موقع د. محمود صبيح

منتدى موقع د. محمود صبيح

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 540 مشاركة ]  الانتقال إلى صفحة السابق  1 ... 6, 7, 8, 9, 10, 11, 12 ... 36  التالي
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأحد فبراير 01, 2009 5:39 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 18801
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا

معنا اليوم الحكمة الثالثة والتسعون من الحكم العطائية لسيدى
ابن عطاء الله السكندرى وهى :

( من عبده لشيء يرجوه منه أو ليدفع بطاعته ورود العقوبة
عنه فما قام بحق أوصافه )

الناس في عبادة الله بإعتبار إخلاصهم على ثلاثة أقسام :
فمنهم من يعبد الله خوفاً من عقوبته معجلة أو مؤجلة أو طمعاً
في رحمته وحفظه عاجلاً وآجلاً وهم عوام المسلمين
وفيهم قال عليه السلام :
" لولا النار ما سجد لله ساجد "

ومنهم من يعبد الله محبة في ذاته وشوقاً إلى لقائه لا طمعاً
في جنته ولا خوفاً من ناره ونكاله وهم المحبون العاشقون
من السائرين

ومنهم من يعبد الله قياماً بوظائف العبودية وأدباً مع عظمة
الربوبية
أو تقول صدقاً في العبودية وقياماً بوظائف الربوبية
وهم المحبون العارفون
فالقسم الأول عبادته بنفسه لنفسه
والثاني عبادته بنفسه لله
والثالث عبادته بالله لله ومن الله إلى الله
فمن عبد الله تعالى لشيء يرجوه منه في الدنيا أو في الآخرة
أو ليدفع عنه بطاعته ورود العقوبة في الدنيا أو في الآخرة
فما قام بحق أوصاف الربوبية التي هي العظمة والكبرياء
والعزة والغني وجميع أوصاف الكمال ونعوت الجلال والجمال
إذ نعوت الربوبية من العظمة والجلال تقتضي خضوع العبودية
بالإنكسار والإذلال أرأيت أن لم تكن جنة ولا نار ألم يكن أهلاً
لأن يعبد الواحد القهار
أرأيت من أنعم بنعمة الإيجاد والأمداد أليس أهلاً لأن يشكره
جميع العباد فمن كان عبداً مملوكاً لسيده لا يخدمه في مقابلة
نواله ورفده بل يخدمه لأجل عبوديته ورقه وسيده
لا محالة يقوم بمؤونته ورزقه أيبرزك لوجوده ويمنعك من
جوده أيدخلك داره ويمنعك إبراره ؟
لقد أسأت الظن بالرب الكريم أن اعتقدت أنك أن لم تعبده
منعك من جوده العظيم
لقد أجري عليك منته ورزقه وأنت في ظلمة الأحشاء
ثم حين أظهرك لوجوده وبسط لك من جوده جعلك تتصرف
فيه كيف تشاء وتصنع به ما تشاء

ومما وجد مكتوباً بقلم القدرة في حجر في الكعبة :

تذكر جميلي فيك إذ كنت نطفة
ولا تنس تصويري لشخصك في الحشا

وكن واثقاً بي في أمورك كلها
سأكفيك منها ما يخاف ويختشي

وسلم إلى الأمر وأعلم بأنني
أصرف أحكامي وأفعل ما أشا

فاستحي من الله أيها الإنسان أن تطلب أجراً على عبادة
أجراها عليك الواحد المنان وأذكر قوله تعالى :

( الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله )
وقوله تعالى :

( وربك يخلق ما يشاء ويختار )
وقوله تعالى :

( وما تشاؤون إلا أن يشاء الله )

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" لا يكن أحدكم كالعبد السوء أن خاف عمل ولا كالأجير
السوء أن لم يعط الأجرة لم يعمل "

وقال سيدنا عمر رضي الله عنه :
نعم العبد صهيب لو لم يخف الله لم يعصه

وقال وهب بن منبه في زبور داوود عليه السلام
يقول الله تعالى :
ومن أظلم ممن عبدني لجنة أو نار لو لم أخلق جنة
ولا ناراً ألم أكن أهلاً أن أطاع اهـ

وفي أخبار داوود أيضاً عليه السلام :
أن الله أوحى إليه : أن أود الأوداء إلىّ من عبدني لغير
نوال لكن ليعطي الربوبية حقها اهـ
ثم إن رفعت همتك عن طلب الحظوظ صبت عليك الحظوظ
فقد ورد في بعض الأخبار :
أن الله يحفظ الأولاد وأولاد الأولاد بطاعة الأجداد لقوله تعالى :
( وكان أبوهما صالحاً )

فقد حفظ الحق تعالى كنزهما بصلاح أبيهما
فقد صبت الحظوظ على الأولاد وهو حفظهم بترك الآباء الحظوظ

وكان سعيد بن المسيب يقول لولده : إني لأطيل الصلاة من أجلك اهـ

ومعناه :أني أعبده مخلصاً لعله يحفظك

ثم إن مدد الحق وهو لطفه وإبراره جار على الطائعين في كل
وقت وحين سواء أعطاهم في الحس أو منعهم وسواء بسطهم
أو قبضهم وهو ظاهر لمن يفهم عن الله

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيرا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء مارس 04, 2009 7:53 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 18801
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا

معنا اليوم الحكمة الرابعة والسبعون من الحكم العطائية لسيدى
ابن عطاء الله السكندرى وهى :

(متى أعطاك أشهدك بره ومتى منعك أشهدك قهره فهو في كل ذلك
متعرف إليك ومقبل بوجود لطفه عليك)

من أسمائه تعالى اللطيف والرحيم فهو تعالى لطيف بعباده رحيم بخلقه
في كل وقت وعلى كل حال سواء أعطاهم أو منعهم وسواء بسطهم
أو قبضهم فإن أعطاهم أو بسطهم أشهدهم بره وأحسانه فعرفوا أنه
سبحانه بار بعباده لطيف بخلقه رحيم كريم جواد محسن فتعظم محبتهم
فيه ويكثر شوقهم وأشتياقهم إليه ويكثر شكرهم فيزداد نعيمهم وفي هذا
مالا مزيد عليه من البر والأحسان والجود والأمتنان

وإن منعهم أو قبضهم أشهدهم قهره وكبرياءه فعلموا أنه تعالى قهار كبير
عظيم جليل فخافوا من سطوته وذابوا من خشيته وخضعوا تحت قهره فدامت
عبادتهم وقلت ذنوبهم ومحيت مساويهم وأضمحلت خطيئتهم فوردوا يوم
القيامة خفافاً مطهرين فرحين مبهجين
إذ لا يجمع الله على عبده خوفين ولا أمنين

فمن أخافه في الدنيا أمنه يوم القيامة ومن أمنه في الدنيا فأغتر أخافه
يوم القيامة كما في الحديث فلا تتهم ربك أيها العبد في المنع ولا في العطاء
فإنه متى أعطاك أشهدك بره ورحمته وكرمه فعرفت بذلك أنه بر كريم رؤوف
رحيم فتتعلق بكرمه وجوده دون غيره فتتحرر من رق الطمع ويذهب عنك
الغم والجزع وتتخلق أيضاً بوصف الكرم والرحمة والإحسان
فإن الله يحب أن يتخلق عبده بخلقه

وفي الحديث : " تخلقوا بأخلاق الرحمن "

وقالت عائشة رضي الله عنها :
كان خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن والقرآن فيه أوصاف الرحمن
فكأنها قالت كان خلقه خلق الرحمن إلا أنها أحتشمت الحضرة
وتأدبت مع الربوبية

ومتى منعك أو قبضك أشهدك قهره وكبرياءه فعرفت أنه قهار جبار فيعظم
خوفك وتشتد هيبتك وحياؤك منه فلا جرم أن الله يعظمك ويكرمك ويحفظك
ويستحيي منك كما أستحييت منه فإن الله ينزل عبده على قدر منزلته منه
وإنما يطيع العبد ربه على قدر معرفته به وخوفه منه فهو سبحانه في كل ذلك
من أعطاء ومنع وقبض وبسط متعرف إليك أي طالب منك أن تعرفه بصفاته
وأسمائه وما من أسم من أسمائه تعالى إلا أقتضى ظهور ما يطلبه

فأسمه الكريم أقتضى الإعطاء والإحسان وهو ظاهر في خلقه
وأسمه المانع أقتضي ظهور المنع فظهر في عباده أيضاً
وأسمه المنتقم أقتضي ظهوره في قوم وجههم لمخالفته
وأسمه القهار أقتضي ظهوره في قوم يقهرهم على ما يريد من منع أو غيره
وظهر قهره أيضاً في عباده بالموت فهو من مقتضي أسمه القهار
وهكذا كل أسم يقتضي ظهوره في الوجود وكلها في بني آدم

فإذا تحققت هذا في حالة الإعطاء والمنع علمت أيضاً أنه تعالى مقبل بوجود
لطفه وإبراره عليك إذ هو متعرف إليك في كل شيء ومقبل عليك في كل وجه

فأطلب أيضاً أنت معرفته في كل حال وأعرف منته عليك في الجمال والجلال
وأقبل عليه بكليتك وأستسلم لقهره بروحك وبشريتك تكن عبده حقاً وهو ربك
حقاً وصدقاً والله تعالى أعلم

ويؤخذ من هذه الحكمة أن المدار أنما هو على قوة الروحانية التي هي المعرفة
في الجلال والجمال لا على قوة البشرية لأن بمنعه يحصل للعبد الكمال
وبالله التوفيق

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيرا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء مارس 04, 2009 7:55 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 18801
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا

معنا اليوم الحكمة الرابعة والسبعون من الحكم العطائية لسيدى
ابن عطاء الله السكندرى وهى :

(متى أعطاك أشهدك بره ومتى منعك أشهدك قهره فهو في كل ذلك
متعرف إليك ومقبل بوجود لطفه عليك)

من أسمائه تعالى اللطيف والرحيم فهو تعالى لطيف بعباده رحيم بخلقه
في كل وقت وعلى كل حال سواء أعطاهم أو منعهم وسواء بسطهم
أو قبضهم فإن أعطاهم أو بسطهم أشهدهم بره وأحسانه فعرفوا أنه
سبحانه بار بعباده لطيف بخلقه رحيم كريم جواد محسن فتعظم محبتهم
فيه ويكثر شوقهم وأشتياقهم إليه ويكثر شكرهم فيزداد نعيمهم وفي هذا
مالا مزيد عليه من البر والأحسان والجود والأمتنان

وإن منعهم أو قبضهم أشهدهم قهره وكبرياءه فعلموا أنه تعالى قهار كبير
عظيم جليل فخافوا من سطوته وذابوا من خشيته وخضعوا تحت قهره فدامت
عبادتهم وقلت ذنوبهم ومحيت مساويهم وأضمحلت خطيئتهم فوردوا يوم
القيامة خفافاً مطهرين فرحين مبهجين
إذ لا يجمع الله على عبده خوفين ولا أمنين

فمن أخافه في الدنيا أمنه يوم القيامة ومن أمنه في الدنيا فأغتر أخافه
يوم القيامة كما في الحديث فلا تتهم ربك أيها العبد في المنع ولا في العطاء
فإنه متى أعطاك أشهدك بره ورحمته وكرمه فعرفت بذلك أنه بر كريم رؤوف
رحيم فتتعلق بكرمه وجوده دون غيره فتتحرر من رق الطمع ويذهب عنك
الغم والجزع وتتخلق أيضاً بوصف الكرم والرحمة والإحسان
فإن الله يحب أن يتخلق عبده بخلقه

وفي الحديث : " تخلقوا بأخلاق الرحمن "

وقالت عائشة رضي الله عنها :
كان خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن والقرآن فيه أوصاف الرحمن
فكأنها قالت كان خلقه خلق الرحمن إلا أنها أحتشمت الحضرة
وتأدبت مع الربوبية

ومتى منعك أو قبضك أشهدك قهره وكبرياءه فعرفت أنه قهار جبار فيعظم
خوفك وتشتد هيبتك وحياؤك منه فلا جرم أن الله يعظمك ويكرمك ويحفظك
ويستحيي منك كما أستحييت منه فإن الله ينزل عبده على قدر منزلته منه
وإنما يطيع العبد ربه على قدر معرفته به وخوفه منه فهو سبحانه في كل ذلك
من أعطاء ومنع وقبض وبسط متعرف إليك أي طالب منك أن تعرفه بصفاته
وأسمائه وما من أسم من أسمائه تعالى إلا أقتضى ظهور ما يطلبه

فأسمه الكريم أقتضى الإعطاء والإحسان وهو ظاهر في خلقه
وأسمه المانع أقتضي ظهور المنع فظهر في عباده أيضاً
وأسمه المنتقم أقتضي ظهوره في قوم وجههم لمخالفته
وأسمه القهار أقتضي ظهوره في قوم يقهرهم على ما يريد من منع أو غيره
وظهر قهره أيضاً في عباده بالموت فهو من مقتضي أسمه القهار
وهكذا كل أسم يقتضي ظهوره في الوجود وكلها في بني آدم

فإذا تحققت هذا في حالة الإعطاء والمنع علمت أيضاً أنه تعالى مقبل بوجود
لطفه وإبراره عليك إذ هو متعرف إليك في كل شيء ومقبل عليك في كل وجه

فأطلب أيضاً أنت معرفته في كل حال وأعرف منته عليك في الجمال والجلال
وأقبل عليه بكليتك وأستسلم لقهره بروحك وبشريتك تكن عبده حقاً وهو ربك
حقاً وصدقاً والله تعالى أعلم

ويؤخذ من هذه الحكمة أن المدار أنما هو على قوة الروحانية التي هي المعرفة
في الجلال والجمال لا على قوة البشرية لأن بمنعه يحصل للعبد الكمال
وبالله التوفيق

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيرا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء مارس 18, 2009 2:08 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 18801
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا

معنا اليوم السادسة و التسعون من الحكم العطائية لسيدى
ابن عطاء الله السكندرى وهى :

(إنما يؤلمك المنع لعدم فهمك عن الله فيه)

الفهم عن الله يقتضي وجود المعرفة به ولا تكون المعرفة كاملة
حتي يكون صاحبها يعرفه في الجلال والجمال والمنع
والعطاء والقبض والبسط
وأما إن كان لا يعرفه إلا في الجمال فهذه معرفة العوام :
الذين هم عبيد أنفسهم فإن أعطوا رضواً وإن لم يعطوا إذا هم يسخطون
وأيضاً من ثمرات المعرفة : التسليم والرضى لما يجري به القضاء
ومن ثمرات المحبة والهوى : الصبر عند الشدائد والبلوى :

تدعى مذهب الهوى ثم تشكوا ... أي دعواك في الهوي قل لي أينا
لو وجدناك صـــــــــــــابراً لهواناً ... لمنحنـــــــــــــــاك كل ما تتمنّى

فلا يكون المحب صادقاً في محبته ولا العارف صادقاً في معرفته حتى
يستوي عنده المنع والعطاء والقبض والبسط والفقر والغنى والعز
والذل والمدح والذم والفقد والوجد والحزن والفرح
فيعرف محبوبه في الجميع كما قال القائل :

[align=center]حبيبي ومحبوبي على كل حالة[/align]

ويرضي ويسلم له في الجميع , فإن لم يجد ذلك عنده سواء فلا يدعي
مرتبة العشق والهوى فيعرف قدره ولا يتعدى طوره ولا يترامى
على مراتب الرجال من أدعي ما ليس فيه فضحته شواهد الإمتحان
ولأبن الفارض رضي الله عنه :

فإن شئت أن تحيا سعيداً فمت به ... شهيداً وإلا فالغرام له أهل

وقال إبراهيم الخواص رضي الله عنه :
لا يصح الفقر للفقير حتى تكون فيه خصلتان إحداهما : الثقة بالله
والأخرى : الشكر لله فيما زوي عنه مما أبتلي به غيره من الدنيا

وقيل لبعضهم ما الزهد عندكم ؟ قال :
إذا وجدنا شكرنا , وإذا فقدنا صبرنا فقال هذه حالة الكلاب
عندنا ببلخ فقال : وما الزهد عندكم أنتم ؟ قال :
إذا فقدنا شكرنا وإذا وجدنا آثرنا

فهذا هو الفهم عن الله حيث شكر حين الفقد , فقد عد الفقد نعمة
والفاقة غني لما يجد فيها من المواهب والأسرار ولما يترقب بعدها
من ورود الواردات والأنوار , ولو لم يكن إلا التفرغ من الشواغل
والأغيار, وبهذا تزكوا الأحوال , وتعظم الأعمال , ويتأهل صاحبها
للقبول والإقبال وإلا فلا عبرة بصور وجودها مع عدم قبولها

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيرا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين مارس 30, 2009 1:56 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 18801
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا

معنا اليوم الحكمة السابعة والتسعون من الحكم العطائية لسيدى
ابن عطاء الله السكندرى وهى :

( بقوله ربما فتح لك باب الطاعة وما فتح لك باب القبول )

لا عبرة بالطاعة إذا لم يصحبها قبول كما لا عبرة بالسؤال حيث
لم يحصل به مأمول
إذ الطاعة إنما هي وسيلة لمحبة المطاع , وإقباله على المطيع
بحيث يفتح في وجهه الباب ويرفع عن قلبه وجود الحجاب
ويجلسه على بساط الأحباب

فإذا فتح لك باب العمل وبلغت في تحصيله غاية الأمل
غير أنك لم تجد له ثمرة , ولم تذق له حلاوة من الأنس بالله
والوحشة مما سواه , ومن الغنى به والإنحياش إليه
والإكتفاء بعلمه والقناعة بقسمته
فلا تغتر بذلك أيها المريد
فربما فتح لك باب طاعته , وأنهضك إلى خدمته
ولم يفتح لك باب القبول , ومنعك بها من الوصول
حيث أعتمدت عليها وركنت إليها , وأنست بها وأشغلتك حلاوتها
عن الترقي إلى حلاوة شهود المنعم بها

ولذلك قال بعضهم :
أحذروا حلاوة الطاعات , فإنها سموم قاتلة
لأنها تقبض صاحبها في مقام الخدمة , ويحرم من مقام المحبة
وفرق كبير بين من شغله بخدمته , وبين من أصطفاه لمحبته
واجتباه لحضرته .

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيرا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين إبريل 13, 2009 6:51 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 18801
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا

معنا اليوم الحكمة الثامنة والتسعون من الحكم العطائية لسيدى
ابن عطاء الله السكندرى وهى :

( وربما قضي عليك الذنب فكان سبباً في الوصول )

وذلك أن العبد إذا كان سائراً لمولاه قاصداً لوصول حضرة حبيبه ورضاه
قد يحصل له كلل أو يصيبه ملل أو يركبه كسل فسلط الحق عليه ذنباً
أو تغلبه نفسه فيسقط فإذا قام من سقطته جد في سيره ونهض من غفلته
ونشط من كسله فلا يزال جاداً في طلب مولاه غائباً عما سواه حتى
يدخل حضرته ويشاهد طلعته وهي الحضرة التي هي تجليات الحق
وأسرار ذاته
ومثال ذلك :
رجل مسافر أصابه في الطريق نوم أو كسل فيسقط فيضربه حجر فإذا قام
ذهب كسله وجد في سيره

وفي الحديث :
" رب ذنب أدخل صاحبه الجنة قالوا وكيف ذلك يا رسول الله قال لا يزال
تائباً فاراً منه خائفاً من ربه حتى يموت فيدخل الجنة "
أو كما قال عليه السلام

وفي حديث آخر
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال :
" قال رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا
لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون فيغفر لهم " اه

قال صلى الله عليه وسلم في شأن الطاعة التي لم تقبل :
" رب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع وقائم ليس له من قيامه إلا السهر "
فمثل هذه الطاعة المعصية التي يصحبها الإنكسار أحسن منها بكثير

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيرا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء إبريل 22, 2009 11:54 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 18801
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا

معنا اليوم الحكمة التاسعة والتسعون من الحكم العطائية لسيدى
ابن عطاء الله السكندرى وهى :

( معصية أورثت ذلاً وإفتقاراً خير من طاعة أورثت عزاً وإستكباراً )

أنما كانت المعصية التي توجب الإنكسار أفضل من الطاعة
التي توجب الإستكبار
لأن المقصود من الطاعة هو: الخضوع والخشوع والإنقياد
والتذلل والإنكسار:

" أنا عند المنكسرة قلوبهم من أجلي "

فإذا خلت الطاعة من هذه المعاني وأتصفت بأضدادها فالمعصية التي
توجب هذه المعاني وتجلب هذه المحاسن أفضل منها إذ لا عبرة بصورة
الطاعة ولا بصورة المعصية وإنما العبرة بما ينتج عنهما :

( إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أعمالكم , وإنما ينظر إلى قلوبكم )

فثمرة الطاعة : هي الذل والإنكسار
وثمرة المعصية : هي القسوة والإستكبار
فإذا أنقلبت الثمرات أنقلبت الحقائق صارت الطاعة معصية والمعصية طاعة
ولذلك قال المحاسبي رضي الله عنه :
إنما مراد الله سبحانه من عباده قلوبهم فإذا تكبر العالم أو العابد وتواضع
الجاهل والعاصي وذل هيبة لله عز وجل وخوفاً منه
فهو أطوع لله عز وجل من العالم والعابد بقلبه اهــ

وقال الشيخ أبو العباس المرسي رضي الله عنه :
كل إساءة أدب تثمر أدباً فليست بإساءة أدب

وكان رضي الله عنه كثير الرجاء لعباد الله الغالب عليه
شهود وسع الرحمة

وكان رضي الله عنه يكرم الناس على نحو رتبتهم عند الله حتى
أنه ربما يدخل عليه مطيع فلا يبالي به وربما دخل عليه عاص فأكرمه
لأن ذلك الطائع أتى وهو متكبر بعمله وناظر لفعله وذلك العاصي
دخل بكثرة معصيته وذلته ومخالفته .
قاله المصنف في لطائفه

وقال أبو يزيد رضي الله عنه : نوديت في سري :

خزائني مملوءة بالخدمة فإن أردتنا فعليك بالذلة والإفتقار

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" لو لم تذنبوا لخشيت عليكم ما هو أشد من ذلك العجب "

كذا في الصحيحين وقال عليه السلام :
" لولا أن الذنب خير من العجب ما خلا الله بين مؤمن وذنب أبداً "

وقال الشيخ أبو مدين رضي الله عنه :
إنكسار العاصي خير من صولة المطيع .

وقال شيخ شيوخنا رضي الله عنه :
معصية بالله خير من ألف طاعة بالنفس اهـ

ومعنى كلام الشيخ : أن العبد إذا أجريت عليه زلة لم يقصدها بقلبه
وإنما جرته القدرة إليها رغماً على أنفه ثم ندم وأنكسر فهي في حقه
خير من ألف طاعة يشهد فيها نفسه ويتبجح بها على عباد الله
ولله در صاحب العينية حيث يقول :

وأسلمت نفسي حيث أسلمني الهوى ... ومالي عن حكم الحبيب تنازع
فطوراً تراني في المساجد راكعاً ... وإني طوراً في الكنائس رائع
أراني كالآلات وهو محركي ... أنا قلم والأقتدار أصابع
ولست بحبري ولكن مشاهد ... فعال مريد ماله من يدافع
فآونة يقضي على بطاعة ... وحيناً بما عنه نهتنا الشرائع
لذاك تراني كنت أترك أمره ... وآتى الذي أنهاه والجفن دامع
ولي نكتة غراء سوف أقولها ... وحق لها أن ترعويها المسامع
هي الفرق ما بين الولي وفاسق ... تنبه لها فالأمر فيه فظائع
وما هو إلا أنه قبل وقعه ... يخبر قلبي بالذي هو واقع
فأجني الذي يقضيه في مرادها ... وعيني له قبل الفعال تطالع
فكنت أرى منها الأرادة قبل ما ... أرى الفعل مني والأسير مطاوع
فأتى الذي تهواه نفسي ومهجتي ... لذلك في نار حوتها الأضالع
إذا كنت في حكم الشريعة عاصياً ... فإني في علم الحقيقة طائع

فأشار إلى الفرق بين معصية الولي ومعصية الفاسق وذلك من ثلاثة أوجه:

الولي لا يقصدها ولا يفرح بها ولا يصر عليها
والفاسق بالعكس في الجميع .

وقيل للجنيد : أيزني العارف ؟ فقال :

( وكان أمر الله قدراً مقدوراً ) لكن معصية الولي حدها الظاهر
ولذلك قال ابن عطاء الله :
ليت شعري لو قيل له أتتعلق همة العارف بغير الله لقال لا . اهـ

ولما كانت النعم تقتضي من العبد شكرها وشكرها هو العمل
بطاعة الله فيها قال الجنيد :

الشكر ألا يعصي الله بنعمة .

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيرا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس إبريل 30, 2009 12:54 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 18801
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا

معنا اليوم الحكمة المائة من الحكم العطائية لسيدى ابن عطاء الله
السكندرى وهى :

( نعمتان ما خرج موجود عنهما ولا بد لكل مكون منهما
نعمة الإيجاد ونعمة الإمداد )

أما نعمة الإ يجاد :
فهي الإظهار من عالم الغيب إلى عالم الشهادة أو من عالم الأمر إلى
عالم الخلق أو من عالم الأرواح إلى عالم الأشباح أو من عالم القدرة إلى
عالم الحكمة أو من عالم التقدير إلى عالم التكوين

وأما نعمة الإمداد فهي :
قيامه تعالى بالأشياء بعد وجودها وإمداده إياها بما تقوم به بنيتها

وهاتان النعمتان عامتان وأختص الإنسان بما أجتمع فيه من الضدين
وهما النور والظلمة واللطافة والكثافة

فلو بقيت أيها الأنسان على ما كنت عليه من العدم في عالم القدم لم
تتمتع بنعمتين نعمة الأشباح ونعمة الأرواح ولو تجلى فيك بوجهة واحدة
لكنت ناقصاً في شهود المعرفة لأن مزية الآدمي في المعرفة أعظم
إذ بقدر المجاهدة يكون الترقي في المشاهدة لما فيه من الكثافة واللطافة
فكلما لطف من كثافة ترقي في مشاهدة ربه ولما فيه من النور والظلمة
فكلما أنتفت الظلمة قوي النور بخلاف غيره من الجن والملائكة غير المقربين
قال الله تعالى في حق الملائكة :

( وما منا إلا له مقام معلوم )

فما مثل الآدمي إلا كياقوتة سوداء وهي أعظم اليواقيت كلما صقلتها
أشرقت وزاد نورها وجمالها , ومثل الملائكة كالزجاج إذا صقل مرة كفاه
ولا يزيد نوره على أصله .

فلو بقيت أيها الإنسان على ما كنت عليه من العدم أو من اللطافة بعد
قبضة القدم لم يكن لك مزية على غيرك .
ومما يدلك على أن تجلي الآدمي أعظم أختصاصه بالجنة والنظر
قال تعالى :

( وترى الملائكة حافين من حول العرش )

والكلام إنما هو مع الخواص , فخواص الآدمي , أعني الأنبياء أعظم
من خواص الملائكة وخواص الملائكة أعني المقربين أعظم من
خواص الآدمي أعني العارفين والعارفون أعظم من عوام الملائكة
وعوام الملائكة أعظم من عوام بني آدم والله تعالى أعلم .

فأنعم الحق سبحانه عليك أيها الإنسان أولاً بنعمة الإيجاد وأصحبك الرأفة
والوداد لتظهر مزيتك وتكمل نعمتك
ثم أنعم عليك ثانياً بنعمة الإمداد حسية ومعنوية .

أما المدد الحسي : فغذاء البشرية من أول النشأة إلى منتهاها
وأما المدد المعنوي : فغذاء الروح من قوت اليقين والعلوم والمعارف
والأسرار.

ثم أن هذا المدد المعنوي من حيث هو ينقسم على ثلاثة أقسام :
منه ما لا يزيد ولا ينقص وهو مدد الملائكة قال تعالى فيهم :
( وما منا إلا له مقام معلوم )
ومنه ما يزيد وينقص وهو مدد عوام بني آدم .
ومنه ما يزيد ولا ينقص وهو مدد خواصهم كالرسل والأنبياء وأكابر الأولياء
ومن تعلق بهم ممن دخل تحت حضانتهم ولزم عشهم من الفقراء
والمريدين السائرين
فمددهم في الزيادة على الدوام وهذا المدد ثابت للروح قبل إتصالها
بالبشرية فلذلك أقرب بالربوبية في عالم الذر

قال في التنوير :
إعلم أن الحق سبحانه تولاك بتدبيره على جميع أطوارك وقام لك في كل
ذلك بوجود أبرارك فقام لك بحسن التدبير يوم المقادير يوم قال :

( الست بربكم قالوا بلى )

ومن حسن تدبيره لك أن عرفك به فعرفته , وتجلى لك فشهدته
وأستنطقك وألهمك الأقرار بربوبيته فوحدته

ثم أنه جعلك نطفة مستودعة في الأصلاب , تولاك بتدبيره هنالك حافظاً
لك وحافظاً لما أنت فيه موصلاً لك المدد بواسطة ما أنت فيه من الأباء
إلى أبيك آدم , ثم قذفك في رحم الأم فتولاك بحسن التدبير, وجعل
الرحم قابلة لك أرضاً يكون نباتك , ومستودعاً تعطي فيها حياتك
ثم جمع بين النطفتين وألف بينهما فكنت عنهما لما بنيت عليه الحكمة
الإلهية من أن الوجود كله مبني على سر الإزدواج ثم جعلك بعد النطفة
علقة مهيئة لما يريد سبحانه أن ينقلها إليه , ثم بعد العلقة مضغة ثم
فتق سبحانه في المضغة صورتك , وأقام فيها بنيتك , ثم نفخ فيك
الروح بعد ذلك ثم غذاك بدم الحيض في رحم الأم فأجري عليك رزقه
من قبل أن يخرجك إلى الوجود , ثم أبقاك في رحم الأم حتى قويت
أعضاؤك وأشتدت أركانك ليهيئك إلى البروز إلى ما قسم لك أو عليك
وليبرزك إلى دار يتعرف فيها بفضله وعدله إليك
ثم لما أنزلك إلى الأرض علم سبحانه أنك لا تستطيع أن تتناول خشونات
المطاعم وليس لك أسنان ولا أرحى تستعين بها على ما أنت طاعم
فأجري الثديين بالغذاء اللطيف ووكل بهما مستحث الرحمة التي جعلها في
قلب الأم , فكلما وقف اللبن على البروز أستحثته الرحمة التي جعلها لك
في الأم مستحثاً لا يفتر ومستنهضاً لا يقصر, ثم أنه شغل الأب والأم
بتحصيل مصالحك والرأفة عليك والرحمة والنظر بعين المودة منهما إليك
وما هي إلا رأفته ساقها للعباد في مظاهر الآباء والأمهات تعريفاً بالوداد
وفي حقيقة الأمر ما كفلتك إلا ربوبيته وما حضنتك إلا إلوهيته
ثم ألزم الأ ب القيام بك إلى حين البلوغ. وأوجب عليه ذلك رأفة منه بك
ثم رفع قلم التكليف عنك إلى أوان تكمل الأفهام , وذلك عند الإحتلام
ثم إلى أن صرت كهلاً لم يقطع عنك نوالاً ولا فضلا , ثم إذا إنتهيت إلى
الشيخوخة , ثم إذا قدمت عليه ثم إذا حشرت إليه ثم إذا أقامك بين يديه
ثم إذا سلمك من عقابه ثم إذا أدخلك دار ثوابه ثم إذا كشف عنك وجود
حجابه وأجلسك مجالس أوليائه وأحبابه
قال سبحانه :
( إن المتقين في جنات ونهر * في مقعد صدق عند مليك مقتدر )

فلإى إحسانه تشكر ؟ ولإي إياديه تذكر

وأسمع قوله سبحانه :

( وما بكم من نعمة فمن الله )

تعلم أنك لم تخرج عن إحسانه , ولن يعدوك وجود فضله وامتنانه
اهـ كلامه في التنوير

وهو شرح لهذه الحكمة لإشتماله على النعمتين إيجاداً وإمداداً .

ومن نعمة الإمداد المعنوي نعمة الإسلام والإحسان , وحفظ ذلك
وإدامته علينا في كل وقت وحين , وزيادة الترقي في المعرفة واليقين
إلى يوم الدين , فالحمد لله رب العالمين

ثم المقصود بالنظر إلى هاتين النعمتين هو الإنسان وإن كانتا عامتين في
جميع الأكوان إذ هو المطلوب بشكرها والتحدث بذكرها
ولذلك خصه بالخطاب :
{ أنعم عليك أولاً بالإيجاد , وثانياً بتوالي الإمداد }
توالي الإمداد هو تتابعه وإتصاله سواء كان حسياً أو معنوياً
ففي كل ساعة ولحظة أنت مفتقر إلى أمداده قلباً وقالباً .

فالحمد لله رب العالمين

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيرا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس مايو 07, 2009 7:20 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 18801
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا

معنا اليوم الحكمة الواحد بعد المائة من الحكم العطائية لسيدى
ابن عطاء الله السكندرى وهى :

( فاقتك لك ذاتية وورود الأسباب مذكرة لك بما خفي عليك منها
والفاقة الذاتية لا ترفعها العوارض )

الفاقة الذاتية هي : الأصلية الحقيقة
والأسباب المحركة لها هي : العوارض الجلالية وهي كل ما يقهر النفس
ويزعجها عن حظوظها وتصرفاتها العادية
وإنما كانت فاقتناً ذاتية لا تفارقنا ساعة واحدة لأن نشأتنا مركبة من حس
ومعنى ولا يقوم الحس إلا بالمعنى والمعني هو أسرار الربوبية القائمة
بالأشياء فأشباحنا مفتقرة في كل لحظة إلى نعمة الإمداد بعد نعمة الإيجاد
ولا الحكمة إلا بالقدرة ولا البشرية إلا بالروحانية
والروح سر من أسرار الله قال تعالى :

{ قل الروح من أمر ربي }

فالبدن قائم بالروح والروح أمر من أمر الله وكل شيء قائم بأمر الله
فأفتقار البشرية للروحانية حاصل على الدوام
قال تعالى في نعمة الإيجاد:

{ يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد}

فهذا هو الإفتقار إلى نعمة الإيجاد ثم قال في نعمة الإمداد :

{ أن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد }

وهذا هو افتقارنا إلى نعمة الإمداد
وقال تعالى في إفتقار بقية العالم :

{ أن الله يمسك السموات والأرض أن تزولا }

فالكون كله قائم بأمر الربوبية , مظهرمن مظاهرها لا قيام له بدونها

قال الشيخ أبو مدين رضي الله عنه :
الحق سبحانه مستبد والوجود مستمد , والمادة من عين الجود
فإذا إنقطعت المادة : أى مادة المعنى أنهد الوجود اهــ
والمراد بالوجود ظهور الحس
وعين الجود هو : المعاني اللطيفة القديمة .
يعني أن الحق تعالى مستبد أي قائم بنفسه , وظهور تجلياته مستمدة
من باطن صفاته
ومادة الأشياء كلها من عين الجود وهي نعمة الإيجاد والإمداد
فإذا انقطعت المادة أي مادة المعنى من الحس أضمحل الحس واضمحلت
الأكوان , فلو ظهرت صفاته أضمحلت مكوناته

ففاقتك أي أفتقارك أيها الإنسان لك ذاتية أي أصلية حقيقية لكنها خفية
وورود الأسباب المحركة لظهور تلك الفاقة وهي الشدة والحيرة وكل
ما يلجئك إلي مولاك مذكرة لك ما خفي عنك منها
يعني أن فاقتك لا تفارقك إذ كل لحظة تفتقر إلى من يمدك بالوجود في
الساعة الثانية إلا أنها خفية لا تذكرها حتى يتحرك عليك أسباب
ظهورها كالفتن والمرض وغيرهما , والفاقة الأصلية الذاتية لا ترفعها
العوارض وهي الصحة والعافية فما دام العبد في العافية ففاقته خفية
لا يتفطن لها إلا العارفون لأنه لا يزول أضطرارهم فإذا قام عليه جلال
أو محرك ظهر إفتقاره وتحقق إضطراره مع أنه دائم في الفاقة
حسه ومعناه والله تعالى أعلم

ثم إن رجوع الشيء إلى أصله مرغب فيه وخروجه عن أصله لا خير فيه
وأصلك أيها الإنسان هو الفاقة والإضطرار والذلة والإنكسار فكل
ما يردك إلى أصلك فهو لك في غاية الحسن والإختيار

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيرا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين مايو 18, 2009 4:36 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 18801
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا

معنا اليوم الحكمة الثانية بعد المائة من الحكم العطائية لسيدى
ابن عطاء الله السكندرى وهى :

( خير أوقاتك وقت تشهد فيه وجود فاقتك وترد فيه إلى وجود ذلتك )

إنما كان شهود الفاقة هو خير أوقاتك لوجهين :
أحدهما ما في ذلك من تحقيق العبودية وتعظيم شأن الربوبية
وفي ذلك شرف العبد وكماله إذ بقدر تحقيق العبودية في الظاهر
يعظم شهود الربوبية في الباطن
أو تقول بقدر العبودية في الظاهر تكون الحرية في الباطن
أو تقول بقدر الذل في الظاهر يكون العز في الباطن
أو تقول بقدر وضع الظاهر يكون رفع الباطن , من تواضع دون
قدره رفعه الله فوق قدره وأنظر أشرف خلق الله وهم الأنبياء
بماذا خاطبهم الله تعالى فما خاطبهم إلا بالعبودية
قال الله تعالى :

{ سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً }
{ وأذكر عبادنا إبراهيم وأسحق ويعقوب }
{ وأذكر عبدنا داوود ذا الأيد } , { وأذكر عبدنا أيوب }

وقد أختارها نبينا صلى الله عليه وسلم حين خير بين
أن يكون نبياً ملكاً أو نبياً عبداً فأختار أن يكون نبياً عبداً
فدل على أن أشرف حال الإنسان هو العبودية
فبقدر ما يتحقق بها في الظاهر يعظم قدره في الباطن
ومهما خرج منها في الظاهر بإظهار الحرية أدبته القدرة
وردته القهرية حتى يرجع إلى أصله ويعرف ماله وعليه

الوجه الثاني : ما في الفاقة من مزيد المدد وطلب الإستمداد

{ إنما الصدقات للفقراء والمساكين }

إن أردت بسط المواهب عليك صحح الفقر والفاقة لديك كما يأتي أن شاء الله

وقد جعل الله النصر والفتح مقرونين بالفاقة والذلة
وتحقيق الضعف والقلة

قال الله تعالى : { ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة }
وقال تعالى :{ وأذكروا إذ كنتم قليلاً فكثركم }

وجعل الخذلان وعدم النصر والمعونة في إظهار الحرية والقوة
قال تعالى :

{ ويوم حنين إذا أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم
شيئاً وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين }

وذلك لما وقع من بعض الصحابة الذين كانوا حديثي عهد بإسلام
فأدبهم الله بإظهار الحرية لكن عمت الفتنة
قال تعالى :

{ وأتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة }

وهذا وجه ذكر الآية قبل ذكر القضية , والله تعالى أعلم
فإذاً خير أوقاتك أيها المريد وقت تشهد فيه وجود فاقتك :
أي ظهورها وإلا فهي كامنة فيك كما تقدم
وتسمى عند المتأخرين الحيزة وهي الشدة
فهي خير لك من ألف شهر أن عرفت فيها ربك .

والمعرفة فيها أن تسكن عن التحرك والإضطراب وتقطع النظر
عن التعلق بالأسباب وترجع فيها إلى مسبب الأسباب
وتعلق همتك برب الأرباب وتكتفي بعلم الله الكريم الوهاب
ولقد سمعت شيخنا اليزيدي رضي الله عنه يقول :

العجب من الإنسان يرى الخير أو الفتح واصلاً إليه وقادماً عليه
ثم يقوم يبادر بسد الباب في وجهه وهو أن يرى الفاقة قادمة
عليه فيبادر إلى الأسباب التي تقطعها عنه قبل وصولها
فقد كان الربح واصلاً إليه فقام فرده أو ما هذا معناه
وخير أوقاتك أيضاً وقت تشهد فيه وجود ذلتك كما تقدم لأنه
سبب عزك ونصرك إذ الأشياء كامنة في أضدادها
العز في الذل , والغنى في الفقر , والقوة في الضعف
والعلم في الجهل : أي في إظهار الجهل إلى غير ذلك
قال تعالى :
{ ونريد أن نمن على الذين أستضعفوا في الأرض
ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين } .

وقال تعالى في حق الصحابة رضي الله عنهم حين كانوا في
حالة الإستضعاف والإذاية تسلية لهم :

{ وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم
في الأرض كما أستخلف الذين من قبلهم } الآية

ومما جرت به العادة الإلهية أن الفرج علي قدر الضيق
فبقدر الفقر يكون الغنى , وبقدر الذل يكون العز , وبقدر العسر
يكون اليسر
والحاصل : بقدر الجلال يكون الجمال عاجلاً وآجلاً
قال تعالى :

{ فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا }

وقال صلى الله عليه وسلم : ولن يغلب عسر يسرين
كما في الحديث حيث قال عليه السلام لإبن عباس رضي الله عنه :

" وأعلم أن النصر مع الصبر وأن الفرج مع الكرب وأن مع العسر يسرا " اه.

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيرا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين مايو 25, 2009 10:56 am 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 18801
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا

معنا اليوم الحكمة الثالثة بعد المائة من الحكم العطائية لسيدى
ابن عطاء الله السكندرى وهى :

( متى أوحشك من خلقه فأعلم أنه يريد أن يفتح لك باب الأنس به )

هذه سنة الله تعالى في خلقه إذا أراد أن يؤنس عبده بذكره
ويتحفه بمعرفته أوحشه من خلقه وشغله بخدمته وألهمه ذكره
حتى إذا أمتلأ قلبه بالأنوار , وتمكن من حلاوة الشهود والإستبصار
رده إليهم رحمة لهم , لأنه حينئذ لقوته يأخذ منهم ولا يأخذون منه

ومثاله في الحس كفتيلة شعلتها فما دامت ضعيفة لا بد أن تحفظها
من الريح وتقصد بها المواضع الخفية , فإذا أشتد نورها وأشعلتها في
الحطب صعدت بها إلى ظهور الجبال , فبقدر ما يصيبها الريح يعظم
إشتعالها

كذلك الفقير ما دام في البداية لا يليق به إلا الوحشة من الخلق والفرار
منهم فإذا تمكن في الشهود فلا يليق به حينئذ إلا الخلطة معهم
لأنهم لا يضرونه

فمتي أوحشك أيها الفقير من خلقه وعزلك عنهم في قلبك فأعلم
أنه تعالى أراد أن يؤنسك به , ويغنيك بمعرفته فقد كان عليه السلام
حين قرب أوان النبوة والرسالة حبب إليه الخلوة فكان يخلو بغار حراء

وحكمة ذلك تصفية البواطن من الشواغل والشواغب لتتهيأ لقبول
ما تتحمله من الأسرار والمواهب فإذا تطهر من الأكدار ملئ بالأنوار
فأشرقت فيه شموس العرفان , وتمكن من حضرة الشهود والعيان

فهذه سنة الله في أوليائه وأصفيائه يفرون أولاً من الناس حتى
يحصل لهم منهم الإياس ثم يردهم الحق إليهم رغماً على أنفهم
لمقام الدلالة والإرشاد فينتفع بهم العباد وتحيا بوجودهم البلاد
وفي مثلهم قال الشاعر:

تحيا بكم كل أرض تنزلون بها
كأنكم في بقاع الأرض أمطار

وتشتهي العين فيكم منظراً حسناً
كأنكم في عيون الناس أزهار

ونوركم يهتدي الساري برؤيته
كأنكم في ظلام الليل أقمار

لا أوحش الله ربعاً من زيارتكم
يا من لهم في الحشا والقلب تذكار

نفعنا الله بهم وحققنا بمعرفتهم آمين

ثم إذا فتح لك باب الأنس وتشوقت إلى حضرة القدس ثم
أطلق لسانك بطلبها فأعلم أنه يريد أن يفتح لك بابها .

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيرا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء يونيو 03, 2009 1:07 am 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 18801
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا

معنا اليوم الحكمة الرابعة بعد المائة من الحكم العطائية لسيدى
ابن عطاء الله السكندرى وهى :

( متى أطلق لسانك بالطلب فأعلم أنه يريد أن يعطيك )

لأن الحق تعالى جعل الطلب سبباً من الأسباب , فإذا أراد أن ينجز
للعبد ما سبق له فتح له فيه باب الطلب
فإذا حصل منه الطلب حصل ذلك الذي قسم له في الأزل إظهاراً
لحكمته وإخفاء لقدرته وتغطية لسره , فالدعاء من جملة الأسباب
العادية كالحرث والدواء والتزوج في الولد وغير ذلك , وكل ذلك سبقت
به المشيئة ونفذ به القضاء والقدر , فما بقي الدعاء إلا إظهاراً للفاقة
وإبقاء لرسم العبودية لا طلباً لحصول ما لم يكن .
جل حكم الأزل أن يضاف للأسباب والعلل

فمتى أطلق لسانك أيها المريد بالطلب لشيء تجلى في قلبك أو
إحتجت إليه فأعلم أن الحق تعالى أراد أن يعطيك ما طلبت منه فلا
تحرص ولا تستعجل فكل شيء عنده بمقدار

فإن أطلق لسانك في الدعاء من غير سبب , فخير ما تطلبه منه
ما هو طالبه منك كما تقدم .

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" من أعطي الدعاء لم يحرم الإجابة "

وقال أيضاً عليه السلام :
من أذن له في الدعاء منكم فقد فتحت له أبواب الرحمة
وما سئل الله شيئاً أحب إليه من العفو والعافية "

وقال الكتاني رضي الله عنه : لم يفتح الله لسان المؤمن بالمعذرة
إلا وقد فتح له بالمغفرة . اه

وقال الخفاف رحمه الله : وكيف لا يجيبه وهو يحب صوته
ولولا ذاك ما منح الدعاء , وفي ذلك قيل :

لو لم ترد نيــل ما أرجوا وأطلبه ... من فيض جودك ما علمتني الطلبا

ثم هذا كله قبل فتح باب المعرفة .

وإذا فتح لك الباب فلا تحتاج إلى طلب لغناك بمسبب الأسباب
فيكون دعاؤك إنما هو إظهار للفاقة والأضطرار اللازمتين لك
مع كل نفس وفي كل وقت وحال

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيرا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء يونيو 10, 2009 1:49 am 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 18801
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا

معنا اليوم الحكمة الخامسة بعد المائة من الحكم العطائية لسيدى
ابن عطاء الله السكندرى وهى :

( العارف لا يزول أضطراره ولا يكون مع غير الله قراره )

أما وجه كونه لا يزول إ ضطراره فلتحقق قيوميّة الحق به إذ الحس
لا يقوم إلا بالمعنى فحس العبودية لا يقوم إلا بمعنى الربوبية
فبقدر تحقق العبد بقيومية الربوبية يشتد إضطراره في ظاهر العبودية

وأيضاً العارف لا يزال في الترقي فهو متعطش للزيادة على الدوام
كما قال النقشبندي رحمه الله :

وذو الصبابة لو يسقي على عدد الأنفاس
والكون كأس ليس يرويــــــــــــــــــــــــه

وقال آخر

سقاني الحب كأســـــــاً بعد كأس
فمـــــــا نفذ الشراب ولا رويت

وقال بعضهم : لو شربت في كل لحظة ألف بحر لا ترى ذلك
إلا قليلاً وتشهد شفتيك يابسة

وكل ذلك كناية عن عدم النهاية وأن المقصود غير منضبط
فالعارف لا يزال مفتقراً للزيادة على الدوام فلا يزول أضطراره
على الدوام وقد قال الله تعالى لسيد العارفين :

{ وقل رب زدني علماً }

فالإضطرار إلى زيادة العلم لا ينقطع ولو جمع علوم أهل
السموات والأرض
قال تعالى مخاطباً للكل :

{ وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً }

وأما وجه كونه لا يكون مع غير الله قراره , فلأن قلب العارف
رحل إلى الله من الكون بأسره , فلم تبق له حاجة إلى غيره
فقراره إنما هو شهود الذات الأقدس , فإن نزل إلى
سماء الحقوق أو أرض الحظوظ فبالإذن والتمكن والرسوخ في اليقين
فالعارف ليس له عن نفسه أخبار, ولا مع غير الله قرار
وأيضاً سابق العناية لا يتركه يركن إلى غير مولاه
فمهما ركن قلبه إلى شيء شوشته عليه العناية وأكتنفته الرعاية
فهو محفوظ من الأغيار , محفوف من كل جهة بمدد الأنوار
إذا كان الله حرس السماء من استراق السمع
فكيف لا يحرس قلوب أوليائه من الأغيار وما تولاهم بمحبته
حتى حفظهم من شهود غيره , فكيف بالركون فكيف بالسكون
هيهات هيهات هذا لا يكون .
من كان ظاهره محفوفاً بالأنوار وباطنه محشواً بالأسرار
فكيف يركن إلى شهود الأغيار

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيرا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأحد يونيو 21, 2009 5:58 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 18801
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا

معنا اليوم الحكمة السادسة بعد المائة من الحكم العطائية
لسيدى ابن عطاء الله السكندرى وهى :

(أنار الظواهر بأنوار آثاره وأنار السرائر بأنوار أوصافه )

أنوار الظواهر هي ما ظهر على تجليات الأكوان من تأثير
قدرته وإبداع حكمته كتزيين السماء بالكواكب والقمر
والشمس وما فيها من إبداع الصنع وتمام الإتقان وكتزيين
الأرض بالأزهار والثمار والنبات وسائر الفواكه
وكتزيين الإنسان بالبصر والسمع والكلام وسائر ما فيه
من عجائب الصنعة قال تعالى :
{ لقد خلقنا الأنسان في أحسن تقويم }
وقال تعالى : { أنا جعلنا ما على الأرض زينة لها }

فهذه أنوار الظواهر
وأنوار الأوصاف : هي العلوم والمعارف والأسرار
والمراد بالأوصاف أوصاف الربوبية كالعظمة والعزة والجلال
والجمال والكبرياء والكمال وغير ذلك من أوصاف الذات العلية
والذات لا تفارق الصفات
فإذا أشرقت السرائر بأنوار معرفة الصفات فقد أشرقت بأنوار
معرفة الذات للتلازم الذي بين الصفات والذات .
ثم الناس في شهود هذه الأنوار الباطنة التي هي أنوار
الأوصاف على ثلاثة أقسام :
قسم يشهدونها على البعد وهم أهل مقام الإسلام
وقسم يشهدونها على القرب وهم أهل المراقبة من مقام الإيمان
وقسم يشهدونها على الإتصال وهم أهل المعرفة من مقام الإحسان
فأهل مقام الإسلام أنوارهم ضعيفة كأنوار النجوم
وأهل مقام الإيمان أنوارهم متوسطة كنور القمر
وأهل مقام الإحسان أنوارهم ساطعة كأنوار الشمس .

فتحصل أن أنوار الباطن ثلاثة :
نجوم الإسلام وقمر التوحيد وشمس المعرفة
وإلى هذا المعنى أشار ابن الفارض بقوله :

لها البدر كأس وهي شمس يديرها
هلال وكم يبدو إذا مزجت نجم

فالضمير لخمرة المحبة وهي أيضاً شمس المعرفة .
فإذا مزجت لتشرب ظهر نجم الإسلام , وإذا وضعت في الكأس
طلع قمر التوحيد وهو الإيمان وإذا شربت أشرقت شمس المعرفة
والذي يديرها على الشاريين هلال الهداية .
هذا معنى كلامه في الجملة , وتشبيه الأنوار المعنوية
بالأنوار الحسية إنما هو تقريب وإلا فأنوار القلوب كلها عظيمة
حتى قال الشيخ أبو الحسن رضي الله عنه :
لو كشف عن نور المؤمن العاصي لطبق ما بين السماء والأرض
فما ظنك بنور المؤمن المطيع .
وقال الشيخ أبو العباس رضي الله عنه :
لو كشف عن حقيقة الولي لعبد من دون الله , وقال في
لطائف المنن : ولو كشف الحق عن مشرقات قلوب
أنوار أوليائه لا نطوي نور الشمس والقمر في مشرقات أنوار
قلوبهم , وأين نور الشمس والقمر من أنوارهم ؟
الشمس والقمر يطرأ عليهما الكسوف والغروب
وأنوار قلوب أوليائه لا كسوف لها ولا غروب .
لذلك قال قائلهم :

هذه الشمس قابلتنا بنور ... ولشمس اليقين أبهرنوراً
فرأينا بهذه النور لكـنا ... بهاتيك قد رأينا المنــــــيرا

فأنار الحق سبحانه ظواهر الكائنات بأنوار الظواهر
وهي النجوم والقمر والشمس في الحسن , وتزيين الخلق
وإبداعه وتخصيصه وتقييده عن شكل معلوم في الأنوار
الخفية , وتهذيب الجوارح وتطهيرها من الأنوار المعنوية
وأنار سبحانه القلوب والسرائر بأنوار أوصافه وهي عظمة
الربوبية وأوصافها , فإذا أشرقت في سماء القلوب الصحبة
والأسرار الصافية غاب العبد عن شهود الأغيار وغرق في
بحر الأنوار فتفني الأشكال والرسوم ولا يبقي إلا الحي القيوم .

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس يوليو 02, 2009 6:28 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 18801
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا

معنا اليوم الحكمة السابعة بعد المائة من الحكم العطائية لسيدى
ابن عطاء الله السكندرى وهى :

( لأجل ذلك أفلت أنوار الظواهر ولم تأفل أنوار القلوب والسرائر )

أي لأجل أن أنوار الظواهر إنما هي أنوار الأثر ومن شأن الأثر
أن يتأثر ويتغير بالطلوع والغروب فأفل : أي غريب أنوار الظواهر
إما بالغروب المعلوم أو بالعدم المحتوم ولم تأفل
أي تغرب أنوار القلوب وهي أنوار الإسلام والإيمان وأنوار السرائر
وهي أنوار الإحسان فأنوار الإسلام والإيمان هي أنوار التوجه
وأنوار الإحسان هي أنوار المواجهة .

فالنور عبارة عن اليقين الذي يحصل في القلب يثمر حلاوة العمل
فإذا قوي اليقين قوي النور وأشتدت الحلاوة حتى يتصل بحلاوة
الشهود فيغطي حلاوة العمل فلذلك يقل عمل الجوارح عند العارف
إذ حلاوة الشهود تغني عن كل شيء ليس الخبر كالعيان

وفي بعض الأحاديث :

" سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الأعمال أفضل ؟
قال : العلم بالله , قالوا : يا رسول الله سألناك عن العمل قال :
العلم بالله , ثم قال في الثالثة : عمل قليل كاف مع العلم بالله " .

وحقيقة النور في الأصل كيفية تنبسط من النيرين على سطح
الجسم فينكشف ما عليه بواسطة البصر, ثم شبه به العلم واليقين
والمعرفة لما بينهما من الشبه في كشف حقيقة الأشياء وتمييزها
فالنور الحسي ينقطع بإنقطاع أصله
والنور المعنوي الذي هو نور القلوب لا ينقطع أبداً فلذلك أنشد الشيخ
هذا البيت فقاله.

ولذلك قيل :
أن شمس النهار تغرب بليل ... وشمس القلوب ليست تغيب

قال الشيخ زروق رضي الله عنه :
فشمس القلوب لا تغيب أبداً بل هي دائمة لا تنقطع وباقية لا تنصرم
لبقاء مددها , وهي معاني الأوصاف الربانية ودوام محالها
وهي الأفاق الروحانية , فالمتعلق بها متعلق بحقيقة لا تنصرم
ومن هذا الوجه كان غني القوم بالله لا بالأسباب وتعلقهم به
لا بشيء دونه اهـ

وحاصلها : ذكر كيفية الجزاء على الأعمال والزجر على طلبه وتحقيق
معرفته في عطائه ومنعه , والإعتناء بإقباله وقبوله لا بخدمته ودوام
الاضطرار بين يديه والإفتقار إلى نعمته والإستيحاش من خلقه
بدوام أنسه ثم أشراق أنواره على قلوب أوليائه وأسرار أصفيائه جزاء
لإقبالهم عليه وإنحياشهم إليه فإذا أتحفهم بذلك وهيأهم لما هنالك
تلي عليهم قوله :

{ أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم } الآية.

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 540 مشاركة ]  الانتقال إلى صفحة السابق  1 ... 6, 7, 8, 9, 10, 11, 12 ... 36  التالي

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 4 زائر/زوار


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
© 2011 www.msobieh.com

جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في المنتديات تعبر عن رأي أصحابها فقط