إذا أردت أن تكون عبدا فدع تدبيرك لتدبيره، وتصريفك لتصريفه، وإرادتك لإرادته. طالما أنت سلمت لله تدبيرك وتصريفك وإرادتك فأنت مازلت عندك قدرة, وقد تسترد تدبيرك وتصريفك وإرادتك مرة أخرى. ما هذه بالعبودية المحضة. العبد المحض كله لله, ما عنده إرادة ولا تصريف ولا اختيار حتى يسلمه لله. اختياره اختاره له الله. كيف يكون عبدا محضا وقد تجلى عليه بأسماء فيها قهر وقوة وتجبُّر, قد تجلى عليه بأسماء القهار والمهيمن والمسيطر, تجلى عليه بأسماء الكمال والجلال والجمال. كيف يكون عبدا محضا وأسماء الربوبية تجلى الله عليه بها حيث لا أحد له فيها نصيب مثله؟ تقول: رب البيت, ورب الأسرة وربة منزل, قال النبى صلى الله عليه وآله وسلّم : " ربى قتل ربك ". العبد المحض هو الذى لا يُشم منه رائحة ربوبية قط. تظهـر أفعالـه بالله ومن الله وعن الله وفى الله ولله. عبد الله قيل فيه قال تعالى: (وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ( )الرحمن 46). قالوا للمشايخ والعارفين: احذر من مقام تربيتك للمريدين فتقهرهم، أو أن تظن بأن تصريفك لهم هو لك, خف من مقام الربوبية فيهم وفى الخلق، وقل كما قال عبد الله الحق صلى الله عليه وآله وسلّم : " آكل كما يأكل العبد وأجلس كما يجلس العبد ". قال رجل من أهل الله: العبد الآبق ( الهارب ) يحلقون له رأسه عند الرجوع إلى مولاه, نوع من أنواع الذل والإذلال. ولما كان الحج أو العمرة مظهر من مظاهر العبودية, لبيك اللهم لبيك, يحلق للعبد رأسه, لذلك قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم : " رحم الله المحلقين، قالوا: والمقصرين يا رسول الله، قال: رحم الله المحلقين، قالوا: والمقصرين يا رسول الله، قال: رحم الله المحلقين، قالوا: والمقصرين يا رسول الله، قال: والمقصرين."
_________________ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ كُنَّا إِذَا احْمَرَّ الْبَأْسُ وَلَقِيَ الْقَوْمُ الْقَوْمَ اتَّقَيْنَا بِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَمَا يَكُونُ مِنَّا أَحَدٌ أَدْنَى إِلَى الْعَدُوِّ مِنْهُ
|