[font=Times New Roman]البداء في الانسان: أن يبدو له رأي في الشيء لم يكن له ذلك الرأي سابقاً، بأنّ يتبدَّل عزمه في العمل الذي كان يريد أن يصنعه، إذ يحدث عنده ما يغيِّر رأيه وعلمه به، فيبدو له تركه بعد أن كان يريد فعله، وذلك عن جهل بالمصالح وندامة على ما سبق منه.
والبداء بهذا المعنى يستحيل على الله تعالى، لانه من الجهل والنقص، وذلك محال عليه تعالى، ولا تقول به الامامية.
قال الصادق (عليه السلام): «من زعم أنّ الله تعالى بدا له في شيء بداء ندامة فهو عندنا كافر بالله العظيم»(1).
وقال أيضاً: «من زعم أن الله بدا له في شيء ولم يعلمه أمس فأبرأ منه»(2).
غير أنّه وردت عن أئمتنا الاطهار (عليهم السلام) روايات توهم القول بصحة البداء بالمعنى المتقدِّم، كما ورد عن الصادق (عليه السلام): «ما بدا لله
____________
(1) كمال الدين: 69.
(2) كمال الدين: 70.
-------------------------------------------------------------------------------- الصفحة 41 -------------------------------------------------------------------------------- في شيء كما بدا له في إسماعيل ابني»(1)، ولذلك نَسبَ بعض المؤلّفين في الفرق الاسلامية إلى الطائفة الامامية القول بالبداء طعناً في المذهب وطريق آل البيت، وجعلوا ذلك من جملة التشنيعات على الشيعة.
والصحيح في ذلك أن نقول كما قال الله تعالى في محكم كتابه المجيد: (يَمحُوا اللهُ ما يَشَآءُ ويُثبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الكِتَابِ) (2).
ومعنى ذلك: أنّه تعالى قد يظهر شيئاً على لسان نبيِّه أو وليِّه، أو في ظاهر الحال لمصلحة تقتضي ذلك الاظهار، ثم يمحوه فيكون غير ما قد ظهر أولاً، مع سبق علمه تعالى بذلك، كما في قصة إسماعيل لما رأى أبوه إبراهيم أنّه يذبحه.
فيكون معنى قول الامام (عليه السلام): أنّه ما ظهر لله سبحانه أمر في شيء كما ظهر له في اسماعيل ولده، إذ اخترمه قبله ليعلم الناس أنّه ليس بإمام، وقد كان ظاهر الحال أنّه الامام بعده، لانه أكبر ولده.
وقرب من البداء في هذا المعنى نسخ أحكام الشرائع السابقة بشريعة نبيّنا (صلى الله عليه وآله وسلم)، بل نسخ بعض الاحكام التي جاء بها نبينا صلى الله عليه و آله و سلم
____________
(1) التوحيد: 336، كمال الدين: 69.
(2) الرعد: 39.
-------------------------------------------------------------------------------- الصفحة 42 -------------------------------------------------------------------------------- عقائد الإمامية للعلامة المظفر[/font]
_________________ [font=Traditional Arabic]إن مذهبا يثبت نفسه من كتب مخالفيه أحق أن يتبع ، وإن مذهبا يحتج عليه بما في كتبه فيلجأ للتأويل والتحوير أحق أن يتجنب عنه[/font]
|