موقع د. محمود صبيح

منتدى موقع د. محمود صبيح

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 540 مشاركة ]  الانتقال إلى صفحة السابق  1 ... 3, 4, 5, 6, 7, 8, 9 ... 36  التالي
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء أغسطس 08, 2007 10:04 am 
غير متصل

اشترك في: السبت يوليو 21, 2007 12:56 am
مشاركات: 11
[center][table=width:100%;background-color:transparent;background-image:url(backgrounds/2.gif);border:1 solid green;][cell=filter:;][I][align=center]نفع الله بك ايتها المهاجرة
[/align][/B]
[/cell][/table][/center]


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء أغسطس 21, 2007 10:41 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 18797
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيراً

نكمل بإذن الله ما سبق

الآداب مع الإخوان
وأما الآداب مع الإخوان فأربعة :
أولها : حفظ حرمتهم غائبين أو حاضرين , فلا يغتاب أحداً ولا ينقص أحداً
فلا يقول أصحاب سيدي فلان كمال وأصحاب سيدي فلان نقص
أو فلان عارف أو فلان ليس بعارف أو فلان ضعيف وفلان قوي أو غير ذلك
فهذه عين الغيبة وهي حرام بالإجماع لا سيما في حق الأولياء
فإن لحومهم سموم قاتلة كلحوم العلماء والصالحين فليحذر المريد جهده من
هذه الخصلة الذميمة وليفر ممن هذا طبعه فراره من الأسد فمن أولع بهذا
فلا يفلح أبداً , فالأولياء كالأنبياء فمن فرق بينهم حرم خيرهم وكفر نعمتهم

وقد قال بعض الصوفية :
من كسره الفقراء لا يجبره الشيخ ومن كسره الشيخ فقد يجبره الفقراء
وهو صحيح مجرب لأن إذاية ولي واحد ليس كإذاية أولياء كثيرة ومن
كسره الشيخ يشفع فيه الإخوان فيجبر قلب الشيخ بخلاف قلوب الفقراء
إذا تغيرت قل أن تتفق على الجبر والله تعالى أعلم

وثانيها : نصيحتهم بتعليم جاهلهم وأرشاد ضالهم وتقوية ضعيفهم
ولو بالسفر إليه , فإن فيهم أهل بدايات ونهايات والقوى والضعيف فكل
واحد يذكره بما يليق بمقامه خاطبوا الناس بقدر ما يفهمون
كما في الحديث

وثالثها : التواضع لهم , والإستنصاف من نفسك معهم وخدمتهم
بقدر الإمكان فخديم القوم سيدهم , فمن عرض له شغل
لا ينفك عنه فالواجب إعانته ليتفرغ منه إلى ذكر الله إن كان خفيفاً

قال تعالى " وتعاونوا على البر والتقوى "
فكل ما يشغل قلب الفقير فدفعه جهاد وبر

ورابعها : شهود الصفا فيهم وأعتقاد كمالهم , فلا ينقص أحداً ولو رأى
منه ما يوجب النقص في الظاهر فالمؤمن يلتمس المعاذر فليلتمس
له سبعين عذراً فإن لم يزل عنه موجب نقصه فليشهده في نفسه .

ف " المؤمن مرآة أخيه "

ما كان في الناظر يظهر فيه , فأهل الصفا لا يشهدون إلا الصفا
وأهل التخليط لا يشهدون إلا التخليط ,وأهل الكمال لا يشهدون إلا الكمال
وأهل النقص لا يشهدون إلا النقص

وتقدم في الحديث عنه صلى الله عليه وسلم :
" خصلتان ليس فوقهما شيء من الخير : حسن الظن بالله وحسن الظن
بعباد الله, وخصلتان ليس فوقهما شيء من الشر ,: سوء الظن بالله
وسوء الظن بعباد الله " وبالله التوفيق

فهذه من جملة الآداب التي يجب على الفقير مراعاتها والتحفظ عليها
سواء كان طالباً أو سائراً أو واصلاً
قال بعضهم : أجعل عملك ملحاً وأدبك دقيقاً

وقال أبو حفص رضي الله عنه :
التصوف كله آداب لكل وقت آداب ولكل حال آداب ولكل مقام آداب فمن لزم
الأدب بلغ مبلغ الرجال , ومن حرم الأدب فهو بعيد من حيث يظن القرب
مردود من حيث يظن القبول .

وقال بعضهم : الزم الأدب ظاهراً وباطناً , فما أساء أحد الأدب ظاهراً
إلا عوقب فى الظاهر , وما أساء أحد الأدب باطناً إلا عوقب فى الباطن
وقال فى المباحث الأصلية :

والأدب الطاهر للعيان *** دلالة الباطن فى الإنسان
وهو أيضاً للفقير سند *** وللغنى زينـــــــة وسؤدد
وقيل من يحرم الأدب *** فهو بعيد ماتدانى واقترب
وقيل من تحبسه الأنساب *** فإنـــــما تطلقه الآداب
فالقوم بالآداب حقاً سادوا *** منه استفاد القوم ما استفادوا

وقال أبو حفص السراج رحمه الله :
والناس فى الآداب على ثلاث طبقات :
أهل الدنيا , وأهل الدين , وأهل الخصوصية مع أهل الدين .
فأما أهل الدنيا , فأكثرهم آدابهم فى البلاغة , وأخبار الملوك
وأشعار العرب .
وأما أهل الدين , فأكثر آدابهم حفظ العلوم , ورياضة النفوس
وتأديب الجوارح وتهذيب الطباع , وحفظ الحدود وترك الشهولت
والمسارعة الى الخيرات .
وأما أهل الخصوص من أهل الدين فآدابهم , حفظ القلوب
ومراعاة الأسرار , واستواء السر والعلانية .
فالمريدون يتفاضلون بالعلم , والمتوسطون بلآداب , والعارفون بالهمم . ا هـــــ

ثم ما ذكره الشيخ من لزوم الجهل للمريد مقيد بما ذكره من احتجاجه لنفسه
ومدافعته عنها , لأنه فى هذه الحالة صاحب جدل لتركيبه المقدمة والنتيجة
وعليه يفهم قولهم : ما ألهم قوم الجدل إلا حرموا العمل .
وأما لو اعترف بإساءته وأنصف من نفسه لم يكن ذلك فى حقه جهلاً
ولا جهالة
وقالوا عدم الأدب إن كان يجر الى الأدب فهو أدب والله تعالى أعلم

ومن جملة الأداب :
ألا يستحقر مقاماً أقام الحق تعالى فيه عبداً من عباده كائناً ما كان

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيرا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين سبتمبر 03, 2007 3:04 am 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 18797
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا

معنا اليوم الحكمةالسابعة و الستون من الحكم العطائية لسيدى
ابن عطاء الله السكندرى وهى :

( إذا رأيت عبداً أقامه الله بوجود الأوراد , وأدامه عليها مع
طول الإمداد , فلا تستحقرن ما منحه مولاه , لأنك لم تر عليه
سيما العارفين ولا بهجة المحبين فلولا وارد ما كان ورد )

ما ذكره الشيخ هنا من مؤكدات هذا الباب كلها فى الآداب
وهو ألا يستحقر شيئاً من تجليات الحق على أى حال كانت
فلا ينبغى أن ينازع مقتدر , ولا أن يضاد قهار , ولا يعترض
على حكيم .

فإذا رأيت عبداً أقامه الحق تعالى بوجود الأوراد , ككثرة صلاة
وصيام وذكر وتلاوة واجتهاد وأدامه عليها مع طول الإمداد بكسر
الهمزة : أى استمراره معه , وهو تقويته فى الباطن وصرف
الشواغل والشواغب فى الظاهر لكنه لم يفتح عليه فى علم
الأذواق وعمل القلوب ,فلا تستحقرن حاله وما منحه مولاه
لأجل أنك لم تر عليه سيما العارفين من السكينة والطمأنينة
وراحة الجوارح والقلب , بسبب الرضا والتسليم على أرواحهم

وقال الشيخ زروق : سيما العارفين ثلاث :
أولها : الإعراض عما سوى معروفهم بكل حال وعلى كل وجه

الثانى :الإقبال عليه بترك الحظوظ وإقامة الحقوق

الثالث : الرضا عنه فى مجارى أقداره . أهـ

ولا تستحقر حاله أيضاً لأجل أنك لم تر عليه بهحة المحبين , وهى
الفرح بمحبوبه , والإكثار من ذكره , والقيام بشكره , والاغباط بمحبته
والمسارعة الى محابه و طلب مرضاته , والخضوع لعظمته , والتذلل
لقهره وعزته :

تذلل لمن تهوي فليس الهوى سهل
إذا رضي المحبوب صح لك الوصل

تذلل له تحظى برؤيا جــــــــــــــــماله
ففي وجه من تهوي الفرائض والنفل

فكيف تستحقر من دامت خدمته وأتصلت أوراده فلولا وجود
الوارد الإلهي في باطنه ما قدر على إدامة أوراده
فلولا وارد ما كان ورد فالوارد ما منه إليك والورد ما منك

( فلو لا فضل الله عليكم ورحمته ما زكي منكم من أحد أبداً )

( ولولا فضل الله عليكم ورحمته لأتبعتم الشيطان إلا قليلاً )

( يحبهم ويحبونه ) , ( ثم تاب عليهم ليتوبوا )

فالعناية سابقة والهداية لاحقة والأمر كله بيده
وفي التحقيق :
ما ثم إلا سابقة التوفيق ولا حول ولا قوة إلا بالله

قال الشيخ أبو الحسن رضي الله عنه :
أكرم المؤمنين وإن كانوا عصاة فاسقين , وأقم عليهم الحدود
وأهجرهم رحمة بهم لا تقذرا لهم .

وقال الشيخ زروق رضي الله عنه :
فالمنتسب لجانب الحق يتعين إكرامه مراعاة لنسبته ثم إن
كان كاذباً فالأمر بينه وبين من إنتسب إليه فإن أمرنا بإقامة
حقه عليه بحيث يتعين عليه كنا معه كعبد السيد يضرب ولد
سيده بإذنه يؤدبه ولا يحتقره
ولأبي الحسن الحراني رحمه الله

إرحم بني جميع الخلق كلهم
وأنظر إليهم بعين اللطف والشفقه

وقر كبيرهم وإرحم صغيرهم
وراع في كل خلق حق من خلقه
[align=center]
المخصوصون بالعناية [/align]
ثم إن الإقامة على دوام الأوراد وهي خدمة الجوارح من شأن
أهل الخدمة : وهم العباد والزهاد
والإنتقال منها إلى عمد القلوب من شأن أهل المحبة والمعرفة
وهم العارفون وكلهم عباد الله ومن أهل عنايته
فلا يستحقرهم إلا جاهل أو مطرود

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيرا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس سبتمبر 13, 2007 12:01 am 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 18797
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا

معنا اليوم الحكمةالثامنة و الستون من الحكم العطائية لسيدى
ابن عطاء الله السكندرى وهى :

( قوم أقامهم الحق لخدمته وقوم أختصهم بمحبته .
كلا نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك وما كان عطاء ربك محظوراً )

العباد المخصوصون بالعناية على قسمين :
قسم وجههم الحق لخدمته وأقامهم فيها وهم أنواع :
فمنهم من أنقطع في الفيافي والقفار لقيام الليل وصيام النهار
وهم العباد والزهاد
ومنهم من وجهه الحق لإقامة الدين وحفظ شرائع المسلمين
وهم العلماء والصلحاء
ومنهم من أقامه الحق لنصرة الدين وإعلاء كلماته
وهم المجاهدون في سبيل رب العالمين
ومنهم من أقامه الحق لتمهيد البلاد وتسكين العباد
وهم الأمراء والسلاطين
وقسم أقامهم الحق لمحبته وأختصهم بمعرفته
وهم العارفون الكاملون سلكوا سواء الطريق ووصلوا إلى عين التحقيق
وبينهما فرق كبير
لأن أهل الخدمة طالبون الأجور, وأهل المحبة رفعت عنهم الستور
أهل الخدمة يأخذون أجورهم وراء الباب
وأهل المحبة في مناجاة الأحباب
أهل الخدمة مسدول بينهم وبينه الحجاب
وأهل المحبة مرفوع بينهم وبينه الحجاب
أهل الخدمة من أهل الدليل والبرهان
وأهل المحبة من أهل الشهود والعيان
أهل الخدمة لا تنفك عنهم الحظوظ
وأهل المحبة تصب عليهم الحظوظ
أهل الخدمة محبتهم مقسومة , وأهل المحبة محبتهم مجموعة
فلذلك دام أهل الخدمة في خدمتهم ونفذ المحبون إلى شهود محبوبهم
فلو تركوا الحظوظ وحصروا محبتهم في محبوب واحد لنفذوا إلى محبوبهم
وشهدوه ببصر إيقانهم وأستراحوا من تعب خدمتهم
ولكن حكمة الحكيم أقامتهم في خدمتهم فوجب تعظيمهم في الجملة
ولا يلزم منه عدم تفضيل أهل المعرفة والمحبة عليهم
أنظر كيف قال تعالى بعد ذلك:
( أنظر كيف فضلنا بعضهم على بعض وللآخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلاً )
فدل على تفضيل بعضهم على بعض لكن عبيد الملك كلهم معظمون
في الجملة ولا يحب الملك أن تحقر له عبداً من عباده وأن كانوا متفاوتين
عنده والله تعالى أعلم

وقال أبو يزيد رضي الله عنه :
أطلع الله على قلوب أوليائه فمنهم من لم يصلح لحمل المعرفة صرفاً
فشغلهم بالعبادة

وقال أبو العباس الدينوري رضي الله عنه :
إن لله عباداً لم يستصلحهم لمعرفته فشغلهم بخدمته وله عباد
لم يستصلحهم لخدمته فأهلهم لمحبته

وقال يحيى بن معاذ رضي الله عنه :
الزاهد صيد الحق من الدنيا والعارف صيد الحق من الجنة اه
يعني أن الزاهد أصطاده الله من الدنيا فقبضه وأدخله الجنة
والعارف أصطاده الحق من الجنة فأدخله الحضرة
أصطاده من جنة الحس وجعله في جنة المعنى وهي جنة المعارف

وقال شيخ شيوخنا سيدي علي رضي الله عنه في كتابه:
سبحان من هيأ أقواماً لخدمته وأقامهم فيها وهيأ أقواماً
لمحبته وأقامهم فيها .
أهل الخدمة تجلى لهم الحق بصفة الجلال والهيبة فصاروا مستوحشين
من الخلق قلوبهم شاخصة لما يرد عليها من حضرة الحق قد نحلت
أجسادهم وأصفرت ألوانهم وخمصت بطونهم وبالشوق دابت أكبادهم
وقطعوا الدياجي بالبكاء والنحيب وأستبدلوا الدنيا بالمجاهدة في الدين
ورغبوا في جنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين
وأهل المحبة تجلي لهم الحق تعالى بصفة الجمال والمحبة وسكروا بخمر
لذيذ القربة شغلهم المعبود عن أن يكونوا من العباد ولا من الزهاد
أشتغلوا بالظاهر والباطن وهو الله فحجبوا عن كل ظاهر وباطن
زهدوا في التنعم والإنعام وأشتغلوا بمشاهدة الملك العلام
اه كلامه رضي الله عنه

وحاصل ما قيل هو : رفع الهمة وشكر النعمة وحسن الأدب في الخدمة
ونفوذ العزيمة بالإنتقال من دوام الخدمة إلى المحبة والمعرفة .

وإذا أراد الله أن يصطفي عبداً لحمل معرفته وينقله من تعب خدمته
قوي عليه الواردات الإلهية فجذبته إلى الحضرة الربانية
وهي مواهب لا مكاسب تنال بأعمال ولا بحيل وقل أن تأتي إلا بغتة .

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيرا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأحد أكتوبر 21, 2007 3:22 am 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 18797
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا

معنا اليوم الحكمة التاسعة و الستون من الحكم العطائية
لسيدى ابن عطاء الله السكندرى وهى :

( قل ما تأتي الواردات الإلهية إلا بغتة صيانة لها
أن يدعها العباد بوجوب الإستعداد )

قال القشيري: الوارد هو ما يرد على القلوب من الخواطر المحمودة
مما لا يكون للعبد فيه تحمل
والواردات أعم من الخواطر لأن الخواطر تختص بنوع خطاب
أو ما تضمن معناه
والواردات تكون وارد سرور ووارد حزن ووارد قبض ووارد بسط
إلى غير ذلك من المعاني وهو قريب من الحال

وسئل الشيخ عبد القادر الجيلاني نفعنا الله بذكره عن صفات الواردات
الإلهية والطوارق الشيطانية فقال:
الوارد الإلهي لا يأتي بإستعداد ولا يذهب بسبب ولا يأتي على نمط واحد
ولا في وقت واحد، والطوارق الشيطانية بخلاف ذلك غالباً اه
والمراد به هنا نوع خاص وهو نفحات إلهية يهب نسيمها على
القلوب والأرواح أو الأسرار فتغيب القلوب في حضرة علام الغيوب
وتغيب الأرواح والأسرار في جبروت العزيز الجبار
فتطيش فرحاً وسروراً وترقص شوقاً وحبوراً.

إذا إهتزت الأرواح شوقاً إلى اللقا*** ترقصت الأشباح يا جاهل المعنى

وقل ما تكون هذه الواردات الإلهية إلا بغتة لأنها لا تنال بإكتساب
وإنما هي فتح من الكريم الوهاب ولو كانت تنال بجد وإجتهاد
لا دّعاها العباد والزهاد بوجوب التأهب والإستعداد فتصير حينئذ مكاسب
والأحوال والواردات إنما هي مواهب:
( يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم)
والحكمة في إتيانها بغتة ثلاثة أمور:
أحدها : ليعرف منة الله فيها
الثاني : ليقدر قدرها ويعظم الفرح بها
الثالث : الغيرة عليها وتعزيزها لأن ما كان من العزيز لا يكون إلا عزيزاً اه

ثم إن هذه الواردات الإلهية والمواهب الإختصاصية أسرار من الكريم الغفار
لا يمنحها إلا لأهل الصيانة والأمانة لا لأهل الإفشاء والخيانة

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيرا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء أكتوبر 31, 2007 12:29 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 18797
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا

معنا اليوم الحكمة السبعون من الحكم العطائية لسيدى
ابن عطاء الله السكندرى وهى :

( من رأيته مجيباً عن كل ما يسئل ومعبرا عن كل ما شهد
وذاكراً لكل ما علم فأستدل بذلك على وجود جهله )

أما وجه جهله في كونه مجيباً عن كل ما سئل فلما يقتضيه حاله
من الإحاطة بالعلوم
وقد قال تعالى :
( وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً )
فأي جهل أعظم ممن يعارض كلام الله ولما فيه أيضاً من التكلف
وقد قال تعالى :
( قل لا أسألكم عليه أجراً وما أنا من المتكلفين )
وقال عليه الصلاة والسلام :
" أنا وأتقياء أمتي برآء من التكلف "
ولا يخلو صاحب التكلف من التصنع والتزين وهو من
شأن الجهل بالله إذ لو كان عالماً به لإكتفى بعلمه وعرف قدره
ففي بعض الأخبار : "عاش من عرف قدره "
وسئل بعضهم عن العلم النافع فقال :
أن تعرف قدرك ولا تتعدي طورك
وقال بعض المحققين :
إذا قال العالم لا أدري أصيبت مقاتله ,
وقال في الإحياء :
كان السلف الصالح يسئل أحدهم عن المسئلة الواحدة فيدفع السائل
إلى غيره ثم يدفعه الثاني إلى آخر ثم كذلك حتى يرجع إلى الأول
وكان بعضهم إذا سئل عن مسئلة يقول للسائل أذهب بها إلى
القاضي فقلدها في عنقه
وقد سئل مالك رحمه الله عن أثنتين وثلاثين مسئلة فأجاب عن ثلاث
وقال في الباقي لا أدري فقال له السائل : وما نقول للناس ؟
فقال قل لهم قال مالك لا أدري .
وأيضاً إجابة كل سائل جهل وضرر إذ قد يكون السائل متعنتا
لا يستحق جواباً وقد تكون المسئلة التي سأل عنها لا تليق به
لأنه لا يفهمها ولا يطيق معرفتها فتوقعه في الحيرة أو الإنكار
وقد قال عليه الصلاة والسلام :
" لا تؤتوا الحكمة غير أهلها فتظلموها ولا تمنعوها أهلها فتظلموهم "
وفي ذلك يقول الشاعر

سأكتم علمي عن ذوي الجهل طاقتي .. ولا أنثر الدر النفيس على البهم
فإن قدر الله الكريم بلطفه ... ولاقيت أهلاً للعلوم وللحكم
بذلت علومي وأستفدت علومهم ... وإلا فمخزون لدي ومكتتم
فمن منح الجهال علماً أضاعه ... ومن منع المستوجبين فقد ظلم

وقال على كرم الله وجهه : حدث الناس بقدر ما يفهمون أتريدون
أن يكذب الله ورسوله .
وقد قيل للجنيد رضي الله عنه : يسألك الرجلان فتجيب هذا بخلاف
ما تجيب به هذا فقال : الجواب على قدر السائل:
قال عليه الصلاة والسلام أمرنا أن نخاطب الناس على قدر عقولهم اه

وقال رجل لبعض العلماء وقد سأله فلم يجبه :
أما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
" من كتم علماً نافعاً ألجم يوم القيامة بلجام من النار "
فقال له العالم أترك اللجام وأذهب فإن جاء من يستحقه
وكتمته فليلجمني به اه
وأما وجه جهله في كونه معبراً عن كل ما شهد من الكرامات
وما وصل إليه من المقامات وما ذاقه من الأنوار والأسرار
فلأن هذه الأمور أذواق باطنية وأسرار ربانية لا يفهمها
إلا أربابها فذكرها لمن لا يفهمها ولا يذوقها جهل بقدرها
وأيضاً هي أمانات وسر من أسرار الملك وسر الملك
لا يحل إفشاؤه فمن إفشاه كان خائناً وأستحق الطرد والعقوبة
ولا يصلح أن يكون أميناً بعد ذلك،
فكتم الأسرار من شأن الأخيار، وهتك الأسرار من شأن الأشرار
وقد قالوا قلوب الأحرار قبور الأسرار
وقال الشاعر
لا يكتم السر إلا كل ذي ثقة ... فالسر عند خيار الناس مكتوم

وفي إفشائها قلة عملها ونفعها في الباطن, ففائدة هذه الأحوال
والواردات الإلهية هي محو الحسي وإظهار المعنى
أو محو الشك وتقوية اليقين فإذا أفشاها ضعف أعمالها
وقلت نتيجتها والخير كله في الكتمان . في الحديث :

" إستعينوا على قضاء حوائجكم بكتمانها " أو كما قال عليه
الصلاة و السلام

وينخرط في سلك الأحوال التي يجب كتمانها خرق عوائد النفوس
فمن خرق عادة في نفسه فلا يفشي ذلك لغيره فإن في ذلك
دسيسة لها لأنها تحب أن تذكر بالقوة والنجدة فيكون كلما
قتل منها أحياه في ساعته , وفيه أيضاً نقص الإخلاص
وإدخال الرياء وهو سبب الهلاك والعياذ بالله .

وأما وجه جهله في كونه ذكراً لكل ما علم من الحقائق والعلوم
والمعارف فلأنه جهل قدرها وأستخف شأنها فلو كانت عنده
رفيعة عزيزة ما أفشاها لغيره إذ صاحب الكنز لا يبوح به
وإلا سلبه من ساعته
وأنظر قول شيخ شيوخنا المجذوب رضي الله عنه :

أحفر لسرك ودكو ... في الأرض سبعين قامه
وخل الخلائق يشكو ... إلى يوم القيامه

وإذا كان الله تعالى يقول : ( ولا تؤتوا السفهاء أموالكم )
فكيف بالعلم الذي هو لؤلؤ مكنون قال عليه الصلاة والسلام :
" إن من العلم كهيئة المكنون لا يعرفه إلا العلماء بالله
فإذا أظهروه أنكره أهل العزة بالله اه
وقال أبو هريرة رضي الله عنه :
حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم جرابين من علم
أما أحدهما فبثثته في الناس وأما الآخر فلو بثثته لقطع
مني هذا البلعوم اه
ولله در زين العابدين سيدنا علي بن الحسين بن علي كرم الله وجهه
حيث يقول :
يا رب جوهر علم لو أبوح به ... لقيل لي أنت ممن يعبد الوثنا
ولا ستحل رجال مسلمون دمي ... يرون أقبح ما يأتونه حسناً
أني لأكتم من علمي جواهره ... كي لا يرى الحق ذو جهل فيفتتنا

وللحديث بقية إن شاء الله تعالى

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيرا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأحد نوفمبر 04, 2007 12:44 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 18797
نكمل إن شاء الله باقى شرح الحكمة السابقة

وقال الروذبادي رحمه الله :
علمنا هذا أشارة فإذا صار عبارة خفي

وقال الإمام الغزالي :
قد تضر الحقائق بأقوام كما يتضرر الجعل بالود والمسك
فقد يرخص للعارف الماهر ألقاء الحقائق مع من لا يعرفها بعبارة رقيقة
وإشارة لطيفة وغزل رقيق بحيث لا يأخذ السامع منها شيئاً .
فقد كان الجنيد رضي الله عنه يلقي الحقائق على رؤس الأشهاد
فقيل له في ذلك فقال : جانب العلم أحمى من أن يأخذه غير أهله
أو علمنا محفوظ من أن يأخذه غير أهله والله تعالى أعلم

ثم إن الإجابة عن كل ما سئل والتعبير عن كل ما شهد وذكر كل
ما علم يوجب إقبال الخلق عليهم وتعظيمهم وإكرامهم في هذه الدار
لأن من ظهرت مزيته وجبت خدمته، ومن شأن العامة تعظيم
صاحب الكرامة فيجني ثمرة علمه وعمله في هذه الدار الفانية
وتفوته درجات الصديقين في تلك الدار الباقية فأمره بكتمها
ويقنع بعلم الله ويدخر الجزاء عليها ليوم لقاء الله
وعلى ذلك نبه بقوله : إنما جعل الدار الآخرة محلاً لجزاء
عباده المؤمنين , لأن هذه الدار لا تسع ما يريد أن يعطيهم
ولأنه أجل أقدارهم عن أن يجازيهم في دار لا بقاء لها .

و لا شك أن الله تعالى وسم هذه الدار بدار الغرور، وحكم عليها
بالهلاك والثبور، فهي دار دنية دانية زائلة , فانية فلذلك سميت الدنيا
أما لدنوها وإما لدناءتها , فهي ضيقة الزمان والمكان
ووسم الآخرة بدار القرار ومحل ظهور الأنوار، وإنكشاف الأسرار
محل النظرة والحبور، ودوام النعمة والسرور
محل شهود الأحباب، ورفع الحجاب
نعيمها دائم، ووجودها على الدوام قائم, فلذلك جعلها الحق تعالى
محلاً لجزاء عباده المؤمنين، ومقعد صدق للنبيين والصديقين
ولم يرض سبحانه أن يجازيهم في دار لا بقاء لها ضيقة الزمان والمكان
ومحل الأكدار والأغيار والذل والهوان , لأنها ضيقة لا تسع ما يريد
أن يعطيهم :
أي لا يسع فيها ما يريد أن يكرمهم به تعالى زماناً ولا مكاناً
لأن أدنى أهل الجنة يملك قدر الدنيا عشر مرات فكيف بأعلاهم

قال تعالى :

" فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعلمون "

وقال صلى الله عليه وسلم :

" يقول الله تبارك وتعالى أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت
ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر "

ولأنه جل وعلا عظم أقدار عباده المؤمنين والمقربين أن يجازيهم
في دار لا بقاء لها فعمارتها خراب، ووجودها سراب

ففي بعض الأخبار:
لو كانت الدنيا من ذهب يفني والأخرة من خزف يبقي لأختار العاقل
الذي يبقي على الذي لا يبقي اه
لا سيما بالعكس . فالآخرة من ذهب يبقي والدنيا من خزف يفني
فلا يختارها إلا من حكم الله عليه بالشقاء والعناء .
والخزف : بالخاء والزاي والفاء المحركات : الطين المصنوع للبناء
وهو الآجر .

وفي حديث آخر:
" ألا وإنّ السعيد من أختار باقية يدوم نعيمها على فانية لا ينفك عذابها
وقدم لما يقدم عليه مما هو الآن في يده قبل أن يخلفه لمن يسعد
بإنفاقه وقد شقي هو بجمعه واحتكاره " اه

وعن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه :

" قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول حلوا أنفسكم بالطاعة
وألبسوها قناع المخافة وأجعلوا آخرتكم لأنفسكم وسعيكم لمستقركم
وأعلموا أنكم عن قليل راحلون وإلى الله سائرون ولا يغني عنكم هنالك
إلا صالح عمل قدمتوه أو حسن ثواب جزيتموه أنكم إنما تقدمون
على ما قدمتم وتجازون على ما أسلفتم فلا تخدعنكم زخارف دنيا دنية
عن مراتب جنات عالية فكأن قد كشف القناع وأرتفع الأرتياب
ولاقي كل أمرء مستقره وعرف مثواه ومنقلبه اه

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيرا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين نوفمبر 26, 2007 6:12 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 18797
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا

معنا اليوم الحكمة الواحد والسبعون من الحكم العطائية لسيدى
ابن عطاء الله السكندرى وهى :

( من وجد ثمرة عمله عاجلاً فهو دليل على وجود القبول )

ثمرة العمل هي لذيذ الطاعة , وحلاوة المناجاة , وأنس القلب
بالمراقبة , وفرح الروح بالمشاهدة , والسر بالمكالمة

{ قد علم كل أناس مشربهم }

ودليل وجود هذه الثمرة النشاط في النهوض إليها والأغتباط بها
والمداومة عليها وزيادة المدد فيها , وهي علامة حلول
الهداية في القلب. قال تعالى :

{ ويزيد الله الذين أهتدوا هدى }

وللبوصيري في همزيته :
وإذا حلت الهداية قلباً ... نشطت للعبادة الأعضاء

فمن رأيناه في زيادة الأعمال , والترقي في الأحوال ,علمنا أنه
وجد لعمله ثمرة فهي بشارة له على قبولها
ومن رأيناه أنقطع عن عمله أو نقص من أحواله خفنا عليه
عدم قبول أعماله
ومن ثمرة العمل أيضاً الإستيحاش من الخلق , والأنس بالملك الحق
ومن ثمرة العمل أيضاً الإكتفاء بعلم الله والإستغناء به عما سواه
زاد الشيخ زروق رضي الله عنه :
الحياة الطيبة ونفوذ الكلمة وإنتفاء الحزن للفرح بالمنة اهــــــــ

فدليل الأول قوله تعالى :
( من عمل صالحاً من ذكر أو أنثي وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة )
قيل هي القناعة , وقيل هي الرضا والتسليم , والتحقيق أنها المعرفة

ودليل الثاني وهو نفوذ الكلمة قوله تعالى:
( وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض)
فنفوذ الكلمة هي الخلافة
وقال أيضاً : (وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا )

وأما الثالث وهو إنتفاء الحزن :
فدليله في نفسه لأن حلاوة العمل تنسي الحزن والغم
لأنها شبيهة بنعم الجنة قال تعالى في شأن أهل الجنة:

( وقالوا الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن ) والله تعالى أعلم

وسيأتي التحذير من الوقوف مع حلاوة الطاعة وأنها سموم قاتلة

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيرا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء نوفمبر 28, 2007 4:24 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد يونيو 19, 2005 3:33 pm
مشاركات: 2280
مكان: الحسين
[fot][font=Tahoma]المهاجرة
عارفة بقى انتى تنفعى تعطى دروس للسيدات والرجال
اسم الدرس شرح الحكم العطائية بعد العشاء
فى اى مكان عاوزاه واحنا نجيلك
استاذة والله [/font]
[/fot]

_________________
انا فى جاه رسول الله


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين ديسمبر 10, 2007 11:10 am 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 18797
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا

أشكرك يا سلافة وجزاك الله خيراً على متابعتك الجيدة للمواضيع
وأما بخصوص الشرح فهو ليس لى و لكن من
( كتاب إيقاظ الهمم فى شرح الحكم ) وربنا يتقبل منا جميعاً

معنا اليوم الحكمة الثانية و السبعون من الحكم العطائية لسيدى
ابن عطاء الله السكندرى وهى :

(أن أردت أن تعرف قدرك عنده فأنظر فيماذا يقيمك )

جعل الله تعالى بحكمته خلقه على قسمين : أشقياء وسعداء
وجعل السعداء قسمين :
أهل قرب وأهل بعد أو تقول أهل يمين ومقربين وهم السابقون

فإن أردت أن تعرف نفسك
هل أنت من أهل الشقاوة أو من أهل السعادة
فأنظر في قلبك فإن كنت تصدق بوجود ربك وتوحده في ملكه وتنقاد
لمن عرفك به وهو رسوله عليه السلام فأنت ممن سبقت له الحسني
وإن كنت تنكر أو تشك في ربك أو تشرك به غيره في أعتقادك
أو لم تذعن لمن عرفك به فأنت من أهل الشقاء
ثم إن وجدت نفسك من أهل السعادة وأردت أن تعرف
هل أنت من أهل القرب أو من أهل البعد
فأنظر فإن كنت ممن يستدل بأثره عليه فأنت من أهل البعد
من أصحاب اليمين
وإن كنت ممن يستدل به على غيره فأنت من أهل القرب من المقربين
ثم إن عرفت أنك من أهل اليمين وأردت أن تعرف قدرك عنده
هل أنت من المكرمين أو من المهانين فأنظر
فإن كنت تمتثل أمره وتجتنب نهيه وتسارع في مرضاته وتحبب إلى
أوليائه وأحبائه فأنت من المكرمين المعظمين
وإن كنت تتهاون في أمره وتتساهل في نواهيه وتتكاسل عن طاعته
وتهتك حرماته وتعادي أوليائه فأنت والله عنده من المهانين
المحرومين المطرودين إلا أن تتداركك عناية من رب العالمين.

وإن تحققت أنك من أهل القرب وإنك بلغت مقام الشهود تستدل به
على غيره فلا تري سواه فإن كنت تقر بالواسطة وتثبت الحكمة
وتعطي كل ذي حق حقه فأنت من المقربين الكاملين

وأن كنت تنكر الحكمة وتغيب عن الواسطة فإن كنت مجذوباً مغلوباً
فأنت في هذا المحل ناقص وإن كنت صاحياً فأنت ساقط إلا أن يأخذ
بيدك شيخ واصل أو عارف كامل .
وهنا ميزان آخر تعرف به نفسك في القرب والبعد فإن وجدت شيخاً
مربياً كشف الله لك عن أنواره وأطلعك على خصائص أسراره
فأنت قطعاً من أهل القرب بالفعل أو بالإمكان
لقول الشيخ رضي الله عنه :
سبحان من لم يجعل الدليل على أوليائه إلا من حيث الدليل عليه
ولم يوصل إليهم إلا من أراد أن يوصله إليه .
وإن لم تجد شيخاً مربياً وغرك قول من قال أنه أنقطع وجوده
فأنت قطعاً من أهل اليمين من عوام المسلمين هذا الغالب والنادر
لا حكم له . والله تعالى أعلم
وفي الحديث عنه صلى الله عليه وسلم :
" يقول الله تبارك وتعالى : أنا الله لا إله إلا أنا خلقت الخير والشر
فطوبي لمن خلقته للخير وأجريت الخير على يده وويل لمن خلقته
للشر وأجريت الشر على يده "
وفي حديث آخر :
" من أراد أن يعلم ماله عند الله فلينظر ما لله عنده "
وفي رواية :
"من أراد أن يعلم منزلته عند الله فلينظر كيف منزلة الله تعالى
من قلبه فإن الله تعالى ينزل العبد حيث أنزله العبد من نفسه "
قال الله تعالى :
( فأما من أعطي وأتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى)
والله تعالى أعلم

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيرا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء فبراير 19, 2008 1:55 am 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 18797
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا

معنا اليوم الحكمة الثالثة والسبعون من الحكم العطائية لسيدى
ابن عطاء الله السكندرى وهى :

( متى رزقك الطاعة والغنى به عنها فأعلم أنه قد أسبغ
عليك نعمه ظاهرة وباطنة )

الطاعة في الظاهر هي رسوم الشريعة والغنى به في الباطن هو
شواهد الحقيقة فإذا جمع لك بين الطاعة في جوارحك والغني به
عنها في باطنها فقد أسبغ عليك أي أكمل وأطال عليك نعمه ظاهرة وباطنة
وهذه سيما العارفين المقربين الأغنياء بالله الفقراء مما سواه أستغنوا
بمعبودهم عن رؤية عبادتهم وبمعلومهم عن علمهم
وبمصلحهم عن صلاحهم

قال الشيخ أبو الحسن في حزبه الكبير :
" نسئلك الفقر مما سواك، والغني بك حتى لا نشهد إلا إياك"
فهؤلاء الأغنياء بالله الغائبون فيه عما سواه عبادتهم بالله ولله ومن الله
قياماً بشكر النعمة وإتماماً لوظائف الحكمة .
وفي الحديث عنه صلى الله عليه وسلم :
" أحب العباد إلى الله الأغنياء الأخفياء الأتقياء "
أو كما قال عليه الصلاة والسلام
وفي حديث آخر :
" ليس الغني بكثرة العرض إنما الغني غني النفس "اه
وهو الغني بالله وهذه هي النعمة الحقيقية
فالنعم الظاهرة : هي تزيين الجوارح بالشريعة
والنعم الباطنة : هي إشراق الأسرار بالحقيقة
وقيل النعم الظاهرة هي الكفاية والعافية والنعم الباطنة
هي الهداية والمعرفة
وقيل النعم الظاهرة راحة البدن من مخالفة أمره
والباطنة سلامته من منازعة حكمه .
وحقيقة النعمة من حيث هي مالا يوجب ألماً ولا يعقب ندماً
وقيل النعمة العظمي الخروج من رؤية النفس
وقيل النعمة ما وصلك بالحقائق وطهرك من العلائق وقطعك عن الخلائق
وبالله التوفيق
وحاصلها تحقيق الأداب مع الواردات الألهية لأنها مواهب أختصاصية
فمن أراد مدد أنوارها فعليه بكتمان أسرارها وليؤخر جزاء ثوابها لدار
يدوم بقاؤها فحينئذ يتحقق أخلاصه ويظهر أختصاصه فيذوق حلاوة
الطاعة والإيمان ويعظم قدره عند الملك الديان فيغيبه به عما سواه
ويسبغ عليه مننه ومهما أغناك به أستغنيت به عن طلبه .

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيرا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء مارس 05, 2008 7:56 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 18797
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا

معنا اليوم الحكمة الرابعة والسبعون من الحكم العطائية لسيدى
ابن عطاء الله السكندرى وهى :

( خير ما تطلبه منه ما هو طالبه منك )

والذي طالبه منا هي الإستقامة ظاهراً وباطناً
ومرجعها إلى تحقيق العبودية في الظاهر وكمال المعرفة في الباطن
أو تقول الذي هو طالبه منا إصلاح الجوارح الظاهرة بالشريعة قياماً
برسم الحكمة
وإصلاح القلوب والأسرار الباطنة بالحقيقة قياماً بوظائف القدرة.

أو تقول الذي طلبه منا إمتثال أمره وإجتناب نهيه والإكثار من ذكره
والإستسلام لقهره
فالأكمل في حق العارف أن يستغني بعلم الله ويكتفي بسؤال الحال
عن طلب المقال فإن تجلى فيه وارد الطلب فخير ما يطلبه من سيده
ما هو طالبه منه وهو ما تقدم ذكره .

ففي بعض الأحاديث :
" أن الله لا يسئل الخلق عن ذاته وصفاته ولا عن قضائه وقدره
ولكن عن أمره ونهيه "
لأن الأمر والنهي في كسبه ومكلف به ومعرفة الذات والصفات
والرضا والتسليم إنما هي مواهب جزاء الأعمال ونتائج الإمتثال
فإذا فعل ما أمره به سيده رزقه المعرفة به المعرفة العامة
وهي معرفة الدليل فإذا أشتد عطشه قيض له من يأخذ بيده حتى
يعرفه به المعرفة الخاصة .

وقال بعضهم :
إذا عرضت لك حاجة فأنزلها بالله يعني من غير طلب ما لم يكن لك
فيها حظ فتحجب عن الله اه

قال تعالى :
( ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض للرجال نصيب مما
أكتسبوا وللنساء نصيب مما أكتسبن وأسئلوا الله من فضله )
وفضله هو الغني به
ومن دعاء الجنيد رضي الله عنه :
اللهم وكل سؤال فعن أمرك لي بالسؤال فأجعل سؤالي لك سؤال محابك
ولا تجعلني ممن بسؤاله مواضع الحظوظ بل يسأل القيام بواجب حقك .

ثم إذا طلبت منه فاطلب منه ما طلبه منك وهو الطاعة والاستقامة
ولم تساعفك الأقدار ومنعت منها قبل أن تسأل فإن لم تنهض إليها
بقلبك وتأسفت عليها بنفسك فذلك علامة الاغترار.

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيرا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس مارس 20, 2008 2:44 am 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 18797
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا

معنا اليوم الحكمة الخامسة والسبعون من الحكم العطائية لسيدى
ابن عطاء الله السكندرى وهى :
( الحزن على فقدان الطاعة مع عدم النهوض إليها من علامة الاغترار)
الحزن هو التحسر علي شيء فإن لم تحصله وندمت على عدم تحصيله
أو التوجع على شيء منعت منه ولم تقدر على تحصيله
فإن كان حزنك على شيء منعت منه ونهضت إلى أسبابه الموصلة إليه
فهو حزن الصادقين
وفيه قال أبو علي الدقاق :
يقطع صاحب الحزن في شهر ما لا يقطعه غيره في سنين وإن لم
تنهض إلى أسبابه فهو حزن الكاذبين
وإن كان على ما فات ونهضت إلى إستدراك ما يمكن إستدراكه
فهو حزن الصادقين وإن لم تنهض إلى إستدراكه فهو حزن الكاذبين
وقد سمعت رابعة العدوية رجلاً يقول وأحزناه فقالت له :
قل واقلة حزناه فلو كان حزنك صادقاً لم يتهيأ لك أن تتنفس اه.

وقال أبو سليمان الداراني رضي الله عنه :
ليس البكاء بتعصير العيون إنما البكاء أن تترك الأمر الذي تبكي عليه
وقيل لا يغرنك بكاء الرجل فإن إخوة يوسف جاؤا أباهم عشاء يبكون
وقد فعلوا ما فعلوا اه

فالحزن على فقدان الطاعة مع عدم النهوض إلى إستدراك ما فات منها
أو إلى تحصيل ما حضر منها من علامة الإغترار
أي الغرور وهو الركون إلى ما لا حقيقة له
فالإغترار قبول الغار والإنقياد إلى غروره وخدعه
فالحزن ينقسم إلى ثلاثة أقسام :
حزن الكاذبين والصادقين والصديقين السائرين
فحزن الكاذبين هو ما تقدم من عدم النهوض والإستدراك لما فات
وحزن الصادقين هو الحزن المصحوب بالجد والإجتهاد والتوسط في
العمل والإقتصاد مع إغتنام ما بقي من الأوقات لأستدراك ما فات
وحزن الصديقين من السائرين هو الحزن على فوات الأوقات
أو حصول شيء من الغفلات أو وقوع ميل أو ركون إلى الحظوظ
والشهوات إلا أن حزنهم لا يدوم إذ لا يقفون مع شيء ولا يقبضهم شيء
وأما الواصلون فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون
قال تعالى
" إلا أن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، "

إذ الحزن إنما يكون على فقد شيء أو فوات غرض وماذا فقد من وجد الله

( وقالوا الحمد الله الذي أذهب عنا الحزن )

وفي هذا المقام ينقطع البكاء إذ لا بكاء في الجنة وقد رأي الصديق
قوماً يقرؤن ويبكون فقال كذلك كنا ثم قست القلوب فعبر بالقسوة
عن التمكين أدباً وتستراً لأن القلب في بدايته رطب يتأثر بالمواعظ
وتحركه الأحوال فإذا أستمر معها وتصلب لم يتأثر بشيء
ويكون كالجبل الراسي
( وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب )

تنبيه: قال السيخ أبو الحسن الشاذلي رضي الله عنه :
من لم تطاوعه نفسه على النهوض إلى الطاعات وأخلدت إلى
أرض الشهوات فدواؤه في حرفين الأول أن يعلم منة الله عليه
بالهداية للإسلام ومحبة الإيمان فيشكر الله عليها ليحصن
بقائها عنده
الثاني دوام تضرعه وإبتهاله في مظان الإجابة قائلاً يا رب سلم سلم
وإن أهمل هذين الأمرين فالشقاوة لازمة له اه
بالمعنى وبالله التوفيق
ثم إذا أعطاك ما طلبت من كمال الأستقامة ونهضت إليه نادماً
على ما فاتك من الطاعة كانت نهايتك الوصول إلى الحبيب
ومناجات القريب هناك تكل الألسن عن العبارة وتنقطع الإشارة

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيرا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس إبريل 10, 2008 9:24 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 18797
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا

معنا اليوم الحكمة السادسة والسبعون من الحكم العطائية لسيدى
ابن عطاء الله السكندرى وهى :

( ما العارف ؟ من إذا أشار وجد الحق أقرب إليه من إشارته
بل العارف من لا إشارة له لفنائه في وجوده وإنطوائه في شهوده )

الإشارة أرق وأدق من العبارة والرمز أدق من الإشارة
فالإمور ثلاثة : عبارات وأشارات ورموز وكل واحدة أدق مما قبلها
فالعبارة توضح والإشارة تلوح والرمز يفرح
أي يفرح القلوب بإقبال المحبوب
وقالوا علمنا كله إشارة فإذا صار عبارة خفي أي خفي سره
أي فإذا صار عبارة بإفصاح اللسان لم يظهر سره على الجنان
فإشارة الصوفية هي تغزلاتهم وتلويحاتهم بالمحبوب كذكر سلمي وليلي
وذكر الخمرة والكؤوس والنديم وغير ذلك مما هو مذكور في
أشعارهم وتغزلاتهم وكذكر الأقمار والنجوم والشموس والبدور
واللوائح والطوالع وكذكر البحار والإغراق وغير ذلك مما هو مذكور
في إصطلاحاتهم

وأما الرموز فهي إيماء وأسرار بين المحبوب وحبيبه لا يفهمها غيرهم.
ومنها في القرآن فواتح السور
ومنها في الحديث كقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر:
" أريد أن أدعوك لأمر قال وما هو يا رسول الله قال هو ذاك "
فرمز لأمر بينهما لا يعرفه غيرهما .

وقال له أيضاً :
" يا أبا بكر أتعلم يوم يوم " بتكرير لفظ يوم " قال نعم يا رسول الله
سألتني عن يوم المقادير "فهذه رموز بين الصديق وحبيبه

قال الشيخ زروق رضي الله عنه في شرح الحزب الكبير:
وقد حارت العقول في رموز الحكماء فكيف بالعلماء فكيف بالأنبياء
فكيف بالمرسلين فكيف يطمع في حقائق رب العالمين اه

وأما الإشارات فيدركها أربابها من أهل الفن والناس في أدراكها
وعدمه على أقسام فمنهم من لا يفهم منها شيئاً ولا يعرف
إلا ظاهر العبارة وهم الجهال من عموم الناس
ومنهم من يفهم المقصود ويجد الحق بعد الإشارة أي بعد سماع
الإشارة وهم أهل البداية من السائرين
ومنهم من يفهم الإشارة ويجد المشار إليه وهو الحق أقرب إليه
من إشارته وهم أهل الفناء في الذات قبل التمكين:
ولهذا تجدهم يتواجدون عند السماع ويتحركون وتطيب أوقاتهم
وتهيم أرواحهم أكثر مما يتواجدون عند الذكر
لأن الإشارة تهيج أكثر من العبارة بخلاف المتمكنين قد رسخت أقدامهم
وأطمأنت قلوبهم وتحقق وصولهم فاستغنوا عن الإشارة والمشير
ولذلك قيل للجنيد : مالك كنت تتحرك عند السماع وتتواجد واليوم
لا نراك تتحرك بشيء قال : وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر
مر السحاب اه
وهذا هو العارف الذي لا إشارة له لفنائه في وجود الحق
وإنطوائه في شهوده
أو تقول لتحقق وصوله وتمكنه في شهوده فصار المشير عين المشار
إليه لفناء وجوده في وجود محبوبه وإنطواء ذاته في ذات مشهوده
أو تقول لزوال وهمه وثبوت علمه فتحققت الوحدة وأمتحقت الغيرة:

رق الزجاج ورقت الخمر ... فتشابها وتشاكل الأمر
فكأنما خمر ولا قدح ... وكأنما قدح ولا خمر

فالأقداح أشباح والخمور أرواح
أو تقول :لذهاب حسه وانطماس رسمه فانكسرت الأواني
وسطعت المعاني:

وطاح مقامي في الرواسم كلها ... فلست أرى في الوقت قرباً ولا بعداً
فنيت به عني فبان به غيبي ... فهذا ظهور الحق عند الفنا قصدا
أحاط بنا التعظيم من كل جانب ... وعادت صفات الحق مما يلي العبدا

قال الشيخ أبو العباس المرسي رضي الله عنه:
إن لله عباداً محق أفعالهم بأفعاله وأوصافهم بأوصافه وذاتهم بذاته
وحملهم من أسراره ما تعجز عنه الأولياء

وقال القطب الشيخ ابن مشيش رضي الله عنه ونفعنا ببركاته :
وشراب المحبة مزج الأوصاف بالأوصاف والأخلاق بالأخلاق
والأنوار بالأنوار والأسماء بالأسماء والنعوت بالنعوت
والأفعال بالأفعال اه
وأطلق المزج على التبديل مناسبة للشراب

وقال إمام الطريقة أبو القاسم الجنيد رضي الله عنه في وصف العارف:
عبد ذاهب عن نفسه متصل بذكر ربه قائم بأداء حقه ناظر إليه بقلبه
أحرقت قلبه أنوار هدايته وصفا شرابه من كأس وده تجلى له الجبار
عن أستار غيبه فإن تكلم فبالله وأن سكت فمن الله وأن تحرك فبإذن الله
وأن سكن فمع الله فهو بالله ولله ومع الله ومن الله والي الله اه

فهذه صفات العارف الحقيقي الراسخ المتمكن قد كل لسانه عن التعبير
واستغنى عن الإشارة والمشير، فإذا صدرت منه إشارة أو تعبير
فإنما ذلك لفيضان وجد أو هداية فقير.
وقد صدرت إشارات من المتمكنين فتحمل على هذا القصد
كقول الشيخ أبي العباس رضي الله عنه:

أعندك عن ليلى حديث محرر ... بإيراده يحيى الرميم وينشر
فعهدي بها العهد القديم وأنني ... على كل حال في هواها مقصر
وقد كان عنها الطيف قد ما يزورني ... ولما برز ما باله يتعذر
وهل بخلت حتى بطيف خيالها ... أم اعتل حتى لا يصح التصور
ومن وجه ليلى طلعة الشمس تستضي ... وفي الشمس أبصار الوري يتحير
وما إحتجبت إلا برفع حجابها ... ومن عجب أن الظهور تستر

هكذا وجدت بخط الشيخ , وكان كثيراً ما يتمثل بها
قاله المصنف في لطائف المنن فقول الشيخ ما العارف إلخ :
أي ليس العارف الكامل وهو الراسخ المتمكن .
وأما السائر فيحتاج إلى الإشارة ويجد الحق أقرب إليه من الإشارة
أو معها وهي إعانة له وقوته كالعبارة للمتوجهين, وسيأتي :
العبارة قوت لعائلة المستمعين , وليس لك إلا ما أنت له آكل
وقوله من إذا أشار: أي أشير له
وقوله بل العارف من لا أشارة له : أي لا يحتاج إليها في نفسه
وقد يشير لأجل غيره كما تقدم
وإنما أستغني عن الإشارة لأن الإشارة والعبارة قوت الجائع
وهو قد شبع وأستغنى
أو تقول لأن الإشارة تقتضي البينونة والفرق , وهو مجموع في فرقه
ولذلك قال الشيخ أبو يزيد رضي الله عنه :
أبعدهم من الله أكثرهم أشارة إليه .

وقال ابن العريف في محاسنه :
الإشارة نداء على رأس البعد وبوح بعين العلة اه
أي تصريح بعين علته وهي بعده

وقال الروذبادي : الإشارة الإبانة عما يتضمنه الوجد من
المشار إليه وفي الحقيقة الإشارة تصحبها العلل , والعلل
بعيدة من الحقائق

وقال الشبلي رضي الله عنه : كل إشارة أشار بهما والبينونة
بدليل قوله حتى يشيروا إلى الحق بالحق وإنما نفي الطريق
إلى ذلك لإستغناء الحق عن الإشارة والمشير والله تعالى أعلم

ويحتمل أن يريد بالإشارة إشارة القلب أو الفكرة إلى الوجود
فإن القلب إذا أشار إلى الكون بأسره فني وتلاشي ووجد الحق
أقرب إليه من إشارته لكونه كان فانياً قبل إشارته
وهذا حال السائرين وأما الواصل فلا يحتاج إلى إشارة لكونه
قد تحقق فناؤه وانطوى وجوده في وجود محبوبه فلم يحتج
إلى إشارة لتمكن حاله وتحقق مقامه والله تعالى أعلم

وسئل أبو سعيد بن الأعرابي عن الفناء فقال :
هو أن تبدو العظمة والإجلال على البعد فتنسيه الدنيا والآخرة
والأحوال والدرجات والمقامات والأذكار تفنيه عن كل شيء
وعن عقله وعن نفسه وفنائه عن الأشياء وعن فنائه عن الفناء
لأنه يغرق في التعظيم اه

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيرا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأحد إبريل 27, 2008 3:14 am 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 18797
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا

معنا اليوم الحكمة السابعة والسبعون من الحكم العطائية لسيدى
ابن عطاء الله السكندرى وهى :

( الرجاء ما قارنه عمل وإلا فهو أمنية )

قال بعض العلماء الرجاء : تعلق القلب بمطموع يحصل في المستقبل
مع الأخذ في العمل المحصل له .
وأقرب منه طمع يصحبه عمل في سبب المطموع فيه لأجل تحصيله اه

والأمنية : اشتهاء وتمني لا يصحبه عمل فإن كان مع الحكم والجزم
فهو تدبير وهو أتم قبحاً قاله الشيخ زروق
فمن رجا أن يدرك النعيم الحسي كالقصور والحور فعليه بالجد
والطاعة والمسارعة إلى نوافل الخيرات وإلا كان رجاؤه حمقاً وغروراً

وقد قال معروف الكرخي رضي الله عنه :
طلب الجنة بلا عمل ذنب من الذنوب وارتجاء الشفاعة بلا سبب نوع
من الغرور وارتجاء رحمة من لا يطاع جهل وحمق
وقيل من زعم أن الرجاء مع الإصرار صحيح ,فكذلك فليزعم
أن الربح مع الفقير , ووقد النار من البحر صحيح
ومن كان رجاؤه تحقيق العلوم وفتح مخازن الفهوم فعليه بالمدارسة
والمطالعة ومجالسة أهل العلم المحققين العاملين مع تحليته
بالتقوى والورع
قال تعالى : " وأتقوا الله ويعلمكم الله "
فإن فعل هذا كان طالباً صادقاً وإلى ما رجاً واصلا , وإلا كان
باطلاً وبقي جاهلاً
وقد قال بعض المحققين : من أعطي كليته في العلم أخذ كليته
ومن لم يعط كليته لم يأخذ بعضه ولا كليته.

وفي الحديث عنه صلى الله عليه وسلم :
" إنما العلم بالتعلم , وإنما الحلم بالتحلم , من يطلب الخير يؤته
ومن يتق الشر يوقه " اه

والذي تفيده التقوى أنما هو فهم يوافق الأصول ويشرح الصدور
ويوسع المعقول , ومن كان رجاؤه الوصول إلى أدراك المقامات
وتحقيق المنازلات ومواجيد المحبين , وأذواق العارفين فعليه
بصحبة الفحول من الرجال أهل السر والحال , بحط رأسه
وذبح نفسه والأخذ فيما كلفوه به من الأعمال مع الذل
والإفتقار والخضوع والإنكسار فإن زعم أنه لم يجدهم
فليصدق في الطلب فسر الله كله في صدق الطلب وليستغرق
أوقاته في ذكر الله , وليلتزم الصمت والعزلة , وليحسن
ظنه بالله وبعباد الله فإن الله يقيض له من يأخذ بيده:
( إن يعلم الله في قلوبكم خيراً يؤتكم خيراً مما أخذ منكم )

قال في القواعد : قاعدة طلب الشيء من وجهه وقصده أقرب
لتحصيله , وقد ثبت أن حقائق علوم الصوفية منح إلهية
ومواهب إختصاصية لا تنال بميعاد الطلب , فلزم مراعاة
وجه ذلك وهو ثلاث:
أولها : العمل بما علم قدر الأستطاعة .
الثاني : اللجأ إلى الله على قدر الهمة .
الثالث : إطلاق النظر في المعاني حال الرجوع لأصل السنة
فيجري الفهم وينتفي الخطأ ويتيسر الفتح
وقد أشار الجنيد رحمه الله تعالى إلى ذلك بقوله :
ما أخذنا التصوف عن القيل والقال والمراء والجدال إنما
أخذناه عن الجوع والسهر وملازمة الأعمال أو كما قال .

وفي الخبر عنه عليه الصلاة والسلام :
" من عمل بما علم أورثه الله علم ما لم يعلم "

وقال أبو سليمان الداراني رضي الله عنه :
إذا اعتقدت النفوس على ترك الآثام , جالت في الملكوت
ورجعت إلى صاحبها بطرائف العلوم , من غير أن يؤدي
إليها عالم علماً اه
فمن رجا أن يدرك هذه الأمور المتقدمة , وشرع في
أسبابها وتحصيل مباديها , كان علامة على نجح مطلبه
وكان رجاؤه صادقاً , ومن طمع فيها من غير أن يأخذ
بالجد في أسباب تحصيلها كان أمنية : أي غروراً وحمقاً

وكان الحسن رضي الله عنه يقول :
يا عباد الله أتقوا هذه الأماني فأنها أودية النوكي يحلون
فيها , فو الله ما أتى الله عبداً بأمنية خيراً في الدنيا والآخرة اه

والنوكي : بفتح النون جمع أنوك وهو الأحمق .

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيرا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 540 مشاركة ]  الانتقال إلى صفحة السابق  1 ... 3, 4, 5, 6, 7, 8, 9 ... 36  التالي

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: أبو سالم المصري و 18 زائر/زوار


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
© 2011 www.msobieh.com

جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في المنتديات تعبر عن رأي أصحابها فقط