول المقرب أفضل خلقك وأحبهم إليك والذي صرنا به أعظم الأمم وأفضلها وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً كبيراً طيباً مباركاً فيه يا رب العالمين.


_________________
أبا الزهراء قد جاوزت قدري *** بمدحك بيد أن لي انتسابا

سألت الله في أبناء ديني *** فإن تكن الوسيلة لي أجــابا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من قصص السنة ............. انتظرونا في رمضان إن شاء الله
مشاركة غير مقروءةمرسل: السبت مايو 01, 2021 10:11 pm 
غير متصل

اشترك في: الخميس مارس 29, 2012 9:53 pm
مشاركات: 45691
حتى لا أحرم كتب:

أ-إن الله جميل يحب الجمال.
ب-ما ذُكر من فوائد المسك في بيان معاني الألفاظ الواردة بالحديث وهي أَنه يذهب الْحزن، ويفرح الْقلب ويقويه، وَيُقَوِّي الدِّمَاغ وَالْعين، وينشف رطوباتها، وينفع الْأَمْرَاض الْبَارِدَة السوداوية والبلغمية، وَيزِيد فِي القوى.

هذا والله تعالى أعلى وأعلم.......



بارك الله فيكم

_________________
أستغفر الله العلى العظيم الذى لا اله الاّ هو الحى القيوم وأتوب اليه
أستغفر الله العلى العظيم الذى لا اله الاّ هو الحى القيوم وأتوب اليه
أستغفر الله العلى العظيم الذى لا اله الاّ هو الحى القيوم وأتوب اليه


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من قصص السنة ............. انتظرونا في رمضان إن شاء الله
مشاركة غير مقروءةمرسل: السبت مايو 01, 2021 10:34 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد إبريل 15, 2012 12:39 pm
مشاركات: 7477

وفيكم دكتورنا الفاضل ولا حرمني الله منكم أبداً.


_________________
أبا الزهراء قد جاوزت قدري *** بمدحك بيد أن لي انتسابا

سألت الله في أبناء ديني *** فإن تكن الوسيلة لي أجــابا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من قصص السنة ............. انتظرونا في رمضان إن شاء الله
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأحد مايو 02, 2021 10:19 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد إبريل 15, 2012 12:39 pm
مشاركات: 7477

القصة الحادية والعشرون: الخمس كلمات التي أمر الله بها سيدنا يحي عليه السلام.

1-الحديث:

أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى بْنِ مُجَاشِعٍ، حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ الْقَيْسِيُّ، حَدَّثَنَا أَبَانُ بْنُ يَزِيدَ الْعَطَّارُ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، أَنَّ زَيْدًا، حَدَّثَهُ، أَنَّ أَبَا سَلَّامٍ حَدَّثَهُ، أَنَّ الْحَارِثَ الْأَشْعَرِيَّ حَدَّثَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا أَمَرَ يَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّا بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ يَعْمَلُ بِهِنَّ، وَيَأْمُرُ بَنِي إِسْرَائِيلِ أَنْ يَعْمَلُوا بِهِنَّ، وَإِنَّ عِيسَى قَالَ لَهُ: إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَمَرَكَ بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ تَعْمَلُ بِهِنَّ وَتَأْمُرُ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يَعْمَلُوا بِهِنَّ، فَإِمَّا أَنْ تَأْمُرَهُمْ، وَإِمَّا أَنْ آمُرَهُمْ، قَالَ: فَجَمَعَ النَّاسَ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ حَتَّى امْتَلَأَتْ وَجَلَسُوا عَلَى الشَّرُفَاتِ فَوَعَظَهُمْ، وَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا أَمَرَنِي بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ أَعْمَلُ بِهِنَّ وَآمُرُكُمْ أَنْ تَعْمَلُوا بِهِنَّ: أَوَّلُهُنَّ أَنْ تَعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَمَثَلُ ذَلِكَ مَثَلُ رَجُلٍ اشْتَرَى عَبْدًا بِخَالِصِ مَالِهِ بِذَهَبٍ أَوْ وَرَقٍ، وَقَالَ لَهُ: هَذِهِ دَارِي، وَهَذَا عَمَلِي فَجَعَلَ الْعَبْدُ يَعْمَلُ وَيُؤَدِّي إِلَى غَيْرِ سَيِّدِهِ، فَأَيُّكُمْ يَسُرُّهُ أَنْ يَكُونَ عَبْدُهُ هَكَذَا، وَإِنَّ اللَّهَ خَلَقَكُمْ وَرَزَقَكُمْ، فَاعْبُدُوهُ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَآمُرُكُمْ بِالصَّلَاةِ فَإِذَا صَلَّيْتُمْ فَلَا تَلْتَفِتُوا فَإِنَّ الْعَبْدَ إِذَا لَمْ يَلْتَفِتِ اسْتَقْبَلَهُ جَلَّ وَعَلَا بِوَجْهِهِ، وَآمُرُكُمْ بِالصِّيَامِ وَإِنَّمَا مَثَلُ ذَلِكَ كَمَثَلِ رَجُلٍ مَعَهُ صُرَّةٌ فِيهَا مِسْكٌ، وَعِنْدَهُ عِصَابَةٌ يَسُرُّهُ أَنْ يَجِدُوا رِيحَهَا، فَإِنَّ الصِّيَامَ عِنْدَ اللَّهِ أَطْيَبُ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ، وَآمُرُكُمْ بِالصَّدَقَةِ، وَإِنَّ مَثَلَ ذَلِكَ كَمَثَلِ رَجُلٍ أَسَرَهُ الْعَدُو فَأَوْثَقُوا يَدَهُ إِلَى عُنُقِهِ، وَأَرَادُوا أَنْ يَضْرِبُوا عُنُقَهُ، فَقَالَ: هَلْ لَكُمْ أَنْ أَفْدِيَ نَفْسِي فَجَعَلَ يُعْطِيهِمُ الْقَلِيلَ وَالْكَثِيرَ لِيَفُكَّ نَفْسَهُ مِنْهُمْ، وَآمُرُكُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ فَإِنَّ مَثَلَ ذَلِكَ كَمَثَلِ رَجُلٍ طَلَبَهُ الْعَدُوُّ سِرَاعًا فِي أَثَرِهِ، فَأَتَى عَلَى حُصَيْنٍ، فَأَحْرَزَ نَفْسَهُ فِيهِ، فَكَذَلِكَ الْعَبْدُ لَا يُحْرِزُ نَفْسَهُ مِنَ الشَّيْطَانِ إِلَّا بِذِكْرِ اللَّهِ» ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَأَنَا آمُرُكُمْ بِخَمْسٍ أَمَرَنِي اللَّهُ بِهَا: بِالْجَمَاعَةِ، وَالسَّمْعِ، وَالطَّاعَةِ، وَالْهِجْرَةِ، وَالْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَمَنْ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ قِيدَ شِبْرٍ فَقَدْ خَلَعَ رِبَقَ الْإِسْلَامِ مِنْ عُنُقِهِ إِلَّا أَنْ يُرَاجِعَ، وَمَنْ دَعَا بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ فَهُوَ مِنْ جُثَا جَهَنَّمَ» ، قَالَ رَجُلٌ: وَإِنْ صَامَ وَصَلَّى؟ قَالَ: «وَإِنْ صَامَ وَصَلَّى، فَادْعُوا بِدَعْوَى اللَّهِ الَّذِي سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ الْمُؤْمِنِينَ عِبَادَ اللَّهِ».

2-التخريج: سنن الترمذي ت شاكر (5/ 148) وقال: «هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ» قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ: «الحَارِثُ الأَشْعَرِيُّ لَهُ صُحْبَةٌ وَلَهُ غَيْرُ هَذَا الحَدِيثِ».، مسند أحمد ط المكنز (6/ 1592)، صحيح ابن حبان - محققا (14/ 124 - 126) واللفظ له.

3-بيان معاني أحد الكلمات الواردة بالحديث:

ربق الِإسلام: قال ابن الأثير: الربقة في الأصل: عروة في حبل تجعل في عنق البهيمة أو يدها تمسكها، فاستعارها للإِسلام، يعني ما يشد به المسلم نفسه من عرى الِإسلام، أي حدوده وأحكامه، وأوامره ونواهيه، وتجمع الربقة على ربق، مثل كِسْرَة وَكِسَر، ويقال للحبل الذي تكون فيه الربقة: رِبْق، وتجمع على أرباق وَرِباق.

4-شرح الحديث من أحد كتب شروح الحديث:

التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (21/279 - 280)

"وروى الحرث الْأَشْعَرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ آمُرُكُمْ بِخَمْسٍ أَمَرَنِي اللَّهُ بِهِنَّ الْجَمَاعَةُ وَالسَّمْعُ وَالطَّاعَةُ وَالْهِجْرَةُ وَالْجِهَادُ حَدَّثَنَاهُ قَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ مَنْصُورٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَنْجَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبَانُ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى يَعْنِي ابْنَ أَبِي كَثِيرٍ أَنَّ زَيْدًا حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَا سَلَّامٍ حَدَّثَهُ أَنَّ الحرث الْأَشْعَرِيَّ حَدَّثَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ اللَّهَ أَمَرَ يَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّاءَ بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ يَعْمَلُ بِهِنَّ وَيَأْمُرُ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يَعْمَلُوا بِهِنَّ وَأَنَّهُ كَانَ يُبْطِئُ بِهِنَّ وَأَنَّ عِيسَى بْنَ مَرْيَمَ قَالَ لَهُ إِنَّ اللَّهَ أَمَرَكَ بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ تَعْمَلُ بِهِنَّ وَتَأْمُرُ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يَعْمَلُوا بِهِنَّ فَإِمَّا أَنْ تَأْمُرَهُمْ وَإِمَّا أَنْ نَأْمُرَهُمْ قَالَ يَا أَخِي إِنَّكَ إِنْ تَسْبِقْنِي بِهِنَّ خَشِيتُ أَنْ أُعَذَّبَ أَوْ يُخْسَفَ بِي فَجَمَعَ النَّاسَ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ حَتَّى امْتَلَأَ وَقَعَدَ النَّاسُ عَلَى الشُّرَفِ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ أَنْ أَعْمَلَ بِهِنَّ وَآمُرَكُمْ أَنْ تَعْمَلُوا بِهِنَّ أَنْ تَعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وإن مثل من أشرك بالله كَمَثَلِ رَجُلٍ اشْتَرَى عَبْدًا مِنْ خَالِصِ مَالِهِ بِذَهَبٍ أَوْ وَرِقٍ فَقَالَ هَذِهِ دَارِي وَهَذَا عَمَلِي فَاعْمَلْ وَأَدِّ إِلَيَّ فَجَعَلَ الْعَبْدُ يَعْمَلُ وَيُؤَدِّي إِلَى غَيْرِ سَيِّدِهِ فَأَيُّكُمْ يَسُرُّهُ أَنْ يَكُونَ عَبْدُهُ كَذَلِكَ وَإِنَّ اللَّهَ خَلْقَكُمْ وَرَزَقَكُمْ فَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَآمُرُكُمْ بِالصَّلَاةِ فَإِذَا صَلَّيْتُمْ فَلَا تَلْتَفِتُوا فَإِنَّ اللَّهَ يَنْصِبُ وَجْهَهُ لِعَبْدِهِ مَا لَمْ يَلْتَفِتْ فِي صَلَاتِهِ وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَكُمْ بِالصِّيَامِ وَإِنَّ مَثَلَ الصِّيَامِ كَمَثَلِ رَجُلٍ مَعَهُ صُرَّةٌ فِيهَا مِسْكٌ فِي عِصَابَةٍ كُلُّهُمْ يُعْجِبُهُ أَنْ يَجِدَ رِيحَهَا وَإِنَّ الصِّيَامَ عِنْدَ اللَّهِ أَطْيَبُ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ وَآمُرُكُمْ بِالصَّدَقَةِ وَإِنَّ مِثْلَ ذَلِكَ كَمَثَلِ رَجُلٍ أَسَرَهُ الْعَدُوُّ فَأَوْثَقُوهُ إِلَى عُنُقِهِ وَقَرَّبُوهُ لِيَضْرِبُوا عُنُقَهُ فَقَالَ لَهُمْ هَلْ لَكَمَ أَنْ أَفْدِيَ نَفْسِي مِنْكُمْ فَجَعَلَ يُعْطِيهِمُ الْقَلِيلَ وَالْكَثِيرَ حَتَّى فَدَى نَفْسَهُ مِنْهُمْ وَآمُرُكُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ كَثِيرًا وَإِنَّ مِثْلَ ذَلِكَ كَرَجُلٍ أَصَابَهُ الْعَدُوُّ سِرَاعًا فِي إِثْرِهِ حَتَّى أَتَى عَلَى حِصْنٍ حَصِينٍ فَأَحْرَزَ نَفْسَهُ فِيهِ وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ لَا يُحْرِزُ نَفْسَهُ مِنَ الشَّيْطَانِ إِلَّا بِذِكْرِ اللَّهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا آمُرُكُمْ بِخَمْسٍ أَمَرَنِي اللَّهُ بِهِنَّ الْجَمَاعَةُ وَالسَّمْعُ وَالطَّاعَةُ وَالْهِجْرَةُ وَالْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمَنْ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ قِيدَ شِبْرٍ فَقَدْ خَلَعَ رِبْقَةَ الْإِسْلَامِ مِنْ رَأَسِهِ إِلَّا أَنْ يَرْجِعَ وَمَنْ دَعَا بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ فَإِنَّهُ مِنْ حِثَاءِ جَهَنَّمَ قَالَ رَجُلٌ وَإِنْ صَامَ وَصَلَّى قَالَ وإن صام وصلى أدعو بِدَعْوَى اللَّهِ الَّذِي سِمَاكُمُ الْمُؤْمِنِينَ عِبَادَ اللَّهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ كَذَا قَالَ حِثَاءُ جَهَنَّمَ وَغَيْرُهُ يَرْوِيهِ جُثَاءُ جَهَنَّمَ بِالْجِيمِ وَذَلِكَ كُلُّهُ خَطَأٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِاللُّغَةِ وَقَدْ أَنْكَرَهُ أبو عبيدة وغيره وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ إِنَّمَا هُوَ مِنْ حِثَاءِ جَهَنَّمَ وَهُوَ كَمَا قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ"أهـ.

5-الدروس المستفادة:

أ-أن من فارق الجماعة شبراً فقد خلع ربقة الإسلام وإن صلى وصام، وفي هذا كثير بيان على ضلال الخوارج الذيم يصلون ويصومون وهم مفارقون للجماعة؛ فنبشرهم بما بشرهم به الصادق الوعد الأمين صلى الله عليه وآله وسلم بأنهم حثاء جهنم.

هذا والله تعالى أعلى وأعلم.......


وصل اللهم على الشفيع المشفع والرسول المقرب أفضل خلقك وأحبهم إليك والذي صرنا به أعظم الأمم وأفضلها وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً كبيراً طيباً مباركاً فيه يا رب العالمين.


_________________
أبا الزهراء قد جاوزت قدري *** بمدحك بيد أن لي انتسابا

سألت الله في أبناء ديني *** فإن تكن الوسيلة لي أجــابا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من قصص السنة ............. انتظرونا في رمضان إن شاء الله
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين مايو 03, 2021 9:44 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد إبريل 15, 2012 12:39 pm
مشاركات: 7477

القصة الثانية والعشرون: الذئب الذي تكلم مع الراعي.

1-الحديث:

حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثنا سُفْيَانُ، حَدَّثنا أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: صَلَّى رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ صَلاَةَ الصُّبْحِ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ، فَقَالَ: بَيْنَا رَجُلٌ يَسُوقُ بَقَرَةً إِذْ رَكِبَهَا فَضَرَبَهَا، فَقَالَتْ: إِنَّا لَمْ نُخْلَقْ لِهَذَا، إِنَّمَا خُلِقْنَا لِلْحَرْثِ، فَقَالَ النَّاسُ: سُبْحَانَ اللهِ، بَقَرَةٌ تَكَلَّمُ ! فَقَالَ: فَإِنِّي أُومِنُ بِهَذَا، أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَمَا هُمَا ثَمَّ، وَبَيْنَمَا رَجُلٌ فِي غَنَمِهِ إِذْ عَدَا الذِّئْبُ، فَذَهَبَ مِنْهَا بِشَاةٍ، فَطَلَبَ حَتَّى كَأَنَّهُ اسْتَنْقَذَهَا مِنْهُ، فَقَالَ لَهُ الذِّئْبُ هَذَا: اسْتَنْقَذْتَهَا مِنِّي، فَمَنْ لَهَا يَوْمَ السَّبُعِ، يَوْمَ لاَ رَاعِيَ لَهَا غَيْرِي؟ فَقَالَ النَّاسُ: سُبْحَانَ اللهِ، ذِئْبٌ يَتَكَلَّمُ ! قَالَ: فَإِنِّي أُومِنُ بِهَذَا أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، وَمَا هُمَا ثَمَّ.
وَحَدَّثنا عَلِيٌّ، حَدَّثنا سُفْيَانُ، عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، بِمِثْلِهِ.

2-التخريج: صحيح البخاري ط الشعب (4/ 212) ، (5/ 15).


3-شرح الحديث من أحد كتب شروح الحديث:

فتح الباري لابن حجر (6/ 518)

" قَوْلُهُ بَيْنَا رَجُلٌ يَسُوقُ بَقَرَةً لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِهِ قَوْلُهُ إِذْ رَكِبَهَا فَضَرَبَهَا فَقَالَتْ إِنَّا لَمْ نُخْلَقْ لِهَذَا اسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الدَّوَابَّ لَا تُسْتَعْمَلُ إِلَّا فِيمَا جَرَتِ الْعَادَةُ بِاسْتِعْمَالِهَا فِيهِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهَا إِنَّمَا خُلِقْنَا لِلْحَرْثِ لِلْإِشَارَةِ إِلَى مُعْظَمِ مَا خُلِقَتْ لَهُ وَلَمْ تُرِدِ الْحَصْرَ فِي ذَلِكَ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ اتِّفَاقًا لِأَنَّ مِنْ أَجَلِّ مَا خُلِقَتْ لَهُ أَنَّهَا تُذْبَحُ وتؤكل بالإتفاق وَقد تقدم قَول بن بَطَّالٍ فِي ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْمُزَارَعَةِ قَوْلُهُ فَإِنِّي أُؤْمِنُ بِهَذَا أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ كَانَ أَخْبَرَهُمَا بِذَلِكَ فَصَدَّقَاهُ أَوْ أَطْلَقَ ذَلِكَ لِمَا اطَّلَعَ عَلَيْهِ مِنْ أَنَّهُمَا يُصَدِّقَانِ بِذَلِكَ إِذَا سَمِعَاهُ وَلَا يَتَرَدَّدَانِ فِيهِ قَوْلُهُ وَمَا هُمَا ثَمَّ بِفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ أَيْ لَيْسَا حَاضِرَيْنِ وَهُوَ مِنْ كَلَامِ الرَّاوِي وَلَمْ يَقَعْ ذَلِكَ فِي رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ قَوْلُهُ وَبَيْنَا رَجُلٌ هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى الْخَبَرِ الَّذِي قَبْلَهُ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ قَوْلُهُ إِذْ عَدَا الذِّئْبُ بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ مِنَ الْعُدْوَانِ قَوْلُهُ هَذَا اسْتَنْقَذْتَهَا مِنِّي فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ اسْتَنْقَذَهَا بِإِبْهَامِ الْفَاعِلِ ".

4-الدروس المستفادة:

أ-الرفق بالحيوان.
ب-إثبات كرامات الأولياء.
جـ-إثبات الكلام لغير البشر من الحيوانات فما من شيء إلا يسبح بحمده سبحانه وتعالى.



هذا والله تعالى أعلى وأعلم.......


وصل اللهم على الشفيع المشفع والرسول المقرب أفضل خلقك وأحبهم إليك والذي صرنا به أعظم الأمم وأفضلها وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً كبيراً طيباً مباركاً فيه يا رب العالمين.


_________________
أبا الزهراء قد جاوزت قدري *** بمدحك بيد أن لي انتسابا

سألت الله في أبناء ديني *** فإن تكن الوسيلة لي أجــابا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من قصص السنة ............. انتظرونا في رمضان إن شاء الله
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء مايو 05, 2021 10:47 am 
غير متصل

اشترك في: الأحد إبريل 15, 2012 12:39 pm
مشاركات: 7477

القصة الثالثة والعشرون: الرجل الذي تصدق على سارق وزانية وغني.

1-الحديث:

حَدَّثنا أَبُو اليَمَانِ، أَخبَرَنا شُعَيْبٌ، حَدَّثنا أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: لأَتَصَدَّقَنَّ بِصَدَقَةٍ، فَخَرَجَ بِصَدَقَتِهِ، فَوَضَعَهَا فِي يَدِ سَارِقٍ، فَأَصْبَحُوا يَتَحَدَّثُونَ: تُصُدِّقَ عَلَى سَارِقٍ، فَقَالَ: اللهُمَّ لَكَ الحَمْدُ، لأَتَصَدَّقَنَّ بِصَدَقَةٍ، فَخَرَجَ بِصَدَقَتِهِ، فَوَضَعَهَا فِي يَدَيْ زَانِيَةٍ، فَأَصْبَحُوا يَتَحَدَّثُونَ: تُصُدِّقَ اللَّيْلَةَ عَلَى زَانِيَةٍ، فَقَالَ: اللهُمَّ لَكَ الحَمْدُ عَلَى زَانِيَةٍ، لأَتَصَدَّقَنَّ بِصَدَقَةٍ، فَخَرَجَ بِصَدَقَتِهِ، فَوَضَعَهَا فِي يَدَيْ غَنِيٍّ، فَأَصْبَحُوا يَتَحَدَّثُونَ: تُصُدِّقَ عَلَى غَنِيٍّ، فَقَالَ: اللهُمَّ لَكَ الحَمْدُ، عَلَى سَارِقٍ، وَعَلَى زَانِيَةٍ، وَعَلَى غَنِيٍّ، فَأُتِيَ، فَقِيلَ لَهُ: أَمَّا صَدَقَتُكَ عَلَى سَارِقٍ، فَلَعَلَّهُ أَنْ يَسْتَعِفَّ عَنْ سَرِقَتِهِ، وَأَمَّا الزَّانِيَةُ، فَلَعَلَّهَا أَنْ تَسْتَعِفَّ عَنْ زِنَاهَا، وَأَمَّا الغَنِيُّ، فَلَعَلَّهُ أَنْ يَعْتَبِرَ، فَيُنْفِقُ مِمَّا أَعْطَاهُ اللهُ.

2-التخريج: صحيح البخاري ط الشعب (2/ 137)، صحيح مسلم (2/ 709).


3-بيان معاني بعض الألفاظ الواردة بالحديث:

(رجل) قيل إنه من بني إسرائيل.
(في يد سارق) أي وهو يظنه فقيرا ولا يعلم أنه سارق وكذلك الزانية والغني.
(فأصبحوا) القوم الذين فيهم هذا الرجل المتصدق.
(فأتي) رأى في المنام.

4-شرح الحديث من أحد كتب شروح الحديث:

فتح الباري لابن حجر (3/ 290 - 291)

"قَوْلُهُ قَالَ رَجُلٌ لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِهِ وَوَقَعَ عِنْدَ أَحْمَدَ مِنْ طَرِيقِ بن لَهِيعَةَ عَنِ الْأَعْرَجِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ كَانَ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ قَوْلُهُ لَأَتَصَدَّقَنَّ بِصَدَقَةٍ فِي رِوَايَةِ أَبِي عَوَانَةَ عَنْ أَبِي أُمَيَّةَ عَنْ أَبِي الْيَمَانِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ لَأَتَصَدَّقَنَّ اللَّيْلَةَ وَكَرَّرَ كَذَلِكَ فِي الْمَوَاضِعِ الثَّلَاثَةِ وَكَذَا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ مِنْ طَرِيقِ وَرْقَاءَ وَمُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ مُوسَى بْنِ عَقَبَةَ وَالدَّارَقُطْنِيُّ فِي غَرَائِبِ مَالِكٍ كُلُّهُمْ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ وَقَوْلُهُ لَأَتَصَدَّقَنَّ مِنْ بَابِ الِالْتِزَامِ كَالنَّذْرِ مَثَلًا وَالْقَسَمُ فِيهِ مُقَدَّرٌ كَأَنَّهُ قَالَ وَاللَّهِ لَأَتَصَدَّقَنَّ قَوْلُهُ فَوَضَعَهَا فِي يَدِ سَارِقٍ أَيْ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ أَنَّهُ سَارِقٌ قَوْلُهُ فَأَصْبَحُوا يَتَحَدَّثُونَ تُصُدِّقَ عَلَى سَارِقٍ فِي رِوَايَةِ أَبِي أُمَيَّةَ تُصُدِّقَ اللَّيْلَةَ عَلَى سَارِق وَفِي رِوَايَة بن لَهِيعَةَ تُصُدِّقَ اللَّيْلَةَ عَلَى فُلَانٍ السَّارِقِ وَلَمْ أَرَ فِي شَيْءٍ مِنَ الطُّرُقِ تَسْمِيَةَ أَحَدٍ مِنَ الثَّلَاثَةِ الْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِمْ وَقَوْلُهُ تُصُدِّقَ بِضَمِّ أَوَّلِهِ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ قَوْلُهُ فَقَالَ اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ أَيْ لَا لِي لِأَنَّ صَدَقَتِي وَقَعَتْ بِيَدِ مَنْ لَا يَسْتَحِقُّهَا فَلَكَ الْحَمْدُ حَيْثُ كَانَ ذَلِك بإرادتك أَي لَا بِإِرَادَتِي فَإِنَّ إِرَادَةَ اللَّهِ كُلَّهَا جَمِيلَةٌ قَالَ الطِّيبِيُّ لَمَّا عَزَمَ عَلَى أَنْ يَتَصَدَّقَ عَلَى مُسْتَحِقٍّ فَوَضَعَهَا بِيَدِ زَانِيَةٍ حَمِدَ اللَّهَ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُقَدِّرْ أَنْ يَتَصَدَّقَ عَلَى مَنْ هُوَ أَسْوَأُ حَالًا مِنْهَا أَوْ أَجْرَى الْحَمْدَ مَجْرَى التَّسْبِيحِ فِي اسْتِعْمَالِهِ عِنْدَ مُشَاهَدَةِ مَا يُتَعَجَّبُ مِنْهُ تَعْظِيمًا لِلَّهِ فَلَمَّا تَعَجَّبُوا مِنْ فِعْلِهِ تَعَجَّبَ هُوَ أَيْضًا فَقَالَ اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ عَلَى زَانِيَةٍ أَيْ الَّتِي تَصَدَّقْتُ عَلَيْهَا فَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ انْتَهَى وَلَا يَخْفَى بُعْدُ هَذَا الْوَجْهِ وَأَمَّا الَّذِي قَبْلَهُ فَأَبْعَدُ مِنْهُ وَالَّذِي يَظْهَرُ الْأَوَّلُ وَأَنَّهُ سَلَّمَ وَفَوَّضَ وَرَضِيَ بِقَضَاءِ اللَّهِ فَحَمِدَ اللَّهَ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ لِأَنَّهُ الْمَحْمُودُ عَلَى جَمِيعِ الْحَالِ لَا يُحْمَدُ عَلَى الْمَكْرُوهِ سِوَاهُ وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا رَأَى مَا لَا يُعْجِبُهُ قَالَ اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ عَلَى كُلِّ حَالٍ قَوْلُهُ فَأُتِيَ فَقِيلَ لَهُ فِي رِوَايَةِ الطَّبَرَانِيِّ فِي مُسْنَدِ الشَّامِيِّينَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ عَنْ أَبِي الْيَمَانِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ فَسَاءَهُ ذَلِكَ فَأَتَى فِي مَنَامِهِ وَأَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ عَنْهُ وَكَذَا الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ عَيَّاشٍ عَنْ شُعَيْبٍ وَفِيهِ تَعْيِينُ أَحَدِ الِاحْتِمَالَاتِ الَّتِي ذكرهَا بن التِّينِ وَغَيْرُهُ قَالَ الْكِرْمَانِيُّ قَوْلُهُ أُتِيَ أَيْ أُرِيَ فِي الْمَنَامِ أَوْ سَمِعَ هَاتِفًا مَلَكًا أَوْ غَيْرَهُ أَوْ أَخْبَرَهُ نَبِيٌّ أَوْ أَفْتَاهُ عَالِمٌ وَقَالَ غَيْرُهُ أَوْ أَتَاهُ مَلَكٌ فَكَلَّمَهُ فَقَدْ كَانَتِ الْمَلَائِكَةُ تُكَلِّمُ بَعْضَهُمْ فِي بَعْضِ الْأُمُورِ وَقَدْ ظَهَرَ بِالنَّقْلِ الصَّحِيحِ أَنَّهَا كُلَّهَا لَمْ تَقَعْ إِلَّا النَّقْلَ الْأَوَّلَ قَوْلُهُ أَمَّا صَدَقَتُكَ عَلَى سَارِقٍ زَادَ أَبُو أُمَيَّةَ فَقَدْ قُبِلَتْ وَفِي رِوَايَةِ مُوسَى بن عقبَة وبن لَهِيعَةَ أَمَّا صَدَقَتُكَ فَقَدْ قُبِلَتْ وَفِي رِوَايَةِ الطَّبَرَانِيِّ إِنَّ اللَّهَ قَدْ قَبِلَ صَدَقَتَكَ وَفِي الْحَدِيثِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الصَّدَقَةَ كَانَتْ عِنْدَهُمْ مُخْتَصَّةً بِأَهْلِ الْحَاجَةِ مِنْ أَهْلِ الْخَيْرِ وَلِهَذَا تَعَجَّبُوا مِنَ الصَّدَقَةِ عَلَى الْأَصْنَافِ الثَّلَاثَةِ وَفِيهِ أَنَّ نِيَّةَ الْمُتَصَدِّقِ إِذَا كَانَتْ صَالِحَةً قُبِلَتْ صَدَقَتُهُ وَلَوْ لَمْ تَقَعِ الْمَوْقِعَ وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الْإِجْزَاءِ إِذَا كَانَ ذَلِكَ فِي زَكَاةِ الْفَرْضِ وَلَا دَلَالَةَ فِي الْحَدِيثِ عَلَى الْإِجْزَاءِ وَلَا عَلَى الْمَنْعِ وَمِنْ ثَمَّ أَوْرَدَ الْمُصَنِّفُ التَّرْجَمَةَ بِلَفْظِ الِاسْتِفْهَامِ وَلَمْ يَجْزِمْ بِالْحُكْمِ فَإِنْ قِيلَ إِنَّ الْخَبَرَ إِنَّمَا تَضَمَّنَ قِصَّةً خَاصَّةً وَقَعَ الِاطِّلَاعُ فِيهَا عَلَى قَبُولِ الصَّدَقَةِ بِرُؤْيَا صَادِقَةٍ اتِّفَاقِيَّةٍ فَمِنْ أَيْنَ يَقَعُ تَعْمِيمُ الْحُكْمِ فَالْجَوَابُ أَنَّ التَّنْصِيصَ فِي هَذَا الْخَبرِ عَلَى رَجَاءِ الِاسْتِعْفَافِ هُوَ الدَّالُّ عَلَى تَعْدِيَةِ الْحُكْمِ فَيَقْتَضِي ارْتِبَاطُ الْقَبُولِ بِهَذِهِ الْأَسْبَابِ وَفِيهِ فَضْلُ صَدَقَةِ السِّرِّ وَفَضْلُ الْإِخْلَاصِ وَاسْتِحْبَابُ إِعَادَةِ الصَّدَقَةِ إِذَا لَمْ تَقَعِ الْمَوْقِعَ وَأَنَّ الْحُكْمَ لِلظَّاهِرِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ سِوَاهُ وَبَرَكَةُ التَّسْلِيمِ وَالرِّضَا وَذَمُّ التَّضَجُّرِ بِالْقَضَاءِ كَمَا قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ لَا تَقْطَعِ الْخِدْمَةَ وَلَوْ ظَهَرَ لَكَ عَدَمُ الْقَبُولِ"أهـ.

5-الدروس المستفادة:

ذكر العلامة ابن حجر الكثير من الدروس والعبر في النقل السابق عنه وهي كالآتي:

أ-حمد الله على كل حال.
ب- فَضْلُ صَدَقَةِ السِّرِّ وَفَضْلُ الْإِخْلَاصِ.
جـ-اسْتِحْبَابُ إِعَادَةِ الصَّدَقَةِ إِذَا لَمْ تَقَعِ الْمَوْقِعَ وَأَنَّ الْحُكْمَ لِلظَّاهِرِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ سِوَاهُ.
د-بَرَكَةُ التَّسْلِيمِ وَالرِّضَا وَذَمُّ التَّضَجُّرِ بِالْقَضَاءِ كَمَا قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ لَا تَقْطَعِ الْخِدْمَةَ وَلَوْ ظَهَرَ لَكَ عَدَمُ الْقَبُولِ.

هذا والله تعالى أعلى وأعلم.......


وصل اللهم على الشفيع المشفع والرسول المقرب أفضل خلقك وأحبهم إليك والذي صرنا به أعظم الأمم وأفضلها وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً كبيراً طيباً مباركاً فيه يا رب العالمين.


_________________
أبا الزهراء قد جاوزت قدري *** بمدحك بيد أن لي انتسابا

سألت الله في أبناء ديني *** فإن تكن الوسيلة لي أجــابا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من قصص السنة ............. انتظرونا في رمضان إن شاء الله
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس مايو 06, 2021 11:11 am 
غير متصل

اشترك في: الأحد إبريل 15, 2012 12:39 pm
مشاركات: 7477

القصة الرابعة والعشرون: حديث طواف سيدنا سليمان على مائة امرأة.

1-الحديث:

23- بَابُ مَنْ طَلَبَ الوَلَدَ لِلْجِهَادِ.
2819- وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَالَ: قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ، عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ: لأَطُوفَنَّ اللَّيْلَةَ عَلَى مِئَةِ امْرَأَةٍ، أَوْ تِسْعٍ وَتِسْعِينَ، كُلُّهُنَّ يَأْتِي بِفَارِسٍ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللهِ، فَقَالَ لَهُ صَاحِبُهُ: قُلْ: إِنْ شَاءَ اللهُ، فَلَمْ يَقُلْ إِنْ شَاءَ اللهُ، فَلَمْ تَحْمِلْ مِنْهُنَّ إِلاَّ امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ، جَاءَتْ بِشِقِّ رَجُلٍ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَوْ قَالَ: إِنْ شَاءَ اللهُ، لَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ، فُرْسَانًا أَجْمَعُونَ.

2-التخريج: صحيح البخاري ط الشعب (4/ 27)، صحيح مسلم (3/ 1276).


3-شرح الحديث من كتب شروح الحديث:

شرح النووي على مسلم (11/ 120 - 123)

"(لَأَطُوفَنَّ) وَفِي بعض النسخ لا طيفن الليلة هما لغتان فصيحتان طاف بالشئ وَأَطَافَ بِهِ إِذَا دَارَ حَوْلَهُ وَتَكَرَّرَ عَلَيْهِ فَهُوَ طَائِفٌ وَمُطِيفٌ وَهُوَ هُنَا كِنَايَةٌ عَنِ الْجِمَاعِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (كَانَ لِسُلَيْمَانَ سِتُّونَ امْرَأَةً) وَفِي رِوَايَةٍ سَبْعُونَ وَفِي رِوَايَةٍ تِسْعُونَ وَفِي غَيْرِ صَحِيحِ مُسْلِمٍ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ وَفِي رِوَايَةٍ مِائَةٌ هَذَا كُلُّهُ لَيْسَ بِمُتَعَارِضٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي ذِكْرِ الْقَلِيلِ نَفْيُ الْكَثِيرِ وَقَدْ سَبَقَ بَيَانُ هَذَا مَرَّاتٍ وَهُوَ مِنْ مَفْهُومِ الْعَدَدِ وَلَا يُعْمَلُ بِهِ عِنْدَ جَمَاهِيرِ الْأُصُولِيِّينَ وَفِي هَذَا بَيَانُ مَا خُصَّ بِهِ الْأَنْبِيَاءُ صَلَوَاتُ اللَّهِ تَعَالَى وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ مِنَ الْقُوَّةِ عَلَى إِطَاقَةِ هَذَا فِي لَيْلَةٍ واحدة وكان نبينا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَطُوفُ عَلَى إِحْدَى عَشْرَةَ امْرَأَةً لَهُ فِي السَّاعَةِ الْوَاحِدَةِ كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ وَهَذَا كُلُّهُ مِنْ زِيَادَةِ الْقُوَّةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ (فَتَحْمِلُ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ فَتَلِدُ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ غُلَامًا فَارِسًا يُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ) هَذَا قَالَهُ عَلَى سَبِيلِ التَّمَنِّي لِلْخَيْرِ وَقَصَدَ بِهِ الْآخِرَةَ وَالْجِهَادَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى لَا لِغَرَضِ الدُّنْيَا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَلَمْ تَحْمِلْ مِنْهُنَّ إِلَّا وَاحِدَةٌ فَوَلَدَتْ نِصْفَ إِنْسَانٍ) وَفِي رِوَايَةٍ جَاءَتْ بِشِقِّ غُلَامٍ قِيلَ هُوَ الْجَسَدُ الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ أُلْقِيَ عَلَى كُرْسِيِّهِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَوْ كَانَ اسْتَثْنَى لَوَلَدَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ غُلَامًا فَارِسًا يُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى) هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُوحِيَ إِلَيْهِ بِذَلِكَ فِي حَقِّ سُلَيْمَانَ لَا أَنَّ كُلَّ مَنْ فَعَلَ هَذَا يَحْصُلُ لَهُ هَذَا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَقَالَ لَهُ صَاحِبُهُ أَوِ الْمَلَكُ قُلْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَلَمْ يَقُلْ وَنَسِيَ) قِيلَ الْمُرَادُ بِصَاحِبِهِ الْمَلَكُ وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ لَفْظِهِ وَقِيلَ الْقَرِينُ وَقِيلَ صَاحِبٌ لَهُ آدَمِيٌّ وَقَوْلُهُ نُسِّيَ ضَبَطَهُ بَعْضُ الْأَئِمَّةِ بِضَمِّ النُّونِ وَتَشْدِيدِ السِّينِ وَهُوَ ظَاهِرٌ حَسَنٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَكَانَ دَرَكًا لَهُ فِي حَاجَتِهِ) هُوَ بِفَتْحِ الإدراك إسم من الإدارك أَيْ لِحَاقًا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لَا تَخَافُ دركا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَايْمِ الَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَوْ قَالَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ) فِيهِ جَوَازُ الْيَمِينِ بِهَذَا اللَّفْظِ وَهُوَ ايْمُ اللَّهِ وَايْمَنُ اللَّهِ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ هُوَ يَمِينٌ وَقَالَ أَصْحَابُنَا إِنْ نَوَى بِهِ الْيَمِينَ فَهُوَ يَمِينٌ وَإِلَّا فَلَا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَوْ قَالَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَجَاهَدُوا) فِيهِ جَوَازُ قَوْلِ لَوْ وَلَوْلَا قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ هَذَا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى جَوَازِ قَوْلِ لَوْ وَلَوْلَا قَالَ وَقَدْ جَاءَ فِي الْقُرْآنِ كَثِيرًا وَفِي كَلَامِ الصَّحَابَةِ وَالسَّلَفِ وَتَرْجَمَ الْبُخَارِيُّ عَلَى هَذَا بَابَ مَا يَجُوزُ مِنَ اللَّوْ وَأَدْخَلَ فِيهِ قَوْلَ لُوطٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ أن لي بكم قوة وَقَوْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ كُنْتُ رَاجِمًا بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ لَرَجَمْتُ هَذِهِ ولو مد لى الشهر لواصلت ولولا حِدْثَانُ قَوْمِكِ بِالْكُفْرِ لَأَتْمَمْتُ الْبَيْتَ عَلَى قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ ولولا الْهِجْرَةُ لَكُنْتُ امْرَأً مِنَ الْأَنْصَارِ وَأَمْثَالَ هَذَا قال والذي ينفهم مِنْ تَرْجَمَةِ الْبُخَارِيِّ وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْبَابِ مِنَ الْقُرْآنِ وَالْآثَارِ أَنَّهُ يَجُوزُ اسْتِعْمَالُ لَوْ وَلَوْلَا فِيمَا يَكُونُ لِلِاسْتِقْبَالِ مِمَّا امْتَنَعَ مِنْ فِعْلِهِ لِامْتِنَاعِ غَيْرِهِ وَهُوَ مِنْ بَابِ الْمُمْتَنَعِ مِنْ فِعْلِهِ لِوُجُودِ غَيْرِهِ وَهُوَ مِنْ بَابِ لَوْلَا لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي الْبَابِ سِوَى ماهو للإستقبال أو ماهو حَقٌّ صَحِيحٌ مُتَيَقَّنٌ كَحَدِيثِ لَوْلَا الْهِجْرَةُ لَكُنْتُ امْرَأً مِنَ الْأَنْصَارِ دُونَ الْمَاضِي وَالْمُنْقَضِي أَوْ ما فيه اعْتِرَاضٌ عَلَى الْغَيْبِ وَالْقَدَرِ السَّابِقِ وَقَدْ ثَبَتَ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ فَلَا تَقُلْ لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ كَذَا لَكَانَ كَذَا وَلَكِنْ قُلْ قَدَّرَ اللَّهُ وَمَا شَاءَ فَعَلَ قَالَ الْقَاضِي قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ هَذَا إِذَا قَالَهُ عَلَى جِهَةِ الْحَتْمِ وَالْقَطْعِ بِالْغَيْبِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَا لَكَانَ كَذَا مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ مَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَالنَّظَرِ إِلَى سَابِقِ قَدَرِهِ وَخَفِيِّ عِلْمِهِ عَلَيْنَا فَأَمَّا مَنْ قَالَهُ عَلَى التَّسْلِيمِ وَرَدِّ الْأَمْرِ إِلَى الْمَشِيئَةِ فَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ قَالَ الْقَاضِي وَأَشَارَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّ لَوْلَا بِخِلَافِ لَوْ قَالَ الْقَاضِي وَالَّذِي عِنْدِي أَنَّهُمَا سَوَاءٌ إِذَا اسْتُعْمِلَتَا فِيمَا لَمْ يُحِطْ بِهِ الْإِنْسَانُ عِلْمًا وَلَا هُوَ دَاخِلٌ تَحْتَ مَقْدُورِ قَائِلِهِمَا مِمَّا هُوَ تَحَكُّمٌ عَلَى الْغَيْبِ وَاعْتِرَاضٌ عَلَى الْقَدَرِ كَمَا نُبِّهَ عَلَيْهِ فِي الْحَدِيثِ وَمِثْلُ قَوْلِ الْمُنَافِقِينَ لَوْ أطاعونا ما قتلوا لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا ولو كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا ها هنا فرد الله تعالى عليهم باطلهم فقال فادرؤا عن أنفسكم الموت إن كنتم صادقين فَمِثْلُ هَذَا هُوَ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ وَأَمَّا هَذَا الحديث الذي نحن فيه فإنما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم فيه عن يقين نفسه أن سليمان لو قال إن شاء الله لجاهدوا إذ ليس هذا مما يدرك بالظن والإجتهاد وإنما أَخْبَرَ عَنْ حَقِيقَةٍ أَعْلَمَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهَا وهو نحو قوله صلى الله عليه وسلم لَوْلَا بَنُو إِسْرَائِيلَ لَمْ يَخْنَزِ اللَّحْمُ وَلَوْلَا حَوَّاءُ لَمْ تَخُنِ امْرَأَةٌ زَوْجَهَا فَلَا مُعَارَضَةَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ حَدِيثِ النَّهْيِ عَنْ لَوْ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إلى مضاجعهم ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وَكَذَلِكَ مَا جَاءَ مِنْ لَوْلَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى لولا كتاب من الله سبق لمسكم وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلَنَا ولولا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى مُخْبِرٌ فِي كُلِّ ذَلِكَ عَمَّا مَضَى أَوْ يَأْتِي عَنْ عِلْمٍ خَبَرًا قَطْعِيًّا وَكُلُّ مَا يَكُونُ مِنْ لَوْ وَلَوْلَا مِمَّا يُخْبِرُ بِهِ الْإِنْسَانُ عَنْ عِلَّةِ امْتِنَاعِهِ مِنْ فِعْلِهِ مِمَّا يَكُونُ فِعْلُهُ فِي قُدْرَتِهِ فَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ لِأَنَّهُ إِخْبَارُ حَقِيقَةٍ عَنِ امْتِنَاعِ شَيْءٍ لِسَبَبِ شَيْءٍ وَحُصُولِ شَيْءٍ لِامْتِنَاعِ شَيْءٍ وَتَأْتِي لَوْ غَالِبًا لِبَيَانِ السَّبَبِ الْمُوجِبِ أَوِ النَّافِي فَلَا كَرَاهَةَ فِي كُلِّ مَا كَانَ مِنْ هَذَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ كَاذِبًا فِي ذَلِكَ كَقَوْلِ الْمُنَافِقِينَ لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لاتبعناكم والله أعلم"أهـ.


فتح الباري لابن حجر (11/ 606- 609)

"قَوْلُهُ لَأَطُوفَنَّ اللَّامُ جَوَابُ الْقَسَمِ كَأَنَّهُ قَالَ مَثَلًا وَاللَّهِ لَأَطُوفَنَّ وَيُرْشِدُ إِلَيْهِ ذِكْرُ الْحِنْثِ فِي قَوْلِهِ لَمْ يَحْنَثْ لِأَنَّ ثُبُوتَهُ وَنَفْيَهُ يَدُلُّ عَلَى سَبْقِ الْيَمِينِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ اللَّامُ ابْتِدَائِيَّةٌ وَالْمُرَادُ بِعَدَمِ الْحِنْث وُقُوع مَا أَرَادَ وَقد مَشى بن الْمُنْذِرِ عَلَى هَذَا فِي كِتَابِهِ الْكَبِيرِ فَقَالَ بَابُ اسْتِحْبَابِ الِاسْتِثْنَاءِ فِي غَيْرِ الْيَمِينِ لِمَنْ قَالَ سَأَفْعَلُ كَذَا وَسَاقَ هَذَا الْحَدِيثَ وَجَزَمَ النَّوَوِيُّ بِأَنَّ الَّذِي جَرَى مِنْهُ لَيْسَ بِيَمِينٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ تَصْرِيحٌ بِيَمِينٍ كَذَا قَالَ وَقَدْ ثَبَتَ ذَلِكَ فِي بَعْضِ طُرُقِ الْحَدِيثِ وَاخْتُلِفَ فِي الَّذِي حَلَفَ عَلَيْهِ هَلْ هُوَ جَمِيعُ مَا ذُكِرَ أَوْ دَوَرَانُهُ عَلَى النِّسَاءِ فَقَطْ دُونَ مَا بَعْدَهُ مِنَ الْحَمْلِ وَالْوَضْعِ وَغَيْرِهِمَا وَالثَّانِي أَوْجَهُ لِأَنَّهُ الَّذِي يَقْدِرُ عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَا بَعْدَهُ فَإِنَّهُ لَيْسَ إِلَيْهِ وَإِنَّمَا هُوَ مُجَرَّدُ تَمَنِّي حُصُولِ مَا يَسْتَلْزِمُ جَلْبَ الْخَيْرِ لَهُ وَإِلَّا فَلَوْ كَانَ حَلَفَ عَلَى جَمِيعِ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ إِلَّا بِوَحْيٍ وَلَوْ كَانَ بِوَحْيٍ لَمْ يَتَخَلَّفْ وَلَوْ كَانَ بِغَيْرِ وَحْيٍ لَزِمَ أَنَّهُ حَلَفَ عَلَى غَيْرِ مَقْدُورٍ لَهُ وَذَلِكَ لَا يَلِيقُ بِجَنَابِهِ قُلْتُ وَمَا الْمَانِعُ مِنْ جَوَازِ ذَلِكَ وَيَكُونُ لِشِدَّةِ وُثُوقِهِ بِحُصُولِ مَقْصُودِهِ وَجَزَمَ بِذَلِكَ وَأَكَّدَ بِالْحَلِفِ فَقَدْ ثَبَتَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ مَنْ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ وَقَدْ مَضَى شَرْحُهُ فِي غَزْوَةِ أُحُدٍ قَوْلُهُ تِسْعِينَ تَقَدَّمَ بَيَانُ الِاخْتِلَافِ فِي الْعَدَدِ الْمَذْكُورِ فِي تَرْجَمَةِ سُلَيْمَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ وَذَكَرَ أَبُو مُوسَى الْمَدِينِيُّ فِي كِتَابِهِ الْمَذْكُورِ أَنَّ فِي بَعْضِ نُسَخِ مُسْلِمٍ عَقِبَ قِصَّةِ سُلَيْمَانَ هَذَا الِاخْتِلَافَ فِي هَذَا الْعَدَدِ وَلَيْسَ هُوَ مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنَّمَا هُوَ مِنَ النَّاقِلِينَ وَنَقَلَ الْكَرْمَانِيُّ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الصَّحِيحِ أَكْثَرُ اخْتِلَافًا فِي الْعَدَدِ مِنْ هَذِهِ الْقِصَّةِ قُلْتُ وَغَابَ عَنْ هَذَا الْقَائِلِ حَدِيثُ جَابِرٍ فِي قَدْرِ ثَمَنِ الْجَمَلِ وَقَدْ مَضَى بَيَانُ الِاخْتِلَافِ فِيهِ فِي الشُّرُوطِ وَتَقَدَّمَ جَوَابُ النَّوَوِيِّ وَمَنْ وَافَقَهُ فِي الْجَوَابِ عَنِ اخْتِلَافِ الْعَدَدِ فِي قِصَّةِ سُلَيْمَانَ بِأَنَّ مَفْهُومَ الْعَدَدِ لَيْسَ بِحُجَّةٍ عِنْدَ الْجُمْهُورِ فَذِكْرُ الْقَلِيلِ لَا يَنْفِي ذِكْرَ الْكَثِيرِ وَقَدْ تُعُقِّبَ بِأَنَّ الشَّافِعِيَّ نَصَّ عَلَى أَنَّ مَفْهُومَ الْعَدَدِ حُجَّةٌ وَجَزَمَ بِنَقْلِهِ عَنْهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُمَا وَلَكِنَّ شَرْطَهُ أَنْ لَا يُخَالِفَهُ الْمَنْطُوقُ قُلْتُ وَالَّذِي يَظْهَرُ مَعَ كَوْنِ مَخْرَجِ الْحَدِيثِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَاخْتِلَافِ الرُّوَاةِ عَنْهُ أَنَّ الْحُكْمَ لِلزَّائِدِ لِأَنَّ الْجَمِيعَ ثِقَاتٌ وَتَقَدَّمَ هُنَاكَ تَوْجِيهٌ آخَرُ قَوْلُهُ تَلِدُ فِيهِ حَذْفٌ تَقْدِيرُهُ فَتَعْلَقُ فَتَحْمِلُ فَتَلِدُ وَكَذَا فِي قَوْلِهِ يُقَاتِلُ تَقْدِيرُهُ فَيَنْشَأُ فَيَتَعَلَّمُ الْفُرُوسِيَّةَ فَيُقَاتِلُ وَسَاغَ الْحَذْفُ لِأَنَّ كُلَّ فِعْلٍ مِنْهَا مُسَبَّبٌ عَنِ الَّذِي قَبْلَهُ وَسَبَبُ السَّبَبِ سَبَبٌ قَوْلُهُ فَقَالَ لَهُ صَاحِبُهُ قَالَ سُفْيَانُ يَعْنِي الْمَلَكَ هَكَذَا فَسَّرَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَنَّ صَاحِبَ سُلَيْمَانَ الْمَلَكُ وَتَقَدَّمَ فِي النِّكَاحِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ الْجَزْمُ بِأَنَّهُ الْمَلَكُ قَوْلُهُ فَنَسِيَ زَادَ فِي النِّكَاحِ فَلَمْ يَقُلْ قِيلَ الْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ صَرَفَ عَنِ الِاسْتِثْنَاءِ السَّابِقِ الْقَدَرُ وَأَبْعَدَ مَنْ قَالَ فِي الْكَلَامِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ وَالتَّقْدِيرُ فَلَمْ يَقُلْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَقِيلَ لَهُ قُلْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَهَذَا إِنْ كَانَ سَبَبُهُ أَنَّ قَوْلَهُ فَنَسِيَ يُغْنِي عَنْ قَوْلِهِ فَلَمْ يَقُلْ فَكَذَا يُقَالُ إِنَّ قَوْلَهُ فَقَالَ لَهُ صَاحِبُهُ قُلْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَيَسْتَلْزِمُ أَنَّهُ كَانَ لَمْ يَقُلْهَا فَالْأَوْلَى عَدَمُ ادِّعَاءِ التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ وَمِنْ هُنَا يَتَبَيَّنُ أَنَّ تَجْوِيزَ مَنِ ادَّعَى أَنَّهُ تَعَمَّدَ الْحِنْثَ مَعَ كَوْنِهِ مَعْصِيَةً لِكَوْنِهَا صَغِيرَةً لَا يُؤَاخَذُ بِهَا لَمْ يُصِبْ دَعْوَى وَلَا دَلِيلًا وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ قَوْلُهُ فَلَمْ يَقُلْ أَيْ لَمْ يَنْطِقْ بِلَفْظِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِلِسَانِهِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ غَفَلَ عَنِ التَّفْوِيضِ إِلَى اللَّهِ بِقَلْبِهِ وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ اعْتِقَادَ التَّفْوِيضِ مُسْتَمِرٌّ لَهُ لَكِنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ فَنَسِيَ أَنَّهُ نَسِيَ أَنْ يَقْصِدَ الِاسْتِثْنَاءَ الَّذِي يَرْفَعُ حُكْمَ الْيَمِينِ فَفِيهِ تَعَقُّبٌ عَلَى مَنِ اسْتَدَلَّ بِهِ لِاشْتِرَاطِ النُّطْقِ فِي الِاسْتِثْنَاءِ قَوْلُهُ فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ هُوَ مَوْصُولٌ بِالسَّنَدِ الْمَذْكُورِ أَوَّلًا قَوْلُهُ يَرْوِيهِ هُوَ كِنَايَةٌ عَنْ رَفْعِ الْحَدِيثِ وَهُوَ كَمَا لَوْ قَالَ مَثَلًا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْحُمَيْدِيِّ التَّصْرِيحُ بِذَلِكَ وَلَفْظُهُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَذَا أخرجه مُسلم عَن بن أَبِي عُمَرَ عَنْ سُفْيَانَ قَوْلُهُ لَوْ قَالَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمْ يَحْنَثْ تَقَدَّمَ الْمُرَادُ بِمَعْنَى الْحِنْثِ وَقَدْ قِيلَ هُوَ خَاصٌّ بِسُلَيْمَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَأَنَّهُ لَوْ قَالَ فِي هَذِهِ الْوَاقِعَةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ حَصَلَ مَقْصُودُهُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ كُلَّ مَنْ قَالَهَا وَقَعَ مَا أَرَادَ وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ أَنَّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَهَا عِنْدَمَا وَعَدَ الْخَضِرَ أَنَّهُ يَصْبِرُ عَمَّا يَرَاهُ مِنْهُ وَلَا يَسْأَلُهُ عَنْهُ وَمَعَ ذَلِكَ فَلَمْ يَصْبِرْ كَمَا أَشَارَ إِلَى ذَلِكَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ رَحِمَ اللَّهُ مُوسَى لَوَدِدْنَا لَوْ صَبَرَ حَتَّى يَقُصَّ اللَّهُ عَلَيْنَا مِنْ أَمْرِهِمَا وَقَدْ مَضَى ذَلِكَ مَبْسُوطًا فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ طه وَقَدْ قَالَهَا الذَّبِيحُ فَوَقَعَ مَا ذُكِرَ فِي قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ الله من الصابرين فَصَبَرَ حَتَّى فَدَاهُ اللَّهُ بِالذِّبْحِ وَقَدْ سُئِلَ بَعْضُهُمْ عَنِ الْفَرْقِ بَيْنَ الْكَلِيمِ وَالذَّبِيحِ فِي ذَلِكَ فَأَشَارَ إِلَى أَنَّ الذَّبِيحَ بَالَغَ فِي التَّوَاضُع فِي قَوْله من الصابرين حَيْثُ جَعَلَ نَفْسَهُ وَاحِدًا مِنْ جَمَاعَةٍ فَرَزَقَهُ اللَّهُ الصَّبْرَ قُلْتُ وَقَدْ وَقَعَ لِمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ أَيْضًا نَظِيرُ ذَلِكَ مَعَ شُعَيْبٍ حَيْثُ قَالَ لَهُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ فَرَزَقَهُ اللَّهُ ذَلِكَ" أهـ.

شرح القسطلاني = إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري (5/ 53)

" (قل إن شاء الله) لنسيانه (فلم يقل) عليه السلام (إن شاء الله). بلسانه والذي في الفرع وأصله حذف قل ولم يكن غفل عن التفويض إلى الله بقلبه حاشى منصب النبوة عن ذلك"أهـ.

مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (9/ 3656)

" (قُلْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ. فَلَمْ يَقُلْ)أَيْ: اكْتِفَاءً بِمَا فِي الْجِنَانِ عَنِ الْبَيَانِ بِاللِّسَانِ".

التيسير بشرح الجامع الصغير (2/ 192)

"(فَلم يقل إِن شَاءَ الله) بِلِسَانِهِ لنسيان عرض لَهُ لَا إباء عَن التَّفْوِيض إِلَى الله فصرف عَن الِاسْتِثْنَاء ليتم الْقدر السَّابِق"أهـ.

4-الدروس المستفادة:

أ-من أهم ما استفاده الفقير من هذا الحديث الشريف هو الأدب الجم من ساداتنا العلماء رضوان الله عليهم في حديثهم عن مقام النبوة فما أشد احياجنا إلى مثل هذا في زمان أصبح التطاول فيه هو سمته وإساءة الأدب هو شعاره؛ فرحمة الله على علماء الأمة المحمدية.

هذا والله تعالى أعلى وأعلم.......


وصل اللهم على الشفيع المشفع والرسول المقرب أفضل خلقك وأحبهم إليك والذي صرنا به أعظم الأمم وأفضلها وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً كبيراً طيباً مباركاً فيه يا رب العالمين.


_________________
أبا الزهراء قد جاوزت قدري *** بمدحك بيد أن لي انتسابا

سألت الله في أبناء ديني *** فإن تكن الوسيلة لي أجــابا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من قصص السنة ............. انتظرونا في رمضان إن شاء الله
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس مايو 06, 2021 11:15 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد إبريل 15, 2012 12:39 pm
مشاركات: 7477

القصة الخامسة والعشرون: إبليس وسراياه التي يبعثها للإفساد.


1-الحديث:

حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ - وَاللَّفْظُ لِأَبِي كُرَيْبٍ - قَالَا: أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ إِبْلِيسَ يَضَعُ عَرْشَهُ عَلَى الْمَاءِ، ثُمَّ يَبْعَثُ سَرَايَاهُ، فَأَدْنَاهُمْ مِنْهُ مَنْزِلَةً أَعْظَمُهُمْ فِتْنَةً، يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ: فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا، فَيَقُولُ: مَا صَنَعْتَ شَيْئًا، قَالَ ثُمَّ يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ: مَا تَرَكْتُهُ حَتَّى فَرَّقْتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ، قَالَ: فَيُدْنِيهِ مِنْهُ وَيَقُولُ: نِعْمَ أَنْتَ " قَالَ الْأَعْمَشُ: أُرَاهُ قَالَ: «فَيَلْتَزِمُهُ».

2-التخريج: صحيح مسلم (4/ 2167)، مسند أحمد ط المكنز (5/ 1990).


3-بيان معنى أحد الألفاظ الواردة بالحديث:

(فيلتزمه): يضمه إلى نفسه ويعانقه.

4-شرح الحديث من أحد كتب شروح الحديث:

شرح النووي على مسلم (17/ 157)

" الْعَرْشُ هُوَ سَرِيرُ الْمُلْكِ وَمَعْنَاهُ أَنَّ مَرْكَزَهُ الْبَحْرُ وَمِنْهُ يَبْعَثُ سَرَايَاهُ فِي نَوَاحِي الْأَرْضِ قَوْلُهُ (فَيُدْنِيهِ مِنْهُ وَيَقُولُ نِعْمَ أَنْتَ) هُوَ بِكَسْرِ النُّونِ وَإِسْكَانِ الْعَيْنِ وَهِيَ نِعْمَ الْمَوْضُوعَةُ لِلْمَدْحِ فَيَمْدَحُهُ لِإِعْجَابِهِ بِصُنْعِهِ وَبُلُوغِهِ الْغَايَةَ الَّتِي أَرَادَهَا قَوْلُهُ (فَيَلْتَزِمُهُ) أَيْ يَضُمُّهُ إِلَى نَفْسِهِ وَيُعَانِقُهُ"أهـ.

5-الدروس المستفادة:

أ-أن من أكثر ما يُفرح إبليس هو تطليق الرجل لإمرأته وللأسف الشديد زادت نسب الطلاق بصورة ملحوظة في هذا الزمان – وهو من علامات الساعة - مما يدل على أن الشياطين في هذا الزمان صارت حرة، طليقة ونشطة أكثر من أي وقت مضى؛ نجانا الله من شرورهم وفتنهم ومكرهم وكيدهم بجاه الضمين الأمين وأهل بيته الطيبين الطاهرين عليهم أفضل الصلاة وأتم التسليم.

هذا والله تعالى أعلى وأعلم.....

وصل اللهم على من بعثته رحمة للعالمين من آمن به الإنس والجن وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين وسلم تسليماً كثيراً كبيراً طيباً مباركاً فيه يا رب العالمين.
أ-


_________________
أبا الزهراء قد جاوزت قدري *** بمدحك بيد أن لي انتسابا

سألت الله في أبناء ديني *** فإن تكن الوسيلة لي أجــابا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من قصص السنة ............. انتظرونا في رمضان إن شاء الله
مشاركة غير مقروءةمرسل: الجمعة مايو 07, 2021 10:50 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد إبريل 15, 2012 12:39 pm
مشاركات: 7477

القصة السادسة والعشرون: نزول جراد من ذهب على سيدنا أيوب عليه السلام.

1-الحديث:

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَالَ: بَيْنَا أَيُّوبُ يَغْتَسِلُ عُرْيَانًا، فَخَرَّ عَلَيْهِ جَرَادٌ مِنْ ذَهَبٍ، فَجَعَلَ أَيُّوبُ يَحْتَثِي فِي ثَوْبِهِ، فَنَادَاهُ رَبُّهُ: يَا أَيُّوبُ، أَلَمْ أَكُنْ أَغْنَيْتُكَ عَمَّا تَرَى؟ قَالَ: بَلَى وَعِزَّتِكَ، وَلَكِنْ لاَ غِنَى بِي عَنْ بَرَكَتِكَ.
وَرَوَاهُ إِبْرَاهِيمُ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَالَ: بَيْنَا أَيُّوبُ يَغْتَسِلُ عُرْيَانًا...

2-التخريج:صحيح البخاري ط الشعب (1/ 78)، (4/ 184)، (9/ 175).


3-شرح الحديث من أحد كتب شروح الحديث:

فتح الباري لابن حجر (6/ 420 - 422)

"عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ لَمَّا عَافَى اللَّهُ أَيُّوبَ أَمْطَرَ عَلَيْهِ جَرَادًا مِنْ ذَهَبٍ قَوْلُهُ عُرْيَانًا تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِيهِ فِي كِتَابِ الْغُسْلِ قَوْلُهُ خَرَّ عَلَيْهِ أَيْ سَقَطَ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ رِجْلُ جَرَادٍ أَيْ جَمَاعَةُ جَرَادٍ وَالْجَرَادُ اسْمُ جَمْعٍ وَاحِدُهُ جَرَادَة كتمر وَتَمْرَة وَحكى بن سِيدَهْ أَنَّهُ يُقَالُ لِلذَّكَرِ جَرَادٌ وَلِلْأُنْثَى جَرَادَةٌ قَوْلُهُ يَحْثِي بِالْمُثَلَّثَةِ أَيْ يَأْخُذُ بِيَدَيْهِ جَمِيعًا وَفِي رِوَايَةِ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ يَلْتَقِطُ قَوْلُهُ فِي ثَوْبه فِي حَدِيث بن عَبَّاس عِنْد بن أبي حَاتِمٍ فَجَعَلَ أَيُّوبُ يَنْشُرُ طَرَفَ ثَوْبِهِ فَيَأْخُذُ الْجَرَادَ فَيَجْعَلُهُ فِيهِ فَكُلَّمَا امْتَلَأَتْ نَاحِيَةٌ نَشَرَ نَاحِيَةً قَوْلُهُ فَنَادَاهُ رَبُّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ بِوَاسِطَةٍ أَوْ بِإِلْهَامٍ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ بِغَيْرِ وَاسِطَةٍ قَوْلُهُ قَالَ بَلَى أَيْ أَغْنَيْتَنِي قَوْلُهُ وَلَكِنْ لَا غِنَى لِي بِالْقَصْرِ بِغَيْرِ تَنْوِينٍ وَخَبَرُ لَا قَوْلُهُ لِي أَوْ قَوْلُهُ عَنْ بَرَكَتِكَ وَفِي رِوَايَةِ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ فَقَالَ وَمَنْ يَشْبَعُ مِنْ رَحْمَتِكَ أَوْ قَالَ مِنْ فَضْلِكَ وَفِي الْحَدِيثِ جَوَازُ الْحِرْصِ عَلَى الِاسْتِكْثَارِ مِنَ الْحَلَالِ فِي حَقِّ مَنْ وَثِقَ مِنْ نَفْسِهِ بِالشُّكْرِ عَلَيْهِ وَفِيهِ تَسْمِيَةُ الْمَالِ الَّذِي يَكُونُ مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ بَرَكَةً وَفِيهِ فَضْلُ الْغَنِيِّ الشَّاكِرِ وَسَيَأْتِي بَقِيَّةُ مَبَاحِثِ هَذِهِ الْخَصْلَةِ الْأَخِيرَةِ فِي الرِّقَاقِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَاسْتَنْبَطَ مِنْهُ الْخَطَّابِيُّ جَوَازَ أَخْذِ النُّثَارِ فِي الاملاك وَتعقبه بن التِّينِ فَقَالَ هُوَ شَيْءٌ خَصَّ اللَّهُ بِهِ نَبِيَّهُ أَيُّوبَ وَهُوَ بِخِلَافِ النُّثَارِ فَإِنَّهُ مِنْ فِعْلِ الْآدَمِيِّ فَيُكْرَهُ لِمَا فِيهِ مِنَ السَّرَفِ وَرُدَّ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ أُذِنَ فِيهِ مِنْ قِبَلِ الشَّارِعِ إِنْ ثَبَتَ الْخَبَرُ وَيُسْتَأْنَسُ فِيهِ بِهَذِهِ الْقِصَّةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ تَنْبِيهٌ لَمْ يَثْبُتْ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ فِي قِصَّةِ أَيُّوبَ شَيْءٌ فَاكْتَفَى بِهَذَا الْحَدِيثِ الَّذِي عَلَى شَرْطِهِ وَأَصَحُّ مَا وَرَدَ فِي قصَّته مَا أخرجه بن أبي حَاتِم وبن جريج وَصَححهُ بن حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ نَافِعِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ أَيُّوبَ عَلَيْهِ السَّلَامُ ابْتُلِيَ فَلَبِثَ فِي بَلَائِهِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً فَرَفَضَهُ الْقَرِيبُ وَالْبَعِيدُ إِلَّا رَجُلَيْنِ مِنْ إِخْوَانِهِ فَكَانَا يَغْدُوَانِ إِلَيْهِ وَيَرُوحَانِ فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ لَقَدْ أَذْنَبَ أَيُّوبُ ذَنْبًا عَظِيمًا وَإِلَّا لَكُشِفَ عَنْهُ هَذَا الْبَلَاءُ فَذَكَرَهُ الْآخَرُ لِأَيُّوبَ يَعْنِي فَحَزِنَ وَدَعَا اللَّهَ حِينَئِذٍ فَخَرَجَ لِحَاجَتِهِ وَأَمْسَكَتِ امْرَأَتُهُ بِيَدِهِ فَلَمَّا فَرَغَ أَبْطَأَتْ عَلَيْهِ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ أَنِ ارْكُضْ بِرِجْلِكَ فَضَرَبَ بِرِجْلِهِ الْأَرْضَ فَنَبَعَتْ عَيْنٌ فَاغْتَسَلَ مِنْهَا فَرَجَعَ صَحِيحًا فَجَاءَتِ امْرَأَتُهُ فَلَمْ تَعْرِفْهُ فَسَأَلَتْهُ عَنْ أَيُّوبَ فَقَالَ إِنِّي أَنَا هُوَ وَكَانَ لَهُ أَنْدَرَانِ أَحَدُهُمَا لِلْقَمْحِ وَالْآخَرُ لِلشَّعِيرِ فَبَعَثَ اللَّهُ لَهُ سَحَابَةً فَأَفْرَغَتْ فِي أَنْدَرِ الْقَمْحِ الذَّهَبَ حَتَّى فَاضَ وَفِي أَنْدَرِ الشَّعِيرِ الْفضة حَتَّى فاض وروى بن أبي حَاتِم نَحوه من حَدِيث بن عَبَّاسٍ وَفِيهِ فَكَسَاهُ اللَّهُ حُلَّةً مِنْ حُلَلِ الْجَنَّةِ فَجَاءَتِ امْرَأَتُهُ فَلَمْ تَعْرِفْهُ فَقَالَتْ يَا عَبْدَ اللَّهِ هَلْ أَبْصَرْتَ الْمُبْتَلَى الَّذِي كَانَ هُنَا فَلَعَلَّ الذِّئَابَ ذَهَبَتْ بِهِ فَقَالَ وَيْحَكِ أَنا هُوَ وروى بن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ نَحْوَ حَدِيثِ أَنَسٍ وَفِي آخِرِهِ قَالَ فَسَجَدَ وَقَالَ وَعِزَّتِكَ لَا أَرْفَعُ رَأْسِي حَتَّى تَكْشِفَ عَنِّي فَكَشَفَ عَنْهُ وَعَنِ الضَّحَّاك عَن بن عَبَّاسٍ رَدَّ اللَّهُ عَلَى امْرَأَتِهِ شَبَابَهَا حَتَّى وَلَدَتْ لَهُ سِتَّةً وَعِشْرِينَ وَلَدًا ذَكَرًا"أهـ.

4-الدروس المستفادة:

من بعض الدروس المستفادة التي وردت في شرح العلامة ابن حجر ما يلي:
أ- جَوَازُ الْحِرْصِ عَلَى الِاسْتِكْثَارِ مِنَ الْحَلَالِ فِي حَقِّ مَنْ وَثِقَ مِنْ نَفْسِهِ بِالشُّكْرِ عَلَيْهِ.
ب- تَسْمِيَةُ الْمَالِ الَّذِي يَكُونُ مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ بَرَكَةً.
جـ-وَفِيهِ فَضْلُ الْغَنِيِّ الشَّاكِرِ.

ومن الدروس المستفادة أيضاً:
د-جزاء من صبر وأن عاقبة الصبر دائماً خير.


_________________
أبا الزهراء قد جاوزت قدري *** بمدحك بيد أن لي انتسابا

سألت الله في أبناء ديني *** فإن تكن الوسيلة لي أجــابا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من قصص السنة ............. انتظرونا في رمضان إن شاء الله
مشاركة غير مقروءةمرسل: السبت مايو 08, 2021 1:58 am 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء مارس 09, 2004 7:41 pm
مشاركات: 1586
حتى لا أحرم كتب:

القصة الرابعة والعشرون: حديث طواف سيدنا سليمان على مائة امرأة.

1-الحديث:

أ-من أهم ما استفاده الفقير من هذا الحديث الشريف هو الأدب الجم من ساداتنا العلماء رضوان الله عليهم في حديثهم عن مقام النبوة فما أشد احياجنا إلى مثل هذا في زمان أصبح التطاول فيه هو سمته وإساءة الأدب هو شعاره؛ فرحمة الله على علماء الأمة المحمدية.

هذا والله تعالى أعلى وأعلم.......


وصل اللهم على الشفيع المشفع والرسول المقرب أفضل خلقك وأحبهم إليك والذي صرنا به أعظم الأمم وأفضلها وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً كبيراً طيباً مباركاً فيه يا رب العالمين.



بارك الله فيك و زادك أدبًا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من قصص السنة ............. انتظرونا في رمضان إن شاء الله
مشاركة غير مقروءةمرسل: السبت مايو 08, 2021 11:38 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد إبريل 15, 2012 12:39 pm
مشاركات: 7477

آمين يا رب العالمين

جزاكم الله خيراً الفاضل طلحة على مروركم الكريم ودعائكم الطيب المبارك

ورزقنا الله وإياكم الأدب الجم مع الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم.


_________________
أبا الزهراء قد جاوزت قدري *** بمدحك بيد أن لي انتسابا

سألت الله في أبناء ديني *** فإن تكن الوسيلة لي أجــابا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من قصص السنة ............. انتظرونا في رمضان إن شاء الله
مشاركة غير مقروءةمرسل: السبت مايو 08, 2021 11:41 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد إبريل 15, 2012 12:39 pm
مشاركات: 7477

القصة السابعة والعشرون: الرجل الذي ذُكر اسمه في سحابة.

1-الحديث:

حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ - وَاللَّفْظُ لِأَبِي بَكْرٍ - قَالَا: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ اللَّيْثِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " بَيْنَا رَجُلٌ بِفَلَاةٍ مِنَ الْأَرْضِ، فَسَمِعَ صَوْتًا فِي سَحَابَةٍ: اسْقِ حَدِيقَةَ فُلَانٍ، فَتَنَحَّى ذَلِكَ السَّحَابُ، فَأَفْرَغَ مَاءَهُ فِي حَرَّةٍ، فَإِذَا شَرْجَةٌ مِنْ تِلْكَ الشِّرَاجِ قَدِ اسْتَوْعَبَتْ ذَلِكَ الْمَاءَ كُلَّهُ، فَتَتَبَّعَ الْمَاءَ، فَإِذَا رَجُلٌ قَائِمٌ فِي حَدِيقَتِهِ يُحَوِّلُ الْمَاءَ بِمِسْحَاتِهِ، فَقَالَ لَهُ: يَا عَبْدَ اللهِ مَا اسْمُكَ؟ قَالَ: فُلَانٌ - لِلِاسْمِ الَّذِي سَمِعَ فِي السَّحَابَةِ - فَقَالَ لَهُ: يَا عَبْدَ اللهِ لِمَ تَسْأَلُنِي عَنِ اسْمِي؟ فَقَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ صَوْتًا فِي السَّحَابِ الَّذِي هَذَا مَاؤُهُ يَقُولُ: اسْقِ حَدِيقَةَ فُلَانٍ، لِاسْمِكَ، فَمَا تَصْنَعُ فِيهَا؟ قَالَ: أَمَّا إِذْ قُلْتَ هَذَا، فَإِنِّي أَنْظُرُ إِلَى مَا يَخْرُجُ مِنْهَا، فَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثِهِ، وَآكُلُ أَنَا وَعِيَالِي ثُلُثًا، وَأَرُدُّ فِيهَا ثُلُثَهُ ".

2-التخريج: صحيح مسلم (4/ 2288)، مسند أحمد ط المكنز (3/ 1691).


3-بيان معاني بعض الألفاظ التي وردت بالحديث:

(اسق حديقة فلان): الحديقة القطعة من النخيل وتطلق على الأرض ذات الشجر.
(فتنحى ذلك السحاب): معنى تنحى قصد يقال تنحيت الشيء وانتحيته ونحوته إذا قصدته ومنه سمي علم النحو لأنه قصد كلام العرب.
(حرة): الحرة أرض بها حجارة سود كثيرة.
(شرجة): وجمعها شراج وهي مسايل الماء في الحرار.
(بمسحاته): سحا الطين يسحيه ويسحوه ويسحاه سحوا قشره وجرفه والمسحاة ما سحي به.

4-شرح الحديث من أحد كتب شروح الحديث:

شرح النووي على مسلم (18/ 114 - 115)

باب فضل الانفاق على المساكين وابن السبيل:
"قَوْلُهُ (اسْقِ حَدِيقَةَ فُلَانٍ) الْحَدِيقَةُ الْقِطْعَةُ مِنَ النَّخِيلِ وَيُطْلَقُ عَلَى الْأَرْضِ ذَاتِ الشَّجَرِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَتَنَحَّى ذَلِكَ السَّحَابُ فَأَفْرَغَ مَاءَهُ فِي حَرَّةٍ فَإِذَا شَرْجَةٌ مِنْ تِلْكَ الشِّرَاجِ) مَعْنَى) تَنَحَّى قَصَدَ يُقَالُ تَنَحَّيْتُ الشَّيْءَ وَانْتَحَيْتُهُ وَنَحَوْتُهُ إِذَا قَصَدْتُهُ وَمِنْهُ سُمِّيَ عِلْمُ النَّحْوِ لِأَنَّهُ قَصْدُ كَلَامِ الْعَرَبِ وَأَمَّا الْحَرَّةُ بِفَتْحِ الْحَاءِ فهي أرض ملبسة حجارة سودا وَالشَّرْجَةُ بِفَتْحِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَإِسْكَانِ الرَّاءِ وَجَمْعُهَا شِرَاجٌ بِكَسْرِ الشِّينِ وَهِيَ مَسَائِلُ الْمَاءِ فِي الْحِرَارِ وَفِي الْحَدِيثِ فَضْلُ الصَّدَقَةِ وَالْإِحْسَانِ إِلَى الْمَسَاكِينِ وَأَبْنَاءِ السَّبِيلِ وَفَضْلُ أَكْلِ الْإِنْسَانِ مِنْ كسبه والانفاق على العيال"أهـ.

5-الدروس المستفادة:

ذكر الإمام النووي جملة من الدروس في شرحه السابق وهي كالآتي:

أ-فَضْلُ الصَّدَقَةِ وَالْإِحْسَانِ إِلَى الْمَسَاكِينِ وَأَبْنَاءِ السَّبِيلِ.
ب-وَفَضْلُ أَكْلِ الْإِنْسَانِ مِنْ كسبه.
جـ- فضل الانفاق على العيال.

ومن الدروس المستفادة أيضاً:

د- إثبات كرامات الأولياء.



هذا والله تعالى أعلى وأعلم...

وصل اللهم على الشفيع المشفع والرسول المقرب أفضل خلقك وأحبهم إليك والذي صرنا به أعظم الأمم وأفضلها وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً كبيراً طيباً مباركاً فيه يا رب العالمين.


_________________
أبا الزهراء قد جاوزت قدري *** بمدحك بيد أن لي انتسابا

سألت الله في أبناء ديني *** فإن تكن الوسيلة لي أجــابا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من قصص السنة ............. انتظرونا في رمضان إن شاء الله
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأحد مايو 09, 2021 10:56 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد إبريل 15, 2012 12:39 pm
مشاركات: 7477

القصة الثامنة والعشرون: قصة النبي الذي أحرق قرية النمل.

1-الحديث:

حَدَّثنا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثنا اللَّيْثُ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، وَأَبِي سَلَمَةَ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ يَقُولُ: قَرَصَتْ نَمْلَةٌ نَبِيًّا مِنَ الأَنْبِيَاءِ، فَأَمَرَ بِقَرْيَةِ النَّمْلِ فَأُحْرِقَتْ، فَأَوْحَى اللهُ إِلَيْهِ: أَنْ قَرَصَتْكَ نَمْلَةٌ أَحْرَقْتَ أُمَّةً مِنَ الأُمَمِ تُسَبِّحُ اللهَ.

2-التخريج: صحيح البخاري ط الشعب (4/ 75)، (4/ 158)، صحيح مسلم (4/ 1759).


3-شرح الحديث من كتب الشروح:

شرح النووي على مسلم (14/ 239)

"قَالَ الْعُلَمَاءُ وَهَذَا الْحَدِيثُ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ شَرْعَ ذَلِكَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ فِيهِ جَوَازُ قَتْلِ النَّمْلِ وَجَوَازُ الْإِحْرَاقِ بِالنَّارِ وَلَمْ يَعْتِبْ عَلَيْهِ فِي أَصْلِ الْقَتْلِ وَالْإِحْرَاقِ بَلْ فِي الزِّيَادَةِ على نملة واحدة قوله تعالى فهلانملة واحدة فَهَلَّا عَاقَبْتَ نَمْلَةً وَاحِدَةً هِيَ الَّتِي قَرَصَتْكَ لِأَنَّهَا الْجَانِيَةُ وَأَمَّا غَيْرُهَا فَلَيْسَ لَهَا جِنَايَةٌ وأما فى شرعنا فلايجوز الْإِحْرَاقُ بِالنَّارِ لِلْحَيَوَانِ إِلَّا إِذَا أَحْرَقَ إِنْسَانًا فَمَاتَ بِالْإِحْرَاقِ فَلِوَلِيِّهِ الِاقْتِصَاصُ بِإِحْرَاقِ الْجَانِي وَسَوَاءٌ فِي مَنْعِ الْإِحْرَاقِ بِالنَّارِ الْقَمْلُ وَغَيْرُهُ لِلْحَدِيثِ المشهور لايعذب بِالنَّارِ إِلَّا اللَّهُ وَأَمَّا قَتْلُ النَّمْلِ فَمَذْهَبُنَا أنه لايجوز واحتج أصحابنا فيه بحديث بن عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ قَتْلِ أَرْبَعٍ مِنَ الدَّوَابِّ النَّمْلَةِ وَالنَّحْلَةِ وَالْهُدْهُدِ وَالصُّرَدِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَأَمَرَ بِقَرْيَةِ النَّمْلِ فَأُحْرِقَتْ) وَفِي رِوَايَةٍ فَأَمَرَ بِجَهَازِهِ فَأُخْرِجَ مِنْ تَحْتِ الشَّجَرَةِ أَمَّا قَرْيَةُ النَّمْلِ فَهِيَ مَنْزِلُهُنَّ وَالْجَهَازُ بفتح الجيم وكسرها وهو المتاع"أهـ.

فتح الباري لابن حجر (6/ 358 - 359)

" وَيُقَالُ إِنَّ لِهَذِهِ الْقِصَّةِ سَبَبًا وَهُوَ أَنَّ هَذَا النَّبِيَّ مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكَهَا اللَّهُ تَعَالَى بِذُنُوبِ أَهْلِهَا فَوَقَفَ مُتَعَجِّبًا فَقَالَ يَا رَبِّ قَدْ كَانَ فِيهِمْ صِبْيَانٌ وَدَوَابٌّ وَمَنْ لَمْ يَقْتَرِفْ ذَنْبًا ثُمَّ نَزَلَ تَحْتَ شَجَرَةٍ فَجَرَتْ لَهُ هَذِهِ الْقِصَّةُ فَنَبَّهَهُ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا عَلَى أَنَّ الْجِنْسَ الْمُؤْذِيَ يُقْتَلُ وَإِنْ لَمْ يُؤْذِ وَتُقْتَلُ أَوْلَادُهُ وَإِنْ لَمْ تَبْلُغِ الْأَذَى انْتَهَى وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ وَإِنْ ثَبَتَتْ هَذِهِ الْقِصَّةُ تَعَيَّنَ الْمَصِيرُ إِلَيْهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَمْ يُعَاتَبْ إِنْكَارًا لِمَا فَعَلَ بَلْ جَوَابًا لَهُ وَإِيضَاحًا لِحِكْمَةِ شُمُولِ الْهَلَاكِ لِجَمِيعِ أَهْلِ تِلْكَ الْقَرْيَةِ فَضَرَبَ لَهُ الْمَثَلَ بِذَلِكَ أَيْ إِذَا اخْتَلَطَ مَنْ يَسْتَحِقُّ الْإِهْلَاكَ بِغَيْرِهِ وَتَعَيَّنَ إِهْلَاكَ الْجَمِيعِ طَرِيقًا إِلَى إِهْلَاكِ الْمُسْتَحِقِّ جَازَ إِهْلَاكُ الْجَمِيعِ وَلِهَذَا نَظَائِرُ كَتَتَرُّسِ الْكُفَّارِ بِالْمُسْلِمِينَ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ وَقَالَ الْكِرْمَانِيُّ النَّمْلُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ فَكَيْفَ أُشِيرَ فِي الْحَدِيثِ إِلَى أَنَّهُ لَوْ أَحْرَقَ نَمْلَةً وَاحِدَةً جَازَ مَعَ أَنَّ الْقِصَاصَ إِنَّمَا يَكُونُ بِالْمثلِ لقَوْله تَعَالَى وَجَزَاء سَيِّئَة سَيِّئَة مثلهَا ثُمَّ أَجَابَ بِتَجْوِيزِ أَنَّ التَّحْرِيقَ كَانَ جَائِزًا عِنْدَهُ ثُمَّ قَالَ يَرُدُّ عَلَى قَوْلِنَا كَانَ جَائِزا لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمَا ذُمَّ عَلَيْهِ وَأَجَابَ بِأَنَّهُ قَدْ يُذَمُّ الرَّفِيعُ الْقَدْرِ عَلَى خِلَافِ الْأَوْلَى انْتَهَى وَالتَّعْبِيرُ بِالذَّمِّ فِي هَذَا لَا يَلِيقُ بِمَقَامِ النَّبِيِّ فَيَنْبَغِي أَنْ يُعَبَّرَ بِالْعِتَابِ وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ ظَاهِرُ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ هَذَا النَّبِيَّ إِنَّمَا عَاتَبَهُ اللَّهُ حَيْثُ انْتَقَمَ لِنَفْسِهِ بِإِهْلَاكِ جَمْعٍ آذَاهُ مِنْهُ وَاحِدٌ وَكَانَ الْأَوْلَى بِهِ الصَّبْرُ وَالصَّفْحُ وَكَأَنَّهُ وَقَعَ لَهُ أَنَّ هَذَا النَّوْعَ مُؤْذٍ لِبَنِي آدَمَ وَحُرْمَةُ بَنِي آدَمَ أَعْظَمُ مِنْ حُرْمَةِ الْحَيَوَانِ فَلَوِ انْفَرَدَ هَذَا النّظر وَلم يَنْضَم إِلَيْهِ التَّشَفِّي لَمْ يُعَاتَبْ قَالَ وَالَّذِي يُؤَيِّدُ هَذَا التَّمَسُّكَ بِأَصْلِ عِصْمَةِ الْأَنْبِيَاءِ وَأَنَّهُمْ أَعْلَمُ بِاللَّهِ وَبِأَحْكَامِهِ مِنْ غَيْرِهِمْ وَأَشَدُّهُمْ لَهُ خَشْيَةً انْتَهَى"أهـ.

الدروس المستفادة:
أ-رحمة الله على الإمام ابن حجر والإمام القرطبي فما أشد أدبهم؛ ومما استفاده الفقير من هذا الحديث الشريف ما ذكرته في الدروس المستفادة في الحديث الرابع والعشرون وهو كالتالي:
"من أهم ما استفاده الفقير من هذا الحديث الشريف هو الأدب الجم من ساداتنا العلماء رضوان الله عليهم في حديثهم عن مقام النبوة فما أشد احياجنا إلى مثل هذا في زمان أصبح التطاول فيه هو سمته وإساءة الأدب هو شعاره؛ فرحمة الله على علماء الأمة المحمدية".

هذا والله تعالى أعلى وأعلم.......


وصل اللهم على الشفيع المشفع والرسول المقرب أفضل خلقك وأحبهم إليك والذي صرنا به أعظم الأمم وأفضلها وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً كبيراً طيباً مباركاً فيه يا رب العالمين.


_________________
أبا الزهراء قد جاوزت قدري *** بمدحك بيد أن لي انتسابا

سألت الله في أبناء ديني *** فإن تكن الوسيلة لي أجــابا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من قصص السنة ............. انتظرونا في رمضان إن شاء الله
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين مايو 10, 2021 10:50 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد إبريل 15, 2012 12:39 pm
مشاركات: 7477

القصة التاسعة والعشرون: حوت العنبر الذي أخرجه الله للصحابة من البحر.

1-الحديث:

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، ح وَحَدَّثَنَاهُ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: بَعَثَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمَّرَ عَلَيْنَا أَبَا عُبَيْدَةَ، نَتَلَقَّى عِيرًا لِقُرَيْشٍ، وَزَوَّدَنَا جِرَابًا مِنْ تَمْرٍ لَمْ يَجِدْ لَنَا غَيْرَهُ، فَكَانَ أَبُو عُبَيْدَةَ يُعْطِينَا تَمْرَةً تَمْرَةً، قَالَ: فَقُلْتُ: كَيْفَ كُنْتُمْ تَصْنَعُونَ بِهَا؟ قَالَ: نَمَصُّهَا كَمَا يَمَصُّ الصَّبِيُّ، ثُمَّ نَشْرَبُ عَلَيْهَا مِنَ الْمَاءِ، فَتَكْفِينَا يَوْمَنَا إِلَى اللَّيْلِ، وَكُنَّا نَضْرِبُ بِعِصِيِّنَا الْخَبَطَ، ثُمَّ نَبُلُّهُ بِالْمَاءِ فَنَأْكُلُهُ، قَالَ: وَانْطَلَقْنَا عَلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ، فَرُفِعَ لَنَا عَلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ كَهَيْئَةِ الْكَثِيبِ الضَّخْمِ، فَأَتَيْنَاهُ فَإِذَا هِيَ دَابَّةٌ تُدْعَى الْعَنْبَرَ، قَالَ: قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: مَيْتَةٌ، ثُمَّ قَالَ: لَا، بَلْ نَحْنُ رُسُلُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَفِي سَبِيلِ اللهِ، وَقَدِ اضْطُرِرْتُمْ فَكُلُوا، قَالَ: فَأَقَمْنَا عَلَيْهِ شَهْرًا وَنَحْنُ ثَلَاثُ مِائَةٍ حَتَّى سَمِنَّا، قَالَ: وَلَقَدْ رَأَيْتُنَا نَغْتَرِفُ مِنْ وَقْبِ عَيْنِهِ بِالْقِلَالِ الدُّهْنَ، وَنَقْتَطِعُ مِنْهُ الْفِدَرَ كَالثَّوْرِ، أَوْ كَقَدْرِ الثَّوْرِ، فَلَقَدْ أَخَذَ مِنَّا أَبُو عُبَيْدَةَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ رَجُلًا، فَأَقْعَدَهُمْ فِي وَقْبِ عَيْنِهِ، وَأَخَذَ ضِلَعًا مِنْ أَضْلَاعِهِ فَأَقَامَهَا ثُمَّ رَحَلَ أَعْظَمَ بَعِيرٍ مَعَنَا، فَمَرَّ مِنْ تَحْتِهَا وَتَزَوَّدْنَا مِنْ لَحْمِهِ وَشَائِقَ، فَلَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ أَتَيْنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرْنَا ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: «هُوَ رِزْقٌ أَخْرَجَهُ اللهُ لَكُمْ، فَهَلْ مَعَكُمْ مِنْ لَحْمِهِ شَيْءٌ فَتُطْعِمُونَا؟»، قَالَ: فَأَرْسَلْنَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُ فَأَكَلَهُ.

2-التخريج: صحيح البخاري ط الشعب (5/ 210)، (5/ 211)، (7/ 116)، صحيح مسلم (3/ 1535) واللفظ له، (3/ 1536)، (3/ 1537).


3-بيان معاني بعض الألفاظ الواردة بالحديث:

(عيرا): العير هي الإبل التي تحمل الطعام وغيره.
(جرابا): بكسر الجيم وفتحها الكسر أفصح وهو وعاء من جلد.
(نمصها): بفتح الميم وضمها الفتح أفصح وأشهر.
(الخبط): ورق السلم.
(الكثيب): هو الرمل المستطيل المحدودب.
(وقب): هو داخل عينه ونقرتها.
(بالقلال): جمع قلة وهي الجرة الكبيرة التي يقلها الرجل بين يديه أي يحملها.
(الفدر): هي القطع.
(كقدر الثور): أي مثل الثور.
(رحل): أي جعل عليه رحلا.
(وشائق): قال أبو عبيد هو اللحم يؤخذ فيغلى إغلاء ولا ينضج ويحمل في الأسفار يقال وشقت اللحم فاتشق والوشيقة الواحدة منه والجمع وشائق ووشق وقيل الوشيقة القديد.

4-شرح الحديث من أحد كتب الشروح:

شرح النووي على مسلم (13/ 84 - 89)

(باب اباحة ميتات البحر)
"قَوْلُهُ (بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمَّرَ عَلَيْنَا أَبَا عُبَيْدَةَ) فِيهِ أَنَّ الْجُيُوشَ لَا بُدَّ لَهَا مِنْ أَمِيرٍ يَضْبِطُهَا وَيَنْقَادُونَ لِأَمْرِهِ وَنَهْيِهِ وَأَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْأَمِيرُ أَفْضَلَهُمْ أَوْ مِنْ أَفْضَلِهِمْ قَالُوا وَيُسْتَحَبُّ لِلرُّفْقَةِ مِنَ النَّاسِ وَإِنْ قَلُّوا أَنْ يُؤَمِّرُوا بَعْضَهُمْ عَلَيْهِمْ وَيَنْقَادُوا لَهُ قَوْلُهُ (نَتَلَقَّى عَيرًا لِقُرَيْشٍ) قَدْ سَبَقَ أَنَّ الْعَيرَ هِيَ الْإِبِلُ الَّتِي تَحْمِلُ الطَّعَامَ وَغَيْرَهُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ جَوَازُ صَدِّ أَهْلِ الْحَرْبِ وَاغْتِيَالِهِمْ وَالْخُرُوجِ لِأَخْذِ مَالِهِمْ وَاغْتِنَامِهِ قَوْلُهُ (وَزَوَّدَنَا جِرَابًا مِنْ تَمْرٍ لم يجد لنا غيره فكان أبو عبيدة يُعْطِينَا تَمْرَةً تَمْرَةً نَمُصُّهَا كَمَا يَمُصُّ الصَّبِيُّ ثُمَّ نَشْرَبُ عَلَيْهَا مِنَ الْمَاءِ فَتَكْفِينَا يَوْمَنَا إِلَى اللَّيْلِ) أَمَّا الْجِرَابُ فَبِكَسْرِ الْجِيمِ وَفَتْحِهَا الْكَسْرُ أَفْصَحُ وَسَبَقَ بَيَانُهُ مَرَّاتٍ وَنَمُصُّهَا بِفَتْحِ الْمِيمِ وَضَمِّهَا الْفَتْحُ أَفْصَحُ وَأَشْهَرُ وَسَبَقَ بَيَانُ لُغَاتِهِ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ وَفِي هَذَا بَيَانُ مَا كَانَ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ عَلَيْهِ مِنَ الزُّهْدِ فِي الدُّنْيَا وَالتَّقَلُّلِ مِنْهَا وَالصَّبْرِ عَلَى الْجُوعِ وَخُشُونَةِ الْعَيْشِ وَإِقْدَامِهِمْ عَلَى الْغَزْوِ مع هذا الْحَالِ قَوْلُهُ (وَزَوَّدَنَا جِرَابًا لَمْ يَجِدْ لَنَا غيره فكان أبو عبيدة يعطينا تمرة تمرة وَفِي رِوَايَةٍ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ وَنَحْنُ نَحْمِلُ أَزْوَادَنَا عَلَى رِقَابِنَا وَفِي رِوَايَةٍ فَفَنِيَ زَادُهُمْ فَجَمَعَ أَبُو عُبَيْدَةَ زَادَهُمْ فِي مِزْوَدٍ فَكَانَ يقوتنا حتى كان يصيبنا كل يوم تمرة وفى الموطأ ففنى زادهم وكان مزودى تمرا وَكَانَ يُقَوِّتُنَا حَتَّى كَانَ يُصِيبُنَا كُلَّ يَوْمٍ تَمْرَةً وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى لِمُسْلِمٍ كَانَ يُعْطِينَا قَبْضَةً قَبْضَةً ثُمَّ أَعْطَانَا تَمْرَةً تَمْرَةً قَالَ الْقَاضِي الْجَمْعُ بَيْنَ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَوَّدَهُمُ الْمِزْوَدَ زَائِدًا عَلَى مَا كَانَ مَعَهُمْ مِنَ الزَّادِ مِنْ أَمْوَالِهِمْ وَغَيْرِهَا مِمَّا وَاسَاهُمْ بِهِ الصَّحَابَةُ وَلِهَذَا قَالَ وَنَحْنُ نَحْمِلُ أَزْوَادَنَا قَالَ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ لَمْ يكُنْ فِي زَادِهِمْ تَمْرٌ غَيْرُ هَذَا الْجِرَابِ وَكَانَ مَعَهُمْ غَيْرُهُ مِنَ الزَّادِ وَأَمَّا إِعْطَاءُ أَبِي عُبَيْدَةَ إِيَّاهُمْ تَمْرَةً تَمْرَةً فإنما كان فى الحال الثانى بَعْدَ أَنْ فَنِيَ زَادُهُمْ وَطَالَ لُبْثُهُمْ كَمَا فَسَّرَهُ فِي الرِّوَايَةِ الْأَخِيرَةِ فَالرِّوَايَةُ الْأُولَى مَعْنَاهَا الْإِخْبَارُ عَنْ آخِرِ الْأَمْرِ لَا عَنْ أَوَّلِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ تَمْرَةً تَمْرَةً إِنَّمَا كَانَ بَعْدَ أَنْ قَسَمَ عَلَيْهِمْ قَبْضَةً قَبْضَةً فَلَمَّا قَلَّ تَمْرُهُمْ قَسَمَهُ عَلَيْهِمْ تَمْرَةً تَمْرَةً ثُمَّ فرغ وفقدوا التمرة ووجدوا أَلَمًا لِفَقْدِهَا وَأَكَلُوا الْخَبَطَ إِلَى أَنْ فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ بِالْعَنْبَرِ قَوْلُهُ (فَجَمَعَ أَبُو عُبَيْدَةَ زَادَنَا فِي مِزْوَدٍ فَكَانَ يُقَوِّتُنَا) هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ جَمَعَهُ بِرِضَاهُمْ وَخَلَطَهُ لِيُبَارَكَ لَهُمْ كَمَا فَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ فِي مَوَاطِنَ وَكَمَا كَانَ الْأَشْعَرِيُّونَ يَفْعَلُونَ وَأَثْنَى عَلَيْهِمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ وَقَدْ قَالَ أَصْحَابُنَا وَغَيْرُهُمْ مِنَ الْعُلَمَاءِ يُسْتَحَبُّ لِلرُّفْقَةِ مِنَ الْمُسَافِرِينَ خَلْطُ أَزْوَادِهِمْ لِيَكُونَ أبرك وأحسن فى العشرة وأن لا يَخْتَصَّ بَعْضُهُمْ بِأَكْلٍ دُونَ بَعْضٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ (كَهَيْئَةِ الْكَثِيبِ الضَّخْمِ) هُوَ بِالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ وَهُوَ الرَّمْلُ الْمُسْتَطِيلُ الْمُحْدَوْدَبُ.
قَوْلُهُ (فَإِذَا هِيَ دَابَّةٌ تُدْعَى الْعَنْبَرُ قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَيْتَةٌ ثُمَّ قَالَ بَلْ نَحْنُ رُسُلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وقد اضطررتم فكلوا فأقما عَلَيْهِ شَهْرًا وَنَحْنُ ثَلَاثُمِائَةٍ حَتَّى سَمِنَّا) وَذَكَرَ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ أَنَّهُمْ تَزَوَّدُوا مِنْهُ وَأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُمْ حِينَ رَجَعُوا هَلْ مَعَكُمْ مِنْ لَحْمِهِ شَيْءٌ فَتُطْعِمُونَا قَالَ فَأَرْسَلْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُ فَأَكَلَهُ مَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ رَضِيَ اللَّهَ عَنْهُ قَالَ أَوَّلًا بِاجْتِهَادِهِ إِنَّ هَذَا مَيْتَةٌ وَالْمَيْتَةُ حَرَامٌ فَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَكْلُهَا ثُمَّ تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ فَقَالَ بَلْ هُوَ حَلَالٌ لَكُمْ وَإِنْ كَانَ مَيْتَةً لِأَنَّكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدِ اضْطُرِرْتُمْ وَقَدْ أَبَاحَ اللَّهُ تَعَالَى الْمَيْتَةَ لِمَنْ كَانَ مُضْطَرًّا غَيْرَ بَاغٍ ولاعاد فَكُلُوا فَأَكَلُوا مِنْهُ وَأَمَّا طَلَبُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ لَحْمِهِ وَأَكْلِهِ ذَلِكَ فإنما أراد به المبالغة فى تطيب نفوسهم فى حله وأن لَا شَكَّ فِي إِبَاحَتِهِ وَأَنَّهُ يَرْتَضِيهِ لِنَفْسِهِ أَوْ أَنَّهُ قَصَدَ التَّبَرُّكَ بِهِ لِكَوْنِهِ طُعْمَةً مِنَ اللَّهِ تَعَالَى خَارِقَةً لِلْعَادَةِ أَكْرَمَهُمُ اللَّهُ بِهَا وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِسُؤَالِ الْإِنْسَانِ مِنْ مَالِ صَاحِبِهِ وَمَتَاعِهِ إِدْلَالًا عَلَيْهِ وَلَيْسَ هُوَ مِنَ السُّؤَالِ الْمَنْهِيِّ عنه انما ذلك فى حق الأجانب للتمول ونحو وَأَمَّا هَذِهِ فَلِلْمُؤَانَسَةِ وَالْمُلَاطَفَةِ وَالْإِدْلَالِ وَفِيهِ جَوَازُ الِاجْتِهَادِ فِي الْأَحْكَامِ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا يَجُوزُ بَعْدَهُ وَفِيهِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْمُفْتِي أَنْ يَتَعَاطَى بَعْضَ الْمُبَاحَاتِ الَّتِي يَشُكُّ فِيهَا الْمُسْتَفْتِي إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَشَقَّةٌ عَلَى الْمُفْتِي وَكَانَ فِيهِ طُمَأْنِينَةٌ لِلْمُسْتَفْتِي وَفِيهِ إِبَاحَةُ مَيْتَاتِ الْبَحْرِ كُلِّهَا سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ مَا مَاتَ بِنَفْسِهِ أَوْ بِاصْطِيَادٍ وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى إِبَاحَةِ السَّمَكِ قَالَ أَصْحَابُنَا يَحْرُمُ الضُّفْدَعُ لِلْحَدِيثِ فِي النَّهْيِ عَنْ قَتْلِهَا قَالُوا وَفِيمَا سِوَى ذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ أصح يَحِلُّ جَمِيعُهُ لِهَذَا الْحَدِيثِ وَالثَّانِي لَا يَحِلُّ وَالثَّالِثُ يَحِلُّ مَا لَهُ نَظِيرٌ مَأْكُولٌ فِي الْبَرِّ دُونَ مَا لَا يُؤْكَلُ نَظِيرُهُ فَعَلَى هَذَا تُؤْكَلُ خَيْلُ الْبَحْرِ وَغَنَمُهُ وَظِبَاؤُهُ دُونَ كَلْبِهِ وَخِنْزِيرِهِ وَحِمَارِهِ قَالَ أَصْحَابُنَا وَالْحِمَارُ وَإِنْ كان فى البر مَأْكُولٌ وَغَيْرُهُ وَلَكِنَّ الْغَالِبَ غَيْرُ الْمَأْكُولِ هَذَا تَفْصِيلُ مَذْهَبِنَا وَمِمَّنْ قَالَ بِإِبَاحَةِ جَمِيعِ حَيَوَانَاتِ الْبَحْرِ إِلَّا الضُّفْدَعَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ وَعُمَرُ وعثمان وبن عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَأَبَاحَ مَالِكٌ الضُّفْدَعَ وَالْجَمِيعَ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا يَحِلُّ غَيْرُ السمك وأما السمك الطافئ وَهُوَ الَّذِي يَمُوتُ فِي الْبَحْرِ بِلَا سَبَبٍ فَمَذْهَبُنَا إِبَاحَتُهُ وَبِهِ قَالَ جَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ مِنَ الصَّحَابَةِ فَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنْهُمْ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ وأبو أيوب وعطاء مكحول وَالنَّخَعِيُّ وَمَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَدَاوُدُ وَغَيْرُهُمْ وَقَالَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ وَطَاوُسٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ لَا يَحِلُّ دَلِيلُنَا قَوْلُهُ تَعَالَى أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ قال بن عَبَّاسٍ وَالْجُمْهُورُ صَيْدُهُ مَا صِدْتُمُوهُ وَطَعَامُهُ مَا قَذَفَهُ وَبِحَدِيثِ جَابِرٍ هَذَا وَبِحَدِيثِ هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ وَبِأَشْيَاءَ مَشْهُورَةٍ غَيْرِ مَا ذَكَرْنَا وَأَمَّا الْحَدِيثُ الْمَرْوِيُّ عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَلْقَاهُ الْبَحْرُ وَجَزَرَ عَنْهُ فَكُلُوهُ وما مات فيه فطفا فلا تأكلوا فحديث ضيعف بِاتِّفَاقِ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ لَا يَجُوزُ الِاحْتِجَاجُ بِهِ لو لم يعارضه شئ كيف وهو معارض بما ذكرنا وَقَدْ أَوْضَحْتُ ضَعْفَ رِجَالِهِ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ فِي بَابِ الْأَطْعِمَةِ فَإِنْ قِيلَ لَا حُجَّةَ فِي حَدِيثِ الْعَنْبَرِ لِأَنَّهُمْ كَانُوا مُضْطَرِّينَ قُلْنَا الِاحْتِجَاجُ بِأَكْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُ فِي الْمَدِينَةِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ قَوْلُهُ (ولقد رأيتنا تغترف مِنْ وَقْبِ عَيْنِهِ بِالْقِلَالِ الدُّهْنَ وَنَقْتَطِعُ مِنْهُ الْفِدَرَ كَالثَّوْرِ أَوْ كَقَدْرِ الثَّوْرِ) أَمَّا الْوَقْبُ فبفتح الواو واسكان القاف والباء الموحدة وهو داخل عينه ونقرتها والقلال بِكَسْرِ الْقَافِ جَمْعُ قُلَّةٍ بِضَمِّهَا وَهِيَ الْجَرَّةُ الْكَبِيرَةُ الَّتِي يُقِلُّهَا الرَّجُلُ بَيْنَ يَدَيْهِ أَيْ يحملها والفدر بِكَسْرِ الْفَاءِ وَفَتْحِ الدَّالِ هِيَ الْقِطَعُ وَقَوْلُهُ كَقَدْرِ الثَّوْرِ رَوَيْنَاهُ بِوَجْهَيْنِ مَشْهُورَيْنِ فِي نُسَخِ بِلَادِنَا أَحَدُهُمَا بِقَافٍ مَفْتُوحَةٍ ثُمَّ دَالٍ سَاكِنَةٍ أَيْ مِثْلُ الثَّوْرِ وَالثَّانِي كَفِدَرِ بِفَاءٍ مَكْسُورَةٍ ثُمَّ دَالٍ مَفْتُوحَةٍ جَمْعُ فِدْرَةٍ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ وَادَّعَى الْقَاضِي أَنَّهُ تَصْحِيفٌ وَأَنَّ الثَّانِي هُوَ الصَّوَابُ وَلَيْسَ كَمَا قَالَ قَوْلُهُ (ثُمَّ رَحَلَ أَعْظَمَ بَعِيرٍ) هُوَ بِفَتْحِ الْحَاءِ أَيْ جَعَلَ عليه رحلا قوله (وتوزدنا مِنْ لَحْمِهِ وَشَائِقَ) هُوَ بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَالْقَافِ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ هُوَ اللَّحْمُ يُؤْخَذُ فَيُغْلَى اعلاء ولا ينضج وَيُحْمَلُ فِي الْأَسْفَارِ يُقَالٍ وَشَقْتُ اللَّحْمَ فَاتَّشَقَ وَالْوَشِيقَةُ الْوَاحِدَةُ مِنْهُ وَالْجَمْعُ وَشَائِقُ وَوُشُقٌ وَقِيلَ الوشيق الْقَدِيدُ قَوْلُهُ (ثَابَتْ أَجْسَامِنَا) أَيْ رَجَعَتْ إِلَى القوة قوله (فيأخذ أبو عبيدة ضلعا من أضلاعه فتصبه) كذا هو فى النسخ فتصبه وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُولَى فَأَقَامَهَا فَأَنَّثَهَا وَهُوَ الْمَعْرُوفُ وَوَجْهُ التَّذْكِيرِ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ الْعُضْوَ قَوْلُهُ (وَجَلَسَ فِي حَجَاجِ عَيْنِهِ نَفَرٌ) هُوَ بِحَاءٍ ثُمَّ جِيمٍ مُخَفَّفَةٍ وَالْحَاءُ مَكْسُورَةٌ وَمَفْتُوحَةٌ لُغَتَانِ مَشْهُورَتَانِ وَهُوَ بِمَعْنَى وَقْبِ عَيْنِهِ الْمَذْكُورِ فِي الرِّوَايَةِ السَّابِقَةِ وَقَدْ شَرَحْنَاهُ قَوْلُهُ (إِنَّ رَجُلًا نَحَرَ ثَلَاثَ جَزَائِرَ ثُمَّ ثَلَاثًا ثُمَّ ثَلَاثًا ثُمَّ نَهَاهُ أَبُو عُبَيْدَةَ) وَهَذَا الرَّجُلُ الَّذِي نَحَرَ الْجَزَائِرَ هُوَ قَيْسُ بْنُ سَعْدِ بْنِ عبادة رضى الله قَوْلُهُ فِي الرِّوَايَةِ الْأُولَى (فَأَقَمْنَا عَلَيْهِ شَهْرًا) وَفِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ فَأَكَلْنَا مِنْهَا نِصْفَ شَهْرٍ وَفِي الثَّالِثَةِ فَأَكَلَ مِنْهَا الْجَيْشُ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ لَيْلَةٍ طَرِيقُ الْجَمْعِ بَيْنَ الرِّوَايَاتِ أَنَّ مَنْ رَوَى شَهْرًا هُوَ الْأَصْلُ وَمَعَهُ زِيَادَةُ عِلْمٍ وَمَنْ رَوَى دُونَهُ لَمْ يَنْفِ الزِّيَادَةَ وَلَوْ نَفَاهَا قَدَّمَ الْمُثْبَتَ وَقَدْ قَدَّمْنَا مَرَّاتٍ أَنَّ الْمَشْهُورَ الصَّحِيحَ عِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ أَنَّ مَفْهُومَ الْعَدَدِ لَا حُكْمَ لَهُ فَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ نَفْيُ الزِّيَادَةِ لَوْ لَمْ يُعَارِضْهُ إِثْبَاتُ الزِّيَادَةِ كَيْفَ وَقَدْ عَارَضَهُ فَوَجَبَ قَبُولُ الزِّيَادَةِ وَجَمَعَ الْقَاضِي بينهما بِأَنَّ مَنْ قَالَ نِصْفَ شَهْرٍ أَرَادَ أَكَلُوا مِنْهُ تِلْكَ الْمُدَّةَ طَرِيًّا وَمَنْ قَالَ شَهْرًا أراد قَدَّدُوهُ فَأَكَلُوا مِنْهُ بَقِيَّةَ الشَّهْرِ قَدِيدًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ (سِيفُ الْبَحْرِ) هُوَ بِكَسْرِ السِّينِ وإسكان المثناة تحت وهو ساحله كما قاله فِي الرِّوَايَتَيْنِ قَبْلَهُ" أهـ.

5-الدروس المستفادة:

أ-اباحة ميتات البحر.
ب-إثبات كرامات الأولياء.
ومن الدروس المستفادة أيضاً ما ذكره الإمام النووي في شرحه السابق وهي كالتالي:

جـ-أَنَّ الْجُيُوشَ لَا بُدَّ لَهَا مِنْ أَمِيرٍ يَضْبِطُهَا وَيَنْقَادُونَ لِأَمْرِهِ وَنَهْيِهِ وَأَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْأَمِيرُ أَفْضَلَهُمْ أَوْ مِنْ أَفْضَلِهِمْ قَالُوا وَيُسْتَحَبُّ لِلرُّفْقَةِ مِنَ النَّاسِ وَإِنْ قَلُّوا أَنْ يُؤَمِّرُوا بَعْضَهُمْ عَلَيْهِمْ وَيَنْقَادُوا لَهُ.
د-وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ جَوَازُ صَدِّ أَهْلِ الْحَرْبِ وَاغْتِيَالِهِمْ وَالْخُرُوجِ لِأَخْذِ مَالِهِمْ وَاغْتِنَامِهِ.

هذا والله تعالى أعلى وأعلم..........

وصل اللهم على سيدنا محمد سر الأسرار ونور الأنوار ومفتاح باب اليسار نبينا الهادي المختار وعلى آله الأطهار وصحبه الأخيار عدد ما أظلم عليه الليل وأشرق عليه النهار وسلم تسليماً كثيراً كبيراً طيباً مباركاً فيه يا عزيز يا غفار.


_________________
أبا الزهراء قد جاوزت قدري *** بمدحك بيد أن لي انتسابا

سألت الله في أبناء ديني *** فإن تكن الوسيلة لي أجــابا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 48 مشاركة ]  الانتقال إلى صفحة السابق  1, 2, 3, 4  التالي

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 24 زائر/زوار


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
© 2011 www.msobieh.com

جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في المنتديات تعبر عن رأي أصحابها فقط