موقع د. محمود صبيح

منتدى موقع د. محمود صبيح

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 123 مشاركة ]  الانتقال إلى صفحة السابق  1, 2, 3, 4, 5, 6, 7 ... 9  التالي
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة: Re: من المكتبة الرفاعية
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين سبتمبر 10, 2012 6:56 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء أكتوبر 30, 2007 4:26 pm
مشاركات: 3907
مكان: في حضن الكرام
المادة –101 : كثرة الاعتبار بأسرار الآثار وأخذ الحصة من كل قصة ، وبيان ذلك أن ينظر المرء المريض فيحمد الله على العافية ، وينظر المعافى فيسأل الله العافية والأمن من دواهي الغرور بها ، وينظر الفقير فيسأل الله الستر ، وينظر الغني فيسأل الله الأمن من طغيان الغنى والقيام بحق النعمة ، وينظر التقي فيسأل الله بركة التقوى ، وينظر العاصي فيسأل الله السلامة ، وينظر المؤمن الموفق فيستغرق كله بالشكر على أن خلقه الله مؤمناً ووفقه للإيمان وهداه للإسلام بلا سابقة عمل ، وينظر المنحرف من صنوف الأغيار والخصوم فيسأل الله السلامة وحسن الخاتمة ، وينظر إلى الشجرة الزاهية النضرة فيسأل الله طيب النمو في الحال والمآل ، وينظر إلى الشجرة الخاوية على عقبها المنتبة فيسأل الله الصون والحماية من تغير الأحوال إلا إلى أحسن حال ، وينظر إلى الماء الصافي فيحمد الله على صفاء النية ، وينظر الماء الكدر العكر فيسأل الله السلامة من موجبات الندامة ، وهكذا في الآثار العلوية والسلفية عملاً بسر ( فاعتبروا يا أولي الأبصار ) .

المادة –102 : عدم التشدق فى الكلام والتبجح حالة التكلم تفعلاً لإظهار الفصاحة والتفوق بذلك على الغير فإن ذلك من استخفاف الشيطان بالمرء.

المادة –103 : تعلم القرآن وتعليمه عملاً بقول المصطفى الأعظم صلى الله عليه وسلم : ( إن أفضلكم من تعلم القرآن وعلمه ) .

المادة –104 : سوق كل صالح لخدمة ذوي الأمر والنهي وإبعاد كل طالح عنهم بالحكمة وحسن الأسلوب لوجه الله تعالى .

المادة –105 : التباعد عن أهل دعوى الجذب والولاية في المحو وما هم من أهل ذلك فمثلهم يكذب على الله ( ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا ) .

المادة – 106 : حسن الظن بمن لم يظهر لنا ضد دعواه بوجه بين تسليماً لأهل معاملة الحق فإن الحق غيور .

المادة – 107: محبة الأصدقاء الذين يطرحون التكلف في معاملة الأصدقاء فإن التكلف يكذب من يدعي الصداقة إذ الصديق الصادق غير متكلف ، وطرح التكلف مع الأصدقاء خلق الأنبياء عليهم الصلاة والسلام مع أصحابه رضي الله عنهم .

المادة –108 : عدم التحسن للناس فإن الكاذب يتحسن للناس في الجلوة ويكون بطالاً في الخلوة .

المادة –109 : زيارة مقابر المسلمين والدعاء لهم والدعاء عند مقابرهم فإنه مستجاب لأن مقابر المسلمين مهابط الرحمات حرمة لسيدهم صلى الله عليه وسلم .

المادة –110 : الوقوف مع الحق أين كان وممن صدر اتباعاً للمصطفى صلى الله عليه وسلم فإنه كان عنده القريب والغريب في الله سواء .

المادة – 111 : الانقطاع في العمل عن رؤية العمل .

المادة –112 : حب المساكين الذين أضرت بهم الفاقة لأجل الله ، قال صلى الله عليه وسلم في دعائه : ( اللهم أحيني مسكيناً وأمتني مسكيناً واحشرني في زمرة المساكين ) .

المادة –113 : الرأفة بالمجاذيب الذين خرجوا عن قيود أنفسهم إذا اجتذبهم الله إليه مع عدم مخالطتهم وهو الأولى .

المادة –114 : الغيرة لأجل الهب تعالى ولأجل رسوله عليه الصلاة والسلام بالنية المحضة لنصر كلمة الله وتأييد شريعة المصطفى عليه الصلاة والسلام ولإفراغ مشرب الإمام ( السيد أحمد الرفاعي ) رضي الله عنه وعنا به ونشر كلمة طريقته الحقة في الأمة من دون انطلاق مع العصبية فإن من قاتل على العصبية لم يكن من الشارع الكريم صلى الله عليه وسلم بل قد نفاه عنه فقال : ( ليس منا من قاتل على العصبية ) على أن الكلمة الجامعة كلمة الشرع وهي كلمة الله تعالى وتقدس .

المادة – 115 : الغيرة في الله لله للأستاذ الذي يدلك على طريق الله فهو أب وبره حتم مقضي ومن أجل البر الغيرة لأجله في الله فى المنهاج الشرعي العقلي والأمر لله .

المادة – 116: نسج المزاح في الطريقة الوسطى ترويحاً للنفوس على نسق نبوي وشوط علوي لا إكثار ولا انقباض .

المادة-117 : صدق الهجرة إلي الله في كل قول وعمل بنية الخدمة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم .

المادة –118: الاعتقاد الخالص بما أجمع عليه الأشاعره والماتريدية وحسن التوفيق بين الطائفتين رضي الله عنهم .

المادة –119: تنزيه الله تعالى عن الفوقية والجهة والمكان فإن هذا أقرب ما تميل إليه النفوس وتنصرف له الأغلاط ( كان الله ولا شيء معه وهو الآن على ما عليه كان ) .

المادة –120: الإيمان بحياة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام جميعاً وعلى الأخص كل الإيمان بحياة المصطفى عليه أفضل صلوات الله وتسليماته ، وأنه ذاق الموت ورد الله تعالى عليه روحه فهو في حضرة الإجلال والقرب الأقرب عند مليك مقتدر وله التصرف المحض بإذن الله والفضل كله بيد الله .

المادة –121: الحب الأتم الأعم لآل رسول الله صلى الله عليه وسلم والمودة لهم لأجله عليه الصلاة والسلام واحترام أصحابه الكرام ، والكف قلباً ولساناً عما شجر بينهم إعظاماً لجنابه الكريم ، فإنهم كلهم رجاله وعماله وفيهم علمه وحاله رضي الله عنهم أجمعين .

المادة –122 : محبة العلماء العاملين الذين يريدون إعلاء كلمة تعالى ولو أغلظوا على خدام الطرق العلية في دورسهم ومؤلفاتهم إن علمت أن ذلك لله تعالى لا لغرض نفساني ولو خامر بعض كلمات البعض منهم شدة وغلظة وتخلل ذلك الغلط ككلمات ابن تيميه وأمثاله فإنها وإن كان فيها ما ينتقد من طريق العقل والحكمة الشرعية في هذا الباب غير أن قصده في الحط علي بعض المنتمين لطرق القوم سوقهم للعمل بعمل سلفهم الصالح أهل طريق الحق ولذلك يعذر وقس على ذلك وأنصف أهل الفضل وأرباب القصد الصالح والله وليك .

المادة –123 : محبة كل صوفي صاف نقي تقي من أي طريق كان وإلى أي قوم انتمى ، سيما الصوفي الكامل الذي لا يسكره الغرور بشيخه أو بأبيه وجده وعلمه وعمله ويصير مع الحق أين كان فإن سكرة الغرور تقطع عن الله والعياذ بالله .

المادة –124 : التباعد عن المتصوف الذي يقول بالشطحات الفاسدة والدعاوى الزائدة ويخوض بالشقاشق ويسقط منها بالمزالق فإن مثل ذلك الرجل اندفع لمحق دينه لأجل دنياه ولا حول ولا قوة إلا بالله .

المادة –125 : موالاة الفقيه الذي نصب نفسه لتعليم المسلمين ما أوجبه الله عليهم لوجه الله ومجانبة الفقيه الذي اتخذ علمه شبكة لصيد الدنيا .

_________________
( بسم الله الرحمن الرحيم ) قل هو الله أحد . الله الصمد . لم يلد ولم يولد . ولم يكن له كفوا أحد .
قل أعوذ برب الفلق . من شر ما خلق . ومن شر غاسق إذا وقب . ومن شر النفاثات في العقد . ومن شر حاسد إذا حسد .


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من المكتبة الرفاعية
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء سبتمبر 11, 2012 7:27 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء أكتوبر 30, 2007 4:26 pm
مشاركات: 3907
مكان: في حضن الكرام
المادة –126 : التعرف للمسلمين من أطراف الأرض بحسن الحال والعلم الصحيح المنوال ليحسن فهمهم ويزداد علمهم فإن التعرف بغير العلم وهم والسلام .

المادة – 127 : النظر إلي كل طينة آدمية بحكم ما استودع فيها ، فقد ترى رجلاً حسن الصورة بهج المنظر قوي البنية ولكن هو قليل العلم قليل العقل خامل الرأي ما في مخيلته إلا الأكل والشرب ومثل ذلك ، وقد ترى رجلاً نحيفا ضعيف البنية لا يعبأ به وهو سجل عرفان وجلجلة بيان ، علمه غزير وعقله منير ورأيه صالح وزناد فكره قادح ، وترى رجلاً كثير المال مذق اللسان ولكنه بخيل اليد قوال لا فعال ، وترى رجلاً دون ذاك في المال والحال ويده فياضة وهمته علية وأفعاله زكية وقس على ذلك ، فيجب عليك أن تنظر كل طينة بما أضمر فيها من سر الخلق وهذا المقصود من قوله صلى الله عليه وسلم ( أنزلوا الناس منازلهم ) وفي هذه الجملة أسرار عجيبة هي للعارفين نظام مبين والله المعين .

المادة –128 : النظر إلي المظاهر بما أقيم فيها فلا تحتقر أحداً من سائر صنوف البشر وانظر في حال نصارى الغرب الإفرنجيين تجد أن حالهم طوي تحت قوله تعالي ( يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنْ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنْ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ ) فقد أقاموا جدران دنياهم وجهلوا ما يجب عليهم في أمر أخراهم نشأ ذلك عن الغفلة وإنما ثقل حجاب الغفلة مهما عظمت ظلمته إذ قوبلت بجزء قليل من نور الرحمة تندفع ، فعليك ألا تحتقر أحداً من طوائف الناس من أي جنس كان ومذهب كان لأن احتقارك له إن كان لكونه رجل الدنيا فأنت مؤاخذ لأن علمه بالأمر الدنيوي شهد له به مفيضه إلية سبحانه وقد مرت الآية الكريمة الناطقة بها وإن كان لغفلته عن الآخرة فيجب عليك التوقف إذ الخواتيم بيد الله يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد ومع ذلك ففي هذه الجملة سر لطيف وهو أن الدين الأنور الإسلامي حث على عدم البطالة وأنبأنا حبيبنا عليه الصلاة والسلام أن الله تعالى يحب أن يرى عبده تعباً فى طلب الحلال ، فعلى المؤمن وبالأخص على السالك أن يلتزم ما يوجب محبة الله له وتلك المشقة في طلب الحلال وعدم البطالة إذ الأخبار مصرحة بأن الله يكره العبد البطال ، وفي القيام بطلب الحلال علو همة تلزم بالترفع عمن حطهم الله عنك في المعتقدات وهي النعمة الثمينة فلا ترضى بأن تبقي دونهم في هذه المقتنيات الخسيسة التي تميل إليها نفوس أهل الهمم الوضيعة ، فاعمل من الأعمال التى تأتي بالكسب الحلال وقم بها قيام الرجال وحث إخوانك وأحبابك الكل منهم على ما أفرغ في طي طينته هذا للعلم وهذا للكتابة وهذا لصنعة الحديد وهذا لصنعة الحرير وهذا للذهب والفضة وهذا للخشب والحجارة وفي كل هذا فعلى الكل ضربة لازب الهيام بالله والقيام بإعزاز دينه وإفراغ علي أخلاق رسوله صلى الله عليه وسلم في الأمة لتقوم حفلة دينهم بالعز والشرف ومن انحط عن هذين الوصفين فهو عفن بطال والله ولي الحال والمآل .

المادة –129 : طاعة أولي الأمر الظاهري الذين يوليهم الله أمر الأمة قياماً بجمع كلمة المسلمين وتباعداً عن التفرقة فإن الله لا يقبل عمل امرئ يقوم بتفرقة كلمة الأمة المحمدية ، وطاعتهم من النصيحة لهم وقد مر حكمها ، والطاعة لهم على أربعة أقسام : طاعة للوقت فهي من الضعف أو من النفاق ، وطاعة للكسب فتلك من الخيانة والزيغ ، وطاعة عمياء في كل حال نفعهم أو كان مضراً لهم فتلك من الجهل وطاعة منيرة وهي مع النصيحة التي هي إرادة الخير لهم على ما يرضي الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ويصلح شؤونهم في دينهم وأنفسهم وملكهم وهذه مرتبة الصالحين والحمد لله رب العالمين .

المادة – 130 : إجلال مرتبة سيدنا ومولانا ( السيد أحمد الرفاعي ) رضي الله عنه وعنا به على أئمة الطرق العلية من الأولياء الكمل والقول بأفضلية مشربه وطريقه وصحة مذهبه في التصوف ، كل هذا مقرون بالقول بفضل طرائق القوم ومشاربهم ومذاهبهم فإنهم كلهم على هدى وإن الإمام الرفاعي لما اختار العبدية المحضة وتخلص من ربقة الدعوى والشطح وبرأ الله طريقه العالي من القول بالوحدة المطلقة والحلول وما يجانس هذا ويشاكله وتحقق في الحال والمقام بالاتباع الأتم للجناب المحمدي الأعظم صلى الله عليه وسلم عده أهل الكمال الشامخ وأرباب القدم الراسخ في مرتبته أفضل القوم وما سواه من رجال الخرقة أهل القرون الوسطى فمفضول والمفضول فضله لا يجحد والله المعين .

المادة-131: عدم القنوط حالة إسقاط القدر العبد بالذنب وعدم احتقار الذنب ليكون العبد بعدم القنوط راجياً وبعدم احتقار الذنب خائفاً وبين حائطي العدل والكرم واقفاً وإلى الله تصير الأمور .

المادة –132: ترقب آثار اللطف الإلهي والعناية بالرحمة والمنة في كل وقت ولمحة ولحظة سيما وقت الكرب ، فقد قال صلى الله عليه وسلم (( إن لله في كل طرفة عين مائة ألف ألف فرج قريب )).

المادة –133: رسوخ القدم في العمل الذي يؤول إلي الله فلا يكون كالحرباء كل آن بلون فإن من تجلجلت أقدامه وتلونت أطواره لا يكون كامل العقل بل ولا يجيء منه لا في أمر الدين ولا في أمر الدنيا شيء وإن أسعفه الحظ وأعانه الزمان بشيء فلا يكون ذلك الشيء من عظائم الأشياء التي يجلها أهل العقول العالية .

المادة –134: الميل في الطريق إلى الحقائق أكثر من الميل إلى الخوارق فإن الحقائق تملأ القلب نوراً والعقل فهماً والحافظة علماً والخاطر حلماً ، والخارقة سهم العناية الأزلية يكرم الله بها من يشاء من عباده فهي من الله وإلى الله لا دخل للمخلوق فيها فإن المرء توهم أنها له أو منه سقط وهنا مزلقة بجب التنبه إليها والله المعين .

المادة –135: إجلال شأن الكلام فإن الكلام مادة الفؤاد يبرزها من طيته إلي اللسان فيترجم اللسان سر القلب ولا عبرة بمن يتشدق ويتبجح ليدخل نفسه في عداد أرباب الكلام الضخم المادة وهو منهم ، فالعارف يعرف بكلام المتكلم كيفما نشره وطواه حاله وشأن قلبه وحقيقة سره ، والعاقل يدرك من سبك الكلام عقل المتكلم وغرضه ، والأنظار والعقول والألفاظ مراتب والله المعين .

المادة –136: إجلال منزلة أهل العي في الكلام الذين أضاءت قلوبهم بنور الله فإن المرء بأصغريه قلبه ولسانه ، فرجل يكون ذا لسان فهو رجل ، ورجل يكون ذا قلب وفي لسانه عي فهو رجل ، ورجل يجمع بين الفضلين فهو الرجل الكامل ، ورجل لا قلب له ولا لسان فما هو برجل .

المادة –137: حسن الظن بالمسلمين كلهم بطرز لا يخامره بله هذا مع الاحتراز من الناس وإضمار الخير لهم جميعاً فلا يكون المرء خباً ولا يخدعه الخب وكفى بالله ولياً .

المادة –138: طرح المبالغات التي توقف همة العقل عن حقائق الأمور فإن المبالغات اللفظية على ثلاثة أقسام : قسم من البلاغ ، قسم من البلغة ، وقسم من البلاغة ، فما كان من البلاغ منصوص وما كان من البلغة مخصوص وما كان من البلاغة فهو الذي يطرح على الغالب لكونه يحتمل الزيادة والنقصان .

المادة –139: التيقظ لدسائس الشيطان فإنه عدو مبين ودفاعه بتلاوة لا حول ولا قوة إلا بالله .

المادة –140: التفكر كل التفكر والتدبر بأحسن التدبر في كلام الله تعالى ليقف المرء عند الحكمة المفهومة منه ولا يجادل بآيات الله بغير علم وينتصر لأحكام الكتاب موافقاً فيه تفسير الحبيب الأعظم صلى الله عليه وسلم فإنه فسر لنا كتاب الله بأقواله وأعماله ، يدلك على هذا قوله عليه الصلاة والسلام : (( صلوا كما رأيتموني أصلي )) ، فمن تدبر آيات الله كان على نور من ربه والحمد لله وكفى .

المادة –141: إعظام مرتبة العقل والعقلاء فإن العقل باب الحكمة وسراج الرشد ومادة الفضل وحبل الوصل ومعراج الترقي فى عوالم الغيب والحضور ، فكلما ازداد المرء عقلاً ازداد نوراً ، وللعقل طريقان : طريق إلى الباقي وطريق إلى الفاني ، فإن كان نيراً بنور الإيمان اشتغل بالباقي وأهمل من حظيرة تعقله الفاني وجمع بالإتقان في الحالين بين الأمرين ، وإن كان مظلماً وقف مع الفاني وأهمل الباقي فهو العقل المطموس وهذا هو عقل المعاش فقط والعقل الأتم هو العقل الجامع والله المعين.

المادة –142:العلم بآداب الكلام والنظر والجلوس والمشي والاستماع والمخاطبة والأكل والمعاملات العادية التي عليها الناس على اختلاف أمكنتهم وأطوارهم لكيلا يبقى المرء عرضة للانتقاد يأخذ بالحسن منها ويتباعد عن القبيح ويكون في الحالات كلها حكيماً .

المادة – 143: الجمع فى العلم بين علم الحكم والحكمة ليكون العالم عالماً حكيماً ينفع الأمة في دينها ودنياها .

المادة –144: صحة النظر في الرفاق والخلان ومن يود المرء أن يتخذه صديقاً.

المادة –145: التحمل للصديق والصبر عليه لوجه الله تعالى .

المادة –146: الرضا من الناس بكل يسير من قول أو عمل ومعنى هذا المداراة ، وقد قال صلى الله عليه وسلم : (( بعثت بالمداراة )) وحد المداراة الرضا من الناس باليسير وحسن الألفة معهم وقد قال سيدنا الإمام الرفاعي رضي الله عنه وعنا به :

خذ من الناس ما تيسر
واترك من الناس ما تعسر
فإنما الناس كالزجاج
إن لم تداره تكســر

المادة –147: رقة الكلمة وضخامة الهمة .

المادة-148: انتهاز الفرصة لعمل الخير وإفاضة البر .

المادة –149: تنقية القلب من العداوات بترك الحسد وطرح التعالي والرضا بما قسم في الأزل .

المادة –150: لتثبت في كل أمر ولو في الأكل والشرب فالتثبت يكشف من الحقائق ما لم يخطر للمرء على بال .

_________________
( بسم الله الرحمن الرحيم ) قل هو الله أحد . الله الصمد . لم يلد ولم يولد . ولم يكن له كفوا أحد .
قل أعوذ برب الفلق . من شر ما خلق . ومن شر غاسق إذا وقب . ومن شر النفاثات في العقد . ومن شر حاسد إذا حسد .


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من المكتبة الرفاعية
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء سبتمبر 12, 2012 7:19 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء أكتوبر 30, 2007 4:26 pm
مشاركات: 3907
مكان: في حضن الكرام
المادة –151: عدم الاندفاع مع رواية الفاسق وكشف بنائه بالتبيين .

المادة –152: الموالاة للقلب والمخالفة للنفس والصبر في الأمرين على نوائب الحق .

المادة –153: هجر الكسل فما علا فى حضرة القبول كسول .

المادة –154: تشحيذ الهمة لتترفع عن العجز والجبن والبخل فقد استعاذ من كل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم .

المادة – 155: التباعد عن الاستهزاء بأحد من الناس فإن ذلك طور الفاسقين .

المادة –156: استعظام نعم الله وشكر من ترد على يديه فإن من لم يشكر الناس لم يشكر الله .

المادة –157: غض الطرف عن معائب الإخوان فقد قال سيدنا الإمام الرفاعي رضي الله عنه وعنا به : من أراد صديقاً بلا حيف بقي زمانه بلا صديق .

المادة – 158: أخذ الناس بالرفق قبل أخذهم بالعمل فإن الرفق بالعلم نتيجة العلم .

المادة – 159: العزم الصالح في المصالح التي لا تضر بالدين ولا تهضم مجد المروءة .

المادة- 160: الاستقامة على العمل الصالح وإن قل .

المادة – 161: هجر المذبذب وإن صلح في ظاهر الأمر عمله .

المادة – 162: السكوت عن حلم والكلام عن علم .

المادة –163: التحقق بأن يعود المرء لسانه الجميل تجاه الحقير والجليل .

المادة – 164: عدم السير مع كل ناعق فرب غلط ساعة أورث ندامة سنة .

المادة –165: عدم الاغترار بصلاة المرء وصومه قبل اختباره في الأخذ والإعطاء والبيع والشراء فكم من قول كبير وتحته عزم صغير .

المادة – 166: التقرب من الحسن الخلق وإن قل عمله والتباعد عن السييء الخلق وإن حسن عمله .

المادة – 167: دوام طهارة الثوب والبدن فهي من أشرف السنن .

المادة – 168: حسن التدبير في أمر المعيشة .

المادة – 169: الاستدلال على عقل المرء وحاله بإلفه للناس وألفة الناس له فإن حسنت فهو عاقل حسن الحال وإلا فلا .

المادة – 170: إجلال من انحاز عن الناس ولزم العزلة بخلوة أو بغيرها يريد كف شره عن الناس ولا يزعم الخلاص من شرور الناس عن سوء ظن بالأمة فذلك من قبح النظر .

المادة – 171: رؤية النفس دون الناس إجلالاً للخالق وخضوعاً تحت سلطان الحكم الذي بيده العواقب والخواتيم .

المادة – 172: الخضوع للمؤدب والمعلم والمرشد فإن ذلك يعطي الحال الحسن وينتج الخير والبركة .

المادة – 173: أخذ المعنى الصالح من كل مسموع ومشهود عن حسن ظن بالله تعالى .

المادة – 174: الدعاء بالخير للنفس وللمسلمين عند قراءة القرآن وعند سماع الآذان وعند نزول الغيث .

المادة – 175: إعلان الفروض وكتمان النوافل .

المادة –176: صحة الحال في الذكر الحافل الجلي وصدق الحضور في الورد الخاص الخفي .

المادة – 177: الانتباه بمواعظ الغيب التي تبرز في عالم الكيان في النفس أو في الغير .

المادة – 178: بذل الصدقة في الله فإنها تداوي المريض وترضي الرحمن .

المادة –179 : البعد عمن يعرف بالدسيسة فهو وعاء الخيبة ، قال الله تعالى : (وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا ) .

المادة – 180: عدم الاهتمام بتجربة من جرب .

المادة –181: التيقظ لشأن الحسود فإنه غير أمين .

المادة – 182: إبذال الجهد بإعلاء كلمة المجد بالحق الأحق تجاه الحاسد وتركه ووساوسه لله فإن مصرعه في مرتعه أقرب إليه من شراك نعله .

المادة – 183: نصر الأخ في الله ظالماً كان أو مظلوماً ، وفقه ذلك إن كان ظالماً نصره على نفسه برده عن ظلمه وإن كان مظلوماً نصره بالحق على ظالمه .

المادة –184: البعد عن مجالس أقوام شغلتهم هموم دنياهم عن همومهم بالله تعالى فإن مجالستهم تنتج من سوء الخلق العجائب .

المادة –185: الاندماج في مجالس أقوام همهم إعلاء كلمة الله على الطريقة الشرعية المرضية التي أجمع عليها علماء الدين واتفقت عليها كلمة المسلمين .

المادة – 186: الانقباض تجاه المنقبض لأمر دنياه فإن ذلك من عدم التوكل الصحيح على الله تعالى .

المادة – 187: الوقوف على قدم الاهتمام بنشر كلمة الله تعالى مع الموافقة ما أمكن الوفاق لحكم الزمان من معنى الأمر الكريم بنص : ( كلموا الناس على قدر عقولهم ).

المادة ـ 188 : الفرار بالقلب من الناس إلى الله ولو اختلطهم المرء بقالبه انجماعاً عن الأكوان إلى الديان .

المادة - 189: عدم تصديق أهل حرفة الرمل والسحر والكهانة ، والجزم بتكذيب مواعيدهم ولو ظهر بالتصادف بعض ما يصفون هذا للقطع والجزم البت بأن الله يفعل ما يشاء وهو على كل شيء قدير .

المادة – 190: انتهاج منهج الصحابة والآل وانتقاء حال أهل الخصوصية منهم رضي الله تعالى عنهم .

المادة – 191: عدم النظر للآباء والأجداد لأن المفاخرة بهم من طباع أهل الشرك والغلو بهم من نخوة الجاهلية .

المادة –192: طرح هياكل الأكوان تحققاً بالتوحيد مع حفظ مقادير الآثار وإرجاع التأثير الذي يصدر عن الكل إلى الله تعالي .

المادة – 193: قبض اللسان عن آفة الشطح والوقوف عند حد التحدث بالنعمة هذا إذا نفحت العناية وحصلت الوقاية وإلا فالكلام عن هوى مزلقة عظيمة حمانا الله والمسلمين .

المادة –194: تصحيح حال الزهد بالشهود المحض ونزع الدنيا من القلب ليرتاح بوعد الله وهذا كله مع الأخذ بالأسباب غير معتمد المرء عليها ولا مستند إليها ولا يصح هذا إلا بالشهود المحض بأن يرى الفاعل في الكل هو الذي له الكل .

المادة –195: إرشاد الناس وسوقهم إلي وضع الأمور مواضعها وهذا هو معنى قوله تعالى : ( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا ) والمعنى فيه عموم وإن كان سبب النزول خاصاً والله المعين .

المادة –196: كثرة الاستغفار خشوعاً وخضوعاً لله تعالى ، قال جل علاه هكذا يذكر قول الأنبياء عليهم الصلاة والسلام حكايته عن سيدنا نوح عليه السلام : ( فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10) يُرْسِلْ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا (11) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا ) .

المادة – 197: قبول رياسة العلماء في أمر الدين والدنيا انقياداً لأمر الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم وخوفاً من السقوط في الضلالة وبذلك جاءت الأخبار عن النبي المختار صلى الله عليه وسلم .

المادة – 198: اتخاذ الأواني للطعام من الطين إن أمكن فإن ذلك من سنن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام .

المادة –199: عدم دخول بلدة فيها الوباء وعدم الفرار منه إذا وقع فى بلدة المرء التي هو فيها اعتماداً على الله تعالى وتسليماً له وشم الورد الأحمر أيام الوباء والصلاة والسلام – حالة شمه – على النبي صلى الله عليه وسلم .

المادة – 200: أكل الخفيف استقلالاً من الطعام دون استكثار منه فما ملأ ابن آدم وعاء شراً من بطنه وهذا مفهوم كلام سيد الأنام عليه الصلاة والسلام .

_________________
( بسم الله الرحمن الرحيم ) قل هو الله أحد . الله الصمد . لم يلد ولم يولد . ولم يكن له كفوا أحد .
قل أعوذ برب الفلق . من شر ما خلق . ومن شر غاسق إذا وقب . ومن شر النفاثات في العقد . ومن شر حاسد إذا حسد .


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من المكتبة الرفاعية
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس سبتمبر 13, 2012 7:09 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء أكتوبر 30, 2007 4:26 pm
مشاركات: 3907
مكان: في حضن الكرام
المادة-201: عدم الأكل إلا عن جوع وتلك سنته عليه أفضل الصلاة والسلام .

المادة –202: القناعة في المأكل والمشرب والملبس والحطام جميعها ففي الخبر القناعة كنز لا يفني .

المادة – 203: حفظ يوم الجمعة بحفظ آدابه وشروطه المنصوصة شرعاً يعمل بها العالم نصوصها من العلماء الجاهل والموفق هو الله .

المادة –204: تعظيم شهر رمضان المبارك والتشمير لرعاية وقته المبارك بالبذل الصالح والعمل الصالح والنية الخالصة .

المادة –205: إعظام الأيام الفاضلة التي وردت بها النصوص وإجلال أوقاتها وساعاتها وإمرارها بالطاعة لله تعالى .

المادة –206: تعظيم أرض الحجاز وجميع أماكنها التي أعظمها الله كالكعبة المكرمة والحرم والحَجَر والحِجر والمصلى والبئر والميزاب والأركان المباركة وجبل عرفات والنظر إلى تلك البوادي والبلاد والبقاع النيرة بأغوارها وأنجادها بعين الإجلال والاحترام إعظاماً وتقديساً لأوامر الله وإبلاغ رسوله صلى الله عليه وسلم .

المادة –207: فتق حجاب الغفلة عن القلب بالفكر والذكر وصحة المحاضرة مع الله تعالى فى كل حضرة تؤول إلى الله تعالى .

المادة – 208: حفظ القلب بالربط الخالص الأتم الأشمل الأعم ربطاً حقاً يليق لمقام الحضور حالة زيارة قبر النبي صلى الهت عليه وسلم فهو أروحنا لغبار نعله الفداء بمسمع ومرأى ومنظر وله العين المبصرة والحقيقة النيرة الطافحة بالقدرة والسلطان الرباني وله البصر السيار في عوالم الله كلها .

المادة – 209: كف الطرف عن كل ما يحدث من سكان المدينة والمرء فيها مجاوراً كان أو زائراً ويجب أن لا يشهد لهم عيباً حرمة لمن هم في ظلال أعتابه صلى الله عليه وسلم .

المادة –210: رد كل وقت وعمل رده الشرع الشريف تحققاً بالاتباع المحض للشارع الأعظم صلى الله عليه وسلم .

المادة –211: المودة لمن حنت له الروح بلا سبب والمجانبة لمن كرهته الروح بلا سبب وفي ذلك انقياد لحكم الإلقاء الغيبي والسر القدسي .

المادة –212: الانتصار لعزيز حكم النبي صلى الله عليه وسلم بالقلب والقالب إيماناً به ومحبة له عليه الصلاة والسلام .

المادة –213: رد الحلم وعدم إشغال الفكر به فإن الرؤيا الصالحة من الله والحلم من الشيطان كذا أنبأنا سيد ولد عدنان صلى الله عليه وسلم .

المادة –214: الإيمان بكل حديث يروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لايخالف معناه الكتاب والسنة .

المادة – 215: القول بآدمية الآدميين والقطع بعدم اتصال أطوارهم بالربوبية البتة وأن كلهم في قوله تعالى : " إلا آتي الرحمن عبدا " وفي هذا طرح أقوال الوجودية فإن أقوالهم هفوات سيئة تدفع إلى النار والعياذ بالله .

المادة – 216: الإصلاح بين الناس على اختلاف طبقاتهم وتقديم كل مرتبة للناس في هذا المقام بحسبها .

المادة – 217: الأمر لمن يمكنه الحال ببناء بيوت للضيافة فهي زكاة الدور .

المادة – 218: تبخير البيوت فإن أولياء الله وأهل الله يحبون الطيب وإن الملائكة تحب البخور الطيب .

المادة – 219: لبس العمامة السوداء ولبس العمامة البيضاء وكلاهما سنة من سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولهذا كان زي إمامنا في طريقنا (( السيد أحمد الرفاعي )) رضي اله عنه وعنا به العمامة السوداء فهي خرقته المباركة .

المادة – 220: لبس الصوف فقد جاء في الخبر عليكم بلباس الصوف تجدوا حلاوة الإيمان .

المادة – 221: حب بلاد الإسلام والإقامة فيها وعدم محبة بلاد الأغيار والإقامة فيها وإن رق لباسها وعيشها فإن هذا الخلق من الدين وحكمه من المروءة .

المادة –222: كف الأذي عن المسلمين ومنع من يريد إيذاءهم .

المادة – 223: إماطة الأذى عن الطريق من كل وجه يستلزم الأمن في الطريق.

المادة – 224: أن لا يسير المرء راكباً وخلفه الماشون والراجلون فإن ذلك من الكبر والغرور الدافعين إلى المزالق والعياذ بالله تعالى .

المادة – 225: عدم التلبس بالمصبغات من التيجان المطرزة الملونة طويلها وقصيرها فكلها داخلة في الملابس التي تورث الشهرة .

المادة – 226: عدم الخروج عن الجماعة والانسلال من الطاعة لتأويلات وشؤون كثيرات أو قليلات ففي الخبر يد الله مع الجماعة .

المادة –227: قص الشارب لا حلقه فإن حلقه مكروه وعدم المبالغة بجز اللحية.

المادة – 228: مجانبة من يتلصص عند غرضه ويجانب عند عدم الحاجة فمصاحبة عبد الغرض مرض .

المادة – 229: صون شرف الآباء والأمهات بصون شرف آباء الناس وأمهاتهم ، فإن من سب الناس سب ، ومن أهان آباء الناس أهان الناس آباءه ، وفعل ذلك مـن العقوق .

المادة – 230: عدم التصدر بدعوى العلم بدون علم ، قال سيدنا الإمام الرفاعي رضي الله عنه وعنا به :

كن عالماً وارض بصف النعال
لا تطلب الصدر بغير الكمال
فإن تصدرت بلا آلة
يكون ذاك الصدر صف النعال

المادة – 231: مجالسة من لا غرض له لاستقرار الخاطر به ولعدم مصادمة حال سره القلب سواء كان عارفاً أو محجوباً .

المادة – 232: كتم أسرار حضرة الفضل عن غير أهلها وإفاضتها إلى أهلها وقليل ما هم .

المادة –233: حل أسرار رموزات القوم بما لا يخالف ظواهر الأحكام وردها إن نأت على قائلها كائناً من كان .

المادة –234: الجزم بتبرئة أعراض القوم مما ينسب إليهم من كل ما يخالف أحكام الشرع الشريف من الكلمات والشطحات والدعاوى العريضة والمعتقدات الفاسدة وهو مدسوس عليهم ولا يكون الولي ولياً وهو يعتقد حرفاً لم تقبله شريعة رسول الله صلى الله عليه وسلم .

المادة – 235: الدعاء لخليفة المسلمين بالخير ارتياحاً لإعلاء شوكة العصابة الإسلامية وإعزاز أمر الأمة المحمدية فإن السلطان عصام أمر الأمة وبه يعلو شأنها وتستقيم أحوالها وقد أمرنا بالدعاء للرجل الذي يوليه الله أمر المسلمين تعظيماً للنبي الأمين عليه صلوات رب العالمين .

المادة – 236: كف اللسان عن كل ما يوجب تفرقة قلوب الأمة في عقائدها أو حفلة أمرها الدنيوي أدباً مع سيدها صلى الله عليه وسلم .

المادة – 237: محاضرة الأرواح الطاهرة بالأدب والارتباط النير فإن الاتصال بين الأرواح بل والذرات ثابت عند أهل هذا الشأن وقد تستفيض الروح الوضيعة من الروح الرفيعة ، والضعيفة من القوية والكل من مدد الله تعالى بواسطة رسوله صلى الله عليه وسلم والأمر لله .

المادة – 238: التوجه حال الدعاء بهمة القلب إلي العرش فإنه في السماء كعبة الضراعة لأهل الأرض والكعبة قبلة الضراعة في الأرض لأهل السماء ، فقبلة همم أهل الأرض العرش الذي هو في السماء كعبة العبادة لصنوف الملائكة وهمم الملائكة عليهم السلام تتوجه حالة دعائهم وضراعتهم إلى الكعبة وهذا سر لطيف فليحفظ.

المادة –239: التوبة الخالصة حالة الدعاء وقد كان سيدنا الإمام الرفاعي رضي الله عنه يقول :

كيف نرجوا إجابة لدعاء
قد سددنا طريقه بالذنوب

المادة – 240: معرفة الوقت فإن من لم يتطور بطور زمنه فدمه هدر ومعنى ذلك أن يقف مع الوقت بالحكمة المحمدية لا يهدم للشرع جداراً ولا يسعر بالمخالفة الخشنة للوقت ناراً وهذا طريق الحكماء المحمديين عليهم رضوان رب العالمين .

المادة – 241: رد ما يقع فى الخاطر ويزعمه الزاعم إلهاماً ولم يكن مطابقاً للأحكام الشرعية فإن الجنيد رضي الله عنه قال : قد تقع في خاطري النكتة من علوم القوم فلا أقبلها إلا بشاهدين عادلين الكتاب والسنة .

المادة – 242: عدم الانصراف مع الخيال الذى ينتج عن خلوة أو كثرة جوع وسهر والوقوف فيه عند الحد الظاهري ليكون خيال السالك تابعاً لقانون الشرع ولا يكون هو تابعاً لخياله .

المادة – 243: عدم الاغترار بالمنامات كيف كان فإن من غرته المنامات تحت طي المنى مات ، وحدها التفاؤل الحسن بالرؤيا الصالحة والاشتغال كل الاشتغال بالأعمال الصالحة بعدها أخذاً بسر الرؤيا فإن البشارة فيها إشارة والإشارة تطوى على بشارة واله الموفق .

المادة – 244: عدم الاغترار بالبروز بخلعة الظهور في حفلة المظهر خوفاً من الذي يظهر ويطمس وله التصرف المطلق فى الحالين بل إليه ترجع الأمور وهو على كل شيء قدير .

المادة –245: عدم الاطمئنان للإنطواء في خلعة الخفاء خوفاً من داهية الأمن من المكر الإلهي وذبولاً تحت مجاري الأقدار والله المعين .

المادة –246: الرجوع إلى فقه المقام لا إلى فقه الحال فإن الحال يتحول والمقام لا يصير مقاماً إلا إذا استقر وتوطد في بحبوحة الشرع المحمدي فهناك الرجوع إليه رجوع للشرع .

المادة –247: عدم الانبساط إلى العمل الحسن انبساطاً تتعلق أشعته بأطراف الرياء أو الأمن أو الكسل أو الاتكال على العمل فإن ذلك من الدسائس الشيطانية والشهوات الخفية النفسانية .

المادة – 248: إنشاط الهمة عند وارد القبض الذي يدفع الارتياح للعمل الصالح وإنشاط الهمة يكون بترويح القلب وذلك يكون بسكون الجسد وإشغال القلب بذكر الله ، قال الله تعالى ( أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ) .

المادة –249: عدم الاهتمام بطارق كشف يطرق عن فكرة وجمع حال وخيال من طريق الخاطر فمثله يخطيء لا محالة ، وأما الذي لا يخطىء بإذن الله ما كان عن حضرة القلب وعن شارقة الروح والأمر لله .

المادة – 250: عدم الالتفات إلى بعض لمعات نور خيالي تلوح للسالك وتمثل لعيانه فيظنها من المعاريج التي ترفع به إلى مقامات الولاية وبعض ضعاف المريدين يظنها من أعمال الشيطان والحال أن شيطانه وهم خياله فإن طوراق الوهم الخيالي لها من التأثير فوق هذا ومن هذه الغلبة الخيالية الوقوع بوهدة الشطح والدعاوى العريضة فليتنبه والله ولي الأمر .

_________________
( بسم الله الرحمن الرحيم ) قل هو الله أحد . الله الصمد . لم يلد ولم يولد . ولم يكن له كفوا أحد .
قل أعوذ برب الفلق . من شر ما خلق . ومن شر غاسق إذا وقب . ومن شر النفاثات في العقد . ومن شر حاسد إذا حسد .


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من المكتبة الرفاعية
مشاركة غير مقروءةمرسل: الجمعة سبتمبر 14, 2012 8:39 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء أكتوبر 30, 2007 4:26 pm
مشاركات: 3907
مكان: في حضن الكرام
المادة –251: عدم الاهتمام بالتمكن من الطيران في الهواء والمشي على الماء اكتفاء بالتمسك بالسنة السنية المحمدية فإنها الرأس للمال في كل الأعمال .

المادة –252: كف الأذى عن كل بر وفاجر إلا فيما يؤول إلى أمر الله تعالى فإن الذي يجب على المؤمن الكامل أن لا تأخذه فى الله لومة لائم .

المادة –253: إعلاء شأن الطريقة الرفاعية والسيرة الأحمدية لا لعلو ولا لغلو بل لإظهار نور السنة وإطفاء نار البدعة والفتنة ، ولحبط ما أدخله على الأمة أهل التجاوز والأهواء وأهل الشطح والدعاوى وأرباب مزلقة القول بالوحدة المطلقة فإن كل ذلك من القواطع عن الله تعالى بالكلية حمانا الله والمسلمين .

المادة – 254: الصفح عن عثرات الإخوان فلا يؤاخذ الصديق بالهفوة ولا يخذل للعثرة ولا يقاطع لسقطة من سقطات النفس ولا يكفر للذنب وإنما الفتوة هي الصفح عن عثرات الإخوان .

المادة – 255: صحة المراقبة لله بحيث يخشى المرء حالة المراقبة من مراقبته سبحانه له فتعلو في الله عزيمته وتنشط همته ولا تلتفت للغير وجهته .

المادة –256: عدم القول بتأثير المخلوقين أحياءهم وأمواتهم لا في حال حياتهم ولا في حال مماتهم والقول الجازم بأن المؤثر الحقيقي سبحانه وتعالى يبرز ما يشاء على يد من يشاء وقد رفع الناس بعضهم فوق بعض درجات واختص بمزيد رحمته الأنبياء ثم الأولياء ثم الأمثل فالأمثل ، فإن أفاض الولي فمن فيض الكرم الإلهي وتلك رتبة الاختصاص يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم .

المادة – 257: الحب بصدق المودة للآل والطاعة للخلفاء في الإسلام والعمال وهذا مذهب أهل الكمال من الرجال .

المادة –258: تكذيب أهل الدعاوى الباطلة حتى لا تكون فتنة في الدين ولا يكون تكذيبهم بثائرة نفس أو بسائق عصبية فإن ذلك من دناءة الهمة وإن الإخلاص دين أهل الحق والله عون المحق .

المادة – 259: حب العرب بمحبة ذاته صلى الله عليه وسلم وحب المسلمين جميعاً عملاً بدينه عليه الصلاة والسلام .

المادة –260: الانتداب لإجابة داعي الله وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو المخاطب للأمة طبقة بعد طبقة إلى يوم الدين ولسان شريعته الناطق بحكم الخطاب النبوي فمتى رأينا الشرع دعا إلى أمر فليس إلا الإجابة وتلك إجابة داعي الله .

المادة- 261: حمل المسلمين على الصلاح وحسن الظن خاصة بعباد الله المنكسرين ففي الحديث القدسي (( أنا عند المنكسرة قلوبهم لأجلي )).

المادة – 262: إرادة الخيـر لكـل المخلوقيـن بلا استثناء أحـد ، ففـي الخبر (( الخلق كلهم عيال الله وأحب الناس إلى الله أنفعهم لعياله )) .

المادة – 263: الانتصار للنفس بحق إذا بغى على المرء باغ عملاً بنص الفرقان الحكيم ( وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمْ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ ) ولكن يجب رعاية حكم قوله تعالى : ( فَمَنْ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ ).

المادة –264: عدم تطلب النفس مقاماً أو حالاً أو طوراً أو شأناً ولو كانت نتيجته تؤول إلى الله لأن ترك الاختيار طور أهل التمكين من الكمل وهو مشرب شيخ مشائخنا الإمام الرفاعي رضي الله عنه وعنا به .

المادة – 265: عدم الالتفات إلى إقبال الناس على السالك وإدبارهم عنه فإن الرجل يجمع الناس على الله لا على نفسه ويجذبهم إلى الله لا إلا نفسه وحينئذ فما يظهر فيهم من الحالين هو من الله " ألا له الخلق والأمر " .

المادة – 266: عدم جمع الهمة لإبراز التأثير بشيء من الانفعالات الكونية فإن طرح النظر عن كل ذلك من شأن المصطفى صلى الله عليه وسلم .

المادة – 267: عدم الالتفات إلى ما يبرز من سلطان الحال من طارقة يزعم بها المبتدي أنه يقدر على منازعة الأقدار بالأقدار حتى نقل مثل هذا عن أناس من الكبار رضي الله تعالى عنهم والحال أن القدر إذا نازع القدر خرج من البين البشر وانمحت الصور وبقي الصدام للقدر وهناك علمنا أن القدر الأول بالقدر الثاني تحول ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .

المادة – 268: سكون القلب عند نفرة القلوب من العبد وليرض بذلك عن الله فإن انجماع الناس عنه أهدى لسره وأجمع له لبقائه في ساحة انفراده لربه والله المعين .

المادة – 269: عدم الاهتمام بانكشاف العوالم للعبد إدلالاً فإن ذلك من المشاغل وعليه أن يشتغل عن كل ذلك بالله تخلقاً بخلق الحبيب الأعظم صلى الله عليه وسلم فقد جاء بشأنه " ما زاغ البصر وما طغى " وإلى الشرف الجليل المنتهى .

المادة – 270: عدم الزلوق برؤيا رأى فيها السالك نبيه صلى الله عليه وسلم أو شيخه وأمره النبي أو الشيخ بأمر اعتقاده ينافى اعتقاد المسلمين فإن الإشارة في ذلك إلى التبري من ذلك فليفهم .

المادة – 271: عدم استعذاب فقه يستحسنه الرجل ويرى فيه الحكمة ولم يكن أصله من فقه النبي صلى الله عليه وسلم فإن استحسان ذلك من نزغ الشيطان وإن شريعة المصطفى صلى الله عليه وسلم دائرة الأحكام مع كل زمان ولذلك كانت هي الشريعة الناسخة فقف عندها والله وليك .

المادة –272: رد أقوال قوم يزعمون أن الولي لا يقلد مذهباً وأنه يأخذ حكمة الأحكام من الكتاب والسنة وإذا أشكل عليه أمر استغنى في عالم البصيرة من النبي صلى الله عليه وسلم والحق أن هذا القول خطأ محض والعلم به نقص عظيم فإن الولي الكامل لا يهتك حرمة التقيد بالمذهب ولا ينسل من السواد الأعظم وموافقته لإمام من أئمة المذاهب هو تقليد للمعصوم عليه الصلاة والسلام ، واستغناء الولي بعالم البصيرة لا يعتبر بعد أن بلغ النبي صلى الله عليه وسلم أمته هذا الدين ولم يترك شيئاً ، وقد ترك الأمة على محجة بيضاء ولا يقع هذا الخبط إلا من رجل طمه جهله أو خذله عقله والله المعين .

المادة –273: عدم الالتفات إلى الكرامه التي تحصل بها المنة حالة غفلة عن الله فتلك معونة إلهية يجب الشكر عليها والتنبه بها وإليها .

المادة – 274: عدم الاكتراث بدنانير تسقط من الهواء للمريد حالة اضطراره إليها والإعراض عنها إلى واهبها وذلك حال النبي صلى الله عليه وسلم فالعمل به أجل المراتب والسلام .

المادة – 275: عدم الارتياح بالحال فإن ذلك ينتج دعوى وهي أعني الدعوى أثر رعونة نفس لا يتحملها القلب فيلقيها إلى اللسان فينطق بها لسان الأحمق كذا عبر عنها سلطان العارفين وسيد الصديقين في عصره الإمام الأكبر ( السيد أحمد الرفاعي ) رضي الله عنه وعنا به .

المادة – 276: عدم الاهتمام بعبادة استغرقت وقت الرجل قام أساسها على جهل بحكمها فإن العبادة لا تقبل بالرأي وإنما هي مشروعة معرفة غير منكرة وقال ابن رسلان رحمه الله ونفع به :

وكل من بغير لم يعمل

أعماله مردودة لا تقبل



وهذا مأخوذ من قول النبي صلى الله عليه وسلم : (( لا يكون أحدكم مؤمناً حتي يكون هواه تبعاً لما جئت به )) .

المادة –277: عدم الاهتمام القلبي بالتدبير فيما يؤول إلى الحال والاستقبال في أمر الدنيا ، كل ذلك مع عدم البطالة ولكن بصحة التوكل القلبي على الله وترك الحالين له ويفصح لك عن هذا السر قول الإمام الشهيد السعيد السبط المعظم سيدنا الحسين رضي الله عنه واتحفه بسلامه ونصه : من اعتمد على حسن اختيار الله له لم يتمن غير ما اختاره الله له .

المادة – 278: عدم الميل في السلوك إلى الخلوة فتلك من آفات النفس ولا إلي الجلوة وإنما الأمر الصواب الانقياد لحكم السر الإلهي الذي يقود العبد إلى ما يرضيه تعالى فحينئذ يجعل الاستقامة في محل الإقامة .

المادة – 279: عدم الميل الي السياحة ففيها آفات كتأخير بعض أوقات الصلاة وانشراح النفس برؤية البلدان والأقطار والأمكان العجيبة والديار الغريبة وربما اشتغل بها الضعيف عن مبرزها ، وإنما السياحة للأقوياء من أهل الهمم العلية رجال الحضرة الذين لا تلهيهم تجارة أو بيع عن ذكر الله وكذلك فهم يقومون بهذا الأدب أعني أدب السياحة إذا كلفوا به فتكون سياحتهم امتثالاً لا تشهياً والله المعين .

المادة – 280: عدم الإلتفاف إلى انقياد عوالم الجن والإنس للعبد ووقوفهم في خدمته بل الكامل يتجرد عن الاستخدام للخدمة ومن كانت همته منصرفة لخدمة ربه لا يرتاح إلى غيرها .

المادة – 281: الترفع عن سماع قول هاتف غيبي يحدث بشيء من حوادث الأكوان فتشتغل همة السالك بترقبه فإن ذلك من الشواغل بل يسمع الهاتف ويقف مع خدمته لربه مشتغلاً به عن حوادث الأكوان والله الموفق .

المادة – 282: عدم الطيش بحال من الأحوال سواء كان الأمر دينياً أو دنيوياً فإن الطيش في الأحوال من موجبات الندامة في المآل وحسبنا الله وكفى .

المادة –283: التخلق في كل الأطوار والأحوال بالعبدية المحضة فهي مرتبة من عظائم رتب الخُلق الطاهر المحمدي واغتنامها بركة وأمن وسعادة .

المادة – 284: معالجة النفس بتبديل كل خلق سيء إلى خلق حسن فإن علة البعثة المحمدية العزيزة المقدسة إنما هي إتمام مكارم الأخلاق .

المادة – 285: نشر لواء العزم وشد مئزر العزيمة لإفراغ أخلاق المصطفى صلى الله عليه وسلم في الأمة وهذا الشأن هو الإرشاد الأتم الأكمل لا غيره .

المادة –286: عدم الإصغاء لكلام الخواضين والتبري من مشاركتهم فذلك دأب عصائب الشيطان والعياذ بالله .

المادة – 287: طرح تجسس أحوال الإخوان والخلان وترك أمرهم إلى الله تعالى فإن الهمة تقضي بذلك .

المادة – 288: التغاضي عمن يخبر عن صالحي الإخوان بسوء فإن النبي صلى الهة عليه وسلم كان يحب أن يخرج إلى أصحابه الكرام وهو سليم الصدر بأمرهم .

المادة – 289: التغابي في الأمور عن كثيرها بعلم نير لا بغباوة فقد قيل :

ليس الغبي بسيد في قومه

لكن سيد قومه المتغابي



المادة – 290: الإيثار واتخاذ الحكمة الشرعية في مراتبه ليصرف للأولى فالأولى والله المعين .

المادة –291: الغلظة على أعداء الله بلسان الحكمة فإن العلم سيف يفعل فوق فعل السيوف وهذا معنى ( وجادلهم بالتي هي أحسن ) فإن الجدل غلظة والطريقة التي هي أحسن في الجدل هي الحكمة والله المعين .

المادة – 292: حفظ مراتب الأكابر إذا وقع من أحد منهم الغلط والجزم بأنه يقع منهم ولكن لا يضرهم ولا ينقص مراتبهم لأنه يكون عن طارق من الطوارق المرارة لا التي تقر وتبقى والذي يدعي عدم وقوع الغلط من الأكابر هو إما جاهل وإما مكابر وانظر الفاروق الأعظم سيدنا عمر رضي الله عنه وعنا به فإنه قال لطارىء الحزن والوجد والحب المحض الذي استولى عليه يوم وفاة النبي صلى الله عليه وسلم : من قال إن محمداً قد مات علوته بهذا الحسام فقوله غلط ومرتبته محفوظة فإن النبي صلى الهه عليه وسلم ذاق الموت إذ ذاك ويجب أن يقال ذلك وقد قال ذلك الصديق الأكبر سيدنا أبو بكر الصديق رضي الله عنه وعنا به ولم يخذل رتبة الفاروق بل علم أن الذي أوقعه في الغلط فيما قال طارىء الوله والحب للجناب الرفيع صلى الله عليه وسلم فتدبر واحفظ أي بني مراتب الأكابر الذين يحدث منهم وقوع الغلط في بعض الأحيان كالشطح الذى يقبل التأويل ولا يتعدى مراتب الحكم والله وليك .

المادة –293: عدم الالتفات إلى أقوال أقوام من الأكابر أخرجهم استغراق كلهم فى شهود الرحمة إلى التعزز الذي ينافي الأصول الشرعية وإن لم يكن مردوداً البتة وهذا من شؤون حكماء الأمة رضي الله تعالى عنهم .

المادة –294: الإيمان بالغيب سيما بالبشارات التي تطفح عن إشارات الأولياء الكاملين فإنها لابد أن تظهر ولو بعد حين في هذا المعنى المبارك :

إذا القوم أهل الله بشر بعضهم

بشيء ترقب يابني ظهوره


فإخبارهم من نور حضرة ربهم

ولا بد أن الله يكمل نوره



المادة –295: إعظام أهل الوقت من أحباب الله فالجنيد رضي الله عنه ونفعنا به يقول : من حرم بركة أهل الوقت فوقته كله مقت .

المادة – 296: التسليم لأهل المراتب العالية من أهل الحضرة فيما يشكل نظراً لأنهم فوق نظر المريد من العلم والمقام .

المادة – 297: صحة القيام بخدمة المشائخ أحياء كانوا أو أمواتاً بالمال والبدن لوجه الله وأن يرى المرء الفضل لهم عليه وهذه خلة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم .

المادة –298: ترفع الرجل عن الطمع بأموال إخوانه وأحبابه وأصدقائه فإن لم يفعل فقد انحط عن مرتبة صدق الأخوة .

المادة – 299: الاهتمام كل الاهتمام بإعمار قلوب المحبين بمحبة النبي صلى الله عليه وسلم لتستنير بنور الله ولا يكون ذلك إلا بصحة القدوة .

المادة –300: الوقوف تحت راية المرشد بصدق الأدب والعلم بأن مرشد الوقت المرشد لكل فرد من أفراد الأمة هو الوجه العلوي النائب في مقامه عن الجناب العلوي وعن الجناب الأسعد الأقدس النبوي والله المعين .

_________________
( بسم الله الرحمن الرحيم ) قل هو الله أحد . الله الصمد . لم يلد ولم يولد . ولم يكن له كفوا أحد .
قل أعوذ برب الفلق . من شر ما خلق . ومن شر غاسق إذا وقب . ومن شر النفاثات في العقد . ومن شر حاسد إذا حسد .


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من المكتبة الرفاعية
مشاركة غير مقروءةمرسل: الجمعة سبتمبر 21, 2012 5:16 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء أكتوبر 30, 2007 4:26 pm
مشاركات: 3907
مكان: في حضن الكرام

(( تنبيه ))



سنتكلم على ثلاثة عشر مادة هي الختام لفذلكتنا التي عقدناها ولهذا القصد المبارك حررناها والله ولي المتقين .
المادة – 301: الفرح بالبذل لله والاعتماد فيه على الله وعدم النظر بذلك إلى غير الله .

المادة –302: الأدب على شروطه الباطنة مع من يوليهم الله أمور الأمة الظاهرية فإن شأن الأمة ينقسم إلى قسمين : تهذيبي باطني وإلزام ظاهري ، فأما التهذيب فهو للأرواح وهو حصة آل رسول الله صلى الله عليه وسلم ولذلك ألزمت الأمة بمودتهم ، قال الله تعالى : ( قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى ) وأما الإلزام الظاهري فهو القيام بمصلحة الأمة في ظاهر شؤونها كلها وهو حصة القوام على سرير الأمر والنهي خلفاء النبي صلى الله عليه وسلم من الأمة فيها قال الله تعالى : ( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ) .

المادة – 303: صحة الاستمداد من قادة الأمة أهل الشأن الباطني سيما صاحب المظهر الأكبر الأزهر منهم وهو الوارث للعلم والحال النبوي ولكونه لم يعلم لدى العامة ، فعلى العاقل منهم صدق الحب للآل الكرام كلهم والنظر بعين جدهم صلى الله عليه وسلم وفي هذا من الخير الغاية والله المعين .

المادة –304: سوق قوافل القلوب إلى الله بالأسباب الكثيرة كل قلب بما يصلح له .

المادة – 305 : التباعد عن أرباب المظاهر الدنيوية الذين يتعرضون لأصحاب القلوب بالأذية والعياذ بالله .

المادة – 306: إيضاح مشربنا الأحمدي لمن يوفقه الله تعالى وبعد ذلك فقل أيها المحب لذي الروية الصالحة : من رأى مشرباً أعذب من مشربنا فليشرب منه تحققاً بالطرز الطاهر المحمدي والهو الموفق .

المادة –307: التمكن في الحب لهذا المشرب السعيد مع الانتهاض للسير فيه في ملك الله حباً لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم إيماناً بالله واحتساباً له وهو ولي المتقين .

المادة –308: الجزم بحصول المعونة بعد النية الصالحة في هذا المشرب ونشر عطره في الأكوان فإن ذلك من الوعد الإلهي بواسطة الجناب المحمدي وهو مشرب عذب وطريق حق لا علو فيه ولا غلو مبرء من نزعات الفساد والبطالة والكساد وكله هدى وإيمان والله المستعان .

المادة –309: الاحتفال بكل ذي قلب طاهر وعمل صالح وعزم قوي ينتصب بكله إلى خدمة الله غير ذي غرض ولا طالب عوض ومثل ذلك الإعراض عن المغراض والسلام .

المادة – 310: الالتفاف عن الجنة والنار والدرهم والدينار والإقامة والذهاب والقفول والإياب في مثل هذه الأعمال الصالحة التي تؤول إلى الله إخلاصاً فيها لله ولا إله إلا الله .

المادة – 311: الاستغاثة بروح رسول الله صلى الله عليه وسلم والاستعانة بها وبآل المصطفى وأصحابه وأولياء أمته كلهم وربط القلب في هذا المقام أعني مقام الإرشاد والخدمة بالأستاذ وصاحب الطريق رضي الله عنه وعنا به فذلك الأدب الموصل إلى سدرة العناية ومن الله الهداية .

المادة – 312: الانحراف عن كل من ينحرف عن الأستاذ مهما شقشق ولفق وتبجح وتأنق وأخذ وأعطي وأزبد وأرغى ، فإن من ينحرف عن أستاذه بالأوهام لا يجد بركة الإلهام ولا حلاوة الإسلام .

المادة –313: وهي الغاية ، بذل المال والروح في الله بيعاً لله سبحانه ( إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنْ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمْ الْجَنَّةَ ) والإشارة في قوله تعالى لهم الجنة أي : ليروه فيها وتلك الرؤية الغنيمة كما قال بلال رضي الله عنه : غداً نلقى الأحبة محمداً وحزبه .

اللهم صل على سيد سادات الوجود وصدر الحضرات القدوسية في محافل الشهود روح الموجودات وعلة الكائنات أبي البتول الأعظم كنزك المطلسم وبحر فضلك المطمطم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه ووراثه ونوابه إلى يوم الدين .

الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات من الأعمال قد تمت والحمد لله هذه الفذلكة الشريفة والخزانة النورانية اللطيفة وهي دستور العمل في طريقتنا المباركة العليه الرفاعية الأحمدية لمن ينتظم بحزبنا ويكون من ركبنا والتوفيق من الله إلى قدرته القاهرة رجوع الأمور وهو الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور فمن أراد الله به الخير أحب الخير وأهله وهجر حقده وغله ومحق وساوسه من شوائب الخدعة والحيلة وأخذ بمضمون " يأيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة " وتبع القوم على نظامهم المأمون " ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون " وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين .

_________________
( بسم الله الرحمن الرحيم ) قل هو الله أحد . الله الصمد . لم يلد ولم يولد . ولم يكن له كفوا أحد .
قل أعوذ برب الفلق . من شر ما خلق . ومن شر غاسق إذا وقب . ومن شر النفاثات في العقد . ومن شر حاسد إذا حسد .


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من المكتبة الرفاعية
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأحد سبتمبر 23, 2012 6:23 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء أكتوبر 30, 2007 4:26 pm
مشاركات: 3907
مكان: في حضن الكرام

هذا كتاب المشرب الرائق في معاملة الخلق والخالق يعد رسالة تحتوي على نصائح الإمام أحمد الرفاعي ، كما رواها الشيخ الكبير علي أبوالفضل الواسطي وأخرجها في كتاب الحكم عن نسخة خطية وجدها في خزانة الشيخ الجليل الشريف أبي طالب عبد السميع الهاشمي العباسي ، كتبها السيد أحمد الرفاعي الكبير إلى الشريف المذكور بعد أن طلب منه النصيحة وإرشاده إلى طريق الحق والصواب والعمل الصالح فكتب السيد أحمد له كتاباً طلب منه حفظه والعمل به.

وهذه النصائح تصلح لكل سالك لطريق القوم الذين اهتدوا بهدي النبي صلى الله عليه وسلم، حتى يختصروا الطريق إلى الجناب الأعلى وينعموا برضوانه جل وعلا.

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين والسلام علينا وعلى عباد الله الصالحين.
من العبد اللاشيء ُأحيمد الرفاعي إلى الشيخ المحتشم أخينا عبد السميع الهاشمي كان الله لنا وله وللمسلمين آمين.

أي أخي أوصيك بتقوى الله واتباع سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وأحب أن تحرص على نصيحتي هذه ، فهي نافعة لك ولأمثالك إن شاء الله وإياك أن تودعها غير أهلها فتظلمها.

أي عبد السميع
1ـ الفقير إذا انتصر لنفسه تعب، وإذا سلم الأمر إلى اللهِ تعالى نصره من غير عشيرة ولا أهل.

2 ـ العقل كنز الفوائد وكيمياءُ اَلسعادة.

3ـ العلم شرف في الدنيا وعز في الآخرة.

4ـ ما أقام مع المستعار إلا المحجوب.

5ـ ليست النائحُة الثَّكلى كالنائحة اُلمستأجرة.

6 ـ كم َ طيرت َ طقطَقُة النعال حول الرجال من رأس و كم أذهبت من دين.

7 ـ لفظتان َثلمتان في الدين : الَقول بالوحدة والشطح المجاوز حد التحدث بالنعمة.

8 ـ دفتر حال الرجل أصحابه.

9 ـ تعب الناس وحسابهم على الرئاسة والشهوة وفيهما الغايات.

10 ـ كل حقيقة خالفت الشريعة فهي زندقة.

11 ـ غايُة المعرفة بالله الإيقان بوجوده بلا كيف ولا مكان.

12 ـ ثَقل مرض الموت أول َقناطِر اَلمعرفة باللهِ عند المحجوبين، ولهذا قيل لنا موتوا قبل َأن تموتوا.

13 ـ حضرُة الموت تكشف الحجب كما ورد الناس ِنيام فاذا ماتوا انتبهوا.

14 ـ كل توحيدك َقبل تنزيهه تعالى شرك ، التوحيد وجدان في القلب يمنع عن التعطيل والتشبيه.

15 ـ رح وتعال ، كأنك خيال ، انزل يا مسكين عن فرس عجِبك.

16 ـ رب عثرة أوصلت الحفرة ، رب علم ثمرته جهل ، ورب جهل ثمرته علم.

17 ـ كيف يصح لك عز العلم وأنت كسوت علمك ثوب الذل.

18 ـ لا تظن أن صبغك يستر شيبك بل غيره وما ستره.

19 ـ لو خطى الرجل من قاف الى قاف كان جلوسه أفضل ، ولو تكلم عن الذات والصفات كان سكوته أفضل.

20 ـ من تطاول على الخلق َقصر عند الخالق.

21 ـ من تعالى على العباد سقط من عين المعبود.

22 ـ كل حال تحوُله فيه ، وكل ظاهر به ما يخفيه.

23 ـ من ادرع بدرع الصبر سلم من سهام العجلة.

24 ـ الرجل المتمكن اذا نصب له سنان على أعلى جبل شاهق في الارض ، وهبت عليه رياح الليالي الثمان ما غيرت منه شعرة واحدة.

25 ـ الكاذب يقف مع المبتدعات والعاقل غايته وراءها.

26 ـ من َ كمل َأِنَفت نفسه عن كل شئ غير ربه.

27 ـ الخلق كلهم لا يضرون ولا ينفعون، حجب نصبها لعباده ، فمن رفع تلك الحجب وصل إليه.

28 ـ الإطمئنان بغيره تعالى خوف ، والخوف منه اطمئنان من غيره.

29 ـ تحت كل حالة حال رباني ، لو عرفته لعلمت أنك تسكن به وتسعى به وأنت مسخر، اعملوا ولا تتكلوا ، فكل ميسر لما خلق له.

30 ـ الصوفي من صفا ، فلم ير لنفسه على غيره مزية.

31 ـ كل الأغيار حجب قاطعة ، فمن تخلص منها وصل.

32 ـ الوقت سيف يقطع من لا يقطعه.

33 ـ علامة العاقل الصبر عند المحنة ، والتواضع عند السعة ، والأخذ بالأحوط ، وطلب الباقي سبحانه وتعالى.

34 ـ علامة العارف كتمان الحال ، وصحة المقال ، والتخلص من الآمال.

35 ـ الدنيا والآخرة بين كلمتين: عقل ودين.

36 ـ العلم ما رفعك عن رتبة الجهل ، وأبعدك عن منزل العزة ، وسلك بك سبيل أولي العزم.

37 ـ الشيخ من إذا نصحك أفهمك، وإذا قادك دلك، وإذا أخذك نهض بك ، الشيخ من يلزمك الكتاب والسنة ويبعدك عن المحدثة والبدعة ، الشيخ ظاهرة الشرع ، وباطنه الشرع .

38ـ الطريقة الشريعة ، لوث هذه الخرقة كذاب قال الباطن غير الظاهر ، العارف يقول الباطن باطن الظاهر، وجوهره الخالص.

39 ـ القرآن بحر الحكم كلها ولكن أين الأذن الواعية ؟

40 ـ رنة النجاح تسمع عند قرع باب الرضا من الله.

41 ـ أرض عن الله ، ونم مرضياً ، ولك الأمن.

42 ـ ما شم رائحة المعرفة من افتخر بأبيه وأمه ، وخاله وعمه ، وماله ورجاله .

43 ـ ليس عند الله على شيء من رأى نفسه.

44 ـ لو عبد الله العابد بعبادة الثقلين ، وفيه ذرة من الكبر فهو من أعداء الله وأعداء رسوله صلى الله عليه وسلم.

45 ـ ثلاث خصال من كن فيه لا يكون ولياً إلا إذا طهره الله منهن : الحمق ، والعجب ، والبخل .


_________________
( بسم الله الرحمن الرحيم ) قل هو الله أحد . الله الصمد . لم يلد ولم يولد . ولم يكن له كفوا أحد .
قل أعوذ برب الفلق . من شر ما خلق . ومن شر غاسق إذا وقب . ومن شر النفاثات في العقد . ومن شر حاسد إذا حسد .


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من المكتبة الرفاعية
مشاركة غير مقروءةمرسل: الجمعة سبتمبر 28, 2012 8:13 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء أكتوبر 30, 2007 4:26 pm
مشاركات: 3907
مكان: في حضن الكرام

46 ـ أكذب الناس على الله والخلق من رأى نفسه خيراً من الخلق.

47 ـ كل الظلم : التعالي على الناس.

48 ـ الظلم حرص الرجل على المراتب الكاذبة الدنيوية ، ومنها أن يحب الارتفاع على أخيه بكلمه أو جلسة لا حق له فيها ، وعلى ذلك تقاس المراتب.

49 ـ من أخذ الناس بقوته القاهرة ترك في قلوبهم الضغائن عليه كيف كان ، ومن أخذ الناس بانكساره ترك في قلوبهم الاعتراف له عز أو هان.

50 ـ نعم الرفيق في بلاد الله تقوى الله ، ونعم المراح الذي يستريح القلب والبدن به : الإخلاص.

51 ـ لن يصل العبد إلى مرتبة أهل الكمال ، وفيه بقية من حروف أنا.

52 ـ الشطَّاح يقف مع شطحه حالة الشطح إذا لم يسقط ، والكامل لا يشتغل عن خدمته.

53 ـ الدعوى بقية رعونة في النفس لا يحتملها القلب فينطق بها لسان الأحمق.

54 ـ التحدث بالنعمة ذكر الُقرِبية والتخلص من تجاوز مرتبة العبدية.

55 ـ العارف لا ينظر إلى الدنيا ولا إلى الآخرة.

56 ـ كل الكمال ترك الأغيار وطرح الاستبشار بحوادث الأكوان والذل بكسوة الفناء بين يدي الحي الذي لا يموت.

57 ـ لا تجعل رواق شيخك حرماً وقبره صنماً وحاله دفة المكدية.

58 ـ الرجل من يفتخر به شيخه ، لا من يفتخر بشيخه.

59 ـ من أصم أسماعه عن أصوات الأغيار سمع نداء : ( لمن اُلمْلك اليوم ) فنزل عن فرس كذبه وعجبه وأنانيته ، وحوله وقوته ووحدته ، وانقهر في مقام عبوديته.

60 ـ إياك والقول بالوحدة التي خاض فيها بعض المتصوفة ، إياك والشطح فإن الحجاب بالذنوب أولى من الحجاب بالكفر : ( ِإنَّ اللهَ لا يغفر َأن يشرك ِبه ويغفر ما دون َذلك لمن يشاءُ ).

61 ـ إذا رأيت الرجل يطير في الهواء فلا تعتبره ، حتى تزن أقواله و أفعاله بميزان الشرع.

62 ـ إياك والإنكار على الطائفة في كل قول وفعل ، وسلم لهم أحوالهم إلا إذا ردها الشرع فكن معه.

63 ـ التكلم بالحقائق قبل هجر الخلائق من شهوات النفوس.

64 ـ من عدل عن الحق إلى الباطل تبعاً لهوى في نفسه ، فهو من الضلال بمكان.

65 ـ أول أبواب المعرفة الاستئناس بالله سبحانه وتعالى ، والزهد أول قدم القاصدين إلى الله عز وجل.

66 ـ من مات محباً مات شهيداً ، ومن عاش مخلصًا عاش سعيدًا ، وكلا الأمرين بتوفيق الله تعالى.

67 ـ من سلك الطريق بنفسه ُأعيد قسرًَا.

68 ـ هذه الطريقة لا تورث عن الأب والجد إنما هي طريقة العمل والجد والوقوف عند الحد وذرف الدموع على الخد ، والأدب مع الله تعالى.

69 ـ ظن بعض الجهلة أن هذه الطريقة تنال بالقيل والقال ، والدرهم والمال ، وظواهر الأعمال ، لا والله ، إنما نيلها بالصدق والانكسار، والذل والافتقار وإتباع سنة النبي المختار ، وهجر الأغيار.

70 ـ من اعتز بذي العزة عز ومن اعتز بغيره وقف معه بلا عز.

71 ـ كتاب الله آية جامعة اندرجت فيها الآيات الربانيات ، من أنعم الله عليه بفهم بواطن كتابه ، والتزام ظاهر الشرع ، فقد جمع بين الغنيمتين ، ومن أخذ برأيه ضل وانقطع عن الباطن والظاهر.

72 ـ ذكر الله جنة من كل نازلة سماوية وحادثة أرضية ، أجل ، إن الذاكر جليس الحق ، فعليه أن يتأدب مع المذكور، لكيلا يقطع عن المجالسة ، التي هي بركة القبول والطهارة عن الغفلة.

73 ـ كل لسان يتكلم مترجماً عن حضرة القلب يظهر بضاعتها ، ويفتح خزانتها ، فمن طهرت حضرُة قلبه طاب لسانه ، وعذب بيانه ، فإن اعتبر بالفتح السيال على لسانه ، واعتنى بتطهير حضرة القلب ازداد عرفانه وبرهانه ، ومن اكتفى بحظ اللسان بقى مع الأقوال قصير الباع عن تناول ثمرات الأفعال.

74 ـ روح جسم المعرفة الانتباه الدائم ، والسر السليم والقلب الرحيم ، والقدم الثابت.

75 ـ من الحكمة أن تودع المعروف أهله ، ومن الصدق أن لا تمنعه أهله ، وثمرة الصنيعين من الله تعالى ، إذا ُأودعت معروفاً فلا تكفره فإنه ثقيل عند الله.

76 ـ ما أفلح من دس ، ولا عز من ظلم ، ولا يتم حال لباغ ، ولا يخذل عبد رضي بالله وكيلاً ونصيرًا.

77 ـ مشكِّك لا يفلح ، ودساس لا يصل ، وبخيل لا يسود ، وحسود لا ينصر ، وكلب الدنيا لا يستولى على لحم جيفتها ، والله محول الأحوال.

78 ـ غارة الله تقصم وتقهر ، وتدمر وتفعل ، وتقلب حال مملكة كسروية لكسر قلب عبد مؤمن انتصر بالله.

79 ـ كل الناس يرون أنفسهم َفيغان على قلوبهم ، فالمحمدي يستغفر ويدفع الحجاب ، والمحجوب يزداد طمساً على طمس ، والمعصوم من عصمه الله.

80 ـ لا دواء للحمق ، ولا دافع للحق ، ولا صحبة للمغرور ، ولا عهد للغادر ، ولا نور للغافل ، ولا إيمان لمن لا عهد له.

81 ـ كتب الله على كل نفس زكية أن تعذَّب في الدنيا بأيدي الأشرار وألسنة الفجار ، وكتب على كل نفس خبيثة أن تسيء للمحسن ، وتمكر باُلمجمل ، والعون الإلهي محيط بالعبد المخلص المنكسر ( وما للظَّالمين من َأنصار ) .

82 ـ علامة العدو أن يرغب بما في يدك ، وأن يرغب عنك إذا قل ما لك ، وأن يستل سيف لسانه بمغيبتك ، وأن يكره أن تمدح ، فدعه لله فهو عثور على لسانه ، كالنار تأكل حطبها ( و َكَفى ِباللهِ نصيرًا ) ، وعلامة الصديق أن يحبك لله فالصق به ، فإن أهل المحبة لله قليل.

83 ـ أول كلام بعض الفقراء وكأنك تدرأ الحدود بالشبهات.

84 ـ لو كنت في زمن الحلاج لأَْفتيت مع من أفتى بقتله إذا صح الخبر ، ولأخذت بالتأويل الذي يدرأ عنه الحد ، ولقنعت منه بالتوبة والرجوع إلى الله ، فإن باب الرحمن لا يغلق.

85 ـ وهب اللهُ عباداً من عباده رتبًا رفيعة أطلع عليها أهل الوهب ، فمن أدرك سر الله في طي هذه المواهب تواضع للخلق جميعاً ، فإن الخواتيم مجهولة ، وساحة الكرم وسيعة ، ولا قيد في حضرة الوهب ( يفعل اللهُ ما يشاءُ ) ، ( يختص ِبرحمته من يشاءُ ).

86 ـ قال بعض الأعاجم من صوفية خراسان : إن روحانية ابن شهريار الصوفي الكبير ، قدس سره ، تتصرف في ترتيب جموع الصوفية في العرب والعجم إلى ما شاء الله ، ذلك لم يكن إلا لله الوهاب الفعال ، النيابة المحمدية عند أهل القلوب ثابتة ، تدور بنوبة أهل الوقت على مراتبهم وتصرف الروح لا يصح لمخلوق ، إنما الكرم الإلهي يشمل أرواح بعض أوليائه ، بل كلهم فيصلح شأن من يتوسل بهم إلى الله ، قال تعالى : ( نحن َأولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة ) ، هذا الحد وإياك وإفراط الأعاجم ، فإن في أعمال بعضهم الإطراء الذي نص عليه الحبيب ، عليه صلوات الله وسلامه ، وإياك ورؤية الفعل في العبد حياً كان أو ميتًا ، فإن الخلق كلهم لا يملكون لأنفسهم ضراً ولا نفعًا ، نعم خذ محبة أحباب الله وسيلة إلى الله ، فإن محبة الله تعالى لعباده سر من أسرار الألوهية يعود صفًة للحق ، وِنعم الوسيلُة إلى الله سر ألوهيته وصفة ربوبيته.

87 ـ الولي من تمسك كل التمسك بأذيال النبي صلى الله عليه وسلم ورضي بالله ولياً.

88 ـ من اعتصم بالله جل ، ومن اعتمد على غير الله ذل ، ومن استغنى بالأغيار قل ، ومن اتبع غير طريق الرسول ضل.

89 ـ العلم نور ، والتواضع سرور.

90 ـ الهمة حالة الرجل مع الله ، يتفاوت علو مرتبة الإيمان بعلو الهمة.


_________________
( بسم الله الرحمن الرحيم ) قل هو الله أحد . الله الصمد . لم يلد ولم يولد . ولم يكن له كفوا أحد .
قل أعوذ برب الفلق . من شر ما خلق . ومن شر غاسق إذا وقب . ومن شر النفاثات في العقد . ومن شر حاسد إذا حسد .


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من المكتبة الرفاعية
مشاركة غير مقروءةمرسل: السبت سبتمبر 29, 2012 8:21 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء أكتوبر 30, 2007 4:26 pm
مشاركات: 3907
مكان: في حضن الكرام

91 ـ من أيقن أن الله الفعال المطلق صرف همته عن غيره ، من علت في الله همته ، صحت إلى الله عزيمته ، وانفصلت عن غير الله هجرته .

92 ـ مائدة الكرام يجلس عليها البر والفاجر.

93 ـ لله عند الخواتيم حنانٌ ولطف على عباده فوق حنان الوالدة على ولدها.

94 ـ إن الله إذا وهب عبده نعمة ما استردها.

95 ـ فيوضات المواهب الإلهية فوق مدارك العقول وتصورات الأوهام.

96 ـ من علم أن الله يفعل ما يريد ، فوض الأمر إلى الفعال المقتدر ، وفرش جبينه على تراب التسليم.

97 ـ كل الحقائق إذا انجلت يقرأ في صحائفها سطر ( ُ كلُّ شيءٍ هالك ِإلا وجه ).

98 ـ إذا أمعنت النظر في دوائر الأكوان رأيت العجز محيطاً بها ، والافتقار قائماً معها ، ولربك الحول والقوة ، والغنى والقدرة ، وحده لا شريك له.

99 ـ مزالق الأقدام : الدعوى ورؤيا النفس ومعارضة الأقدار ، لو كان لك ما ادعيت من الحول والقوة والقدرة لما مت .

100 ـ أين أنت يا عبد الرياسة ، أين أنت يا عبد الدعوى ؟ أنت على غرة ، تنح عن رياستك وغرتك ، والبس ثوب عبديتك وذلتك ، كل دعواك كاذبة ، وكل رياستك وغرتك هزل.

101 ـ القول الفصل ( ُقل ُ كل من عند اللهِ ) ، سر بين الحائطين ، حائطي الشرع والعمل.

102 ـ اسلك طريق الاتباع ، فإن طريق الاتباع خير وطريق الابتداع شر ، وبين الخير والشر بون بين.

103 ـ مرغ خدك على الباب ، وافرش جبينك على التراب ، ولا تعتمد على عملك ، والجأ إلى رحمته تعالى وقدرته ، وتجرد منك ومن غيرك ، علك تلحق بأهل السلامة ( الذين آمنوا وكانوا يتُقون ) ، بركة العبد في الوقت الذي يتقرب به إلى الله عز وجل.

104 ـ الأولياء لهم الحرمة في الباب الإلهي ، ولولا أن جعل الله لهم هذه القسمة لما اختصهم دون غيرهم بولايته سبحانه وتعالى ، هؤلاء حزب الله ، جيشه العرمرم الذي أيد الله به الشريعة ونصر به الحقيقة ، وصان به شرف نبيه صلى الله عليه وسلم وألحقهم به ،قال تعالى ( يا َأيها النِبي حسبك اللهُ ومن اتبعك من اُلمؤمِنين ) .

105 ـ المعرفة بالله على أقسام ، وأعظم أقسامها : تعظيم أوامر الله تعالى ، بين العبد وبين الرب حجاب الغفلة لا غير ، قال تعالى( َفاذكروِني َأذكركم ) ، العبد العارف يفزع إلى الله ، ويتوقع سر الله ، وسر الله العون الناشيء من محض الكرم والعون والفضل من دون سابقة صنع ولا عمل ، القلب يتقلب بين أصبعي قدرة الرحمن فاسألوا الله أن يثبت القلوب على محبته ودينه ( وكَفى ِباللهِ وليا ) .

106 ـ المظاهر البارزة منها ما ُقيض للخير ، ومنها ما ُقيض للشر ، والمتصرف فيها باريها ، فاَلمظهر اُلمَقيض للخيريشكر ، واَلمظهر اُلمَقيض للشر ينكر ، والله في الحالين يذكر ، لا يتم نظام رجل أقامة الله مظهراً للشر ، لأن الله لو أراد أن يتم نظامه لما أقامة مظهراً فيما يكرهه ، دع عنك الاهتمام بتقويم المعوج قبل بروز السانحة المقومة ، فإن سحاب الخير يمطر ِبِإباِنه ، ولا يطَلب قبل أوانه.

107 ـ لا تسقط همتك بيد همك فتنقلب عن المطالب العلية ، فإن الهم كافور الهمة والإقدام عنبرها ، والمقضي كائن وغيره لا يكون.

108 ـ قف عند أفعالك التي وهبت لك ، ولا تكلف نفسك تبديل ما اضطررت لفعله ، ولا تراك مجبورًا ولا مختارًا ، فإن الأمر بين الأمرين.

109 ـ كل ولي يقول ويصول فهو في حجاب القول والصول ، حتى ينقهر تحت سطوة الربوبية ، ويفيء إلى أمر الله ، فإذا فاء دنا فتدلى بصدقه إلى قاب قوسي المتابعة المحمدية ، وحينئذ تصح له رتبة العبودية التي هي أكمل الرتب وأعلاها ، وأقربها من الله وأدناها ، وأعظمها وسيلة إليه وأقواها ، وليس للخلق سواها.

110 ـ كل من اكتحل بإثمد التوفيق علم عْلم اليقين وحق اليقين أن اَلمباطن واَلمظاهر تحت قهر الباطن الظاهر.

111 ـ صفاء القلب والبصيرة ، ونفاذ نور البصر يكون من قلة الطعام والشراب ، لأن الجوع يزيل الكبر والتعاظم والتجبر ، وبه تعذيب النفس حتى تصير مشغولة بالحق ، وما رأيت شيئا يكسر النفس مثل الجوع قط ، وأما الشبع فإنه يورث قسوة القلب وظلمته وعدم نفاذ نور البصيرة ، وتكثر بسببه الغفلة.

112 ـ رعاية خواطر الجيران أولى من رعاية خواطر الأقارب ، لأن الأقارب خواطرهم مجبورة بالقرابة ، والجيران لا.

113 ـ القلب المنور يميل إلى صحبة الصلحاء والعارفين ، وينفر من صحبة المتكبرين والجاهلين .

114 ـ معاملة عباد الله بالإحسان ، توصل العبد إلى الديان ، والصلاة على رسول صلى الله عليه وسلم تسهل المرور على الصراط ، وتجعل الدعاء مستجاباً ، والصدقة تزيل غضب الله والإحسان للوالدين يهون سكرات الموت.

115 ـ صحبُة الأشرار والحمقى والظَلمة وأهل الحسد ، ظلمٌة سوداءٌ.

116 ـ العارف من كان على جانب كبير من سلوك طريق الحق ، مع المواظبة والاستقامة عليه فلا يتركه دقيقة واحدة.

117 ـ الصوفي يتباعد عن الأوهام والشكوك ، ويقول بوحدانية الله تعالى في ذاته ، وصفاته ، وأفعاله ، لأنه ليس كمثله شيء ، يعلم ذلك علمًا يقيناً ، ليخرج من باب العلم الظني ، وليخلع من عنقه ربقة التقليد.

118 ـ الصوفي لا يسلك غير طريق الرسول المكرم صلى الله عليه وسلم فلا يجعل حركاته وسكناته إلا مبنية عليه.

119 ـ الصوفي لا يصرف الأوقات في تدبير أمور نفسه ، لعلمه أن المدبر الحق عز وجل ، ولا يلجأ في أموره ويعول على غير الله تعالى.

120 ـ الصوفي يتجنب مخالطة الخلق مهما أمكن ، لأن الصوفي كلما زاد اختلاطه بالخلق ظهرت عيوبه ، والتبس عليه الأمر ، وإذا خالط البعض فليختر لنفسه صحبة الصالحين ، فإن المرء على دين خليله.

121 ـ نَفس الفقير مثل الكبريت الأحمر لا يصرف إلا بحق لحق.

122 ـ من لم يزن أقواله وأفعاله وأحواله في كل وقت بالكتاب والسنة ، ولم يتهم خواطره لم يثبت عندنا في ديوان الرجال.

123 ـ من علم ما يحصل له هان عليه ما يبذل ، من استقام بنفسه استقام به غيره ، كيف يستقيم الظل والعود أعوج ؟ الفقير إذا كسر نفسه وذل وانداس واحترق بنار الشوق والصدق وثبت في ميدان الاستقامة بين يدي الله تعالى ، صار معدن الخيرات ومقصد المخلوقات وصار كالغيث أين وقع نفع ويكون حينئذ رحمة وسكينة على خلق الله تعالى .

124 ـ ربما اتِبع الكاذب وهجر الصادق ، وكُثرت طقطقُة النعال حول المغرورين ، وتباعد الناس عن المتروكين ، فلا تعجب من ذلك فإن حال النفس تحب القبة اُلمزينة والقبر المنقوش والرواق الوسيع وتألف الشيخ الكبير العمامة الوسيع الكم الكثير الحشمة ، فسير همة القلب لا همة النفس لكشف هذه الحجب ، وقل لنفسك لو رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم على حصيرة وقد أثرت في جنبه الشريف ورأيت أهل بيته ، رضوان الله وسلامه عليهم ، لا طعام لهم ولا حشم ، ثم رأيت كسرى العجم على سريره المرصع بالجواهر واليواقيت ، وأهل بيته مستغرقين بالترف والنعيم ، محاطين بالخدم والحشم ، أين تكونين ؟ ومع أي صنف تنصرفين ؟ فلا بد إن وفقها الله ، أن تحب معية رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهل بيته ، َفُقد بهذا الشأن همَة القلب إلى أهل الحال المحمدي تحسب في حزب الله ( َألا ِإنَّ حزب اللهِ هم اُلمفلحون ) ، وإياك أن تنظر حال تقشفك شيئاً ، فإن الجوع بلا معرفة وأدب محمدي ، وصف من أوصاف الكلاب ، فارفع قدرك بالأدب المحمدي إلى مراتب أهل الوصلة من صدور القوم ، واقطع عنك رؤية العمل ، واطمس حروف أنانيتك فإنها بقية إبليس ، وكن عبدًا محضًا تفز بقرب سيدك ، وكفى بالله وليًا.

125 ـ تعلق الناس اليوم بأهل الحرف والكيمياء والوحدة والشطح والدعوى العريضة ، إياك ومقاربة مثل هؤلاء الناس فإنهم يقودون من اتبعهم إلى النار وغضب الجبار ويدخلون في دين الله ما ليس منه ، وإن من جلدتنا إذا رأيتهم حسبتهم من سادات الدعاة إلى الله تعالى ، حسبك الله ، إذا رأيت أحدا منهم فقل ( يا َليت بيِني وبينك بعد اَلمشِرَقين ) .

126 ـ جاهل ٌمن أهل هذه الخرقة يْلصق يدك بيد القوم ويأمرك بذكر الله وملازمة الكتاب والسنة ، خير من تلك الطائفة كلها ، فر منهم كفرارك من الأسد ، كفرارك من المجذوم ، قال حذيفة رضي الله عنه : " كانوا يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير ، وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني ، فقلت يا رسول الله : إنا كنا في جاهلية وشر ، فجاءنا الله بهذا الخير ، فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال : نعم ، قلت : وهل بعد ذلك الشر من خير ؟ قال نعم ، وفيه دخن ، قلت وما دخنه؟ قال: قوم يستنون بغير سنتي ويهدون بغير هديي ، تعرف منهم وتنكر ، فقلت : فهل بعد ذلك من شر؟ قال : دعاة على أبواب جهنم ، من أجابهم إليها قذفوه فيها ، فقلت يا رسول الله : صفهم لنا ، قال هم من جلدتنا يتكلمون بألسنتنا ، قلت فما تأمرني إن أدركني ذلك؟ قال : تلزم جماعة المسلمين وإمامهم ، قلت فإن لم يكون لهم جماعة ولا إمام ، قال فاعتزل تلك الفرق كلها ، ولو أن تعض على أصل شجرة حتى يأتيك الموت وأنت على ذلك" .

هذه وصية نبيك الأمين ، سيدنا وسيد العالمين ، عليه صلوات الله وسلامه ، فاحفظها واعمل بها ، وإياك والتعزز بالطريق ، فإن ذلك من سوء الأدب مع الله والخلق ، وإنما بنى هذا الطريق على التذلل ، فإن القوم ذلوا حتى أتاهم الله بعٍز من عنده ، وافتقروا حتى أتاهم بغنى من فضله ، واحذر صحبة الفرقة التي دأبها تأويل كلمات الأكابر ، والتفكه بحكاياتهم وما نسِب إليهم ، فإن أكثر ذلك مكذوب عليهم ، وما كان ذلك إلا من عقاب الله للخلق ، لما جهلوا الحق وحرصوا على الخير ، فابتلاهم الله بأناس من ذوي الجرأة السفهاء فأدخلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أحاديث ، تنزه مقام رسالته عليه الصلاة والسلام عنها ، من اُلمرغِّبة واُلمرهبة ، والغامضة والظاهرة ، وسلط الله أيضًا أناسًا من أهل البدعة والضلالة فكذبوا على القوم وأكابر الرجال ، وأدخلوا في كلامهم ما ليس منهم ، فتبعهم البعض َفُأْلحُقوا بالأخسرين أعمالاً ، فعليك بالله ، وتمسك للوصول إليه بذيل نبيه عليه الصلاة والسلام ، والشرع الشريف نصب عينيك وجادة الاجماع ظاهرة لك ، لا تفارق الجماعة أهل السنة ، تلك الفرقة الناجية واعتصم بالله ، واترك ما دونه ، وقل في سرك ، أي سيدي، قولي :

فليتك تحلو والحياة مريرة
[align=left]وليتك ترضى والأنام غضاب


وليت الذي بيني وبينك عامر

وبيني وبين العالمين خراب


إذا صح منك الود فالكل هين

وكل الذي فوق التراب تراب



127 ـ لا تعمل عمل أهل الغلو فتعتقد العصمة في المشايخ أو تعتمد عليهم فيما بينك وبين الله ، فإن الله غيور ، لا يجب أن يدخل فيما آل إلى ذاته بينه وبين عبده أحدًا.

128 ـ نعم هم أدلاءُ على الله ووسائل إلى طريقه ، يؤخذ عنهم حال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( رضي اللهُ عنهم ورضوا عنه ) ، نتوسل إلى الله برضا الله عنهم ، لا يخزي الله عباده الذين أحبهم ، وهو أكرم الأكرمين.

129 ـ اترك الفضول وانقطع عن العمل بالرأي ، وإذا أدركك زمان رأيت الناس فيه على ما قلناه ، فاعتزل الناس ، فقد قال عليه الصلاة والسلام : " إذا رأيت شحًا مطاعًا ، وهوى متبعاً ، ودنيا مؤثرة ، وإعجاب كل ذي رأي برأيه فعليك بخويصة نفسك " .

130 ـ تخلق بخلق نبيك ، كن لين العريكة ، حسن الخلق ، عظيم الحلم ، وفير العفو ، صادق الحديث ، سخي الكف ، رقيق القلب ، دائم البشر ، كثير الاحتمال والإغضاء ، صحيح التواضع ، مراعياً للخلق ، راعياً حق الصحبة ، متواصل الأحزان ، دائم الفكرة ، كثير الذكر ، طويل السكوت ، صبورًا على المكاره ، متكلاً على الله ، منتصرًا بالله ، محبًا للفقراء والضعفاء ، غضوبًا لله إذا انتهكت محارم الله.

131 ـ كل ما وجدت ، ولا تتكلف لما فقدت ولا تأكل مَتكئًا ، والبس خشن الثياب كي يقتدي بك الأغنياء ، ولا تحزن لجديد ثيابك قلوب الفقراء ، وتختم بالعقيق ، ونم على فراش حشي بالليف ، أو على الحصير ، أو على الأرض ، قائمًا بسنة نبيك صلى الله عليه وسلم ، في الحركات والسكنات ، والأفعال ، والأقوال والأحوال.

132 ـ حسن الحسن ، وَقبح القبيح ، ولا تجلس ولا تقم إلا على ذكر ، وليكن مجلسك مجلس حلم وعلم وتقوى وحياء وأمانة ، وجليسك الفقير ، ومؤاكلك المسكين ، ولا تكن صخابًا ولا َفحاشًا ولا تذم أحدًا ولا تتكلم إلا فيما ترجوا ثوابه ، وأعط كل جليس لك نصيبه ، ولا تدخر عن الناس ِبرك ، واحذر الناس واحترس منهم ، ولا تطوعن أحد منهم ِبشرك ولا تشافه أحد بما يكره ، وصن لسانك وسماعك عن الكلام القبيح ، ولا تنهر الخادم ، ولا ترد من سألك حاجة إلا بها أو بما يسر من القول ، وإذا خيرت بين أمرين فاختر أيسرهما ما لم يكن مأثما ، وأجب دعوة الداع وتفقد أصحابك وإخوانك واعف عمن ظلمك ، ولا تقابل السيئة بالسيئة ، وقم الليل باكيًا في الباب ، وطب بالله وحده ، وكفى بالله وليًا.

133 ـ قال إمامنا الشافعي رضي الله عنه ، من شهد في نفسه الضعف نال الاستقامة ، وقال أركان المروءة أربعة : حسن الخلق ، والتواضع ، والسخاء ، ومخالفة النفس ، وقال : التواضع يورث المحبة ، والقناعة تورث الراحة ، وقال : الكيس العاقل : الفطن المتغافل ، وقال : إنما العلم ما نفع ، فاشهد نفسك بالضعف والفقر تستقم ، وشيد أركان المروءة تحسب من أهلها ، وتواضع واقنع تصر محبوباً مستريحاً ، وتغافل تكن كيساً ، وخذ من العلم ما ينفعك إذا أقبلت على ربك فإن الدنيا خيال ، وكلها زوال ، والله محول الأحوال.

يا أيها المعدود أنفاسه

لا بد يوماً أن يتم العدد


لا بد من يوم بلا ليلة

وليلة تأتي بلا يوم غد



134 ـ إن الله طوى أولياءه في برد ستره تحت قبابه ، وحجبهم عن غيره ، لا يعرفهم إلا هو ، وهذا إلزام بحسن الظن في الخلق ، فإياك وسوء الظن بأحد ، إلا إذا قامت لك عليه حجٌة شرعية ، فراع شرع الله من دون انتصار إلى نفسك ، آخذاً بالإخلاص ، متجردًا من غرض نفسك ومرض قلبك ، وَقبح ما َقبحه الشرع ، و حسن ما حسنه الشرع ، ولا يكن قولك وفعلك إلا لله ، وإذا لم تقم لك حجة شرعية على الرجل لا تأخذ الخلق أو تؤاخذهم بالشبهات ، عليك بحسن الظن ، فإن لله مع الخلق أسرار مضمرات يغار عليها ، لا يعلمها إلا هو سبحانه وتعالى ( ولكلٍّ ِ وجهٌة هو مولِّيها ) ، فلتكن وجهتك المحجة البيضاء ، شريعة سيد الأنبياء عليه صلوات الله وسلامه ( وكَفى ِبربك هاديًا ونصيرًا ) .

135 ـ أبى العقل إلا إعقال ما بلغه بواسطة الفهم ، وأبى القلب إلا الترقي إلى ما فوق الفهم ، فاجعل همتك قلبية ، وحكمتك عقلية تفلح.

136 ـ في الكف عرق متصل بالقلب ، إذا ُأخذ به شيءٌ من الدنيا تسري آفتها إلى القلب ، وهذه آفة عظيمة مخفية ، لا يطلع عليه الخلائق.

137 ـ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " حب الدنيا رأس كلِّ خطيئة "، ازهد في الدنيا ، وتباعد عن لذائذها ، وإياك ونوم الليل كالدابة ، فإن لله في الليل تجليات ونفحات ، يغتنمها أهل القيام ، ويحرم ثمرتها أهل التلذذ بالمنام ، ُقل للمغرور بأمنه ، المتلذذ بنومه ، المشغول عن ربه :

يانؤوم الليل في لذته

إن هذا النوم رهن بسهر


ليس ينساك وإن نسيته

طالع الدهر وتصريف الغير


إن ذا الدهر سريع مكره

إن علا حط وإن أوفى غدر


أوثق الناس به في أمنه

خائف يقرع أبواب الحذر



138 ـ المشاهدة حضور بمعنى قرب مقرون بعلم اليقين ، وحق اليقين ، فمن حماه الله من البعد والغفلة ، وتقرب إلى الله بعلم اليقين وحق اليقين – بمعنى : "أعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك" فقد دخل حضرة الشهود وهي هذه لا غير ، وإلا فالمشاهدة لغة لا تصح لمخلوق في هذه الدار ، وحسبك قصة موسى عليه السلام.

139 ـ حضرة المشاهدة لغة ومعنى ، حضرة اختص بها صاحب قوسين ، بالقلب والعين ، والاختلاف فيها معلوم ، واختصاصه بها عند أهل الله مجزوم ، َفأدب نفسك بالتقرب إليه بما يرضيه ، تحسب من أهل تلك الحضرة ، بنص: "لا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل" الحديث ، هدى الله هو الهدى ، وكفى بالله ولياً.

140 ـ من تمشيخ عليك تتلمذ له ، ومن مد لك يده لتقبلها فقبل رجلة ، وكن آخر شعرة في الذنب ، فإن الضربة أول ما تقع في الرأس.

141 ـ إذا بغى عليك ظالم ، وانقطعت حيلتك عن دفاعه ، فاعلم أنك حينئذ وصلت بطبعك إلى صحة الالتجاء إلى الله تعالى ، فاصرف وجهة قلبك عن غيره واسقط مرادك في بابه ، واترك الأمر إليه تنصرف إليك مادة المدد ، فتفعل لك ما لا يخطر ببالك ، وهذا سر التسليم وصدق الالتجاء إلى الله ، وإن ارتفعت همتك إلى الرضا بالقدر ، كما وقع للإمام موسى الكاظم ، سلام الله عليه ورضوانه حين اعتقله الرشيد – غفر الله له – وحمله من المدينة إلى بغداد مقيدًا وحبسه ، فبقى في حبسه ، فلم يفرج عنه حتى مات رضي الله عنه ، وُأخِرج ميتاً مسموماً وقيده فيه ، وما انحرف عن قبلة الرضا حتى مات راضياً عن الله ، فتلك مرتبة الفوز العظيم التي درجت ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر ) ِإن ما يوفَّى الصاِبرون َأجرهم ِبغير حساب( وقد اندرج أئمُة أهل البيت – عليهم سلام الله ورضوانه – على الرضا الخالص ، مع قوة الكرامة ورفعة القدر عند الله ، فقد صح أن عبد الملك بن مروان الأموي حمل الإمام عليًا زين العابدين سلام الله عليه ورضوانه من المدينة مقيدًا مغلولاً في أثقل قيود وأغلظ أغلال ، فدخل عليه الزهري ، رحمه الله ، يودعه ، فبكى ، وقال : وددت أني مكانك يا ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : تظن أن ذلك يكربني ؟ لو شئت لما كان ، وإنه ليذكرني عذاب الله تعالى ، ثم أخرج يديه ورجليه من القيد ثم أعادها ، فعلم الزهري ، رحمه الله ، أن الإمام حل منزلة الرضا ، ووصل مقام التسليم المحض ، ودخل حضرة الفوز العظيم ، فطاب صدره ، وسلا حزنه.

142 ـ فزن نفسك ، فإن قدرت على المرتبة العليا وهي رتبة الرضا فافعل ، وإلا فانزل إلى المرتبة الثانية التي هي مرتبة صدق الالتجاء إلى الله مع قطع النظر عن تدبيرك وحولك وقوتك وكلك وجزئك ، وهو تعالى يفعل بك بنصره وقدرته فوق إرادتك وتدبيرك ) وكَفى ِباللهِ نصيرًا ) .

143 ـ إذا هرعت إلى الله ، والتجأت إليه ، فاجعل وسيلتك حبيبه صلى الله عليه وسلم تسليمًا ، وأكثر من الصلاة والسلام عليه ما أمكنك ، وقف في باب الله بالعمل بسنته عليه الصلاة والسلام ، واسأل الله سبحانه معتمدًا عليه تعالى ، مستعيناً به متوكلاً عليه ، وإذا ُأغلَقت عليك الأبواب ، فترقب من الفتاح فتح الباب ، فما سد الخلق طريقاً إلا فتحه الخالق ، انفرادًا بربويته ، وتعززًا بألوهيته ، فلا تقنط من رحمته ، ولا تيأس من روحه ، وعليك به ( وكَفى ِباللهِ وليا ).

144 ـ التوفيق في جميع الأحوال إنما هو من الله سبحانه وتعالى ، دع هم الحسود ، َفهمه بك فوق همك به ، خلِّ جانب الأحمق فكدرك به فوق كدره بنفسه ، لازم مجالس العقلاء ، وخذ الحكمة أين رأيتها ، فإن العاقل يأخذ الحكمة لا يبالي على أي حائط كتبت وعن أي رجل نقَلت ، ومن أي كافر سمعت.

145 ـ هذه الدنيا خلَقت للعبرة ، والعبرة بكل ما فيها عقل ، فخذ بقوة عقلك العبرة من كل مأخذ ، واصرف نظرك عن محلها ، إياك والتقرب من أهل الدنيا ، فإن التقرب منهم يقسي القلب ، والتواضع لهم موجب لغضب الرب ، وتعظيمهم يزيد في الذنوب.

146 ـ اتخذ الفقراء أصحاباً وأحباباً وعظمهم ، وكن مشغولاً بخدمتهم ، وإذا جاءك واحد منهم فانتصب له على أقدامك وتذلل له ، وإذا وقعت خدمتك لدى الفقراء موقع القبول فاسألهم الدعاء الصالح ، واجتهد أن تعمر لك مقاماً في قلوبهم ، فإن قلوب الفقراءِ مواطن الرحمة ومواقع النظرالقدسي ، وصف خاطرك من الرعونات البشرية ، ومن كان لك عليه حق أو له عليك حق ، فداره حتى يعطيك حقك ، أو إلى أن تعطيه حقه ، وإن قدرت فسامح من لك عليه حق يعوض الله عليك ، وكن مع الخلق بالأدب ، فإنه أدب مع الخالق.

147 ـ تب بكليتك من رؤية نفسك ونسبك وأهلك ، فإن من أبطأ به عمله ، لم يسرع به نسبه.

148 ـ قم ِبصَلة رحم رسول صلى الله عليه وسلم ، عظِّم ذوي قرابته ، فإن طوق منته في أعناقنا ، قال تعالى: ( ُقل لا َأسَأُلكم عَليه َأجرًا ِإلا اَلمودَة في الُقربى ).

149 ـ صحح الحب لجميع أصحابه رضوان الله وسلامه عليهم ، فإنهم مصابيح الهدى ، ونجوم الإقتداء ، قال عليه الصلاة والسلام : " أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم ".

150 ـ خف الله ، خف الله ، رأس الحكمة مخافة الله ، عليك بتقوى الله فإنها جماع كل خير ، هذه نصيحتي لك.

151 ـ أي أخي أخذتني سكرة التعليم إلا أني جربت الزمان وأهله ، وعاركت النفس ، وخدمت الشرع ، وانتفعت بصحبة أهل الصفا ، فاقبل نصيحتي ، فإنها إن شاء اللهُ نشأت بإخلاص عن حب لك ، رب حامل فقه إلى من هو أفقه منه.

152 ـ أي عبد السميع اعمل بنصيحتي ، ولا تراني رجلاً ، إن قال لك قائل أنَّ في مملكة الرحمن مخلوقاً هو أضعف من هذا اللاشيء ُأحيمد فلا تصدقه ، بل أقول يسر الله علي وعليك الطريق ، وجعلنا وإياك والمسلمين من المصطفين الأخيار والمخلصين الأبرار ، أحباب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ( وكَفى ِباللهِ وليا ) والحمد لله رب العالمين .

تم الكتاب الجليل وبالخير عم والحمد لله رب العالمين والترقيم من عندي .
[/align]

_________________
( بسم الله الرحمن الرحيم ) قل هو الله أحد . الله الصمد . لم يلد ولم يولد . ولم يكن له كفوا أحد .
قل أعوذ برب الفلق . من شر ما خلق . ومن شر غاسق إذا وقب . ومن شر النفاثات في العقد . ومن شر حاسد إذا حسد .


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من المكتبة الرفاعية
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء أكتوبر 02, 2012 5:57 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء أكتوبر 30, 2007 4:26 pm
مشاركات: 3907
مكان: في حضن الكرام
وهذا كتاب حالة أهل الحقيقة مع الله لسيدنا ومولانا أحمد الرفاعي رضي الله تعالى عنه ويسمى عند البعض بالأربعين حديثاً الرفاعية ، وهو عبارة عن أربعون حديثاً يرويها لنا الإمام بسنده المتصل إلى حضرة جده صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم مع شرحها له رضي الله تعالى عنه ..

مقدمة الكتاب للإمام أحمد الرفاعي


بسم الله الرحمن الرحيم



الحمد لله حمدًا نصلُ به إلى كشف الحجاب ، ونعد به من الأحباب ، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، ونشهد أن محمدًا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله ، وحبيبه وصفيه ، وخيرُته من خلقه ، بعثه اللهُ بالنور الساطع ، والبيان اللامع ، والسيف القاطع ، فبلَّغ الرسالة ، وأدى الأمانة ، وأوضح السنَّة ، وأسس الشريعة ، ونصح الأمة ، وعبد اللهَ حتى أتاه اليقين ، فصلوات الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد فهذه جملٌ نذكر فيها حالة أهل الحقيقة مع الله ، ولا حول ولا قوَة إلا بالله ، وذلك لترتاض النفوس ، ولتتروح القلوب بنسبة ما ألفت إليه ، وإلا فمنبعنا وقتي ، وثريدنا طري ، من مائدة النبي صلى الله عليه وسلم ، بالتنزل الإلهي ، ما فيه َقديد.

الحديث الأول



حدثنا الشيخ الإمام المقْري القاضي الثقة ، علي أبو الفضل الواسطي بمدرسته في واسط ، قال: أنبأنا أبو علي الحسن بن علي بن المهّذب ، قال: أنبأنا أبو بكر أحمد ابن جعفر القطيعي ، قال: أنبأنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، قال : حدثني أبي ، قال: حدثنا قتيبة بن سعيد بن الليث بن سعد ، عن ابن الهادي ، عن محمد بن إبراهيم بن الحرث ، عن عامر بن سعد عن العباس بن عبد المطلب ، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربًا ، وبالإسلام دينًا ، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيًا " .
وهذا الذوق المنبعث عن هذا الرضا هو المعرفة بالله تعالى ، والمعرفة نور أسكنه اللهُ تعالى قلب من أحبه من عباده ، ولا شئ أجل وأعظم من ذلك النور، وحقيقة المعرفة حياة القلب بالمحيي ( أومن َكان ميَتًا َفأَحييَناه ) وقال تعالى ( لِينْذر من َ كان حيًا ) ، وقال تعالى ( فَلُنحيينَّه حياًة َ طيبة )، وقال سبحانه : ( استجيبوا لِلَّه ولِلرسول إَِذا دعاكم لِما يحييكم ) ، َفمن ماتت نفسه بعدتْ عنه دنياه ، ومن مات قلبه بعد عنه مولاه ، وسئِلَ ابن السماك: متى يعرف العبد أنه على حقيقة المعرفة ؟ قال: إذا شاهد الحق بعين اعتباره فانيًا عن كل من سواه ، وقيل: المعرفة فقدان رؤية ما سواه بحيث يصير ما دون الله تعالى عنده أصغر من خردلة قال تعالى ( قل اللَّه ُثم َذرهم ) من نظر إلى الله تعالى لم ينظر لا إلى الدنيا ولا إلى العقْبى ، وشمس قلب العارف أَضوأُ من شمس النهار ، وأبهج منها في مطلع الأنوار.

طلعتْ شمس من أحبك ليلاً

فاستنارتْ فما لديها غروب


إن شمس النهار تغرب ليلاً

وشموس القلوب ليست تغيب



قال ذو النون: إطِّلاع الحق سبحانه على الأسرار بمواصلة المدد كإطلاع الشمس على الأرض بإشراق الأنوار ، فعليكم بتصفية القلوب ، فإنها مواضع نظره ومواطن سره ، فإن من عرف الله لا يختار حبيبًا سواه ، وفي الخبر" إن الله تعالى خلق الخلْق في ُ ظلمة ، ثم ألقى عليهم شيئًا من نوره ، فمن أصابه من ذلك النور اهتدى ، ومن أخطأه ضلَّ وغوى" وهو نور يخرج من سرادق المنَّة ، فيقع في القلب ، فيستنير به الفؤاد ، ويبلغ شعاعه إلى حجب الجبروت ، ولا يحجبه عن الحق الجبروت ولا الملكوت ، فيصير العبد في جميع أفعاله وأقواله وحركاته وإرادته ، في حياته ومماته ، صائرًا إلى النور ، ( اللهُ ُنور السموات والأَرض يهدي اللهُ لُِنوره من يشاء ).

إن كنت لست معي فالذكر منك معي

قلبي يراك وإن ُغيبت عن بصري



قال يحيى بن معاذ: المعرفة قرب القلب إلى القريب ، ومراقبة الروح للحبيب ، والانفراد عن الكل بالملك المجيب ، وقال ذو النون: هي تخلية السر عن كل إرادة وترك ما عليه العادة وسكون القلب إلى الله بلا علاقة ، وقال بعضهم : هيئتها جنون ، وصورتها جهل ، ومعناها حيرة ؛ فإن العارف يشغُله علْم الله تعالى عن جميع الأسباب ، فإذا نظر إليه الخلق استجهلوه ، ويكون أبدًا في ميدان العظمة ولِهًا بين الخلْق ، فإذا رأوه استجنُّوه ، ويكون بكّليته فانيًا بحب جلال عظمته تعالى ، مشغولاً عن من سواه ، فإذا أبصروه استدهشوه ، ولا يقدر أحد أن يخِبر عن المعرفة بالله تعالى ، فإنها منه بدت وإليه تعود ، فالعارف َفان تحت اطِّلاع الحق تعالى ، باق على بساط الحق بلا نفس ولا سبب ، فهو ميتٌ حي ، وحي ميتٌ ، ومحجوب مكشوف ، ومكشوفٌ محجوب ، تراه والهًا على باب أمره ، هائمًا في ميدان ِبره ، مَتدلِّ لا تحت جميل ستره ، فانيًا تحت سلطان حكمه ، باقيًا على بساط ُلطفه ، العارفون صارت أنفسهم فانية تحت بقائه وسلطانه عن كل حول وقوة ، تراهم باقين بحوله وقوته ، متلاشين عن كونهم وأسبابهم تحت جلال ألوهيته ، ملوكًا به دون مملكته ، فقرهم به وغناهم به ، وعزهم به وذلُّهم به.

يروى أن الله تعالى أوحى إلى داود عليه السلام : يا داود اعرفني واعرف نفسك ، فتفكر داود فقال: إلهي عرفتك بالفردانية والقدرة والبقاء ، وعرفت نفسي بالعجز والفناء ، فقال : الآن عرفتني ، وروي في الخبر: لو عرفتم الله تعالى حق معرفته لعلمتم العلم الذي ليس بعده جهل ، ولزالت الجبال بدعائكم ، مع أنه لا ينتهي أحد ولا يبلغ منتهى معرفته ، إن الله تعالى أعظم من أن ينتهي أحد إلى منتهي معرفته ، وقال الإمام جعفر الصادق عليه الرضوان والسلام : لا يعرف الله حق معرفته من التفت منه إلى غيره.

المعرفة هي طيران القلب في سرادق الأُنس والألفة ، جوالاً في حجب الجلال والُقدرة ، وهذه حالة من صمت أذناه عن البطالات ، وعميت عيناه عن النظر إلى الشهوات ، وخرس لسانه عن التكلم بالتُّرهات ، وقيل لأبي يزيد أترى الخلق ؟ ، قال : به أراهم ، و سئل محمد بن واسع: هل عرفت ربك فسكت ساعة ثم قال : من عرف الله تعالى قلَّ كلامه ، ودام تحيره ، وَفني عن صور الأعمال ، وتحير مع الاتصال ، متقربًَا في جميع الأحوال ، منقطعًا عن الحال إلى ولِي الحال ، فإن الأمور بحقائقها لا بالحس وصورها.

قال أبو يزيد : ليس على تحقيق بالمعرفة من رضي بالحال دون ولي الحال فإن من عرف الله َ كلَّ لساُنه ، ودهش عقُله ، العارف إن تكلم بحالِه هَلك، وإن سكت احترق . قال أبو بكر الواسطي: المعرفة على وجهين : معرفة الإيقان ، ومعرفة الإيمان ، فمعرفة الإيمان شهادُة اللسان بتوحيد الملك الديان ، والإقرار بصدق ما في القرآن ، وأما معرفة الإيقان فهي دوام مشاهدة الفرد الديان ِبالجَنان ، وقال بعضهم : هي على ضربين ، الأول هو أن يعرف أن النعمة من الله تعالى ، قال الله تعالى ( وما ِبكم من نعمة َفمن اللهِ ) فيقوم بشكره فيستزيد به النعمة من الله ، بدليل قوله تعالى ) لئن شكرتم لأزيدنكم( ، والثاني رؤية المنعم من غير أن يلتفت إلى النعمة فيزيد شوقه إلى المنعم ، ويقوم بحق معرفته ومحبته ، وذلك قوله تعالى ( يا أَيها النَِّبي حسبك اللهُ ) ( َفإِن َتولَّّوا َفُقلْ حسِبي اللهُ) ، وقال ذو النون المصري: هي على ثلاثة أوجه : أولها معرفة التوحيد ، وهي لعامة المؤمنين ، والثاني معرفة الحجة والبيان ، وهي للعلماء والبلغاء والحكماء ، والثالث معرفة صفات الفردانية ، وهي لأهل ولاية الله تعالى وأصفيائه الذين أظهر الله لهم ما لم يظْهر لمن دونهم ، وأعطاهم من الكرامات ما لم يجز أن يوصف ذلك بين يدي من لا يكون أهلاً له ؛ خصهم الله من بين الخلائق واصطفاهم لنفسه واختارهم له ، فحياتهم رحمة ومماتهم غبطةٌ ، طوبى لهم . وقال غيره: هي على وجهين : معرفة التوحيد ، وهو إثبات وحدانية الواحد القهار ، ومعرفة المزيد وهي التي لا سبيل لأحد إليها .

أقول: هي كشجرة لها ثلاثة أغصان توحيد وتجريد وتفريد ، فالتوحيد بمعنى الإقرار ، والتجريد بمعنى الإخلاص ، والتفريد بمعنى الانقطاع إليه بالكلية في كل حال ، وأول مدارج المعرفة التوحيد ، وهو قطع الأنداد ، والتجريد ، وهو قطع الأسباب ، والتفريد وهو بمعنى الاتصال بلا سير ولا عين ولا دون ، ولها خمس طرائق ، أولها : الخشية في السر والعلانية ، والثانية : الانقياد له في العبودية ، والثالثة : الانقطاع إليه بالكلية ، والرابعة : الإخلاص له بالقول والفعل والنية ، والخامسة : المراقبة في كل خطرة ولحظة.

وحكي عن عبدالباري قال: خرجت مع أخي ذي النون فإذا نحن بصبيان يرمون واحدًا بالحجارة ، فقال لهم أخي : ما تريدون منه ؟ قالوا : هذا رجلٌ مجنون ، ومع ذلك يزعم أنه يرى الله تعالى ، قال: فدنونا منه ، فإذا هو شاب وسيم ، ظهر عليه سيما العارفين ، فسلَّمنا عليه ، وقلنا : إنهم يزعمون أنك تدعي رؤية الله تعالى ، فقال: إليك عني يا بطال ، لو فقدته أقل من طرفة عين َلمتُّ من ساعتي ، وأنشأ يقول:

طَلب الحبيب من الحبيب رضاه

ومنى الحبيب من الحبيب لقاه


أبدًا يلا حظه بعيني قلبه

والقلب يعرف ربه ويراه


يرضى الحبيب من الحبيب بقربه

دون العباد ، فما يريد سواه



فقلت له : أمجنون أنت ؟ فقال : أما عند أهل الأرض فنعم ، وأما عند أهل السماء فلا ، قلت : فكيف حالك مع المولى ؟ فقال : منذ عرفته ما جفوته ، فقلت منذ كم عرفته ؟ قال: منذ جعل اسمي في المجانين.

_________________
( بسم الله الرحمن الرحيم ) قل هو الله أحد . الله الصمد . لم يلد ولم يولد . ولم يكن له كفوا أحد .
قل أعوذ برب الفلق . من شر ما خلق . ومن شر غاسق إذا وقب . ومن شر النفاثات في العقد . ومن شر حاسد إذا حسد .


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من المكتبة الرفاعية
مشاركة غير مقروءةمرسل: الجمعة أكتوبر 12, 2012 7:59 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء أكتوبر 30, 2007 4:26 pm
مشاركات: 3907
مكان: في حضن الكرام

الحديث الثاني

أخبرنا شيخنا الإمام المقري القاضي أبو الفضل علي الواسطي بمدرسته بواسط ، قال: أنبأنا الشريف النقيب أبو الفوارس طراد بن محمد بن علي الزينبي ، قراءة عليه ونحن نسمع ، قال : أنبأنا أبو الحسين علي بن محمد قال : أنبأنا أبو علي الحسين بن صفوان قال: أنبأنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي الدنيا ، قال : أنبأنا الهيثم بن خارجة ، قال: أنبأنا ُثقية بن الوليد عن أبي بكر بن أبي مريم قال: حدثني حمزة بن جندب ، عن أبي يعلى شداد بن أوس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الكيس من دان نفسه وعملَ لِما بعد الموت ، والعاجز من أَتْبع نفسه هواها وتمّنى على الله" فالعمل بسر هذا الحديث ، هو المعرفة .

نعم ، إن المعرفة من العبد والتعريف من الرب تعالى ، وهي أشرف وأعظم الهدايا التي يهديها إلى عباده ، فإن الله تعالى إذا أراد أن يختار عبدًا من عبيده ويفضله على من سواه من َخلْقه ويطْلع في سره شمس المعرفة ، ينظر إليه بعين الفضل والرحمة ، ويفتح له أبواب الهداية ثم يكرمه بالانتباه ، ويوقظه من نومة الغافلين ، وينعم ويمن عليه بشرح القلب ، ويذهب عنه موت القلب بالفهم ، ويذهب عنه الوهم ، ويكرمه بالحياء والخوف واليقين ، ويذهب عنه الشك وجراءة الأمن ، فإذا اجتمعت في العبد هذه الخصال ، أشرق فؤاده بنور ، فيرى ما دون حجب الجبروت ، وتشتاق إليه الجَنان ، ويخمد منه لهبات النيران ، ولو أن المعرفة ُنقشتْ على شيء ما نظر إليها أحد إلا مات من حسنها وجمالها ، لكل أحد رأس مال ، وهي رأس مال المؤمن .

وقال رجل لذي النون : إّني لأحبك ، فقال : إن كنت عرفت الله فحسبك الله وإن لم تعرفه فاطلب من يعرفه حتى يدلك عليه.
وعندي أن المعرفة كشجرة يغرسها ملك في بستانه ، ثمينةٌ جواهرها ، مثمرةٌ أغصاُنها ، حلوةٌ ثمارها ، طريفةٌ أوراُقها ، رفيعةٌ فروعها ، نقيةٌ أرضها ، عذب ماؤها ، طيب ريحها ، صاحبها مشفقٌ عليها لعزتها ، مسرور بحسن زهرتها ، يدفع عنها الآفات ، ويمنع عنها البليات ، وكذلك شجرُة المعرفة التي يغرسها الله تعالى في بستان قلب عبده المؤمن ، فإنه يتعهدها بكرمه ، ويرسل عليها كل ساعة سحائب المّنة من خزائن الرحمة ، فيمطر عليها قطرات الكرامة برعد الُقدرة وبرق المشيئة ، ليطهرها من غبار رؤية العبودية ، ثم يرسل عليها نسيم لطائف الرأفة من حجب العناية ، لِيتم لها شرف الولاية بالصيانة والوقاية ، فالعارف أبدًا يطوف بسره تحت ظلالها ، ويشم من رياحينها ، ويقطع منها ِبمنْجل الأدب ما فسد من ثمارها وحلَّ فيها من الخبث والآفة ، فإذا طال مَقام سر العار ف تحَتها ، ودام جولانه حولها ، هاج أن يتلذذ بثمارها ، فيمد إليها يد الصفاء ، ويجتبي ثمارها بأنامل الحرمة ، ثم يأكَلها بفم الاشتياق ، حتى تغلبه نار الاستغراق ، فيضرب يد الانبساط إلى بحر الوداد ، ويشرب منه شربة يسكر بها عن كل ما سوى الحق سكرة لا يفيق منها إلا عند المعاينة ، ثم يطير بجناح الهمة ، إلى ما لا تدركه أوهام الخلائق .

وقيل للواسطي : أي الطعام أشهى ؟ قال : لقمةٌ من ذكر الله تعالى ، ُترَفع بيد اليقين من مائدة الخلْد ، عند حسن الظن بالله تعالى .
قال النساج: يخرج أكثر أهل الدنيا من الدنيا ولم يذوقوا طيباتها المقصودة ، قيل: وما هي ؟ قال: سرور المعرفة ، وحلاوُة المّنة ، ولذائُذ الُقربة ، وأنس المحبة .

وقال محمد بن واسع : حقَّ لمن أعزه الله بمعرفته أن لا يذلَّ َنفْسه لغيره ، وحقَّ لِمن والاه الله بولايته أن يقوم بحقه ، وحقَّ لمن أكرمه الله بصحبته أن لا يميل إلى غيره ، ولا يعمل بهوى نفسه .

وقال أبو يزيد: إن في الليل شرابًا لقلوب العارفين ، تطير به قلوبهم حبًا لله وشوقًا إليه ، ألا إن الناظرين إليه لا إلى غيره ذهبوا بصفوة الدنيا والآخرة .

أقول: وهذا الشراب هو التحير ، وهو على ضربين : تحير وحشة وتحير دهشة ، فتحير الوحشةْ للمطرودين ، وتحير الدهشة للعارفين المشتاقين ، يا دليل المتحيرين زدني تحيرًا.


_________________
( بسم الله الرحمن الرحيم ) قل هو الله أحد . الله الصمد . لم يلد ولم يولد . ولم يكن له كفوا أحد .
قل أعوذ برب الفلق . من شر ما خلق . ومن شر غاسق إذا وقب . ومن شر النفاثات في العقد . ومن شر حاسد إذا حسد .


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من المكتبة الرفاعية
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين أكتوبر 15, 2012 7:23 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء أكتوبر 30, 2007 4:26 pm
مشاركات: 3907
مكان: في حضن الكرام

الحديث الثالث

أخبرنا العبد الصالح الثقة الشيخ أبو محمد بن عبد الله بن الحسين بن أحمد بن جعفر الآمدي الواسطي ، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن علي بن كاتب الوقف بواسط ، قال: أنبأنا أبو الحسن محمد بن علي الرواسي إملاء بجامع واسط ، قال: أنبأنا أبو القاسم عبيد الله بن تميم ، قال: أنبانا أحمد بن إبراهيم الإمام ، قال: أنبأنا علي بن حرب بن زيد بن الحباب ، قال: أنبأنا علي بن مسعدة الباهلي ، قال: أنبأنا َقتادة ، أنه سمع أنس بن مالك يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "الإسلام علانيةٌ والإيمان في القلب والتقوى ها هنا" ، يقولها ثلاثًا ويشير بيده إلى صدره صلى الله عليه وسلم ، والتقوى التي َتَقر في القلب فتحكم فيه الإيمان ، هي روح المعرفة .

أي سادة ، إن الله تعالى جعل لكل شيء َقدرًا ، ولكل َقدر حدًا ، ولكل حد سببًا ، ولكل سبب أجلاً ، ولكل أجل كتابًا ، ولكل كتاب أمرًا ، ولكل أمر معنى ، ولكل معنى صدقًا ، ولكل صدق حقاً ، ولكل حق حقيقة ، ولكل حقيقة أهلاً ، ولكل أهل علامة ، فبالعلامة يعرف المحق من المبطل ، وكل قلب أقعده على بساط تحقيق المعرفة وقَّع بسيماء المعرفة على وجهه ، ويظهر أثرها في حركاته وأفعاله وأقواله ، كما قال الله تعالى : ( تعرُفهم ِبسيماهم ) وقال صلى الله عليه وسلم : " من أسر سريرة ألبسه الله رداءها ، إن خيرًا فخير ، وإن شرًا فشر".

وقيل ليحيى بن معاذ : ما بال العارفين أحسن وجوهًا وأكثر هيبة من غيرهم ؟ فقال: لأنهم خلوا بالله مستأنسين ، وَقربوا إلى الله متوجهين ، وفزعوا إليه مَتولِّهين فكساهم الله بنور معرفته ، فيه ينطقون ، وله يعملون ، ومنه يطلبون وإليه يرغبون ، أولئك خواص الله السابقون ، سعيهم في طاعة الله من غير علاقة وينصحون العامة من غير طمع ، مشتاقون منيبون إلى الله تعالى ، قلوبهم له وجلة ، نفوسهم وحشيةٌ وقلوبهم عرشيةٌ ، وعقوُلهم مغشيةٌ ، وأرواحهم ياسينيةٌ ، كلُّهم معصوم بقلبه عن فتنة الناس ، وذكر الله يحميه من شر الوسواس ، صدره مشروح ، وجسمه مطروح ، وقلبه مجروح ، وباب الملكوت له مفتوح ، قلبه مثل القنديل ، وجوارحه خاضعة كالمنديل ، لسانه مشغولٌ بتلاوة القرآن ، ولونه مصَفر من خوف الهجران ، ونفسه ذائبةٌ في خدمة الرحمن ، وقلبه زاهر بنور الإيمان ، نفسه مشغولةٌ بالطلب ، وروحه مشغولةٌ بُقرب الرب ، على لسانه وصف الربوبية ، وعلى أركانه خدمة الديمومية ، وعلى نفسه أثر العبودية ، وفي قلبه هيبة الفردانية ، وفي سره الطرب بالألوهية ، وفي روحه شغف الوحدانية أفواه هم إليه ضاحكة ، وأعينهم نحوه طامحة ، وقلوبهم به متعلقة ، وهمومهم إليه واصلة ، وأسرارهم إليه ناظرة ، رموا ذنوبهم في بحر التوبة ، وطرحوا طاعاتهم في بحر المّنة ، وضمائرهم في بحر العظمة ، ومرادهم في بحر الصفوة وهممهم في بحر المحبة ، في ميدان خدمته يتقّلبون ، وتحت ظلال كرمه يتنفسون ، وفي رياض رحمته يرَتعون، ومن رياحين امتنانه يشمون ، ينظرون إلى الدنيا بعين الاعتبار ، وإلى الآخرة بعين الانتظار ، وإلى أنفسهم بعين الاحتقار ، وإلى طاعتهم بعين الاعتذار لا الاستكثار ، وإلى الغفران بعين الافتقار وإلى المعرفة بعين الاستبشار ، وإلى المعروف سبحانه بعين الافتخار ، يرمون أنفسهم إلى البلوى ، وأرواحهم إلى العقبى ، وقلوبهم إلى النجوى ، وأسرارهم إلى المولى ، أنفسهم تاركةٌ للدنيا ، وأرواحهم للعقبى ، وقلوبهم مستأنسة بالذكرى وأسرارهم بحب المولى ، قلوبهم معدن التعظيم والهيبة ، وألسنتهم معادن الحمد والمدحة ، وأرواحهم مواطن الشوق والمحبة ، وأنفسهم مقهورة تحت سلطان العقل والفطنة ، وأكثر همتهم التفكير والعبرة ، وأكثر كلامهم الثناء والمدحة عملهم الطاعة والخدمة ، ونظرهم إلى لطائف صنع رب العزة ، أحدهم تراه مصفرًا من خوف فراقه ، ذائب الأطراف من هيبة جلاله ، طويلَ الانتظار شوقًا إلى لقائه ، سلك طريق المصطفى ، ورمى الدنيا خلف القفا ، وأذاق الهوى طعم الجفا ، وقام على قدم صدق الوفا ، حاله في الدنيا غريب ، وقلبه في صدره غريب ، وسره في نفسه غريب ، فلا يستريح من َغم الغربة ووحشتها ما لم يصل إلى الحبيب ، فأمره عجيب ، والمولى له طبيب ، وكلامه وجداني ، وقلبه فرداني وعقُله رباني ، وهمه صمداني ، وعيشه روحاني ، وعمله نوراني ، وحديثه سماوي ، جعل اللهُ قلبه موضع سره وموطن نظره ، وزينه بحلي ربوبيته وأدخله دار الإمارة من سلطانه ، يدور بالفؤاد حول عزته ، ويرتع في روضات ُقدسه ، ويطير بجناح المعرفة في سرادقات غيبه ، ويجول في ميادين قدرته وحجب جبروته ، لو رآه الجاهل بشأنه مات فزعًا بعد معرفته له من ساعته علامُته في الدنيا أن يكون البلاء عنده عسلاً ، والأحزان رطبًا ، وفي الآخرة كل واحد يقول نفسي نفسي ، وهو يقول ربي ربي ، مرادي مرادي.

العارف علامته أربعة : حبه الجليلَ ، وتركه الكثير والقليل ، واتِّباعه التنزيلَ وخوُفه من التحويل ، العابد ذو َنصب ، والخائف ذو هرب ، والمحب ذو َشغب والعارف ذو طرب.


_________________
( بسم الله الرحمن الرحيم ) قل هو الله أحد . الله الصمد . لم يلد ولم يولد . ولم يكن له كفوا أحد .
قل أعوذ برب الفلق . من شر ما خلق . ومن شر غاسق إذا وقب . ومن شر النفاثات في العقد . ومن شر حاسد إذا حسد .


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من المكتبة الرفاعية
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء أكتوبر 16, 2012 6:30 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء أكتوبر 30, 2007 4:26 pm
مشاركات: 3907
مكان: في حضن الكرام

الحديث الرابع

أخبرنا شيخنا الولي التقي الثقة المقْري القاضي أبو الفضل علي الواسطي القرشي بمدرسته في واسط ، قال: أنبأنا أبو علي الحسن بن أحمد بن الحسن الحداد ، قال: أنبأنا علي أبو طاهر الحسن بن الوزير أبي القاسم علي بن صدقة بن علي ، قال: أنبأنا أبو المطهر سعد بن عبد الله الأصبهاني ، قال: أنبأنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله بن أحمد الحافظ ، قال: أنبأنا أبو محمد عبد الله بن جعفر بن فارس قال: أنبأنا أبو مسعود أحمد بن الفرات ، قال: أنبأنا أبو داود الحضري ، قال : أنبأنا ابن الربيع عن نعيم بن حنظلة ، عن عمار بن ياسر رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "ذو الوجهين في الدنيا ذو لسانين في النار" ولهذا صرف العارفون وجوههم إلى الله تعالى فلن ترى للعارف وجهين أصلاً ومن هذا السر أُمروا بعدم الجمع بين أستاذين ، وقالوا: إذا وجد الأكمل الأفضل في طريق الله تعالى ، الأصح اتباعًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم فعلى المريد أن يتمسك به ، بل على كل من كان يزعم المشيخة أن يلتحق به هو وأولاده في الطريق ، وهذا ضرب من أعظم أضراب المعرفة بالله.

أي سادة ، اعلموا أن العارفين على أصناف مختلفة ، ومناهج متفاوتة ومراتب متلونة ، وأنواع متفرقة ، ومنازل متنوعة ، فمنهم من عرف الله بالُقدرة فخافه ، ومنهم من عرفه بالفضل فأحسن الظن به ، ومنهم من عرفه بالمراقبة فاعتقد الصدق ، ومنهم من عرفه بالعظمة فاعتقد الخشية ، ومنهم من عرفه بالكفاية فاعتقد الافتقار إليه ، ومنهم من عرفه بالفرادنية فاعتقد الصفوة ، ومنهم من عرفه به فاعتقد الوصلة ، َفوجد أن الخوف على قدر عرفان القدرة ، ووجد أن حسن الظن على قدر عرفان العظمة ، ووجد أن الافتقار على قدر عرفان الكفاية ووجد أن الصفوة على قدر عرفان الفردانية ، ووجد أن الوصلة على قدر عرفان الرب تعالى ، وكذلك أهل السموات في العبادة على مقامات ، فمقام بعضهم الحياء والحرمة ، ومقام بعضهم الُقربة والمؤَانسة ، ومقام بعضهم رؤية المنَّة ، ومقام بعضهم المراقبة ، ومقام بعضهم الهيبة ، كما قال الله تعالى ( و ما منَّا إِلا َله مَقام معُلوم ) ، فأهل المعرفة عامُتهم يعرفونه على سبيل الخبر في التوحيد عن الصادق الأمين ، سيدنا وسيد العالمين محمد صلى اللهُ عليه وسلم ، فصدقوه بقلوبهم وعملوا بأبدانهم ، إلا أنهم دنَّسوا أنفسهم بالذنوب والمعاصي ، فعاشوا في الدنيا على الجهل والتقصير ، فهم على خطر عظيم ، إلا أن يرحمهم أرحم الراحمين ، وأناس فوقهم يعرفونه بالدلائل ، وهم أهل النظر والعقْل والفكْر أيقنوا بالتوحيد من قبل الدلائل والآثار وآيات الربوبية ، استدلوا بالشاهد على الغائب ، واستيقنوا صحة الدلالة ، فهم على طريق حسن ، إلا أّنهم عاشوا محجوبين عن الله تعالى برؤية دلائلهم ، وخواص أهل المعرفة من أولي اليقين عرفوه به سبحانه ، فوقفوا متمكِّنين مع معرفتهم ، لا َتخْطُفهم الأدّلة ، ولا تصرفهم العّلة ، دليلهم رسول الله صلى اللهُ عليه وسلم ، وإمامهم القرآن ونورهم يسعى بين أيديهم ، فمن عرفه تعالى بالخبر ، كمَثل إخوة يوسف ، إذ عرفوا لونه وغفلوا عنه حتى افتضحوا بين يديه ، حيث َقاُلوا إِن يسرقْ َفَقد سرق أَخٌ َله من َقبل ومن عرفه بالدلائل كمَثل يعقوب ، إذ عرف أن يوسف يعد في الأحياء فازداد حزنًا وبكاءًا ، واحتمل ما احتمل من أنواع البلاء ، حتى ابيضت عيناه من الحزن علْمًا منه بحياته ، وشوقًا إلى لقائه ، حتى قال ( اذْهبوا َفَتحسسوا من يوسف ) وقال ( إّني لأَجد ِ ريح يوسف ) حتى قال من غفل عنه ( َقاُلوا َتاللهِ إنََّك لفي ضلالِك الَقديِم ) وقالوا: ( َتفَْتؤُا َتذْكر يوسف ) الآية ، ومَثلُ من عرَفه به ، كبنيامين حين أخذه يوسف لنفسه ، فقال: يا أخي أمشاهدتي تريد أم الرجوع إلى أبيك ؟ قال: بل مشاهدتك أريد ، قال: فإن أردتني فاصبر على محنتي ، قال: نعم أحتمل لأجلك كل بلوى ، أليس أني أبقى معك ولا أفارقك ، ثم أخرج الصاع من وعائه ، ونسبه إلى السرقة ، حتى عابه أهلُ مصر على ذلك ولاموه وشتمه إخوته ، وهو في ذلك كلِّه مسرور ضاحك في سره ، ولم يخفْ من لومة اللائمين ، فهذا مَثلُ من عرفه من أهل اليقين .

وقال شيخ الطائفة الإمام الحسن البصري رضي الله عنه: أهل المعرفة في الدنيا على ثلاث منازل ، رجلٌ لقي العبادة فعانقها وخلط بها لحمه ودمه وفزع إليها قلبه ، وعلم أن الله تعالى رازُقه وكافيه ، فوثق بوعده فلم يشغل نفسه بشيء من أمور الدنيا ، جعل السماء سقفه ، والأرض بساطه ، ولا يبالي على يسر أصبح أم على عسر ، أمسى يعبد الله تعالى حتى يأتيه اليقين ، فهذا الضرب في الدنيا أعز من الكبريت الأحمر ، ورجلٌ آخر لم يصبر كما صبر الأول ، فطلب كسرًة من حلِّها يقيم بها صلْبه ، وخرقة يواري بها عورته ، وبيتًا يسكنه ، وزوجة يستعفُّ بها ، وهو مع ذلك شديد الخوف عظيم الرجاء ، فهو على طريق حسن وأما الثالث فإنه لا يصدق الله بقوله ، فيبني القصر المشيد ، ويركب المركب الَفره، ويستخدم الخدم ، فليس له في الآخرة من َ خلاق، إلا من يرحمه أرحم الراحمين.

رأيت في بعض الأخبار: أن عيسى بن مريم عليه السلام مر بنفر من الناس ، قد نحلت أبدانهم ، وتغيرت ألوانهم ، فقال: ما الذي بلغ بكم ما أرى ؟ قالوا: الخوف من النار ، فقال: حقٌ على الله أن يؤَمن الخائف ، ثم بلغ إلى نفر آخر ، فإذا أبدانهم أشد نحولاً ، وألواُنهم أشد َتغيرًا ، فقال: ما الذي بلغ بكم ما أرى ؟ قالوا: الشوق إلى الجنان ، فقال: حق على الله أن يعطيكم ما ترجون ، ثم مر حتى بلغ نفراً ثالثًا فإذا أبدانهم أشد نحولاً وألوانهم أشد تغيرًا ، فقال: ما الذي بلغ بكم ما أرى ؟ قالوا : الحب لله والشوق إليه ، فقال لهم عيسى عليه السلام : أنتم المقربون ، ثلاث مرات ، فأهل المعرفة ثلاث أصناف ، صنف يمشون على قدم الافتقار والاضطرار ، وصنف يمشون على قدم الاعتبار والانكسار ، وصنف يمشون على قدم الافتخار والاستبشار ، قال الله تعالى ( َ فمنْهم ظالِم لَِنفْسه ) .

والناس في مشهد المعرفة على مرتبتين ، إما في يقظة المعرفة فهم في تربية الولاية َفينْظرون الكرامة ، وإما في نوم الغفلة فهم في تربية العداوة فهم ينْظرون الإماتة ، إلا أن يرحمهم أرحم الراحمين . فسبحان من خص من عبيده من شاء ، وأعطاهم ثم دعاهم إلى نفسه بفضله حيث قال ( وأَنيبوا إلى ربكم ) فأجابوه وأنابوا إليه ، فهم على أصناف شتى ، فالتائبون يمشون برجل الندامة على قدم الحياء ، والزاهدون يمشون برجل التوكل على قدم الرضا ، والخائفون يمشون برجل الهيبة على قدم الوفاء ، والمحبون يمشون برجل الشوق على قدم الصفاء ، والعارفون يمشون برجل المشاهدة على قدم الفناء ، فالمعرفة طعام أطعمه الله من شاء من عباده ، فمنهم من يذوقه ذوقًا ، ومنهم من يأكل منه بلاغًا، ومنهم من يأكل منه َ كفافًا ، ومنهم من يأكل منه شبعًا ، والناس في المعرفة على منازل ، فمنهم من يكون منزله منها كشعب ، ومنهم من يكون كقرية ، ومنهم من يكون كمصر ، ومنهم من يكون منزله منها كالدنيا والآخرة .

روي أن النبي عليه الصلاة والسلام قال " إذا كان يوم القيامة نادى مناد أخرجوا من النار من قال لا إله إلا الله وفي قلبه حبة خردل من الإيمان" وقد قال عليه أفضل الصلاة والسلام" الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه ، فإن لم تكن تراه فإنه يراك " ، وما ذلك إلا حقيقة المعرفة ، فيقول لهم الرب تعالى: أنتم عبيدي حقًا ، فقد طال شوقكم إلي وشوقي إليكم ، السلام عليكم عبيدي ، فها أنا حبيبكم ، فبعزتي ما خلقت الجنة إلا من أجلكم ، فلكم اليوم ما شئتم .

وحكي أن مالك بن دينار وثابتًا البناني رحمهما الله ، دخلا على رابعة البصرية ، فقالت لمالك: أخبرني لِم تعبد ربك ؟ قال: شوقًا إلى الجنان ، فقالت لثابت: وأنت يا غلام ؟ فقال: خوفًا من النيران ، فقالت: أنت يا مالك مثل أجير السوء لا يعمل إلا طمعًا ، وأنت يا ثابت مثل عبد السوء ، تعمل خوفًا من الضرب فقالا: وأنت يا رابعة ، فقالت: حبًا لله تعالى ، وشوقًا إليه.

وحكي أن ذا النون المصري رضي الله عنه كان يعظ الناس ذات يوم وهم يبكون ، وفيهم شاب يضحك ، فقال له: ما َلك يا فتى ؟ فقام ينشد ويقول :
كلُّهم يعبدون من خوف نار
ويرون النجاة حظًا جزيلاً
أو بأن يسكنوا الجنان فيضحوا
في ريا ٍض عيونها سلسبيلاً
ليس في الخلد والجنان هوائي
أنا لا أبتغي بحبي بديلاً


_________________
( بسم الله الرحمن الرحيم ) قل هو الله أحد . الله الصمد . لم يلد ولم يولد . ولم يكن له كفوا أحد .
قل أعوذ برب الفلق . من شر ما خلق . ومن شر غاسق إذا وقب . ومن شر النفاثات في العقد . ومن شر حاسد إذا حسد .


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من المكتبة الرفاعية
مشاركة غير مقروءةمرسل: السبت أكتوبر 20, 2012 10:43 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء أكتوبر 30, 2007 4:26 pm
مشاركات: 3907
مكان: في حضن الكرام

الحديث الخامس

أخبرنا شيخنا الصالح الثقة العارف بالله القاضي أبو الفضل علي الواسطي رضي الله عنه ، قال: أنبأنا القاضي أبو بكر محمد بن عبد الباقي بن محمد البزاز ، قال : أنبأنا أبو إسحاق إبراهيم بن عمر بن أحمد البرمكي ، قال : أنبأنا أبو محمد بن عبد الله بن محمد البزاز ، قال: أنبأنا أبو مسلم إبراهيم بن عبد الله بن مسلم البصري ، قال: أنبأنا أبو عبد الله الأنصاري ، قال: حدثنا حميد عن أنس قال : قال رسول صلى الله عليه وسلم : " انصر أخاك ظالمًا كان أو مظلومًا ، قال: أنصره مظلومًا فكيف أنصره ظالما ؟ قال: تمنعه من الظلم فذلك نصرك إياه" أقول : هذا بشأن أخيك ، فكيف بك بشأنك ، أخيفوا نفوسكم وامنعوها وازجروها.

أي سادة ، للعارف أربع أجنحة ، الخوف ، والرجاء ، والمحبة والشوق، فلا هو بجناح الخوف يستريح من الهرب ، ولا بجناح الرجاء يستريح من الطلب ، ولا بجناح المحبة يستريح من الطرب ، ولا بجناح الشوق يستريح من الشغب ، والله تعالى بين في كتابه نعَتهم بقوله : ( َترى أَعيَنهم َتفيض من الدمع مما عرُفوا من الحقِّ ) وقوله تعالى : ( لا ُتلْهيهم تجارةٌ ) الآية ، وذلك لأن عملَ العارف خالص للمولى ، وقوَله مستأنس بالذكرى ، ونفسه صابرةٌ في البلوى وسره دائم النجوى ، وفكره بالأفق الأعلى ، فمرًة يتفكر في نعم ربه ، ومرًة يجول حول سرادقات قدسه ، فحينئذ يصير حرًا عبداً ، وعبداً حرًا ، وغنيًا فقيراً وفقيرًا غنيًا ، هكذا يعد ما أمكنه َ طردًا وعكسًا من الألفاظ ، مثل الموجود والمعروف ، والعزيز والمسرور ، والقريب والمحمود ، والناطق والساكت والمقبول والخائف ، والشاهد والغائب ، والباكي والضاحك ، وذلك لأن ضحكه وسروره في حزنه ، وحزنه في سروره ، وعزه مختلطٌ بُذلِّه ، وُذّله مختلطٌ بعزه ، وخوفه ممزوج برجائه ، ورجاؤه ممزوج بخوفه ، لا خوف يذهب برجائه ، ولا رجاء يذهب بخوفه ، وهو بنفسه يعيش مع الناس ، وبقلبه مع الله تعالى ، لا تغلب معاملة نفسه مع الناس معاملة قلبه مع الله تعالى ، عزيز ذليلٌ ، فقير غني ، كما قال أبو يزيد رضي الله عنه في مناجاته : إلهي،



كّلما قلت قد دنا حلُّ َقيدي

قيدوني وأوثقوا المسمارا



وكان يسيلُ الدمع من عينيه عند هذه الكلمة ، وليس كلُّ من يرى عليه أثر الزهد فهو زاهد ، وكذلك أثر الرغبة والحماقة والجنون والبطالة والغفلة.

إن الله تعالى كلما نظر إلى قلب عبد من عبيده بالفضل والرحمة كشف عنه حجاب الغفلة ، وأظهر له لطائف القدرة ، فعند ذلك لا بد له من إحدى ثلاث ، إما أن يصير حكيمًا يتصل به الخلق إلى الله ، وإما أن يكلَّ لسانه فيصير مدهوشًا مبهوتًا ، وإما أن يصير مستورًا في حجِبه ، محفوظًا في قبضته ، حتى لا يراه غيره لشدة غيرته عليه ، فسبحان من حجب أهل معرفته عن جميع خلقه ، حجبهم عن أبناء الدنيا بأستار الآخرة ، وعن أبناء الآخرة بأستار الدنيا وذلك أن أهل المعرفة عرائس الله تعالى في أرضه ، والله محرمهم، لا محرم لهم غيره ، فهم عند الله مخدورون.

وقد روي أن الله تعالى أوحى إلى داود عليه السلام : يا داود أوليائي في باب لا يعرفهم إلا أحبائي ، فطوبى لأوليائي ، ثم طوبى لأحبائي ، يقال: لو بدت َذرةٌ من نور النبي عليه الصلاة والسلام لاحترق ما بين العرش إلى الثرى.

قيل لرابعة : ما كمال حال العارف ؟ قالت: احتراُقه بحبه لربه ، وعلامته أن يكون مستغنيًا بالمعطي عن العطاء ، وبالمكون عن الكون ، مستغرقًا في بحار سرور وجدانه ، ساكنًا بقلبه معه ، مع ترك كل اختيار لنفسه ، ولا يجزع عند الشدائد والبلوى لرؤيته ، ويعلم أن الله تعالى أقرب إليه من كل شيء ، وأرحم عليه من كل أحد ، وأعز وأكبر من كل شيء ، وأن لكل شيء خلفًا ما خلا الله تعالى.



لكلِّ شيء عدمته َ خَلفٌ

وما لفقْد الحبيب من خَلف



وإنما يعرف العارف ، إذا ميز الخواطر النفسية من الخواطر الروحية والإرادة الدنيوية من الأُخْروية ، والهمم العلْوية من السفْلية ، فمن رزق التوفيق إلى حفظ حدود صدق وفاء العبودية ، والقيام بشروطها ، ووجد السبيلَ إلى طريق حفظ تحقيقها ، ثم قام بذكره ، وَذكر ذكْره ، ثم شكره ، و َ شكر ُ شكْره ، فيصير مع النفس بلا نفس ، ومع الروح بلا روح ، ومع الخلْق بلا خلق.

كما قال الإمام ابن عباس رضي الله عنهما : بلغنا أن عيسى ويحيى عليهما الصلاة والسلام بينما كانا يسيران في بعض الطرق ، فصدم يحيى امرأة ، فقال له عيسى: يا بن خالتي ، لقد أصبت اليوم ذنبًا عظيمًا ، قال: ما هو ؟ قال: امرأة صدمَتها ، قال يحيى: والله ما شعرت بها ، فقال عيسى: سبحان الله نفسك معي فأين قلبك وروحك ؟ فقال : عند الله ، يا عيسى لو سكن قلبي إلى جبريل ، أو إلى أحد غير الله طرفة عين ، لظننت أّني ما عرفت الله حقَّ معرفته.

وقيل: المعرفة خمسة أحرف ، فمن وجد في نفسه معناها فليعلم أنه من أهلها ، بالميم مَلك نفسه ، وبالعين عبد الله على صدق الوفاء ، وبالراء رغب إلى الله بالكّلية ، وبالفاء فوض أمره إلى الله ، وبالهاء هرب من كل ما دون الله إلى الله ، فكل عارف يملك نفسه بقدر معرفته بكبريائه تعالى وعظمته ، ويعبد ربه على قدر معرفته بربوبيته ، ويرغب إليه على قدر معرفته بفضله وامتنانه ويفوض أمره إليه على قدر معرفته بقدرته ، ويهرب إليه على قدر معرفته بملكه وسلطانه ، فهو عارف.


_________________
( بسم الله الرحمن الرحيم ) قل هو الله أحد . الله الصمد . لم يلد ولم يولد . ولم يكن له كفوا أحد .
قل أعوذ برب الفلق . من شر ما خلق . ومن شر غاسق إذا وقب . ومن شر النفاثات في العقد . ومن شر حاسد إذا حسد .


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من المكتبة الرفاعية
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأحد أكتوبر 21, 2012 11:01 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء أكتوبر 30, 2007 4:26 pm
مشاركات: 3907
مكان: في حضن الكرام

الحديث السادس

حدثنا الشريف محمد بن عبد السميع العباسي الهاشمي الواسطي قال: أخبرنا الحاجب أبو شجاع محمد بن الحسين ، قال: أنبأنا النقيب أبو الفوارس طراد بن محمد بن علي الزبيبي الهاشمي ، قال: أنبأنا أبو محمد عبد الله بن يحيى بن عبد الجبار السكري ، قال: أنبأنا أبو علي إسماعيل بن محمد الصفا ر ، قال: أنبأنا أبو بكر أحمد بن منصور الرمادي ، قال أنبأنا عبد الرزاق بن همام ، قا ل: أنبأنا معمر عن الزهري عن رجل سماه ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يستجاب لأحدكم ما لم يعجلْ فيقول دعوت فلم يستجب لي" والعجَلة هنا من غَلبة الإشتغال بالَقصد دون خالقه ، وهذا من ُنقصان المعرفة ، فإن العارف لا يشغله شيء عن ربه.

وسنذكر من أحوال العارفين أشياء بقصد التبرك ِبذكْرهم ، قال الله تعالى : ( واذْكر في الكَتاب إِبراهيم ) وقال سبحانه ( َنحن َنُقص عَليك )وفي الخبر: اذكروا الصالحين ، عند ذكر الصالحين تنزلُ الرحمة ، فلولا ذلك لما كان ينبغي لنا أن نشتغل بذكر غير الله تعالى ، ومع ذلك فإن الله تعالى معنا ، قال تعالى: ( وهو معكم أَيَنما ُ كنُتم ).

حكي أن عبد الواحد بن زيد رحمه الله قال: قصدت بيت المقدس فأضَللْت طريقي ، فإذا بامرأة أقبلت إلي فقلت لها: يا غريبة ، أنت ضالَّة ؟ قالت: كيف يكون غريبًا من يعرفه ، وكيف يكون ضالاً من يحبه ، ثم قالت: خذ رأس عصاي وتقدم بين يدي مشياً ، فأخذت رأس عصاها ، ومشيت بين يديها سبعة أقدام أقل أو أكثر ، فإذا أنا في مسجد بيت المقدس ، فدلَّكت عيني ، قلت: لعل هذا غلط مني فقالت: يا هذا سيرك سير الزاهدين ، وسيري سير العارفين ، فالزاهد يسير والعارف يطير ، وأنَّى يلحق السيار الطَّيار ؟ ثم غابت فلم أرها بعدها.

قال أبو عمران الواسطي رحمه الله: كنت راكبًا البحر ، إذ انكسرت السفينة ، وبقيت أنا وامرأتي ، فولدت ولدًا ، فأرادت الماء ، فرفعت رأسي إلى السماء ، فإذا رجلٌ جالس على الهواء ، وفي يده ركوة من ياقوتة حمراء في سلسلة من ذهب ، وقال :خذْ ، فسألته عن ذلك ، فقال: تركت هواي ، فأجلسني في الهواء.

وحكي أن عبد الواحد بن يزيد قال: لأبي عاصم الربعي: كيف صنعت حين طلبك الحجاج ؟ قال : كنت في بيتي فوقفوا على الباب ليدخل علي الرسولُ فصرت مدهوشًا ، فإذا بيد أخذت بيدي وجرتني قدمًا أو أكثر ، فنظرت فإذا أنا على جبل أبي قبيس.

وحكي أن إبراهيم بن أدهم رضي الله عنه قال: مررت براع فقلت له: هل عندك ُشربة من الماء أو من اللبن ؟ قال: أيهما أحب إليك ؟ قلت: الماء ، قال : فضرب بعصاه حجرًا صلدًا لا صدع فيه ، فانبجس منه الماء ، فشربت منه وهو أبرد من الثلج ، وأحلى من العسل ، وبقيت متعجبًا ، فقال الراعي: لا تتعجب فإن العبد إذا أطاع الله أطاعه كلُّ شيء.

وكانت لرابعة البصرية سلَّةٌ معلقةٌ في بيتها ، فكلما أرادت الطعام ضربت بيدها إلى السلة فوجدتْ فيها أي الطعام شاءت.

وقال شيخ الطائفة الحسن رضي الله عنه: خرج سلمان الفارسي رضي الله عنه من المدائن ومعه ضيف ، فإذا بظباء تسير في الصحراء ، وطيور تطير في الهواء ، فقال سلمان : ليأتني ظبي وطير سمينان ، فقد جاءني ضيفٌ أحب إكرامه ، فجاء كلاهما ، فقال الرجل سبحان الذي سخَّر لك الطير في الهواء ، قال: أو تتعجب من هذا ؟ هل رأيت عبدًا أطاع اللهَ فعصاه اللهُ.

قال عبد الواحد بن زيد: بينما أنا وأيوب السختياني نسير في طريق الشام فإذا نحن بأسود أقبل إلينا يحمل كارة حطب ، فقلت: يا أسود من ربك ؟ قال: ألمثلي تقول هذا ، فرفع رأسه إلى السماء ، وقال: إلهي حول هذا الحطب ذهبًا ، فإذا هو ذهب ، ثم قال: أرأيتم هذا ؟ قلنا: نعم ، قال: اللهم رده حطبًا ، فصار كما كان أولاً ، ثم قال : سُلوا فإن العارفين لا تفنى عجائبهم ، فقال أيوب: بقيت خجلاً من العبد ، واستحييت منه حياء ما استحييت مثله من قبل ذلك من أحد قط ، ثم قلت: أمعك شيء من الطعام ؟ قال: فأشار فإذا بين أيدينا جام فيها عسل ، أشد بياضًا من الثلج ، وأطيب ريحًا من المسك ، قال: كلوا فوالله الذي لا إله إلا هو ليس هذا من بطن النحل ، فأكلنا فما رأينا شيئًا أحلى منه ، فتعجبنا ، فقال: ليس بعارف من تعجب من الآيات ، ومن تعجب فهو بعيد من الله ، ومن عبده على رؤية الآيات فهو جاهل بالله ، رحم الله ذلك الأسود، ما أَعرَفه بالله.

وقد كنت حاجًا وأردت التلبية ، فأخذت منديلاً لي فغسلته ، وقطعته نصفين ، ثم اتزرت بنصف ، وارتديت بنصف آخر لحاجة ، فإذا بهاتف يهتف: انظر ما بين يديك ، فنظرت فإذا البادية فضةٌ كلُّها ، فغمضت عيني ومضيت ، وقلت: اللهم إني أعوذ بك من كل إرادة سواك.

وحكي أن رجلاً من العارفين فرغ من أعمال الحج وأركانه ، ثم أخذ يحرم مرة أخرى ، وقال: لبيك اللهم لبيك ، فقيل له : يا هذا ، إن وقت الحج والتلبية قد مضى ، فقال : قد أحرمت من الوطن إلى زيارة البيت ، والآن أحرمت من البيت إلى صاحب البيت ، فقيل هنيئًا لمن أحرم عن غيره.

وحكي أن هرم بن حيان رحمه الله قال: كنت أسير على شاطئ الدجلة فإذا أنا برجل أقبل إلي وعليه سيما العارفين ، فسلمت عليه فقلت له: كيف حالك وشأنك ؟ فقال : سبحان ربَنا إِن َ كان وعد ربَنا َلمفْعولاً ، يا هرم بن حيان اشتغلْ بما يعنيك ، فقلت: رحمك الله من أين عرفت اسمي واسم أبي ، وما رأيتك قبل اليوم ؟ فقال: أما عرفت أن العارفين يتعارف بعضهم بعضًا بنور المعرفة ، قال: فتعجبت من حسن فصاحته ، وتحيرت من هيبته.

وقال ذو النون رضي الله عنه: بينما أنا أسير فإذا أنا بقرية والناس يصيحون ، فدنوت فإذا أسود يسخرون به ، فرفع رأسه إلي وقال: يا ذا النون اعرف قدر الله ، ولا تمن على الله ، فإن الحبيب لا يمن على الحبيب ، فسألت عن حاله ، قيل إنه مجنون لا يجالس الناس ، ولا يأكلُ في أربعين يومًا إلا أكلة واحدة ، ثم نظر إلى السماء وقال: يا غاية همم العارفين ، إِن عرفُُْتك فبمواهبك ، وإن شكرُتك فبعصمتك.

وقال ذو النون أيضًا: بينما أنا أسير على شاطئ النيل فإذا أنا بجارية منطلقة في النيل ، وقد اضطربت أمواجه ، وتقول: إلهي ترى ما تفعل بي ، فقلت: يا جارية أتشكين منه وهو صاحب ُ كلِّ بر وفاجر ، فقالت: يا ذا النون أنت الذي إذا شكرت شكرت منه ، وإذا سخطت سخطت عليه ، قلت: يا جارية ، من أين عرفت اسمي وما رأيتني ؟ فقالت: عرفتك بنور معرفة الجبار ، فقلت لها: اتجدين وحشة للوحدة ؟ قالت: لا والذي نور قلبي بنور معرفته ، ما سكن قلبي قطٌّ إلى غيره ، فإنه مؤنس الأبرار في الخلوات ، وصاحب الغرباء في الفلوات.

وقال جد والدتي العارف الواسطي رحمه الله: بينما أنا أمشي في البادية ، إذ أعرابي جالس منفردًا ، فدنوت منه وسّلمت عليه ، فرد علي السلام وأبي أن أكلِّمه ، فقال: اشتغلْ بذكر الله فإن ذكر الله شفاء القلوب ، ثم قال: كيف يتفرغ ابن آدم من ذكره وخدمته ، والموت في أثره ، والله ناظر إليه ؟ ثم بكى وبكيت معه ، فقلت له: ما لي أراك فريدًا وحيدًا ؟ قال: ما أنا بوحيد والله معي ، وما أنا بفريد والله مؤانسي ، ثم قام ومضى مسرعًا ، وهو يقول: سيدي ، أكثر خلقك مشغولون عنك بغيرك ، وأنت عوض عن جميع ما فات ، يا صاحب كلِّ غريب ، ويا مؤنس ُ كلِّ وحيد ، ويا مأوى كل فريد ، وجعل يمر وأنا أتبعه ، ثم أقبل إلى وقال: ارجع عافاك الله إلى من هو خير لك مني ، ولا تشغلني عمن هو خير لي منك ، ثم غاب عن بصري.

وحكي أن عبد الواحد بن زيد قال: مرر ُت براهب فسألته: منذ كم أنت في هذا المكان ؟ فقال: منذ أربع وعشرين سنة ، قلت: من أنيسك ؟ قال: الفرد الصمد ، قلت : من المخلوقين ؟ قال: الوحش ، قلت ، فما طعامك ؟ قال: ذكر الله ، قلت: من المأكول ، قال: ثمار هذه الأشجار ، ونبات الأرض ، فقلت: أما تشتاق إلى أحد ؟ قال: نعم إلى حبيب قلوب العارفين ، قلت: إلى المخلوقين ، قال: من كان شوقه إلى الله فكيف يشتاق إلى غيره ، قلت: فلم اعتزلت عن الخلْق ؟ قال: لأنهم سراق العقول ، وُقطاع طريق الهدى ، قلت: ومتى يعرف العبد طريق الهدى ؟ قال: إذا هرب إلى ربه من كل ما سواه ، واشتغل بذكره عن كل من سواه.

قال هرم بن حيان: رأيت أويس بن عامر فسلمت عليه ، فقال: وعليك السلام ياهرم بن حيان ، فقلت: كيف عرفْت اسمي واسم أبي ؟ قال: عرَفت روحي روحك بنور معرفة ربي ، قلت: إني أحبك في الله ، قال: ما أظن أن أحدًا يحب غير الله فكيف يحب غير الله لله ، قلت: أريد الصحبة معك ، والأنس بك ، قال: ما ظننت عارفًا يستوحش عن الله حتى يستأنس بغيره ، قلت : أوصني ، قال: أوصيك بالله سبحانه ، فإنه عوض عن كل ما فاتك.

وقال ذو النون المصري: كنت أسير في بعض المفاوز ، فإذا أنا برجل متَّزر بحشيش ، مرتد بحشيش ، فسلمت عليه فرد علي السلام ، ثم قال: من أين الفتى ؟ قلت: من مصر ، قال : إلى أين ؟ قلت : أطلب الأنس بالمولى ، قال : اترك الدنيا والعقبى ، يصح لك الطلب ، قلت: هذا كلام صحيح ، صححه لي ، قال ، أتتهمنا فيما نقول ، وقد أُعطينا خيرًا مما نقول ، وهو المعرفة ، قلت: ما أتهمك ، ولكني أريد أن تزيدني نورًا على نور ، فقال: يا ذا النون ، انظر فوقك ، فإذا السماء والأرض كأنهما ذهب يتوقد ويتلألأ ، قال: اغضض بصرك ، فصارتا كما كانتا ، فقلت: كيف السبيل إلى هذا ؟ قال : تَفرد بالفرد إن كنت له عبدًا.

وقال محمد المقدسي رحمه الله: دخلت دار المجانين يومًا بالشام ، فرأيت فيها شابًا على رقبته ُ غلٌ ، وعلى رجليه َقيد ، مشدود بالسلسلة ، فلما وقع بصره علي ، قال لي: يا محمد أترى ما فعل بي ، وأشار بطرفه نحو السماء ، ثم قال: جعلتك رسولاً إليه أن تقول له : لو جعلت السموات غلاً على عنقي ، والأرضين قيدًا على رجلي ، ما التفتُّ منك إلى غيرك طرفة عين ، ثم أنشأ يقول:

على بعدك لا يصبر
من عادته الُقرب
ولا يقوى على قطعك
من تيمه الحب
إذا لم َترك العين
فقد أبصرك القلب


_________________
( بسم الله الرحمن الرحيم ) قل هو الله أحد . الله الصمد . لم يلد ولم يولد . ولم يكن له كفوا أحد .
قل أعوذ برب الفلق . من شر ما خلق . ومن شر غاسق إذا وقب . ومن شر النفاثات في العقد . ومن شر حاسد إذا حسد .


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 123 مشاركة ]  الانتقال إلى صفحة السابق  1, 2, 3, 4, 5, 6, 7 ... 9  التالي

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 7 زائر/زوار


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
© 2011 www.msobieh.com

جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في المنتديات تعبر عن رأي أصحابها فقط