موقع د. محمود صبيح

منتدى موقع د. محمود صبيح

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 123 مشاركة ]  الانتقال إلى صفحة السابق  1, 2, 3, 4, 5 ... 9  التالي
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة: Re: من المكتبة الرفاعية
مشاركة غير مقروءةمرسل: الجمعة يوليو 13, 2012 8:53 pm 
غير متصل

اشترك في: الأربعاء إبريل 04, 2012 12:30 pm
مشاركات: 280
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله .. وبعد
استغفر الله عن كل تعليق علي شيخ الطريقة الرقاعية بغة واثناء الانتحابات الرئاسية


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من المكتبة الرفاعية
مشاركة غير مقروءةمرسل: السبت يوليو 14, 2012 6:10 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء أكتوبر 30, 2007 4:26 pm
مشاركات: 3907
مكان: في حضن الكرام
سؤال : وسألته لا زال قدوة وإماماً عن سر تلقين الأسماء الحسنى للمريدين ؟

جواب : فقال : أما الذكر والدعاء بأسماء الله تعالى فقد صح فيه التلقين القرآني على لسان الرسول عليه الصلاة والسلام بقوله تعالى " اذكروني " وغيرها من الآيات الآمرة بالذكر وبقوله تعالى " ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها " وغيرها من الآية المشيرة إلى طلب الدعاء ، إلا أن الحال المحمدي أفيض إلى قلوب اختصها الله باقترابه واقتراب نبيه فانطبع في ألواحها الذوق المحمدي الذي كان يصدر من قلبه الشريف عليه السلام حالة الذكر والدعاء فأفرغوا على محبيهم حالة التلقين شمة الشوق وحالة الذوق ولذلك ترى أن السالك إذا تلقى عن شيخه كلمة التوحيد وذكر الله بها يرى لها حالاً في الحال غير الحال الأول الذي كان يجده حالة قوله لا إله إلا الله قبل التلقي وما ذلك إلا سر الحال المحمدي المفاض من صدره عليه الصلاة والسلام المتدلي بحسب التلقي إلى صدر المرشد وعلى حسب حاله واستعداد السالك وهذا سر عظيم قل دراكه في هذا الزمان وسكت قدس الله سره .

***



سؤال : وسألته أيدنا الله بنفحة إرشاده عن قول الطائفة النقشبندية أن طريقهم أقرب الطرق إلى الله لأن ذكرها خفي يذكره المريد بالقلب من دون لفظ ؟

جواب : فقال : قرب الطريقة وبعدها عن الله لا يتعين لأن هذا يوهم مكاناً ومسافة وهذا خطأ كبير وأمر خطير والعياذ بالله وأما قول طائفة من الصوفية طريقة فلان قريبة من الله إنما هي عبارة عن جذب الغافل من حالة غفلته عن ربه إلى الانتباه إلى أمر الله وكأنهم يقولون إن طريقة فلان فيها هذا الانتباه أكثر من غيرها وعلى هذا ظن الطائفة النقشبندية من اشتغالهم بالذكر القلبي أنهم انفردوا بهذا الشأن دون غيرهم من رجال الطرق العلية وهذا غلط بين فإن الطرق الباقية وبالخاصة طريقتنا الرفاعية لها حضرة وسلوك فأما الحضرة فهي الجمعية التي يراها الناس جهراً يذكرون الله بها قياماً وقعوداً وجهراً وهمساً ويتنبهون وينبهون ويذكرون ويذكرون فترى سر حضرتهم يسري في عامة الناس وخاصتهم ويسمعون في حضرتهم أحسن القول فيتبعونه وتشتغل قلوبهم وقوالبهم بخدمة الله فأجسامهم متحركة لله وألسنتهم ناطقة بالله وقلوبهم ذاهبة إلى الله وحالتهم دالة على الله وفيوضاتهم واردة من الله وهذا الشأن من أصول السنة المحمدية فرع عظيم ومن طرق الشريعة الأحمدية طريق مستقيم وأما السلوك فهو ما يأخذ به المرشد ذمام المريد ويسلك به الطريق إلى المبدئ المعيد وفيه الذكر الخفي وهو وقت العبد مع الله وسلم وصلته إلى باب الله وسريرته التي لا يطلع عليها الملائكة الكروبيون ولا الروحانيون وحالته التي يدق مدركها عن ملاحظات العيون وحضرته المجللة ببرقع الأدب والحياء من رب الأرض والسماء وساحته المطهرة من شوائب الغرض والرياء وفيها تعلو درجاته وتعظم بركاته وما هذا الأمر بالحال المخصوص بطريقة من الطرائق أو بعلاقة من العلائق إنما هو فضل الله يختص به من يشاء وإحسان الله يودعه أين شاء ومن ظن غير هذا فقد ارتكب جهلاً ، اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلاً ، وسكت قدس سره .

***


_________________
( بسم الله الرحمن الرحيم ) قل هو الله أحد . الله الصمد . لم يلد ولم يولد . ولم يكن له كفوا أحد .
قل أعوذ برب الفلق . من شر ما خلق . ومن شر غاسق إذا وقب . ومن شر النفاثات في العقد . ومن شر حاسد إذا حسد .


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من المكتبة الرفاعية
مشاركة غير مقروءةمرسل: السبت يوليو 14, 2012 6:19 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء أكتوبر 30, 2007 4:26 pm
مشاركات: 3907
مكان: في حضن الكرام

أخي محمود سلام الله عليك ورحمته وبركاته ،،

الغيرة على دين الله مطلوبة ، والأدب واجب ، والصوفي لا دخل له بالسياسة فالسياسة إنشغال عن الحق بالخلق ولا يطلبها طالب إلا نزع منه المعونة ، نسأل الله العفو والعافية ، وأن يرزقنا الله اتباع سيدنا ومولانا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ويجعلنا تحت نظره راضياً علينا بمنه ، وأن يجعلنا خدماً لأوليائه في كل مكان وفي كل زمن ويعيننا على ذلك فهو القادر وهو اللطيف ..
ونظرة ومدد يا أبو العلمين ..


_________________
( بسم الله الرحمن الرحيم ) قل هو الله أحد . الله الصمد . لم يلد ولم يولد . ولم يكن له كفوا أحد .
قل أعوذ برب الفلق . من شر ما خلق . ومن شر غاسق إذا وقب . ومن شر النفاثات في العقد . ومن شر حاسد إذا حسد .


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من المكتبة الرفاعية
مشاركة غير مقروءةمرسل: السبت يوليو 14, 2012 9:47 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء أكتوبر 30, 2007 4:26 pm
مشاركات: 3907
مكان: في حضن الكرام
سؤال : وسألته رضي الله عنه عن كشف الولي حالة كونه في بغداد ونادبه في فاس كيف يطلع عليه ويراه وقد يتفق في الوقت الواحد أن يندب من الأماكن المتعددة على الألسن المتعددة ويرى كل نادب له ويطلع على أحوال الكل وقد يقوم بمدد الله بمعونة الكل وهو في مكانه الذي هو فيه فما هذا الحال ؟

جواب : فقال : مثل قلب الولي كالحجر المغناطيسي العظيم الجسيم إذا وضعته في صحن دار وسيعة مربعة مفروشة بالرخام الأبيض بسيطة وجعلته النقطة الوسطى من الصحن وطرقت الشمس الحارة صحن الدار من كل جانب ووجهت من كل جهة قطع الحديد وما يصح جذبه إليه أهلاً تسري جاذبيته إلى الجميع وتصلحهم وهو في محله ؟

قلت : بلى .

قال : وقلب الولي كذلك أعطاه الله سراً انجلى فيه حالة توجه القلب الآخر إليه تنعكس مادته إليه وتصلح شأنه وشأن القلب الآخر والآخر وصلة شعاعية لا يمنعها حجاب من الحجب الثقيلة لأن الصحن الحضرة الوسيعة والرخام طهارة النية وحسن تربيع المحل صحة الطرز وطرقة الشمس الحارة من كل جهاته إعطاء نور المادة الممدة من جانب شمس العناية المقدسة لكيلا تنقطع قوة الكيفيتين حالة المد والاستمداد وإلا فلا تصح هذه الإحاطة لمخلوق لأن الإحاطة بلا طلب ولا لفت قلب يوجب انعكاس مادة جاذبة إنما هو شأن الله الذي يحفظك ويعينك ويصونك بحفظه وعونه وصونه وأنت على غفلة ويرزقك وأنت على معصية ويحسن إليك وأنت على إساءة وأنى للعبد المسكين هذه الشئون تعالى الله علواً كبيراً .

قلت : حينئذ ثبت ما قاله بعض الحنابلة بعدم مدد الولي بعد موته ؟

قال : لا بل لم يثبت لأن المادة الممدة في الولي ليست القطعة اللحمية المعطلة وإنما هي كلمة المدد الرباني المدلاة إليه وهذه كلمة ليست بمعطلة لا ينقطع مددها ولا ينقضي أمدها ولا تبديل لكلمات الله .

قلت : ولعل المدد وهب بقيد كون الولي حياً ؟

قال : هذا ظن على وجه باطل إذ لعل المدد وهب بلا قيد وهذا اللائق بالألهية ولا ينقص من خزانة الكرم شيء وإذا كانت المادة الممدة الفعالة مادة المدد المدلاة إلى قالب الولي وقلبه المجتمع من ماء وطين الذي لا يضر ولا ينفع ولا يملك لنفسه ضراً ولا نفعاً وهي المتصرفة الضارة النافعة الممدة وجعل الله عبده الولي موضع مدده ووجهة البعيد عن مدده المحجوب عنه إليه فمتى توجه العبد إلى الوجهة التي جعلها الله موضع مدده وقبل الحق اتجاهه انصرفت إليه مادة المدد من موضعها سواء كان موجوداً أو مفقوداً حياً أو ميتاً قريباً أو بعيداً ولا فرق في هذا وهو الأصل عند العارفين .

قلت : حينئذ فما مزية الولي حالة كونه مجرداً عن الفعل والفتق والرتق والحول والقوة والوهب والسلب ؟

فقال : مزيته الاختصاص يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم ، وسكت قدس سره .

***


_________________
( بسم الله الرحمن الرحيم ) قل هو الله أحد . الله الصمد . لم يلد ولم يولد . ولم يكن له كفوا أحد .
قل أعوذ برب الفلق . من شر ما خلق . ومن شر غاسق إذا وقب . ومن شر النفاثات في العقد . ومن شر حاسد إذا حسد .


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من المكتبة الرفاعية
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأحد يوليو 15, 2012 5:03 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء أكتوبر 30, 2007 4:26 pm
مشاركات: 3907
مكان: في حضن الكرام
سؤال : وسألته رضي الله عنه عن ما اصطلح عليه القوم من كتابة سلاسلهم لإخوانهم ومحبيهم وعن أسبابه ؟

جواب : فقال : كما أن حفظ أسماء آبائك في النسب من المروءة فكذلك حفظ أسماء آبائك في القلب من المعرفة والصدق وما اصطلح عليه القوم إلا ليدرك المريد صحة وصل يده ببيعة رسوله عليه الصلاة والسلام وصحة ربط قلبه بحضرته وصلاً وربطاً انقطعت حبال الشك والريبة وتوهم الكيفية الباطلة لأن المريد يقول : وصلت يدي بيد فلان وفلان وصل يده بيد فلان إلى اليد الكريمة العظيمة التي قال فيها الله : " إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله " ويقول المريد أيضاً : ربطت قلبي بقلب فلان وفلان بقلب فلان إلى القلب الذي أنزل فيه رافع السماء باسط الثرى " ما كذب الفؤاد ما رأى أفتمارونه على ما يرى " وهذا أصح للقلب وأقرب لطمأنينته وأتم لحاله من القول بوصلة مجهولة التسلسل وربط مجهول التوصل ألا ترى أن المحدثين يهتم أحدهم لصحة سند الحديث وصدق رواته بأسمائهم لتحصل له الطمأنينة فيما نقل له عن لسان نبيه أنه كلامه عليه الصلاة والسلام وإن كان الحديث المنقول موافقاً لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وما هو إلا لنيل بركة النفس المطوي في الحديث المروي وفي هذا حال من أحوال المعرفة وسر من أسرار الصدق لا يخفى على صاحب بصيرة ، وأنشد قدس سره :

ربطوا القلوب بحبه فتنورت

وتطهرت من لوث داهية العما


وتسلسلت أيدي الرجال بوصلة

ليد بصاحبها تشرفت السما


فلسر ما كذب الفؤاد أفق ترى

سراً بقلبك كم إلى العليا سما


وترى بطرز يد اتصالك منتهى

إن الذين يبايعونك إنما


***
وسكت قدس الله سره .



سؤال : وسألته عن ما يحصل للآل الكرام من المدد والمعونة والحفظ والبركة وعن وجه اختصاصهم بهذا دون غيرهم أو أكثر من غيرهم على حسب التجلي للأشخاص ؟

جواب : فقال : قد علمت أن الرجل الصالح تعم بركته ذويه حتى أنه لو وجد في حارتك رجل صالح اشتهر بين الناس أمره أما ترى أن صبية الحارة تجل صبيته وينظرهم الأطفال بعين الحرمة .

قلت : بلى .

قال : فكيف لا تعم بركة الحبيب الأعظم كل من انتسب إليه وهي الأصل ومع ذلك فالعمل الصالح في الآل الكرام لا زال يتسلسل ويتدلى وينتقل من والد إلى ولد ومن أم إلى بنت ومن أصل إلى فرع منذ ألف ومائة عام وسنين فكيف لا تنظرهم عين العناية بالرحمة وقد عكفوا وآباؤهم على باب الله ضارعين إليه معتمدين عليه أفلا يكون لهم هذا الحظ وهذه النظرة من الكريم وهم الذين لا يقولون نحن بل يقولون الله الله ومن يقول متجرداً من حوله وقوته يا الله فنصرته وحمايته ووقايته تكون من الله ولا بدع فإن اللهيرضى لرضاه ويسخط لسخطه ويغار له وينتقم له ممن يؤذيه ولو بعد حين ولا يهمل في الباب أبداً وأنشد :

لهم قدم بباب الله قدماً

تورثه عن الأهل الفروع


متى دهمتهم الدنيا بخطب

جرت منهم بساحة الدموع


وقالوا ما لنا يا رب ذخر

سواك وأنت مقتدر سميع


فتأتيهم يد المولى بنصر

وما تغني عن الخصم الدروع


***
وسكت قدس الله سره .


_________________
( بسم الله الرحمن الرحيم ) قل هو الله أحد . الله الصمد . لم يلد ولم يولد . ولم يكن له كفوا أحد .
قل أعوذ برب الفلق . من شر ما خلق . ومن شر غاسق إذا وقب . ومن شر النفاثات في العقد . ومن شر حاسد إذا حسد .


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من المكتبة الرفاعية
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء يوليو 18, 2012 5:24 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء أكتوبر 30, 2007 4:26 pm
مشاركات: 3907
مكان: في حضن الكرام
سؤال : وسألته لا برح دليلاً هادياً عن أدب طريقتهم ؟

جواب : فقال : الأدب الصحيح في كل طريقة أدب الشرع فإن من تأدب بأدب الشرع فهو ممن سلك الطريق ويرجى له الوصول ، ومن لم يتأدب بأدب الشرع فقد ضل الطريق وركب طرق الوعر والجبال وتمزق حاله ولا يصل إلى مقصوده أبداً وإن ما اختاره مشايخنا في طريقتنا من آداب الشرع للسالك أولاً الصحبة لتنقلب طباعه بمغناطيس الصحبة من الغفلة إلى اليقظة ، ومن البخل إلى السخاء ، ومن الحرص إلى الزهد ، ومن سوء الخلق إلى حسن الخلق ومن كل حال دني إلى كل حال زكي ، فمتى أسست الصحبة أركان محبته الخالصة لشيخه وانقلع من طبعه ألفة القواطع وطهرت نفسه يأمره الشيخ بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعدد كثير حتى يستغرق كليته حب رسول الله صلى الله عليه وسلم بحيث إذا تقهقه في ضحكه وهو في البر الأقفر وحده يستحي من صاحب الشريعة عليه أفضل الصلاة والسلام ثم يلحق له بعد الصلوات على النبي صلى الله عليه وسلم الاستغفار بعدد معلوم وبعد الاستغفار ذكر الله تعالى بشرط التجرد حالة ذكر الله من المخلوقين عظيمهم وحقيرهم كبيرهم وصغيرهم ، وفي أثناء السير يعالجه طبيب روحه شيخه بالرياضة إذا مست الحاجة إليها وبالسياحة وبالتجرد وبالخلوة وبالسهر وبالتهجد وببذل ما في اليد وبالخدمة الشاقة على النفس ومع ذلك يجعله مؤسس البنيان ممهد الأركان على المراتب الثلاثة المندرجة في ما قررناه وهن : حب الشيخ بالانقطاع عن غيره تصح له الصحبة وتكمل طهارة النفس وتنقلع ألفة القواطع من طبع المريد ، واستغراق القلب واللسان بمحبة النبي صلى الله عليه وسلم ليصح له الاقتداء به عليه السلام والتمسك الصحيح بشريعته وأحكام سنته والتجرد من الخلق بصحة الإخلاص في عبادة الحق ، وعدم رؤيا الأغيار بالكلية وهذه المزية أدب من آداب الرسول وشرط عظيم في الطلب فإذا تمهدت هذه الأركان الثلاثة للمريد فقد أدرك المقصود بإذن الله وقد شرط أهل هذه الطريقة الاستفاضة القلبية من قلب الشيخ علماً بأن هذا الفيض متدلي من قلب صاحب الطريقة وإليه من قلب روح العوالم صلى الله عليه وسلم وأدبها الجلوس على السجادة واستقبال القبلة والتفرغ من العلائق الخاطرية وأخذ الشيخ على البال وربط القلب بقلبه والوقوف هناك ما دامت الروح مطيبة والنفس مطمئنة والخواطر مندفعة فإذا ضاق حال الروح وشبت النفس ولعبت الخواطر يفتح المريد عينيه ويستغفر الله ويختم مجلس الاستفاضة بالفاتحة ويباشر بعدها الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وبعدها الاستغفار ثم الذكر كما تقرر أولاً ، ومن رجال هذه الطريقة من شرط الاستفاضة بعد الورد المذكور قائلاً : إن حلاوة الاستفاضة إذا بقي أثرها في القلب يدخل من ذلك الأثر شيء حالة الذكر حضيرة القلب ، ومن أدب الإخلاص أن لا يوجد للغير أثر .

وقال من شرط الاستفاضة قبل الورد : إن الاستفاضة باب يتوصل به المريد من شيخه إلى صاحب طريقته إلى نبيه ومتى وصل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقد وصل إلى الله جل جلاله بنص " إن الذين يبايعونك " الآية ، وبعد فتح الباب يباشر الورد متجرداً عن الغيرية وهذا الأليق بمقام السير والذي أقوله أن هذا الشأن يدرك من حال المريد فإن رأيناه إذا استفاض قبل الورد تنقلب عليه آثار الاستفاضة حالة الذكر نأمره بالاستفاضة بعد الورد وإن لم تغلبه آثار الاستفاضة حالة الذكر نأمره بالاستفاضة قبل الورد وهذا الصحيح وعليه أهل العرفان كافة .

ومن أحكام هذه الطريقة : الخلوة الأسبوعية في كل عام وابتداء دخول الخلوة في اليوم الثاني من عاشوراء يعني يوم الحادي عشر من محرم الحرام إلى مساء اليوم الثامن عشر من محرم وقد جعلوها شرطاً على كل من انتسب إلى هذه الطريقة العلية وطعامها خال من كل ذي روح ، وذكرها في اليوم الأول " لا إله إلا الله " بعدد معلوم ، وفي اليوم الثاني " الله " ، وفي اليوم الثالث " وهاب " ، وفي اليوم الرابع " حي " ، وفي اليوم الخامس " مجيد " ، وفي اليوم السادس " معطي " ، وفي اليوم السابع " قدوس " ، وشرطوا في الخلوة بعد كل صلاة تلاوة هذه الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم مائة مرة وهي : " اللهم صل على سيدنا محمد النبي الأمي الطاهر الزكي وعلى آله وصحبه وسلم " ، وذكروا لهذه الخلوة من الفتوحات المحمدية والعنايات الأحمدية ما لا يحصى وكم شاهدوا لها من برهان عظيم وشأن كريم وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم ، وسكت قدس الله سره .

_________________
( بسم الله الرحمن الرحيم ) قل هو الله أحد . الله الصمد . لم يلد ولم يولد . ولم يكن له كفوا أحد .
قل أعوذ برب الفلق . من شر ما خلق . ومن شر غاسق إذا وقب . ومن شر النفاثات في العقد . ومن شر حاسد إذا حسد .


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من المكتبة الرفاعية
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس يوليو 19, 2012 9:09 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء أكتوبر 30, 2007 4:26 pm
مشاركات: 3907
مكان: في حضن الكرام
سؤال : وسألته عمنا بره عن أكمل أسباب الوصلة وعن السبب التي تقوم به تلك الأسباب ؟

جواب : فقال : أكمل أسباب الوصلة في الأول والآخر والباطن والظاهر وفي جميع المباطن والمظاهر محبة النبي صلى الله عليه وسلم والسبب المقوم لتلك الأسباب كثرة الصلاة والسلام عليه ، ومن ظن غير هذه الطريقة طريقة وغير هذا الباب باباً فهو مغرور مطرود ممكور به مبعود عن باب ربه " فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك " الآية والتحكيم هذا فيما شجر بينهم من حالة نفسية أو روحية أو مالية أو غير ذلك ، والشمول بديهي لأنك لو عبدت الله برأيك كفرت ولو عبدته بما أمرك به رسولك أثبت وشكرت فاقطع علائق خاطرك عن التعلق بغير أذياله ، واصرف وجهك وقلبك عن الاقتداء والتمسك بأحوال أو أفعال غير أحواله وأفعاله :

هو الوصلة العظمى إلى الله باطناً

وروح الهدى المرئي للعين ظاهراً


وسكت قدس الله سره .
***



سؤال : وسألته بعد ذلك الدعاء ؟

أجاب : فقال : اللهم بعظمة ذاتك ، وبعزة صفاتك ، وبحرمة نبيك وإخوانه أصفيائك من خلقك ، وبأهل قربك ومحبتك أجمعين صحح حبه واجبر قلبه واجعله من عبادك الصالحين ، واسترنا وإياه بين عبادك في الدنيا والآخرة ، واسبل رداء عنايتك علينا واشملنا جميعاً بنظر نبيك ، واكتبنا مع الشاهدين نحن والمسلمين وصل وسلم بدءاً وختماً على البدء والختم حبيبك أبي القاسم سيدنا محمد وآله وأصحابه وأتباعه وأحبابه يا أرحم الراحمين ، آمين .

قلت : وقد جعلت هذا الدعاء وردي ومنهل وردي وحمدت الله على أن من علي بملاقاة هذا السيد الجليل والشريف الأصيل فالحمد لله على فضله وإحسانه والشكر لله على مزيد كرمه وامتنانه ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .

لله قوم إذا حلوا بمنزلة

حل الرضا وسار الجود إن ساروا


تحيا بهم كل أرض ينزلون بها

كأنهم لبقاع الأرض أمطار


***



نفعنا الله ببركات أنفاسهم أجمعين ، وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين .


_________________
( بسم الله الرحمن الرحيم ) قل هو الله أحد . الله الصمد . لم يلد ولم يولد . ولم يكن له كفوا أحد .
قل أعوذ برب الفلق . من شر ما خلق . ومن شر غاسق إذا وقب . ومن شر النفاثات في العقد . ومن شر حاسد إذا حسد .


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من المكتبة الرفاعية
مشاركة غير مقروءةمرسل: السبت يوليو 21, 2012 8:14 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء أكتوبر 30, 2007 4:26 pm
مشاركات: 3907
مكان: في حضن الكرام
وهنا سند سلسلته في طريقته المباركة نفعنا الله به وبهم ، أقول : أخذ سيدنا السيد الولي العارف بالله الشيخ حسين برهان الدين البصري الرفاعي عن أخيه الشهاب السيد نور الدين بن السيد عبد العلام بن خزام عن جده السيد محمود الصوفي عن أبيه السيد محمد برهان عن أبيه ولي الله السيد حسن الغواص دفين الشام عن أبيه العارف بالله السيد الحاج محمد شاه عن أبيه إمام زمانه مقتدى الرجال الأعلام السيد محمد خزام دفين الموصل عن عمه السيد ملك المندلاوي عن أبيه السيد محمود الأسمر عن أبيه السيد حسين العراقي عن ابن عمه الولي المكين السيد تاج الدين عن ابن عمه السيد عبد الرحمن شمس الدين دفين متكين عن جده السيد محمد خزام السليم عن أبيه السيد شمس الدين عبد الكريم أبي محمد الواسطي عن أبيه الشيخ العراقي السيد صالح عبد الرزاق عن أبيه صدر العارفين السيد محمد شمس الدين عن أبيه الفرد الأكبر ذي القدر العلي السيد صدر الدين علي عن أبيه قطب الأفراد وحجة الأوتاد أبي القاسم عز الدين مولانا السيد أحمد الصياد قدس سره عن عمه القطب المتمكن أبي الحسن عبد المحسن عن جده لاثم يد الرسول صلى الله عليه وسلم وسليل فاطمة البتول رضي الله عنها مقتدى أئمة العارفين وسلطان الواصلين غوث العرب والعجم صاحب البساط الأحمدي العلم الخاضع الخاشع الداعي السيد الشيخ أحمد محيي الدين أبي العباس الكبير الحسيني الرفاعي رضي الله عنه وعنهم أجمعين .

هو لبس الخرقة وتلقى الطريقة عن الشيخ علي الواسطي القاري عن الشيخ أبي الفضل بن كامخ عن الشيخ غلام بن تركان عن الشيخ علي الروزبادي عن الشيخ علي العجمي عن الشيخ أبي بكر الشبلي عن الشيخ أبي القاسم الجنيد البغدادي عن الشيخ سري السقطي عن الشيخ معروف الكرخي عن الشيخ داود الطائي عن الشيخ حبيب العجمي عن الشيخ أبي سعيد الحسن البصري عن أمير المؤمنين سيدنا علي بن أبي طالب كرم الله وجهه عن ابن عمه سيدنا وسيد العالمين أبي القاسم محمد صلى الله عليه وسلم وهو قال عليه السلام أدبني ربي فأحسن تأديبي .

ومن طريق آخر أخذ سيدنا السيد أحمد الكبير الرفاعي رضي الله عنه الطريقة ولبس الخرقة من خاله صاحب الفيض الرحماني شيخ الشيوخ سيدنا الشيخ منصور البطائحي رضي الله عنه وهو عن خاله سيدنا الشيخ أبي المنصور الطيب وهو عن ابن عمه الشيخ أبي سعيد يحيى النجاري الأنصاري وهو عن الشيخ أبي القرمزي وهو عن الشيخ أبي القاسم السندوسي الكبير وهو عن الشيخ أبي محمد رويم البغدادي وهو عن الشيخ أبي القاسم تاج العارفين الجنيد البغدادي وهو عن الشيخ سري السقطي وهو عن الشيخ أبي محفوظ معروف الكرخي وهو عن الإمام بن الإمام سيدنا الإمام علي بن موسى الرضا وهو عن أبيه سيدنا الإمام أبي الحسن موسى الكاظم وهو عن أبيه سيدنا الإمام جعفر الصادق وهو عن أبيه سيدنا الإمام محمد الباقر وهو عن أبيه سيدنا الإمام زين العابدين علي وهو عن أبيه سيدنا الإمام الحسين الشهيد بكربلا وهو عن أبيه إمام الأئمة وقائد أعيان هذه الأمة سيدنا الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ورضي الله عنه وعنهم أجمعين وهو عن ابن عمه سيد الخلق وحبيب الحق سيدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه أجمعين وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين والحمد لله رب العالمين .
هذا السند وأما ما انتهى أمر سيدنا السيد حسين برهان الدين فيما بلغني ممن أثق به أنه بعد أن فارق بغداد لحق بالبلاد الشامية وأقام بالقرب من معرة النعمان بلدة من أعمال حلب مع قبيلة بني خالد وتزوج منهم وأعقب ولدين الأول اسمه محمد والثاني اسمه علي خزام هذا ما وقفت عليه ووصلت إليه وأسأل الله أن يجعل البركة فيه وفي عقبه وذريته وأن ينفعنا والمسلمين بمحبته ويلذ لي أن أتمثل :

أيها الساكنون بالشام من كندة

إنا بعهدكم ما وفينا


لو قضينا حق المودة كنا

نحبنا بعد بعدكم قد قضينا



والحمد لله وحده وصلى الله وسلم على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه وأتباعه وحزبه أجمعين .
وقد ألهمت بعد تدوين هذه الرسالة وجمعها أن أسميها " معراج السالكين إلى المقام الأمين بدلالة القطب العارف بالله السيد حسين برهان الدين " .


_________________
( بسم الله الرحمن الرحيم ) قل هو الله أحد . الله الصمد . لم يلد ولم يولد . ولم يكن له كفوا أحد .
قل أعوذ برب الفلق . من شر ما خلق . ومن شر غاسق إذا وقب . ومن شر النفاثات في العقد . ومن شر حاسد إذا حسد .


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من المكتبة الرفاعية
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين يوليو 23, 2012 11:18 am 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء أكتوبر 30, 2007 4:26 pm
مشاركات: 3907
مكان: في حضن الكرام
ومن أجل كتب السادة الرفاعية كتاب " الطريقة الرفاعية " وقد رأيت للسيد أبو الهدى ترجمة وافية بها أسماء كتبه العظيمة أحب أن أضعها قبل كتابة الكتاب وهي :

نسبه :

السيد محمد أبو الهدى بن السيد أبى البركات حسن وادي بن السيد علي بن السيد خزام بن السيد علي بن السيد حسين برهان الدين البصري بن السيد عبد العلام بن السيد عبد الله شهاب الدين بن السيد محمود الصوفي بن السيد محمد برهان بن السيد حسن أبى محمد الغواص دفين دمشق بن السيد الحاج محمد شاه بن السيد محمد خزام بن السيد نور الدين بن السيد عبد الواحد بن السيد محمود الأسمر ابن السيد حسين العراقي بن السيد إبراهيم العربي بن السيد محمود بن السيد عبد الرحمن بن السيد شمس الدين بن السيد عبد الله قاسم نجم الدين بن السيد محمد خزام السليم بن السيد شمس الدين عبد الكريم بن السيد صالح عبد الرازق بن السيد شمس الدين محمد بن السيد صدر الدين علي بن الشيخ القطب السيد عز الدين أحمد الصياد الرفاعي بن السيد سبط الرفاعي ممهد الدولة عبدالرحيم بن سيف الدين عثمان بن السيد حسن بن السيد محمد عسلة بن السيد الحازم على بن السيد أحمد ابن السيد بن السيد رفاعة الحسن بن السيد المهدي بن السيد أبى القاسم محمد بن السيد الحسن بن السيد الحسين بن السيد أحمد بن السيد موسى الثاني بن السيد إبراهيم المرتضى بن الإمام موسى الكاظم بن الإمام جعفر الصادق بن الإمام محمد الباقر بن الإمام زين العابدين بن الإمام الحسين السبط شهيد كربلاء بن الإمام علي بن أبى طالب أمير المؤمنين .

ولادته :

ولد رحمه الله سنة ( 1266 هـ - 1849 م ) لثلاثة أيام خلت من رمضان المبارك بخان شيخون من أعمال معرة النعمان بسورية ، وسماه والده محمد وكنّاه أبا الهدى ، ونفخ في فيه امتثالاً لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم .

نشأته وحياته :

تربى بحجر الدلال ، ورضع ثدي التقوى والكمال ، وسُقيَ بماء المكرمات حتى بلغ ستة أعوام ، قرأ القرآن وحفظة بثلاثة أشهر ، وفي السنة السابعة أتقن التجويد والقرآن بأصولهما على شيخ قراء تلك الديار محمود بن الحاج طه ، وقرأ الغاية والتقريب في الفقة الشافعي على الشيخ المذكور ، ولازم غيره من المشايخ الأعلام فقرأ علم العربية والفقه على مذهب الإمام أبى حنيفة النعمان رحمه الله، وأكثر من قراءة علوم الأدب واللغة والحديث والتفسير وأصولهما ، وتبحر في علوم البلاغة والتأريخ والنسب والتصوف ، ومال إلى دراسة التصوف برغبة وفرحة، فحل بدقيق تصرفه غوامض معانيه وأوضح مضمرات خوافيه ، وبلغ ما حفظ من منظومات في شتى العلوم وأصناف الأدب ما يزيد عن مائة ألف بيت .

رحل إلى حلب الشهباء واجتمع بالعلماء والفضلاء ، واشتهر اسمه وعلا نجمه بين علماء حلب ، وتشرّف بنهل العلوم على يد كبار علمائها وحصل على إجازات بعضهم في تدريس العلوم العقلية والنقلية ورجع إلى مسقط رأسه فرحاً مستبشراً بما حصل عليه في حلب الشهباء .

أجازه والده بطريقة أسلافهم الأفاضل ، وبعد برهة أخذ إجازة الطريقة الرفاعية من ابن عمه المرحوم السيد علي بن السيد خيرالله الصيادي الرفاعي ، وفي سنه ( 1281 هـ - 1864 م ) توجه إلى دار الخلافة في اسطنبول ، وأحيلت لعهدته نقابة أشراف جسر الشغور وعاد إلى شيخون وراية النقابة ترفرف بين يديه ، وبعده أخذ يتنقل بين جسر الشغور وحلب ، وكثرت في تلك الأطراف مريديه وأتباعه، وأنشأ له زاوية في كفر دبين من أعمال جسر الشغور .

وفي سنه (1282 هـ - 1865 م ) شرف بغداد بقصد زيارة أجداده الأمجاد آل الرفاعي رضي الله عنهم، ووصل بغداد فاستأجر بها داراً في محلة الميدان، وأقام بها مدة من الزمن وأخذ البيعة عن قطب زمانه السيد محمد بهاء الدين الرواس الرفاعي ، وتعرف على السادة والمشايخ الرفاعية وغيرهم من مشايخ الطرق ، وجالس العلماء الأفاضل واستقى منهم العلم ، وبعد ذلك رجع إلى حلب ونشر فيها أعلام الطريقة الرفاعية ، وقام بتأليف الكتب المعتبرة والرسائل الغراء التي أوضح بها أسرار الشريعة المطهرة والطريقة الرفاعية المعتبرة ، وبقي مقيماً في حلب حتى ارتحل منها إلى اسطنبول عاصمة الخلافة الإسلامية سنة ( 1294هـ- 1877 م ) وأقام بها ، بعد أن بلغ مسامع السلطان عبد الحميد رحمه الله صلاحه وتقواه وعلمه . فأخذ بمجالسة الخليفة ويبدى له النصح والإرشاد ويحثه للعمل على الإهتمام بمصالح رعيته من المسلمين وغيرهم . أدرك الخليفة حسن سريرة الشيخ أبى الهدى وفضله ، قلده مشيخة المشايخ في دار الخلافة ، وألحقه رتبة قضاء العسكر التي هي منتهى المراتب العلمية ، وقلده وسام الحكومة التركية ، الذي يعتبر أعلى وسام في الدولة آنذاك . وبقي في هذا المقام والمنزلة الرفيعة والإحترام المبجل عند الخليفة إلى أن وافاه أجله وارتحل إلى دار الآخرة رحمة الله .

كان رحمه الله لا يبخل بجاهه عند الخليفة والحكومة ، لا يرد من قصده وورده ويقضى حوائج من كانت له حاجة ما استطاع إلى ذلك سبيلاً ، وكانت داره كخلية النحل تعج بالزائرين وأرباب الحوائج لدى الحكومة والولاة .

يصرف المال بسخاء لإكرام ضيوفه وزواره ، ويمنح الهدايا المالية للذين يستحقونها من المسلمين ، وبهذا نال شرف التقدير والإحترام عند المسلمين جميعاً قاصيهم ودانيهم ، رحمه الله وأرضاه وأسكنه فسيح جناته إنه سميع مجيب .

أخذه الطريقة :

بعد أن بلغ حد الفطام ، وأصبح أهلا للبيعة ، أجازه والده بطريقة أسلافه ، وكانت طريقة والده الطريقة الرفاعية المباركة ، وبعد هذا البيعة الشريفة ، سلك على يد ابن عمه السيد علي ابن السيد خيرالله الصيادي الرفاعي بحلب ، وذلك بإشارة من والده ، وعند مجيئه إلى بغداد أخذ الطريقة على يد قطب زمانه السيد بهاء الدين محمد مهدى الرواس الصيادي الرفاعي (رضي الله عنه).

تدرّجه في المراتب :

نال السيد أبو الهدى مدة حياته عدة رتب وأوسمة من الخليفة ، وذلك تقديراً له على ما قام به من أعمال دينية ودنيوية صالحة ، ورتبه التي نالها هي :-

1- تولى النظر على مدينة خان شيخون .
2- تولى نقابة الأشراف بجسر الشغور ، ثم النيابة الشرعية بها.
3- بعد أن سافر إلى اسطنبول لأجل مصالح وقف المقام الصيادي ، وجهت له نقابة أشراف حلب وله من العمر (23) سنه .
4- تولى قضاء العسكرية في الجيش العثماني ، وأحسن له بالوسامات الجليلة ونال أعلى وسام في الدولة وهو وسام الإمتياز.

أعماله :

قام السيد أبو الهدى رحمه الله مدة حياته الكريمة بأعمال جليلة نافعة ومآثر حميدة طيبة، ستبقى شافعة له عند ربه يوم اللقاء ، وأعماله كان منصبة على تعمير الأضرحة الطاهرة لآل البيت الكرام ، والمساجد الطاهرة والتكايا الشريفة والمكتبات العامرة ، وكل هذه الأماكن تعتبر مصدراً مهماً للتربية الصالحة ، ومعيناً لا ينضب للتوجيه الديني والإشعاع الفكري الوضاء ، أن مصاريف القسم الأكبر من هذه الأعمال ، كانت من ماله الخاص حسبة لله بدافع الإخلاص والصدقة ، راجياً بها نشر هذا الدين القيم وعلومه الشريفة ، ولمكانته المرموقة وجاهه العريض لدى الخليفة ، ساعد على لفت نظر الخليفة العثماني عبدالحميد رحمه الله ، وكان يحثه على القيام بمثل هذه الأعمال وصرف المبالغ اللازمة لها ، وذلك لفائدة المسلمين ونشر الوعي الديني بينهم .

ونوجز أعمال السيد الكريم بما يأتي :-

1- عمّر زاوية (تكية) في خان شيخون بسوريا ، ليقوم بها الوعظ والإرشاد ، والأذكار والصلوات في سائر الأيام .
2- عمّر جامعاً و زاوية وحجرات في كفر دبين من أعمال جسر الشغور بسوريا .
3- عمّر زاوية في معرة النعمان ووقفها على السيد محمد آل المحلول الحراكى الحسينى .
4- عمّر زاوية في أريحا من أعمال حلب .
5- عمّر زاوية آل الصياد في طرابلس الشام .
6- عمّر زاوية في سبتين التابعة لطرابلس .
7- عمّر زاوية حيش عند مقام جده السيد علي خزام .
8- عمّر زاوية السيد رجب في كفر منجا قرب معرة النعمان .
9- عمّر زاوية في فدان .
10- عمّر زاوية في حلب وجعلها باسم الشيخ محمد افندي الزيتاوي .
11- عمّر زاوية الشيخ حسيب افندي في اسطنبول ، ووضع فيها مكتبة عامرة بالكتب بشتى العلوم والفنون .
12- جدّد تعمير زاويتهم في حلب .
13- عمّر في الشهرامينى باسطنبول تكية تشتمل على جامع وحجرات جعلها باسم السيد محمد افندى السكوتى.
14- أنشأ في محلة اقسراي باسطنبول تكية وجعلها باسم أبى الخير افندي .
15- عمّر في بغداد مقام السيد الروّاس ، وألحق به مسجداً ومدرسة دينية .
16- قام بتعمير جامع السيد سلطان علي الرفاعي ، وألحق به مدرسة دينية .
17- قام بالسعاية عند السلطان عبد الحميد لتعمير مرقد السيد أحمد الرفاعي (رضي الله عنه) فاستجاب له السلطان وعمّر المرقد أحسن تعمير ، وكانت مصاريف العمل من ماله الخاص .
18- أفرز من داره باسطنبول مسجد وحجرات للزوار والضيوف لإقرائهم .
19- جدّد في متكين عمارة مقام السيد أحمد عزالدين الصياد .
20- أنشأ زاوية في كركوك وجعل مشيختها للسيد نجيب من آل السيد حمزة بن الإمام موسى الكاظم عليه السلام .
21- عمّر زاوية شيخه وابن عمه الأستاذ السيد علي افندى خيرالله .

بالإضافة إلى هذه الأعمال فإنه قام بالسعي لدى السطان ببناء كثير من المدارسة الدينية في شتى بقاع المملكة ، واستطاع الحصول على العفو العام من الخدمة العسكرية لكثير من السادة الأشراف في الأقطار الإسلامية ، ومن ضمنهم السادة الرفاعية ، وبهذا كفاية من ذكر فضائل ومناقب هذا السيد النبيل والكريم البار.

وفاته :

أصيب السيد أبو الهدى في آخر أيامه بمرضٍ ألمَّ به ، وتركه طريح الفراش لمدة من الزمن وقضى مرضه هذا بالصبر والرضى والحمد والشكر لربه الرحيم الرؤوف بعباده ، وكان مدة مرضه لا ينفك عن ترتيل القرآن الكريم ولا يفوته فرض ولا نافلة وأخذ ينشد آخر مرضه هذين البيتين :

لا تكن للهموم ضيِّق الصدرِ

إنما يغلب الليالي الصبورُ


وارضَ عن ربك الكريم منيباً

إنه عنده العسيرُ يسيرُ



لم يؤثر عليه مرضه بل زاد وجهه تبلُّجاً ونوراً ، وقلبه فرحاً وسروراً. وعندما جاءه الوعد الحق ، فاضت روحه الشريفة الطاهرة إلى خالقها راضية مطمئنة ، بعد تلفظ الشهادتين بالجهر والإسرار وهذا أعز ما يتمناه المسلم في حياته .

كانت وفاة السيد أبوالهدى لست ليالي خلون من ربيع الأول سنة 1327هـ المصادف 1909م وحملت جنازته على الرؤوس بحفل مهيب حضرة أكابر العلماء والسادات ، ودفن رحمه الله في زاويته بأعلى بشكطاش في اسطنبول بالحجرة الملاصقة لمحل الصلاة والأذكار ، والتي جعلها في حياته مكتبة ملأها بما أوقفه على تلك التكية من الكتب الثمينة .
بعد أن انتشر خبر وفاته في ربوع العالم الإسلامي حزن عليه كل مَن كان جالسه وسمع به ، وأقيمت مجالس الفواتح في العراق وسورية ومصر والأردن وغيرها من البلاد الإسلامية ، وكتب يرثيه العلماء والكتاب ، ونظم لرثائه الشعراء القصائد العصماء ، وممن رثاه الشيخ عبد الحميد الرافعي ومطلع القصيدة :-

ألا كل نفسٍ للمنونِ مصيرُها

ولو شيّدت بين النجومِ قصورها



وكذلك رثاه الشيخ إبراهيم الراوي بعدة قصائد غرّاء منها :

فَقَدَ الدينُ عضبَهُ المسلولا

فتدرّعْ يا قلبُ صبراً جميلا



وأُخرى مطلعها :
تعالوا بنا نذري الدموع الجواريا

وننشد في هذا المُصاب المراثيا



أرّخ الشيخ إبراهيم الراوي وفاته بهذه الأبيات :

لي سيداً قـــد سعـدا

وللمعالي صعــدا


أبو الهدى ومـن يكـن

مـن بعـده أبا الهـدى


لمـا أتانا نعيـه

وفي الحشا قد عربـدا


بكـى الهنـى فقـدانه

وبمـراثيـه حــدا


أرختـــه أبو الهـدى

نحـو جنان قـد غـدا


سنه 1327هـ



• وأرّخه الفاضل السيد محمد رشيد افندي بقوله :-

إن الهدى ذا أبوه أم مولاهُ

تمزقت لعظيم الخطب أحشاهُ


والدينُ من أسفٍ يبكى عليه أساً

والعلمُ يندبه والجودُ ينعاهُ


لا زال أسرته بالصبر عصمتهم

أرخته وجنان الخلد مثـواه


سنه 1327هـ



ألّف الشيخ إبراهيم الراوي كتاباً يشرح حياته سماه ( بلّ الصدى في ترجمة السيد أبى الهدى) .

أعقب السيد أبو الهدى ذكوراً وإناثا فمن الذكور أبقى الله له السيد حسن خالد وأحمد سراج الدين .

مؤلفاته :

ألّف وصنف السيد أبوالهدى رحمه الله ، الكتب المعتبرة والمصنفات القيمة الموثوقة ، طرق بها شتى العلوم والفنون ، دينية ودنيوية ، فتراه ألف في التفسير والحديث والفقه والعقائد والتصوف واللغة والأدب والتأريخ والفلسفة ، وغير ذلك من العلوم ، نال بهذا قصب السبق على أقرانه من علماء عصره الأجلاّء ، وأصبحت كتبه من الكتب المهمة والمصادر الموثوقة الصحيحة في موضوع اختصاصها ، وبكثرة مؤلفاته خال إبن الجوزي والسيوطى وغيرهما من كبار المؤلفين والمصنفين ، وسوف يجد القارئ الكريم هذا بثبت مؤلفاته ومصنفاته التالي وجل هذه الكتب طبعت في زمانه والقسم الباقي منها طبع بعد وفاته أو ما زالت مخطوطة تنتظر من يجود بطبعها وكتبه هي :-

1- أسرار الأسماء الحسنى .
2- آداب المسلمين المأخوذة عن سيد المرسلين .
3- الأجوبة المسكتة .
4- أشرف السير في خلاصة سيد البشر .
5- أخبار المصافحة .
6- أسرار الوجود الإنسانى .
7- آيات العرفان في مولد سيد ولد عدنان .
8- أسرار الأرواح .
9- أسرار القرآن .
10- أسانيد القوم .
11- أسرار سياسة الشريعة .
12- أنساب الأنبياء عليهم الصلاة والسلام .
13- أحاديث أكابر واسط وأسانيد الواسطيين .
14- أحكام الأسماء الخمسة .
15- آية الله العظمى في نشأ المصطفي صلى الله عليه وسلم .
16- أسرار الملاحم .
17- آداب القـوم .
18- الإرشاد العام في علو دين الإسلام .
19- أسرار فاتحة الكتاب .
20- الأخـلاق المحمدية .
21- أحكـام الغرسـة .
22- أشرف القواعد في الأصول والرقائق الرواسية .
23- أزهـار الحديقة .
24- الأبحاث الرائقة .
25- أخلاق المسلمين .
26- أحكـام التقليـد .
27- أسرار سورة الإخلاص .
28- أحكام السياحـة .
29- أحكـام المدينـة .
30- أسرار حزب الجوهرة للإمام أحمد عزالدين الصياد رضي الله عنه .
31- أســرار القيـافة .
32- بغية أولي الأفهام في الفرق بين الحال والمقام .
33- بهجة الزمان في مآثر خليفة سيد ولد عدنان .
34- بركة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم .
35- بارقة العرفان في ذكر آل سيد ولد عدنان .
36- بلوغ المرام في أخبار آل السيد خزام .
37- بهجة الحضرتين في آل الإمام أبى العلمين .
38- بــرهـان الرحمـن .
39- بطون الآل الكرام ومشاهير أولياء ديار الشام .
40- التحفة الهدائية في السنن النبوية .
41- تنوير الأبصار في طبقات السادة الرفاعية الأخيار .
42- تطبيق حكم الطريقة العلية على أحكام الشريعة النبوية .
43- تأريخ الخلفاء وراثى النبي المصطفى .
44- التأريخ الأوحد للغوث الرفاعي الأمجـد .
45- تعطير المشام في أخبار مولانا السيد علي بن خزام .
46- تعطير المحاضر في أخبار الأقطاب الأربعة الأكابر .
47- تراجم أعيان أتباع الإمام الرفاعي .
48- تسلية البال في منافذ الخيال .
49- تراجم الأئمة .
50- تحقيق مسألة الجهلة .
51- تعظيم إمام المسلمين لنصرة الدين .
52- التحفة الجامعة في أحزاب سيدنا الإمام الرفاعي .
53- الثبت الجامـع .
54- الثبت الخاص .
55- الجوهر الشفاف في طبقات السادة الأشراف .
56- جواهر العرفان .
57- حضرة الإطلاق في مكارم الأخلاق .
58- حديقة الفتح في ذكر الشطّاحين والشطح .
59- الحقيقة المحمدية في شأن سيد البرية .
60- الحق المبين في إبهات الحاسدين .
61- حديقة المعاني في حقيقة الرحم الإنساني .
62- حديقة الأنس .
63- الحقيقة الباهرة في أسرار الشريعة الطاهرة .
64- الحكم المهدوية .
65- حال دمشـق .
66- حكمة التصوّف .
67- حكمة اختلاف المذاهب .
68- حفظ آداب الدين .
69- حكم الفلسفة .
70- حكم الصالحين وغنيمة الصادقين في طريقة الصالحين .
71- حفظ آداب الدين .
72- حكم التساوي الشرعي .
73- حال ساداتنا الخلفاء الأربعة .
74- حكم التوحـيد .
75- حكم الحب الصادق .
76- حال البـادية .
77- حل مشكلات الأخبار .
78- خلاصة البيان في حكم نوع الإنسان .
79- خواص ذكــر الله .
80- خلوه متكين .
81- خزانة الأمداد في مناقب السجّاد مولانا السيد عزالدين أحمد الصياد (رضي الله عنه) .
82- ديوان فائدة الهمم من مائدة الكـرم .
83- ديوان الدر المنتظم ومختصر براهين الحكم .
84- ديوان الفيض المحمدي والمدد الأحمدي .
85- ديوان الجامع لأشتات درر المعاني .
86- ديوان الروض البسيم .
87- ديوان التبيان الجامع بين الحكمة والبيان .
88- ديوان براهين الحكم .
89- ديوان قرة العين في مدائح أبى العلمين .
90- ديوان روضه العرفان .
91- ديوان مرآة الشهود في مدح سلطان الوجود .
92- ديوان بلبل الأفراح .
93- ديوان بلاغة قريش .
94- ديوان غاية المطلوب .
95- ديوان تشطير البردة للإمام البوصيري .
96- الديانة المحمدية .
97- الدر النضيد في التوحيد .
98- ذخيرة المعاد في ذكر السادة بنى الصياد .
99- ذكـر الحبيـب .
100- رغبة الصادقين في طريقة الصالحين .
101- روح الحكمة فيما يجب من الأخلاق على هذه الأمة .
102- الروض البسام في أشهر البطون القرشية في الشام .
103- الرواتب الأسبوعية .
104- رياض الأسماع في أحكام الذكر والسماع .
105- راحة الأرواح .
106- راتب الطريقة .
107- رونق حلب .
108- رد السيف الرباني على وجوه الحزب الشيطاني .
109- الرحلة البغدادية .
110- رسالة في التواتر .
111- رسالة في جواب من قال لم تكن الأحاديث كلها متواترة .
112- الرقائق الرواسية .
113- السيرة الأحمدية .
114- سلسلة الإسعاد في تأريخ بنى الصياد .
115- سياحة القلم في الحكم والمواعظ في حقيقة المسلم المتأدب .
116- السهم الصائب لكبد من آذى أبو طالب .
117- سلسلة النجــاح .
118- سلاسل رجال الخرقة .
119- سر كلمة التوحيد .
120- السيرة الرفاعية .
121- الشرف الباذخ في ترجيح المشايخ .
122- شفاء صدور المؤمنين في هدم قواعد المبتدعين .
123- شفاء الصدور في الفرق بين مرتبتي الخفا والحضور .
124- شفاء القلوب بكلام النبي المحبوب .
125- شوارد الأدب .
126- الشمس اللمّاعة في مفاخر آل رفاعـة .
127- الصراط المستقيم في تفسير بسم الله الرحمن الرحيم .
128- صوت الهزار وزيق العذار .
129- الصباح المنير.
130- صـوت العندليـب .
131- ضوء الشمس في قوله صلى الله عليه وسلم بنى الإسلام على خمس .
132- طريق الصواب في الصلاة على النبي الأواب .
133- طريق السلام .
134- الطريقة الرفاعية .
135- عقائد السادة الحنفية .
136- العقد النضيد في آداب المريد .
137- العناية الربانية في ملخص الطريقة الرفاعية .
138- عقود الجواهر في النسب الصيادي الطاهر .
139- عقود الألماس في المشرب الأحمدي الذي كان عليه الرواس .
140- علم حال في المذهب الحنفي .
141- علم حال في المذهب الشافعي .
142- عجـائب الزمان .
143- غاية المدارك في إدارة الممالك .
144- غنيمة الصادقين في طريقة الصالحين .
145- غنيمة الطالبين في سلوك المشايخ العارفين .
146- الغرة الإلهية في الإنتصار للسادة الرفاعية .
147- الفيض المحمدي والمدد الأحمدي .
148- فصول الحكم في التراجم .
149- فـرقان المعاني .
150- فرقان القلوب .
151- الفرقان الدامغ بالحق أباطيل البهتان .
152- الفجر المنير فيما ورد على لسان الغوث الرفاعي الكبير .
153- فرحة الأحباب في أخبار الأربعة الأقطاب .
154- الفرائد في العقائد .
155- الفتح الرباني في مناقب الشيخ حسن القطنانى .
156- فصاحة العـرب .
157- فضائل العلماء ووجود تقديم العلماء .
158- فضيلة الحكماء .
159- فلسفة التأريخ الأحمدي .
160- فضيلة الصداقة وعاقبة الخائنين .
161- فصول الحكماء.
162- القواعد المرعية في أصول الطريقة الرفاعية .
163- قلائد الزبرجد على حكم الغوث أحمد .
164- قلادة الجواهر في ذكر الغوث الرفاعي وأتباعه الأكابر .
165- القلادة العسجدية .
166- قلادة النحر في شرح حزب البحر .
167- قواعد النظر الموافقة للخبر .
168- قواعد النسابة .
169- الكنز المطلسم في مد يد النبي صلى الله عليه وسلم لولده الغوث الأعظم .
170- الكوكب الزاهر في مناقب الغوث عبد القادر .
171- كشف نقاب الأشكال عن زعمة الجهال في كلمة الخلخال .
172- الكوكب الدري في شرح بيتى القطب السيد محمد برهان آل خزام الصيادي الرفاعي البصري .
173- الكليات الهدائية .
174- الكليات الأحمدية .
175- كشف الغطاء عن أسرار أهل الصفاء .
176- لمعة النصر في لزوم الصبر .
177- لهجة العرب في الأدب .
178- لوعة يعقـوب.
179- لزوم محبة المصطفي صلى الله عليه وسلم .
180- لطـائف الأدباء .
181- المجد المخلد في أسرار اسم محمد صلى الله عليه وسلم .
182- المصباح المنير في وِرد شيخ الأولياء السيد أحمد الرفاعي الكبير .
183- المدد النبوي في بيان حكم العهد العلوي .
184- منظومة النسب النبوي الشريف .
185- المدينة الإسلامية في الحكم الشرعية .
186- المشجر الأنور في آل النبي الأطهر .
187- مطالع البدور في جوامع كلم الغوث الرفاعي الغيور .
188- محجة السالكين .
189- المقام الأمنع في المشايخ الأحمدية الأربع .
190- مفاخر البيت العثماني العالي ووجوب طاعة السلطان .
191- معنى الشـرع .
192- معرفة الشعوب .
193- معنى حب الوطن من الإيمان .
194- معنـى المحبة .
195- المشجر الأكبـر .
196- النصيحة القدسية .
197- النور الجلي في أخبار والد سيدنا الإمام الرفاعي السيد سلطان علي .
198- نفحات الأمداد على نونية سيدنا الصياد .
199- نفحة الرحمن في تفسير القرآن .
200- نور الإنصاف في كشف ظلمة الخلاف .
201- النفحات المحمدية في الأحاديث الأربعين الأحمدية .
202- النخبة في أحكام النسبة .
203- نـور الإسلام .
204- نسـب النبي.
205- نفثة مصدور في النسب .
206- نوابغ الحكم .
207- الواعظ المعرّب في حقيقة المسلم المتأدب .
208- وسيلة العارفين في أخبار سيدنا القطب الجامع بهاء الدين .
209- وسيلة المتوسلين بحضرة سيد المرسلين .
210- الوسيلة في ترجمة والـده .
211- واجبــات السـلوك .
212- هداية الساعي في سلوك طريقة الغوث الرفاعي .

ونسأل الله سبحانه أن يرزقنا الحصول على هذه الدرر الغالية وأن يرزقنا الانتفاع بها ونشرها ، فإنه ولي ذلك وهو القادر عليه .

_________________
( بسم الله الرحمن الرحيم ) قل هو الله أحد . الله الصمد . لم يلد ولم يولد . ولم يكن له كفوا أحد .
قل أعوذ برب الفلق . من شر ما خلق . ومن شر غاسق إذا وقب . ومن شر النفاثات في العقد . ومن شر حاسد إذا حسد .


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من المكتبة الرفاعية
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء يوليو 24, 2012 2:44 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء أكتوبر 30, 2007 4:26 pm
مشاركات: 3907
مكان: في حضن الكرام
وهذا كتاب " الطريقة الرفاعية " لسيدي العارف بالله تعالى السيد محمد أبي الهدى الصيادي رضي الله تعالى عنه ..

بسم الله الرحمن الرحيم



الحمد لله الذي أفاض على قلوب من اختارهم من عباده فيوض العرفان وأقامهم في النوع الآدمي أئمة يهدون بأمره إلى حقائق الإيمان والإسلام والإحسان . واختارهم أبواباً لمعرفته فهم أقمار كل آن وزمان . والصلاة والسلام على المرشد الأعظم . معلم الخير الأكرم ، روح الأرواح . وكنز النجاح . باب الله الذي يصل به المنقطع . ووسيلة الوسائل الذي يستشفع به المنحط والمرتفع . سيد المخلوقين. الصادق الوعد الأمين ( سيدنا وسندنا ونبينا ورسولنا ومولانا محمد صلى الله عليه وعلى آله الطاهرين وأصحابه المكرمين والتابعين وتابعيهم أجمعين ) .

( أما بعد ) فيقول العبد الضعيف اللائذ بأعتاب الجناب النبوي الشريف أحقر الورى ( محمد أبو الهدى ابن السيد أبي البركات حسن وادي آل خزام الصيادي الرفاعي ) أغاثه الله بمدده الأتم في جميع الدواعي ووالديه والمسلمين أجمعين إنه البر المعين .

قد سألني بعض الأجلاّء من الإخوان أصلح الله لي ولهم الشأن أن أكتب كتاباً مختصراً جامعاً للفوائد الكلية مشتملاً على جميع المقاصد المرعية التي تذكر مشرب السادة الرفاعية وأحكام طريقتهم العلية المرضية فأجبت السائل خدمة للإخوان ونصيحة لأهل الإيمان وقد قال صلى الله عليه وسلم ( الدين النصيحة الدين النصيحة الدين النصيحة ) الحديث.

وقد كتبت هذا الكتاب المستطاب المشتمل من أحكام الطريقة العلية الرفاعية على أشرف الأصول وأحسن الآداب وسميته ( الطريقة الرفاعية ) فإن شوهد من بعض من ينتمي لهذه الطريقة التي هي أقوم طرق أهل الحقيقة على الحقيقة ، ما يباين ما نص في هذا الكتاب من حال أو قال ، فيكون ذلك المنتمي دخيلاً في الطريقة وما هو من أهلها وإن الله لمع المتقين .

مقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم



قد علم علماء الحقيقة من فرسان ميادين الطريقة ، أن أصول الطريقة العلية الرفاعية مبنية على أساسين عظيمين ، لا تنفك عنهما بحال من الأحوال . وهما الكتاب العزيز والسُنّة السنّية المحمدية ، وقد قام بناء تلك الأصول على دعائم المعقول كلها حكم عقلية وحقائق نقلية ، لا تتجاوز الوسع العقلي ، ولا تتعدى النص النقلي ، وإن وجد في بعض أعمالها المباحة عمل ، فذلك من ترويح القلوب ، الذي نص عليه النبي المحبوب صلى الله عليه وسلم . وبه يقضي العقل الصالح ، كيلا يسأم الرجل في عمله فينقلب صالح عمله سيئا . وعن البراء بن عازب رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( جد الملائكة واجتهدوا في طاعة الله بالعقل ، وجد المؤمنون من بني آدم واجتهدوا في طاعة الله بقدر عقولهم ، فأعلمهم بطاعة الله أوفرهم عقلا) وعن الأمير الكرار سيدنا علي كرم الله وجهه ورضي عنه قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا تقرب الناس إلى خالقهم بأنواع البر، فتقرب أنت إلى الله عز وجل بأنواع العقل تسبقهم بالدرجات والزلفى عند الناس في الدنيا وعند الله تعالى في الآخرة ) وعن جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( قوام المرء عقله ، ولا دين لمن لا قوام له ) وقال صلى الله عليه وسلم : ( لا تحدثوا أمتي إلا بما تحتمل عقولهم ) وعن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال : ( أسس الدين على العقل ، وفرضت الفرائض على العقل ، وحرمت المحارم على العقل ، وما عُبد الله إلا بالعقل ) ، وقال شيخنا الإمام الرفاعي الأكبر رضي الله عنه : ( العقل مشتمل على أصلين ، التقرب إلى الله بالطاعة ، والتودد إلى خلق الله بالبر والخلق الحسن ) ، وقال أيضا رضي الله عنه : ( الدنيا والآخرة بين كلمتين : عقل ودين ).

وقد أخذ شيخنا وسيدنا الإمام الرفاعي رضي الله عنه بطريقه العالي أثر النبي صلى الله عليه وسلم ، وحذا حذوه الكريم القدم على القدم ، وقد امتن الله عليه بما لم ينله أحد من أقرانه الأجلاّء ، وإخوانه كبار الأولياء ، فأكرمه بحسن الخلق ، وقهر النفس ، والتمكين الكامل ، فلم تزلقه الدعوى ولم يزلزل متين قدمه الشطح ، ولم يخامر لسانه المبارك الإغلاق ، ولو بكلمة تأتي بالإلتباس الذي يفهم منه القول بوحدة الوجود المطلقة ، أو الحلول والعياذ بالله ، أو إسناد القطع والوصل والتأثير بالقول والفعل للمخلوق ، هذا مع إعظام شأن القرآن ، وصيانة شرف التوحيد والإجلال الأتم لجناب النبي صلى الله عليه وسلم . والوله بمحبته ومحبة إخوانه الأنبياء صف كتيبته ، والإعلاء بكل طور وحال لشامخ مرتبته ومحبة آله الكرام وأصحابه الأعلام ، وتعظيم التابعين وتابعي التابعين ، والأولياء الصالحين المتقدمين منهم والمتأخرين ، والحث على نفع المسلمين وإرادة الخير لجميع الآدميين ، والبر بكل المخلوقين والمحافظة في جميع عقبات الطريق حالة السير فيه على السنة النبوية والتباعد عن المنهيات عملا بقوله تعالى : ( وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ) وقد استجمع طريقه المبارك أسرار الحكم النظرية ، والحقائق المعنوية والبراهين الباهرة ، والآثار الطاهرة الظاهرة ، وقد أوضح الطريقة المحمدية ، والمحجة النبوية ونصر السنة ، وقمع البدعة ، ولم يكن فظاً ولا غليظاً ولا بطالاً ولا قوالاً بل كان قؤولاً فعولاً ينصر أوامر الله وينتصر بكله لله ، ولشريعة رسول الله عليه أفضل صلوات الله ، وقد كان رضي الله عنه معمور الأوقات ، مرضي الشأن في الحركات والسكنات ، أحواله مرعية وأقواله شرعية ومقاماته عليّة وأطواره سنية وكراماته جلية ونجاباته فاطمية وأخلاقه محمدية وطينته علوية وعلومه بديعة ومنزلته رفيعة وبراهينة لا تستقصى وأتباعه لا تحصى ، وله اليد البيضاء التي سارت بذكرها الركبان واشتهرت اشتهار الشمس في عالم الإمكان ، فهو الحايز على أجل مراتب القرب حين أنشد :

في حالة البعد روحي كنت أرسلها

تقبل الأرض عني وهي نائبتي


وهذه دولة الأشباح قد حضـرت

فامدد يمينك كي تحظى بها شفتي



فلما أنشد هذين البيتين المعمورين وشيد هذين الركنين الرفيعين تجاه الحجرة الطاهرة المحمدية مد له جده صلى الله عليه وسلم يده الشريفة من قبره فقبلها والناس ينظرون ، ورد عليه جده السلام والناس يسمعون ، كان ذلك سنة خمس وخمسين وخمسمائة والقصة متواترة لم يرتب فيها مؤمن نوّر الله قلبه وبصيرته وطهّر من دنس الزيغ سريرته .

وقال السيوطي والصفوي والعز الفاروثي والسيد محمد الوتري وجمع من أئمة الدين المعتبرين : يخشى على منكر هذه القضية السعيدة سوء الخاتمة والعياذ بالله تعالى ، وقد قال الإمام عبد القادر الطبري طاب ثراه وعمته رحمه الله بعد ذكر هذه القصة ما نصه .

هذه رتبة رقاها الرفاعي

لم ينلها من الرجال سواه


هو في الأولياء قطب رحاهم

قدس الله سره وحبــاه



وقال شيخ الإسلام السيد سراج الدين الرفاعي ثم المخزومي رضي الله عنه :

لقد مدح الغوث الرفاعي أمة

وماذا عسى من بعد أن قبل اليدا


ومن شرف الإرث الصريح لذاته

متى ذكروه يذكـرون محـمدا



وقد انتمى لهذا الإمام الجليل أمم من أكابر الأمة الذين تُجلى بهم المهمة ويستغاث بهم في الملمّة ، وبالجملة فهو النائب النبوي والوارث المحمدي وشيخ الأدوار والأجيال في العقد والحل ، بل وإمام الكل في الكل ، فالطريقة العلية الرفاعية تنسب إليه ، ويعول بها بعد الله ورسوله صلى الله عليه وسلم عليه وهو المؤسس لبنيانها والمشيد لأركانها والآخذ إرثاً عن سلفه الطاهر العالي بعنانها والمؤيد بإذن الله لبرهانها وكلامه فيها دستور العمل ومنهاجه المبارك منتهى الأمل ، وسننص عليه ونوضح إن شاء الله في طريقي الشريعة والحقيقة أسلوبيه ، وحسبنا الله ونعم الوكيل .

_________________
( بسم الله الرحمن الرحيم ) قل هو الله أحد . الله الصمد . لم يلد ولم يولد . ولم يكن له كفوا أحد .
قل أعوذ برب الفلق . من شر ما خلق . ومن شر غاسق إذا وقب . ومن شر النفاثات في العقد . ومن شر حاسد إذا حسد .


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من المكتبة الرفاعية
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء يوليو 24, 2012 9:57 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء أكتوبر 30, 2007 4:26 pm
مشاركات: 3907
مكان: في حضن الكرام
( الطريقة الرفاعية ) إحكام جانب التوحيد والتحقيق بمعانيه كإفراد القدم عن الحدوث وذلك بتنزيه الله سبحانه في ذاته وصفاته عن سمات الحدوث. وقد سئل الإمام الأكبر مولانا السيد أحمد الرفاعي الحسيني رضي الله عنه عن التوحيد فقال : ( وجدان تعظيم في القلب يمنع عن التعطيل والتشبيه ، ومن هذا المقام تقديس صفاته سبحانه عن الترتيب ، فإن ذلك يقتضي التعاقب ، وفي ذلك مزلقة القول ببداية للصفات وما طرأ عليه البداية لا بد وأن تطرأ عليه النهاية ، وكل ذلك من سمات الحدوث والله سبحانه منزه عن كل ذلك في ذاته وصفاته بل هو القديم الأزلي الأبدي السرمدي ، قامت به صفاته فلا هي عينه ولا هي غيره وكل بارز عن سلطان صفة من صفاته فهو حادث والترتيب يجري عليه . والصفة المقدسة في مرتبة القدم ومنصة التقديس والحمد لله رب العالمين ).

( الطريقة الرفاعية ) تعظيم كتاب الله تعالى بالأخذ بأحكامه الكريمة وامتثال أوامره العظيمة ، عملاً بقول المفسر الأعظم صلى الله عليه وسلم لا أخذاً بالرأي ولا اتباعاً يفهمه من الكتاب الكريم العقل فمثل ذلك مزلقة تدفع إلى النار وبئس القرار .

وإن القرآن لفي منصة قُدسٍ ومرتبة عزٍّ لا يمسه من حيث معناه الأتم إلا المطهرون الذين طهرت سرائرهم واستنارت بنور العلم المحمدي بصائرهم ، وله بطون وحد ومطلع ، فإذا رام الأخذ بها المتأول بزعمه المغرور بفهمه وخالف الحكم المقصود ولم يقتف أثر المفسر الأعظم صلى الله عليه وسلم هنالك يكون ضل وزل والعياذ بالله تعالى . ومن اتبع المصطفى عليه الصلاة والسلام فقد فاز فوزاً عظيما وفي ( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ) بلاغ لقوم يؤمنون .

وقال سيدنا الإمام الرفاعي رضي الله عنه : ( يا مبارك اقتد بالقرآن المجيد واعمل به تسعد ، وإياك والأخذ برأيك في كتاب الله تعالى ، بل انتفع بعلم نبيك وتفسيره وعمله ففي الخبر الطاهر ( صلّوا كما رأيتموني أصلي ) ولا تتكل على رأيك وعلمك وتفسيرك فتنزلق ، وقد قال الإمام جعفر الصادق رضوان الله تعالى عليه في تفسير قوله تعالى ( وفوق كل ذي علمٍ عليم ) : العليم الذي هو فوق كل ذي علم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإن الله سماه عليماً ، لأنه أفرغ في قلبه الكريم سر العلم وأيده به ، فيجب على كل ذي علم أن يقف في مقام العلم تحت أمر النبي صلى الله عليه وسلم فهو معلم الخير وعالم حضرات القدس وشيخ منبر الدلالة على الله ، وكما سماه الله تعالى عليما ، فقد سماه روؤفاً رحيماً ، فاقتد به واهتد بهديه ، واستنر بالسير إلى الله منه وخذ زاد القدوم على الله عنه وأنت حينئذ من المفلحين ). انتهى كلامه العالي رضي الله عنه .

( الطريقة الرفاعية ) الإيمان بكل ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم إقراراً باللسان وتصديقاً بالجنان وعملاً بالأركان وإتصافاً بالإحسان وهو أعني الإحسان : ( أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك) ، ومن تم له هذا المقام فقد اتصف بالعبدية الحقة التي تلحق صاحبها بأهل السلامة إن شاء الله .

( الطريقة الرفاعية ) دوام حضور القلب واستعمال اللسان بذكر الله سبحانه وتعالى بغير عدد مع ترادف الأنفاس ، فإن العدد قيد وقد قال تعالى ( اذكروني أذكركم ) وقال صلى الله عليه وسلم ( اذكروا الله حتى يقولوا مجنون ) ، وفي كلام سيدنا الإمام الرفاعي رضي الله عنه ( اجعل لقلبك بذكرك ربك حضرة لا يتلجلج فيها غير ذكره فإنه غيور وليكن دائماً لسانك رطباً بذكر الله وإذا ذكرت الله فأذب له أنانيتك وغرضك وعوائق نفسك وتجرد له تجرد أهل الحق الذين يذكرون اسمه ولا تهفت خواطرهم إلى غيره وهنالك تليق للمجالسة ، ففي الحديث القدسي ( أنا جليس من ذكرني ) وهذا الذكر الكامل الذي يلزم الذاكر المخلص بصدق القلب واللسان وصحة التمسك بسنة الحبيب العظيم عليه الصلاة والسلام ، فهو الذي علمنا الذكر ودلنا على اذكار المذكور تقدس اسمه وتعالى شأنه ).

وقد قال سيدنا الإمام السيد أحمد الرفاعي رضي الله عنه وعنا به ( من تحقق بذكر الله تحقق بمتابعة رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن تلازم هذين الحكمين كتلازم الشهادتين ).

( قلت ) وفي كثرة الذكر دليل واضح على محبة العبد لله فقد روى أبو نعيم وغيره عن السيدة عائشة الصديقة رضي الله عنها وعن أبيها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من أحب شيئا أكثر ذكره " ، وفي الحديث الشريف " بشرى الذاكرين بأن الله تعالى يحبهم أيضاً " بدليل قوله تعالى " فاذكروني أذكركم " ، وفي الحديث القدسي " من ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه " .

( الطريقة الرفاعية ) المحبة كل المحبة للنبي صلى الله عليه وسلم والوله به ، وكثرة الصلاة والسلام عليه ، مع الأدب الخالص وحضور القلب عند ذكره والخشوع لجليل شأنه صلى الله عليه وسلم ، والتمسك بسنته والغيرة له ولشريعته وصدق الموالاة لذريته الطاهرة وعترته والإجلال لمن شرفهم الله بصحبته والإعزاز لكل متبع له متمسك بآثاره ناصر لأنصاره ، والمحبة للأنصار ولخدام شريعته وللعرب لأجله ولجيرانه وخدامه وشدة المبالغة بإحياء سنته ورد البدع التي تطرأ في أمته والوقوف عند أوامره الكريمة المقدسة والحب لمن أحبه والبغض لمن أبغضه والإعظام لآثاره الشريفة والنظر للديار الحجازية بعين الحرمة والتعظيم إجلالاً له عليه الصلاة والسلام ، وكثرة قراءة القرآن الذي أنزل عليه مع التدبر حباً به عليه الصلاة الكاملة التامة والسلام الأعم وذكر آله وأصحابه بخير بنية التعظيم له شرّف الله عزيز مكانته وجليل مقامه ، والسعي بصالح أمته وعلمائهم والإكرام لأهل النجدة والسابقة منهم وكف الأذى عنهم والإنتصار لمظلوميهم وضعفائهم ، والنصيحة بصدق الجنان واللسان لأمراء المؤمنين الذين ولاّهم الله أمر المسلمين بنية جمع كلمة الأمة وصيانتها من التفرقة التي تؤدي والعياذ بالله إلى الفشل والخذل وعلى الخصوص التحقق بالنصيحة للإمام القائم في منصة الخلافة المحمدية في كل وقت بجمع القلوب عليه والسعي بما ينفعه ويدفع عنه المضرة التي تؤذيه في نفسه وملكه وماله وحاله كل ذلك حباً برسول الله صلى الله عليه وسلم لتقوم حفلة دينه المحمدي بالقوة والشوكة .

ومن أجل مراتب المحبة له عليه الصلاة والسلام : التخلق بأخلاقه الشريفة والتحلي بأحواله والعمل بأعماله قدر الإمكان ، فإن الإحاطة بذلك ما هي من شأن الصديقين فضلا عمن دونهم ، وقد سئلت السيدة عائشــة ( رضي الله عنها ) عن خلقه عليه الصلاة والسلام فقالت : " خلقه القرآن " .

وقد قال شيخنا وسيدنا الإمام السيد أحمد الرفاعي ( رضي الله عنه ) : قرب العبد من الله وقدره عند الله بقدر محبته لرسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) وقدره عنده .
وقال أيضا : كثرة الصلاة والسلام على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) تجيز الرجل بكمال السرعة على الصراط بإذن الله ، وفيها الموافقة لله تعالى ولملائكته قال تعالى " إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما " .

ولتعلم أيها المحب أن من عمل المصطفى (صلى الله عليه وسلم ) ما هو خاص بذاته الكريمة الطيبة الطاهرة فهو من معاملته مع ربه وهذا لا يطيق العمل به أحد .

ومن عمله عليه الصلاة والسلام ما هو تشريعي فهو لتعليم الأمة ليعامل كل من الأمة ربه بمثله ، وهذا هو المأمور به كل منا وهو ما بين مفروض ومسنون ، فالمفروض لا بد منه والمسنون يعمل منه ما يستطاع وقد قال النبي (صلى الله عليه وسلم ) لأصحابه : " إنكم في زمان من ترك منكم عشر ما أمر به هلك ثم يأتي زمان من عمل بعشر ما أمر به نجا " .

_________________
( بسم الله الرحمن الرحيم ) قل هو الله أحد . الله الصمد . لم يلد ولم يولد . ولم يكن له كفوا أحد .
قل أعوذ برب الفلق . من شر ما خلق . ومن شر غاسق إذا وقب . ومن شر النفاثات في العقد . ومن شر حاسد إذا حسد .


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من المكتبة الرفاعية
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء يوليو 25, 2012 3:16 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء أكتوبر 30, 2007 4:26 pm
مشاركات: 3907
مكان: في حضن الكرام
( الطريقة الرفاعية ) الأخذ بعقيدة السلف والأدب مع الخلف ، والمعنى المقصود من الأخذ بعقيدة السلف نص عليه سيدنا الإمام السيد أحمد الرفاعي ( رضي الله عنه ) في البرهان المؤيد ولفظه :

" أي سادة نزهوا الله عن سمات المحدثين وصفات المخلوقين وطهروا عقائدهم من تفسير معنى الإستواء في حقه تعالى بالاستقرار كاستواء الأجسام على الأجسام المستلزم للحلول تعالى الله عن ذلك ، وإياكم والقول بالفوقية والسفلية والمكان واليد والعين بالجارحة والنزول بالإتيان والإنتقال ، فإن كل ما جاء بالكتاب والسنة مما يدل ظاهره على ما ذكر فقد جاء في الكتاب والسنة مثله مما يؤيد المقصود فما بقي إلا ما قاله صلحاء السلف وهو الإيمان بظاهر كل ذلك ورد علم المراد إلى الله ورسوله مع تنزيه الباري تعالى عن الكيف وسمات الحدوث وعلى ذلك درج الأئمة ، وكل ما وصف الله به نفسه في كتابه فتفسيره قراءته والسكوت عنه ليس لأحد أن يفسر إلا الله تعالى ورسوله ، ولكم حمل المتشابه على ما يوافق أصل المحكم لأنه أصل الكتاب والمتشابه لا يعارض المحكم " انتهى كلامه العالي بحروفه .

فهذه الكلمات الشريفة الأحمدية أفصحت عن اعتقاد السلف في الذات والصفات وفيما جاء بالسنة والكتاب من المتشابهات ، وقولنا إن الطريقة الرفاعية الأدب مع الخلف ، أعني من العلماء العاملين ، وأكابرالدين الذين عدلوا إلى التأويل الحسن الذي يوافق أصل المحكم ولهم محامل صحيحة مأخوذة أيضاً من لغة العرب واصطلاحاتهم ومطلق عباراتهم ، غير أن الأوثق والأسلم ما كان عليه السلف كما ذكر ذلك سيدنا الإمام الرفاعي ( رضي الله عنه ) وهذا الذي كان عليه والحمد لله رب العالمين .

( الطريقة الرفاعية ) محبة آل النبي ( صلى الله عليه وسلم ) وذراريه الطاهرين محبة إجلال وإعظام وإسعاف وصدق مودة عملاً بقوله تعالى ( قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى) هذا مع عدم الغلو الذي يدفع بالمحب إلى المزالق كبغض أحد الصحابة الكرام (رضي الله عنهم) أجمعين ، أو كالإشتغال بما شجر بينهم مع الوقوف عند حكم قوله تعالى " تلك أمة قد خلت " الآية وأن الحب للآل الكرام يقضي بالإحسان إليهم والعطف عليهم والإجلال لهم والنظر إلى كبارهم وصغارهم بنظر الحرمة والرعاية والصيانة والوقاية حباً لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) وحرمة له ، أرواحنا لجنابه العالي الفداء وفي الحديث " أهل بيتي أمان لأهل الأرض كما أن الشهب أمان لأهل السماء " وقد كان الصديق الأكبر (رضي الله عنه ) يحب قرابة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أكثر من قرابته ويحسن إليهم أكثر من إحسانه إلى قرابته تودداً وتعظيماً لجناب المصطفى عليه الصلاة والسلام ، ولا بدع فالمخذول من ابتُلي بالإنحراف عن مودة الآل ووجد لنفسه عذراً بالمحال واستعان على ذلك بالقيل والقال ، وقد قلت من قصيدة :

نجوم الهدى آل النبي فكلهــم

بسمك العُلى الأسمى بدور كوامل


يطاولهم في ذروة الفخر حاسدٌ

فيقصر عنهم عزمه المتطــاول


اولئك قوم شرف الله قدرهــم

وما لهم بين البرايا مماثـــل


لئن حسدتهم أمةٌ ضل رأيهــا

فكم حسد النحرير للفضل جاهـل



( الطريقة الرفاعية ) إعظام مقادير أصحاب النبي ( صلى الله عليه وسلم ) وحفظ حرماتهم والثناء الحسن عليهم والكف عما شجر بينهم وهذا طريق الإمام الأكبر الرفاعي (رضي الله عنه ) ، كيف لا وفي الخبر " أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديم اهتديتم " وفي الكتاب العزيز " ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار" ومن هذا النص تعلم منزلتهم ومكانتهم ولزوم الكف عن أذيتهم والاهتمام بحفظ حرمتهم والتحقق بمحبتهم رضي الله عنهم أجمعين.

(الطريقة الرفاعية ) توقير جميع الأولياء والصالحين ، وأن يعرف الرجل لشيخه حق التقدم على الكل من رجال الوقت ، ولإمام طريقته علو المنزلة على جميع أئمة الطرق ، هذا وأن ينظر إلى الكل بعين الحرمة والرعاية ويراهم لإمامه إخوانا ، غير أن المقدم عليهم إمامه وأن قواعد طريق إمامه أصح قواعد طرق القوم وأنه أقربهم من الحضرة المقدسة الإلهية وأحبهم لدى الحضرة المعظمة المحمدية وكلهم مقربون محبوبون وعلى هدى من ربهم رضي الله عنهم ونفعنا بهم .

وهذه هي القاعدة العامة السليمة التي جمع الله بها قلوب الأمة ودفع بها كلمة الخلاف وهي سارية في المذاهب المتبعة الأربعة ، فكل مقتد بإمام يرى صحة المذهب والقول والكمال في المقام لإمامه وأنه الفاضل ، وسواه من الأئمة إخوانه المجتهدين الكرام يراه مفضولاً بالنسبة لإمامه ويرى مذهبه صواباً يحتمل الخطأ ومذهب غيره خطأ يحتمل الصواب ، وكلهم فضلهم جزيل وقدرهم جليل وبهذه القاعدة المقررة اطمأنت القلوب وارتاحت الخواطر وتم الوفاق وزال الشقاق والحمد لله رب العالمين .

( الطريقة الرفاعية ) رد القول بالوحدة المطلقة والحلول ، بل وردّ الشطحات والدعاوى العريضة التي لا يقول بها الشرع ولا يرتضيها العقل قال صلى الله عليه وسلم : ( إنا معشر الأنبياء أمرنا أن نكلم الناس على قدر عقولهم ) إن أردت أن لا يكذب الله ورسوله فكلم الناس على قدر عقولهم وقال ابن مسعود رضي الله عنه : ( لا تحدثوا الناس بما لا يفهمون فيُفتنون )

وحيث أن القول بالوحدة المطلقة والحلول يؤدي إلى الكفر والعياذ بالله تعالى ، والشطحات والدعاوى العريضة تؤدي إلى الفتنة وتزلق بقدم الرجل إلى النار فاجتنابها واجب وتركها ضربة لازب ، وكل ذلك من طريق شيخنا الإمام السيد الرفاعي الحسيني رضي الله عنه وعنا به وبهذا أمر اتباعه وأشياعه وحث على ذلك أصحابه وأحزابه ، وقد أوضح كل ذلك في كتابه البرهان المؤيد ، وفي الكثير من مجالسه الشريفة ومقولاته المنيفة وتناقلها عنه أتباعه وأتباعهم بطناً بعد بطن وجيلاً بعد جيل ، وسنأتي بذكر شيء من كلامه العالي في هذا الباب تذكرة لأولى الألباب .

قال رضي الله عنه كما في البرهان المؤيد ما نصه : ( صموا أسماعكم عن علم الوحدة وعلم الفلسفة وما شاكلهما ، فإن هذه العلوم مزالق الأقدام إلى النار حمانا الله وإياكم الظاهر الظاهر اللهم إيماناً كإيمان العجائز ، قال تعالى : ( قل الله ثم ذرهم في خوضهم يلعبون ).

وقال رضي الله عنه في محل آخر من البرهان المؤيد ما نصه :
حالة أهل الحب تأخذ القلب فيطيش العقل فيتكلم اللسان ، كلام من جن أو خمر أو غلا دمه أو أغشي عليه فدعوا الرجل وربه وهذا يكفيه منكم وتمسكوا بالحبل المتين الذي من تمسك به لن يضل أبداً، هذه الكلمات ومثلها من الشطحات التي تتجاوز حد التحدث بالنعمة مثل صاحبها كمثل رجل نام في بيت الخلا فرأى في منامه أنه جلس على سرير سلطنة فلما استيقظ خجل وعرت مكانته ، الله الله بالوقوف عند الحدود عضوا على سنة السيد العظيم بالنواجذ .

مالي وألفاظ زيد

ووهم عمرو وبكر


وجه الشريعة أهدى

من سر ذاك وسري


انتهى كلامه الشريف .



وليعلم أن مشرب السادة الرفاعية لما كان رد القول بالوحدة المطلقة والحلول ، بل ورد الشطحات الزائدة والدعاوى العريضة ، فمشربهم أيضاً تبرئة من نسب إليهم مثل هذه الأقوال من الكبار ويجزمون بأنها مدسوسة عليهم ومنسوبة زوراً إليهم ، والأولياء الكمل والصالحون من أهل الحق مبرؤون من مثل هذه الكلمات والقول بها ، وقد نص العارف الشعراني رحمه الله تعالى ونفعنا به على أن يهودياً دس أشياء كثيرة في كتب الشيخ العارف محيي الدين بن عربي قدس سره ، وكذلك نص الحافظ الذهبي والحافظ ابن حجر العسقلاني والحافظ بن رجب الحنبلي أن الشنطوفي مؤلف بهجة الأسرار في مناقب الغوث الجليل ذي الباع الطويل القطب الكبير الرباني أبي محمد السيد الشيخ عبد القادر الكيـلاني رضي الله عنه ، قد كتب في البهجة المذكورة ما لا يصح إسناده لحضرة الغوث المشار إليه رضوان الله عليه وراج عليه حكايات وكلمات كثيرة مكذوبة ، وقد نقل عن جمع من الأكابر الكثير من الأقوال العجيبة وحتى أن أهل الجرأة والعياذ بالله وضعوا الأحاديث الكثيرة المكذوبة وأسندوها لحضرة المصطفى الأعظم صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم .

فعلى هذا تجل الأكابر عن كل ما يسند إليهم ويحمل ظلماً وعدواناً عليهم ، وهم أهل الحق وأرباب الغيرة على الحق بالصدق ، وربما لا يروق مثل قولنا هذا لعين الجاهل أو خسيس الهمة المتجاهل الذي يريد غش العوام الذي يرى الكثير منهم لجهلهم كالأنعام ليسلب منهم دريهمات يبتلعها وبغيه يصل إليها مضمخة بالدجل والحيلة وبئس تلك الوسيلة من وسيلة ولذلك يريد إسناد الشطحات والدعاوى الكاذبات للقوم الأكابر أهل الباطن العامر والظاهر الطاهر كل ذلك لغرض غايته العرض وحقيقته مرض.

وقد نرى في زماننا الرجل الذي لا تعرف له قبيلة ، بل ولم تشهر له قط بالأحوال العالية فصيلة ، يكتسى بمرط من ديباج ويطيل الشعر ويلبس التاج ويدعي القطبية والغوثية ، ويرفع نفسه من حضيض أوساخه الدنية إلى مقام النيابة المقدسة المحمدية ، ولم يخف من سوء الخاتمة ، بل ولم يخش قهارية السلطنة المصفطوية الدائمة ، ويتدرج فيدعي النسب النبوي الطاهر ويندمج بواهمة زوره وبهتانه في الآل اولي المفاخر، وربما يطعن بنسب قوم من بطون الآل أحبهم الرسول ، وعظمت مراتبهم في ذؤابات آل المرتضى والبتول ، ويعطي المدعيين بخياله الشرف الوضاح ويبيح لهم المجد المحمدي الذي لم يكن بمباح ويقرب بيد بهتانه من البيت المحمدي من لم يكن منه ويبعد بصادمة شيطانه أفلاذه الطاهرة عنه .

وربما كان سبب القطع عنده هو عند الشرع والعقل من أجل الدلائل على صحة الاتصال وسبب الوصل من أعظم البراهين على الانفصال ، مثل رؤية الفقر قاطعا للرجل عن النسب والغني ملحقا له بذلك الحسب ، والحال أن سيد الأنام عليه الصلاة والسلام قال : ( الدنيا لا تنبغي لمحمد ولا لآل محمد ) وقال عليه الصلاة والسلام : ( اللهم اجعل رزق آل محمد كفافا اللهم اجعل رزق آل محمد قوت يومهم ) إلى غير ذلك من الأدعية النبوية المستجابة وقد قلت في هذا المعنى بيتين وهما :

قيل بعد العلي ونيل الأماني

نلت عيش الكفاف لا بالرخاء


قلت هذا دعاء خير البرايا

وأبو الآل مستجاب الدعــاء



ودعوى النسب الطاهر بلا حكم شرعي هو انتماء لغير موالي المدعي ومثله ملعون بنص ما جاء في الخبر ( من انتسب لغير مواليه فهو ملعون ) ، وفي رواية أخرى ( ملعون من انتمى لغير مواليه ) .

ومعلوم بالبداهة عند أرباب الفهوم والنباهة ، أن النسب الطاهر لا مزية له في الدنيا سوى البركة ومزيته العظمى في الآخرة أخذاً من قوله تعالى ( وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ ) الآية ، فإذا لم يكن ذلك الإلحاق صحيحاً عند الله فمن أين تحصل منه الفائدة فليتدبر.

والدعاوى العريضة من حيث هي سواء دعوى النسب أو دعوى الولاية والمقامات المعنوية العالية ، وإن انتجت في أمر الدنيا شيئاً تطمع به نفوس أهل الغواية فهي سم قاتل وويل حاصل وبلاء عاجل وآجل ومع كل ذلك يستعذب قول القائل :

كل من يدعي بما ليس فيه

كذبته شواهد الامتحان



ومثل ذلك بل أهم منه بفراسخ التجري على الطعن بالآل الكرام ذرية المصطفى عليه الصلاة والسلام والتهجم عليهم وإسناد المعائب إليهم وخدش أنسابهم ولمز أحسابهم ، والإيذاء لأهل الحق من عصابة القوم المبرئين من اللوم ، فكل ذلك إيذاء لرسول الله صلى الله عليه وسلم ومحاربة لله جل وعلا ، وقد ذل وخسر من آذى رسول الله ، وصغر وأهين من حارب الله ولا حول ولا قوة إلا بالله .

والعاقل يفهم من حكم الطريقة الرفاعية التي هي عين الشريعة الطاهرة المحمدية فضيلة التباعد عن الدعوى ، ويعلم حق العلم أن الدعوى فيها وإن صغرت بعين المدعي أكبر البلوى.

وقد أورد شيخنا وملاذنا القطب الغوث الجامع العلامة الأوحد السيد بهاء الدين محمد مهدي آل خزام الصيادي الرفاعي الحسيني الشهير بالرواس رضي الله عنه في رسالة له إسمها " واردات الغيب " قصيدة تجمع أحكام هذه المعاني المنصوصة وها أنا أذكرها برمتها تبركاً بكلامه العالي قال رضي الله عنه :

هذا طريق الشرع يا مغــرورُ

خل الهـوى فالكل حقٌ نـورُ


لا تنبسط للشطح واعرف حكمه

وافطن فزعم الشاطحين غرورُ


واهجر دعاوى الإتحاد ومثلهـا

دعوى الحلولِ فنصلها مكسورُ


قدّس بسرّك ذاتِ ربك إنــه

فردٌ شديدُ الإنتقام صبـورُ


أيُغرك الإمهال منه ألا انتبـه

فإليه عاقبةُ الأمورِ تصيـرُ


وصفاته قدِّسْ حقائقها ففـي

تقديسها كل امرئٍ مأمـورُ


فصفاته لا عينه أو غيــره

قامت به ومع الورودِ صدورُ


لا تقبل الترتيبَ بل ضمنيةٌ

تنشق عنها في الكيان ستورُ


فالشق يحدث والصفات قديمةٌ

مضمونها في علمه موقورُ


وبنسبة الأحداث يحدث كلما

يبدو وللمعنى الخفي ظهورُ


والعلم ترسم فيه كلَّ حقيقةٍ

وإذا انجلت فنسيجها منظورُ


رسْمُ المعاني في قديمِ العلمِ مطـويٌ

وحادث نسجها منشورُ


ومن الغيوب لكل شيءٍ بارزٍ

معنى عليه من الجلال ستورُ


ولقد توفى كل نفس أبرزت

أجلاً ولَوْحُ كتابها مسطورُ


فعن الكرام الكاتبين خطوطُها

تبدو وكل لحادثٍ مقهورُ


فالقائلون بوحدةٍ إطلاقها

نزغات زيغٍ كلهم ممكورُ


راموا القصور بوهمهم فرمى بهم

من قرب شاهقةِ القصورِ قصورُ


فلبعضهم حد السيوف وبعضهم

لكماله في حاله معذورُ


وكلامه في الشطح نقصٌ ظاهرٌ

وبه عن النهجِ القويمِ فتورُ


قولٌ يُقالُ وليس يُكتب بل ولا

يُرضي وزاعمه الغنيُ فقيرُ


وكذاك دعوى الفعل باستبداد مَنْ

يُعزى إليه فردُّها مشهورُ


إن كان عن خلق الإله فإنها

حقٌ وإلا فهي حقٌ زورُ


فبحكم نص الشرع لم يسند إلى

الـمخلوقِ في أفعالهِ التأثيرُ


الله جلَّ هو المؤثرُ والذي

للغيرِ يُسنَدُ قاله المخمورُ


وأتى أُناسٌ أسقطوا التقليدَ في

هذي المذاهبِ والجهولُ صبورُ


أهل المذاهبِ نقّحوا أحكامَها

حِكماً تضيء وقولُهم منصـورُ


خدموا النبي بشرعِهِ وسعَوا بعزمِ

الصادقين فسعيهم مشكــورُ


ولقد أحاطوا بالنصوص ونهجها

قالوهُ لا سبَقٌ ولا تقصـــيرُ


قد قلدوا المعصومَ لكن وافقوا

قولَ الأئمةِ والإمامُ بصيـرُ


حاز العُلى بالإجتهاد فكل ما

أبداه من عملٍ هو المبــرورِ


فالزم طريقتهم وخل من انتحى

بزعومه إن الإلهَ غيـــورُ


وابهجْ بميراثِ النبي ولا تـزغْ

فالله للبرِّ التقي نصـــيرُ


***


_________________
( بسم الله الرحمن الرحيم ) قل هو الله أحد . الله الصمد . لم يلد ولم يولد . ولم يكن له كفوا أحد .
قل أعوذ برب الفلق . من شر ما خلق . ومن شر غاسق إذا وقب . ومن شر النفاثات في العقد . ومن شر حاسد إذا حسد .


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من المكتبة الرفاعية
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس يوليو 26, 2012 2:59 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء أكتوبر 30, 2007 4:26 pm
مشاركات: 3907
مكان: في حضن الكرام
( الطريقة الرفاعية ) موافقة إمام من الأئمة الأربعة الكرام أصحاب المذاهب المتبعة في الإسلام ، والأخذ بما كان عليه من دون تلفيق ولا تخليط جزماً بأن الإمام الأعظم أبا حنيفة أو الإمام الأجل الشافعي أو الإمام المكرم مالكاً أو الإمام المبجل أحمد بن حنبل رضي الله عنهم أعلم من ذلك المقتدى به إقتداء تعلم وتتلمذ لا اتباعاً في ذات الحكم والتقليد فيه إنما هو اتباع وتقليد للمعصوم صلى الله عليه وسلم ، ومثلوا ذلك بقوم رأوا الهلال وآخرون لم يروه فدلوهم عليه بإشارات وعلامات فرأوه فالدلالة ممن علم موقع الهلال ، وأما الرؤية بعد فهي بباصرة الرأيين دون شبهة .

وكذلك الإمام المُقتدى به دل الناس على سنة النبي صلى الله عليه وسلم وعلمه وعمله فلما عرفوا الحكم قلدوا المعصوم لا غير ، هذا قول شيخنا الإمام العلامة السيد بهاء الدين محمد مهدي الصيادي الرفاعي رضي الله عنه .

وقد قال بعد هذا الكلام النفيس ومن حمل المسلمين على غير هذا فقد جازف فإن أجهل الجاهلين من العامة ، يعلم أن المُطاع أمرَ النبي صلى الله عليه وسلم الآمر بأمر الله لا الملقن والمعلم من الناس كائنا من كان .

( قلت ) ولهذا فلا يؤتمن على أوامر النبي إلا الكمل كالأئمة المجتهدين وورثة علومهم الذين وقفوا مع الإجماع وابتعدوا عن الزلل والإبتداع .

ورضي الله تعالى عن شيخنا الإمام السيد بهاء الدين محمد مهدي آل خزام الصيادي الرفاعي رضي الله عنه فإنه قال كما في " البوارق" وفي فصل الخطاب ما نصه :

( ولا يلتفت إلى قول من أسقط التقليد في الأحكام اكتفاء بالكتاب والسنة ، فإن ذلك الرجل جهل أنه قلد بتلقي السنة والكتاب وأراد بعد كل هذا أن ينزع طوق التقليد الشريف من عنقه طيشاً على أنه لو أنكر عليه المنكر الحديث الذي يرويه ويستدل به لاحتاج إلى إسناد الحديث ومتى أسنده فقد قلد راويه ، أعني بأخذ الحديث على أنه لم يكن يعلم ذلك الحديث قبل أخذه عمن أسنده إليه .

والتقليد الذي كثر في القال والقيل ينتهي عند علماء الكلام إلى وجهين ، الوجه الأول : قولهم بعدم صحة التقليد في العقائد الدينية ، فإن كان المقلد قادراً على النظر والإستدلال وقلّد فهو مؤمن عاص ، وإن لم يكن قادراً على النظر والإستدلال فلا يكون عاصياً ، ومنهم من حرّم النظر ومنهم من أوجبه وقال تركه معصية وأطال الجماعة في طرق هذا الوجه ، والوجه الثاني : تكفير المقلد عند قوم وجعله عاصياً عند آخرين والقول بإيمانه عند طائفة البتة .

وملخص الصواب أن التكفير مردود لشموله العوام الذين هم غالب الأمة والقول بالمعصية فيه ما فيه ، لأن من تلقى علم العقائد من شيخ لا يلزم من تلقيه عنه أن يكون مقلد له حتى يجري الخلاف في صحة إيمانه أو جعله عاصياً وإنما هو بمنزلة من سأل رجلاً عن الهلال فدله عليه بتعريفات وإشارات واراءة منزله ثم اهتُدي إليه فأمعن النظر وتحققه فصار يخبر برؤيته عن يقين .
وعلى هذا طبقات الأمة بلا شبهة فإنهم يؤمنون بما أنزل الله على رسوله صلى الله عليه وسلم إيمانا بتّاً محضاً لا تمسه شوائب الشبهات إيقاناً وإذعاناً بعصمته وأخذاً عنه صلى الله عليه وسلم وانقياداً لأوامر الله تعالى وإيمانا به سبحانه ، وإلا فلا يقلدون غير المعصوم اعتماداً على قوله ولا يعملون بالهوى بل يتبعون النص القرآني والحكم الرباني الذي أنزله على عبده المصطفى الذي لا ينطق عن الهوى ) . انتهي كلام شيخنا قدس الله تعالى روحه المباركة ونفعنا به وفيه الكفاية وإليه الغاية .

( الطريقة الرفاعية ) عدم القول بتصرف الأرواح وسريان الهمم استبداداً لا للأحياء ولا للأموات ولا يثبتون إغاثة ولا إعانة لمخلوق بالاستبداد منه بل يقولون أن الرحيم الكريم جلت قدرته وتعالت عظمته يفيض القدرة والإغاثة والإعانة إلى أرواح الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ، والى أرواح الأولياء والصالحين ، وهم يفيضون الإغاثة والإعانة بإفاضة الله سبحانه للمستمدين والنادبين والله المعين ، قال شيخ مشايخ الإسلام الإمام الهمام سيدنا السيد أحمد الرفاعي الحسيني رضي الله عنه وعنا به في البرهان المؤيد ما نصه :

( شر الهوى رؤية الأغيار والاشتغال عن الخالق بالمخلوق ، ما الذي يراه العاقل من الاشتغال بغيره القول بتأثير غيره في كل أثر ما ، قليل أو كثير كلي أو جزئي شرك ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعبد الله ابن عباس رضي الله عنهما : يا غلام إني أعلمك كلمات احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده تجاهك ، إذا سألت فاسأل الله ، وإذا استعنت فاستعن بالله ، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعونك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك رفعت الأقلام وجفت الصحف ).

وقال الإمام الرفاعي رضي الله عنه في محل آخر من البرهان ما لفظه : "أي سادة إذا استعنتم بعباد الله وأوليائه فلا تشهدوا المعونة والإغاثة منهم فإن ذلك شرك ، ولكن اطلبوا الحوائج بمحبته لهم ( رب أشعث أغبر ذي طمرين مدفوع في الأبواب لو أقسم على الله لأبره ) صرفهم الله في الأكوان ، وقلب لهم الأعيان ، وجعلهم يقولون بإذنه للشئ كن فيكون ، عيسى عليه السلام خلق طيراً من الطين بإذن الله ، أحيى الموتى بإذن الله ، نبينا وحبيبنا سيد سادات الأنبياء محمد عليه أفضل الصلاة والسلام حن الجذع إليه وسلمت الجمادات عليه وجمع الله به ما تفرق في الأنبياء والمرسلين من المعجزات ، وجرت أسرار معجزاته في أولياء أمته فهي للأولياء كرامات تمر، وله عليه الصلاة والسلام معجزة تستمر، أي ولدي أي أخي إذا قلت اللهم إني أسألك برحمتك فكأنك قلت أسألك بولاية عبدك الشيخ منصور وغيره من الأولياء لأن الولاية اختصاص " يختص برحمته من يشاء ".

فإذاً إياك وإعطاء قدرة الراحم إلى المرحوم ، فإن الفعل والقوة والحول له سبحانه والوسيلة رحمته التي اختص بها عبده الولي فتقرب برحمته ومحبته وعنايته التي اختص بها خواص عباده إليه عند حاجتك ووحده في كل فعل فهو غيور ) . انتهى كلامه الشريف.

ومنه تفهم أن مشرب السادة الرفاعية عدم إهمال الآثار ولكنهم يردون قدرة الآثار إلى واهبها المؤثر الحقيقي ، وبهذا يستكملون الأدب مع الأنبياء والأولياء والصديقين والصالحين ، ويعرفون حتى استيداع الأسرار الكلية والجزئية في الذرات الكيانية أدباً مع المودع المقبض الحق " الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى " وركب الإنسان في أي صورة ما شاء وبإعطائه الأشياء خلقها أقام فيها سرّاً هداها إليه يفهم ذلك من قوله صلى الله عليه وسلم ( اعملوا فكلٌ ميسر لما خلق له ).

والعبد بين فعل يُجرى عليه اضطراري وفعل يجري منه اختياري، فما اختاره بإرادته الجزئية يسأل عنه وما لم يختره من الأفعال الاضطرارية كالنوم والإغشاء وما يحدث فيهما من قول وعمل وأشباه ذلك فإنه لا يسأل عنه ومثله الحب وعكسه والخطرات .

وفي نص قوله عليه الصلاة والسلام ( اللهم إن هذا ما أملك ) بلاغ ففي هذا إقامة الحجة الباهرة على الأمرين الاختيار والاضطرار ، وقد قام في الجسم سلطان للنفس وفيها قال تعالى ( وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء ) وقام تجاهه سلطان للروح وهي تجذب القالب على المطالب الشريفة قال تعالى ( ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي ) ولما كانت منشقة من الأمر لا تكون مخالفة له البتة .

والحاكم بين النفس والروح العقل فإن شملته الهداية وحفته عصمة الحفظ برحمته تعالى من الزلل بمضمون قوله تعالى ( إلا ما رحم ربي ) قاد صاحبه إلى الخير والبر وإن ترك والعياذ بالله ترك سخط ، ووكل الرجل إلى نفسه زل بحكم عقله فانطبق مع النفس وصار لها آلة للسوء والقبح .

ومن هذه الجمل يعرف اللبيب أن العبد مختار في ما يمكن له فعله ويصح له إجراؤه ، وقد يرى كل منا قدرة في نفسه على القيام والقعود والكلام والضحك ورفع اليد ووضعها واستعمال النفس في غاياتها ومنعها ، ويعلم العاقل أيضاً أن العبد مجبور في ما لا يمكن له فعله ولا تبلغه قوته فهو في كل فعل اختياري مثاب أو معاقب أو معاتب ، وفي كل فعل اضطراري غير مسؤول وبهذا قامت الأدلة النقلية والعقلية .

ولهذا بعثت الرسل والأنبياء الكرام عليهم الصلاة والسلام وقام عنهم نوابهم الأماجد الصديقون والعارفون والعلماء العاملون ، وقد صح في الحديث الشريف ( إن الله يبعث على رأس كل مائة سنة من يجدد لهذه الأمة أمر دينها ) وقال عليه الصلاة والسلام : ( بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ) وقال تعالى : ( فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره ) فهل البعثة كانت إلا لتكميل مكارم الأخلاق التي يمكن للنبي صلى الله عليه وسلم إتمامها ويمكن للأمة العمل بها ؟ وهل ذلك إلا الاختيار ؟ ، وهل المجدد إلا القائم بالنيابة عن النبي في الأمة بما جاء به ؟ فهل يكلف للتجديد إلا بعد تحقق الإمكان وهو إضافة العمل للعامل إلا القول باختياره ؟ ولكن هو اختيار محدود بالإرادة الجزئية مقصورة القدرة بالإرادة الكلية ، يؤيد ذلك قوله صلى الله عليه وسلم ( اعملوا فكل ميسر لما خلق له ) فقوله اعملوا بما هو في بحبوحة اختياركم وفوق ذلك الاختيار ما يسرتم له ، ويوضح سر ذلك قوله سبحانه وتعالى : ( إياك نعبد ) أي بإرادتنا الجزئية " وإياك نستعين" أي على العمل بإرادتك الكلية وذلك لأن الله سبحانه وتعالى قال : ( واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه ) فالقلب لكونه مهبط شروق العقل يبرز منه التدبير وينصرف بكله إلى فعل شيء ، فيعارضه فيه سلطان الألوهية فيحول بين المرء والقلب فلا ينقاد المرء لما برز من خزانة القلب بشارقة العقل من التدبير وتنحط عزيمته عن العمل ومعارضة سلطان الألوهية للتدبيرات العقلية.

والعزائم القلبية لا تكون إلا عن حكمة منصوصة في مبرمة مخصوصة فحينئذ يبرز من ركن العلم بارز الإرادة فيتنزل إلى حظيرة الأمر من معنى قوله تعالى ( وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميراً ) فيقضي المبرم والحكم لله وفي مقام الإبرام فلا كلام فإن هناك كلمة الإجبار قائمة وفي المقام الثاني فقوله تعالى ( والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا ) فقد أطلق لفظ المجاهدة بلا قيد وفوضه لإرادة العبد فليتدبر.

قال شيخنا الإمام السيد بهاء الدين محمد مهدي آل خزام الصيادي الرفاعي رضي الله عنه وعنا به : ( العالم العارف لا يرى نفسه مجبوراً ولا مستبداً ، لا شهود الجبر يقعده عن المقاصد ولا شهود الإستبداد يقيمه إلى التجري على المفاسد ) فمن تدبر ما طواه شيخنا رضي الله عنه في هذه الجملة من رقيق الحقائق وقف عندها فأمن بإذن الله من المزالق .

_________________
( بسم الله الرحمن الرحيم ) قل هو الله أحد . الله الصمد . لم يلد ولم يولد . ولم يكن له كفوا أحد .
قل أعوذ برب الفلق . من شر ما خلق . ومن شر غاسق إذا وقب . ومن شر النفاثات في العقد . ومن شر حاسد إذا حسد .


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من المكتبة الرفاعية
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين يوليو 30, 2012 8:05 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء أكتوبر 30, 2007 4:26 pm
مشاركات: 3907
مكان: في حضن الكرام
( الطريقة الرفاعية ) الإيمان بالقدر خيره وشره من الله تعالى غير أن السادة الرفاعية أرباب المعارف الوفيرة والهمم العلية قدس الله أسرارهم وأرواحهم بينوا في هذا المقام طريقاً تقطر الحكمة منه ولا يعدل المتشرع العاقل عنه .

قال شيخنا الإمام السيد بهاء الدين محمد مهدي آل خزام الصيادي الرفاعي الشهير بالرواس رضي الله عنه وعنا به : " القدر سر من أسرار القديم لا يصل إلى كنهه عقل الحادث ولذلك زلق بعض المتفلسفة فأنكروا القدر وقال شاعرهم :

وعاجز الرأي مضياع لفرصته

حتى إذا فات أمر عاتب القدرا



والحال أن الحكمة الحقة والمعرفة الصحيحة تقضي طبعاً بالإيمان بالقدر كل الإيمان ، والإيمان بالقدر لا يتضمن ضياع الفرصة كما فهم قائلهم ، بل الإيمان بالقدر يلزم باغتنام الفرصة كل الاغتنام لعل سر القدر يسعف وتأتي الفرصة بالمطلوب مع اعتقاد الفعل في الكل للقدير القاهر الذي يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد وكم من فرصة أنتجت أعظم غصة ، والحكيم المحمدي العاقل العالم العارف يقف بين القدر والعقل لا يهمل القدر فيضل ولا يهمل العقل فيزل ، يأخذ بالتدبير ويستكشف به سر التقدير فإن انبلج له نور ذلك السر مشرقاً معيناً أعمل التدبير كل الإعمال واستعمله في رقائق الأعمال وإن ظهر له ذلك السر من سجف القدر معارضاً لما هو يتطلبه فيكون مع القدر فإن معارضة الأقدار من جواذب الأكدار وأقول :

وإذا الأمور تقاربت لأوانها

حلت عرى الأقدار بالأقدار



ومن هذا تفهم أيها الولد الصالح والوارث الفالح إن شاء الله أن أسرار القدر لما كانت فوق مدارك العقل فلا يبسط الحكيم المحمدي يديه ويمد رجليه ويزعم التسليم بإهمال التدبير وإذا دبر وطول وقصر لا يزعم القدرة في النتيجة بل يسعى ويرد الفعل للفعال المطلق الذي له الخلق والأمر وهو بعد السعي والتدبير على كل شيء قدير وإليه المصير .

وقد قرأ الأمير الكرار كرم الله وجهه " وأن ليس للإنسان إلا ما سعى " ( النجم : 39 ) والإل الألوهة ، وقرأها أيضاً كما قرأها الجمهور بلفظ إلا قال بالحكمين وأوضح السرين والأمرين ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ". انتهى كلام شيخنا رضي الله عنه .

( قلت ) : وهذا معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم للأعرابي الذي أراد أن يفلت ناقته ويتوكل ما نصه : " اعقلها وتوكل " .

وقد قال شيخنا الأكبر الإمام السيد أحمد الرفاعي الحسيني رضي الله عنه وعنا به في النظام الخاص : " لا تقل قدره أوقفني عن السير إليه ، هذا من بطالتك من كسل عزمك ، وفتور عزيمتك اجعل القضاء والقدر صفاً وابعث معهما قلبك ويقينك واعتقادك واجعل العقل والتدبير صفاً وابعث معهما رأيك وحزمك وأملك بربك واعتمادك وأقم بين الصفين حرب العمل وكن أنت في صف العقل والتدبير المؤيد بحسن الظن بالله وبصدق الاعتماد عليه سبحانه فإذا انكشف غبار ذلك الحرب عن غلبة لك في أمرك فقد أثمر غصن أملك وحسن ظنك به وصدق اعتمادك عليه ففزت بمطلوبك وإن انكشف الغبار عن المغلوبية لك في شأنك فقد انكشف لك غطاء القدر وأنت حينئذ معذور وسعيك مشكور وعملك عند الله تعالى وخاصة عباده مبرور " . انتهى كلامه العالي رضوان الله عليه وهو لباب الشرع ومفاد النصوص وسر الحكمة الباهرة التي لا محيد للمؤمن عنها ولابد للعاقل منها والسلام .

( الطريقة الرفاعية ) التفكر في مصنوعات الله تعالى وآلائه سبحانه والكف عن التفكر في الذات والخوض في الصفات فذلك مزلقة والعياذ بالله وقد أمرنا بنص الكتاب أن نتفكر في خلق السموات والأرض والجبال والإبل وأنفسنا وغير ذلك ليتجلى للفكر سر عظمة الصانع ، وقد تكلم الإمام الأكبر والغوث الأعظم الأشهر مقبل يد جده النبي الأزهر الأطهر أعني سيدنا وإمامنا السيد أحمد الكبير الحسيني الرفاعي رضي الله عنه وعنا به في مجالسه الشريفة على أسرار المصنوعات ليلزم السالك والواصل والمفضول والفاضل بالتفكر في آلاء الله وقد أتى بالعجب العجاب في هذا الباب ومن ذلك قوله دام منهمراً فضله .

معاشر الإخوان أول ما يلزم لرياضة عقولكم أن تتفكروا بآلائه تعالت قدرته كيف لف هذه الأرض وبسطها فأحسنها تصويراً وأدار عليها شراع السماء فقدرها تقديراً وكور ضمنها كوكب الشمس فأشبعها تكوراً ونشر في مطوي العالم الأعلى هذه الكواكب طبقة بعد طبقة محلقة وغير محلقة بعض تلك الكواكب من دنياكم أكبر وبعضها من بعضها أزيد عظماً وأنوار ذوائبها ملتفة الأشعة منعقدة على حبال الاصطدام الثابت وأدوارها ملفوفة على مقاعد أبراجها فبعضها معلق وبعضها ثابت وراء حجاب ، كل واحد منها حجب قائمة برفارف الغيوب قصرت عن الوصول لغايتها الأبصار ، فأنكرتها العقول ودون كل جسم منها أجسام استصغرها الطرف ، وهي أعظم من الدنيا بالعرض والطول قامت بالأعمد على فلك الريح الساكن ، ووقفت مع انجذاباتها الطبيعية فكانت لنفسها كالأماكن خيام مبنية على كواكب ضوئية تسبح في أفلاكها بسير لا يقطع الطريق سقوطاً وتقوم في مدارجها فلا ترفع شراع الطي هبوطاً ولها عوالم لها ملازمة وبها قائمة لو اطلعتم عليهم لوليتم منهم فراراً ولملئتم منهم رعباً .

قلت وقد أطال الإمام الرفاعي رضي الله عنه في هذه المقالة وأوضح وأفصح وأتى بما يداوي العليل ويشفي الغليل وقد كشف غوامض أسرار وحقائق آثار لم يكشف شراعها غيره من أولياء الأمة المستغاث بهم في المهمة وهذا مما يدل كل لبيب على علو منزلته ورفيع مرتبته وسعة علمه وعرفانه وتقدمه في هذه المقامات الشامخة على أكفائه وأقرانه ، وقد أخرج ابن جرير وابن منذر عن ابن مسعود وجماعة من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين قالوا : إن الله تعالى خلق في كل سماء خلقها من الملائكة والخلق الذي فيها من البحار والجبال والبرد ما لا يعلم ، ثم زين سماء الدنيا بكواكب فجعلها زينة وحفظها من الشياطين ، وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال : جبال السماء أكثر من جبال الأرض ، وأخرج الجلال السيوطي في كتاب الهيئة على طريق السنة عن ابن أبي حاتم عن جبير بن مطعم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن سموات الله على أرضه هكذا وقال بأصبعه مثل القبة " ، وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله تعالى : " والسماء وما بناها " قال : بناء السماء على الأرض كهيئة القبة ، وأخرج أبو الشيخ عن إياس قال : السماء مقببة على الأرض مثل القبة ، وقال الإمام الدارمي في تفسير قوله تعالى " رفع السموات " روى حماد بن سلمة عن إياس قال : السماء مقببة على الأرض مثل القبة ، انتهى ما نقله الدارمي .

وقال الإمام السمرقندي في تفسير قوله تعالى : " والسماء وما بناها " أي سقفاً ، قال ابن عباس رضي الله عنهما في رواية الكلبي : كل سماء مطبقة على الأخرى مثل القبة وسماء الدنيا ملتزقة على الأرض أطرافها .

قلت : وهذا دليل على التصاق العالمين ببعضهما وهذا قول سيدنا الإمام الرفاعي رضي الله عنه وعنا به ، صرح بالتصاق العالمين وبكون العالم العلوي كالقبة غير أن تعريفه العالي يفيد أن القبة السماوية كروية والأرض بيضوية الشكل أخذاً من قوله تعالى " والأرض بعد ذلك دحاها " واسم البيضة دحية فليتدبر .

وقد قال رضي الله عنه : تدور الأرض وحركتها بحركة العالم الأعلى واستدل لذلك بآيات كريمة صريحة المفاد وكل ذلك دليل على عظم قدرة الصانع ، فإذا تم التفكر للسالك وقف مع الأدب الشامل خاشعاً لله ممتثلاً كل ما أمر به بواسطة رسوله الأعظم صلى الله عليه وسلم وخاف مقامه سبحانه وصار حينئذ مظهراً لقوله تعالى : " وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى ، فإن الجنة هي المأوى " وقد قال شيخنا غوث الأمة خلف الأئمة سلطان الأولياء السيد أحمد الرفاعي الحسيني رضي الله عنه :

أي سادة ، الفكر أول أعمال النبي صلى الله عليه وسلم كان قبل فرضية المفروضات عبادته التفكر في آلاء الله ومصنوعاته حتى كلف ما كلف عليه صلوات الله وسلامه فعليكم بالتفكر في آلاء الله وأخذ العبرة من الفكرة ، فإن الفكرة إذا خلت من العبرة بقيت وسواساً وخيالاً ، وإذا انتجت العبرة بقيت واعظاً وحكمة ، أحكموا الأعمال لله بالتفكر على أصل صحيح ، وأحكموا الأخلاق بعد الأعمال على طريق مليح وزينوا كل ذلك بالنية . انتهى كلامه العالي .

ومنه يفهم السر المقصود من التفكر ، وقال شيخنا القطب الغوث الجامع السيد محمد مهدي آل خزام الصيادي الرفاعي رضي الله عنه : لا يفيدك النظر لا عبرة ولا العبرة بلا علم ولا العلم بلا عقل ولا العقل بلا توفيق والتوفيق رفيق الأدب والأدب صاحب الإذعان والإذعان نتيجة التواضع والتواضع أخو المروءة والمروءة من الإيمان .

وفي بعض مكتوباته الشريفة رضي الله عنه ما نصه : لا تفهم من معنى التوفيق ملاءمة الدنيا وكثرة طقطقة النعال حولك ، فإن ملاءمة أمر الدنيا يشترك فيه البر والفاجر والمؤمن والكافر والصادق والكاذب والممكور والمقبول وكم طيرت طقطقة النعال خلف الرجال من رأس وكم أذهبت من دين وإنما التوفيق ملاءمتك ومن اتبعك وقال بقولك للحق والصدق في الأقوال والأفعال مع الزهد والوقوف عند الحد وذر الدموع لله على الخد وإن لم يكن الأمر إلا دريهمات تكسب وأغراض تنهب ولقيمات تؤكل ومآرب تتحصل فما ذلك إلا استدراج وقطيعة وصدمة من صدمات الأقدار وخط صريح مكتوب على جبهة رب تلك الخلال بأنه من المندفعين إلى النار فليقم بذله قبل زلوق نعله وليبك على حاله وليجتهد بإصلاح أقواله وأفعاله معرضاً عن ما له ومناله وعمه وخاله ، وهنالك يرجى له بالصلاح النجاح وهذا طريق حي على الفلاح والله ولي المتقين .

_________________
( بسم الله الرحمن الرحيم ) قل هو الله أحد . الله الصمد . لم يلد ولم يولد . ولم يكن له كفوا أحد .
قل أعوذ برب الفلق . من شر ما خلق . ومن شر غاسق إذا وقب . ومن شر النفاثات في العقد . ومن شر حاسد إذا حسد .


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من المكتبة الرفاعية
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء أغسطس 01, 2012 9:55 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء أكتوبر 30, 2007 4:26 pm
مشاركات: 3907
مكان: في حضن الكرام
( الطريقة الرفاعية ) ذكر الله سبحانه وتعالى مع الإخوان بالجهر التام وحسن الانتظام والأدب الكامل حالة القعود والقيام وقبض البصيرة والبصر عن النظر إلى الآثار وقوفاً مع جلالة المذكور العظيم الرحمن الرحيم والذكر منفرداً خفية بحيث لا يطلع على سر العبد السالك الذاكر غير ربه أحد وهذا هو تعليم النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه المتأدبين بآدابه .

وعلى هذا فقد أحكم الطريقة الرفاعية شيخها إمام الأولياء وسلطانهم وقائد أزمة العارفين وبرهانهم مولانا السيد أحمد الرفاعي رضي الله عنه وعنا به وقد زل جماعة من المتفيقهة الذين يزعمون العلم وهم على طائفة من الجهل فخاضوا بالقوم أهل الذكر فحرموا بواهمة زورهم أذكارهم وخدشوا بغيهم مقدارهم حسداً من عند أنفسهم ورووا الأحاديث الموضوعة والأخبار المكذوبة يريدون بذلك شفاء غيظهم وتبردة نار حقدهم وتسكين ثورة جهلهم والحق وراء كل بهتانهم وبعد غاية بعد دجلهم وخدائع شيطانهم وسنذكر ما فيه بلاغ إن شاء الله إرشاداً للمحبين وتذكرة للمؤمنين وإيقاظاً للغافلين وردعاً للمجترئين من الكاذبين وإن الله لا يهدي كيد الخائنين ولا يصلح عمل المفسدين وهو الذي نزل الكتاب وهو يتولى الصالحين .

قال في التنبيه : اعلم أن ذكر الله تعالى أفضل العبادات لأن الله تعالى جعل لسائر العبادات مقداراً وأوقاتاً أي كالصلوات الخمس وعدد الركعات وكالزكاة والصوم وقال تعالى : " اذكروا الله ذكراً كثيراً " يعني اذكروا الله في جميع الأحوال وقال تعالى : " ولذكر الله أكبر " وبه خمس خصال محمودة : أولها : أن فيه رضاء الله ، والثاني : أن فيه حرزاً من الشيطان ، والثالث : أن فيه رقة القلب ، والرابع : أنه يزيد الحرص على الطاعة ، والخامس : أنه يمنع من المعاصي .

وقال في تفسير الكاشاني قال الفضيل بن عياض : الذاكر ناعم وغانم وسالم ، ناعم بالذكر وغانم بالأجر وسالم من الوزر ، وقال الإمام السيوطي رحمه الله ونفع به في رسالته نتيجة الفكر في الجهر بالذكر الرسالة التي افتى فيها بجواز الجهر بالذكر والتحلق له ما نصه ذكر الأحاديث الدالة على استحباب الجهر بالذكر تصريحاً أو التزامه ، الحديث الأول : أخرج البخاري عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يقول الله تعالى : " أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا ذكرني فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه " والذكر في الملأ لا يكون إلا عن جهر ، قلت : وذكر الجلال السيوطي للاستدلال خمساً وعشرين حديثاً كلها تفيد حسن الجهر بالذكر إما تصريحاً أو إلتزاماً وتدل على استحبابه ، منها ما ذكره عن الإمامين مسلم والترمذي : " أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج على حلقة من أصحابه فقال ما يجلسكم ؟ قالوا جلسنا نذكر الله ونحمده فقال إنما أتاني جبريل فأخبرني أن الله يباهي بكم الملائكة " ، ومنها ما رواه عن البيهقي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " أكثروا ذكر الله حتى يقول المنافقون إنكم مراؤون " ، ( قلت ) : والحديث مرسل وأراد بإيراده والذي قبله بيان أن ذلك لا يقال إلا عند الجهر لا في السر ، ومن الأحاديث المذكورة الشريفة المباركة ما أخرجه البيهقي عن زيد بن أسلم قال : قال ابن الأذرع : انطلقت مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة فمر برجل في المسجد يرفع صوته بالذكر قلت يا رسول الله عسى أن يكون هذا مرائياً قال لا ولكنه أواه ، وأخرج البيهقي عن جابر بن عبد الله أن رجلاً كان يرفع صوته بالذكر فقال رجل : لو أن هذا خفض من صوته ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم دعه فإنه أواه ، وأخرج المروزي في كتاب العيدين عن عبيد بن عمير قال : " كان عمر رضي الله عنه يكبر في قبته فيكبر أهل المسجد فيكبر أهل السوق حتى ترتج منى تكبيراً ، ثم قال السيوطي ومعارضة مجموع هذه الأحاديث بحديث خير الذكر الخفي فهو نظير معارضة أحاديث الجهر بالقرآن فإن قلت قد قال تعالى : " واذكر ربك في نفسك تضرعاً وخيفة ودون الجهر من القول " ( قلت ) : الجواب عن هذه الآية من ثلاثة أوجه : الأول أنها مكية كآية الإسراء " ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها " وقد نزلت حين كان النبي صلى الله عليه وسلم يجهر بالقرآن فيسمعه المشركون فيسبون القرآن ومن أنزله فأمر بالترك سداً للذريعة ، أشار إلى ذلك ابن كثير في تفسيره ، الثاني أن جماعة من المفسرين منهم عبد الرحمن بن زيد بن أسلم شيخ مالك وابن جرير حملوا الآية على الذاكر حال قراءة القرآن وأنه أمر بالذكر على هذه الصفة تعظيماً للقرآن أن ترفع عنده الأصوات ، والثالث ما ذكره السادة الصوفية أن الأمر في الآية خاص بالنبي الكامل المكمل وأما غيره ممن هو محل الوساوس والخواطر الردية فمأمور بالجهر لأنه أشد تأثيراً في دفعها ، ( قلت ) : وأحسن ما يقال في هذه الأحاديث والآيات المتعارضة ما أمر به القطب الأعظم شيخنا الإمام السيد أحمد الرفاعي رضي الله عنه لأتباعه وخدام طريقته وهو الإجهار مع الجمع بالذكر والإسرار به حين يكون الرجل منفرداً وقد كان الناس في عهد الفاروق الأعظم سيدنا عمر رضي الله عنه يذكرون الله عند غروب الشمس ويرفعون أصواتهم بالذكر فإن خفيت أرسل إليهم عمر رضي الله عنه أن ثوروا الذكر وفي رواية نوروا الذكر أي ارفعوا أصواتكم ، وقد قال الإمام النووي طاب ثراه أن الذاكرين إذا كانوا مجتمعين على الذكر فالأولى في حقهم رفع الصوت بالذكر والقوة ، وأما إذا كان الذاكر وحده فإن كان من الخواص فالإخفاء في حقه أولى وإن كان من العوام فالجهر في حقه أفضل ، وقال الإمام السيوطي الجهر أفضل من غيره لأن العمل فيه أكثر ولأن فائدته تتعدى إلى السامعين ولأنه يوقظ قلب السامع ويجمع همة الفكر ويصرف سمع السامعين إليه ويطرد النوم ويزيد في النشاط ، قال شيخنا الإمام السيد محمد مهدي رضي الله عنه : وأما من قال بأن رفع الصوت بالذكر بدعة فقد أخطأ ولم يصب ، ففي الصحيح من حديث ابن مسعود وغيره أن رفع الصوت كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم حين ينصرف الناس من المكتوبة وهذا ظاهر في مشروعية الجهر بالذكر في المسجد الأعظم المعد لإقامة الصلاة ، وقد سئل شيخ الإسلام الإمام الهمام الشيخ سراج الدين عمر البلقيني قدس الله روحه عن جماعة صوفية يجتمعون في مجلس الذكر والتذكير ثم أن بعضهم يقوم ذاكراً هائماً لوارد يحصل له فهل يلام على ذلك مختاراً كان أو غير مختار أو ينكر عليه أم يذم أم لا ؟ أفيدوا الجواب اثبتم الجنة ، فأجاب الشيخ قائلاً : لا إنكار عليه في ذلك وليس لمانع أن يمنعه ويلزم المتعدي بذلك التعزير والله أعلم ، وأفتى بمثل ذلك العلامة صاحب السيرة الشامية والإمام برهان الدين الحلبي الأحمدي صاحب السيرة الحلبية والشيخ الجليل حسين بن علي الطوري الحنفي والشيخ الفاضل العالم العامل عثمان الفتوحي الحنبلي والشيخ الكبير ولي الله النبتيتي الحنفي والعلامة الفهامة الشيخ إبراهيم بن أبي شريف الشافعي وسبقهم جمع من الأكابر ناهيك منهم بسلطان العلماء العز بن عبد السلام قدس الله سره وروحه فإنه أفتى بذلك وحضر بنفسه مجالس الذكر ورقص فيه متواجداً وقال بذلك أئمة الأمة وللإمام الحافظ ابن حجر العسقلاني طاب ثراه فتوى طويلة جمعت نصوصاً جليلة أفادت اللازم بهذا الباب وأتت من الجواب بفصل الخطاب ونصت على جواز الذكر بالجهر واستحبابه قياماً وقعوداً وعلى كل حال كان ذلك مؤيداً بالآيات وتفسيرها والأحاديث وتقريرها ونصوص السلف وإجماع الخلف ولا يقول بالمخالفة إلا المكابر أو الذي لم يحسب في صف الأكابر أهل الباطن والظاهر وقد أفتى بتعزير المنكر على القوم أذكارهم وتحلقهم وتواجدهم أمة من أكابر الحنفية والشافعية والمالكية والحنابلة وكلهم أقوالهم راجحة وأدلتهم واضحة ، ولشيخنا السيد بهاء الدين محمد مهدي آل خزام الصيادي الرفاعي رضي الله عنه بهذا المقصد الشريف في كتابه طي السجل ما يثلج قلوب المحبين ويشفي صدور قوم مؤمنين وقد أفردت هذا البحث بكتاب لي سميته رياضة الأسماع في أحكام الذكر والسماع وهو في الأيدي مطبوع متداول فليطالع والعون بالله وخلاصة ما يقصد من البحث أن الذكر بالجهر مع الجماعة أفضل من الإسرار ، وعلى الانفراد الإخفاء أفضل من الإجهار عند الجمهور ، وكذا كان تعليم المصطفى صلى الله عليه وسلم لأصحابه وآله وعلى هذا درجوا رضوان الله عليهم أجمعين ورحم الله القائل :

ما في التواجد إن حققت من حرج

ولا التمايل إن أخلصت من باس


قد قمت تسعى على رجل وحق لمن

دعاه مولاه أن يسعى على الراس



وقد أخرج الأصبهاني في الترغيب عن أبي رزين العقيلي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ألا أدلك على ملاك الأمر الذي تصيب به خير الدنيا والآخرة ، قال : بلى ، قال : عليك بمجالس الذكر وإذا خلوت فحرك لسانك بذكر الله " ، ( قلت ) : وهذه هي الطريقة العلية الرفاعية التي سنها شيخ الرجال أبو العلمين رضي الله عنه وعنا به والحمد لله رب العالمين .

( الطريقة الرفاعية ) عدم التلبس بثوب شهرة ولبس كل ما أباحه الشرع من دون تقيد بزي مخصوص عملاً بقول النبي صلى الله عليه وسلم " أن الله يحب كل متبذل لا يبالي ما لبس " ، ولم يقيد صاحب الطريقة سيدنا الإمام الرفاعي رضي الله عنه أتباعه بزي سوى العمامة السوداء وهي خرقته الشريفة تحققاً بسنة جده صلى الله عليه وسلم ولم يثبت خرقة لولي كثبوت العمامة السوداء للإمام الرفاعي أعني ثبوتها في السنة ، فقد جاء في الأخبار الراجحة والأحاديث الصحيحة أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتم بالعمامة السوداء وكان كثيراً ما يعتم بها وعمم بها سيدنا علياً بن أبي طالب كرم الله وجهه وغيره من الصحابة الكرام وقال صلى الله عليه وسلم : " هكذا فاعتموا " ودخل مكة يوم الفتح وقد اعتم عليه الصلاة والسلام بعمامة سوداء ونزل جبريل عليه السلام وعليه عمامة سوداء والأحاديث الصحاح بهذا طافحة لا يمكن جحودها موثوقة الأسانيد باتفاق المحدثين وهذه خرقة مولانا السيد أحمد الرفاعي رضي الله عنه وقد كان يعتم عطر الله مرقده ونور ضريحه بالبياض وهو سنة أيضاً ولم ينفك سيدنا الإمام الرفاعي في أعماله وأحواله وأقواله عن السنة السنية والمناهج المباركة المحمدية مقدار شعرة .

شيخي الرفاعي أعلى الله مظهره

مؤيد بالهدى من حضرة الله


أعزه الله بالهادي وسنته

فقام ينصر دين الله بالله


وناب عن جده في كل مكرمة

فكل أعماله لله بالله


_________________
( بسم الله الرحمن الرحيم ) قل هو الله أحد . الله الصمد . لم يلد ولم يولد . ولم يكن له كفوا أحد .
قل أعوذ برب الفلق . من شر ما خلق . ومن شر غاسق إذا وقب . ومن شر النفاثات في العقد . ومن شر حاسد إذا حسد .


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 123 مشاركة ]  الانتقال إلى صفحة السابق  1, 2, 3, 4, 5 ... 9  التالي

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 7 زائر/زوار


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
© 2011 www.msobieh.com

جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في المنتديات تعبر عن رأي أصحابها فقط