موقع د. محمود صبيح

منتدى موقع د. محمود صبيح

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 540 مشاركة ]  الانتقال إلى صفحة السابق  1 ... 13, 14, 15, 16, 17, 18, 19 ... 36  التالي
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة: Re: الحكم العطائية لسيدى ابن عطاء الله السكندرى
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين نوفمبر 14, 2011 2:42 am 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 19559

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا
معنا اليوم الحكمة التسعون بعد المائة من الحكم العطائية
لسيدى ابن عطاء الله السكندرى وهى :

( من علاقة إقامة الحق لك في الشيء إدامته إياك فيه
مع حصول النتائج )

إذا أقام الحق تعالى عبده في حالة لا يستقبحها الشرع ولا يذمها
سليم الطبع , فلا ينبغي له الانتقال عنها بنفسه حتى يكون الحق
تعالى الذي أدخله فيها هو الذي يتولى إخراجه منها .

{ وقل رب أدخلني مخرج صدق فالمدخل الصدق }

أن تدخل في الشيء بالله لا بنفسك , والمخرج الصدق أن تخرج
منه بالله لا بنفسك , فإذا أقامك الحق تعالى في الأسباب فلا تخرج
منها بنفسك فتتعب , فامكث حتى يخرجك الحق تعالى بإشارة صريحة
من شيخك أو من هاتف من عند ربك .

ومن علامة إقامة الله تعالى لك في ذلك الشىء الذى أنت فيه إدامة
الحق إياك في ذلك الشيء مع حصول النتائج وسلامة الدين
والمراد بالنتائج ما يترتب عليه من إعطاء حقه الواجب والمستحب
كأداء الزكاة , وإطعام الجائع , وستر العريان , وإغاثة اللهفان
وغير ذلك من أنواع الإحسان .
وإذا أقامه الحق تعالى في نشر العلم الظاهر , فعلامة إقامة الحق
فيه تعليمه لله , ونفع عباد الله , والزهد في الدنيا , والرغبة فيما
عند الله , والتواضع والصبر على جفاء المتعلمين , هكذا سائر
الحرف إذا كان فيها على المنهج الشرعي , فلا ينتقل عنها بنفسه .

وإذا أقامك الحق تعالى في التجريد فالزم الباب , وتحل والآدب
حتى يفتح لك الباب , فعلامة إقامته إياك فيه حصول نتائجه
وهي الترقي في الأحوال والمقامات , حتى تبلغ النهايات

والمقامات : هي التوبة والتقوى والاستقامة , والزهد والورع
والخوف والرجاء , والرضا والتسليم , والإخلاص والصدق
والطمأنينة والمراقبة , والمشاهدة والمعرفة
وكل مقام له علم , وعمل وحال
فأوله علم , وثانية عمل , وثالثة حال ثم مقام
فإذا بلغ إلى مقام المعرفة وتمكن فيها انقطعت المقامات .

قال بعضهم : في بحر التوحيد غاصت الأحوال
وانطمست المقامات .

{ وإن إلى ربك المنتهى }
فحينئذ يغمس في بحر الإحسان .

فإذا عبر من بساط إحسان الله له لم يصمت إذا أساء .

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: الحكم العطائية لسيدى ابن عطاء الله السكندرى
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء نوفمبر 30, 2011 6:14 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 19559
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا
معنا اليوم الحكمة الواحد والتسعون بعد المائة من الحكم العطائية
لسيدى ابن عطاء الله السكندرى وهى :

( من عبر من بساط إحسانه أصمتته الإساءة
ومن عبر من بساط إحسان الله إليه لم يصمت إذا أساء )

أهل التعبير وهم أهل التذكير الذين يذكرون عباد الله ويعبرون
عما منحهم الله به من العلوم والمواهب والفتوحات والكرامات
على قسمين : علماء وعارفون

أو تقول : أهل الحجاب وأهل الفتح
فأهل الحجاب يعبرون من بساط إحسان أنفسهم فيقولون
فعلنا كذا ورأينا كذا , وفتح علينا في كذا , وافعلوا أيها الناس
كذا واتركوا كذا , فإذا وقعوا في زلة أو هفوة سكتوا
حياء من الله , وخوفاً أن يأمروا بما لم يفعلوا , لأنهم باقون
مع نفوسهم محجوبون عن ربهم , فإذا فعلوا طاعة فرحوا بها
واعتمدوا عليها , وإذا فعلوا زلة حزنوا وجزعوا وسقط في
أيديهم , فلما عبروا من بساط إحسان نفوسهم أصمتتهم الإساءة

وأهل الفتح من العارفين يعبرون من بساط إحسان الحق غائبين
عن شهود الخلق , فانون عن أنفسهم باقون بربهم .

فهؤلاء إذا عبروا عما منحهم الله من المعارف والأسرار والعلوم
والأنوار والكرامات والفتوحات والمواهب وذكروا , فأمروا ونهوا
دام تعبيرهم ونفع تذكيرهم , فإذا أساءوا لم تصمتهم إساءتهم من
أنفسهم لأن إساءتهم من أنفسهم وتعبيرهم من بساط إحسان الله
إليهم , وإحسانه لا يكدره شيء , وقولنا : من أنفسهم أعني أدباً
فقط , إذ هم لا يشهدون إلا تصريف الحق فيهم , فلذلك لم تصمتهم
إساءتهم , لأنهم مغموسون في بحر المنة لا يشهدون في
الكون سواه .

وأيضاً من عبر من بساط نفسه نادته مساويه أسكت , أما تذكر
فعلك القبيح ووصفك الذميم ؟ فيسكت خجلاً
ومن عبر من بساط إحسان الله غابت عنه مساويه لغيبته في
محاسن مولاه , فلا يشهد إلا إياه .

فإذا أراد أن يعبر سبق نور معرفته إلى قلوب عباده , فيسري
فيهم التعبير ويأخذ بقلوبهم التذكير .

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: الحكم العطائية لسيدى ابن عطاء الله السكندرى
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس ديسمبر 15, 2011 12:01 am 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 19559

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا
معنا اليوم الحكمة الثانية والتسعون بعد المائة من الحكم العطائية
لسيدى ابن عطاء الله السكندرى وهى :


( تسبق أنوار الحكماء أقوالهم فحيثما صار التنوير وصل التعبير )

الحكماء هم العارفون بالله الذين يتكلمون بالله ويصمتون بالله
غائبون عن أنفسهم , يشهدون ما من الله إلى الله
فإذا أرادوا أن يعبروا عما منحهم مولاهم من العلوم والمعارف
سبق نور شهودهم إلى القلوب المستمعة , فتسري فيهم
على قدر صدقهم .

فمنهم من يدخل النور سويداء قلبه ومنهم من يقف النور على
ظاهر قلبه , ومنهم من يشرق النور على طرف قلبه .

فإذا عبر العارف عن المقامات والأحوال وصل التعبير على قدر
سريان النور, فمن وصل النور إلى سويداء قلبه نهض ساعته
إلى ربه , ومن وصل إلى ظاهر قلبه خشع وخضع وعزم على
البر والتقوى , ومن وصل إلى طرف قلبه عرف الحق وصدق

فحيثما صار التنوير وصل التعبير, وقولنا في تفسير الحكماء
هم العارفون مأخذنا فيه , وقوله عليه الصلاة والسلام :
" رأس الحكمة مخافة الله " اهـ .

وأعرف الناس بالله أشدهم له خسية , وفيهم قال الله تعالى :

{ إنما يخشى الله من عباده العلماء }

وسئل مالك عن الحكمة ؟ فقال :
ما زهد عبد واتقى إلا أنطقه الله بالحكمة , ثم قال :
من أراد أن يفتح الله عين قلبه فليكن عمله في السر أكثر من
عمله في العلانية , لأن عمل السر منبع الإخلاص والإخلاص
منبع الحكمة .

وسئل مرة أخرى عن الحكمة أيضاً فقال :
نور يقذفه الله في قلب العبد المؤمن من فسحة الملك اهـ

فأهل التنوير هم الحكماء وهم العارفون بالله
ولله در القائل في وصفهم حيث قال :

هينون لينون ايسار بنو يسر
سواس مكرمة أبناء أيسار

لا ينطقون بغير الحق إن نطقوا
ولا يمارون أن ماروا بإكثـــــــار

من تلق منهم تقل لا قيت سيدهم
مثل النجوم التي يسري بها الساري

وقولنا في وصفهم : يشهدون ما من الله إلى الله
يعني أنهم غائبون من أنفسهم لا يرون إلا تصريف الحق في
مظاهر أنواره .

قال الشيخ أبو العباس المرسي رضي الله عنه :
الناس على ثلاثة : عبد يشهد ما منه إلى الله
وعبد يشهد ما من الله إليه , وعبد يشهد ما من الله إلى الله:
الأول ذو حزن وأشجان , والثاني ذو فرح وامتنان
والثالث لم يشغله عن الله خوف نار ولا مثوى جنان
الأول ذو كد وتكليف , والثاني ذو عناية وتعريف
والثالث مشاهد للمولى اللطيف .

ثم قال : وقيل العمل مع شهود المنة خير من كثيره مع رؤية
التقصير من النفس اهـ مختصراً .

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: الحكم العطائية لسيدى ابن عطاء الله السكندرى
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس ديسمبر 29, 2011 12:29 am 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 19559
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا
معنا اليوم الحكمة الثالثة والتسعون بعد المائة من الحكم العطائية
لسيدى ابن عطاء الله السكندرى وهى :

( كل كلام يبرز وعليه كسوة القلب الذي منه برز )

علامة الكلام الذي يسبقه التنوير هو تأثير في القلوب وتهييجه
الأرواح وتشويقه الأسرار , فإذا سمعه الغافل تنبه , وإذا سمعه
العاصي انزجر , وإذا سمعه الطائع زاد نشاطه وعظم شوقه
وإذا سمعه السائر طوى عنه تعب سيره , وإذا سمعه الواصل
تمكن من حاله , فالكلام صفة المتكلم
فإذا كان المتكلم ذا تنوير وقع في قلوب السامعين
وإذا كان ذا تكدير حد كلامه آذان المستمعين, فكل كلام يبرز
وعليه كسوة القلب الذي منه برز,ولذلك قال سيدنا على كرم الله
وجهه :
من تكلم عرفناه من ساعته , ومن لم يتكلم عرفناه من يومه .

وقيل الناس حوانيت مغلقة , فإذا تكلموا فقد فتحوا , هناك
يتنين البيطار من العطار .

وقالوا أيضاً : الكلام إذا خرج من القلب وقع في القلب, وإذا
خرج من اللسان حده الآذان , وإنهاض الحال أكثر من المقال
وإذا اجتمع الحال والمقال فهو البحر الطام , والنجم الثاقب التام

وقال بعض العارفين : من كان قبله روحانياً كان كلامه معنوياً
ينزل من القلوب في أوسع ساحاتها , ومن كان قلبه نفيساً كان
كلامه حسياً يعني لا يتكلم إلا في الحس ولا يخوض إلا فيه , ومن
طمس إذن قلبه حجب الدنيا فلا يسمع ولا يسمع .

وقد يكون من الناس من هو عالم اللسان جاهل القلب , وعلامته
ترجيح حديث الدنيا على حديث الآخرة , أو حديث الحس على
حديث المعنى , ومن مثل هذا الحذر الحذر, لأن قلبه ميت فكلامه
كله على الميتة والميتة هي الجيفة .
قال صلى الله عليه وسلم : "الدينا جيفة وطلابها كلاب "
فمن تكلم على الدنيا فمثله كالكلب ولا خير في كلب ولو كان
عالماً قاله الشطبي .

ثم أن هذه الكسوة التي تبرز على الكلام إنما هي من نتائج الأذن
من الله فيه , وأما إذا لم يكن إذن فيه فلا كسوة عليه

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: الحكم العطائية لسيدى ابن عطاء الله السكندرى
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء يناير 11, 2012 10:27 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 19559
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا
معنا اليوم الحكمة الرابعة والتسعون بعد المائة من الحكم العطائية
لسيدى ابن عطاء الله السكندرى وهى :


( من أذن له في التعبير حسنت في مسامع الخلق عبارته
وجلبت إليهم إشارته )

الإذن في التعبير إنما يكون على يد الشيخ الكامل العارف
الذي أهله الله للتربية ونصبه للتوصيل والترقية , فإذا رأى
على تلميذه أهلية التذكير أذن له في التعبير
فإذا عبر أخذ بمجامع القلوب وفاض من لسانه أسرار علم الغيوب
فتحسن في مسامع الخلق عبارته , وتجلى إليهم إشارته
أي تظهر وتفهم , ولا عبرة عند المحققين بلحن الكلام وإعرابه
ولا خطأ في رفعه ونصه من صوابه
وإنما العبرة بالمعاني دون القوالب والأواني .

يحكى أن بعض النحويين دخل مجلس الحسن بن سمعون ليسمع
كلامه فوجده يلحن فانصرف ذماً له , فبلغ ذلك الحسن فكتب له :
إنك من كثرة الإعجاب رضيت بالوقوف دون الباب , فاعتمدت على
ضبط أقوالك مع لحن أفعالك , وإنك قد تهت بين خفض ورفع
ونصب وجزم فانقطعت عن المقصود , هل لا رفعت إلى الله جميع
الحاجات وخفضت كل المنكرات , وجزمت عن الشهوات ونصبت
بين عينيك الممات ؟ والله يا أخي ما يقال للعبد لم لم تكن معرباً
وإنما يقال له لم كنت مذنباً , ليس المراد فصاحة المقال
وإنما المراد فصاحة الفعال ولو كان الفضل في فصاحة اللسان
لكان سيدنا هارون أولى بالرسالة من سيدنا موسى حيث يقول :

{ وأخي هارون هو أفصح مني لساناً } اهـ

ومما يتسب للخليل رحمة الله أو لسيبويه :

لسام فصيح معرب في كلامه
فيا ليته من وقفة العرض يسلم

ولا خير في عبد إذا لم يكن تقي
وما ضر ذا لســــــــــان معجم

وقال آخر:
منحرف بالفعال وذو زلل
وإن تكلم في جداله وزنه

قال وقد كتبت لفظتـــــه
تيهاً وعجباً أخطأ ما لحنه

وإنما أخطأ من قام غدا
ولا يرى في كتابه حسنه

وكان شيخ شيخنا رضي الله عنه إذا ذكر من تقدم له في العربية
يقول له : أنت اترك شيئاً من عربيتك , وأنا أترك شيئاً من
جبليتي يعني من اللغة الجبلية ونلتفت للطريق .

والحاصل : أن من اجتمع فيه الحال وفصاحة المقال فهو كمال
الكمال وذلك لأنه ينتفع بكلامه بعد موته : كالغزالي والشترى
والشاذلي والمرسي والشيخ رضي الله عنهم , فقد عظم النفع
بكلامهم وأعظمهم المؤلف رضي الله عنه فقد حاز قصب السبق
في التعبير , ونسخت كتبه كتب القوم , وقد شهد له شيخه بهذا
المعنى فقال : والله لا يموت هذا الشاب حتى يكون داعياً يدعو
إلى الله , وقال له : والله ليكونن لك شأن عظيم , والله ليكونن لك
شأن عظيم .

وقال فيه أيضاً حين نسخ له كتاب التهذيب :
والله لأجعلنك عيناً من عيون الله يقتدى بك فى علم الظاهر والباطن .

وقال أيضاً : والله ما أرضى له بجلسة جده ولكن بزيادة التصوف
وكان جده فقيهاً شرح المدونة اسمه عبد الكريم
وكلام الشيخ رضى الله عنه يدل على مقامه , وما تخلص التصوف
ولا تهذب إلا على يديه , فقد قرب المدارك وبين المسالك في
أحسن عبارة وأوجز لفظ وإشارة , جزاه الله عن المسلمين خيرا .

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: الحكم العطائية لسيدى ابن عطاء الله السكندرى
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأحد يناير 22, 2012 10:23 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 19559

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا
معنا اليوم الحكمة الخامسة والتسعون بعد المائة من الحكم العطائية
لسيدى ابن عطاء الله السكندرى وهى :

( ربما برزت الحقائق مكسوفة الأنوار , إذا لم يؤذن لك فيها بإظهار)

قد يتكلم الإنسان بحكم وحقائق , مع فصاحة وبلاغة وشقاشق
لكنها مسكوفة الأنوار مطموسة الأسرار, ليس فيها حلاوة
ولا عليها طلاوة , سبب ذلك عدم الأذن فيها إذ لو أذن له في
التعبير لظهر عليها كسوة التنوير .

قال في الطائف المنن : من أجل مواهب الله لأوليائه وجود العبارة
قال : وسمعت شيخنا أبا العباس يقول :
الولى يكون مشحوناً بالمعارف والعلوم والحقائق لديه مشهورة
حتى إذا أعطى العبارة كان ذلك كالأذن من الله في الكلام .

وقال وسمعت أبا العباس يقول :
كلام المأذون له يخرج وعليه كسوة وطلاوة , وكلام الذي لم يؤذن
له يخرج مكسوف الأنوار حتى إن ليتكلمان بالحقيقة الواحدة فتقبل
من أحدهما وترد على الآخر اهـ

وينبغي لأهل التعبير أن يخاطبوا الناس بقدر ما يفهمون
فليس التعبير لأهل البداية كأهل النهاية . وفي الحديث :

" خاطبوا الناس بقدر ما يفهمون "
نعم إن ضاق الوقت على التفريق جمع الكل وذكر في البداية
والوسط والنهاية , وكل واحد يأخذ نصيبه ويشرب من منهله :

{ قد علم كل أناس مشربهم }

وهذه كانت طريقة الجنيد رضي الله عنه , يلقى الحقائق على
رؤوس الأشهاد , فقيل له في ذلك ؟ فقال :
علمنا محفوظ أن يأخذ غير أهله أو ما هذا معناه .

ثم عبارتهم بعد الأذن لا تكون إلا لحكمة .

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: الحكم العطائية لسيدى ابن عطاء الله السكندرى
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء يناير 31, 2012 10:15 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 19559
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا
معنا اليوم الحكمة السادسة والتسعون بعد المائة من الحكم العطائية
لسيدى ابن عطاء الله السكندرى وهى :


( عبارتهم أما لفيضان وجد أو لقصد هداية مريد )

ما اشتملت عليه قلوب العارفين من المعارف , وأسرار التوحيد
وغوامض العلوم التي لا تطيقها جل الفهم هو سر من أسرار الله
وهم أمناء الله عليها , فلا يطلعون عليها إلا من رأوه أهلا لها
إلا من كان مغلوباً على حاله لا يقدر على إمساكها , وهو من لم
يتمكن من حاله فيها
فعبارتهم إذاً ما لفيضان وجد غلبة فلم يقدر على إمساكها
أو لأجل هداية مريد وإرشاده وترقيته إلى مقام استحق إطلاع عليه
وإلا فلا يظهرون من تلك الأسرار قليلاً ولا أقل من القليل
وقد تقدم قول بعضهم : قلوب الأحرار ... قبور الأسرار .

وقال آخر :

لا يكتم السر الإ كل ذي ثقة ... فالسر عند خيار الناس مكتوم

ثم بين حال الفريقين ومقام الرجلين فقال :

( الأول : حال السالكين )

وهم المستشرفون من السائرين , حققوا ولم يتمكنوا , فهم مملوكون
في يد الأحوال , إذا غلب عليهم الوجد فاضوا ولم يشعروا وإذا رجعوا
إلى أنفسهم ندموا واستغفروا .
ثم بين حال الثاني فقال :

( والثاني : حال أرباب المكنة والمتحققين )

وهم الراسخون المتمكنون , فلا يعبرون عن تلك الأسرار إلا لأجل
هداية المريدين , وتربية السالكين وترقية السائرين
وأما لغير هؤلاء فلا , فإن عبر عنها السالك لا عن غلبة وجد كان
في ذلك نوع من الدعوى , وإن عبر عنها المتمكن من غير قصد
هداية كان في ذلك افشاء لأسرار الربوبية , وهي عندهم أعز من
الكبريت الأحمر , وقد كان الرجل يخدمهم سنين فلا يظهرون له
منها قليلاً ولا كثيراً , حتى إذا رأوا أعطى نفسه وفلسه وبذل
روحه بالكلية أشاروا إليه إشارة خفية .

فقد ذكر شيخ شيوخنا سيدي على في كتابه أن طائفة من المريدين
خدموا شيخاً ثلاثين سنة , ثم قالوا له :
يا سيدنا أردنا أن تعرفنا بربنا فقال لهم :
نعم غدا ائتوني لداري فلما أتوه أخرج لهم صبياً صغيراً فوجهه
إليهم ثم دخل , فانظر هذه الإشارة ما ألطفها وأخفاها , ثم منّ
الله على أهل هذا الزمان برجال كرام من صحبهم بالصدق منحوه
من الأسرار في يسير من الزمان ما لم يدركه المتقدمون في
الأزمنة الطويلة , جزاهم الله عن الأمة المحمدية خيراً .

وقد تلكم الشيخ أبو الحسن على حال السالكين والواصلين بكلام
طويل ذكره في الطائف المنن , ونقله الشطيي فقال :

إن لله عباداً محق أفعالهم بأفعاله , وأوصافهم بأوصافه وذاتهم بذاته
وحملهم من أوصافه ما يعجز عن سماعه عامة الخلق , فهم مغرقون
في بحر الذات وتيار الصفات , فنوا عن أفعالهم , ثم فنوا عن صفاتهم
ثم فنوا عن ذاتهم وبقوا بذات الله تعالى , ولم يبق لهم منهم شئ
ومن كان في الله تلفه كان على الله خلفه , ومن صح فناؤه صح بقاؤه

ثم قال : واعلم أن الفناء يوجب الغيبة عما سوى الله قلت :
وهو مقام السالكين , والبقاء يوجب إيجاد كل شيء مع الله
يعني بالله , فصاحب الفناء يقوم الله عنه , وصاحب البقاء
يقوم بالله عن الله , وهما ولايتان
فولى يتولى الله ورسوله والذين آمنوا
وولى يتولاه الله وهو يتولى الصالحين .

قال الشيخ أبو الحسن : وعلامة الولاية الرضا بالقضاء والصبر
على البلاء والفرار إلى الله عند الشدائد , والرجوع إليه عند النوائب
فمن أعطى هذه الأربعة من خزائن الأعمال والمجاهدة فقد صحت
ولايته لله ورسوله وللمؤمنين , ومن أعطيها من خزائن المنن
والمواددة فقد تمت ولاية الله له , فالولاية الأولى ولاية صغرى
والولاية الثانية ولاية كبرى , قيل له كيف يتولى الله ورسوله
والذين آمنوا قال : يتولى الله بالمجاهد , لقوله تعالى :

{ والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا }
ويتولى الرسول بالمتابعة :
{ قل أن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله }
{ من يطع الرسول فقد أطاع الله } .

ويتولى المؤمنين بالاقتداء بهم , وهي علامات من خاض بحر
الولاية , وأما الذين تولاهم الله : فهم الذين صلحوا لحضرته
وغابوا عن خليقته , فلا يرون في الوجود إلا الله:
الأولي تسمى ولاية إيمان , وهذه ولاية إيقان , فقيل له :
وما الفرق بين الإيمان والإيقان ؟ قال : كل يقين إيمان , وليس كل
إيمان إيقاناً , فالإيمان ربما تدخله الغفلة , والإيقان لا تدخله الغفلة
المؤمن يتجلى له الحق دون كل شئ , والمؤمن يتجلى له الحق
في كل شيء , المؤمن فإن عن كل شيء فلم يشهد مع الله شيئاً
والموقن باق في كل شئ , فهو يشهد الله في كل شئ اهـ

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: الحكم العطائية لسيدى ابن عطاء الله السكندرى
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين فبراير 06, 2012 1:19 am 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 19559
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا
معنا اليوم الحكمة السابعة والتسعون بعد المائة من الحكم العطائية
لسيدى ابن عطاء الله السكندرى وهى :


( العبارة قوت لعائلة قلوب المستمعين , وليس لك منها
إلا ما أنت له آكل )

العائل هو الفقير والعائلة جمع له فعبارة العارفين قوت لقلوب الفقراء
الطالبين لزيادة إيقان قلوبهم ومشاهدة محبوبهم
فلا يزالون في حضانة الشيوخ وعيالهم حتى يكمل إيقانهم وترشد
أحوالهم , فحينئذ يستقلون بأنفسهم
وعلامة رشدهم أنهم يأخذون النصيب من كل شيء , ولا ينقص
من حالهم شئ , يفهمون عن الله في كل شيء , ويعرفون في كل
شئ , ويشربون من كل شئ , فإذا كانوا كذلك فقد استقلوا
بأنفسهم , وتأهلوا لارشاد غيرهم .

قال بعض الحكماء : من لم يفهم صرير الباب , ولا طنين الذباب
ولا نبيح الكلاب , فليس من ذوي الألباب .
وأما من لم يبلغ هذا المقام فلا بد أن يلزم العش في حضانة من
يرزقه ويطعمه , فإذا طار من العش قبل تربية الجناح اصطادته
الكلاب والبيزان , ولعبت به النساء والصبيان
فإذا كان في عش الشيخ وكان يطعمه مع غيره فليس له من القوت
إلا ما يقدر أن يأكله وإلا قتله , فليس طعام الصبي الصغير كطعام
الرجل الكبير , وكذلك عبارة الشيوخ للمريدين كل واحد يأخذ
ما يليق بحاله , فالشيوخ يذكرون في الجملة , فيذكرون أحوال
البدايات والنهايات والوسط وكل واحد يأخذ ما يليق به :

{ قد علم كل أناس مشربهم }

فلا يتعلق المبتدى بمذاكرة المنتهي فيفسد , كما إذا كل الطفل
الصغير طعام الكبير يقف في حلقه , وإذا أكل الكبير طعام الصغير
لا يشبعه , هذا معنى قول الشيخ : وليس لك منها إلا ما أنت له
آكل : أي ليس لك من قوت العبارة إلا ما أنت قادر على آكل
وإلا غصصت به والله تعالى أعلم .

وقد سألني بعض الإخوان عن قوت الروحانية والبشرية .
فقلت : قوت البشرية معلوم , وقوت الروحانية على وزان قوت
البشرية , فالصبي لا يطيق الطعام الخشن حتى يكبر, كذلك
الروح تربى شيئاً فشيئاً , فتطعم أولا ذكر اللسان فقط , ثم ذكر
القلب مع اللسان , ثم ذكر القلب فقط , ثم ذكر الروح وهو الفكرة
ثم ذكر السر وهو النظرة , ثم تأكل كل شيء وتشرب من كل شيء
حتى تسرط الكون بأسره ( أى ابتلعه وسار سيراً سهلاً )
فلو أعطيتها الفكرة أو النظرة الذي هو طعام الرجال أول مرة وهي
في مقام الأطفال للفظته وطرحته , فإذا بلغت الروح أن تأكل كل
شيء وتشرب من كل شيء , فقد صح لها أن تطير في الملكوت
الأعلى وتذهب حيث تشاء .

وقد يختلف الشرب لجماعة من آنية واحدة لاختلاف مقامهم
كقضية الرجال الذين سمعوا قائلاً يقول : يا سعتر برى , وذلك
أن رجلاً في الصفا بمكة صاح يا سعتر برى لرجل آخر كان اسمه
ذلك فسمعه الثلاثة , فكل واحد تعلق بذهنه ما يليق بحاله
فسمع أحدهم الساعة ترى برى , وسمع الآخر: اسع تري برى
وسمع الثالث : ما أوسع بري فالأول كان مستشرفاً
والثاني مبتدياً , والثالث كان واصلاً
وكذلك قضية ابن الجوزى كان يقرأ ببغداد اثني عشر علماً فخرج
يوماً لبعض شؤنه , فسمع قائلاً يقول :

إذا العشورن من شعبان ولت ... فواصل شرب ليلك بالنهار
ولا تشرب بأقداح صغار ... فقد ضاق الزمان على الصغار

فخرج هائماً على وجهه إلى مكة , فلم يزل يعبد الله بها حتى
مات رحمه الله , ففهم من الشاعر انصراف العمر وضيق زمان
الدنيا كله .

قال في لطائف المنن : واعلم أن هذه المفهومات المعنوية الخارجة
عن الفهم الظاهر ليست بإحالة اللفظ عن مفهومه , بل هو فهم زائد
على الفهم العام يهبه الله لهذه الطائفة من أرباب القلوب , وهو من
باطن الحكم المندرج في ظاهره اندراج النبات في الحبة , وذلك أن
المدد النوراني والفتح الرباني يتصل بعضه ببعض إلى الطرف الظاهر
حيث انتهت القوة انتهى الإدراك , فربما فهموا ما يوافق ظاهر المعنى
الباطنية , وربما خالفه من جهة ما , وربما كان الفهم بعكس ظاهره .

وقد كان الشيخ مكين الدين بن الأسمر رضي الله عنه ممن يشهد له
الشيخ أبو الحسن رضي الله عنه بالولاية الكبرى والمكاشفة العظمى
فانشد إنسان في مجلسه :

لو كان لي مسعد بالراح يسعدني ... لما انتظرت لشرب الراح إفطاراً
الراح شيء شريف أنت شاربه ... فاشرب ولو حمّلتك الراح أوزارا
يا من يلوم على صهباء صافية ... خذ الجنان ودعني أسكن النارا

فقال بعض فقهاء الظاهر : لا يجوز قراءة هذه الأبيات , فقال الشيخ
مكين الدين : قل دعه فإنه رجل محجوب , يعني أنه لا يفهم
إلا الشراب الحسى دون المعنوي وهو جمود , والله تعالى أعلم .

ثم إن العبارة لا تدل على حال المعبر , فقد يكون فوق ما يقول
وقد يكون دونما يقول .

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: الحكم العطائية لسيدى ابن عطاء الله السكندرى
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء فبراير 14, 2012 4:32 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 19559

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا
معنا اليوم الحكمة الثامنة والتسعون بعد المائة من الحكم العطائية
لسيدى ابن عطاء الله السكندرى وهى :

( ربما عبر عن المقام من استشرف عليه وربما عبر عنه من وصل
إليه وذلك ملتبس إلا على صاحب بصيرة )

العبارة لا تدل على نهاية المعبر ولا وصوله إلى ما عبر عنه
فقد يعبر عن المقام من لم يصل إليه , ولكن استشرف عليه
وقد يعبر عنه من وصل إليه , وربما عبر عن المقام وقدمه فوق
ما عبر عنه وذلك ملتبس , إذ لا يعرف المستشرف من الواصل
إلا ذو بصيرة نافذة , يعني من فتح عليه في المعرفة , فكل من فتح
عليه في معرفة الله ورفع عنه الحجاب عرف كلام الواصل من
المستشرف فليس من خالط البلد ووصفها ثم نعتها كمن استشرف
عليها ولم يدخلها ثم جعل ينعتها .

قال بعضهم : وقد يعرف المستشرف بطول التعبير والواصل باختصاره
فالمستشرف يطول العبارة ويكررها , والواصل من أول مرة يدركها
وقد قالوا : العارف بالضرب لا يكثر الهنى , والعارف بالمفاصل
لا يكثر الحنى .
وهذه القاعدة ليست كلية , إذ كثير من العارفين الواصلين تطول
عبارتهم لمعرفتهم بمفاصل الخطاب , ومن المستشرف من
تقصير عبارتهم .

قال المؤلف رضي الله عنه : الاستشراف والوصول ليس إلا مراتب
التوجه للتحقق بالعجز , فمن وصل لمعرفة العجز عن الوصول
فهو الواصل لكن العجز لا يكون إلا بعد الاتصاف به حقيقة لا مجازا
وذلك أن الجاهل عجزه حالي قهري , والعارف عجزه جلالى رحماني .

المراد بالعجز في حقه الحيرة والدهش أولا , ثم العجز عن الإحالة
والكنة ثانياً , ثم قال : يشهد لذلك أن الجاهل متى تحرك وقع في
الحظوظ , والعارف لا يتحرك إلا بالحقوق , والجاهل نصيبه الوهم
والعارف نصيبه الفهم , الجاهل طالب للعلم , والعارف طالب للمعلوم
الجاهل تابع بنظره للصور الحسية , والعارف غائص ببصيرته مع الأرواح
المعنوية , وجميع المراتب والمقامات مراحل بين الحس
والمعنى , وانتقال من الهياكل الجسمية للعوالم القلبية , ثم من
العوالم القلبية إلى الحقائق الروحانية , ثم من الحقائق الروحانية
إلى الأسرار الربانية , ثم من الأسرار الربانية إلى المعارف
التوحيدية أهـ

ثم لا ينبغي للسالك أن يعبر عن هذه الأسرار إذا واجهته في
طريق السلوك

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: الحكم العطائية لسيدى ابن عطاء الله السكندرى
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين فبراير 20, 2012 10:30 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 19559
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا
معنا اليوم الحكمة التاسعة والتسعون بعد المائة من الحكم العطائية
لسيدى ابن عطاء الله السكندرى وهى :


( لا ينبغي للسالك أن يعبر عن وارداته , فإن ذلك مما يقلل
عملها في قلبه ويمنعه وجود الصدق فيها مع ربه )

المريد في حال سيره مأمور بالكتمان لعلمه وعمله وحال وارداته
فإفشاؤه لعمله من قلة إخلاصه , وإفشاؤه لأحواله من قلة صدقة
مع ربه , وأيضاً الأحوال تأتي من حضرة قهار فتنزعج القلوب
خوفاً وتقلقها شوقاً , فإذا أفشى ذلك كان تبريداً لها وإطفاء لنورها
كمن غلت قدرته فصب فيها الماء البارد فيطول عليه غليانها ثانياً
ولو قلل نارها وحركها لاستفاد إدامها
كذلك الواردات الإلهية تفجأ القلوب لتحركها إلى النهوض إلى مولاها
فإذا أفشاها وذكرها للناس قل عملها في قلبه ودل على عدم
صدقه فيها مع ربه .

ومن ذلك استعمال الأحوال التي تميت النفوس لا ينبغي إفشاؤها
فللنفس حظ في ذلك لأنها مجبولة على حب المدح والذكر الحسن
ولو من الإخوان , كثيراً ما ترى بعض الفقراء يذكرونها ويتبجحون
بها وهو غير صواب , نعم إن كان يقتدي به فيذكرها للإقتداء
ولإنهاض الفقراء فذلك حسن مع نية حسنة , وكثيراً ما تستعمل
هذه الأحوال في حال السؤال فلذلك ذكره بأثر .

أو تقول : لما كان التعبير عن الواردات الإلهية مما يوجب الإقبال
والتعظيم , فيؤدي ذلك إلى العطاء فيحتاج إلى آدب القبض .

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: الحكم العطائية لسيدى ابن عطاء الله السكندرى
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء فبراير 28, 2012 3:14 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 19559

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا
معنا اليوم الحكمة المائتان من الحكم العطائية لسيدى
ابن عطاء الله السكندرى وهى :

(لاتمدن يدك إلى الأخذ من الخلائق إلا أن ترى أن المعطي فيهم
مولاك , فإن كنت كذلك فخذ ما وافقك العلم )

مد اليد إلى الأخذ من الخلائق على قسمين : إما أن يكون من غير
سؤال أو بعد السؤال ولكل واحد منها أحكام .
أما الأخذ من غير سؤال فشرطه أمرأن : أحدهما علمي
والآخر صوفي
أما العلمي فلا يأخذ ممن كسبه حرام , ولا مخلط , ولا محجور عليه
كالصبي والمجنون والعبد .
وأما الصوفي فلا يقبض حتى يعرف ممن يقبض علما وحالا , فإن
اتسعت معرفته وتحقق فناؤه بحيث لم يبق له نظر للواسطة أصلاً
فربما يسلم له القبض مطلقاً , لأنه يقبض من الله ويدفع بالله
ولكن الكمال هو الجمع بين الحقيقة والشريعة , وقد كان كثير من
الصوفية الحقيقيين يقبضون جوائز السلطان ثم يدفعونها على أيديهم .

وأما القبض بعد السؤال فالكلام عليه من وجهين : الأول في جواز
السؤال ومنعه , والثاني فيما يقبضه بعد أخذه .
أما حكم السؤال فأصله الجواز , قال الله تعالى :
{ وأما السائل فلا تنهر }

فلو كان ممنوعا ما نهى الله عن نهره , ثم تعتريه الأقسام الخمسة :
يكون واجباً ومندوباً ومباحاً ومكروهاً وحراما .

فأما الواجب : فهو ما يكون لسد الرمق بحيث إذا ترك السؤال مات
فهذا واجب عليه, فلو تركه حتى مات , مات عاصياً فأوجبه الشارع
خوفاً على فوات حياة البشرية الحسية , وأوجبته الصوفية أيضاً على
من خاف فوات حياة الروحانية بحيث منعته الرياسة من حظ رأسه
وذبح نفسه , فقد نقل القسطلاني في شرح البخاري عن
ابن العربي المعافري أنه قال هو واجب على المريد في البداية .

فتحصل أنه واجب حيث يخاف فوات حياة البشرية أو الروحانية
وإليه أشار ابن البناء بقوله :

وما على السائل من تأويل ... لأجل قهر النفس والتذليل
فمن أولى الأذواق والأحوال ... من كان راض النفس بالسؤال
قالوا ولا خير إذاً في العبد ... ما لم يكن قد ذاق طعم الرد

وبالجملة فهو لرياضة النفس واجب أو مندوب .

وكان إبراهيم الخواص تعرض عليه الألوف فلا يقبلها , وربما سأل
من يعرف من الناس الدرهم والدرهمين لا يزيد على ذلك .

وأما المندوب : فهو أن يسأل لغيره فهو من التعاون على البر
فيسأل الطعام ليطعمه من يستحى , أو يسأل اللباس أو غير ذلك
وقد سأل النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه حين قدموا عليه
عراة , ويدخل في المندوب ما كان لرياضة النفوس حيث لم يخف
عليه كما تقدم .

وأما المكروه : فهو أن يسأل لقوت البشرية مع القدرة على الاستغناء
عنه بسبب من الأسباب , وهذا ما لم ينقطع للعبادة ويتجرد إلى الذكر
وأما المنقطع إلى الله فلا بأس به وقد فعله كثير من العارفين المحققين .

فقد كان أبو جعفر الحداد وهو شيخ الجنيد يسأل بابا أو با بين أو
ثلاثاً بين العشاءين فكانت العامة تتعجب منه أولا ثم عرف بذلك فكان
لا يعيبه عليه العامة ولا الخاصة مع جلالة قدره وعلو معرفته بربه .

وكان الشيخ أبو سعيد الخراز إذا اشتدت به الفاقة يمد يده ويقول من
عنده شيء لله ؟

وكان إبراهيم بن أدهم معتكفاً بجامع البصرة ولا يفطر إلا م ثلاثة أيام
إلى ثلاثة أيام , يخرج بعد صلاة المغرب يطلب على الأبواب فطره .

وكان سفيان الثوري رضي الله عنه يسأل الطعام لله , فإن فتح بكثير
أخذ كفايته وترك الآخر , وأكثر الرجال على هذه الحال قطعوا الدنيا
الفانية لإيثارهم الآخرى الباقية , وكل ذلك لا يقدح بشريعة ولا حقيقة
ولا يطفئ نور المعرفة وقد أشار ابن البناء إلى هذين القسمين
أعنى المندوب والمكروه فقال :

وكرهوا سؤال لنفسه ... ثم أباحوا لأجل جنســـه
ولم يعدوه من السؤال ... لكن من العون على الأعمال
إذ كان خير الخلق في أترابه ... يسأل أحياناً إلى أصحابه

وأما المباح : فهو أن يسأل الحاجة غير الضرورية كسؤاله لقضاء دينه
أو ما يزيد على ستر عورته وسد رمقه , أو غير ذلك مما ليس بضرورة
لكنه حاجي : أي محتاج إليه .

وأما المحرم : فهو أن يسأل تكثراً أو زيادة على ما يكفيه .
وفي الحديث : " من له أربعون درهماً فالسؤال عليه حرام "
وفيه ورد الحديث : " أنه يبعث يوم القيامة وليس في وجهه
مزعة لحم "

ومن المحرم أيضاً ما فيه إلحاح وإضرار بالمسؤل .
قال تعالى : { لا يسئلون الناس الحافا }

وأما ما يفعله بعض أصحابنا من صورة الإلحاح بنا , فإنما قصدهم
بذلك قتل نفوسهم بما يسمعون من المسؤل في جانبهم , ولا يفعلونه
إلا مع من يعرف عندهم بالإنكار, فيستخرجون منه الجلال اختباراً
لأنفسهم وقد يقصدون بذلك تحقيق الإخلاص وستراً للحال
فيظهرون الرغبة وهم من أزهد الناس تحقيقاً للاكتفاء بعلم الله
وما كان ذلك إلا في حال قوتهم وجذبهم فالسكر غالب عليهم ,هذا
ما حققته منهم , وقد انقطع ذلك كله اليوم , فما بقي
إلا أهل الصفاء وأهل الوفاء .

وسبب دخول السؤال في هذه الطائفة أن شيخ شيوخنا سيدي
على الجمل العمراني رضي الله عنه كان له جاه ووزارة ورياسة في
فاس فلما دخل في يد الشيخ ورأى صدقه وجده قال له :
أري لك خمرة لم يقدر عليها أحد قبلك , ولولا ما رأيت فيك من
الصدق والجد ما دللتك عليها , قال : وما هي يا سيدي ؟
فقال السوق للسؤال هكذا سمعته من بعض الأخوان .

والذي رأيته في كتابه أنه قال له : يا ولدي أراك تطلب هذا العلم
ولا تنال منه ما تريد إلا بالذل , فدخل فيه وسكن إلى مماته
فلما ذاق سره ورأي ما فيه من الأسرار , وما يقطع به المريد
في سيره من المفاوز والقفاز سير أصحابه عليه ودلهم على
استعماله , فكان أصل مشرعيته قتل النفوس , لا قبض الفلوس
فمن استعمله لقتل النفوس ولج حضرة القدوس , إذ ما حجبنا
عنها إلاحياة النفوس ومن استعمله لقبض الفلوس نال الشقاء
والبؤس , وينبغي أن يكون في حال السؤال يده مشيرة إلى الخلق
وقلبه معلق بالحق , قال في المباحث :

وآدب الصوفي عند المسألة ... أن يدخل السوق إليه يسأله
لسانه يشير نحو الخلق ... وقلبــــــه معلق بالحق

ولشرح الحكمة بقية إن شاء الله تعالى

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: الحكم العطائية لسيدى ابن عطاء الله السكندرى
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء مارس 07, 2012 4:38 am 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 19559

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا
معنا اليوم الحكمة المائتان من الحكم العطائية لسيدى
ابن عطاء الله السكندرى وهى :

نكمل إن شاء الله شرح باقى الحكمة

وقد ذكر ابن ليون التجيبي السؤال , وبين أصله , وذكر مسألة
الزنبيل , وكيفيته أن يتوضأ الرجل ويصلي ركعتين , ويأخذ
الزنبيل يعني وعاء بيده اليمنى , ويخرج إلى السوق ومعه
رجل آخر يذكر الله ويذكر الناس , والناس يعطونه في ذلك
الزنبيل حتى يجمع ما تيسر من الطعام , ويصبه بين الفقراء
فيأكلون طعاماً حلالا بلا تكلف ولا كلفة هذا ما تيسر لنا في حكم
السؤال , والذي يظهر لنا فى تركه اليوم أحسن من استعماله
إذ زالت هيبته وصار حرفة من الحرف , فصارت نفس كثير من
الفقراء تبطش إليه , وما ذلك إلا لما فيه من الحظ عندها
والله تعالى أعلم .

وأما ما يأخذه من السؤال , فإن كان فقيراً إليه أخذه , وإن كان
غنياً عنه تصدق به خفية بالليل مثلا .

وكان شيخ شيخنا رضي الله عنه يقول : كان قصدنا من السؤال
قوت الأرواح , فلما خرج منه قوت الأشباح تبارك الله , يعني
فيأخذ من اضطر إليه وبالله التوفيق , وهذه الحكمة التي ذكرها
الشيخ هي من أعظم المهمات التي يحتاج إليها أهل التجريد
وليس مقصوده الكلام على السؤال , إنما مقصوده الدلالة على
تربية اليقين , وعدم التشوف إلى المخلوقين فلا يعلق قلبه
بالمخلوق فإن تشوف إليه فينبغي ألا يقبض ما يعطاه , ولا يمد
يده إلى الأخذ منه حتى يرى أن المعطي هو الله ويكون ذلك
ذوقاً وحالا .

وهذا الشرط إنما هو فيما يأخذه بغير سؤال , وأما في حال السؤال
فلا يشترط بل يكون علماً ومجاهدة حتى يصير حالا وذوقاً
وأما ما يأخذ بغير سؤال فلا بد من هذه المعرفة .

وقال شيخ شيخنا :لا تشترط هذه المعرفة بل يكفيه العلم فيها
وهو الأصح ما لم تتشوف نفسه إلى الخلق , فإن تشوفت نفسه
فلكيف عن القبض من الخلق , وليكتف بضمان الملك الحق
قال تعالى :
{ وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها }

قيل لبعضهم : كيف خرجت من الدنيا بعد أن كانت في يدك ؟
قال : نظرت منصفا في معنى قوله تعالى :
{ وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها }
فرأيت جميع الخلق من البعوضة إلى الفيل تكفل الله لهم بالرزق
ففوضت أمري إليه , واشتغلت بالعبادة .
وقال عيسى عليه السلام : لا تهتموا بالرزق , فإن الذرة على
صغرها تؤتى كل يوم برزقها الحديث .

وقال أيضاً عليه السلام : عجبت لمن يعمل للدنيا وهو يرزق فيها
بلا عمل ولا يعلم للآخرة وهو لا يرزق فيها إلا بالعمل .

وقال صلى الله عليه وسلم :
" من كان همه الآخرة جعل الله غناه في قلبه , وأتته الدنيا وهي
راغمة ومن كان همه الدنيا جعل الله فقره بين عينيه , ولم يأته
من الدنيا إلا ما قدر له , وأن الرزق ليطلب العبد كما يطلبه
العبد كما يطلبه "

وكان يحيي بن معاذ يقسم أنه لا تسكن الحكمة قلباً فيه ثلاث
خصال هم الرزق وحسد الخلق وحب الجاه .

وكان حبيب العجمي يخدم الحسن البصري فصنع حبيب طعاماً
لإفطارهما وإذا بسائل فأعطاه جميعه , فقال الحسن : يا حبيب
إنك كثير اليقين قليل العلم , فهلا أعطيته النصف ونتقوت بالنصف ؟
فقال يا سيدي ثوابه لك وأنا أستغفر الله , فلما جن الليل وإذا
بقارع على الباب فخرج حبيب فوجد عبدا معه طعام كثير والشتاء
ينزل والغلام يبكي , فقال له : ما هذا , قال طعام , قال لي سيدي
إن قبله منك الحسن البصري فأنت حر لوجه الله وقد طال علي الرق
فقال حبيب لا إله إلا الله عتق رقبة وإطعام جائع ثم دخل به على
الحسن وقال : يا سيدي إنك كثير العلم قليل اليقين
فقال : يا حبيب تقدمناك وسبقتنا اهـ

ولشيخ شيخنا مثل هذه الحكاية ذكرها لي بعض أصحابه
ثم سألته عنها فقال :هي صحيحة , وذلك أن أهله صنعوا طعاما
جيداً , فلما وضعوه بين أيديهم وإذا بسائل يسأل , فأخرجه له
الشيخ كله وبقى أولاده بغير عشاء , فلما كان بعد صلاة العشاء
وإذا برجل يدق الباب , فخرج الشيخ فوجد رجلاً معه مائدة فيها
ألوان من الطعام , فأدخلها لعياله رضى الله عنه .

وقال بعض الأغنياء : كنت نائماً وإذا بإنسان قد وقف علىّ في عالم
النوم وزجرني وقال لي : أجب الملهوف , فانتبهت وأنا مذعور
ولم أدر ما أصنع , فأوقع الله في قلبي ان أخذت صرة فيها مائة دينار
وركبت دابة وأطلقت زمامها فخرجت بي من العمران إلى مسجد خرب
ووقفت فنزلت ودخلت المسجد فوجدت مسكيناً وهو يتضرع إلى الله
ويسأله من فضله فسألته عن حاله ؟ فقال أنا صاحب عيال ولي
بنيات منذ ثلاث ما طعموا فأنا اسئل الله من فضله , فدفعت له المائة
وقلت له : إذا نفدت فاسأل عني فأنا فلان وائتني , فقال : لا والله
ما اسأل غير الله , ثم انصرفت وأنا متعجب من ثقته بالله تعالى .

فهذه حكاية جنود من جنود الله تعالى تقوى اليقين وتوجب الثقة
برب العالمين فيستحي العبد من الله أن يرفع حاجتة إليه , فأولى
ألا يرفعها إلى غيره .

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: الحكم العطائية لسيدى ابن عطاء الله السكندرى
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء مارس 14, 2012 8:20 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 19559
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا
معنا اليوم الحكمة المائتان وواحد من الحكم العطائية لسيدى
ابن عطاء الله السكندرى وهى :


( ربما استحي العارف أن يرفع حاجته إلى مولاه اكتفاه بمشيئته
فكيف لا يستحيي أن يرفعها إلى خليفته )

العارف هو الذي بلغ من التقرب والقرب حي امتحق عن نفسه
بالكلية , وزالت عنه الأينية والغيرية , بحيث لم يبق له عن نفسه
إخبار, ولا مع غير مولاه قرار , فإذا أراد أن يسأل عبودية استحيا
من مولاه أن يثبت معه سواه , اكتفاء بمشيئته وتحقيقاً لأحديته
فإذا كان يستحي من مولاه أن يرفع حوائجه إليه فكيف لا يستحي
منه أن يرفعها إلى غيره , فلا جرم أن الحق سبحانه يعطيه أفضل
ما يعطي السائلين , ويبوؤه في مقعد صدق مع النبيين والصديقين
وقد تقدم الحديث :

" من شغله ذكري " الخ .

وقال سهل بن عبد الله : ما من وقت إلا والله تعالى مطلع فيه على
قلوب عباده , فأي قلب رأى فيه حاجة إلى سواه سلط عليه
الشيطان وحجبه عنه اهـ .

وقيل للواسطي لم لا يسئل الله شيئاً ؟ فقال : أخشى أن يقال
لي إن سألنا الذي لك عندنا فقد أتهمتنا , وإن سألتنا ما ليس لك
عندنا فقد أسأت الأدب معنا , وإن سلمت الأمر لنا ونظرت بنظرنا
أجرينا لك الأمور على مقتضى الموافقة اهـ .

وحاصلها : الكلام علي الكرامات وما ينشأ عنهامن العبارات ,لأن
الكرامات الحقيقية هى الإستقامة على العبودية , ومشاهدة أنوار
الربوبية , فإذا تحقق ذلك في الولى فاض بالحكم وأذن له في
التعبير فحينئذ ربما يقبل عليه الخلق بالعطاء , فإذا عرف فيهم
مولاه حل له الأخذ من أيديهم وإلا فلا .

وأما السؤال منهم لقوت البشرية , فلا يتصور من العارفين
استحياء من الله واكتفاء بعلمه ومشيئته , هذا مقام الواصلين
وأما السائرون فهم عاملون على مجاهدة نفوسهم , فإن ثقل
عليها السؤال قدموها إليه , وأن ثقل عليها الفاقة والصبر
والاكتفاء بالمشيئة والعلم قدموه .

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: الحكم العطائية لسيدى ابن عطاء الله السكندرى
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء مارس 20, 2012 9:04 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 19559
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا
معنا اليوم الحكمة المائتان وإثنان من الحكم العطائية لسيدى
ابن عطاء الله السكندرى وهى :

( إذا التبس عليك أمران فانظر أثقلهما على النفس فاتبعه
فإنه لا يثقل عليها إلا ما كان حقاً )

هذا ميزان صحيح في حق السائرين المشتغلين بالجهاد الأكبر
قال تعالى : { وجاهدوا في الله حق جهاده }

وقال { والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا }

فكل ما يثقل على نفس المريد وتنفر منه فهو حق , فالواجب على
المريد اتباعه , وكل ما يخف عليها فهو باطل وفيه حظها
فالواجب عليه اجتنابه وهذا الأمر يختلف اختلافاً كثيراً
فرب نفس يثقل عليها غير ما يثقل على الأخرى , فبعضها يثقل
عليها الصمت وبعضها يثقل عليها الكلام , كما إذا تربى في الصمت
وبعضها يثقل عليها العزلة , وبعضها يثقل عليها الخلطة , وبعضها
يثقل عليها الصيام , وبعضها الفطر, ويعضها يثقل عليها السؤال
وتموت منه في ساعة واحدة , وبعضها يخف عليها كما إذا تعودته
قبل الأمر به , وقس على ذلك .

فليكن العبد على نفسه بصيرة , ويصير معها على عكس مرادها
هكذا يستمر معها يخالفها فيما تأمره ويتهمها فيما تستحسنه
فإذا تزكت وتطهرت من الحس ولم يبق فيها بقية فحينئذ يجب
عليه موافقتها , إذ لا يتجلى فيها حينئذ إلا الحق , فقد جاء الحق
وزهق الباطل , فيصير أمر العارف معكوساً مع السائر, فالسائر
يضره التدبير والاختيار والعارف ينفعه , والسائر تضره الخلطة
والعارف تنفعه , السائر يضره الكلام , والعارف ينفعه , السائر
تضره الدنيا ويهرب منها , والعارف غائب عنها لا تضره
وربما تنفعه .

والحاصل : أن الواصل معكوس مع السائر في أموره كلها .
وبالله التوفيق

ويجب على من أراد جهاد نفسه أن يلقيها إلى شيخ التربية إذ قد
يلتبس عليه أمرها وعلى فرض علمه بما يثقل عليها لا قدرة له
على مجاهدتها إلا بهمة الشيخ , هذه سنة الله في عباده , فإن
النفس لا تريد أن تخرج عن رأيها ومرادها أبدا , فالواجب
إسلامها إلى من يعينه عليها , وانظر التكاليف الشرعية تجدها
مخالفة لهوى النفس , ومن لا يلقى قيادة للشرع فهو كافر
وما كفر من كفر إلا بتتبع الأهواء , والله تعالى أعلم .

وهاهنا ميزان آخر تعرف به العمل الذي فيه حظ النفس وهواها
وما لاحظ لها فيه هو أن تعرض عليها الموت وأنت في ذلك العمل
فإن رضيت بالموت وهي في ذلك العمل فالعمل صحيح , وإن لم
ترض بالموت وهي في ذلك العمل فالعمل باطل , فكل عمل
لا يهزمه الموت فهو صحيح : وكل عمل يهزمه الموت فهو باطن
يعني فيه الهوى والحظ , وكذلك الإنسان يزن نفسه بهذا الميزان
ليعرف هل رحل من هذا العالم أو هو باق , فيعرض الموت على
نفسه في حال عافية وجمال , فإذا قبلت الموت ولم تفز منه فليعلم
أنه رحل من هذا العالم , وإن لم تقبل نفسه الموت وطلبت البقاء
ففيه بقية بقدر ما تفر منها , وبالله التوفيق .

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: الحكم العطائية لسيدى ابن عطاء الله السكندرى
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء إبريل 04, 2012 1:50 am 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 19559

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا
معنا اليوم الحكمة المائتان وثلاث من الحكم العطائية لسيدى
ابن عطاء الله السكندرى وهى
:
( من علامة اتباع الهوى المسارعة إلى نوافل الخيرات
والتكاسل عن القيام بالواجبات )

هذا ميزان آخر, وإن شئت قلت هو داخل في الميزان الأول
إذ من شأن النفس أن يثقل عليها الواجب لمشاركة الناس لها فيه
إذ جل الناس يفعلونه , فلا يظهر لها فيه مزية على غيرها , وهي
أبدا تحب الخصوصية , بخلاف النوافل فإنها تبطش إليها وتحب
أن تنفرد بها , إما لطلب المدح والثناء , وأما لطلب الأجور من
القصور والحور , وهذا كله عند المحققين من الحظوظ الجلية أو
الخفية , فالمسارعة إلى نوافل الخيرات , وفضائل الطابعات مع
التكاسل عن الفروض الواجبات من علامة الهوى, فيجب على
الإنسان أن يقدم الفرض الواجب , ولا يقدم عليه إلا ما هو من
كماله :
كالنوافل قبله وبعده إعانة على الحضور فيه , فإن حصل الحضور
استغنى عن الوسيلة , والنافلة الكبرى عندنا :
هو الاستغراق في مشاهدة مولاه بين فكرة ونظرة أو ما يوصل إلى
هذا المقام من مذاكرة أو ذكر , ومن رفض الدنيا بحذافيرها وغاب
عن نفسه وجنسه , فقد جمع الفرائض والنوافل كلها ولو بات نائماً
وظل مفطراً .

وفي بعض أخبار سيدنا داوود عليه السلام قال :
يا رب أين أجدك ؟ فقال له : اترك نفسك وتعالى :
أي غب عنها تجدني أقرب إليك منها .

وقال الشيخ أبو الحسن رضي الله عنه : عليك بورد واحد وهو
إسقاط الهوى ومحبة المولى , وبالله التوفيق .

ولما كان من شأن النفس الأمارة التكاسل عن الطابعات قيدها
الحق تعالى بأعيان الأوقات .

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 540 مشاركة ]  الانتقال إلى صفحة السابق  1 ... 13, 14, 15, 16, 17, 18, 19 ... 36  التالي

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 18 زائر/زوار


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
© 2011 www.msobieh.com

جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في المنتديات تعبر عن رأي أصحابها فقط