موقع د. محمود صبيح

منتدى موقع د. محمود صبيح

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 8 مشاركة ] 
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة: أسرار الصلاة ومهماتها
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء فبراير 16, 2016 3:45 pm 
غير متصل

اشترك في: الاثنين يوليو 27, 2015 9:27 am
مشاركات: 2116
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله رب العالمين

والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا كبيرا طيبا مباركا فيه ملئ السموات وملئ الأرض

كتاب أسرار الصلاة ومهماتها

الصلاة عماد الدين ، وعصام اليقين ، وسيدة القربات ، وغرة الطاعات وقد استقصيت أصولها وفروعها في فن الفقه ، فنقصر هنا على ما لا بد منه للمريد من أعمالها الظاهرة وأسرارها الباطنة .

فضيلة الأذان :

قال صلى الله عليه وسلم : " لا يسمع نداء المؤذن جن ولا إنس ولا شيء إلا شهد له يوم القيامة " وقال صلى الله عليه وسلم : " إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول المؤذن " وذلك محبوب مستحب إلا في الحيعلتين فإنه يقول فيهما : " لا حول ولا قوة إلا بالله " ، وفي قوله : قد قامت الصلاة : " أقامها الله وأدامها " وفي التثويب أي قول مؤذن الفجر : الصلاة خير من النوم : " صدقت وبررت " وعند الفراغ يقول : " اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمدا الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته " .

فضيلة المكتوبة :

قال الله تعالى : ( إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا ) [ النساء : 103 ] وقال صلى الله عليه وسلم : " الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة كفارات لما بينهن ما اجتنبت الكبائر " ، وسئل صلى الله عليه وسلم : أي الأعمال أفضل ؟ فقال : " الصلاة لمواقيتها " وكان " أبو بكر " - رضي الله عنه - يقول إذا حضرت الصلاة : ( قوموا إلى ناركم التي أوقدتموها فأطفئوها ) .



فضيلة إتمام الاركان :

قال صلى الله عليه وسلم : " من صلى صلاة لوقتها وأسبغ وضوءها وأتم ركوعها وسجودها وخشوعها [ ص: 30 ] عرجت وهي بيضاء مسفرة تقول : حفظك الله كما حفظتني ، ومن صلى لغير وقتها ولم يسبغ وضوءها ولم يتم ركوعها ولا سجودها ولا خشوعها عرجت وهي سوداء مظلمة تقول : ضيعك الله كما ضيعتني ، حتى إذا كانت حيث شاء الله لفت كما يلف الثوب الخلق فيضرب بها وجهه " .


فضيلة الجماعة :

قال صلى الله عليه وسلم : " صلاة الجمع تفضل صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة " وروى " أبو هريرة " أنه صلى الله عليه وسلم فقد ناسا في بعض الصلوات فقال : ( لقد هممت أن آمر رجلا يصلي بالناس ثم أخالف إلى رجال يتخلفون عنها فأحرق عليهم بيوتهم ) وقال : " عثمان " - رضي الله عنه - مرفوعا : ( من شهد العشاء فكأنما قام نصف ليلة ، ومن شهد الصبح فكأنما قام ليلة ) . وقال محمد بن واسع : " ما أشتهي من الدنيا إلا ثلاثة : أخا إن تعوجت قومني ، وقوتا من الرزق عفوا بغير تبعة ، وصلاة في جماعة يرفع عني سهوها ويكتب لي فضلها " وقال الحسن : " لا تصلوا خلف رجل لا يختلف إلى العلماء " وقال " ابن عباس " - رضي الله عنه - : " من سمع المنادي فلم يجب لم يرد خيرا ولم يرد به " .



فضيلة السجود :

قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " ما من مسلم يسجد لله سجدة إلا رفعه الله بها درجة وحط عنه بها سيئة " وقال صلى الله عليه وسلم : " أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء " وقال تعالى : ( سيماهم في وجوههم من أثر السجود ) [ الفتح : 29 ] يعني نور الخشوع فإنه يشرق من الباطن على الظاهر .


وجوب الخشوع :

قال الله تعالى : ( وأقم الصلاة لذكري ) [ طه : 14 ] ظاهر الأمر الوجوب ، والغفلة تضاد الذكر ، فمن غفل في صلاته كيف يكون مقيما لها لذكره تعالى . وقال سبحانه : ( ولا تكن من الغافلين ) [ الأعراف : 205 ] وقال تعالى : ( قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون ) [ المؤمنون : 1 ، 2 ] جعل أول مراتب الفلاح الخشوع في الصلاة إعلاما بأن من فقده فهو بمراحل عن الفوز والنجاح الذي هو معنى الفلاح ، وقال صلى الله عليه وسلم : " إنما الصلاة تمسكن وتواضع وتضرع وتضع يديك تقول اللهم اللهم ، فمن لم يفعل فهي خداج " ، وروي : " من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر لم يزدد من الله إلا بعدا " ، وحكي عن " مسلم بن يسار " أنه كان يصلي في مسجد البصرة فسقط حائط المسجد ففزع أهل السوق لهدته فما التفت ، ولما هنئ بسلامته عجب وقال : ما شعرت بها . وقال " ابن عباس " : " ركعتان في تفكر خير من قيام ليلة والقلب ساه " .


فضيلة المسجد وموضع الصلاة :

قال الله عز وجل : ( إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر ) [ التوبة : 18 ] وقال صلى الله عليه وسلم : " من بنى لله مسجدا ولو كمفحص قطاة بنى الله له بيتا في الجنة " وقال صلى الله عليه وسلم : " إذا دخل أحدكم المسجد فليركع ركعتين قبل أن يجلس " وقال صلى الله عليه وسلم : " لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد " وقال صلى الله عليه وسلم : " يأتي على الناس زمان يتحلقون في مساجدهم وليس همهم إلا الدنيا ، وليس لله فيهم حاجة فلا تجالسوهم " .

يتبع ......

اللهم صل على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا كبيرا طيبا مباركا فيه

_________________
اللهم صل على سيدنا ومولانا محمد عدد من صلى عليه في الأرض وعدد من صلى عليه في السماء وعدد من صلى عليه بين ذلك وعدد صلواتهم وبمثل صلواتهم صلى وسلم وبارك عليه وآله وصحبه ومن صلى عليه وسلم تسليما كثيرا كبيرا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: أسرار الصلاة ومهماتها
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء فبراير 16, 2016 9:59 pm 
غير متصل

اشترك في: الاثنين يوليو 27, 2015 9:27 am
مشاركات: 2116
أعمال الصلاة الظاهرة :

إذا فرغ المصلي من الوضوء والطهارة من الخبث في البدن والمكان والثياب وستر العورة من السرة إلى الركبة ، فعليه أن ينتصب قائما متوجها إلى القبلة ، وليقرب من جدار الحائط فإن ذلك يقصر مسافة البصر ويمنع تفرق الفكر ، وليحجر على بصره أن يجاوز موضع سجوده ، [ ص: 32 ] وليدم هذا القيام كذلك إلى الركوع من غير التفات ، ثم ينوي أداء الصلاة بقلبه ويرفع يديه إلى حذو منكبيه مقبلا بكفيه إلى القبلة ويبسط الأصابع ولا يقبضها ولا يتكلف فيها تفريجا ولا ضما بل يتركها على مقتضى طبعها ، ويكبر ، ثم يضع اليدين على صدره ويضع اليمنى على اليسرى ، ولا ينفض يديه إذا فرغ من التكبير ، بل يرسلهما إرسالا خفيفا رفيقا ، وينبغي أن يضم الهاء من قوله : " الله " ضمة خفيفة من غير مبالغة ، ولا يدخل بين الهاء والألف شبه الواو ، ولا بين باء " أكبر " ورائه ألفا كأنه يقول : " أكبار " ويجزم راء التكبير ولا يضمها .

القراءة :


ثم يبتدي بدعاء الاستفتاح عقب التكبير قائلا : " الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرا وسبحان الله بكرة وأصيلا " ، أو " وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا مسلما وما أنا من المشركين ، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين " أو " سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك وجل ثناؤك ولا إله غيرك " ، ثم يقول : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، ثم يقرأ الفاتحة ويقول بعدها آمين ، ولا يصلها بقوله : ( ولا الضالين ) ، ويجهر بالقراءة في الصبح والمغرب والعشاء إلا أن يكون مأموما ، ويجهر بالتأمين ، ثم يقرأ السورة أو قدر ثلاث من القرآن فما فوقها ، ولا يصل آخر السورة بتكبيرة الهوي بل يفصل بينهما بقدر قوله : " سبحان الله " ويقرأ في الصبح من السور الطوال من المفصل ، وفي المغرب من قصاره ، وفي الظهر والعصر والعشاء من أوساطه ، وفي الصبح في السفر ( قل ياأيها الكافرون ) [ الكافرون : 1 ] و ( قل هو الله أحد ) [ الإخلاص : 1 ] وكذلك في ركعتي الفجر والطواف والتحية .

الركوع ولواحقه :


ثم يركع ويراعي فيه أمورا وهو أن يكبر للركوع . وأن يرفع يديه مع تكبيرة الركوع ، وأن يمد التكبير إلى تمام الركوع ، وأن يضع راحتيه على ركبتيه في الركوع وأصابعه منشورة موجهة نحو القبلة على طول الساق ، وأن ينصب ركبتيه ولا يثنيهما ، وأن يمد ظهره مستويا لا يكون رأسه أخفض ولا أرفع ، وأن يجافي مرفقيه عن جنبيه ، وتضم المرأة مرفقيها إلى جنبيها ، وأن يقول : " سبحان ربي العظيم " ثلاثا ، والزيادة إلى السبعة وإلى العشرة حسن إن لم يكن إماما ، ثم يرتفع من الركوع إلى القيام ويرفع يديه ويقول : " سمع الله لمن حمده " ويطمئن في الاعتدال ويقول : ربنا لك الحمد ملء السماوات وملء الأرض وملء ما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد " ويقنت في الصبح في الركعة الثانية بالكلمات المأثورة .

السجود :


ثم يهوي إلى السجود مكبرا فيضع ركبتيه على الأرض ويضع جبهته وكفيه مكشوفة ويكبر عند الهوي ولا يرفع يديه مع غير الركوع ، ويجافي مرفقيه عن جنبيه ولا تفعل المرأة [ ص: 33 ] ذلك ، ويفرج بين رجليه ولا تفعل المرأة ذلك ، ويرفع بطنه عن فخذيه ولا تفعل المرأة ذلك ، ويضع يديه على الأرض حذاء منكبيه ولا يفرج بين أصابعهما بل يضمهما ، ولا يفترش ذراعيه على الأرض ، ويقول : " سبحان ربي الأعلى " ثلاثا فإن زاد فحسن إلا أن يكون إماما ، ثم يرفع من السجود فيطمئن جالسا معتدلا فيرفع رأسه مكبرا ويجلس على رجله اليسرى وينصب قدمه اليمنى ويضع يديه على فخذيه والأصابع منشورة ، ولا يتكلف ضمها ولا تفريجها ويقول : " رب اغفر لي وارحمني وارزقني واهدني واجبرني وعافني واعف عني " ويأتي بالسجدة الثانية كذلك ويصلي الركعة الثانية كالأولى ويعيد التعوذ في الابتداء .

التشهد :


ثم يتشهد في الركعة الثانية التشهد الأول ثم يصلي على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعلى آله ويضع يده اليمنى على فخذه اليمنى ويقبض أصابعه اليمنى إلا المسبحة ويشير بها عند قوله : " إلا الله " ، ويجلس في هذا التشهد على رجله اليسرى كما بين السجدتين . وفي التشهد الأخير يستكمل الدعاء المأثور بعد الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - ويجلس فيه على وركه الأيسر لأنه ليس مستوفزا للقيام بل هو مستقر ، ويضع رجله اليسرى خارجة من تحته وينصب اليمنى ثم يقول : " السلام عليكم ورحمة الله " ويلتفت يمينا بحيث يري خده الأيمن وشمالا كذلك ، وينوي بالسلام من على يمينه من الملائكة والمسلمين في الأولى ، وينوي مثل ذلك في الثانية ، ولا يرفع صوته إلا بقدر ما يسمع روحه .

المنهيات :


نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن صلاة الحاقن والحاقب والحازق وعن صلاة الجائع والمتلثم .

فأما الحاقن فمن البول ، والحاقب من الغائط ، والحازق صاحب الخف الضيق فإن كل ذلك يمنع الخشوع ، وفي معناه الجائع المهتم ، وفهم نهي الجائع من قوله - صلى الله عليه وسلم - : " إذا حضر العشاء وأقيمت الصلاة فابدؤوا بالعشاء " والنهي عن التلثم من حديث : " نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يغطي الرجل فاه في الصلاة " ، وقال الحسن : " كل صلاة لا يحضر فيها القلب فهي إلى العقوبة أسرع " .

ويكره أيضا أن ينفخ في الأرض عند السجود وأن يسوي الحصا بيده وأن يستند في قيامه إلى حائط ، وقال بعض السلف : " أربعة في الصلاة من الجفاء : الالتفات ، ومسح الوجه ، وتسوية الحصا ، وأن تصلي بطريق من يمر بين يديك " .

تمييز الفرائض والسنن :


ما تقدم يشتمل على فرائض وسنن وهيئات ; فالسنن من الأفعال : رفع اليدين في تكبيرة الإحرام وعند الهوي إلى الركوع وعند الرفع منه والجلسة للتشهد الأول ، والتورك والافتراش هيئات تابعة للجلسة ، وترك الالتفات هيئة للقيام وتحسين لصورته .

والسنن من الأذكار : دعاء الاستفتاح والتعوذ وقول آمين وقراءة السورة وتكبيرات الانتقالات والذكر في الركوع والسجود والاعتدال والتشهد الأول والصلاة فيه على النبي - صلوات الله عليه - والدعاء في التشهد الأخير والتسليمة الثانية ; هذه السنن وما عداها فهو واجب .

واعلم أن الصلاة كالإنسان ، فروحها وحياتها أعني الخشوع وحضور القلب والإخلاص كروح الإنسان وحياته ، وأركانها تجري منها مجرى قلبه ورأسه وكبده إذ يفوت وجود الصلاة بفواتها كما ينعدم الإنسان بعدمها ، والسنن تجري منها مجرى اليدين والعينين والرجلين منه فهي لا تفوت الحياة بفواتها ولكن يصير المرء بفقدها مشوه الخلقة مذموما ، والهيئات تجري منها مجرى أسباب الحسن من الحاجبين واللحية والأهداب وحسن اللون ونحوها ، فمن اقتصر على أقل ما يجزئ من الصلاة كان كمن أهدى إلى ملك من الملوك عبدا مقطوع الأطراف ، فالصلاة قربة وتحفة تتقرب بها إلى حضرة ملك الملوك كوصيفة يهديها طالب القربة من السلاطين إليهم ، وهذه التحفة تعرض على الله عز وجل ثم ترد عليك يوم العرض الأكبر ، فإليك الخيرة في تحسين صورتها وتقبيحها ، فإن أحسنت فلنفسك وإن أسأت فعليها .

.......يتبع

اللهم صلِّ على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا كبيرا

_________________
اللهم صل على سيدنا ومولانا محمد عدد من صلى عليه في الأرض وعدد من صلى عليه في السماء وعدد من صلى عليه بين ذلك وعدد صلواتهم وبمثل صلواتهم صلى وسلم وبارك عليه وآله وصحبه ومن صلى عليه وسلم تسليما كثيرا كبيرا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: أسرار الصلاة ومهماتها
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء فبراير 16, 2016 10:36 pm 
غير متصل

اشترك في: الأربعاء فبراير 03, 2010 12:20 am
مشاركات: 8023
اللهم صل على سيدنا محمد وآله وسلم
متابعة
جزاكم الله خيرا
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم

_________________
صلوات الله تعالى تترى دوما تتوالى ترضي طه والآلا مع صحب رسول الله


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: أسرار الصلاة ومهماتها
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء فبراير 16, 2016 11:26 pm 
غير متصل

اشترك في: الاثنين يوليو 27, 2015 9:27 am
مشاركات: 2116
فراج يعقوب كتب:
اللهم صل على سيدنا محمد وآله وسلم
متابعة
جزاكم الله خيرا
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم


بالصلاة على سيدنا النبي صلى الله عليه وآله وصحبه سلم
جزاكم الله خيرا سيدي الفاضل الكريم يا مرحبا
اللهم صل على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم

_________________
اللهم صل على سيدنا ومولانا محمد عدد من صلى عليه في الأرض وعدد من صلى عليه في السماء وعدد من صلى عليه بين ذلك وعدد صلواتهم وبمثل صلواتهم صلى وسلم وبارك عليه وآله وصحبه ومن صلى عليه وسلم تسليما كثيرا كبيرا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: أسرار الصلاة ومهماتها
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء فبراير 17, 2016 5:24 pm 
غير متصل

اشترك في: الاثنين يوليو 27, 2015 9:27 am
مشاركات: 2116
بيان الشروط الباطنة من أعمال القلب

اشتراط الخشوع وحضور القلب


اعلم أن أدلة ذلك كثيرة فمن ذلك قوله تعالى : ( وأقم الصلاة لذكري ) [ طه : 14 ] وظاهر الأمر الوجوب ، والغفلة تضاد الذكر ، فمن غفل في جميع صلاته كيف يكون مقيما للصلاة لذكره ؟ وقوله تعالى : ( ولا تكن من الغافلين ) [ الأعراف : 205 ] نهي وظاهره التحريم ، وقوله تعالى : ( حتى تعلموا ما تقولون ) [ النساء : 43 ] تعليل لنهي السكران ، وهو مطرد في الغافل المستغرق الهم بالوسواس وأفكار الدنيا ، وقوله - صلى الله عليه وسلم - : " إنما الصلاة تمسكن وتواضع " حصر بالألف واللام وكلمة " إنما " للتحقيق والتوكيد ، وقوله - صلى الله عليه وسلم - : " من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر لم يزدد من الله إلا بعدا " وصلاة الغافل لا تمنع من الفحشاء والمنكر ، وقال صلى الله عليه وسلم : " كم من قائم حظه من صلاته التعب والنصب " وما أراد به إلا الغافل . وقال صلى الله عليه وسلم : " ليس للعبد من صلاته إلا ما عقل منها " والتحقيق فيه أن المصلي مناج ربه عز وجل كما ورد به الخبر ، والكلام [ ص: 35 ] مع الغفلة ليس بمناجاة البتة ، ولو حلف الإنسان وقال : لأشكرن فلانا وأثني عليه وأسأله حاجة ، ثم جرت الألفاظ الدالة على هذه المعاني على لسانه في النوم لم يبر في يمينه ، ولو جرت على لسانه في ظلمة وذلك الإنسان حاضر وهو لا يعرف حضوره ولا يراه لا يصير بارا في يمينه ، إذ لا يكون كلامه خطابا ونطقا معه ما لم يكن هو حاضرا في قلبه ، فلو كانت تجري هذه الكلمات على لسانه وهو حاضر إلا أنه في بياض النهار غافل لكونه مستغرق الهم بفكر من الأفكار ولم يكن له قصد يوجبه الخطاب إليه عند نطقه لم يصر بارا في يمينه . ولا شك في أن المقصود من القراءة والأذكار الحمد والثناء والتضرع والدعاء ، والمخاطب هو الله عز وجل ، والقلب بحجاب الغفلة محجوب عنه فلا يراه ولا يشاهده ، بل هو غافل عن المخاطب واللسان يتحرك بحكم العادة ، فما أبعد هذا عن المقصود بالصلاة التي شرعت لتصقيل القلب وتجديد ذكر الله عز وجل ورسوخ عقد الإيمان به .

وبالجملة فحضور القلب هو روح الصلاة ، ومن عرف سر الصلاة علم أن الغفلة تضادها .


بيان المعاني الباطنة التي بها تتميز حياة الصلاة


يجمع تلك المعاني على كثرتها ست جمل : حضور القلب ، والتفهم ، والتعظيم ، والهيبة ، والرجاء ، والحياء ، فلنذكر تفاصيلها ثم أسبابها ثم العلاج في اكتسابها .

أما التفاصيل : فالأول : حضور القلب ونعني به أن يفرغ القلب عن غير ما هو ملابس له ومتكلم به ، فيكون العلم بالفعل والقول مقرونا بهما ، ولا يكون الفكر جائلا في غيرهما ، والتفهم لمعنى الكلام أمر وراء حضور القلب ، وهو اشتمال القلب على العلم بمعنى اللفظ ، وكم من معان لطيفة يفهمها المصلي في أثناء الصلاة تمنعه عن الفحشاء والمنكر ، والتعظيم وراء الحضور ، والفهم زائد عليهما ، والهيبة زائدة على التعظيم وهي عبارة عن خوف منشؤه التعظيم والإجلال ، والرجاء الطمع بمثوبته تعالى ، ويقابله الخوف من عقابه تعالى بتقصيره ، والحياء استشعار تقصيره وتوهم ذنب .

وأما أسباب هذه المعاني الستة ، فاعلم أن حضور القلب سببه الهمة ، فإن قلبك تابع لهمتك فلا يحضر إلا فيما يهمك ، ومهما أهمك أمر حضر القلب فيه شاء أم أبى فهو مجبول على ذلك ومسخر فيه ، والقلب إذا لم يحضر في الصلاة لم يكن متعطلا بل جائلا فيما الهمة مصروفة إليه من أمور الدنيا ، فلا حيلة ولا علاج لإحضار القلب إلا بصرف الهمة إلى الصلاة ، والهمة لا تنصرف إليها ما لم يتبين أن الغرض المطلوب منوط بها ، وذلك هو الإيمان والتصديق بأن الآخرة خير وأبقى وأن الصلاة وسيلة إليها .

وأما التفهم : فسببه بعد حضور القلبإدمان الفكر وصرف الذهن إلى إدراك المعنى ، وعلاجه ما تقدم مع الإقبال على الفكر والتشمر لدفع الخواطر . وعلاج دفعها قطع موادها ، أعني النزوع عن تلك الأسباب التي تنجذب الخواطر إليها .

[ ص: 36 ] وأما التعظيم : فهي حالة للقلب تتولد مع معرفتين :

إحداهما : معرفة جلالة الله عز وجل وعظمته وهو من أصول الإيمان .

الثانية : معرفة حقارة النفس وخستها وكونها عبدا مسخرا مربوبا حتى يتولد من المعرفتين الاستكانة والانكسار والخشوع لله سبحانه فيعبر عنه بالتعظيم .

وأماالهيبة والخوف : فحالة للنفس تتولد من المعرفة بقدرة الله وسطوته ونفوذ مشيئته فيه مع قلة المبالاة به ، وأنه لو أهلك الأولين والآخرين لم ينقص من ملكه ذرة . وكلما زاد العلم بالله زادت الخشية والهيبة .

وأماالرجاء : فسببه معرفة لطف الله عز وجل وكرمه وعميم إنعامه ولطائف صنعه ، ومعرفة صدقه في وعده الجنة بالصلاة ، فإذا حصل اليقين بوعده والمعرفة بلطفه انبعث من مجموعهما الرجاء لا محالة .

وأما الحياء : فباستشعاره التقصير في العبادة وعلمه بالعجز عن القيام بعظم حق الله عز وجل ، ويقوي ذلك بالمعرفة بعيوب النفس وآفاتها وقلة إخلاصها وميلها إلى الحظ العاجل في جميع أفعالها مع العلم بعظيم ما يقتضيه جلال الله عز وجل والعلم بأنه مطلع على السر وخطرات القلب وإن دقت وخفيت ، وهذه المعارف إذا حصلت يقينا انبعث منها بالضرورة حالة تسمى الحياء .

فهذه أسباب هذه الصفات وكل ما طلب تحصيله فعلاجه إحضار سببه ، ففي معرفة السبب معرفة العلاج ، ورابطة جميع هذه الأسباب الإيمان واليقين .

يتبع .....

اللهم صل وبارك على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا طيبا مباركا فيه

_________________
اللهم صل على سيدنا ومولانا محمد عدد من صلى عليه في الأرض وعدد من صلى عليه في السماء وعدد من صلى عليه بين ذلك وعدد صلواتهم وبمثل صلواتهم صلى وسلم وبارك عليه وآله وصحبه ومن صلى عليه وسلم تسليما كثيرا كبيرا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: أسرار الصلاة ومهماتها
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس فبراير 18, 2016 11:25 am 
غير متصل

اشترك في: الاثنين يوليو 27, 2015 9:27 am
مشاركات: 2116
بيان الدواء النافع في حضور القلب
اعلم أن المؤمن لا بد أن يكون معظما لله عز وجل وخائفا منه وراجيا له ومستحيا من تقصيره ، فلا ينفك عن هذه الأحوال بعد إيمانه وإن كانت قوتها بقدر قوة يقينه ، فانفكاكه عنها في الصلاة لا سبب له إلا تفرق الفكر وتقسيم الخاطر وغيبة القلب عن المناجاة والغفلة عن الصلاة . ولا ينهى عن الصلاة إلا الخواطر الواردة الشاغلة ، فالدواء في إحضار القلب هو دفع تلك الخواطر ، ولا يدفع الشيء إلا بدفع سببه فلتعلم سببه .

وسبب موارد الخواطر إما أن يكون أمرا خارجا أو أمرا باطنا :

أما الخارج فما يقرع السمع أو يظهر للبصر ، فإن ذلك قد يختطف الهم حتى يتبعه وينصرف فيه ثم تنجر منه الفكرة إلى غيره ويتسلسل ويكون الإبصار سببا للافتكار . ومن قويت نيته وعلت همته لم يلهه ما جرى على حواسه ، ولكن الضعيف لا بد وأن يتفرق به فكره . وعلاجه قطع هذه الأسباب بأن يغض بصره أو لا يترك بين يديه ما يشغل حسه ، ويقرب من حائط عند صلاته حتى لا تتسع مسافة بصره ، ويحترز من الصلاة على الشوارع وفي المواضع المنقوشة المصنوعة وعلى الفرش المصبوغة .

[ ص: 37 ] وأما الأسباب الباطنة فهي أشد ، فإن من تشعبت به الهموم في أودية الدنيا لم ينحصر فكره في فن واحد بل لا يزال يطير من جانب إلى جانب . فهذا طريقه أن يرد النفس قهرا إلى فهم ما يقرؤه في الصلاة ويشغلها به عن غيره ، ويعينه على ذلك أن يستعد له قبل التحريم بأن يجدد على نفسه ذكر الآخرة وموقف المناجاة وخطر المقام بين يدي الله سبحانه وهو المطلع ، ويفرغ قلبه قبل التحريم بالصلاة عما يهمه فلا يترك لنفسه شغلا يلتفت إليه خاطره .

فإن كان لا يسكن هائج أفكاره بهذا الدواء المسكن فلا ينجيه إلا المسهل الذي يقمع مادة الداء من أعماق العروق ، وهو أن ينظر في الأمور الصارفة عن إحضار القلب ، ولا شك أنها تعود إلى مهماته ، وأنها إنما صارت مهمات بشهواته ، فيعاقب نفسه بالنزوع عن تلك الشهوات وقطع تلك العلائق كما روي أنه صلى الله عليه وسلم لما لبس الخميصة التي أتاه بها " أبو جهم " وعليها علم وصلى بها نزعها بعد صلاته ، وقال صلى الله عليه وسلم : " اذهبوا بها إلى أبي جهم فإنها ألهتني آنفا عن صلاتي وائتوني بإنبجانية أبي جهم ".


يتبع .........

اللهم صل على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم


_________________
اللهم صل على سيدنا ومولانا محمد عدد من صلى عليه في الأرض وعدد من صلى عليه في السماء وعدد من صلى عليه بين ذلك وعدد صلواتهم وبمثل صلواتهم صلى وسلم وبارك عليه وآله وصحبه ومن صلى عليه وسلم تسليما كثيرا كبيرا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: أسرار الصلاة ومهماتها
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس فبراير 18, 2016 9:18 pm 
غير متصل

اشترك في: الاثنين يوليو 27, 2015 9:27 am
مشاركات: 2116
بيان تفصيل ما ينبغي أن يحضر في القلب عند كل ركن وشرط من أعمال الصلاة :

إذا سمعت نداء المؤذن فأحضر في قلبك هول النداء يوم القيامة وتشمر بظاهرك وباطنك للإجابة والمسارعة ، فإن المسارعين إلى هذا النداء هم ينادون باللطف يوم العرض الأكبر .

وأما الطهارة : فإذا أتيت بها في مكانك وهو طرفك الأبعد ، ثم في ثيابك وهو غلافك الأقرب ، ثم في بشرتك وهو قشرك الأدنى ، فلا تغفل عن لبك الذي هو ذاتك وهو قلبك ، فاجتهد له تطهرا بالتوبة والندم على ما فرطت وتصميم العزم على الترك في المستقبل ، فطهر بها باطنك فإنه موقع نظر معبودك

وأما ستر العورة : فاعلم أن معناه تغطية مقابح بدنك عن أبصار الخلق ، فإن ظاهر بدنك موقع لنظر الخلق فما بالك في عورات باطنك وفضائح سرائرك التي لا يطلع عليها إلا ربك عز وجل ، فأحضر تلك الفضائح ببالك وطالب نفسك بسترها ، وتحقق أنه لا يستر عن عين الله سبحانه ساتر ، وإنما يكفرها الندم والحياء والخوف ، فتستفيد بإحضارها في قلبك انبعاث وجود الخوف والحياء من مكانها فتذل به نفسك ، ويستكن تحت الخجلة قلبك ، وتقوم بين يدي الله عز وجل قيام العبد المجرم المسيء الآبق الذي ندم فرجع إلى مولاه ناكسا رأسه من الحياء والخوف .

وأماالاستقبال : فهو صرف لظاهر وجهك عن سائر الجهات إلى جهة بيت الله تعالى ، [ ص: 38 ] أفترى أن صرف القلب من سائر الأمور إلى أمر الله عز وجل ليس مطلوبا منك ؟ هيهات ، فلا مطلوب سواه ، وإنما هذه الظواهر تحريكات للبواطن وضبط للجوارح وتسكين لها بالإثبات في جهة واحدة حتى لا تبغي على القلب ، فإنها إذا بغت وظلمت في حركاتها والتفاتها إلى جهاتها استتبعت القلب وانقلبت به عن وجه الله عز وجل . فليكن وجه قلبك مع وجه بدنك ، واعلم أنه كما لا يتوجه الوجه إلى جهة البيت إلا بالانصراف عن غيرها فلا ينصرف القلب إلى الله عز وجل إلا بالتفرغ عما سواه .

وأما الاعتدال قائما : فإنما هو مثول بالشخص والقلب بين يدي الله عز وجل تنبيها على إلزام القلب التواضع والتذلل والتبرؤ عن الترؤس والتكبر ، مع ذكر خطر القيام بين يدي الله عز وجل في هول المطلع عند العرض للسؤال ، واعلم في الحال أنك قائم بين يدي الله عز وجل وهو مطلع عليك ، فقم بين يديه قيامك بين يدي بعض ملوك الزمان إن كنت تعجز عن معرفة كنه جلاله .

وأماالنية : فعزم على إجابة الله عز وجل في امتثال أمره بالصلاة وإتمامها رجاء لثوابه وخوفا من عقابه وطلبا للقربة منه متقلدا للمنة منه بإذنه لك في المناجاة مع كثرة عصيانك ، فعظم في نفسك قدر مناجاته ، وانظر من تناجي وكيف تناجي وبماذا تناجي ، وعند هذا ينبغي أن يعرق جبينك من الخجل وترتعد فرائصك من الهيبة ويصفر وجهك من الخوف .

وأما التكبير : فإذا نطق به لسانك فينبغي أن لا يكذبه قلبك ، فإن كان في قلبك شيء هو أكبر من الله سبحانه أو كان هواك أغلب عليك من أمر الله عز وجل وأنت أطوع له منك لله تعالى فقد اتخذته إلهك وكبرته فيكون قولك " الله أكبر " كلاما باللسان المجرد ، وقد تخلف القلب عن مساعدته ، وما أعظم الخطر في ذلك لولا التوبة والاستغفار وحسن الظن بكرمه سبحانه وعفوه .


وأما دعاء الاستفتاح: فأول كلماته قولك " وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض " وليس المراد بالوجه الوجه الظاهر ، فإنك إنما وجهته إلى جهة القبلة ، والله سبحانه يتقدس عن أن تحده الجهات حتى تقبل بوجه بدنك عليه ، وإنما وجه القلب هو الذي تتوجه به إلى فاطر السماوات والأرض فانظر إليه : أمتوجه إلى أمانيه وهمه في البيت والسوق متبع للشهوات ، أو مقبل على فاطر السماوات ؟ وإياك أن تكون أول مفاتحتك للمناجاة بالكذب ولن ينصرف الوجه إلى الله تعالى إلا بانصرافه عما سواه ، فاجتهد في الحال في صرفه إليه ، وإن عجزت عنه على الدوام فليكن قولك في الحال صادقا . وإذا قلت : " حنيفا مسلما " فينبغي أن يخطر ببالك أن المسلم هو الذي سلم المسلمون من لسانه ويده ، فإن لم تكن كذلك كنت كاذبا فاجتهد في أن تعزم عليه في الاستقبال وتندم على ما سبق من الأحوال . وإذا قلت : " وما أنا من المشركين " فأخطر ببالك الشرك الخفي كمن يقصد بعبادته وجه الله وحمد الناس ، فكن حذرا متقيا من هذا الشرك واستشعر الخجلة في قلبك إن وصفت نفسك بأنك لست من المشركين من غير براءة عن هذا الشرك ، فإن اسم الشرك يقع على القليل والكثير منه . وإذا قلت : " محياي ومماتي لله " [ ص: 39 ] فاعلم أن هذا حال عبد مفقود لنفسه موجود لسيده ، وأنه إن صدر ممن رضاه وغضبه وقيامه وقعوده ورغبته في الحياة ورهبته من الموت لأمور الدنيا لم يكن ملائما للحال . وإذا قلت : " أعوذ بالله من الشيطان الرجيم " فاعلم أنه عدوك ومترصد لصرف قلبك عن الله عز وجل حسدا لك على مناجاتك مع الله عز وجل وسجودك له ، مع أنه لعن بسبب سجدة واحدة تركها ، وأن استعاذتك بالله سبحانه منه بترك ما يحبه وتبديله بما يحب الله عز وجل لا بمجرد قولك ، فإن من قصده سبع أو عدو ليفترسه أو ليقتله فقال : أعوذ منك بهذا الحصن الحصين وهو ثابت على مكانه ذلك لا ينفعه ، بل لا يفيده إلا بتبديل المكان ، فكذلك من يتبع الشهوات التي هي محاب الشيطان ومكاره الرحمن فلا يغنيه مجرد القول ، ومن اتخذ إلهه هواه فهو في ميدان الشيطان لا في حصن الله تعالى . واعلم أن من مكايده أن يشغلك في صلاتك بذكر الآخرة وتدبير فعل الخيرات ليمنعك عن فهم ما تقرأ ، فاعلم أن كل ما يشغلك عن فهم معاني قراءتك فهو وسواس ، فإن حركة اللسان غير مقصودة ، بل المقصود معانيها ، فإذا قلت : ( بسم الله الرحمن الرحيم ) فانو به التبرك لابتداء القراءة لكلام الله سبحانه وافهم أن معناها أن الأمور كلها بالله سبحانه ، وإذا كانت الأمور به تعالى فلا جرم كان ( الحمد لله رب العالمين ) ، ومعناه أن الشكر لله إذ النعم من الله ، ومن يرى من غير الله نعمة أو يقصد غير الله سبحانه بشكره لا من حيث إنه مسخر من الله عز وجل ففي تسميته وتحميده نقصان بقدر التفاته إلى غير الله تعالى . فإذا قلت : ( الرحمن الرحيم ) فأحضر في قلبك جميع أنواع لطفه لتتضح لك رحمته فينبعث به رجاؤك ، ثم استثر من قلبك التعظيم والخوف بقولك : ( مالك يوم الدين ) ، أما العظمة فلأنه لا ملك إلا له ، وأما الخوف فلهول يوم الجزاء والحساب الذي هو مالكه ، ثم جدد الإخلاص بقولك : ( إياك نعبد ) وجدد العجز والاحتياج والتبرؤ من الحول والقوة بقولك : ( وإياك نستعين ) ، وتحقق أنه ما تيسرت طاعتك إلا بإعانته ، وأن له المنة إذ وفقك لطاعته . ثم عين سؤالك ولا تطلب إلا أهم حاجتك وقل : ( اهدنا الصراط المستقيم ) الذي يسوقنا إلى جوارك ويفضي بنا إلى مرضاتك ، وزده شرحا وتفصيلا وتأكيدا واستشهادا بالذين أفاض عليهم نعمة الهداية من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين دون الذين غضب عليهم من الكفار والزائغين . ثم التمس الإجابة وقل : " آمين " . ولو لم يكن لك من صلاتك حظ سوى ذكر الله في جلاله وعظمته فناهيك بذلك غنيمة ، فكيف بما ترجوه من ثوابه وفضله . وكذلك ينبغي أن تفهم ما تقرؤه من السور فلا تغفل عن أمره ونهيه ووعده ووعيده ومواعظه وأخبار أنبيائه وذكر منته وإحسانه ، ولكل واحد حق : فالرجاء حق الوعد ، والخوف حق الوعيد ، والعزم حق الأمر والنهي ، والاتعاظ حق الموعظة ، والشكر حق المنة ، والاعتبار حق أخبار الأنبياء ; وتكون هذه المعاني بحسب درجات الفهم ، ويكون الفهم بحسب وفور العلم وصفاء القلب ، ودرجات ذلك لا تنحصر ، والصلاة مفتاح القلوب فيها تنكشف أسرار الكلمات فهذا حق القراءة وهو حق الأذكار والتسبيحات أيضا ، ثم يراعي الهيبة في القراءة فيرتل ولا يسرد فإن ذلك أيسر للتأمل .

وأما دوام القيام: فإنه تنبيه على إقامة القلب مع الله عز وجل على نعت واحد من الحضور قال صلى الله عليه وسلم : " إن الله عز وجل مقبل على المصلي ما لم يلتفت " وكما تجب حراسة الرأس والعين عن الالتفات إلى الجهات فكذلك تجب حراسة السر عن الالتفات إلى غير الصلاة ، فإذا التفت إلى غيره فذكره باطلاع الله عليك وبقبح التهاون بالمناجى عند غفلة المناجي ليعود إليه ، والزم الخشوع للقلب فإن الخلاص عن الالتفات باطنا وظاهرا ثمرة الخشوع ، ومهما خشع الباطن خشع الظاهر ، قال صلى الله عليه وسلم - وقد رأى رجلا مصليا يعبث بلحيته - : " أما هذا لو خشع قلبه لخشعت جوارحه فإن الرعية بحكم الراعي " ولهذا ورد في الدعاء " اللهم أصلح الراعي والرعية " وهو القلب والجوارح .


وأماالركوع والسجود : فينبغي أن تجدد عندهما ذكر كبرياء الله سبحانه وترفع يديك مستجيرا بعفو الله عز وجل من عقابه ، ثم تستأنف له ذلا وتواضعا بركوعك ، وتجتهد في ترقيق قلبك وتجيد خشوعك وتستشعر ذلك وعز مولاك واتضاعك وعلو ربك ، وتستعين على تقرير ذلك في قلبك بلسانك فتسبح ربك وتشهد له بالعظمة وأنه أعظم من كل شيء عظيم ، وتكرر ذلك على قلبك لتؤكده بالتكرار . ثم ترتفع من ركوعك مؤكدا للرجاء في نفسك بقولك : " سمع الله لمن حمده " أي أجاب لمن شكره ، ثم تردف ذلك بالشكر المتقاضي للمزيد فتقول : " ربنا لك الحمد " وتكثر الحمد بقولك : " ملء السماوات وملء الأرض " ، ثم تهوي إلى السجود وهو أعلى درجات الاستكانة فتمكن أعز أعضائك وهو الوجه من أذل الأشياء وهو التراب ، وإن أمكنك أن لا تجعل بينهما حائلا فتسجد على الأرض فافعل ، فإنه أجلب للخشوع وأدل على الذل ، وإذا وضعت نفسك موضع الذل فاعلم أنك وضعتها موضعها ورددت الفرع إلى أصله ، وأنك من التراب خلقت وإليه تعود ، فعند هذا جدد على قلبك عظمة الله وقل : " سبحان ربي الأعلى " وأكده بالتكرار فإن الكرة الواحدة ضعيفة الآثار ، فإذا رق وظهر ذلك فلتصدق رجاءك في رحمة الله فإن رحمته تسارع إلى الضعف والذل لا إلى التكبر والبطر ، فارفع رأسك مكبرا وسائلا حاجتك وقائلا : " رب اغفر وارحم " ثم أكد التواضع بالتكرار فعد إلى السجود ثانيا كذلك .


وأماالتشهد : فإذا جلست له فاجلس متأدبا وصرح بأن جميع ما تدلي به من الصلوات والطيبات أي من الأخلاق الطاهرة لله ، وكذلك الملك لله وهو معنى التحيات ، وأحضر في قلبك النبي - صلى الله عليه وسلم - وقل : " سلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته " ، وليصدق أملك في أنه يبلغه ويرد عليك ما هو أوفى منه ، ثم تسلم على نفسك وعلى عباد الله الصالحين ، ثم تأمل أن يرد الله سبحانه عليك سلاما وافيا بعدد عباده الصالحين ، ثم تشهد له تعالى بالوحدانية " ولمحمد " [ ص: 41 ] نبيه - صلى الله عليه وسلم - بالرسالة مجددا عهد الله سبحانه بإعادة كلمتي الشهادة ومستأنفا للتحصن بها ، ثم ادع في آخر صلاتك بالدعاء المأثور مع التواضع والخشوع والضراعة والابتهال وصدق الرجاء بالإجابة ، وأشرك في دعائك أبويك وسائر المؤمنين ، واقصد عند التسليم السلام على الملائكة والحاضرين ، وانو ختم الصلاة به ، واستشعر شكر الله سبحانه على توفيقه لإتمام هذه الطاعة ، ثم أشعر قلبك الوجل والحياء من التقصير في الصلاة ، وخف أن لا تقبل صلاتك وأن تكون ممقوتا بذنب ظاهر أو باطن فترد صلاتك في وجهك وترجو مع ذلك أن يقبلها بكرمه وفضله .

هذا تفصيل صلاة الخاشعين ( الذين هم في صلاتهم خاشعون ) [ المؤمنون : 2 ] ( والذين هم على صلواتهم يحافظون ) [ المعارج : 34 ] و ( الذين هم على صلاتهم دائمون ) [ المعارج : 23 ] والذين هم يناجون الله على قدر استطاعتهم في العبودية . فليعرض الإنسان نفسه على هذه الصلوات فبالقدر الذي يسر له منها ينبغي أن يفرح ، وعلى ما يفوته ينبغي أن يتحسر ، وفي مداواة ذلك ينبغي أن يجتهد . وأما صلاة الغافلين فهي مخطرة إلا أن يتغمده الله برحمته . نسأله تعالى أن يتغمدنا برحمته ومغفرته إذ لا وسيلة لنا إلا الاعتراف بالعجز عن القيام بطاعته .

ومفتاح مزيد الدرجات هي الصلوات ، قال الله عز وجل : ( قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون ) [ المؤمنون : 1 ، 2 ] فمدحهم بعد الإيمان بصلاة مخصوصة وهي المقرونة بالخشوع ، ثم ختم أوصاف المفلحين بالصلاة أيضا فقال : ( والذين هم على صلواتهم يحافظون ) [ المعارج : 34 ] ثم قال تعالى في ثمرة تلك الصفات : ( أولئك هم الوارثون الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون ) [ المؤمنون : 10 ، 11 ] فوصفهم بالفلاح أولا وبوراثة الفردوس آخرا . وما عندي أن هذرمة اللسان مع غفلة القلب تنتهي إلى هذا الحد ، ولذلك قال الله عز وجل في أضدادهم ; ( ما سلككم في سقر قالوا لم نك من المصلين ) [ المدثر : 42 ، 43 ] فالمصلون هم ورثة الفردوس وهم المشاهدون لنور الله تعالى والمتمتعون بقربه ودنوه من قلوبهم ; فنسأل الله أن يجعلنا منهم .
يتبع .......
اللهم صل على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا كبيرا

_________________
اللهم صل على سيدنا ومولانا محمد عدد من صلى عليه في الأرض وعدد من صلى عليه في السماء وعدد من صلى عليه بين ذلك وعدد صلواتهم وبمثل صلواتهم صلى وسلم وبارك عليه وآله وصحبه ومن صلى عليه وسلم تسليما كثيرا كبيرا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: أسرار الصلاة ومهماتها
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين فبراير 22, 2016 11:27 pm 
غير متصل

اشترك في: الاثنين يوليو 27, 2015 9:27 am
مشاركات: 2116
سيدي وعمي ومولانا الدكتور محمود صبيح
وجدت وانا أقرأ في هذا الكتاب

موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين
طتاب أسرار الصلاة ومهماتها
الشيخ محمد جمال الدين القاسمي

يضيف لأبن تيمية خلال شرحه
فهل تدلني على فقهاء من المذهب الشافي رحمه الله وقدس الله سره لأتعلم منهم
وجزاكم الله خيرا

_________________
اللهم صل على سيدنا ومولانا محمد عدد من صلى عليه في الأرض وعدد من صلى عليه في السماء وعدد من صلى عليه بين ذلك وعدد صلواتهم وبمثل صلواتهم صلى وسلم وبارك عليه وآله وصحبه ومن صلى عليه وسلم تسليما كثيرا كبيرا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 8 مشاركة ] 

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 5 زائر/زوار


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
© 2011 www.msobieh.com

جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في المنتديات تعبر عن رأي أصحابها فقط