موقع د. محمود صبيح

منتدى موقع د. محمود صبيح

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 3 مشاركة ] 
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة: إعلام الراكع الساجد بمعنى اتخاذ القبور للعلامه السيد الغماري
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين مارس 17, 2008 1:10 am 
غير متصل

اشترك في: الجمعة إبريل 28, 2006 11:18 pm
مشاركات: 4039
مكان: الديار المحروسة
[align=center]
[font=Andalus]إعلام الراكع الساجد
بمعنى
اتخاذ القبور مساجد




للإمام الحافظ الحجة أبي الفضل
عبد الله بن محمد الصديق الغماري[/font]
[/align]


[center][table=width:100%;background-color:white;background-image:url();border:5 double green;][cell=filter:;][align=right]بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة

الحمد لله الواحد المنزه عن الصاحبة والولد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد النبي الأمين ، وعلى آله الطاهرين ، ورضي الله عن صحابته والتابعين ..
وبعد : فهذا جزء سميته (( إعلام الراكع الساجد بمعنى اتخاذ القبور مساجد )) تكلمت فيه على حديث (( لعن الله اليهود ، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد )) وشرحت معناه ، وبينتما فيه من أشكال لم ينتبه له جميع شراح الحديث فيما أعلم ، وأسأل الله التوفيق والسداد ، فهو الهادي إلى سبيل الرشاد ..
المؤلف
عبد الله الصديق الغماري

تخريخ الحديث
روي عن الشيخان وغيرهما عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال { قاتل الله اليهود اتخذوا من قبور أنبائهم مساجد } وفي رواية لمسلم { لعن الله اليهود } الحديث .
وروى الشيخان أيضاً عن عائشة وابن عباس صلى الله عليه وعلى آله وسلم قالا : لما نزل برسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، طفق يطرح خميصة له على وجهه ، فإذا اغتنم كشفها عن وجهه ، فقال وهو كذلك { لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا من قبور أنبيائهم مساجد }
وفي صحيح مسلم عن جندب قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قبل أن يموت بخمس وهو يقول { ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد ، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد أني أنهاكم عن ذلك } .
وللحديث طرق ستأتي إن شاء الله تعالى .
معنى الحديث اتخاذ القبور مساجد
السجود لها على وجه تعظيمها وعبادتها ، كما يسجد المشركون للأصنام والأوثان وهو شرك صريح .
وهذا المعنى ، منطوق اللفظ وحقيقته ، وثبتت أحاديثه مبينة له ومؤيدة منها :
حديث عائشة عن الشيخين قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم في مرضه الذي لم يقم منه { لعن الله اليهود والنصارى اتخذو قبور أنبيائهم مساجد } قالت : فلولا ذلك ، أبرزوا قبره ، غير أنه خشي أن يتخذ مسجداً أي يسجد له .
قال القاضي عياض : شدد في النهي عن ذلك ، خوف أن يتناهى في تعظيمه ، ويخرج عن حد المبرة إلى حد النكير فيعبد من دون الله عز وجل ، ولذا قال صلى الله عليه وعلى آله وسلم { اللهم لا تجعل قبري وثناً يعبد } لأن هذا الفعل كان أصل عبادة الأوثان ولذا لما كثر المسلمون في عهد عثمان واحتيج إلى الزيادة في المسجد وامتدت الزيادة حتى أدخلت فيه بيوت أزواجه صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، أدير على القبر المشرف حائط مرتفع ، كي لا يظهر القبر في المسجد ، فيصلى إليه العوام ، فيقعوا في اتخاذ قبره مسجداً ثم بنوا جدارين من ركني القبر الشماليين وحرفوهما حتى التقيا على زاوية مثلثة من جهة الشمال ، حتى لا يمكن استقبال القبر في الصلاة ، ولذا قالت : لولا ذلك لبرز قبره اهـ .
وهذا يبين أن اتخاذ القبر مسجداً ، هو السجود له ..
ومنها : ما رواه ابن سعد في الطبقات بإسناد صحيح عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم { اللهم لا تجعل قبري وثناً لعن الله قوماً اتخذوا من قبور أنبيائهم مساجد } جملة لعن الله قوماً ، بيان لمعنى جعل القبر وثناً .
ومعنى الحديث : اللهم لا تجعل قبري وثناً يسجد له ويعبد كما سجد قوماً لقبور أنبيائهم
ومنها : ما رواه البزار عن أبي سعيد الخدري : أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال { اللهم إني أعوذ بك من أن يتخذ قبري وثناً فإن الله تبارك وتعالى اشتد غضبه على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد} إسناده ضعيف ، لكن حديث أبي هريرة شاهد له .
ومنها : ما رواه ابن سعد في الطبقات قال : أخبرنا معن ابن عيسى ، أخبرنا مالك بن أنس ، عن زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال { اللهم لا تجعل قبري وثناً يعبد . اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد } مرسل صحيح الإسناد .
ومنها : ما رواه ابن أبي شيسبة ، حدثنا أبو خالد الأحمر ، عن ابن عجلان ، عن زيد بن أسلم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم { اللهم لا تجعل قبري وثناً يصلى له ، اشتد غضب الله على قوم ، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد } ورواه عبد الرازق ، عن معمر ، عن زيد به وإسناده صحيح . تقرر في علم المعاني : أن الجملتين إذا كانتا بمعنى واحد فإنهما يجردان عن العاطف ، كما في هذه الأحاديث ، لإفادة اتحادهما في المعنى .
هل للحديث معنى آخر ؟
ذكر كثير من شراح الحديث : أن اتخاذ القبور مساجد يحتمل معنيين : السجود لها وعبادتها ، كما سبق . وبناء المساجد عليها ، وهذا المعنى خطأ لا يصح ، وبيان ذلك من وجوه :
الأول : أنه مجاز ، والمجاز لا يجتمع مع الحقيقة في كلمة ، كما تقرر في علم البيان وهو الراجح عند جمهور الأصوليين .
الثاني : وعلى القول الضعيف بجواز اجتماعهما ، فإنما يمكن ذلك إذا كان في سياق نفي ، فيصح نفي الحقيقة ، والمجاز معاً في كلمة ، كأن يقال : ما رأيت أسداً ، ويراد الحيوان المفترس والرجل الشجاع ، والنفي أوسع دائرة من الإثبات . والفعل في الحديث مثبت ، وهو اتخذوا ، والفعل المثبت لا يعم ، فلا يراد به إلا الحقيقة ..
الثالث : أن بناء المساجد على القبور ، ثبت فيه حديث بخصوصه وهذا يبين أنهما معنيان مختلفان بالحقيقة والمجاز ..[/align]
[/cell][/table][/center]

_________________
صورة


أنا الذى سمتنى أمى حيدره

كليث غابات كريه المنظره

أوفيهم بالصاع كيل السندره


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين مارس 17, 2008 1:13 am 
غير متصل

اشترك في: الجمعة إبريل 28, 2006 11:18 pm
مشاركات: 4039
مكان: الديار المحروسة
[center][table=width:100%;background-color:white;background-image:url();border:4 double green;][cell=filter:;][align=right]بناء المساجد على القبور

روى الشيخان عن عائشة رضي الله عنها أن أم حبيبة وأم سلمة رضي الله عنهما ذكرتا كنيسة رأيناها بالحبشة ، فيها تصاوير لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم { أن أولئك إذا كان فيهم الرجل الصالح فما بنوا على قبره مسجداً ، وصوروا فيه تلك الصور أولئك شرار الخلق عند الله يوم القيامة } ؟
فهذا الحديث وراد في بناء المسجد على القبر ، ومن ضمه إلى حديث اتخاذ القبور مساجد ، وجعل معناهما واحد فقد أخطأ ووهم وهماً كثبيراً ، يظهر ذلك بكلام على معنى الحديث وشرحه ، فقوله { أولئك شرار الخلق } قال الأبي : الأظهر في الإشارة أنها لمن نحت وعبد وأن كانت لمن نحت فقط فيحتمل كونهم شرار بتصويرهم ، لحديث وعيد المصورين ، فذم أولئك ليس لبنائهم المسجد ولكن لنحتهم التصاوير يؤيد هذا أن البخاري قال في الصحيح : باب الصلاة في البيعة وقال عمر رضي الله عنه : أنا لا ندخل كنائسكم من أجل التماثيل التي فيها الصور ، وكان ابن عباس يصلي في البيعة إلا بيعة فيها تماثيل ، قال الحافظ : أثر عمر وصله عبد الرازق من طريق أسلم مولى عمر قال : لما قدم الشام صنع له رجل من النصارى طعاماً وكان من عظمائهم وقال : أحب أن تجيبني وتكرمني ، فقال له عمر : أنا لا ندخل كنائسكم إلخ ..
وأثر بن عباس وصله البغوي في الجعديات ، وزاد : فإن كان فيها تماثيل ، خرج فصلى في المطر ، أي في محل بارز للمطر ، فصح أن الذكم في الحديث لنحت التصاوير والتماثيل ، لا لبناء المسجد ، لأنه مكان للعبادة لا ذم يلحق فاعله ، أما قول ابن عباس : لعن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم زائرات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج فهو وأن حسنه الترمذي حديث ضعيف ، في سنده أبو صالح اسمه باذان ويقال باذام ضعيف مدلس وكيف يلعن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم زائرات القبور مع أنه أباح لهن زيارتها ؟ .
وأخرج ابن سعد في الطبقات : أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء أخبرنا عوف عن الحسن ، قال : ائتمروا أن يدفنوه صلى الله عليه وعلى آله وسلم في المسجد فقالت عائشة : كان واضعاً رأسه في حجري إذ قال { قاتل الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد } فأجتمع رأيهم أن يدفنوه حيث قبض في بيت عائشة .
قلت : عزم الصحابة على دفنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم في المسجد ، إذ لم يروا في ذلك حرجاً ، لكن منعهم حديث عائشة وخاف أن يتخذ قبره مسجداً يسجد له ، وقال البيضاوي : لما كانت اليهود والنصارى يسجدون لقبور أنبيائهم تعظيماً لشأنهم ويجعلونها قبلة يتوجهون في الصلاة نحوها ، واتخذوها أوثاناً ، لعنهم ومنع المسلمين على مثل ذلك ، فأما من اتخذا مسجداً في جوار صالح ، وقصد التبرك بالقرب منه ، لا للتعظيم له ، ولا التوجه نحوه فلا يدخل في ذلك الوعيد اهـ .
وقال التوربشتي في شرح المصابيح في حديث ( لعن الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مسجد ) هو مخرج على وجهين :
أحدهما : كانوا يسجدون لقبور الأنبياء ، تعظيماً لهم وقصد العبادة في ذلك .
وثانيهما : أنهم كانوا يرون الصلاة في مدافن الأنبياء وأتوجه إلى قبورهم في حالى الصلاة والعبادة لله نظراً منهم أن ذلك الصنيع أعظم موقعاً عند الله ، لاشتماله على الأمرين : عبادة ومبالغة في تعظيم الأنبياء .
وكلا الطريقين غير مرضيه . أما الأولى فشرك جلي ، وأما الثانية فلما فيها من معنى الإشراك بالله عز وجل ، وإن كان خفياً ، والدليل على ذم الوجهين قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم { اللهم لا تجعل قبري وثناً ، اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد } والوجه الأول أظهر وأشبه اهـ .[/align]
[/cell][/table][/center]

_________________
صورة


أنا الذى سمتنى أمى حيدره

كليث غابات كريه المنظره

أوفيهم بالصاع كيل السندره


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين مارس 17, 2008 1:15 am 
غير متصل

اشترك في: الجمعة إبريل 28, 2006 11:18 pm
مشاركات: 4039
مكان: الديار المحروسة
[center][table=width:100%;background-color:white;background-image:url();border:3 double green;][cell=filter:;][align=right]إشكال

قال الحافظ في فتح الباري عند الكلام على حديث صلى الله عليه وعلى آله وسلم لعن الله اليهود والنصارى } ما نصه: وقد استشكل ذكر النصارى فيه ، لأن اليهود لهم أنبياء ، بخلاف النصارى ، فليس بين عيسى وبين نبينا صلى الله عليه وعلى آله وسلم نبي غيره ، وليس له قبر .
والجواب : أنه كان فيهم أنبياء أيضاً لكنهم غير مرسلين كالحواريين ومريم في قول ، أو الجمع في قوله أنبيائهم بإزاء المجموع من اليهود اليهود والنصارى ، أو المراد الأنبياء وكبار أتباعهم ، فاكتفى بذمر الأنبياء ، ويؤيد قوله في رواية مسلم { كانوا يتخذون قبورأنبيائهم وصالحيهم مساجد } .
ولهذا لما أفرد النصارى في الحديث الذي سبق – يعني حديث الكنيسة – قال { إذا مات فيهم الرجل الصالح } ولما أفرد اليهود في الحديث الذي بعده قال { قبور أنبيائهم } أو المراد بالاتخاذ أعم من أن يكون ابتداعاً أو اتباعاً فاليهود ابتدعت والنصارى اتبعت ، ولا ريب أن النصارى تعظم قبور كثير من الأنبياء ، الذين تعظمهم اليهود اهـ ..
إشكال آخر
حديث { لعن الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد } حديث صحيح ، لكن فيه إشكال ، لم أجد من تنبه له أو أشار إليه ولم أهتد لحله ، والجواب عنه .
فمن وجد جواباً صحيحاً مقنعاً فليبينه مشكوراً ، مثاباً عليه عند الله تعالى ، نسأله سبحانه أن يوفقنا لفهم كلام رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، فهماً صحيحاً ، موافقاً لقواعد الشريعة ، وبالله التوفيق ، والإشكال المشار إليه ، يتبين بوجوه :
الوجه الأول :
أن اليهود لعنهم الله نسبوا إلى الله مالا يليق بجلاله .
قالوا : أن الله فقيراً ونحن أغنياء ، وقالوا : يد الله مغلولة .
وقالوا : لما خلق الله السماوات والأرض استراح يوم السبت ونسبوا إلى الله الندم .
وقالوا : لما سلط عليهم بختنصر فقتل فيهم ، وشردهم إلى بابل ، ندم على ذلك ، وشد شعر رأسه حسرة وندامة ، ويعتقدون في الله أنه جسم ، تعالى عن قولهم علواً كبيراً فمن ينسب إلى الله هذه النقائص ، لا يتصور منه أن يتخذ قبور أنبيائه مساجد .
الوجه الثاني :
أن اليهود لعنهم الله ، آذوا أنبيائهم قال الله تعالى { يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا وكان عند الله وجيهاً } (1)
ثبت في الصحيحن عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم { كانت بنوا إسرائيل يغتسلون عراة ينظر بعضهم إلى سوءة بعض وكان موسى عليه السلام يغتسل وحده ، فقالوا : والله ما يمنع موسى أن يغتسل معنا إلا أنه أدر ، فذهب يغتسل يوماً فوضع ثوبه على حجر ، ففر الحجر بثوبه قال : فجمع موسى عليه السلام بآثاره ، يقول ثوبي حجر ثوبي ، حتى نظرت بنو إسرائيل إلى سوءة موسى وقالوا : والله ما بموسى من بأس ، فقام الحجر حين نظر ، فأخذا ثوبه فطفق بالحجر ضرباً } وللحديث طرق في صحيح البخاري وغيره .
ومع هذا طعن فيه الشيخ عبد الوهاب النجار في قصص الأنبياء ، وتكلم فيه بكلام دل على جهله بقواعد علم الحديث والأصول ، مع جرأته على القول بغير علم ولا تثبت .
وقال الله تعالى { وإذا قال موسى لقومه يا قوم لم تؤذونني وقد تعلمون أني رسول الله إليكم } (2) جاء في أذية قومه روايات :
منها : ما رواه الحاكم وصححه عن ابن عباس في قصة قارون أنه اتفق مع بني إسرائيل أن يتهموا موسى عليه السلام أنه زنى ببغي من بغاياهم .
ومنها : ما رواه الحاكم وغيره عن ابن عباس عن علي رضي الله عنه قال : صعد موسى وهارون الجبل ، فمات هارون عليه السلام فقالت بنوا إسرائيل لموسى عليه السلام : أنت قتلته ، كان أشد حباً لنا منك وألين ، فأذوه في ذلك .
فأمر الله الملائكة عليهم السلام ، فحملوه فمروا به على مجالس بني إسرائيل ، وتكلمت الملائكة بموته ، فبرأه الله من ادعائهم بقتله .
منها : قولهم له { اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة } (1)
ومنها : قولهم له { فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون } (2)
ومنها : أنهم رموه بالسحر والجنون ، وقد فعلوا هذا كله وغيره مع موسى عليه السلام وهو أكبر أنبيائهم وصاحب التوراة التي فيها شريعتهم .
وآذوا داود عليه السلام ، اتهموه بأنه عشق امرأة أوريا وزنى بها ، وأخبرته أنها حملت منه وخاف الفضيحة فأرسل إلى زوجهل وكان في غزوة ، بحجةأن يسأله عن سير القتال ، وقصد أن يلم بزوجته ، فتنتفي التهمة عنه ، ولكن أوريا كان تقياً ، لم يحب أن يتمتع بزوجه ، وإخوانه في القتال ، فنام على باب داود ، فأرسل إلى قائد الجيش يأمره أن يجعل أوريا في الذين يحملون التابوت فلا يرجع حتى يموت أو ينتصر ، فمات ، وهي القصة المشار إليها في القرآن بنبأ الخصم ، غير أن المفسرين لطفوها فقالوا : إنه لما رأى امرأة أوريا وأعجبته طلب من زوجها أن يتنازل عنها له ، والقصة مكذوبة من أصلها ، بجميع ما قيل فيها ، كما بينته قصة داود عليه السلام ..
وأنكروا نبوة سليمان عليه السلام ، وقالوا : كان ملكاً حكيماً بنى ملكه على السحر ، قال اله تعالى { واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان } (3)

وقالوا عن عيسى عليه السلام إنه ابن يوسف النجار ورموا مريم عليها السلام بالزنا ، قال الله تعالى { وقولهم على مريم بهتاناً عظيماً } (4)
فكيف تتفق أذيتهم للأنبياء ، مع اتخاذ قبورهم مساجد ؟
الوجه الثالث :
أن اليهود لعنهم الله قتلة الأنبياء والصالحين ، سجل الله عليهم ذلك في عدة آيات من القرآن الكريم ، في سورة البقرة :
{ ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيينبغير الحق } الآية 61
{ أفكلما جاءكم رسول بملا تهوى أنفسكم استكبرتم ففريقاً كذبتم وفريقاً تقتلون } الآية 87
{ قل فلم تقتلون أنبياء الله من قبل إن كنتم مؤمنين } آية 91
وفي سورة آل عمران :
{ إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (21) }
{ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ } آية 112
{ لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الحَرِيقِ } (181)
{ قُلْ قَدْ جَاءَكُمْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِي بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوَهُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } (183)
وفي سورة المائدة
{ لَقَدْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَأَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ رُسُلاً كُلَّمَا جَاءَهُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَى أَنفُسُهُمْ فَرِيقاً كَذَّبُوا وَفَرِيقاً يَقْتُلُونَ (70) }
وفي سورة النساء
{ فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِم بِآيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ } آية 155
وفي هذه الآيات نكتتان :
أحداهما : أن التعبير بالفعل المضارع ( يقتلون ) يفيد أن قتل اليهود للأنبياء عليهم السلام ، يتجدد مرة بعد أخرى ، ولم ينقطع في وقت من الأوقات ..
والأخرى : أنه قوله تعالى { أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَى أَنفُسُـكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ (87) }
لفظ كلما فيهما يفيد التكرار والعموم ، والمعنى أ، اليهود في جميع عصورهم ، لا يخلوا حالهم مع أنبياءهم من أمرين : التكذيب والقتل ، ولا يمكن أن يقال : مر عليهم عصراً لم يقتلوا فيه نبياً أو صالحاً ، وينبني على هذا .
الوجه الرابع:
أن قتل الأنبياء أمر عادي عند اليهود لعنهم الله ، لا يرون فيه ما ينكر ويستقبح ، بل قد يفتخرون به ، كما في شأن عيسى عليه السلام ، زعموا أنهم قتلوه ، وقالوا متبجحين مستهزئين { إِنَّا قَتَلْنَا المَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ } (1) .
الوجه الخامس :
أنهم لإصرارهم على عادتهم الخبيثة في قتل الأنبياء ، حاولوا قتل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم مرتين مع أنهم كانوا ينتظرون ظهوره ، ويستنصرون به إذا حاربوا أعدائهم ، قال الله تعالى
{ فَلَمَّا جَاءَهُم مَّا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الكَافِرِينَ (89) } (2) .
ثبت في الصحيحن وغيرهما أنهم سموا ذراع شاة وقدموها للنبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ، فذاق منها وأخبرته الذراع أنها مسمومة ، وبقي أثرها يعاوده كل سنة حتى قال عند انتقاله إلى الرفيق الأعلى { ما زالت أكلة خيبر تعاودني حتى كان هذا أوان انقطع أبهري } فمات صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم شهيداً .
ومرة أخرى خرج النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم إلى يهود بني النضير يستعينهم في دية قتيلين من حلفائهم ، فقالوا : نعم يا أبا القاسم نعينك على ما أحببت مما استعنت بنا عليه ، اجلس حتى تطعم وترجع بحاجتك وجلس النبي بجانب جدار من بيوتهم ، فخلا بعضهم ببعض وقالوا : إنكم لم تجدوا الرجل على مثل حليه فمن رجل يعلوا البيت فيلقي عليه صخرة فيريحنا منه ؟ فانتدب لذلك عمر بن جحاش ، فقال : أنا لذلك ، وصعد ليلقي عليه ضخرة كما قال ، فأتى الخبر إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم من السماء بما أرادوا به من الغدر فقام راجعاً إلى المدينة ، ومعه أبو بكر وعمر وعلي وغيرهم من الصحابة .
فتاريخ اليهود لعنهم الله ، سلسلة اعتداءات متوالية كفروا بآيات الله ، وكذبوا أنبيائهم وآذوهم وقتلوهم وقتلوا صلحائهم ، ونفوا نبوة سليمان وقتلوا يحيى وزكريا ، وقدموا رأس يحيى هدية لراقصة عاهرة ..
فكيف يمكن مع هذا أن يتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ؟

الوجه السادس :
أنه لا يعرف قبر نبي إسرائيلي ، أو صالح منهم ، في مكان معين بالتحديد ، فكيف يتخذون قبورهم مساجد وهم يجهلونها ؟ وقال زكرة بن عبد الله سمعت النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول ( لو أعرف قبر يحيى بن زكريا لزرته ) قال ابن عبد البر إسناده ليس بالقوي فضعفه قريب (1) .
الوجه السابع :
أن اليهود يؤمنون بإله واحد ، وإن كانوا يعتقدون فيه بالتجسيم والتشبيه ، وكنائسهم خالية لا قبر فيها ولا صورة ، والطائفة العزيزية منهم ، انقرضت قبل عهد النبوة ، وهم لا يعرفون قبر عزيز أيضاً .
الوجه الثامن :
أن القرآن العظيم ذكر أنواع المعبودات التي عبها المشركون ، من عهد نوح عليه السلام ، فذكر الملائكة وعيسى وعزيرا والشيطان وفرعون والجن والشمس والقمر والشعرى والكواكب ووداً وسواعاً ويغوث ويعوق ونسرا وعجل السامري وبعلا واللات والعزى ومناه والتماثيل والأصنام ، وجاء في كتب السيرة ذكر اساف ونائلة وهبل والنار معبودة فارس ، ولم يأت في القرآن ولا كتب السيرة أن قبراً عبد من دون الله أو حصل به إشراكاً كما حصل في المعبودات المذكورة .

الخلاصة
يتلخص مما مر أمور :
أحداها : أن حديث لعن الله اليهود موقوف عن العمل به حتى يوجد وجه للجمع بينه وبين ما سبق من الوجوه المذكورة ، لأنه لا يجوز العمل بدليل مع وجود ما يعارضه .
ثانيها : أن السجود للقبور وعبادتها ، شرك صريح معلوم من الدين بالضرورة ، كعبادة الأوثان والأصنام .
ثالثها : أن بناء المسجد على القبر غير اتخاذه مسجداً ، وغير دفن الميت في مسجد مبني
أما الأول : فقد بيناه فيما سبق بدليله .
وأما الآخر : فقال ابن سعد في الطبقات : أخبرنا محمد بن عبد الله الأنصاري أخبرنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ، ويحيى بن عبد الرحمن بن حاطب ، قالا :
قال : أبو بكر أبين يدفن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ؟ قال قائل منهم عند المنبر وقال قائل منهم : حيث كان يصلي يؤم الناس .
وقال أيضاً : أخبرنا معن بن عيسى أخبرنا مالك بن أنس أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لما توفى قال ناس يدفن عند المنبر .
فهؤلاء الناس لم يشيروا بدفنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم عند المنبر أو حيث يؤم الناس ، إلا لعلمهم بأن هذا لايدخل في بناء مسجد على القبر وهؤلاء كانوا صحابة .
وهنا ينتهي ما أردته من الكلام على معنى اتخاذ القبور مساجد ، وفي كتاب ( إتقان الصنعة في تحقيق معنى البدعة ) تكلمت على الصلاة في مسجد فيه قبور وبينت صحتها ، فلينظره من أراد ذلك ..

وبالله التوفيق[/align]
[/cell][/table][/center]

_________________
صورة


أنا الذى سمتنى أمى حيدره

كليث غابات كريه المنظره

أوفيهم بالصاع كيل السندره


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 3 مشاركة ] 

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 6 زائر/زوار


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
© 2011 www.msobieh.com

جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في المنتديات تعبر عن رأي أصحابها فقط