اشترك في: الثلاثاء أكتوبر 30, 2007 4:26 pm مشاركات: 3907 مكان: في حضن الكرام
|
وظهرت ليلة مولده صلى الله عليه وسلم أمور غريبة عجيبية , تعظيماً لقدومه وإجلالاً لجنابه وإكراماً له أى إكرام , منها أن تزينت السماوات وحفظت من القواعد السمعية , فمن استرق السمع بعد ذلك أتبعه شهاب مبين بالرمى والرجم والإيلام , ولما ولد عيسى بن مريم حجبت الشياطين عن ثلاث سماوات تعظيماً لجلالته الروحية , وحجبت عن الجميع لما ولد نبينا على ممر الدهور والأعوام وتلألأت الكائنات بالأنوار وتدلت الكواكب من الجوانب الأفقية , وأفل طالع الكفر ولاح فجر الإسلام , وتزينت الجنان بأجمل زينة وأحلِّ مزية , وافتخرت الولدان وتبخترت الحور المقصورات في الخيام , وانصدع إيوان كسرى وسقطت شرفاته المبنية , وظهر دين الحق وبطلت عبادة الأصنام , وخمدت النيران التي كانت تعبدها الجاهلية وكان لها على الصحيح لم تخمد ألف عام , وغاضت بحيرة ساوة وقد عرفت بالأماكن الفارسية , وفاض ماء وادى سماوة وهي مفازة في جبال وآكام وكان مولده صلى الله عليه وسلم بمكان يعرف بسوق الليل بالأباطح المكية , بالبلد الحرام المشرف بدعوة إبراهيم عليه الصلاة والسلام , وعند مسقط رأسه تنفح إلى الآن رائحة عنبرية , فيا سعادة من حياه بالتقبيل وعظمه بالإلتثام , وألبست الشمس يوم ولادته أنواراً عظيمةً ضحوية , وازداد القمر نوراً على نوره وغاب حندس الظلام , ووضعت الحوامل ذكوراً تعظيماً لقدوم ذاته المحمدية , واخضرت الأرض وأثمرت الأشجار وجاء الرغد من كل جانب وفاض طوفان الخير وتلاطمت أمواج بحور الأنعام , وكان صلى الله عليه وسلم وهو في المهد يناغي القمر ويتحرك مهده بتحريك الملائكة الروحانية , وحديثه مع القمر لأجل تسليته عن البكاء ونزول دموعه السجام , وأول من أرضعه ثويبة بعد أمه آمنة الوهبية , وأعتقها سيدها لما بشرته بولادته فجوزي بتخفيف العذاب عنه كل ليلة اثنين على الدوام .
( اللهُمَّ عطِّرْ قبرَهُ بالتَّعظيم والتَّحيَّة * واغْفِرْْ لَنَا ذُنُوبناَ والآثام )
وقال ابن عباس رضى الله تعالى عنهما : لما ولد محمد صلى الله عليه وسلم نادى المنادى تنبيهاً على رضاعة درته اليتيمة الفردية , فقالت الملائكة : ربَّنا مرنا أن نحمله إلى السماوات ونقوم بتربيته حق القيام وقال الغمام : ربَّنا مرنا أن نحمله معنا إلى جوانب الأرض الشرقية والغربية , وقالت الوحوش : ربَّنا مرنا أن نحمله إلى أوكارنا وقالت الطيور : ربَّنا مرنا أن نحمله إلى أعشاشنا ونلتزم بكفالته حق الإلتزام فخرج النداء بلسان حال القدرة الإلهية , معاشر الخلائق قد جعله الله رضيعاً لحليمة فكان لها بذلك الحظ الأوفر والإغتناء , وكانت حليمة في ضيق من العيش فلما أراد الله لها السعادة الأبدية , أقحط بلادها فكانت تكثر من الحمد في النور والظلام , فرأت فى منامها رجلاً أخذ بيدها إلى نهرٍ أشد بياضاً من اللبن وأحلى من الأشربة العسلية , وقال : اشربى يا حليمة فشربت وقالت له : من أنت ؟ قال : أنا الحمد الذى كنتِ تحمدين الله به فى الشدائد والخطوب العظام , يا حليمة لك البشرى برضاعة سيد المرسلين وخير البرية , فأكتمى أمرك ولا تظهرى شأنك فانتبهت مسرورة من رؤيا المنام , كانت حاملاً فوضعت حملها وهى تأكل من نبات الأرض وأعشابها الطرية , وكانت مع ذلك في غاية الصبر ونهاية الشكر والرضا بالقضاء والقدر والإستسلام , فخرجت ذات يوم مع نسوة لبني سعد في طلب النبات من البقاع الجبلية , فسمعن منادياً يقول ولد بمكة مولود فهنيئاً لثدي أرضعه وطوبى لعبدٍ كفله ويا نعم المولود ويا له من غلام , فلما رجعن أخبرن أزواجهن بما سمعنه في الأماكن البرية , فعزموا على الرحيل إلى مكة البلد الحرام , فلما أصبحوا تجهزوا للمسير فخرجت حليمة معهم على أتانٍ ضعيفة غير قوية , فلما وصلوا إلى مكة عُرض عليهم نبينا صلى الله عليه وسلم فأعرضوا عنه ليتمه وكانت حليمة في عقب الأقوام , فلما وصلت رأت عبد المطلب واقفاً بباب دار أمه آمنة الوهبية , فسألته عن مولود فقال لها : عندى مولود لكنه يتيم ومات أبوه وهو في اجتنان الأرحام ثم عرض على المراضع فأعرضن عنه ليتمه وفقر حال أمه فقالت : رضيت به فقال : ما الإسم ؟ قالت : حليمة السعدية , فقال لها : حلم وسعد ادخلى عليه فدخلت فرأته قمراً منيراً ونظرت إلى وجهه فوجدته مشتملاً على بشرٍ وابتسام , فحملته بين يديها وأعطته ثديها الأيمن فشرب ثم حولته إلى الأيسر فأبى وذلك من شرائعه العدليَّة , فقد أعلمه الله أن له شريكاً وهو أخوه من الرضاعة فترك له ثديها الأيسر ليتغذى منه على الدوام , وأقامت حليمة بالمصطفى صلى الله عليه وسلم عند أمه آمنة المرضية , فعظمها عبد المطلب غاية التعظيم وأكرمها غاية الإكرام.
( اللهُمَّ عطِّرْ قبرَهُ بالتَّعظيم والتَّحيَّة * واغْفِرْْ لَنَا ذُنُوبناَ والآثام )
_________________ ( بسم الله الرحمن الرحيم ) قل هو الله أحد . الله الصمد . لم يلد ولم يولد . ولم يكن له كفوا أحد . قل أعوذ برب الفلق . من شر ما خلق . ومن شر غاسق إذا وقب . ومن شر النفاثات في العقد . ومن شر حاسد إذا حسد .
|
|