اشترك في: الثلاثاء أكتوبر 30, 2007 4:26 pm مشاركات: 3907 مكان: في حضن الكرام
|
ومن صـ 12 ، 13 نقرأ هذا التحقيق الجيد للأستاذ أحمد عطية :
بعد فتاوى الهلالي وشاهين وميزو هيئة أزهرية لمواجهة شطحات العلماء الشطحات دافعها الأنانية وحب الشهرة وعدم التجرد من الأطماع دعا علماء الأزهر إلى إنشاء هيئة إسلامية تتولى مراجعة الأخطاء التي يقع فيها بعض العلماء مؤكدين ضرورة ألا تطرح بعض القضايا المثيرة للجدل على العوام حتى لا تبلبل أفكارهم وتزعزع عقيدتهم وطالبوا بالاقتصار على مناقشة مثل هذه القضايا في جلسات علمية خاصة .
جاءت هذه الدعوة في أعقاب وقوع بعض العلماء في أخطاء تخالف نصوص صريحة في القرآن الكريم والسنة النبوية فالدكتور سعد الدين الهلالي صدرت عنه عدة فتاوى تخالف الإجماع واستنكرها الأزهر وتبرأ منها خاصة فتواه بإيمان من قال لا إله إلا الله فقط ولم يؤمن بمحمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والشيخ مظهر شاهين أفتى بوجوب تطليق كل زوجة تتزوج من إخواني ومن يسمى بالشيخ ميزو تطاول على صحيح البخاري وأنكر حجيته وهذا شجع غير العلماء على التطاول والدخول في دائرة الإفتاء مثل إبراهيم عيسى الذي أنكر عذاب القبر وفاطمة ناعوت التي تطاولت على شعيرة الأضحية ووصفتها بالدموية وقالت أنها تجعل الإسلام ديناً دموياً . إزاء هذه التجاوزات طالب علماء الأزهر بإنشاء هيئة تتولى مراجعة العلماء في الأخطاء التي يقعون فيها وأكدوا أن العالم المخلص الذي يتقي الله يراجع رأيه مع من هم أكثر منه علماً ويصوب فكرته قبل أن ينشرها على الناس .
وحذروا من أن يكون الطمع في الشهرة وحب الظهور على حساب الدين لأن هذا قد يدخل العالم في دائرة الردة عن الإسلام .
من جانبه يرى الدكتور عبد الحكم الصعيدي الأستاذ بجامعة الأزهر : أن ما يحدث لبعض العلماء من شطحات قد يكون الدافع إليها أمور ذاتية تغلب عليهم في مرحلة عمرية معينة فيلجأ الواحد منهم إلى إثارة قضايا مسلم بها حتى لو كانت تصدم جماهير المسلمين مشيراً إلى أن ذلك بمثابة نوع من الوهم يقع فيه بعض العلماء .
ويضيف : نحن لا نريد التضييق والرقابة على العلماء وإنما نريد التسيير مطالباً بتوجيه نداء لهؤلاء العلماء أن يتقي كل منهم ربه في الكلمة التي تصدر عنه فإذا كان يرى رأياً بينه وبين نفسه فيه خروج على المسلمات والقواعد المعروفة للعامة فإن هذا العالم يجب عليه أن يستشير من يثق بهم من أهل العلم والرأي وأن يمحص رأيه ثم إذا وجد في هذا الرأي الخير للأمة في عاجلها وآجلها جهر به ونشره على الناس بعد أن يستخير الله عز وجل حتى يوفقه للصواب لأنه بذلك يكون قد تبرأ من الأنانية والأطماع النفسية وبالتالي تحظى فكرته بقبول الناس .
( وصاية مرفوضة )
ويشير د. الصعيدي إلى أن العالم الإسلامي يمر بمرحلة تحتاج إلى إعمال الفكر في القواعد والنصوص لكن هذا يوجب علينا ألا نقدم للناس آراء غير ممحصة تثير البلبلة بينهم موضحاً أن الإمام البخاري رضي الله عنه حينما جمع كتابه وهو أصح كتاب بعد القرآن الكريم لم ينشره على الملأ إلا بعد أن أخذ رأي سبعين محدثاً أجازوه كلهم دون اعتراض . ويضيف : أنني أرفض الحجر على العلماء أو فرض الوصاية عليهم لكن على العالم أن يرجع إلى من يأنس فيهم الغيرة على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ومن يرى فيهم الصلاح والرشد فيأخذ رأيهم فيما يعن له حتى يتجرد من نزعته الشخصية .
ويوضح د. الصعيدي : أن هذه الأخطاء الكبيرة ظهرت لأن كل عالم أصبح يعمل بمفرده وأصبح الخوف على الأمة ومستقبلها خوفاً فردياً أيضاً لافتاً إلى أن مثل هذا الخوف محفوف بالخطر وأن النبي صلى الله عليه وسلم حينما تحدث عن عصمة الأمة أشار إلى أن ذلك يتحقق للأمة في مجموعها وليس في كونها مجرد أفراد فيقول : " ما اجتمعت أمتي على ضلالة " .
ويؤكد أن العلماء مطالبون بتحري الدقة والرجوع إلى المؤلفات والدراسات والبحوث . وأوضح أنه تتلمذ على يد أستاذ كبير كان عميداً لكلية الزراعة بجامعة الأزهر وكان له آراء في مسألة تطور الخلق لم يكن يصرح بها وإنما كان يشير إليها في بعض الأحيان وبعد وفاته زارني أكبر أبنائه وقال : إن والدي ترك كتاباً عن قضية الخلق والتطور ونأمل في نشره وطلب مني مراجعة الكتاب واستغرقت قراءة الكتاب ستة أشهر وترددت ستة أشهر أخرى حتى أشير عليهم بالرأي وبعد مرور عام كامل قلت لأسرة الدكتور : أنكم تستطيعون الحصول على ما تشاءون من أموال من وراء نشر هذا الكتاب لأن فيه آراء غير مسبوقة فهو يؤيد نظرية التطور لكن في مقابل ذلك سوف تفتحون النار على أبيكم وسيشكك البعض في عقيدته فأخذوا برأيي ولم ينشروا الكتاب . وحول عدم تراجع بعض العلماء عن الأخطاء التي يقعون فيها يقول د. الصعيدي : هذا يؤكد أن القضية بالنسبة لهم مجرد أمر شخصي يبحثون من خلاله عن الشهرة أما لو كانوا يريدون وجه الله لأدركوا أن الرجوع إلى الحق فضيلة .
( اصطياد الأخطاء )
ويؤكد الدكتور محمد المنسي أستاذ الشريعة الإسلامية بكلية دار العلوم جامعة القاهرة : أن أخطاء العلماء لا يصححها إلا العلماء ويتساءل : لكن أين هم هؤلاء العلماء الذين لديهم القدرة وقوة الحجة والإقناع ؟ وكيف يصححون ؟ وهل يكون التصحيح بأسلوب التشويه والتجريح وتعمد إثارة الفتن والمشكلات ؟
ويرى أن المشكلة ليست في تصحيح الأخطاء فالذين يصححون هم العلماء المتخصصون أو الأكثر دراية من غيرهم بتفاصيل العلوم وجزئياتها لكن المشكلة في أساليب التصحيح موضحاً أن أسلوب التصحيح يجب أن يبتعد عن الإثارة والتشويه والتجريح وفضح العلماء وإثارة العوام عليهم ويجب أن يكون تصحيح الأخطاء بأسلوب علمي بحيث ينظر العلماء إلى الخطأ على أنه اجتهاد خاطيء وأن للمجتهد إذا أصاب أجران وإذا أخطأ فله أجر واحد وبالتالي لا ينبغي أن يعاقب المجتهد على اجتهاده .
لكن كيف يكون التصرف مع من أصر على رأيه الخاطيء ورفض توجيهات العلماء له بتصحيح الخطأ ؟
يجيب الدكتور المنسي : أن المصر على رأيه يدخل في دائرة الردة إذا كان ما يصر عليه هو معلوم من الدين بالضرورة أو يتعلق بأساسيات الدين وثوابته مثل الصلاة ولا يحكم بالردة إلا بعد مناقشته وبشرط ألا يحتمل كلامه التأويل فإذا كان كلامه يحتمل الكفر بنسبة 99% ويحتمل الإيمان 1% فإننا نقدم الإيمان على الكفر . وأضاف : ينبغي علينا أن نلتمس له أن يكون كلامه على النحو الصحيح فليست المسالة اصطياد الأخطاء للناس فإذا كان الأمر كذلك فلا نأخذ الناس بالشبهات .
ويرى أنه لا يعاقب إلا من كفر وجهر بكفره ودعا الناس إليه بأية وسيلة من وسائل الدعوة أما إذا كان كلامه يؤل إلى الكفر فإنه يناقش في كلامه ولن تعدم الأمة علماء يردون على مثل هذا الشخص . ويشير إلى أن وجود أفكار خاطئة لا يضر المجتمع المسلم بقدر ما يقيده ولا يضر الإسلام والمسلمين موضحاً أن هذه الأفكار تستنفر حماس المسلمين لدينهم وتجعلهم يتوحدون من أجل الدفاع عنه وهذه مسألة إيجابية في رأي الدكتور المنسي للأفكار التي قد تصدم عوام الناس .
ويدعو إلى عدم إثارة القضايا الخلافية المتعلقة بالعقيدة الإسلامية في وسائل الإعلام لأن هذا قد يؤدي إلى فتنة بعض المسلمين وزعزعة الثوابت الدينية في أذهانهم مشيراً إلى أن مناقشة هذه القضايا ينبغي أن يكون في مجالس علمية لا يحضرها إلا العلماء وحدهم .
ويطالب وسائل الإعلام بألا تقتصر على نشر رأي واحد وإنما لابد من نشر الرأي الآخر موضحاً أن هذا هو الوضع الأمثل لمواجهة الأفكار المنحرفة .
وأعرب عن أسفه لأن وسائل الإعلام تسمح في بعض الأحيان بنشر رأي واحد لغرض ما مؤكداً ضرورة السماح بتصارع الأفكار وفي النهاية فإن الفكرة الصحيحة سوف تطرد الفكرة الخاطئة كما أن الناس قادرون على تمييز الخطأ من الصواب .
( حل حاسم ) وقال الدكتور محمد رأفت عثمان أستاذ الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون جامعة الأزهر : أن من واجب المسلم التنبيه على أي خطأ يراه في كتاب أو مقال أو في أي عمل فني أو أدبي إنطلاقاً من واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لقوله تعالى : " كنتم خير أمة أخرجت للناس تؤمنون بالله وتأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر " . وقال : أن مثل هذه الأخطاء إذا وصلت إلى مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر فإنه يتولى الرد عليها ويتصدى لأمثال هؤلاء الذين يروجون أفكار غريبة أو شاذة أو مخالفة لما هو مستقر في العرف أو العلم الإسلامي . وأشار إلى أن من واجب كل الجهات الدينية مثل الأزهر ودار الإفتاء وكل علماء المسلمين الرد على هؤلاء من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وبالأسلوب الذي لا يؤدي إلى إشعال الفتن بين المسلمين " ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن " .
_________________ ( بسم الله الرحمن الرحيم ) قل هو الله أحد . الله الصمد . لم يلد ولم يولد . ولم يكن له كفوا أحد . قل أعوذ برب الفلق . من شر ما خلق . ومن شر غاسق إذا وقب . ومن شر النفاثات في العقد . ومن شر حاسد إذا حسد .
|
|