موقع د. محمود صبيح

منتدى موقع د. محمود صبيح

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 540 مشاركة ]  الانتقال إلى صفحة السابق  1, 2, 3, 4, 5, 6, 7 ... 36  التالي
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء إبريل 12, 2006 6:13 am 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 18715
الحمد لله والصلاة والسلام علي سيدنا رسول الله وعلي آله وسلم تسليما كثيرا

معنا اليوم الحكمة الثالثة والأربعون من حكم سيدي ابن عطاء الله السكندري وهي :

( العجب كل العجب ممن يهرب مما لا انفكاك له عنه , ويطلب ما لا بقاء
له معه , فإنها لا تعمي الأبصار ولكن تعمي القلوب التي في الصدور )

قلت : ما لا انفكاك منه هو الحق تعالي وقضاؤه وقدره , وما لا بقاء له هو الدنيا
أو ما تدبره النفس وتقدره , فمن أعجب العجائب أن يفر العبد من مولاه
ويتوجه بالطلب لما سواه , مع أنه لا انفكاك له منه , ولا محيد له عنه , إذ لا
وجود له إلا منه , ولا قيام له إلا به , فكيف يهرب منه بترك طلب معرفته
وبالتقرب به بامتثال أمره واجتناب نهيه , ويطلب ما لا بقاء له من حظوظ الدنيا
الفانية التي إن لم تزل عنها فى الحياة زالت عنك بالممات
فاطلب ما يبقي دون ما يفني

ولله در القائل :
هب الدنيا تساق إليك عفوا *** أليس مصير ذاك إلي زوال
وما دنياك إلا مثل ظل **** أظلك ثم آذن بارتحال

أو تقول : من العجب كل العجب أن يهرب العبد مما لا انفكاك له عن قدر الله
وقضائه , ويطلب ما لا بقاء له من حظوظ تدبيره واختياره , إذ كل ما تدبره
وتبرمه فسخه القضاء وهدمه :

متي يبلغ البنيان يوما تمامه *** إذا كنت تبنيه وغيرك يهدم

وهذا كله من عدم فتح البصيرة أو عماها , ولذلك قال تعالي :
" فإنها لا تعمي الأبصار " عن إدراك الحس , لأنها أدركته وحجبت به
( ولكن تعمي القلوب ) عن إدراك المعني , فلا تري إلا الحس ولا تحب إلا إياه
و لا تطلب شيئا سواه ، نسأل الله عافيته وهداه .

قال الشيخ أبو الحسن الشاذلي رضي الله عنه :
عمي البصيرة في ثلاث :
إرسال الجوارح في معاصي الله , والطمع في خلق الله , والتصنع بطاعة الله اه.
ثم إذا طلبت الحق الذي لا انفكاك لك عنه ورحلت إليه , فاطلب معرفة ذاته
لا زخارف جناته , إذ هي كون من مكوناته.

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليما كثيرا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء مايو 03, 2006 8:42 am 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 18715
الحمد لله و الصلاة و السلام على سيدنا رسول الله و على آله
و سلم تسليما كثيرا

معنا اليوم الحكمة الرابعة والأربعون من حكم سيدى ابن عطاء الله
السكندرى و هى :

( لا ترحل من كون إلى كون فتكون كحمار الرحى يسير , و الذى ارتحل
إليه هو الذى ارتحل عنه , و لكن ارحل من الأكوان إلى المكون
و أن إلى ربك المنتهى )

الرحيل: من الكون إلى الكون هو الرحيل من السّوى إلى طلب السّوى
و ذلك كمن زهد فى الدنيا و انقطع إلى الله , يطلب بذلك راحة بدنه
و إقبال الدنيا عليه , لقوله صلى اله عليه وسلم :
" من انقطع إلى الله كفاه كل مؤنة و رزقه من حيث لا يحتسب "

و لقوله ايضا صلى الله عليه وسلم :
" من كانت الآخرة نيته جمع الله عليه أمره , و جعل غناه فى قلبه
و أتته الدنيا و هى صاغرة " .

و كمن زهد فيها يطلب الخصوصية كإقبال الخلق و العز و تربية المهابة
فى قلوب الناس , أو زهد فيها يطلب الكرامة و خوارق العادات
أو زهد فيها يطلب القصور و الحور , فهذا كله رحيل من كون إلى كون
فمثله كحمار الطاحونة يسير الليل و النهار وهو فى موضعه
فالذى ارتحل منه هو الذى ارتحل إليه
فمن كانت همته الحظوظ النفسانية , فحاله حال حمار الساقية فى
السير دائم , و هو فى موضعه قائم يظن أنه قطع مسافة مما طلب
و ما زاد إلا نقصاً مع تعب .

قال الشيخ أبو الحسن رضى الله عنه :
قف بباب واحد لا لتفتّح لك الأبواب , تفتح لك الأبواب , و اخضع لسيد
واحد لا لتخضع لك الرقاب تنخضع لك الرقاب قال تعالى :
( و إن من شىء إلا عندنا خزائنه ) اه.

فينبغى لك أيها الريد أن ترفع همتك إلى الملك المجيد , فترحل من رؤية
الاكوان إلى طلب شهود الملك الديان , أو ترحل من الدليل و البرهان إلى
رتبة الشهود و العيان , و هو غاية القصد و بلوغ المنتهى
( و أن إلى ربك المنتهى )
و لا ترحل من كون إلى كون , بأن تترك حظا من حظوظ نفسك طلبا لحظ
آخر فتكون كحمار الرحى الذى سار منه هو الذى عاد إليه , و تشبيهه
بالحمار دليل على بلادته و قلة فهمه , إذ لو فهم عن الله لرحل عن حظوظ
نفسه و هواه , قاصدا الوصول إلى حضرة مولاه
فلا ترحل أيها المريد من كون مخلوق إلى كون مخلوق مثلك
و لكن ارحل من الكون إلى المكون ( و أن إلى ربك المنتهى ) .

و الرحيل إلى المكون يكون بثلاثة أمور:

الأول : قصر همتك عليه دون ما سواه حتى يطلع على قلبك
فلا يجده محبا لسواه .

الثانى : الرجعى إليه بإقامة الحقوق و الفرار من الحظوظ .

الثالث : دوام اللجأ إليه , و الاستعانه به , و التوكل عليه
و الاستسلام لما يورده عليك .

قال الشيخ أبو الحسن رضى الله عنه :
أربعة من كن فيه احتاج الخلق إليه و هو غنى عن كل شىء :
المحبة لله , و الغنى بالله , و الصدق , و اليقين . الصدق فى العبودية
و اليقين فى أحكام الربوبية.
(و من أحسن من الله حكما لقوم يوقنون )اه.

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليما كثيرا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء مايو 09, 2006 9:50 am 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 18715
الحمد لله والصلاة والسلام علي سيدنا رسول الله وعلي آله وسلم
تسليما كثيرا

معنا اليوم الحكمة الخامسة والأربعون من حكم سيدي ابن عطاء الله
السكندري وهي :

( وانظر إلي قوله صلي الله عليه وسلم : فمن كانت هجرته إلي الله
ورسوله فهجرته إلي الله ورسوله , ومن كانت هجرته إلي دنيا يصيبها
أو امرأة يتزوجها فهجرته إلي ما هاجر إليه , فافهم قوله عليه الصلاة
والسلام : فهجرته إلي ما هاجر إليه , وتأمل هذا الأمر إن كنت
ذا فهم , والسلام ).
الهجرة هي : الانتقال من وطن إلي وطن آخر بحيث يهجر الوطن الذي
خرج منه , ويسكن الوطن الذي انتقل إليه , وهي هنا من ثلاثة أمور :
من وطن المعصية إلي وطن الطاعة , ومن وطن الغفلة إلي وطن
اليقظة , ومن وطن عالم الأشباح إلي وطن عالم الأرواح .

أو تقول : من وطن الملك إلي وطن الملكوت , أو من وطن الحس إلي
وطن المعني , أو من وطن علم اليقين إلي وطن عين اليقين أو حق
اليقين
فمن هاجر من هذه المواطن قاصدا بهجرته الوصول إلي رضا الله عنه
ورسوله , أو الوصول إلي معرفة الله ورسوله فهجرته موصلة إلي الله
ورسوله علي حسب قصده وهمته , ومن كانت هجرته إلي حظوظ نفسه
وهواه فقد خاب قصده ومسعاه , وغاية هجرته ما هاجر إليه
وكانت هجرته زيادة في جر الوبال إليه .
فافهم أيها السامع قوله عليه الصلاة والسلام :
" فهجرته إلي ما هاجر إليه " وتدبر واعرضه علي قلبك ونفسك , وانظر
هل فيك بقية من الالتفات إلي ما هاجرت منه , أو فيك حظ سوي
ما هاجرت إليه من رضوان الله ورسوله أو معرفة الله ورسوله فإن الله غيور
لا يحب لمن طلبه أن يطلب معه سواه , ولن يوصل إليه من بقي فيه بقية
من حظه , وهواه قال الششتري :

إن ترد وصلنا فموتك شرط *** لا ينال الوصال من فيه فضله
وقال أيضا :
ليس يدرك وصالي *** كل من فيه بقيا

وسمعت شيخنا اليزيدي رضي الله عنه يقول :
إن أردتم أن تعرفوا هل رحلت أنفسكم من هذا العالم إلي عالم الملكوت
أو لم ترحل فاعرضوا عليها الأمور التي كانت تشتهيها وتميل إليها واحدا
بعد واحد , فإن وجدتموها رحلت عنها وخرجت محبتها من قلبها , ولم
تركن إلي واحد منها فاستبشروا , فقد رحلت أرواحكم إلي عالم الملكوت
وإن وجدتموها ركنت أو مالت بالمحبة إلي شىء من هذا العالم فجاهدوها
وأخرجوها عنه بالكلية حتي ترحل إلي ربها اه بالمعني .

وختم هذا الباب بالسلام لما اشتملت عليه من الرحيل والمقام , فكلها
تدل علي سفر القلب من شهود الخلق إلي شهود الخالق , فناسب
ختمها بالسلام لما فيه من ذكر السلامة


وصل اللهم علي سيدنا محمد وعلي آله وسلم تسليما كثيرا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الجمعة مايو 19, 2006 11:49 am 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 18715
الحمد لله والصلاة والسلام علي سيدنا رسول الله وعلي آله
وسلم تسليما كثيرا

معنا اليوم الحكمة السادسة والأربعون من حكم سيدي ابن عطاء
الله السكندري وهي :

( لا تصحب من لا ينهضك حاله , ولا يدلك علي الله مقاله )

الذي ينهضك حاله هو الذي إذا رأيته ذكرت الله , فقد كنت في حال
الغفلة , فلما رأيته نهض حالك إلي اليقظة
أو كنت في حالة الرغبة , فلما رأيته نهض حالك إلي الزهد
أو كنت في حالة الاشتغال بالمعصية , فلما رأيته نهض حالك إلي التوبة
أو كنت في حالة الجهل بمولاك فنهضت إلي معرفة من تولاك وهكذا .

والذي يدلك علي الله مقاله هو الذي يتكلم بالله , ويدل علي الله
ويغيب عما سواه , إذا تكلم أخذ بمجامع القلوب
وإذ سكت أنهضك حاله إلي علام الغيوب
فحاله يصدق مقاله , ومقاله موافق لعلمه
فصحبة مثل هذا إكسير يقلب الأعيان , وهو مفهوم من قول الشيخ :
لا تصحب من لا ينهضك حاله إلخ أي :
بل اصحب من ينهضك حاله , وبذلك يدلك علي الله مقاله .

والصحبة في طريق التصوف أمر كبير في السير إلي الله تعالي حسبما
جرت به عادة الله تعالي وحكمته , حتي قال بعضهم :
من لا شيخ له فالشيطان شيخه .

وقال آخر : الإنسان كالشجرة النابتة في الخلاء , فإن لم تقطع وتقلم
كانت دكارة .

وقال الشيخ أبو العباس المرسي رضي الله عنه :
كل من لا شيخ له في هذا الشأن لا يفرح به .
ومن شروط الشيخ أربعة :
علم صحيح , وذوق صريح , وهمة عالية , وحالة مرضية
فالعلم الصحيح : هو ما يتيقن به فرضه , ولا بد أن يكون عالما بالمقامات
والمنازل التي يقطعها المريد , وبغرور النفس ومكايدها , قد سلك ذلك
علي يد شيخ كامل .وذاق ذلك ذوقا لا تقليدا , وهو المراد بالذوق الصريح .
والهمة العالية هي المتعلقة بالله دون ما سواه .
والحالة المرضية : وهي الاستقامة بقدر الاستطاعة , ولا بد أن يكون
جامعا بين حقيقة وشريعة , وبين جذب وسلوك , فبجذبه يجذب القلوب
وبسلوكه يخرجها من حالة الجذب إلي البقاء , فالسالك فقط ظاهري
لا يجذب ولا يحقق , والمجذوب فقط لا يسير ولا يوصل , وفساد صحبته
أكثر من نفعها .

قال في أصول الطريقة : ومن فيه خمس لا تصح مشيخته :
الجهل بالدين , وإسقاط حرمة المسلمين , ودخول ما لا يعني
واتباع الهوي في كل شىء , وسوء الخلق من غير مبالاة اه .
فصحبة مثل هذا ضرر محض

وصل اللهم علي سيدنا محمد وعلي آله وسلم تسليما كثيرا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأحد يونيو 04, 2006 10:11 am 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 18715
الحمد لله والصلاة والسلام علي سيدنا رسول الله وعلي آله
وسلم تسليما كثيرا

معنا اليوم الحكمة السابعة والأربعون من حكم سيدي ابن عطاء
الله السكندري وهي :

( ربما كنت مسيئا فأراك الإحسان منك صحبتك إلي من هو أسوأحالا منك )

رب هنا للتكثير , وصحبتك فاعل بأراك , والإحسان مفعول مقدم
والتقدير : ربما تكون مسيئا في حالك مقصرا في عملك , فإذا صحبت
من هو أسوأ حالا منك أراك أي أبصرتك صحبتك إلي من هو أسوأحالا منك
الإحسان منك لما تري ما يصدر منها من الإحسان ومن المصحوب من
التقصير والنقصان , فتعتقد المزية عليه , لأن النفس مجبولة علي
رؤية الفضل لها ومشاهدة التقصير من غيرها علما أو عملا أو حالا
بخلاف ما إذا صحبت من هو أحسن منها فإنها لا تري من نفسها إلا
التقصير وفي ذلك خير كثير

قال الشيخ أبو الحسن الشاذلي: لا تصحب من يؤثر نفسه عليك فإنه لئيم
ولا من يؤثرك علي نفسه فإنه قل ما يدوم , وأصحب من إذا ذكر ذكر الله
فالله يغني به إذا شهد , وينوب عنه إذا فقد , ذكره نور القلوب
ومشاهدته مفاتيح الغيوب . اه

وقال سيدي علي رضي الله عنه في كتابه : أعلم أنه لا يقرب طالب الله
إلي الله شىء مثل جلوسه مع عارف بالله إن وجده , وإن لم يجده فعليه
بذكر الله ليلا ونهارا قائما وقاعدا مع العزلة عن أبناء الدنيا , بعدم الجلوس
معهم , وعدم الكلام بذلك , وعدم النظر فيهم , لأنهم سم خارق
ولا يبعد من الله شىء مثل جلوسه مع فقير جاهل . الفقير الجاهل
أقبح من العامي الغافل بألف ضعف .
الجلوس مع العارف بالله أفضل من العزلة , والعزلة أفضل من الجلوس
مع العوام الغافلين , والجلوس مع العامي الغافل أفضل من الجلوس مع
الفقير الجاهل . لا شىء في الوجود يسود قلب المريد مثل جلسة مع
الفقير الجاهل
كما أن العارف بالله يجمع بين العبد ومولاه بنظرة أو بكلمة , كذلك الفقير
الجاهل بالله ربما أتلف المريد عن مولاه بنظرة او بكلمة , فما فوقها .
ورحم الله المجذوب حيث يقول في بعض كلامه : الجلسة مع غير الأخيار
ترذل ولو تكون صافيا اه.
وقال سهل بن عبد الله رضي الله عنه : احذر صحبة ثلاث من أصناف الناس :
الجبابرة الغافلين . والقراء المداهنين , والمتصوفة الجاهلين اه .
وزاد الشيخ زروق : علماء الظاهر , قال لأن نفوسهم غالبة عليهم اه .
الجلوس معهم اليوم أقبح من سبعين عاميا غافلا وفقيرا جاهلا
لأنهم لا يعرفون إلا ظاهر الشريعة , ويرون أن من خالفهم في هذا
الظاهر خاطيء أو ضال , فيجهدون في رد من خالفهم يعتقدون أنهم
ينصحون وهم يغشون . فليحذر المريد من صحبتهم والقرب منهم
ما استطاع , فإن توقف في مسألة ولم يجد من يسأل عنها من أهل الباطن
فليسأله علي حذر ويكون معه كالجالس مع العقرب والحية , والله ما رأيت
أحدا قط من الفقراء قرب منهم وصحبهم فأفلح أبدا في طريق الخصوص
ويرحم الله أبا ذر الغفاري رضي الله عنه حيث قال : والله لا أسألهم دنيا
ولا أستفتيهم عن دين اه .
قال هذا في علماء الصحابة الأخيار رضي الله عنهم , فما بالك اليوم حين
اشتغلوا بجمع الدنيا وتزيين الملابس , وتكبير العمائم , وتحسين المآكل
والمساكن والمراكب ورأوا ذلك سنة نبوية , فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .

وكان يحيي بن معاذ الرازي رضي الله عنه يقول لعلماء وقته :
يامعشر العلماء دياركم هامانية , ومراكبكم قارونية , واطعمتكم فرعونية
وولائمكم جالوتية , ومواسمكم جاهلية , وقد صيرتم مذاهبكم شيطانية
فأين الملة المحمدية ؟

ومما يتأكد النظر إليه في المصحوب : الزهد في الدنيا , ورفع الهمة
عنها ولو قل عمله في الظاهر .

وصل اللهم علي سيدنا محمد وعلي آله وسلم تسليما كثيرا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء يونيو 27, 2006 1:13 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 18715
الحمدلله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وسلم
تسليماً كثيراً
معنا اليوم الحكمة الثامنة والأربعون من حكم سيدى ابن عطاء الله
السكندرى وهى :

( ما قل عمله برز من قلب زاهد , و لا كثر عمل برز من قلب راغب )

الزهد فى الشىء : هو خروج محبته من القلب و برودته منه .
و عند القوم : بغض كل ما يشغل عن الله , و يحبس عن حضرة الله و يكون
أولا فى المال .
و علامته : أن يسوى عنده الذهب بالتراب و الفضة , و الحجر و الغنى , و الفقر
و المنع و العطاء .

و يكون ثانيا فى الجاه و المراتب و علامته: أن يسوى عنده العز و الذل
و الظهور و الخمول , و المدح و الذم, و الرفعة و السقوط.

و يكون ثالثاً فى المقامات و الكرامات و الخصوصيات
و علامته :أن يستوى عنده الرجاء و الخوف , و القوة و الضعف , و البسط
و القبض , يسير بهذا كما يسير بهذا , أو يعرف فى هذا كما يعرف فى هذا
ثم يكون الزهد فى الكون بأسره بشهود المكون و أمره .
فإذا تحقق المريد بهذة المقامات فى الزهد أوجلها كان عمله كله عظيماً
كبيراً فى المعنى عند الله , و إن كان قليلاً فى الحسن عند الناس

و هذا معنى قوله عليه صلى الله عليه و سلم :
" عمل قليل فى سنة خير من عمل كثير فى بدعة "

و أى بدعة أعظم و أشنع من حب الدنيا و الانكباب عليها بالقلب و القالب
الذى لم يكن فى زمنه صلى الله عليه وسلم ولا زمن الصحابة حتى ظهرت
الفراعنة فبنوا و شيدوا و زخرفوا , فهذه هى البدعة الحقيقية فعمل هؤلاء
قليل فى المعنى و إن كان كثيراً فى الحس , إذ لا عبرة بحركة الأشباح
و إنما العبرة بخضوع الأرواح عبادة الزاهد بالله لله و عبادة الراغب بالنفس
للنفس , عبادة الزاهد حياة باقية , و عبادة الراغب ميتة
عبادة الزاهد متصلة على الدوام و عبادة الراغب منقطعة بلا تمام .
عبادة الزاهد فى مساجد الحضرة التى أذن الله أن ترفع
و عبادة الراغب فى مزابل القذرات التى أذن الله توضع
و لذلك قال بعضهم : عبادة الغنى كالمصلى على المزبلة , و ما مثل عبادة
الزاهد مع قلتها فى الحس و كثرتها فى المعنى , و عبادة الراغب مع كثرتها
فى الحس و قلتها فى المعنى إلا كرجلين أهديا للملك :
أحداهما أهدى ياقوتة صافية صغيرة قيمتها قنطاراً و الآخر أهدى ستين
صندوقا خاوية فارغة , فلا شك أن الملك يقبل الياقوتة و يكرم صاحبها
و يرد الصناديق و يهين صاحبها و يغضب عليه لكونه استهزأ بالملك حيث
أهدى له خشباً خاوية شهرتها أعظم من منفعتها .

و قال بعضهم أيضاً : الراغب فى الدنيا غافل و لو كان يقول الله الله
بلسانه على الدوام , إذ لا عبرة بالسان . و الزاهد فى الدنيا ذاكر على
الدوام و لو قل ذكر لسانه اه .
و بهذا فسر بعضهم قوله تعالى : ( لا يذكرون الله إلا قليلا ) .
اى مع الغفلة و الرغبة و لو كثر فى الحس اه.

و قال سيدنا على كرم الله وجهه: كونوا لقبول العمل أشد منكم اهتماماً
للعمل فإنه لم يقل عمل مع التقوى و كيف يقل عمل يتقبله اه.

و قال ابن مسعود رضي الله عنه : ركعتان من زاهد عالم خير و أحب عند الله
من عبادة المتعبدين المجتهدين إلى أخر الدهر أبدا سرمداً .

قال بعض السلف: لم يفتكم أصحاب محمد صلى الله عليه و سلم بكثرة
صلاه و لا صيام إلا أنهم كانوا أزهد فى الدنيا اه .

و فى بعض الأخبار : أن سيدنا عيسى عليه السلام مر برجل نائم و الناس
يتعبدون , فقال له عيسى عليه السلام : قم فتعبد مع الناس , فقال تعبدت
يا روح الله , فقال له : و ما عبادتك ؟ قال : تركت الدنيا لأهلها فقال له نم
نعمت العبادة هذة أو كما قال عليه الصلاة و السلام .

قال رجل للشيخ أبو الحسن رضي الله عنه : مالي أرى الناس يعظمونك
و لم أرى لك كبير عمل , فقال بسنة و احده افترضها الله على رسوله
تمسكت بها , فقال له : و ما هي ؟ قال: الإعراض عنكم و عن دنياكم أه .

قال الشيخ زروق : و إنما كان للزهاد هذه الفضيلة بثلاث أوجه :
أما احدها ما فيه من فراغ القلب عن الشواغل و الشواغب .
الثاني بأنها شاهد بوجود الصدق في المحبة, إذ لا دنيا محبوبة لا تترك
إلا بما هو أحب.
قال عليه الصلاة و السلام " الصدقة برهان “.
قيل على حب العبد ربه.
الثالث لأنه دليل على المعرفة بالله و الثقة به, لأن بذل الموجود من الثقة
بالمعبود, و منع الموجود من سوء الظن بالمعبود أه.

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين يوليو 24, 2006 8:04 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 18715
الحمد لله والصلاة والسلام علي سيدنا رسول الله وعلي آله
وسلم تسليما كثيرا

معنا اليوم الحكمة التاسعة والأربعون من حكم سيدي ابن عطاء الله
السكندري وهي :

( حسن العمل نتائج حسن الأحوال , وحسن الأحوال من التحقق فى
مقامات الإنزال )

الأعمال : حركة الجسم بالمجاهدة
والأحوال : حركة القلب بالمكابدة
والمقامات : سكون القلب بالطمأنينة , مثال ذلك مقام الزهد مثلا
فإنه يكون أولا عمله مجاهدة بترك الدنيا وأسبابها , ثم يكون مكابدة بالصبر
علي الفاقة حتى يصير حالا , ثم يسكن القلب ويذوق حلاوته فيصير مقاما
وكذلك التوكل يكون مجاهدة بترك الأسباب , ثم يكون مكابدة بالصبر علي
مرارة تصرفات الأقدار , ثم يصير حالا , ثم يسكن القلب فيه ويذوقه فيصير
مقاما , وكذلك المعرفة تكون مجاهدة بالعمل في الظاهرة كخرق العوائد
من نفسه , ثم تكون مكابدة بالمعرفة والإقرار عند التعرفات , ثم تصير حالا
فإذا سكنت الروح في الشهود وتمكنت صارت مقاما
فالأحوال مواهب , والمقامات مكاسب , يعني أن الأحوال مواهب من الله
جزاء لثواب الأعمال , فإذا دام العمل واتصل الحال صار مقاماً
فالأحوال تتحول وتذهب وتجىء , فإذا سكن القلب فى ذلك المعنى
صار مقاماً وهو مكتسب من دوام العمل .
وأعلم أن المقام والحال لكل واحد علم وعمل , فالمقام يتعلق به العلم أولاً
ثم يسعى فى عمله حتى يكون حالاً , ثم يصير مقاماً
وكذلك الحال يتعلق به العلم اولاً , ثم العمل , ثم يصير مقاماً حالاً والله تعالى اعلم .
فعلامة التحقق بقامات الإنزال , هو حسن الحال
وعلامة حسن الحال هو حسن العمل
فإتقان الأعمال وحسنها هو ثمرة ونتيجة حسن الأحوال
وحسن الأحوال وإتقانها هو نتيجة التحقق بمقامات الإنزال
أى التحقق بالإنزال فى المقامات .
أو تقول : حسن الأحوال دليل على التحقق بالمقامات التى ينزل الله عبده فيها
وحسن الأعمال دليل على حسن الأحوال .
والتحقق بالحال والسكون فى المقام أمر باطنى , ويظهر أثره فى عمل الجوارح .

والحاصل : أن حركة القالب تدل على صلاح القلب أو فساده
لقوله صلى الله عليه وسلم :
" إن فى الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد
كله , ألا وهى القلب " .

فإذا تحقق القلب بالزهد مثلا وصار له حالا أو مقاما , ظهر ذلك علي جوارحه
من الثقة بالله والأعتماد عليه , وقلة الحركة عند الأسباب المحركة
لقوله صلي الله عليه وسلم :
" ليس الزهد بتحريم الحلال ولا بإضاعة المال , إنما الزهد ان تكون بما في
يد الله أوثق مما في يدك "

ولذلك قال أبو حفص رضي الله عنه : حسن أدب الظاهر عنوان حسن أدب
الباطن , فإن النبي صلي الله عليه وسلم قال :
( لو خشع قلب هذا لخشعت جوارحه ) اه

وأفضل الأعمال التي يقطع بها المريد المقامات وأقربها هو ذكر الله
ولذلك ذكره بأثره فقال : لا تترك الذكر لعدم حضور قلبك مع الله فيه , لأن
غفلتك عن وجود ذكره أشد من غفلتك في وجود ذكره , فعسي أن يرفعك
من ذكر مع وجود غفلة إلي ذكر مع وجود يقظة , ومن ذكر مع وجود يقظة
إلي ذكر مع وجود حضور , ومن ذكر مع وجود حضور إلي ذكر مع غيبة عما
سوى المذكور وما ذلك علي الله بعزيز .
وأنشدوا في ذلك فقالوا :
والذكر أعظم باب أنت داخله *** لله فاجعل له الأنفاس حراسا

فبقدر ما يفني في الأسم يفني في الذات وبقدر ما يفتر في الفناء في
الأسم يكون متفترا في الفناء في الذات , فيلتزم المريد الذكر علي كل
حال ولا يترك الذكر باللسان لعدم حضور قلبه فيه
قيل لبعضهم : ما لنا نذكر الله باللسان والقلب غافل ؟ فقال أشكر الله
علي ما وفق من ذكر اللسان , ولو أشغله بالغيبة ما كنت تفعل .

فليلزم الإنسان ذكر اللسان حتي يفتح الله في ذكر الجنان , فعسي أن
ينقلك الحق تعالي من ذكر مع وجود غفلة إلي ذكر مع وجود يقظة , أي
انتباه لمعاني الذكر عند الأشتغال به , ومن ذكر مع يقظة إلي ذكر مع
وجود حضور المذكور وأرتسامه في الخيال , حتي يطمئن القلب بذكر الله
ويكون حاضرا بقلبه مع دوام ذكره , وهذا هو ذكر الخواص والأول ذكر العوام .

فإن دمت علي ذكر الحضور رفعك إلي ذكر مع الغيبة عما سوا المذكور
لما يغمر قلبك من النور , وربما يعظم قرب نور المذكور فيغرق في النور
حتي يغيب عما سوى المذكور , حتي يصير الذاكر مذكورا , والطالب مطلوبا
والواصل موصولا .
( وما ذلك علي الله بعزيز ) .
قال الشيخ أبو الحسن رضي الله عنه :
حقيقة الذكر الإنقطاع عن الذكر إلي المذكور وعن كل شيء سواه لقوله تعالي :
( واذكر اسم ربك وتبتل إليه تبتيلا )
وفي هذا المقام يتحقق المريد بعبادة الفكرة أو النظرة , وفكرة ساعة خير
من عبادة سبعين سنة
ولذلك قال الشيخ أبو العباس رضي الله عنه :
أوقاتنا كلها ليلة القدر : أي عبادتنا كلها مضاعفة مع خفائها وتحقيق الإخلاص
فيها , إذ لا يطلع عليها ملك فيكتبه , ولا شيطان فيفسده .
وفي ذلك قال الحلاج :
قلوب العارفين لها عيون *** تري ما لا يري للناظرينا
وألسنة بأسرار تناجي *** تغيب عن الكرام الكاتبينا
وأجنحة تطير بغير ريش *** إلي ملكوت رب العالمينا

وصل اللهم علي سيدنا محمد وعلي آله وسلم تسليما كثيرا
[/color]


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: السبت سبتمبر 16, 2006 4:37 am 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 18715
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى
آله وسلم تسليما كثيرا
معنا اليوم الحكمة الخمسون من حكم سيدى ابن عطاء الله السكندرى وهى :

( من علامات موت القلب عدم الحزن على ما فاتك من الموافقات
وترك الندم على ما فعلت من وجود الزلات )
موت القلب سببه :
ثلاثة أشياء حب الدنيا والغفلة عن ذكر الله وأرسال الجوارح في معاصي الله
وسبب حياته ثلاثة أشياء :
الزهد في الدنيا والأشتغال بذكر الله وصحبة أولياء الله
وعلامة موته ثلاثة أشياء:
عدم الحزن على ما فات من الطاعات وترك الندم على ما فعلت من
الزلات وصحبتك للغافلين الأموات
وذلك لأن صدور الطاعة من العبد عنوان السعادة وصدور المعصية
علامة الشقاوة
فإن كان القلب حياً بالمعرفة والإيمان آلمه ما يوجب شقاوته وأفرحه
ما يوجب سعادته
أو تقول : صدور الطاعة من العبد علامة على رضي مولاه وصدور
المعصية علامة على غضبه فالقلب الحي يحس بما يرضيه عند مولاه
فيفرح وما يسخطه عليه فيحزن
والقلب الميت لا يحس بشيء قد أستوى عنده وجود الطاعة والمعصية
لا يفرح بطاعة وموافقة , ولا يحزن على زلة ولا معصية
كما هو شأن الميت في الحس

وفي الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال :
" من سرته حسناته وساءته سيئاته فهو مؤمن "
وقال عبد الله بن مسعود :
المؤمن يرى ذنوبه كأنه في أصل جبل يخاف أن يقع عليه والفاجر
يرى ذنوبه كذباب وقع على أنفه فقال به هكذا فأطاره اهـ

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليما كثيرا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس سبتمبر 21, 2006 4:43 am 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 18715
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليما كثيرا

معنا اليوم الحكمة الواحد والخمسون من حكم سيدى ابن عطاء
الله السكندرى وهى

( لا يعظم الذنب عندك عظمة تصدك عن حسن الظن بالله )

الناس في الخوف والرجا على ثلاثة أقسام :
أهل البداية : ينبغي لهم تغليب جانب الخوف
وأهل الوسط : ينبغي لهم أن يعتدل خوفهم ورجاؤهم
وأهل النهاية : يغلبون جانب الرجاء
أما أهل البداية فلأنهم إذا غلبوا جانب الخوف جدوا في العمل
وأنكفوا عن الزلل فبذلك تشرق نهايتهم

( والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا )

وأما أهل الوسط فلأنهم قد أنتقلت عبادتهم إلى تصفية بواطنهم
فعبادتهم قلبية فلو غلبوا جانب الخوف لرجعوا إلى عبادة الجوارح
والمطلوب منهم عبادة البواطن على رجاء الوصول وخوف القظيعة
فيعتدل خوفهم ورجاؤهم

وأما الواصلون فلا يرون لأنفسهم فعلاً ولا تركا فهم ينظرون إلى
تصريف الحق وما يجري به سابق القدر فيتلقونه بالقبول والرضاء
فإن كان طاعة شكروا وشهدوا منة الله وأن كان معصية أعتذروا وتأدبوا
ولم يقفوا مع أنفسهم إذ لا وجود لها عندهم وإنما ينظرون إلى ما يبرز
من عنصر القدرة فنظرهم إلى حمله وعفوه وأحسانه وبره أكثر من
نظرهم إلى بطشه وقهره

ويرحم الله الشافعي حيث قال

فلما قسي قلبي وضاقت مذاهبي ... جعلت الرجا مني لعفوك سلماً
تعاظمني ذنبي فلما قرنته ... بعفوك ربي كان عفوك أعظماً
فما زلت ذا جود وفضل ومنة ... تجود وتعفوا منة وتكرماً
فياليت شعري هل أصير لجنة ... أهنا وإما للسعير فأندما

قال تعالى

" قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله
أن الله يغفر الذنوب جميعاً أنه هو الغفور الرحيم "

وتأمل قضية الذي قتل تسعاً وتسعين نفساً ثم سأل راهباً فقال له هل
لي من توبة فقال له لا توبة لك فكمل به المائة ثم أتى عالماً فسأله
فقال له من يحول بينك وبينها ولكن أذهب إلى قرية كذا ففيها قوم
يعبدون الله فكن فيهم حتي تموت فلما توسط الطريق أدركه الموت
فأختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب فأوحي الله إليهم
أن قيسوا القرية التي خرج إليها والقرية التي خرج منها فألى
أيهما كان أقرب فهو من أهلها فأوحي الله إلى القرية التي يريد
أن تقاربي وإلى القرية التي خرج منها أن تباعدي فوجد أقرب
إلى القرية التي يريد بشبر فأخذته ملائكة الرحمة
والحديث في الصحيحين نقلته بالمعني

وقال الشيخ أبو العباس المرسي رضي الله عنه :
العامة إذا خوفوا خافوا وإذا رجوا رجوا والخاصة متى خوفوا
رجوا ومتى رجوا خافوا.
قال في لطائف المنن:
ومعنى كلام الشيخ هذا أن العامة واقفون مع ظواهر الأمر فإذا
خوفوا خافوا إذ ليس لهم نفوذ إلى ما وراء العبارة بنور الفهم
كما لأهل الله وأهل الله إذا خوفوا رجوا عالمين أن من وراء
خوفهم وما خوفوا به أوصاف المرجو الذي لا ينبغي أن يقنط
من رحمته ولا أن ييئس من منته فأحتالوا على أوصاف كرمه
علماً منهم ما خوفهم إلا ليجمعهم عليه وليردهم بذلك إليه وإذا
رجوا يخافون غيب مشيئته الذي هو من وراء رجائهم وخافوا
أن يكون ما ظهر من الرجاء أختباراً لعقولهم هل تقف مع الرجاء
أو تنفذ إلى ما بطن في مشيئته لذلك أثار الرجاء خوفهم اه

ودخل الجنيد رضي الله عنه على شيخه السري فوجده مقبوضاً
فقال له مالك أيها الشيخ مقبوضاً فقال دخل علي شاب فقال لي
ما حقيقة التوبة فقلت له أن لا تنسي ذنبك فقال الشاب بل التوبة
أن تنسي ذنبك ثم خرج عني قال الجنيد فقلت الصواب ما قاله الشاب
لأني إذا كنت في حالة الجفاء ثم نقلني إلى شهود الصفاء
فذكر الجفاء في حال الصفاء جفاء اه
نظر السري إلى أهل البداية ونظر الجنيد إلي أهل النهاية
والكل صواب والله تعالى أعلم

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آل وسلم تسليما كثيرا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء سبتمبر 27, 2006 6:28 am 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 18715
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليما كثيرا
معنا اليوم الحكمة الثانية والخمسون من حكم سيدى ابن عطاء الله
السكندرى وهى :

( فإن من عرف ربه أستصغر في جنب كرمه ذنبه )

بل من عرف ربه غاب عن رؤية ذنبه لفنائه عن نفسه بشهود ربه
فإن صدر منه فعل يخالف الحكمة غلب عليه شهود النعمة
قال تعالى:
( نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم )
وأما قوله تعالى :
" وأن عذابي هو العذاب الأليم " فإنما هو لمن لم يتب
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" لو أذنبتم حتى تبلغ خطاياً كم عنان السماء ثم تبتم لتاب الله عليكم
ولو أن العباد لم يذنبوا لذهب الله بهم ثم جاء بقوم آخرين يذنبون
فيستغفرون فيغفر لهم وهو الغفور الرحيم "

والله أفرح بتوبة عبده من الظمآن الوارد , ومن العقيم الوالد ومن الضال
الواجد , لكن لا ينبغي أن يصغر عنده ذنبه حتى يغتر بحلم الله .

وقد أوحى الله إلى داوود عليه السلام :
يا داوود قل لعبادي الصديقين لا يغتروا فإني إن أقم عليهم عدلي وقسطي
أعذبهم غير ظالم لهم , وقل لعبادي المذنبين لا يقنطوا فإنه لا يعظم على
ذنب أغفره لهم اه

وقال الجنيد رضي الله عنه :
إذا بدت عين من الكريم ألحقت المسيء بالمحسن .

وقال الشيخ أبو العباس رضي الله عنه في حزبه :
ألهي معصيتك نادتني بالطاعة وطاعتك نادتني بالمعصية ففي أيهما أخاف
وفي أيهما أرجو ؟
إن قلت بالمعصية قابلتني بفضلك فلم تدع لي خوفاً
وإن قلت بالطاعة قابليني بعدلك فلم تدع لي رجاء
فليت شعري كيف أرى أحساني مع أحسانك
أم كيف أجهل فضلك مع عصيانى اه
ومعنى كلام الشيخ رضي الله عنه أن العبد إذا كان في المعصية شهد
قهرية الحق وعظمته وضعف نفسه وعجزه أكتسب من المعصية أنكساراً
وذلاً لنفسه وتعظيماً وأجلالاً لربه وهذا أفضل الطاعات فقد نادته معصيته
التي هو فيها بالطاعة التي يجتنيها منها
وإذا كان في الطاعة ربما شهد فيها نفسه وقصد متعته وحظه فأشرك بربه
وأخل بأدبه وهذه معصية فإذا كان في الطاعة نادته بهذه المعصية التي
يجتنيها منها فلا يدري من أيهما يخاف وأيهما يرجو ؟
وقوله : إن قلت بالمعصية إلخ أي إن نظرت إلى صورة المعصية قابلتني
بفضلك فامتحي أسمها وأندرس رسمها
وأن نظرت إلى صورة الطاعة قابلتني بعدلك فأضمحلت وأمتحت وبقي محض
الرجاء من الكريم الوهاب الذي يعطي بلا سبب ويغطي بحلمه المناقشة
والعتاب والله تعالى أعلم
فتحصل أن العارف لا يقف مع معصية وأن جلت ولا مع طاعة وأن عظمت

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليما كثيرا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: السبت أكتوبر 28, 2006 10:57 am 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 18715

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وسلم
تسليما كثيرا

معنا اليوم الحكمة الثالثة والخمسون من حكم سيدى ابن عطاء الله
السكندرى وهى :

( لا صغيرة إذا قابلك عدله , ولا كبيرة إذا واجهك فضله )

الصغيرة هي الجريمة التي لا وعيد فيها من القرآن ولا من الحديث
والكبيرة هي التي توعد عليها بالعذاب أو الحد في القرآن أو في السنة
وقيل غير ذلك هذا كله بالنظر لظاهر الأمر
وأما بإعتبار ما عند الله من أمر غيبه وبالنظر إلى حلمه وعدله
فقد يبرز خلاف ما يظن
قال تعالى :
( وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون )

فمن سبقت له العناية لا تضره الجناية

( فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات )

وأن كانت الأعمال علامات فقد تختلف في بعض المقامات
فوجب أستواء الرجاء والخوف في بعض المقامات والتسليم لله
في كل الأوقات
إذ قد تمت كلمات ربك صدقاً وعدلاً لا مبدل لكلماته فإذا قابلك الحق
سبحانه وتعالى بعدله وجلاله لم تبق لك صغيرة وعادت صغائرك كبائر
وإذا واجهك الحق تعالى بفضله وكرمه وأحسانه وجماله لم تبق لك كبيرة
وعادت كبائرك صغائر
قال يحيى بن معاذ الرازي رضي الله عنه :
إذا أنالهم فضله لم تبق لهم سيئة وإذا وضع عليهم عدله لم تبق
لهم حسنة اه
وقيل لو وزن رجاء المؤمن وخوفه ما رجح أحدهما على الآخر
بل المؤمن كالطائر بين جناحين أو كما قيل قاله الشيخ زروق رضي الله عنه
قلت : وحديث الرجل الذي تمد له تسع وتسعون سجلاً كل سجل مد البصر
ثم تخرج له بطاقة قدر الأنملة فيها شهادة أن لا إله إلا الله فتطيش
تلك السجلات يدل على عظيم حمله ورحمته وشمول كرمه ومنته

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليما كثيرا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأحد نوفمبر 12, 2006 9:35 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 18715
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليما كثيرا

معنا اليوم الحكمة الرابعة والخمسون من خكم سيدى ابن عطاء الله
السكندرى وهى

( لا عمل أرجي للقلوب من عمل يغيب عنك شهوده
ويتحقر عندك وجوده )

يعني أنه لا عمل أرجي لحياة القلوب من عمل يكون بالله ولله
غائباً فيه عما سواه غير ملاحظ فيه حظوظه وهواه متبرءاً فيه
من حوله وقواه فإذا أظهرته عليه القدرة غاب عن شهوده وصغر في
عينه صورة وجوده لما تجلى في قلبه من عظمة مولاه فصغر عنده
كل ما سواه فمثل هذا العمل تحيي به القلوب وتحظي بمشاهدة
علام الغيوب وهو روح اليقين وهو حياة قلوب العارفين

فإذا أراد الله أن يتولى عبده أنهضه للعمل وصغره في عينه

فلا يزال جاداً في عمل الجوارح حتى ينقله إلى عمل القلوب
فتستريح الجوارح من التعب ولا يبقي إلا شهود العظمة مع الأدب

قال النهر جوري رحمه الله :
من علامات من تولاه الله في أحواله
أن يشهد التقصير في أخلاصه والغفلة في أذكاره والنقصان في صدقه
والفتور في مجاهدته وقلة المراعاة في فقره
فتكون جميع أحواله عنده مرضية ويزداد فقراً إلى الله في قصده وسيره
حتي يغني عن كل شيء دونه اه

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليما كثيرا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين نوفمبر 27, 2006 1:39 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 18715
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وسلم
تسليما كثيرا

معنا اليوم الحكمة الخامسة والخمسون من حكم سيدى ابن عطاء الله
السكندرى وهى :

( إنما أورد عليك الوارد لتكون به عليه وارداً )

الوارد نور إلهي يقذفه الله في قلب من أحب من عباده
وهو على ثلاثة أقسام على حسب البداية والوسط والنهاية
أو تقول على حسب الطالبين والسائرين والواصلين

القسم الأول : وارد الأنتباه
وهو نور يخرجك من ظلمة الغفلة إلى نور اليقظة
وهو لأهل البداية من الطالبين فإذا تيقظ من نومه وأنتبه من غفلته
أستوى على قدمه طالباً لربه فيقبل عليه بقلبه وبقالبه وينجمع عليه بكليته

القسم الثاني : وارد الأقبال
وهو نور يقذفه الله في قلب عبده فيحركه لذكر مولاه ويغيبه عما سواه
فلا يزال مشتغلاً بذكره غائباً عن غيره حتى يمتلأ القلب بالنور
ويغيب عما سوى المذكور فلا يرى إلا النور فيخرج من سجن الأغيار
ويتحرر من رق الآثار
القسم الثالث : وارد الوصال
وهو نور يستولي على قلب العبد ثم يستولي على ظاهره وباطنه
فيخرجه من سجن نفسه ويغيبه عن شهود حسه

وقد أشار إلى القسم الأول وهو وارد الأنتباه بقوله:
إنما أورد عليك إلخ أي إنما أشرق عليك نور اليقظة والأنتباه
وهو الوارد لتكون بسببه وارداً عليه وسائراً إليه ولو لم يورد عليك هذا الوارد
لبقيت في وطن غفلتك نائماً في سكرتك دائماً في حسرتك

ثم أشار إلى القسم الثاني وهو وارد الأقبال فقال
( أورد عليك الوارد ليتسلمك من يد الأغيار وليحررك من رق الآثار )
أى إنما أورد عليك وارد الإقبال , ليؤنسك بذكر الكبير المتعال
فإذا اشتغلت بذكره وغبت عن غيره تسلمك أي أنقذك من يد
لصوص الأغيار بعد أن شدوا أوثاقك بحبل هواك وسجنوك في سجن
حظوظك ومناك وليحررك ويعتقك أيضاً من رق الآثار بعد أن ملكتك
بما أظهرته لك من زخرف الأغترار فإذا تسلمت من بد الأغيار أفضيت
إلى شهود الأنوار وإذا تحررت من رق الآثار ترقيت إلى شهود الأسرار
فالأنوار أنوار الصفات والأسرار أسرار الذات
فالأنوار لأهل الفناء في الصفات
والأسرار لأهل الفناء في الذات

ثم أشار إلى القسم الثالث وهو وارد الوصال فقال
( أورد عليك الوارد ليخرجك من سجن وجودك إلى فضاء شهودك )
أي إنما أورد عليك وارد الوصال بعد أن أهب عليك نفحات الأقبال
ليخرجك من سجن رؤية وجودك إلى فضاء أي أتساع شهودك لربك
فرؤيتك وجودك مانعة لك من شهود ربك إذ محال أن تشهده وتشهد
معه سواه , وجودك ذنب لا يقاس به ذنب

وأنشد الجنيد :

وجودي أن أغيب عن الوجود ... بما يبدو على من الشهود

فالفناء عن النفس وزوالها أصعب من الفناء عن الكون وهدمه
فمهما زالت النفس وهدمت أنهدم الكون ولم يبق له أثر وقد يهدم الكون
وتبقي في النفس بقية
فلذلك قدم الشيخ رق الأكوان على سجن وجود الأنسان والله تعالى أعلم

ثم فسر تلك الواردات فقال
( الأنوار مطايا القلوب والأسرار )

النور نكتة تقع في قلب العبد من معنى أسم أو صفة يسري معناها
في كليته حتى يبصر الحق والباطل أبصاراً لا يمكنه التخلف معه عن
موجبه , قاله الشيخ زروق
والمطايا جمع مطية وهي الناقة المهيئة للركوب
والقلوب جمع قلب وهو الحقيقة القابلة للمفهومات
والأسرار جمع سر وهو الحقيقة القابلة للتجليات
والسر أدق وأصفي من القلب
والكل أسم للروح فإن الروح ما دامت متظلمة بالمعاصي والذنوب
والشهوات والعيوب سميت نفساً فإذا أنزجرت وأنعقلت أنعقال البعير
سميت عقلاً فما زالت تتقلب في الغفلة والحضور سميت قلباً
فإذا أطمأنت وسكنت وأستراحت من تعب البشرية سميت روحاً
فإذا تصفت من غبش الحس سميت سراً لكونها صارت سراً من أسرار الله
حين رجعت إلى أصلها وهو سر الجبروت فإذا أراد الله تعالى أن يوصل
عبده إلى حضرة قدسه ويحمله إلى محل أنسه أمده بواردات الأنوار
كالمطايا فيحمل عليها في محفة العناية مروحاً عليه بنسيم الهداية
محفوفاً بنصرة الرعاية فترحل الروح من عوالم البشرية إلى عوالم الروحانية
حتى تصير سراً من أسرار الله لا يعلمها إلا الله:

( قل الروح من أمر ربي )

فالأنوار التي هي الواردات مطايا القلوب تحملها إلى حضرة علام الغيوب
وهي أيضاً مطايا الأسرار تحملها إلى جبروت العزيز الجبار فالسلوك هداية
والجذب عناية
فوارد الأنتباه والأقبال حمله سلوك ووارد الوصال حمله جذب
فالأنوار التي هي مطايا القلوب تحملهم على وجهة السلوك
إلا أنهم محمولون فيه بحلاوة نور الأنتباه والأقبال فصار سلوكهم كأنه جذب
وأما الأنوار التي تحملهم على مطايا الأسرار فأنها تحملهم على جهة الجذب
ممزوجاً بسلوك فيكونون بين جذب وسلوك وهذا الحمل أعظم
والله تعالى أعلم

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليما كثيرا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء ديسمبر 05, 2006 9:31 am 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 18715
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليما كثيرا

معنا اليوم الحكمة السادسة والخمسون من حكم سيدى
ابن عطاء الله السكندرى وهى :

( النور جند القلب كما أن الظلمة جند النفس فإذا أراد الله أن
ينصر عبده أمده بجنود الأنوار وقطع عنه مدد الظلم والأغيار )

الظلمة : نكتة تقع من الهوى في النفس عن عوارض الوهم
فتوجب العمى عن الحق لتمكن الباطل من الحقيقة فيأتي العبد
ويذر على غير بصيرة . قاله الشيخ زورق

قد تقدم أن النفس والعقل والقلب والروح والسر أسماء لمسمى
واحد وهو اللطيفة الربانية النورانية المودعة في هذا القالب
الجسماني الظلماني وإنما أختلفت أسماؤها بأختلاف أحوالها
وتنقل أطوارها
ومثال ذلك :
كماء المطر النازل في أصل الشجر ثم يصعد في فروعها فيظهر
ورقاً ثم نوراً وأزهاراً ثم يعقد ثمرة ثم ينمو حتى يكمل فالماء
واحد وأختلفت أسماؤه بإختلاف أطواره هكذا قال الساحلي
في بغيته
فعلى هذا يكون تقابل القلب مع النفس بالمحاربة كناية عن
صعوبة أنتقال الروح من وطن الظلمة التي هي محل النفس
إلى وطن النور الذي هو القلب وما بعده فالقلب يحاربها لينقلها
إلى أصلها وهي تتقاعد وتسقط إلى أرض البشرية وشهواتها
فالقلب له أنوار الواردات تقربه وتنصره حتى يترقي إلى الحضرة
التي هي أصله وفيها كان وطنه وكأنها جنود له من حيث أنه يتقوى
بها وينتصر على ظلمة النفس.

وهذه الأنوار هي الواردات المتقدمة , والنفس لما ركنت إلى الشهوات
وأستحلتها صارت كأنها جنود لها وهي ظلمة من حيث أنها حجبتها
عن الحق ومنعتها من شهود شموس العرفان
فإذا هاجت النفس بجنود ظلماتها وشهواتها إلى معصية أو شهوة
رحل إليها القلب بجنود أنواره فيلتحم بينهما القتال
فإذا أراد الله عناية عبده ونصره أمد قلبه بجنود الأنوار وقطع عنه
من جهة النفس مدد الأغيار فيستولي النور على الظلمة
وتولي النفس منهزمة
وإذا أراد الله خذلان عبده أمد نفسه بالأغيار وقطع عن قلبه
شوارق الأنوار فيأتي المنصور بالأمر على وجهه والمخذول
بالشيء على عكسه
قال الشيخ زروق رضي الله عنه :
وأمداد الأنوار ثلاثة : أولها يقين لا يخالطه شك ولا ريب
الثاني علم تصحبه بصيرة وبيان
الثالث إلهام يجري معد العيان

وإمداد الظلم ثلاثة : أولها ضعف اليقين
الثاني غلبة الجهل على النفس
ثالثها الشفقة على النفس
وذلك كله أصله الرضي عن النفس وعدمه
ومظهره الثلاث المرتبة عليه وهي المعاصي والشهوات والغفلات

ولما كان النور هو جند القلب , لأنه يكشف عن حقائق الأشياء
فيتميز الحق من الباطل , فينتصر القلب بإقباله على الحق على
بينة واضحة , وتنهزم النفس بانهزام جند ظلماتها
إذ لا بقاء للظلمة مع وضوح النور .

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليما كثيرا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين ديسمبر 11, 2006 4:15 am 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 18715
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وسلم
تسليما كثيرا

معنا اليوم الحكمة السابعة والخمسون من حكم سيدى ابن عطاء الله
السكندرى وهى :

( النور له الكشف والبصيرة لها الحكم والقلب له الإقبال والإدبار )

النور : من حيث هو من شأنه أن يكشف الأمور ويوضحها حتى يظهر
حسنها من قبيحها
ومن شأن البصيرة المفتوحة : أن تحكم على الحسن بحسنه وعلى
القبيح بقبحه
والقلب يقبل على ما يثبت حسنه ويدبر عن ما يثبت قبحه أو تقول يقبل
علىما فيه نفعه ويدبر عما فيه ضرره ومثال ذلك:
رجل دخل بيتاً مظلماً فيه عقارب وحيات وفيه سبائك ذهب وفضة فلا يدري
ما يأخذ ولا ما يذر ولا ما فيه نفع ولا ضرر فإذا أدخل فيه مصباحاً رأى
ما ينفعه وما يضره وما يأمنه وما يحذره
كذلك قلب المؤمن العاصي لا يفرق بين مرارة المعصية وحلاوة الطاعة
فإذا استضاء بنور التقوى عرف ما يضره وما ينفعه وفرق بين الحق والباطل
قال تعالى

" يا أيها الذين آمنوا أن تتقوا الله يجعل لكم فرقاناً "
أي نوراً يفرق بين الحق والباطل
وقال تعالى

( أو من كان ميتاً فأحييناه وجعلنا له نوراً يمشي به في الناس )
وقال تعالى

( أفمن شرح الله صدره للأسلام فهو على نور من ربه )
وهذا النور الذي يكشف الأمور هو نور الواردات المتقدمة الذي هو مطايا
القلوب إلى علام الغيوب

أولها: نور وارد الأنتباه ومن شأنه أن يكشف ظلمة الغفلة ويظهر نور اليقظة
فتحكم البصيرة بقبح الغفلة وحسن اليقظة فيقبل القلب حينئذ على ذكر
ربه ويدبر عما يغفله عن ربه , وهذا هو نور الطالبين .

الثاني : نور وارد الأقبال ومن شأنه أن يكشف ظلمة الأغيار ويظهر بهجة
المعارف والأسرار فتحكم البصيرة بضرر الأغيار وحسن الأسرار فيقبل
القلب على بهجة الأسرار , ويدبر عن ظلمة الأغيار وهذا هو نور السائرين

الثالث : نور وارد الوصال ومن شأنه أن يكشف ظلمة الكون ورداء الصون
ويظهر نور تجليات المكون فيقبل القلب على مشاهدة مولاه ويدبر عن
الألتفات إلى ما سواه وهذا هو نور الواصلين وهو نور المواجهة
ونور ما قبله نور التوجه
وأن شئت قلت هو نور الإسلام والإيمان والإحسان فنور الإسلام يكشف
ظلمة الكفر والعصيان ويظهر نور الأنقياد والأذعان فتحكم البصيرة بقبح
الكفر والعصيان وحسن نور الإسلام والإذعان فيقبل القلب على طاعة ربه
ويعرض عما يبعده من ربه
ونور الإيمان يكشف ظلمات الشرك الخفي ويظهر بهجة الأخلاص والصدق
الوفي فتحكم البصيرة بقبح الشرك وضرره وحسن الأخلاص وخيره
فيقبل القلب على توحيد ربه ويعرض عن الشرك وشره
ونور الأحسان يكشف ظلمة السوي ويظهر نور وجود المولى فتحكم
البصيرة بقبح ظلمة الأثر وحسن نور المؤثر فيقبل القلب على معرفة
مولاه ويغيب بالكلية عما سواه
وأن شئت قلت هذا النور هو نور الشريعة والطريقة والحقيقة فنور الشريعة
يكشف ظلمة البطالة والتقصير ويظهر نور المجاهدة والتشمير
فتحكم البصيرة بقبح البطالة وحسن المجاهدة فيقبل القلب على مجاهدة
الجوارح في طاعة مولاه ويدبر عن متابعة حظوظه وهواه
ونور الطريقة يكشف ظلمة المساوي والعيوب ويظهر بهجة الصفاء
وما يثمره من علم الغيوب فتحكم البصيرة بقبح العيوب وحسن الصفا
وعلم الغيوب فيقبل القلب على ما يوجب التصفية ويدبر عما يمنعه من
التخلية والتحلية
ونور الحقيقة يكشف ظلمة الحجاب ويظهر له محاسن الأحباب
أو تقول نور الحقيقة يكشف له ظلمة الأكوان ويظهر نور الشهود والعيان
فيقبل القلب على مشاهدة الأحباب داخل الحجاب ويدبرعما يقطعه عن
الأدب مع الأحباب
جعلنا الله معهم على الدوام في هذه الدار وفي دار السلام آمين.

وصل اللهم على سيدنا محمد وغلى آله وسلم تسليما كثيرا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 540 مشاركة ]  الانتقال إلى صفحة السابق  1, 2, 3, 4, 5, 6, 7 ... 36  التالي

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 26 زائر/زوار


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
© 2011 www.msobieh.com

جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في المنتديات تعبر عن رأي أصحابها فقط