[twh][align=center]***تابع***[/align][/twh]
-و قال الحافظ محب الدين بن النجار في (( ذيل تاريخ بغداد )):
"محمد بن علي بن محمد بن عربي أبو عبد الله الطائي من أهل الأندلس. ذكر لي أنه ولد بمرسية في ليلة الاثنين سابع عشر من رمضان سنة ستين و خمسمائة. و نشأ بها، و انتقل إلى أشبيلية في سنة ثمان و سبعين، فأقام بها إلى سنة ثمان و تسعين. ثم دخل بلاد الشرق، و طاف بلاد الشام، و دخل بلاد الروم.
و كان قد صحب الصوفية، و أرباب القلوب، و سلك طريق القوم، و حج و صنف كتباً في علوم القوم، و في أخبار مشايخ الغرب، و زُهَّادها، و له أشعار حسنة، و كلام مليح. اجتمعت به بدمشق، و كتبت عنه أشياء من شعره، و نعم الشيخ هو. دخل بغداد، و حدَّث بها بشيء من مصنفاته، و كتب عنه الحافظ أبو عبد الله بن الدبيثي. و من شعره ما أنشدني لنفسه قوله: [poet font="Tahoma,5,blue,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=350% align=center use=ex length=0 char="" num="0,black" filter=""]أيا حائرًا ما بين علم و شهوة = ليتصـلا مـا بيـن ضديـن مـن وصـل و من لم يكن مستنشق الريح لم يكن = يرى الفضل للمسك العتيق على الزبل [/poet]كتب إليّ الحافظ ضياء الدين المقدسي: إن ابن العربي توفي ليلة الجمعة الثاني و العشرين من ربيع الآخر سنة ثمان و ثلاثين و ستمائة."
و منهم قاضي القضاة العلاّمة سراج الدين الهندي الحنفي أحد أئمة الحنفية، و قاضي القضاة بالديار المصرية، و صاحب المصنفات: كشرح الهداية،و شرح المغني. كان يتعصب لابن عربي، و ابن الفارض. و ألف شرحًا على تائية ابن الفارض، و عزّر ابن أبي حجلة لكلامه فيه.
و منهم الشيخ ولي الدين محمد بن أحمد الملّوي أحد علماء الشافعية. كان عارفًا بالتفسير و الفقه، و الأصول، و التصوف، ألف عدة تصانيف على طريقة ابن عربي، و مات في ربيع الأول سنة أربع و سبعين و سبعمائة، و حضر جنازته ثلاثون ألفًا. و حكى أنه قال عند موته: << حضرت ملائكة ربي، و بشروني، و أحضروا لي ثيابًا من الجنة، فانزعوا عني ثيابي؛ فنزعوها، فقال: أرحمتموني >>، ثم زاد سُرُورُه، و مات في الحال.
و منهم أبو ذر أحمد بن عبد الله العجمي أحد من كان يشغل الناس في المعقول. ذكر الحافظ بن حجر في (( إنباء الغمر )) أنه كان يدرس كتب ابن عربي، و أنه كان للناس فيه اعتقاد، و مات سنة ثمانين و سبعمائة.
و منهم الشيخ بدر الدين أحمد بن الشيخ شرف الدين محمد بن فخر الدين بن الصاحب بهاء الدين بن حنا المشهور ب<<البدر بن الصاحب >>. قال ابن حجر: تفقه، و مهر في العلوم، و ألف تواليف. و كان يحسن الظن بتصانيف ابن عربي و يصرح بالنقل منها. مات سنة ثمان و ثمانين و سبعمائة."
و منهم الشيخ شمس الدين محمد بن إبراهيم بن يعقوب المعروف ب << شيخ الوضوء >>. قال ابن حجر: كان يقرأ السبع، و يشارك في الفضائل، و ينظر في كلام ابن عربي. و قال ابن حجر: "تفقه بوالدي و غيره، و أذن له من خطيب أبيورد بالإفتاء، و كان التاج السبكي يثني عليه و كان حسن الفهم، جيد المناظرة، و سلك طريق التصوف. و كان يعتقد أن ابن عربي مات سنة تسعين و سبعمائة.
و منهم أبو عبد الله محمد بن سلامة التوزري المغربي. قال ابن خلكان: كان فاضلا في الأصول و الفقه، داعية إلى مقالة ابن عربي، يناضل عنها، و يناظر عليها، مات سنة ثمانمائة.
و منهم الشيخ نجم الدين الباهي. قال ابن حجّر: كان أفضل الحنابلة بالديار المصرية، و أحقهم بولاية القضاء. وقال ابن حجر: و كان لهُ نظر في كلام ابن عربي. و قد درس و أفتى، مات سنة اثنتين و ثمانمائة.
و منهم شمس الدين محمد بن أحمد الصوفي المعروف ب << لبن نجم >> نزيل مكة. قال ابن حجر: تسلك على يد الشيخ يوسف العجمي، و تجرد، و كان كثير العبادة. وقال ابن حجر: كان على طريقة ابن عربي. مات سنة إحدى و ثمانمائة.
و منهم الشيخ إسماعيل بن إبراهيم الجبرتي ثم الزبيدي. قال ابن حجر: تعانى الاشتغال، ثم تصوف، و كان خيّرا عابدا، حسن السَّمت، محبا في مقالة ابن عربي، مات سنة ست و ثمانمائة.
و منهم العلامة مجد الدين الشيرازي صاحب القاموس. قال ابن حجر: لما اشتهرت باليمن مقالة ابن عربي، و دعا إليها الشيخ إسماعيل بن إبراهيم الجبرتي، و غلبت على علماء تلك البلاد صار الشيخ مجد الدين يُدخل في شرح البخاري من كلام ابن عربي.
و منهم علاء الدين أبو الحسن بن سلام الدمشقي الشافعي. أحد أئمة الشافعية بالشام، و مُصنَّفيهم. قال ابن حجر: كان ينسب إلى نُصْرة مقالة ابن عربي، و يتخيل لها تأويلات، و كانت وفاته سنة تسع و عشرين و ثمانمائة.
و منهم قاضي القضاة شمس الدين البساطي المالكي. ذكر ابن حجر في حوادث سنة إحدى و ثلاثين و ثمانمائة أنه حضر معه عند الشيخ علاء الدين البخاري، فجرى ذكر ابن عربي، فبالغ الشيخ علاء الدين في ذمه، و تكفير من يقول بمقالته؛ فانتصر له البساطي، و قال:
" إنما ينكر الناس عليه ظاهر الألفاظ التي يقولها، و إلا فليس في كلامه ما ينكر، إذا حمل لفظه على مراده، و ضَرْبٍ من التأويل."
و كان من جملة كلام الشيخ علاء الدين: الإنكار على من يعتقد الوحدة المطلقة
و كان من جملة كلام البساطي:أنتم تعرفون الوحدة المطلقة ؟ ،
فاستشاط البخاري غضبًا، و أقسم بالله إن لم يعزل السلطان البساطيَّ من القضاء ليخرجنَّ من مصر.
و التمس من كاتب السرّ أن يسأل السلطان في ذلك، فهمَّ السلطان أن يوافقه، و أراد أن يقرر الشهاب بن تقي مكان البساطي، فاُحضر،و أُحضِرت خِلَعُهُ، ثم بطل ذلك المجلس.
قلتُ: هذا من بركة الانتصار لأولياء الله تعالى !
و استمر البساطي في منصبه، و لم يتفق له عزل قط إلى أن مات بعد إحدى عشرة ليلة من هذه الواقعة.
و ذكر البرهان الرقاعي في (( معجمه )) حكى لي الشيخ تقي الدين أبو بكر بن أبي الوفاء القدسي الشافعي قال – و هو أمثل الصوفية في زماننا – قال:
"كان بعض الأصدقاء يشير عليَّ بقراءة كتب ابن عربي و نحوها من أنظارها. و بعضهم يمنع مني ذلك، فاستشرتُ الشيخ يوسف الإمام الصفدي في ذلك، فقال: اعلم يا ولدي – وفقك الله – أن هذا العلم المنسوب لابن عربي ليس بمختَرع له، و إنما هو كان ماهرًا فيه، و قد ادعى أهله أنه لا يمكن معرفته إلا بالكشف فإذا صح مُدَّعاهم، فلا فائدة في تقريره؛ لأنه إذا كان المقرّر، و المقرر له مطلعين؛ فالتقرير تحصيل الحاصل. و إن كان المطلعُ أحدَهما فتقريره لا ينفع الآخر. و إلا فإنهما يخبطان خبط عشواء !! فسبيل العارف عدم البحث عن هذا العلم، و عليه المعول، و السلوك فيما يوصل إلى الكشف عن الحقائق. و متى كشف له عن شيء علمه، و مشى في أعلى سند."
قال:
" ثم استشرتُ الشيخ زين الدين الخافي بعد أن ذكرت له كلام الشيخ يوسف، فقال: كلام الشيخ يوسف حسن. و أزيدك أن العبد إذا تخلَّق، ثم تحقق، ثم جُذِب، اضمحلت ذاته، و ذهبت صفاته، و تخلص من السّوى، فعند ذلك تلوح له بروق الحق بالحق، فيطلع على كل شيء، و يرى الله عند كل شيء، فيغيب بالله عن كل شيء و لا يرى شيئا سواه، فيظن أن الله عين كل شيء و هذا أول المقامات. فإذا ترقى عن هذا المقام و أشرف على مقام أعلى منه، و عضَّده التأييد الإلهي، رأى أن الأشياء كلها فيض وجوده تعالى، لا عين وجوده، فالناطق حينئذ بما ظنه في أول مقام إما محروم ساقط، و إما نادم تائب.. { و ربك يخلق ما يشاء و يختار } القصص / 68."
فإن قلت: فهذا الشيخ ولي الدين العراقي قد قال في فتاويه: قد بلغني عن الشيخ الإمام علاء الدين القونوي أنه قال في مثل ذلك: إنما يؤول كلام المعصومين ! قلتُ: هذا منقوض بأمرين:
أحدهما: أن القونوي قد فعل خلاف ذلك في كتابه(( شرح التعرف ))، فنقل عن ابن عربي و غيره كلمات ظاهرها المنافاة للشرع، ثم تأولها و خرجها على أحسن المحامل؛ فهذا منه إما دليل على بطلان ما نقل عنه من عدم التأويل، أو رجوع عنه.
و الثاني: إن كلام القونوي لو ثبت أنه قاله، و لم يقل خلافه في (( شرح التعرف )) مُعَارَض بقول مَن هو أجَلّ منه، و هو شيخ الإسلام ولي الله تعالى محيي الدين النووي؛ فإنه نص في كتابه (( بستان العارفين)) على خلاف قول القونوي؛
فقال بعد أن حكى عن " أبي الخير التِّـــنَاتي " حكاية ظاهرها الإنكار. ما نصه: { قلت: قد يتوهم من يتشبه بالفقهاء و لا فقه عنده أن ينكر على أبي الخير هذا، و هذه جهالة و غباوة ممن يتوهم ذلك، و جسارة منه على إرسال الظنون في أفعال أولياء الرحمن. فليحذر العاقل من التعرض لشيء من ذلك، بل حقه إذا لم يفهم حكمهم المستفادة، و لطائفهم المستجادة، أن يتفهمها ممن يعرفها، و كل شيء رأيته من هذا النوع مما يتَوَهَّم من لا تحقيق عنده أنه مخالف، ليس مخالفاً بل يجب تأويل أفعال أولياء الله تعالى. هذا كلام النووي بحروفه.
و لابن عربي هذا ولد مشهور، فقيه أديب يسمى: سعد الدين محمد بن العربي. شعره مشهور في(( تذكرة الصلاح الصفدي )). و غيره. و قد روى من شعره الحافظ شرف الدين الدمياطي في (( معجمه))، و قال:
"محمد بن محمد بن علي بن محمد بن أحمد أبو عبد الله بن أبي عبد الله الطائي الحاتمي المغربي المحتد، الدمشقي المولد، الشافعي الفقيه الأديب المعروف بابن العربي، و المنعوت بالسعد – رضي الله عنه و عن والده - توفي بدمشق في جمادى الآخرة سنة ست و خمسين و ستمائة."
و ذكره الصلاح الصفدي في تاريخه فقال:
سعد الدين محمد بن الشيخ محيي الدين بن العربي الشاعر ولد بملطية في رمضان سنة ثمان عشرة و ستمائة، و سمع الحديث و درس، و كان شاعرا مجيدا، و له ديوان شعر مشهور و من شعره:
[poet font="Tahoma,5,purple,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=200% align=center use=ex length=0 char="" num="0,black" filter=""]
نهري من المحبوب أصبح مرسلا = و أراه متَّصِلا بفيض مدامعي
قال الحبيب بأن ريقي نافـع = فاسمع رواية مالك بن نافـع
[/poet]
و لابن عربي ولد ثانٍ اسمه عماد الدين محمد قال فيه القطب اليونيني:
" كان فاضلا سمع الكثير على أحمد بن عبد الدائم المقدسي، و مات بدمشق سنة سبع و ستين و ستمائة، و قد نيف على الخمسين."
ثم رأيتُ في تاريخ الصفدي في ترجمة الشيخ محيي الدين بن عربي -رضي الله عنه - ما نصه:
"قد عظمه الشيخ كمال الدين بن الزملكاني في مصنفه الذي عمله في الكلام على النبي، و الملك، و الشهيد، و الصّدِّيق، و هو مشهور في الفصل الثاني في فضل الصّدِّيقية. و قال: "الشيخ محيي الدين بن عربي البحر الزاخر في المعارف الإلهية. و ذكر من كلامه جُمْلَةً، ثم قال في آخر الفصل: و إنما نقلتُ كلامه، و كلام من جرى مجراه من أهل الطريق؛ لأنهم أعرف بحقائق هذه المقامات، و أبصر بها، لدخولهم فيها. و تَحققِهم بها ذوقاً، و المخبر عن الشيء ذوقا مخبر عن عين اليقين، فاسأل به خبيرا...انتهى كلام ابن الزملكاني."
قال الصفدي:
"و حُكي لي بأنه ذكر للشيخ تقي الدين بن تيمية أن في دمشق إنسانا يصرف كلام ابن عربي بالتأويل إلى ظاهر الشرع، فقُدِّر أن أجتمع به، فقال له: بلغني عنك كذا، و كذا، فقال: نعم. فقال: كيف تعمل في قوله: << خُضْتُ لُجَّةَ بَحْرٍ، الأنبياءُ وقوفٌ على ساحله >> فقال: ما في ذا شيء. يعني أنهم واقفون لإنقاذ من يغرق فيه من أممهم. فقال له: هذا بعيد. فقال: و إلا..ما الذي تفهمه أنت ؟ و ما هو المقصود ؟! "
"و على الجملة فقد كان رجلاً عظيماً، و الذي نفهمه من كلامه حسن بَسنٌ، و الذي يشكل علينا نكل علمه إلى الله تعالى، و ما كلفنا إتباعه، و لا العمل بكل ما قاله."
قال:
"و قد رأيتُ كتابه الفتوحات المكية في عشرين مجلدا بخطه، فرأيتُ فيه دقائق و غرائب و عجائب ليست توجد في كلام غيره، و كأن المنقول و المعقول ممثلان بين عينيه في صورة محصورة يشاهدها متى أراد، و تأتي له الأثر و نزله على ما يريده، و هذه قدرة و نهاية إطلاع، و توقد ذهن و غاية حفظ و ذكر. و من وقف على هذا الكتاب علا قَدرُه، و هو من أجل مصنَّفاته.
قال:
و قد ذكر في أوله عقيدته، فرأيتها من أولها إلى آخر ها عقيدة الشيخ أبي الحسن الأشعري، ليس فيها ما يخالف رأيه، قال: و كتب عليها:
[poet font="Tahoma,5,blue,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=350% align=center use=ex length=0 char="" num="0,black" filter=""]
ليس في هذه العقيدة شيء = يقتضيه التكذيب و البهتانُ
لا و لا ما قد خالف العقل و النقـ= ـل الذي قد أتى به القرآنُ
و عليها للأشعري مَدَارٌ = و لها في مقاله إمكــــــــانُ
و على ما ادعاه يتجه البحـــ=ـــثُ و يأتي الدليل و البرهانُ
بخلاف الشياع عنه و لكن = ليس يخلو من حاسد إنسان
[/poet]
هذا آخره، و الحمد لله و حده، و صلى الله على سيدنا محمد و آله و صحبه، و سلم تسليما كثيرا بلا تقليل، و حسبنا الله و نعم الوكيل.
[twh][align=center]*****************[/align][/twh]
[poet font="Simplified Arabic,6,green,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=200% align=center use=ex length=0 char="" num="0,black" filter=" glow(color=tomato,strength=5)"]
تم بحمد الله تعالي
[/poet]
[poet font="Simplified Arabic,6,green,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=200% align=center use=ex length=0 char="" num="0,black" filter=" glow(color=orange,strength=5)"]
اللهم صلي على سيدنا محمد الفاتح لما أغلق و الخاتم لما سبق ناصر الحق بالحق
و الهادي إلى صراطك المستقيم
و على آله الطيبيين الطاهرين حق قدره و مقداره العظيم
[/poet]
_________________
ما خاب بين الورى يوما ولا عثرت***في حالة السير بالبلوى مطيته من كان لله رب العرش ملتجأ***ومن تكن برسول الله نصرته
|