الحمد لله الذى هدانا للإيمان و الإسلام
والصلاة و السلام على رسول الله سيدنا محمد الفاتح لما أغلق و الخاتم لما سبق وعلى آله و أصحابه النجباء البررة الكرام
و بعد، فبعون الله تعالى نقدم ذكر وصية سيدنا على ابن ابى طالب-عليه السلام- وبعض الأحداث المتعلقة بوفاته
وصية سيدنا على بن أبى طالب
[align=center]بسم الله الرحمن الرحيم [/align]
هذا ما أوصى به أمير المؤمنين على بن أبى طالب. أوصى بأنه يشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، و أن محمداً عبده و رسوله، أرسله بالهدى و دين الحق ليظهره على الدين كله و لو كره المشركون، صلوات الله عليه. ( إن صلاتى و نسكى و محياى و مماتى لله رب العالمين لا شريك له و بذلك أمرت و أنا أول المسلمين)
[سورة الأنعام 162،163]
أوصيك يا حسن و جميع ولدى و اهل بيتى و من بلغه كتابى هذا بتقوى الله ربنا و لا تموتن إلا و انتم مسلمون، وأعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا فإنى سمعت رسول الله يقول : إصلاح ذات البين أفضل من عامة الصلاة و الصيام، و إن المبيدة الحالقة للدين فساد ذات البين. ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم.
[الحالقة الخصلة التي من شأنها أن تهلك وتستأصل الدين كما يستأصل الموسى الشعر]
انظروا إلى ذوى أرحامكم فصلوهم يهون الله عليكم الحساب . الله الله فى الأيتام فلا تغيرن أفواههم بجفوتكم، و الله الله فى جيرانكم فإنها وصية رسول الله صلى الله عليه و سلم ما زال يوصينا بهم حتى ظننا أنه سيورثهم.
و الله الله فى القرآن فلا يسبقنكم إلى العمل به غيركم، و الله الله فى الصلاة فإنها عماد دينكم.
و الله الله فى بيت ربكم فلا يخلون منكم ما بقيتم، فإنه إن ترك لم تناظروا وإنه إن خلا منكم لم تنظروا.
و الله الله فى صيام شهر رمضان فإنه جنة من النار، و الله الله فى الجهاد فى سبيل الله بأموالكم و أنفسكم.
و الله الله فى زكاة أموالكم فإنها تطفىء غضب ربكم.
و الله الله فى أمة نبيكم فلا يظلمن بين أظهركم. و الله الله فى أصحاب نبيكم فإن رسول الله صلى الله عليه و آله أوصى بهم.
و الله الله فى الفقراء و المساكين فأشركوهم فى معايشكم، و الله الله فيما ملكت أيمانكم فإنها كانت آخر وصية رسول الله صلى الله عليه و آله إذ قال: أوصيكم بالضعيفين فيما ملكت أيمانكم.
ثم قال: الصلاة الصلاة. لا تخافوا فى الله لومة لائم فإنه يكفيكم من بغى عليكم و أرادكم بسوء قولوا للناس حسناً كما أمركم الله، ولا تتركوا الأمر بالمعروف و النهى عن المنكر، فيولى الأمر عنكم و تدعون فلا يستجاب لكم.
عليكم بالتواضع و التباذل و التبار، و إياكم و التقاطع و التفرق و التدابر {و تعاونوا على البر و التقوى ولا تعاونوا على الإثم و العدوان و اتقوا الله إن الله شديد العقاب}
[سورة المائدة 2]
حفظكم الله من أهل بيت، و حفظ فيكم نبيه ، استودعكم الله خير مستودع و أقرأ عليكم سلام الله و رحمته.
و توفى أمير المؤمنين و هو ابن أربع و ستين سنة، سنة أربعين فى ليلة الأحد لإحدى و عشرين ليلة مضت من شهر رمضان، وولى غسله ابنه الحسن ابن على و عبد الله بن العباس، و كفن فى ثلاثة أثواب ليس فيها قميص. و صلى عليه ابنه الحسن و كبر خمس تكبيرات، و دفن فى الرحبة مما يلى أبواب كندة عند صلاة الصبح.
و دعا الحسن بعد دفنه بابن ملجم-لعنه الله- فأتى به فأمر بضرب عنقه، فقال له إن رأيت أن تأخذ على العهود ان أرجع إلك حتى أضع يدى فى يدك بعد أن أمضى إلى الشام فأنظر ما صنع صاحبى بمعاوية فإن كان قتله و إلا قتلته ثم أعود إليك تحكم فى بحكمك.
فقال له الحسن: هيهات، و الله لا تشرب الماء البارد أو تلحق روحك بالنار، ثم ضرب عنقه فاستوهبت أم الهيثم بنت الأسود النخعية جيفته منه فوهبها لها فأحرقتها بالنار.
و قالت أم الهيثم بنت الأسود ترثى أمير المؤمنين على بن أبى طالب – عليه السلام -:
[poet font="Simplified Arabic,5,darkred,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=200% align=center use=ex length=0 char="" num="0,black" filter=""]
ألا يا عين ويحك فأسعدينا=ألا نبكى أمير المؤمنينا
رزئنا خير من ركب المطايا=و خيسها و من ركب السفينة
و من لبس النعال و من حذاها=ومن قرأ المثانى و المثينا
و كنا قبل مقتله بخير=نرى مولى رسول الله فينا
[/poet]
ومما قيل أيضاً فى رثاء سيدنا على بن أبى طالب – عليه السلام -:
[poet font="Simplified Arabic,5,darkred,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=200% align=center use=ex length=0 char="" num="0,black" filter=""]
يا قبر سيدنا المجن له=صلى الإله عليك يا قبر
ما ضر قبراً أنت ساكنه=أن لا يحل بأرضه القطر
فليندين سماح كفك فى الثرى=و ليورقن بجانبك الصخر
والله لو بك لم أدع أحداً=إلا قتلت، لفاتنى الوتر
[/poet]
[hr]
سلام الله عليك يا سيدى سلام الله عليك يا حبيب الله سلام الله عليك يا حبيب رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم)
و حسبنا الله و نعم الوكيل فيمن قست قلوبهم و امتدت أيديهم بالأذى لسيدنا على بن أبى طالب
عميت بصائرهم فآذوا رسول الله صلى الله عليه وآله و سلم فقد قال صلى الله عليه و آله و سلم :"من آذى علياً فقد آذانى"
عميت بصائرهم فأبغضوا رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم قال صلى الله عليه و آله و سلم: " من أحب علياً فقد أحبنى، و من أبغضه فقد أبغضنى"
عميت بصائرهم و ظنوا- بل أنهم ادعوا- أنهم يبتغون وجه الله فى حين أنهم صاروا محل لسخط الله و لعنته فلم ينتبهوا لقوله صلى الله عليه و آله و سلم:" من كنت مولاه فعلى مولاه اللهم وال من والاه و عاد من عاداه و انصر من نصره و اخذل من خذله" و قوله صلوات الله و سلامه عليه و على آله يوم خيبر: " لأعطين الراية غداً رجلاً يحب الله و رسوله و يحبه الله و رسوله"
وحادثة مقتل سيدنا على بن أبى طالب من الحلقات الأولى لصراع الخوارج مع آل بيت رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم
وهذه الحادثة لها العديد من الدلالات التى امتدت منذ وقتها و حتى عصرنا هذا
فمن هم قتلة سيدنا على بن أبى طالب؟
هم الخوارج و الخوارج هم اثنا عشر ألفا من القراء اعتزلوا سيدنا على بن أبى طالب بعد عودته إلى الكوفة و ذلك عقب واقعة التحكيم
هم الذين اتهموا سيدنا على بن أبى طالب بالضلال
هم الذين أقاموا الأحكام على المسلمين و سفكوا الدماء و قتلوا النساء حتى أنهم قتلوا سيدنا عبد الله بن خباب وبقروا بطن إمرأته و عبد الله بن خباب هو من صحابة سيدنا محمد صلى الله عليه و آله و سلم
هم الذين حاربهم سيدنا على بن أبى طالب عند النهروان ثم قتلوه ثأراً لمن قتل منهم فى هذا اليوم
هم المتنطعون المتشددون
هم من قال فيهم رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم: {يخرج فيكم قوم تحقرون صلاتكم مع صلاتهم وصيامكم مع صيامهم وعملكم مع عملهم ويقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ينظر في النصل فلا يرى شيئا وينظر في القدح فلا يرى شيئا وينظر في الريش فلا يرى شيئا ويتمارى في الفوق}
و رغم أنهم من القراء، إلا أن قلوبهم احتوت على ضغينة لآل بيت رسول الله ضغينة أغشت قلوبهم و أنزلت بها القسوة حتى ظنوا أن لهم أن يتهموا سيدنا على بالضلال بل و قتله عليه السلام و هو من قال فيه رسول الله صلوات الله و سلامه عليه و على آله:" أنت منى بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبى بعدى"
و السؤال هل هناك علاقة بين التيارات الإسلامية المتشددة ومتنطعوا هذا الزمن و بين الخوارج و الإجابة تظهر واضحة جلية حين ننظر فى حال هذه التيارات و عقائدها
فهذه التيارات بنت مذاهبها على أفكار ابن تيمية و الذى أخطاء فى حق سيدنا على فى أكثر من موضع كما رأينا فى كتاب "أخطاء ابن تيمية فى حق سيدنا رسول الله و آل بيته"
هذه التيارات صارت تصدر أحكام التبديع و التكفير على الأمة
فالوهابية و المتمسلفة لم تدع على جهدها جهداً فى نشر أفكار ابن تيمية و تبديع زيارة آل البيت بل و التنقيص من زيارة سيدنا رسول الله صلى الله على آله و سلم و غير ذلك مما نسمعه و نقرأه من أخبار فتاويهم و كذلك التيارات المتشددة التى نبعت من الوهابية سلكت نفس المسلك
الأمر واضح لمن كان له قلب و بصيرة بلا شك فإن أعضاء هذه التيارات هم خوارج هذا الزمان و ليس الأعضاء و حدهم بل كل مبارك لأفعالهم كل تابع لافكارهم كل من لا يعارض مبادئهم
و للأسف لم يعوا الدرس رغم مرور الزمن لم يدركوا قدر سيدنا على بن أبى طالب و بالتالى لم يدركوا معنى حادثة مقتله
فمقتل سيدنا على هو تحذير من المتنطعين و كشف لحقيقة نواياهم
هو عند المحبين لرسول الله و آل بيته ذكرى حزينة على ما أصاب ولى رسول الله من أذى
و عند الخوارج ذكرى خزى و كشف لستارهم
فانظر فى أى موضع تقف
[twh][align=center]قال رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) لعلى -عليه السلام: "لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق"[/align][/twh]
_________________
ما خاب بين الورى يوما ولا عثرت***في حالة السير بالبلوى مطيته من كان لله رب العرش ملتجأ***ومن تكن برسول الله نصرته
|