موقع د. محمود صبيح

منتدى موقع د. محمود صبيح

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 540 مشاركة ]  الانتقال إلى صفحة السابق  1 ... 14, 15, 16, 17, 18, 19, 20 ... 36  التالي
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة: Re: الحكم العطائية لسيدى ابن عطاء الله السكندرى
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس إبريل 19, 2012 4:49 am 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 19559
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا
معنا اليوم الحكمة المائتان وأربع من الحكم العطائية لسيدى
ابن عطاء الله السكندرى وهى :

( قيد الطابعات بأعيان الأوقات , لئلا يمنعك عنها وجود
التسويف , ووسع عليك الوقت ليبقى لك حصة الاختيار )

من شأن النفس تسويف العمل وتطويل الأمل : فلو تركت مع
اختيارها ما توجهت قط إلى ربها . ولما علم الحق سبحانه أن
من عباده من لا تنهضه المحبة ولا يسوقه إليه مجرد الرغبة
وإنما تسوقه إليه سلاسل الامتحان بتخويف النيران , أو شبكة
الطمع بنعيم الجنان , أوعد من حاد عن طاعته بالعذاب الأليم
ووعد من أطاعه وتقرب إليه بالنعيم المقيم , ثم فرض عليهم
ما تظهر فيه طاعته من الأحكام والفرائض , وعين لها أوقاتاً
مخصوصة , إذ لو ترك ذلك لاختيار عباده ما أقبل عليه بها
إلا القليل من أهل محبته ووداده , ومن رحمته تعالى أن وسع
عليهم في تلك الأوقات , فبقي لهم في ذلك ضرب من الاختيار .

فوسع الظهر مثلا إلى العصر , والعصر إلى الاصفرار , والمغرب
إلى العشاء , والعشاء إلى نصف الليل , والصبح إلى قرب الطلوع
فقد قيد لك أيها العبد الطاعات التي أوجبها عليك بأعيان الأوقات
لئلا يمنعك التسويف من فعلها فيؤدي ذلك بك إلى تركها , ووسع
عليك الوقت ليبقى لك حصة : أي ضرباً ونصيباً من الاختيار .
إذ لو ضيق عليك الوقت لكان ذلك في غاية الحرج والاضطرار
فالحمد لله على منته وسعة رحمته .

وقد قيل إن الله سبحانه يقول لعبده : ألم أخرجك من العدم إلى
الوجود , وأمدك بأمداد الفضل والجود , جعلت لك نوراً في بصرك
لتدرك به أدلة قدرتي وعظيم آياتي , وجعلت لك نورا في بصيرتك
لتفهم به خطابي , وتتقي بالطاعة عقابي , وترجو ثوابي فوعدتك
الثواب على الطاعة , وأوعدتك العقاب على المخالفة , ثم كلفتك
من العمل ما تطيق , ووسعت عليك في الأوقات كل ضيق
فلو أنك قضيت ما أوجبت عليك في أول عمرك في آخره لقبلته
منك , فمن ذا الذي منعك من الامتثال , ولم يكن بك عذر
غير الغواية والضلال ؟ اهـ .

وقد قيل في المثل : من طلب جاب , ومن هاب خاب, وانظر
قرن الله الهداية بالمجاهدة , وأوجب سبحانه على نفسه ما لم
يجب عليه : فقال سبحانه وهو أصدق القائلين :

{ والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين } .

وأنشدوا في هذا المعنى :

لو صح منك الهوى أرشدت للجبل
والصدق سيف ينيل غاية الأمل

فكن أخا همة تسمو بصاحبها
ولا تكن بالتواني محبط العمل

وكان الربيع بن خيثم يردد هذه الآية ويبكي وهى قوله تعالى :

{ أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا
وعملوا الصالحات } الآية

وكان يصيح : ليت شعري من أي الفريقين أنت يا نفسي ؟
وهذه الآية تسمى مبكية العابدين .

وقال سهل رضي الله عنه في معنى هذه الآية :
ليس أهل الموافقة كأهل المخالفة , أهل الموافقة :
{ في مقعد صدق عند مليك مقتدر }
وأهل المخالفة في { عذاب السعير } اهـ .
نسأل الله العفو والعافية

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: الحكم العطائية لسيدى ابن عطاء الله السكندرى
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس إبريل 19, 2012 4:49 am 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 19559
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا
معنا اليوم الحكمة المائتان وأربع من الحكم العطائية لسيدى
ابن عطاء الله السكندرى وهى :

( قيد الطابعات بأعيان الأوقات , لئلا يمنعك عنها وجود
التسويف , ووسع عليك الوقت ليبقى لك حصة الاختيار )

من شأن النفس تسويف العمل وتطويل الأمل : فلو تركت مع
اختيارها ما توجهت قط إلى ربها . ولما علم الحق سبحانه أن
من عباده من لا تنهضه المحبة ولا يسوقه إليه مجرد الرغبة
وإنما تسوقه إليه سلاسل الامتحان بتخويف النيران , أو شبكة
الطمع بنعيم الجنان , أوعد من حاد عن طاعته بالعذاب الأليم
ووعد من أطاعه وتقرب إليه بالنعيم المقيم , ثم فرض عليهم
ما تظهر فيه طاعته من الأحكام والفرائض , وعين لها أوقاتاً
مخصوصة , إذ لو ترك ذلك لاختيار عباده ما أقبل عليه بها
إلا القليل من أهل محبته ووداده , ومن رحمته تعالى أن وسع
عليهم في تلك الأوقات , فبقي لهم في ذلك ضرب من الاختيار .

فوسع الظهر مثلا إلى العصر , والعصر إلى الاصفرار , والمغرب
إلى العشاء , والعشاء إلى نصف الليل , والصبح إلى قرب الطلوع
فقد قيد لك أيها العبد الطاعات التي أوجبها عليك بأعيان الأوقات
لئلا يمنعك التسويف من فعلها فيؤدي ذلك بك إلى تركها , ووسع
عليك الوقت ليبقى لك حصة : أي ضرباً ونصيباً من الاختيار .
إذ لو ضيق عليك الوقت لكان ذلك في غاية الحرج والاضطرار
فالحمد لله على منته وسعة رحمته .

وقد قيل إن الله سبحانه يقول لعبده : ألم أخرجك من العدم إلى
الوجود , وأمدك بأمداد الفضل والجود , جعلت لك نوراً في بصرك
لتدرك به أدلة قدرتي وعظيم آياتي , وجعلت لك نورا في بصيرتك
لتفهم به خطابي , وتتقي بالطاعة عقابي , وترجو ثوابي فوعدتك
الثواب على الطاعة , وأوعدتك العقاب على المخالفة , ثم كلفتك
من العمل ما تطيق , ووسعت عليك في الأوقات كل ضيق
فلو أنك قضيت ما أوجبت عليك في أول عمرك في آخره لقبلته
منك , فمن ذا الذي منعك من الامتثال , ولم يكن بك عذر
غير الغواية والضلال ؟ اهـ .

وقد قيل في المثل : من طلب جاب , ومن هاب خاب, وانظر
قرن الله الهداية بالمجاهدة , وأوجب سبحانه على نفسه ما لم
يجب عليه : فقال سبحانه وهو أصدق القائلين :

{ والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين } .

وأنشدوا في هذا المعنى :

لو صح منك الهوى أرشدت للجبل
والصدق سيف ينيل غاية الأمل

فكن أخا همة تسمو بصاحبها
ولا تكن بالتواني محبط العمل

وكان الربيع بن خيثم يردد هذه الآية ويبكي وهى قوله تعالى :

{ أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا
وعملوا الصالحات } الآية

وكان يصيح : ليت شعري من أي الفريقين أنت يا نفسي ؟
وهذه الآية تسمى مبكية العابدين .

وقال سهل رضي الله عنه في معنى هذه الآية :
ليس أهل الموافقة كأهل المخالفة , أهل الموافقة :
{ في مقعد صدق عند مليك مقتدر }
وأهل المخالفة في { عذاب السعير } اهـ .
نسأل الله العفو والعافية

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: الحكم العطائية لسيدى ابن عطاء الله السكندرى
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء مايو 02, 2012 11:09 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 19559

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا
معنا اليوم الحكمة المائتان وخمس من الحكم العطائية لسيدى
ابن عطاء الله السكندرى وهى :

( علم قلة نهوض العباد الى معاملته , فأوجب عليك وجود
طاعته فساقهم إليه بسلاسل الإيجاب , وما أوجب عليك
إلا دخول جنته )

هذه حكمة التشريع , لكنه ما ذكر إلا حكمة أهل .
وحاصلها : أن الحق سبحانه من حكمته لما علم من عباده
قلة النهوض الى معاملته لأنه قال :

{ وقليل من عبادى الشكور }قال أيضاً{ وقليل ما هم }

فلما علم ذلك أوجب عليهم طاعته وأوعدهم على تركها
بالعقوبة , فساقهم إليه بسلاسل الإيجاب , ثم ذكر الشيخ حديثاً
ورد في شأن الأساري إشارة إلى أن العبد لا اختيار له
فهو أسير في يد قدرة القدير , والحديث مشهور وهو قوله
عليه السلام :
" عجب ربك من قوم يساقون إلى الجنة بالسلاسل "

لأنه عليه السلام كان يدعو إلى الله وإلى دخول حضرته فمن
وافقه نجا , ومن خالفه جعل له السلسلة في عنقه وساقه إلى
حضرة ربه , ولفظ الحديث
" عجب الله من قوم يساقون إلى الجنة بالسلاسل "
قال بعض العلماء : يجوز أن يكون معنى التعجب المنسوب إلى
الله إظهار عجب هذا الأمر لخلقه , لأنه بديع الشأن
وهو أن الجنة التي أخبر الله بما فيها من النعيم المقيم , والخلود
في العيش الرغد الدائم , ومن حكم من سمع بها من ذوي العقل
أن يسارع إليها , ويبذل جهده فيها ويحتمل المكاره والمشقات
لينالها , وهؤلاء يفرون منها ويرغبون عنها حتى يقادوا إليها
بالسلاسل ,كما يقاد إلى المكاره العظيمة التي تنفر
منها الطباع اهـ

ثم أن الحق سبحانه غني عن الانتفاع بالمنافع , فما أمرك بهذا
ونهاك عن هذا إلا لما لك فيه من جلب المنافع ودفع المضار
أوجب عليك وجود طاعته , وما أوجب عليك إلا دخول جنته .
قال بعض الحكماء : واعلم أن في الطاعات تفاوتاً ودرجات
وفي المخالفة كبائر ودركات , قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم : " إن أهل الجنة ليتراءون الغرف من فوقهم
كما يرى أهل الأرض الكوكب الدري في أفق السماء , قيل
يا رسول الله تلك منازل الأنبياء ؟ قال والذي نفسي بيده
رجال آمنوا بالله وصدقوا المرسلين "

وقال آخر : الناس ثلاثة : عبد أطاع الله عبودية وشكراً وامتثالاً
وقياماً بحق الخدمة فزاده الوجوب شرفاً وعلو درجة , وعبد
أطاع الله تعظيماً للموجوب , فالوجوب في حقه تنبيه وإظهار
للحكمة , وعبد أطاع الله خوفاً من عذابه ورجاء في ثوابه ولولا
ذلك ما عبده , فالوجوب في حقه لطيف به وفي الكل خير
وشتان ما بينهما اهـ

والتحقيق إنما هما قسمان : قسم أطاع على التكليف , وهم
أهل التكثيف
وقسم أطاع على التعظيم وهم أهل التعليم والتعريف
أهل الحجاب أطاعوا خوفاً وطمعاً
وأهل العيان أطاعوا حباً وشكراً وهو مقام الأنبياء وخواص
الأولياء , قال عليه السلام :

" أفلا أكون عبداً شكوراً "
فالحكمة عند أهل الباطن في وجوب الخدمة إنما هي إظهار
لستر الربوبية التي هي مظاهر العبودية , فالربوبية بلا عبودية
نقص يلزم عليه إبطال حكمته , والعبودية بلا ربوبية محال
لا يتصور وجوده .
من لا وجود لذاته من ذاته ... فوجوده لولاه عين محال

ولأجل هذا المعنى كان العارفون إذا تحققوا هذا السر , وهو
أن العبودية لا وجود لها من ذاتها وإنما حكمة وجودها صور
سر الربوبية بإظهار أحكام العبودية , وعرفوا ذلك حالاً وذوقاً
كانت عبادتهم شكراً , وكانوا محمولين غير حاملين , عملهم
بالله لله , فعبادة هؤلاء كثيرة عظيمة في المعنى وإن كانت
قليلة في الحس ولا تقل أبداً , إذ تصرفاتهم كلها عبادة
نومهم عبادة , وأكلهم عبادة , ومشيهم عبادة
وفي مثل هؤلاء ورد الحديث :
" نوم العالم عبادة "

وقال أيضاً رجال يدخلون الجنة على الفرش الممهدة , قيل
من هم يا رسول الله قال الذاكرون الله كثيراً "
أو كما قال عليه الصلاة و السلام ذكره المنذري .
وقال أبو سليمان : قد يرد العارف على فراشه ما لا يدركه
في صلاته , ولا يستغرب العبد من نفسه بلوغ هذا المقام
فإن فضل الله لا ينال بسبب , وقدرة الله صالحة لدرك
كل مطلب

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: الحكم العطائية لسيدى ابن عطاء الله السكندرى
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء مايو 09, 2012 9:28 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 19559
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا
معنا اليوم الحكمة المائتان وستة من الحكم العطائية لسيدى
ابن عطاء الله السكندرى وهى :

( من استغرب أن ينقذه الله من شهوته , وأن يخرجه من
وجود غفلته , فقد استعجز القدرة الإلهية
وكان الله على كل شيء مقتدرا )

لا شك أن الحق تعالى لا يعجزه شيء , هو الغالب على أمره
وقلوب عباده بيده , يصرفها كيف شاء , ويقبلها حيث شاء
فمن كان منهمكاً في الغفلة , مستغرقاً في بحار الشهوة
فلا يستغرب أن ينقذه الله من غفلته , وأن يخرجه من وجود
شهوته : فإن ذلك قدح في إيمانه , وكيف يستغرب ذلك
وربنا تعالى يقول :

{ وكان الله على كل شيء مقتدرا }وأنت من ذلك الشيء
وقال تعالى في حق العصاة :

{ يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله
إن الله يغفر الذنوب جيمعاً }

وقال تعالى : { فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله
يتوب عليه } إلى غير ذلك من الآيات .

وقال عليه السلام : " لو أذنبتم حتى تبلغ خطاياكم عنان
السماء ثم تبتم لتاب الله عليكم " .

وليتذكر من تقدم قبله من أهل الغفلة والعصيان , ثم صار من
أهل المشاهدة والعيان كانوا لصوصاً فصاروا خصوصاً
كإبراهيم بن أدهم والفضيل بن عياض وأبي يعزى وكثير ممن
يتعذر حصره . وقد ذكر القشيري في أول رسالته منهم رجالاً
قدمهم أولا تقوية لرجاء المذنبين .

وليذكر الرجل الذي قتل تسعاً وتسعين نفساً , ثم سأل راهباً
عن التوبة , فقال له لا توبة لك فكمل به المائة , ثم سأل عالماً
فدله على التوبة وأمره بالذهاب إلى قرية فيها قوم يعبدون الله
فقصدهم فمات بالطريق , فأخذته ملائكة الرحمة , والحديث في
البخاري مطولا .
وكذلك الرجل الذي كان لصاً فسأل عابداً هل له من توبة ؟
فاستهزأ به وأخذ عرجونا يابساً وقال له : خذ هذا العرجون
فإذا أخضر فقد صحت توبتك , فأخذه بالنية وجعل يعبد الله
وينظر إليه فأصبح ذات يوم معسلجاً أخضر .

وقد أدركت أقواماً كانوا مغرقين في الغفلة وترك الصلاة
لا يعرفون من الدين المشهور قليلا ولا كثيراً فضلا عن طريق
الخصوص , فانقلبوا وصاروا خصوصا عارفين .

وقد أدركت أقواماً كانوا منهمكين في الذنوب مغرقين في المعاصي
وظلم العباد , فصاروا من اعظم الصالحين .

وقد رأيت نصارى بثغر سبتة حضروا خلف حلقة الذكر
فانجذبوا وتبعونا حتى أخرجنا الحد الذي بيننا وبينهم , ولو
وجدوا سبيلاً لأسلموا سريعاً .

وقد كان بعض إخواننا يقول في شأن نفسه تعجباً من خروجه
من غفلته : هذا مدفع النخاس المدبر, من عنده شيء فليخرجه؟
فلقد رأيته مجذوباً عارياً رأسه حافيا رجله , فهو اليوم من
خواص الأولياء .

والغالب إنما يتفق هذا لمن سقط على صحبة العارفين الذين عندهم
الاكسير , وهم موجودون في كل أوان , وهذا أمر شهير لا يحتاج
إلى دليل ومن شك فليشاهد , فيا عجبا ممن ينكر ضوء الشمس
بعد طلوعها , ونور القمر بعد ظهوره , ولكن كما قال صاحب البردة :

قد تنكر العين ضوء الشمس من رمد
وينكر الفم طعم الماء من ســقم

{ ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا }

وأعجب منه من ينكر وجود شيخ التربية , ويقر بانقطاع أهل الخصوصية .

{ فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور }

أعني تعمى عن طريق أهل الخصوص وتبصر طريق أهل العموم
كحال الخفاش يبصر في الظلمة ولا يبصر في النور , فهو عند
الناس معذرة لفقده ما عند الأقوياء من النور .
وقد يسلط الله على عباده الانهماك في الشهوات , ويحبسه في
سجن الغفلات , ثم يمن عليه بالتوبة والتيقظ من الغفلة , ويدخله
مع أحيائه مداخل الحضرة ليعرف قدر ما أظهر الله عليه من المنة

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: الحكم العطائية لسيدى ابن عطاء الله السكندرى
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء مايو 09, 2012 9:29 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 19559
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا
معنا اليوم الحكمة المائتان وستة من الحكم العطائية لسيدى
ابن عطاء الله السكندرى وهى :

( من استغرب أن ينقذه الله من شهوته , وأن يخرجه من
وجود غفلته , فقد استعجز القدرة الإلهية
وكان الله على كل شيء مقتدرا )

لا شك أن الحق تعالى لا يعجزه شيء , هو الغالب على أمره
وقلوب عباده بيده , يصرفها كيف شاء , ويقبلها حيث شاء
فمن كان منهمكاً في الغفلة , مستغرقاً في بحار الشهوة
فلا يستغرب أن ينقذه الله من غفلته , وأن يخرجه من وجود
شهوته : فإن ذلك قدح في إيمانه , وكيف يستغرب ذلك
وربنا تعالى يقول :

{ وكان الله على كل شيء مقتدرا }وأنت من ذلك الشيء
وقال تعالى في حق العصاة :

{ يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله
إن الله يغفر الذنوب جيمعاً }

وقال تعالى : { فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله
يتوب عليه } إلى غير ذلك من الآيات .

وقال عليه السلام : " لو أذنبتم حتى تبلغ خطاياكم عنان
السماء ثم تبتم لتاب الله عليكم " .

وليتذكر من تقدم قبله من أهل الغفلة والعصيان , ثم صار من
أهل المشاهدة والعيان كانوا لصوصاً فصاروا خصوصاً
كإبراهيم بن أدهم والفضيل بن عياض وأبي يعزى وكثير ممن
يتعذر حصره . وقد ذكر القشيري في أول رسالته منهم رجالاً
قدمهم أولا تقوية لرجاء المذنبين .

وليذكر الرجل الذي قتل تسعاً وتسعين نفساً , ثم سأل راهباً
عن التوبة , فقال له لا توبة لك فكمل به المائة , ثم سأل عالماً
فدله على التوبة وأمره بالذهاب إلى قرية فيها قوم يعبدون الله
فقصدهم فمات بالطريق , فأخذته ملائكة الرحمة , والحديث في
البخاري مطولا .
وكذلك الرجل الذي كان لصاً فسأل عابداً هل له من توبة ؟
فاستهزأ به وأخذ عرجونا يابساً وقال له : خذ هذا العرجون
فإذا أخضر فقد صحت توبتك , فأخذه بالنية وجعل يعبد الله
وينظر إليه فأصبح ذات يوم معسلجاً أخضر .

وقد أدركت أقواماً كانوا مغرقين في الغفلة وترك الصلاة
لا يعرفون من الدين المشهور قليلا ولا كثيراً فضلا عن طريق
الخصوص , فانقلبوا وصاروا خصوصا عارفين .

وقد أدركت أقواماً كانوا منهمكين في الذنوب مغرقين في المعاصي
وظلم العباد , فصاروا من اعظم الصالحين .

وقد رأيت نصارى بثغر سبتة حضروا خلف حلقة الذكر
فانجذبوا وتبعونا حتى أخرجنا الحد الذي بيننا وبينهم , ولو
وجدوا سبيلاً لأسلموا سريعاً .

وقد كان بعض إخواننا يقول في شأن نفسه تعجباً من خروجه
من غفلته : هذا مدفع النخاس المدبر, من عنده شيء فليخرجه؟
فلقد رأيته مجذوباً عارياً رأسه حافيا رجله , فهو اليوم من
خواص الأولياء .

والغالب إنما يتفق هذا لمن سقط على صحبة العارفين الذين عندهم
الاكسير , وهم موجودون في كل أوان , وهذا أمر شهير لا يحتاج
إلى دليل ومن شك فليشاهد , فيا عجبا ممن ينكر ضوء الشمس
بعد طلوعها , ونور القمر بعد ظهوره , ولكن كما قال صاحب البردة :

قد تنكر العين ضوء الشمس من رمد
وينكر الفم طعم الماء من ســقم

{ ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا }

وأعجب منه من ينكر وجود شيخ التربية , ويقر بانقطاع أهل الخصوصية .

{ فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور }

أعني تعمى عن طريق أهل الخصوص وتبصر طريق أهل العموم
كحال الخفاش يبصر في الظلمة ولا يبصر في النور , فهو عند
الناس معذرة لفقده ما عند الأقوياء من النور .
وقد يسلط الله على عباده الانهماك في الشهوات , ويحبسه في
سجن الغفلات , ثم يمن عليه بالتوبة والتيقظ من الغفلة , ويدخله
مع أحيائه مداخل الحضرة ليعرف قدر ما أظهر الله عليه من المنة

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: الحكم العطائية لسيدى ابن عطاء الله السكندرى
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء مايو 16, 2012 1:32 am 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 19559
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا
معنا اليوم الحكمة المائتان وسبعة من الحكم العطائية لسيدى
ابن عطاء الله السكندرى وهى :

( ربما وردت الظلم عليك ليعرفك قدر ما منّ به عليك )

لا شك أن نيل الشيء بعد الطلب , ألذ واعز من المساق بغير
تعب , والمحبة بعد القطيعة أحلى من المحبة بلا قطيعة , والصفاء
بعد الجفاء أصفى من الصفاء بلا جفاء , وفطام النفس عن
مألوفاتها وعوائدها أشد معالجة من النفس السلسة المنقادة من
غير تعب , فيكون الأجر أو القدر على قدر التعب
فهذه حكمة تقديم ورود الغفلة والشهوة على العبد , ثم ينقذه
منها ليعلم قدر هذه النعمة التي أنعم الله بها عليه , فربما أورد
عليك أيها الإنسان الحق تعالى الظلم جمع ظلمة وهي الاغيار
والأكدار, وحب الشهوات والعوائد فتغرق في بحارها وتسجن
في سجون ظلماتها , ثم ينقذك منها في ساعة واحدة , وذلك
لتعرف بعد الفتح قدر ما من الله به عليك , فتزداد محبة
وسكراً , وبعظم السر عندك محلا وقدرا لنعمة التي من الله بها
عليهم وكذلك جنة العارف محفوفة بالمكاره , ليعرف العارف
قدر السر الذي كشف به , الخير الذي منحه الله إياه .

واعلم أن هذه الظلم التي ترد على القلوب فتحجبها عن
علام الغيوب , هي ناشئة بحكمة الله من الدنيا والنفس
والشيطان , فمن زهد في الدنيا وغاب عن نفسه وأطلق يده
منها وذكر الله حتى احترق الشيطان وذاب دخل مع الأحباب
وفتح له عن علم الغيوب الباب .

قال بعض الحكماء : واعلم أن الصانع البديع سبحانه لما خلق
القلب جعله خزانة أسراره , ومعدن أنواره , وموضع نظره
من عبده , ولم يخلق الله في الوجود أشرف منه , ثم رمي على
باب القلب أخس الأشياء وأقذرها , لتقتضي حكمته اجتماع
الأضداد التي لا قدرة لغيره على ذلك , فطرح على باب القلب
جيفة وكلبا ينهش فيها وهما الدنيا والشيطان , فمن أراد الدخول
لخزانة سر الله لا بد له من تغميض عينه عن هذه القذرة وإعراضه
عن الكلب , لأنه لا سبيل له على من أعرض عنه وعن جيفته
وكل من التفت عليها سلب النور الذي أراد الله به الدخول
لبيت قلبه , وكان له ذلك كالطلسم على الكنز منعه منه
لا محالة اهـ

وقيل أن الدنيا بنت الشيطان , وطالب الدينا صهر إبليس
والأب لا ينفك عن بنته أبدا ما دامت البنت في عصمة الصهر .

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" إذا أراد الله بعبده خيرا زهده في الدنيا ورغبة في الأخرى
وبصره بعيوب , نفسه قيل يا رسول الله أى الناس شر؟
قال الأغنياء يعني البخلاء
ثم قال عليه الصلاة والسلام : ومن عظم غنياً لأجل غناه
كان عند الله كعابد وثن , ومن أسف على دنيا فاتته اقترب
من النار مسيرة سنة " اهـ

وأوحى الله الى موسى عليه السلام : ما أحبني من أحب المال
وما أحبني من أحب الدنيا , فإنه لا يسع في قلب واحد حبى
وحبها أبدا .
يا موسى ما خافني من خاف الخلق , وما توكل على من خاف
فوات الرزق , وعزتي وجلالي ما توكل على عبد إلا كفيته
وبيدي مفاتح الملك والملكوت , وما اعتصم بي عبد إلا أدخلته
الجنة وكفيته كل مهمة , ومن اعتصم بغيري قطعت عنه
الأسباب من فوقه , واسخت الأرض من تحته , ولا أبالي
كيف أهلكته .
يا موسى خمس كلمات ختمت لك بها التوارة , أن عملت بهن
نفعك العلم كله , وإلا لم ينفعك شيء منه :
الأولى : كن واثقاً برزقى المضمون لك ما دامت خزائنى مملوءة
وخزائني مملوءة لا تنفد أبداً .
الثانية : لا تخافن ذا سلطان ما دام سلطاني , وسلطاني دائم
لا يزول أبداً .
الثالثة : لا ترى عيب غيرك ما دام فيك عيب , والعبد لا يخلو
من عيب أبداً .
الرابعة : لا تدع محاربة الشيطان ما دام روحك في جسدك , فإنه
لا يدع محاربتك أبداً .
الخامسة : لا تأمن مكري حتى ترى نفسك في الجنة , وفي الجنة
أصاب آدم ما أصاب فلا تأمن مكري أبداً اهـ

وهذا كله تشريع لغيره , والأنبياء كلهم مطهرون معصومون
وكل ما ورد فيهم من التعليم والتربية فالمراد به غيرهم
وبالله التوفيق .
ثم من من الله عليه فأخرجه من أسر نفسه , وأطلقه من سجن
غفلته فلم يعرف هذه النعمة سلبها من ساعته .

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: الحكم العطائية لسيدى ابن عطاء الله السكندرى
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين مايو 21, 2012 11:01 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 19559

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا
معنا اليوم الحكمة المائتان ثمانية من الحكم العطائية لسيدى
ابن عطاء الله السكندرى وهى :

( من لم يعرف قدر النعم بوجدانها عرفها بوجود فقدانها )

هذا الذي ذكره الشيخ مجرب صحيح , وذلك أن العبد قد
تترادف عليه النعم والعوافي , فلا يعرف قدرها , ولا تعظم
عنده كل التعظيم , فإذا سلبها وضرب بالبلاء والأوجاع
والمصائب , فحينئذ يعرف قدر العافية , وكذلك الفقير يكون
مصحوباً بالحضور والفكرة والنظرة فلا يعظم عنده قدرها
فإذا أصابته الغفلة ورجع إلى الحس وفقد قلبه عرف ما كان
عنده , فإذا التجأ واضطر إلى الله رد إليه ما سلبه .

قيل إن الله تعالى يقول لجبريل :
يا جبريل انسخ حلاوة محبتي من قلب عبدي اختبره فينسخ
جبريل حلاوة المحبة من قلب ذلك العبد , فإذا هو اضطرب
وتضرع والتجأ وبكى ,يقول الله تعالى لجبريل رد عليه حلاوة
محبتى فقد وجدته صادقاً
وإذا نسخ حلاوة المحبة من قلب العبد فلم يبتهل ولم يتضرع
لم يرد إليه شيئا , وسلبه تلك الحلاوة , والعياذ بالله من
السلب بعد العطاء .

ويستعين العبد على معرفة قدر النعم , بالتفكير فيها , وبالتفكير
في حال نفسه قبل وجودها , فينظر إذا كان غنياً الى حال فقره
المتقدم حساً أو معنى , وينظر إذا كان صحيحاً الى حال مرضه
وينظر إذا كان طائعاً في حال عصيانه وينظر إذا كان ذاكرا
إلى وقت غفلته , وينظر إذا كان عالماً إلى وقت جهله , وينظر
إذا كان مصاحباً لشيخ عارف إلى وقت ضلالته , وينظر إذا
كان عارفاً إلى وقت جهالته , وهكذا كل نعمة ينظر إلى وجود
ضدها الذي كان موجوداً فيه قبل ذلك , فلا شك أنه يعرف
قدرها فيشكرها فتدوم عليه .

وأما من لم يتفكر في حال النعم فلا يعرف قدرها , فيغفل عن
شكرها , فيسلب منها وهو لا يشعر .

قال بعضهم : شكر الله تعالى باللسان هو الاعتراف بالنعمة
على وجه الخضوع

وشكر الله باليد هو الاتصاف بالخدمة على وجه الاخلاص

وشكر الله بالقلب : هو مشاهدة المنة وحفظ الحرمة .

وقال الجنيد رضي الله عنه : ألا ترى نفسك أهلاً للنعمة
وألا تعصى الله بنعمته اهـ .

فإن قلت : كيف بشكر النعم وهي لا تحصي .
قلت : القيام بها هو الاعتراف بها للمنعم وحده .

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: الحكم العطائية لسيدى ابن عطاء الله السكندرى
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء مايو 30, 2012 2:40 am 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 19559
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا
معنا اليوم الحكمة المائتان والتاسعة من الحكم العطائية لسيدى
ابن عطاء الله السكندرى وهى :

( لا تدهشك واردات النعم عن القيام بحقوق شكرك
فإن ذلك مما يحط من وجود قدرك )

قد يتفكر الإنسان في نفسه وما به من النعم فيجد نفسه
مغموساً في النعم حسية ومعنوية , فينظر في نعمة البصر
في نعمة السمع , في نعمة الشم , في نعمة الذوق في
نعمة الكلام , في نعمة العقل , في نعمة اليدين , في نعمة
الرجلين في نعمة الصحة والعافية , وفي نعمة الكفاية , في
نعمة الأهل , في نعمة الأولاد ثم في نعمة الهداية إلى الإسلام
ثم في نعمة الأيمان ثم في نعمة الطاعة , ثم في نعمة العلم
ثم في نعمة من يستعين به من الإخوان
ثم في النعمة الكبرى نعمة الشيخ فيما أعد الله له بعد الموت
الذي لا نهاية له , فإذا وجد نفسه مغمورا في النعم فلا يدهش
منها ويتحقر في نفسه عن القيام بشكرها , فإن الاعتراف بها
ومعرفتها والإقرار بها أنها من الله بلا واسطة هو شكرها
وقوله الحمد لله رب العالمين كاف في شكر اللسان , ألا ترى أن
الجنة هي من أعظم النعم , فكان شكر أهل الجنة فيها :
{ الحمد لله رب العالمين } قال تعالى :
{ وآخر دعواهم أن الحمد رب العالمين }

وقد جاء في بعض الأخبار : أن داوود عليه السلام قال :
يا رب كيف أشكرك وأنا لا أستطيع أن أشكرك إلا بنعمة من
نعمك , ونعمتك توجب على الشكر , والشكر نعمة يوجب
الشكر أيضاً وهكذا .
فأوحى الله إليه : إذا عرفت أن النعم كلها منى , فقد شكرتنى
وقد رضيت منك بذلك .

وفى رواية أخرى : قال داود عليه السلام : إلهى إن ابن آدم ليس
فيه شعرة إلا وتحتها نعمة وفوقها نعمة فمن أين يكافئها ؟
فأوحى الله تعالى إليه : يا داود إنى أعطى الكثير وأرضى باليسير
وإن شكر ذلك أن تعلم أن ما بك من نعمة فمنى .


وأنشد بعضهم في هذا المعنى

إذا كان شكر الله للعبد نعمة
عليها من الله له يجب الشكر

فكيف له بالشكر والشكر نعمة
ولو والت الاحقاب واتصل العمر

وقال آخر
لك الحمد مولانا على كل نعمة
ومن جملة النعماء قولى لك الحمد

فلا حمد إلا أن تمن بنعمة
فسبحانك لا يقوى على حمدك العبد

وكتب بعض عمال عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه إليه :
إني بأرض ولقد كثرت فيها النعم , ولقد أشفقت على قلبي
ضعف الشكر , فكتب إليه عمر : إني كنت أراك أعلم بالله
مما أراك , إن الله تعالى لم ينعم على عبد نعمة فحمد الله عليها
إلا كان حمده أفضل من نعمته , لو كنت لا تعرف ذلك إلا في
كتاب الله المنزل قال تعالى :

( ولقد آتينا داود وسليمان علما وقالا الحمد لله الذي فضلنا
على كثير من عباده المؤمنين ) وقال تعالى :

( وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمراً ) ثم قال :
( وقالوا الحمد لله الذي صدقنا وعده )

وأي نعمة أعظم من دخول الجنة اهـ .

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: الحكم العطائية لسيدى ابن عطاء الله السكندرى
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء يونيو 05, 2012 10:45 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 19559
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا
معنا اليوم الحكمة المائتان والعاشرة من الحكم العطائية لسيدى
ابن عطاء الله السكندرى وهى :

( تمكن حلاة الهوى من القلب هو الداء العضال )

حلاوة الهوى على قسمين : هوى النفس , وهوى القلب

فهوى النفس :
يرجع لشهواتها الجسمانية ,كحلاوة المآكل والمشارب
والملابس والمراكب والمناكح والمساكن .

وهوى القلب :
هو شهواته المعنوية ,كحب الجاه والرياسة والعز والمدح
والخصوصية والكرامات , وحلاوة الطاعات الحسية
كمقام العباد والزهاد , وحلاوة علم الحروف والرسوم

فأما علاج هوى النفس فأمر قريب , يمكن علاجه بالفرار من
أوطان ذلك , والزهد وصحبة الأخيار

وأما علاج هوى القلب إذا تمكن فهو صعب , وهو الداء
العضال الذي أعضل الأطباء , أي أعجزهم وحبسهم عن
علاجه , فلا يزيد الدواء إلا تمكناً , وإنما يخرجه وارد إلهي
بعناية سابقة بواسطة أو بغير واسطة

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: الحكم العطائية لسيدى ابن عطاء الله السكندرى
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء يونيو 13, 2012 6:04 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 19559

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا
معنا اليوم الحكمة المائتان وأحدى عشر من الحكم العطائية
لسيدى ابن عطاء الله السكندرى وهى :

( لا يخرج الشهوة من القلب إلا خوف مزعج أو شوق مقلق )

الشهوة إذا تمكنت من القلب صعب علاجها , فلا يمكن خروجها
في العادة إلا بوارد قهري جلالي أو جمالي
فالوارد الجلالي :
هو خوف مزعج , فيزعجك عن شهوتك ويخرجك عن وطنك
وأهلك والوارد الجمالي :
هو شوق مقلق فيقلقك عن مراداتك وحظوظك , فينسيك
نفسك ويؤنسك بربك , ولأجل صعوبة هذا المرض كان أشد
حجابا عن الله العلماء ثم العباد ثم الزهاد لأن هذه الشهوة
خفية لأن صاحبها :
{ أضله الله على علم } الآية
{ وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً }
أي أضلهم عن طريق الخصوص وبقوا في طريق العموم .

أما العملاء الظاهريون فهم يعتقدون أنه لا فضيلة فوق علمهم
حتى إني سمعت من بعضهم يقول :
أن مقام الإحسان هو مقامهم الذي هم فيه من العمل بظاهر
الكتاب والسنة ولا مقام فوق ذلك , فكيف يمكن إخراج
هذا إلا بعناية سابقة .

وأما العباد والزهاد : فهم يقولون أيضاً هذه غاية المحبة والطاعة
ويزيدهم بعدا ما يرونه من الكرامات الحسية , فيزدادون حجابا
وتمكنا في حالهم .

وأما العوام وأهل الغفلة : فهم أقرب الناس إلى الانقياد والنفوذ
إلى ربهم .
وفي الحديث عنه صلى الله عليه وسلم قال :
" أكثر أهل الجنة البله " . البله : جمع أبله : وهو الغافل عن الشر .

ومما يلك على أن الشهوة القلبية اصعب من الشهوة النفسية
قصة آدم والشيطان , فإن آدم عليه السلام كانت شهوته في
بطنه فتداركه الله بعناية , والشيطان كان شهوته في قلبه :
{ قال أنا خير منه } فطرد إلى يوم القيامة .

ثم اعلم أن الخوف على قسمين : خوف العوام , وخوف الخواص
خوف العوام من العقاب والعذاب , وخوف الخواص من القطيعة
والحجاب , والشوق أيضاً على قسمين :
شوق العوام للحور والقصور , وشوق الخواص للشهود والحضور
شوق العوام لنعيم الأشباح , وشوق الخواص لنعيم الأرواح
شوق العوام ناشئ عن قوله تعالى :

{ أعد الله للمؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار
خالدين فيها ومساكن طيبة في جنات عدن }

وشوق الخواص ناشئ عن قوله تعالى :

{ ورضوان من الله أكبر ذلك هو الفوز العظيم }

جعلنا الله من أعظمهم قدرا وأكملهم محلا وفضلا آمين
بمنه وكرمه .

فإذا دخل الخوف أو الشوق إلى القلب أخرج كل ما فيه من
الأغيار , وملئ بالمعارف والأنوار , فحينئذ تخلص الأعمال
وتزكوا الأحوال , ويقبل عليه ذو العظمة والجلال

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: الحكم العطائية لسيدى ابن عطاء الله السكندرى
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء يونيو 26, 2012 12:47 am 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 19559
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا
معنا اليوم الحكمة المائتان وإثنا عشر من الحكم العطائية لسيدى
ابن عطاء الله السكندرى وهى :

(كما لا يحب العمل المشترك لا يحب القلب المشترك
العمل المشترك لا يقبله , والقلب المشترك لا يقبل عليه )

العمل المشترك هو الذي تصحبه الحظوظ النفسانية دنيوية
أو أخروية والقلب المشترك هو الذي يكون فيه حب السوى
فالعمل الذي تصحبه الحظوظ مدخول , والمدخول غير مقبول
يقول الله تعالى :
" أنا أغنى الشركاء عن الشرك , من عمل عملاً أشرك فيه معي
غيري تركته وشريكه "

والقلب الذي فيه حب شيء من السوى ملطخ بالهوى لا يليق
لحضرة المولى , قال تعالى :
{ وطهر بيتي للطائفين }
وقيل يا داود طهر لي بيتاً أسكنه
ولله در الششترى حيث يقول:

لي حبيب إنما هو غيور ... يظل في القلب كطير حذور
إذا رأى شيئاً امتنع أن يزور

فمن حصن أعماله بالإخلاص استحق القبول وكان من الخواص
ومن حصن قلبه من الأغيار امتلأ بالعلوم والأنوار ونبعت منه
المعارف والأسرار

واعلم أن العلم المشترك هو الذي يدخله ثلاث علل :
أما رياء , أو عجب , أو طلب عوض

أما الرياء فهو الشرك الأصغر وقدي تقدم الحديث :

" من عمل عملاً أشكر فيه معي غيري تركته وشريكه "
وفي حديث مسلم :

" ثلاثة أول من تسعر بهم جهنم يوم القيامة , فذكر القاري
لغير الله , والشجاع الذي يقاتل لغير الله , الغني الذي يتصدق
لغير الله " .

وأما العجب : فهو رؤية النفس وإسناد العمل إليها , ورؤية المزية
لها على الناس قال تعالى :

{ فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى }
قيل معناه : إذا عملت عملاً فلا تقل عملت ولا تظهر عند
من يعظمك لأجل عمله بذلك , لأن رسول الله صلى الله
عليه وسلم يقول :

" ثلاث مهلكات : شح مطاع , وهوى متبع
وإعجاب المرء بنفسه "

وقال زيد بن أسلم : معنى لا تزكوا أنفسكم لا تعتقدوا أنها بارة .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" لو لم تذنبوا لخشيت عليكم ما هو أكبر من الذنوب العجب "

قال بعض السلف لأن أبيت نائماً وأصبح نادما أحب إلي من أن
أبيت قائماً وأصبح معجباً . وقيل لعائشة رضي الله عنها :
متى يكون الرجل مسيئاً ؟ قالت إذا ظن أنه محسن .

قيل والمعجب أعمى عن آفات نفسه وعمله , والعمل إذا لم
يتفقد ضاع , وإنما يتفقد عمله من غلب عليه خوف الله وخوف
ذنوبه , ولا يريد الثناء على نفسه وحمدها وتزكيتها وربما أعجب
برأيه وعقله , فيستنكف عن سؤال غيره ولا يسمع نصح
ناصح لنظره من سواه بنظر الاستحقار
نسئل الله السلامة والعافية .

وأما طلب العوض والجزاء فقد تقدم مرارا الزجر عنه , وإنك
إن طالبته بالجزاء طالبك بسر الإخلاص , ويكفي المريب
وجدان السلامة , فكل عمل فيه بعض هذه الآفات فإن الله
لا يقبله قبول الخواص .

وأما القلب المشترك : فهو الذي يدخله ثلاث أيضاً :
حب الدنيا أو حب الخصوصية أو النعم الأخروية
وكلها قادحة فى الإخلاص مخرجة عن درجة التوحيد الخاص
وبالله التوفيق .

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: الحكم العطائية لسيدى ابن عطاء الله السكندرى
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء يوليو 11, 2012 11:07 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 19559
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا
معنا اليوم الحكمة المائتان وثلاث عشر من الحكم العطائية لسيدى
ابن عطاء الله السكندرى وهى :

( أنوار أذن لها في الوصول , وأنوار أذن لها في الدخول )

أما الأنوار التي أذن لها في الوصول فهي أنوار الإيمان وهي لأهل
الدليل والبرهان , لأن قلوبهم لم تتفرغ من الأغيار ولم تمح منها
صور الآثار , فلما جاءت وجدت داخل القلب مملوءاً بصور الآثار
فوقفت في ظاهر القلب

وأما الأنوار التي أذن لها في الدخول فهي أنوار الإحسان , من الشهود
والعيان , وذلك لأنهم لما فرغوا قلوبهم مما سوى ربهم دخلتها الأنوار
فوجدت متسعاً فسكنت سويداء قلوبهم , وعلامة النور الواصل والداخل
أن صاحب النور الواصل للظاهر فقط , تراه تارة مع الدنيا وتارة مع الآخرة
تارة مع حظ نفسه وتارة في حق ربه , تارة مع الغفلة وتارة مع اليقظة
وصاحب النور الداخل لسويداء القلوب , لا تراه إلا مع ربه لا يشغله عنه
حظوظ الدنيا ولا حظوظ الآخرة , غائباً عن نفسه حاضراً مع ربه .

قال بعض الحكماء : أن الإيمان إذا كان في ظاهر القلب كان العبد محباً
لآخرته ودنياه فيكون صاحبه تارة مع ربه وتارة مع نفسه
وبقدر تمكن النور في القلب ودخوله إليه يكون بغض العبد للدنيا
وتركه لهواه اهـ .

وفي هذا المعنى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

" النور إذا دخل القلب انفسخ وانشرح , قيل : فهل له من علامة
يا رسول الله ؟
قال : نعم التجافي عن دار الغرور , والإنابة إلى دار الخلود
والتزويد لسكنى القبور , والتأهب ليوم النشور " اهـ

ثم اعلم أن الأنوار التي أذن لها في الوصول عامة لجميع المؤمنين
وقد تقدم قول أبي الحسن :

لو كشف عن نور المؤمن العاصي لطبق ما بين السماء والأرض

وأما الأنوار التي أذن لها في الدخول فهي خاصة بالخواص
أهل التفرغ من الأغيار ولوث الأنوار
فأما من كان قلبه محشوا بصور أثارها فلا يطمع في نيل أسرارها

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: الحكم العطائية لسيدى ابن عطاء الله السكندرى
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء يوليو 18, 2012 1:26 am 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 19559

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا
معنا اليوم الحكمة المائتان وأربع عشر من الحكم العطائية لسيدى
ابن عطاء الله السكندرى وهى :

( ربما وردت عليك الأنوار فوجدت القلب محشوا
بصور الآثار فارتحلت من حيث جاءت )

رب هنا للتكثير أي كثيراً ما ترد عليك أنوار عالم الغيب لتغيبك
عن عالم الشهادة فتجد قلبك محشواً بصور عالم الشهادة فترحل
عنك وتتركك نحبوساً في يدك .

أو تقول : كثيراً ما ترد عليك أنوار المعاني لتخرجك من سجن الأواني
فتجد قلبك مملؤاً بها , فتتركك في وسطها محجوباً بها .

أو تقول : كثيراً ما ترد عليك أنوار الملكوت , فتجد قلبك محشواً
بظلمة الملك , فتتركك في ظلمة الكون .

أو تقول : قد ترد عليك أنوار الجبروت , فتجد قلبك محشواً
بأنوار الملكوت فرحاً بها قانعاً ببهجتها , فتتركك واقفاً معها
وتنادي عليك : القناعة من الله حرمان , الذي تطلب أمامك
ولو كان العلم ينتهي إلى حد محدود لم يقل الله تعالى
لسيد العارفين : { وقل رب زدني علما }

قال عليه الصلاة والسلام :
" كل يوم لا ازداد فيه علما لا بورك لي في طلوع شمس
ذلك اليوم " أو كما قال عليه السلام

فالمانع للقلب من دخول الأنوار هو وجود الأغيار .

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: الحكم العطائية لسيدى ابن عطاء الله السكندرى
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء يوليو 24, 2012 12:32 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 19559

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا
معنا اليوم الحكمة المائتان وخمس عشر من الحكم العطائية لسيدى
ابن عطاء الله السكندرى وهى :

( فرغ قلبك من الأغيار تملأه بالمعارف والأسرار )

التفرغ هو الخلو من الشيء والتنظيف منه
والأغيار : جمع غير بكسر الغين وفتح الياء , ويصح أن يكون بفتح الغين
وسكون الياء وهو أليق والمراد به حينئذ السوى
وإنما جمعه لتعدد أنواعه كما قالوا في جمع العالمين .

يقول رضي الله عنه فرغ قلبك أيها الفقير من الأغيار
وهو ما سوي الله , بحيث لا يتعلق قلبك بشيء من الكون
علوياً أو سفلياً دنيوياً أو أخروياً , حسياً أو معنوياً
كحب الخصوصية وغيرها من الحظوظ
فإذا رحل قلبك من هذا العالم بالكلية ولم يبق فيه ألا محبة مولاه
فإنه يملأه بالمعارف , بحيث يكشف عنك حجاب الوهم
ويذهب عنك ظلمة الحس
فتشاهد الأشياء كلها أنوار ملكوتية مشاهدة ذوقية تمكينية
ويملأه أيضاً بالأسرار وهي أسرار الجبروت
فتغيب بالجمع عن الفرق , وبشهود الجبروت عن شهود الملكوت
وتكاشف بأسرار القدر , فيهب عليك نسيم برد الرضا والتسليم
وأنت في حضرة النعيم المقيم , عند الملك الكريم

فالأسرار على هذا ابلغ من المعارف
فالمعارف أنوار الملكوت , والأسرار أنوار الجبروت
لأن السائر قد يكشف له عن نور الملكوت , فيشهد الكون كله نوراً
لكنه مفتقر إلى تلك الأنوار ليترقى بها إلى التمكين في شهود الذات
كافتقار القارئ إلي النظر في الرسوم , فإذا حفظ القارئ المعنى
وتمكن منه محا الرسوم ولم يفتقر إليها
كذلك السالك يكشف له أولا عن نور الكون فيغيب في النور عن
ظلمة الحس , ثم لا يزال في السير حتى يقبض المعنى ويتمكن منه
فلا يحتاج إلى مشاهدة , فيستغني عن نور الملكوت بنور الجبروت
قد تقدم هذا المعنى عند قول المؤلف : اهتدى الراحلون الخ الحكمة
فيمتحى السوي عن عين قلبه بالكلية , ويغيب عن نفسه وحسه
بشهود الأحدية , ولله در قول الشاعر:

أن تلاشى الكون عن عين قلبي ... شاهد السر غيبه في بيان
فاطرح الكون عن عيانك وامح ... نقطة الغين أن أردت تراني

ويحتمل أن يريد بالمعارف علوم العرفان , بالأسرار الأذواق و الوجدان
فتكون المعارف هي علوم المعرفة , بحيث يعرف في كل شيء
ولا ينكر شيئاً , والأسرار أذواق تلك العلوم
فإن المعرفة تكون أولأً علما وآخراً ذوقاً , ويحتمل أن يكون من
عطف التفسير فتكون الأسرار هي المعارف , والله تعالى أعلم .

ومن أراد سرعة السير إلى هذا المقام فليفرغ قلبه وينظفه
على التمام فبقدر التخلية تكون التحلية
وبقدر التصفية تكون الترقية
ولأجل هذا نهوا السائر عن التزوج وعن التعلق بالأسباب
إذ لا يخلو من عٌلقة , فإذا تمكن من المعنى لم يبق له مراد
إلا مراد معروفه وصار كل ما يبرز من عند مولاه تلقاه بالقبول .

فإن طال بالمريد السفر , وتأخر عنه الفتح والظفر
فلم يدرك هذه الأسرار ولم يكشف له عن تلك الأنوار
فلا يستبطيء من ربه النوال فإنه جواد كريم
ولكن يستبطيء منه وجود الإقبال .

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: الحكم العطائية لسيدى ابن عطاء الله السكندرى
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء يوليو 24, 2012 12:32 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 19559

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا
معنا اليوم الحكمة المائتان وخمس عشر من الحكم العطائية لسيدى
ابن عطاء الله السكندرى وهى :

( فرغ قلبك من الأغيار تملأه بالمعارف والأسرار )

التفرغ هو الخلو من الشيء والتنظيف منه
والأغيار : جمع غير بكسر الغين وفتح الياء , ويصح أن يكون بفتح الغين
وسكون الياء وهو أليق والمراد به حينئذ السوى
وإنما جمعه لتعدد أنواعه كما قالوا في جمع العالمين .

يقول رضي الله عنه فرغ قلبك أيها الفقير من الأغيار
وهو ما سوي الله , بحيث لا يتعلق قلبك بشيء من الكون
علوياً أو سفلياً دنيوياً أو أخروياً , حسياً أو معنوياً
كحب الخصوصية وغيرها من الحظوظ
فإذا رحل قلبك من هذا العالم بالكلية ولم يبق فيه ألا محبة مولاه
فإنه يملأه بالمعارف , بحيث يكشف عنك حجاب الوهم
ويذهب عنك ظلمة الحس
فتشاهد الأشياء كلها أنوار ملكوتية مشاهدة ذوقية تمكينية
ويملأه أيضاً بالأسرار وهي أسرار الجبروت
فتغيب بالجمع عن الفرق , وبشهود الجبروت عن شهود الملكوت
وتكاشف بأسرار القدر , فيهب عليك نسيم برد الرضا والتسليم
وأنت في حضرة النعيم المقيم , عند الملك الكريم

فالأسرار على هذا ابلغ من المعارف
فالمعارف أنوار الملكوت , والأسرار أنوار الجبروت
لأن السائر قد يكشف له عن نور الملكوت , فيشهد الكون كله نوراً
لكنه مفتقر إلى تلك الأنوار ليترقى بها إلى التمكين في شهود الذات
كافتقار القارئ إلي النظر في الرسوم , فإذا حفظ القارئ المعنى
وتمكن منه محا الرسوم ولم يفتقر إليها
كذلك السالك يكشف له أولا عن نور الكون فيغيب في النور عن
ظلمة الحس , ثم لا يزال في السير حتى يقبض المعنى ويتمكن منه
فلا يحتاج إلى مشاهدة , فيستغني عن نور الملكوت بنور الجبروت
قد تقدم هذا المعنى عند قول المؤلف : اهتدى الراحلون الخ الحكمة
فيمتحى السوي عن عين قلبه بالكلية , ويغيب عن نفسه وحسه
بشهود الأحدية , ولله در قول الشاعر:

أن تلاشى الكون عن عين قلبي ... شاهد السر غيبه في بيان
فاطرح الكون عن عيانك وامح ... نقطة الغين أن أردت تراني

ويحتمل أن يريد بالمعارف علوم العرفان , بالأسرار الأذواق و الوجدان
فتكون المعارف هي علوم المعرفة , بحيث يعرف في كل شيء
ولا ينكر شيئاً , والأسرار أذواق تلك العلوم
فإن المعرفة تكون أولأً علما وآخراً ذوقاً , ويحتمل أن يكون من
عطف التفسير فتكون الأسرار هي المعارف , والله تعالى أعلم .

ومن أراد سرعة السير إلى هذا المقام فليفرغ قلبه وينظفه
على التمام فبقدر التخلية تكون التحلية
وبقدر التصفية تكون الترقية
ولأجل هذا نهوا السائر عن التزوج وعن التعلق بالأسباب
إذ لا يخلو من عٌلقة , فإذا تمكن من المعنى لم يبق له مراد
إلا مراد معروفه وصار كل ما يبرز من عند مولاه تلقاه بالقبول .

فإن طال بالمريد السفر , وتأخر عنه الفتح والظفر
فلم يدرك هذه الأسرار ولم يكشف له عن تلك الأنوار
فلا يستبطيء من ربه النوال فإنه جواد كريم
ولكن يستبطيء منه وجود الإقبال .

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 540 مشاركة ]  الانتقال إلى صفحة السابق  1 ... 14, 15, 16, 17, 18, 19, 20 ... 36  التالي

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 16 زائر/زوار


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
© 2011 www.msobieh.com

جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في المنتديات تعبر عن رأي أصحابها فقط