موقع د. محمود صبيح https://www.msobieh.com:443/akhtaa/ |
|
عظمته صلى الله عليه وسلم وشيء من سيرته الباهرة وآياته الظاهر https://www.msobieh.com:443/akhtaa/viewtopic.php?f=7&t=34189 |
صفحة 1 من 1 |
الكاتب: | حليمة [ الأحد نوفمبر 29, 2020 8:08 pm ] |
عنوان المشاركة: | عظمته صلى الله عليه وسلم وشيء من سيرته الباهرة وآياته الظاهر |
عظمته صلى الله عليه وسلم وشيء من سيرته الباهرة وآياته الظاهرة لفضيلة الشيخ/ يوسف الدجوي تعرف عظمة الرجل بتحليل نفسيته الكبيرة وأخلاقه الرفيعة، ثم بآثاره الخالدة، ولا نجد نفسية أعظم من نفسيته عليه السلام ولا آثارًا كآثاره وكل من تتبع شريف أحواله وما اشتملت عليه سيرة حياته وطالع جوامع كلمه وحسن شمائله وبدائع سياسته ولطف دعوته ورفيع حكمته وعلمه بمجامع السعادات وسوقه إليها بالوسائل المختلفة والطرق العجبية التي تفوق كل ما جاء في حكمة الحكماء وسير العلماء، وما تم له من سياسة الخلق وتقرير الشرائع وتأصيل الآداب الكريمة والشيم الحميدة إلى فنون العلوم المختلفة دون تعليم ولا مدارسة ولا مطالعة كتب من تقدم ولا الجلوس إلى العلماء والحكماء، بل هو نبي أمي لم يعرف شيئا من ذلك حتى شرح الله صدره، وأبان أمره وعلمه ما لم يكن يعلم، وكان فضل الله عليه عظيمًا، وقد أشير إلى ذلك بقوله تعالى: {وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ * بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ } [العنكبوت: 48، 49] {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ } [الشورى: 52] {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ } [الجمعة: 2] {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} [الجمعة: 4] نقول: كل من درس سيرة هذا الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم دراسة مدققة وعرف تاريخ حياته الشريفة معرفة تامة، لم يخالجه أقل ريب في أنه واسطة عقد الكمال، وأنه سيد الأولين والآخرين وأفضل الخلق أجمعين، على أن من يريد بيان كماله واستقصاء أحواله فإنما يحاول عدّ ما في البحر من درر أو استقصاء ما في السماء من نجوم : فإن فضل رسول الله ليس له ولنقرب لك ذلك بعض التقريب ولنفصله شيئا من التفصيل فنقول: إن فيما أتى به من الأوامر الحكيمة التي تكفل مصالح الدنيا والآخرة، وفي إرشاده إلى ما يكفل سعادة الأبد وراحة المجتمع وصفاء العيش، وفيما بينه من الحقائق وهدى الخلائق، وفيما أتى به مما يعرفه العقل جملة ويعجز عنه تفصيلا- ما يعلم به المنصف البصير أنه من العلم والمعرفة والخبرة في الغاية التي باين بها الخلق. فكل ما يعلم الناس أنه حق وأنه خير فهو أعلم منهم به، وهو بعد ذلك أنصح الخلق للخلق، وأبر الناس بالناس وأصدقهم فيما يقول وأقومهم فيما يفعل. وبعبارة أخرى نقول: إنه جمع ما لم يجتمع لأحد ولم يعهد مثله في السنن الطبيعية لإنسان، فإن من نظر إلى تدبيره الحروب مثلا وعرف أنه أتى فيها بأحسن الخطط قال إنه رجل حرب وجه كل همه وفكره لمجالدة الأعداء ورسم خطط الحروب، ومن كان كذلك لا يكاد يحسن غير ذلك . فإذا نظرت إلى زهده وعبادته حتى تورمت قدماه وكان يسمع لصدره أزيز كأزيزالمرجل من البكاء في الصلاة، وكان يطيل السجود حتى تظن عائشة أنه قد مات، تقول إنه رجل ترك الدنيا وما فيها فهو جاهل بها لا يحسن تدبيرها ولا العمل لها بوجه من الوجوه، فضلا عن إعداد الوسائل لقوم جهال متفرقين متوحشين؛ لأن يكونوا خيرا أمة أخرجت للناس، تغلب ولا تغلب وتقهر ولا تقهر ما دامت متمسكة يما جاء به. مقال نشر في مجلة الأزهر سنة1356هـ المجلد رقم 8،ص160 يتبع بمشيئة الله تعالى |
الكاتب: | حليمة [ الاثنين نوفمبر 30, 2020 4:42 pm ] |
عنوان المشاركة: | Re: عظمته صلى الله عليه وسلم وشيء من سيرته الباهرة وآياته ال |
(وإذا نظرت إلى وعظه الذي يأخذ بمجامع القلوب قلت إنه لا يحسن غير ذلك. وإذا نظرت إلى حسن ترتيبه وتعليمه الذي جعل السيدة عائشة تكون من أعلم العلماء بحيث تجرؤ على أن تخطئ عمر بن الخطاب وعبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس وهم من أكبر الصحابة وأعلمهم، وقد مات عنها وهي بنت ثماني عشرة سنة، وقد صار بفضل هذه التربية الحكيمة وتلك الأساليب العجيبة أبو هريرة أكبر من روينا عنه الشريعة في أربع سنين. إذا نظرت إلى ذلك كله قلت إنه من أكبر أساتذة علم النفس، حيث جاء بتلك النتائج الباهرة التي لم تعرف لأحد من علماء التربية وأساتذة علم الاجتماع حتى الآن؛ بل نقول: كان يجيئه الأعرابي فلا يمكث معه إلا قليلا من الزمن حتى يرجع عالما في نفسه معلما لقومه. وإذا صادفك التأييد ونظرت إلى ما كان من تأثيره في الأمة العربية رأيت العجب العجاب، فقد تبدلت طبائع العرب على اختلاف قبائلهم ونزعاتهم بهدايته صلى الله عليه وسلم من الظلم إلى العدل ومن الجهل إلى العلم ومن الفسق الفاحش إلى العدل العظيم الذي لم يبلغه أعظم الفلاسفة، وقد أسقطوا كلهم أولهم وآخرهم بفضل تعاليمه صلى الله عليه وسلم طلب الثأر وصحب الرجل منهم قاتل ابنه وأبيه، وأعدى الناس له صحبة الإخوة المتحابين دون خوف يجمعهم ولا رياسة ينفردون بها دون من أسلم من غيرهم ولا مال يتعجلونه. وقد علم الناس كيف كانت سيرة أبي بكر وعمر رضي الله عنهما وليس يغيب عنك أن جمهور أتباعه غرباء من غيرهم قومه، لم يمنهم بدنيا ولا وعدهم بملك بل بايعهم على ألا ينازعوا الأمر أهله، وأن يوطنوا أنفسهم على الأثرة عليهم، ولم يفعل ذلك لأقاربه أنفسهم ولا ترك لهم ميراثا يورث عنه، وهذا لا ينكره أحد من الناس. وخلاصة القول: أنه صلى الله عليه وسلم لم يشغله ظاهر عن باطن، ولا إصلاح الدنيا عن إصلاح الآخرة، ولا ما يهم النفوس والأبدان عما يمتع الأرواح والأسرار، ولا موجبات الغضب عن استعمال الحكمة، ولا غرو فهو ينظر في الأشياء بنظر الله فسيان حربه وسلمه. ثم انظر بعد ذلك إلى ما جاء به من مجامع السعادة للفرد والمجتمع، فتراه أوصاك بخاصتك من أهل بيتك وأقاربك، ثم أوصاك بجيرانك والأباعد عنك ثم على المسلمين وأهل الذمة، ثم أوصى الرئيس أن يرحم المرءوس والمرءوس أن يطيع الرئيس.) مقال نشر في مجلة الأزهر سنة1356هـ المجلد رقم 8،ص160 يتبع بمشيئة الله تعالى |
الكاتب: | حليمة [ الأربعاء ديسمبر 02, 2020 5:37 pm ] |
عنوان المشاركة: | Re: عظمته صلى الله عليه وسلم وشيء من سيرته الباهرة وآياته ال |
ومما ينبغي أن نعرفه من حكمته صلى الله عليه وسلم أنه كان يستعمل الشدة في موضعها والرحمة في موضعها، ولكنه متخلق بأخلاق الله القائل: "سبقت رحمتي غضبي" إلى غير ذلك مما ينبغي أن يوضع فيه كتاب مخصوص، وهذه أنظار واسعة لا يتأتى في العادة أن يحيط بها إنسان، وحكمة عالية تضع الأشياء في مواضعها بموازين القسط الدقيقة، وأكثر الحكماء إن أصابوا التشريع لم يمكنهم استعمال الحكمة ولا القدرة عليها عند التنفيذ والتطبيق، فقلما يطابق العلم العمل، وقلما يطابق العمل الصواب، وقلما يستطيع الإنسان الضغط على نفسه في ظروف كثيرة، وقلما ينجو العقل من تلبيس الهوى وجهل النفس وسلطان الشهوة التي تزين القبيح حتى تغطي العقل بغطاء كثيف لا يكاد ينفذ منه بصره إلى الحقيقة: حبك الشيء يعمى ويصم وإذا لا يستمد العقل إلا من العاطفة، وتكون هي المسيطرة عليه المملية له فلا ينظر إلا بعينها، ولا يسمع إلا بأذنها، ولديك أرباب العواطف من الأحزاب المختلفة في الدين والدنيا. وبالجملة فسيرة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم لمن تدبرها تقضي بتصديقه ضرورة، وتشهد له بأنه رسول الله صلى الله عليه وسلم حقًا فلو لم تكن له معجزة غير سيرته عليه السلام لكفى. فإنه صلى الله عليه وسلم نشأ في بلاد الجهل لا يقرأ ولا يكتب، ولا خرج عن تلك البلاد إلا خرجتين:إحداهما إلى الشام وهو صبي مع عمه إلى أول أرض الشام ثم رجع، والأخرى أيضًا إلى أول أرض الشام ولم يطل بها البقاء بل رجع بشهادة حبر من أحبار أهل الكتاب بنبوته عليه السلام، وهو بحيرا الراهب، وحبر آخر وهو نسطورا الراهب كما هو معروف. وناهيك ما وصلت إليه أمته بفضل تلك التربية حتى إنها في أقل من عشر سنين بعد وفاته فتحت أعظم ممالك الأرض إذ ذاك:(مملكة الفرس،ومملكة الرومان) وفي أقل من قرن وصلت من آسيا إلى الهند والصين ومن إفريقيا إلى أرض مراكش، ثم تخطتها إلى أوروبا، فأسست بها تلك المملكة الفيحاء- مملكة الأندلس- ووصلت إلى بردو من أرض فرنسا إلى غير ذلك مما دهش له التاريخ وعجب له فلاسفة أوروبا، وكل ذلك بفضل التربية النبوية الحكيمة. وقد قال جوستاف لوبون الفرنسي في حقهم وهو من أعظم فلاسفة أوروبا:"إن ملكة الفنون لا تستحكم في أمة من الأمم إلا في ثلاثة أجيال: جيل التقليد، وجيل الخضرمة، وجيل الاستقبال، وقد شذ العرب فوصلوا إلى الاستقلال في جيل واحد" وقال أيضًا:" ما عرف التاريخ فاتحا أعدل ولا أرحم من العرب". وقد أذكرني ذلك قول صاحب الهمزية في أصحابه صلى الله عليه وسلم: أغنياء نزاهة فقراء مقال نشر في مجلة الأزهر سنة1356هـ المجلد رقم 8،ص160 يتبع بمشيئة الله تعالى |
الكاتب: | حليمة [ الأحد ديسمبر 06, 2020 7:43 pm ] |
عنوان المشاركة: | Re: عظمته صلى الله عليه وسلم وشيء من سيرته الباهرة وآياته ال |
ثم نقول بعد ذلك: إن قوانين العالم المتمدين إلى الآن لم تصل إلى تلك الغايات السامية، ولا أتت بتلك السعادة المنشودة، ولا أورثتنا هناء ولا صفاء بل يمكننا أن نقول: إن تلك القوانين وهاتيك المدنيات الفاسقة ما زادت العالم إلا شقاء وبلاء، على أن سبب نهضتهم من كبوتهم واستيقاظهم من نومهم وإنقاذهم من جهالتهم إنما هو علم المسلمين والاحتكاك بهم، فإن مدينتهم لا تعنى إلا بالماديات فمحورها الذي تدور عليه هو المادة، فمنها يبدءون وإليها ينتهون، أما إصلاح النفوس وسعادة الإنسانية وراحة القلوب وهدوء الأفكار والتنعم بتلك الإحساسات الشريفة والملكات الفاضلة فهم بمعزل عنها؛ بل سرت عدواهم إلينا فأقفرت نفوسنا من فضائل ديننا وآداب أسلافنا، ولم تصل أيدينا إلى مثل دنياهم وقوتهم واتحادهم ونشاطهم فأصبحنا مستبعدين وقد كنا السادة، وجاهلين وقد كنا العلماء، وأذلة وقد كنا الأعزاء، وقد شط بنا القلم ولكنها نفثة مصدور، فلنرجع إلى ما كنا فيه فنقول: إن تشريعه صلى الله عليه وسلم لم يصل إليه تشريع إلى الآن، وقد مضى عليه أربعة عشر قرناً تقريباً، ذلك التشريع الذي تكفل بإصلاح النفوس والأبدان وضمن سعادة الدنيا والآخرة وحرم على أبنائه أن يكونوا أذلاء،فقال: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ } [المنافقون: 8] وقال في وصفهم أيضاً: {أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ} [المائدة: 54] وقال لهم بعد ما سلحهم بتلك الأسلحة وحلاهم بها تيك المكارم: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ } [آل عمران: 110] وقد قال في آية أخرى في وصفهم: {أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا} [الفتح: 29] وما أبهر هذه الآية في نفسي، فإنها تشير على ما بها من إيجاز إلى ما يجب أن تكون عليه الأمة مع أعدائها، وقد أشير إلى ذلك بقوله:( أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ) وإلى ما يجب أن يكون قانونها الداخلي بين أبنائها، وقد أشير إلى ذلك بقوله: (رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ) وإلى ما يجب أن يكون بينهم وبين الله، وقد أشير إلى ذلك بقوله: (تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا) (الفتح:29) فماذا بقى بعد هذا؟ أصلح ظواهرهم وبواطنهم ثم أرشدهم إلى ما يجب أن يعملوا مع أعدائهم، وما يجب أن يكونوا عليه فيما بينهم وما يجب أن يتحلوا به أمام خالقهم، وكم للقرآن من إيجاز وإعجاز! وقد أذكرني ذلك قول سديو الفرنسي:" لو وجد المصحف في فلاة لقلنا إنه كلام الله" وكم للمنصفين منهم من شهادات لدين الإسلام ونبي الإسلام! ويلتحق بذلك معجزات طبية وعلمية لا يمكننا أن نشير إليها إلا إشارة وجيزة، فإن الذي حرمه كلحم الخنزير مثلاً: تبين أن فيه ضررا كبيرا، فقد عرفوا الآن أن فيه ديدانا كثيرة، وأنه يولِّد الدودة الوحيدة. ووراء ذلك شيء كثير: كالخمر الذي حرمته أمريكا لما عرفت أضراره الكثيرة، والخمر تكنى عندنا بأم الخبائث. ومن تلك الآيات العلية قول القرآن: {وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ } [الحجر: 22] وما عرف تلقيح الرياح للأشجار، إلا من عهد قريب، وقوله { وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} [يونس: 61] ولم يكن في ذلك العهد شيء أصغر من الذرة، وإن كانت الميكروبات التي عرفنها أخيرا هي أصغر من الذرة، وكقوله: {وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ} [الذاريات: 49] ولم يعرف أن في النباتات ذكرًا وأنثى إلا منذ عهد قريب: { سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ} [يس: 36] مقال نشر في مجلة الأزهر سنة1356هـ المجلد رقم 8،ص160 يتبع بمشيئة الله تعالى |
الكاتب: | حليمة [ الخميس ديسمبر 10, 2020 7:17 pm ] |
عنوان المشاركة: | Re: عظمته صلى الله عليه وسلم وشيء من سيرته الباهرة وآياته ال |
وبعد: ففي القرآن من التعبير عن الحقائق ما تقضي منه العجب، حيث يعبر بالعبارات التي تساير كل عصر، وتتفق وكل اكتشاف حتى إذا تبين خطأ في تفسيرها بمقتضى اكتشاف جديد نسب لمفسري الآيات لا لها، ووجدت هي أكثر انطباقا على ما قضى به العلم الممحص والاكتشاف الجديد مما يدهش اللب، وينطق بأنه ما أنزله إلا الذي يعلم السر في السماوات والأرض. أفلا يحق له أن يقول بعد ذلك: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا} [الإسراء: 88] وإني أستحلفك بعلمك وإنصافك أن تنظر في هذه الآية نظر الباحث المدقق حتى تعلم أن مثل ذلك التحدي لا يجوز أن يكون إلا من الله تعالى بكافة الأشياء، وما عليه عباده من القوى والقدر ولا يتصور أن يقول ذلك مخلوق، ولا يتحدى جميع الخلق بمثل هذا عاقل، فإن العاقل لا يعرض نفسه للهزء والسخرية بتحدي الجن والإنس ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا. ومن هذا القبيل في الدلالة على صحة دعوته وصدق رسالته قوله: {يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ} [الأعراف: 157] وقوله في حق أهل الكتاب: {يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ} [البقرة: 146] وليس يعقل أن يعتقد مثل عبد الله بن سلام وهو من أكبر علماء التوراة كذب النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك ثم يؤمن به، أو يعتقد نصارى نجران كذبه ثم لا يجيبوه إلى المباهلة، بل ليس من المعقول أن يقيم صلى الله عليه وسلم برهانا على كذبه فيخاطبهم والتوراة بين أيديهم بمثل ذلك الخطاب، ثم يوبخهم ويقرعهم ويشافههم بأنهم يجدونه فيها، وأنهم يعرفونه كما يعرفون أبناءهم، ولا من المتصور أن يجتريء على ذلك وهو يعلم كذب نفسه إلى غير ذلك مما ينفرهم غاية التنفير، ويضعفه لديهم ويهون شأنه عليهم، والكاذب ضعيف حتى عند نفسه، ولو فعل ذلك من غير أن يكون له حقيقة لكان أول السفهاء وأكبر الجهلاء ولطعمت فيه أعداؤه، وما أسرع ما كان ينتقض بناؤه إلى آخر ما لا يمكننا الإفاضة فيه، ولا الوصول إلى خوافيه. آية أخرى{وَمَا نُرِيهِمْ مِنْ آيَةٍ إِلَّا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا} [الزخرف: 48]: ومن عجيب أمره وبديع حكمته صلى الله عليه وسلم أنه كان يأخذ القلوب إلى الله تعالى، ويملأ النفوس رغبة في ثوابه ورهبة من عقابه، ومع ذلك يرغب في العمل للمجتمع، ولم يحرم زينة الدنيا التي أخرج الله لعباده والطيبات من الرزق؛ بل فضل الأمور العامة التي ينتفع بها الناس على العبادات الخاصة كما قال في حق الذين خدموا إخوانهم في السفر في يوم شديد الحر: إنهم فازوا بالأجر كله، ولم يجعل ذلك للصائمين المتعبدين في ذلك اليوم، وقد ورد موقوفا أو مرفوعا:"اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا، واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا" وقال تعالى: {فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ } [الملك: 15] { فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ } [الجمعة: 10] مقال نشر في مجلة الأزهر سنة1356هـ المجلد رقم 8،ص160 يتبع بمشيئة الله تعالى |
الكاتب: | حليمة [ الأربعاء ديسمبر 16, 2020 8:00 pm ] |
عنوان المشاركة: | Re: عظمته صلى الله عليه وسلم وشيء من سيرته الباهرة وآياته ال |
ولكنه مع هذا حول كل شيء من أمور الدنيا للآخرة بالنية الصالحة والإخلاص لله، فصار كل شيء عند المسلمين طاعة بفضل هذا التعليم العالي، وأصبح من المقرر أن العمل المتعدي أفضل من العمل القاصر، فجمع لنا صلى الله عليه وسلم بذلك بين مصلحة الدنيا ومصلحة الآخرة على أتم الوجوه، وفي الوقت نفسه حفظنا من سفاسف الأخلاق ودنايا الخصال بفضل تلك المراقبة وذلك الإخلاص، فصار كل إنسان يحب لأخيه ما يجب لنفسه، ويعتبر منفعة أخيه منفعة له، إن لم يكن ذلك في الدنيا كان في الآخرة. وقد أذكرني هذا قول بعض العلماء: لم يبق بعد بعثة رسول الله صلى الله عليه وسلم أخلاق فاسدة أصلاً؛ لأنه صلى الله عليه وسلم أبان لنا عن مصارفها كلها من حرص وحسد وشر وبخل وخوف، وكل صفة مذمومة فمن أجراها على تلك المصارف عادت كلها مكارم أخلاق وزال عنها اسم الذم، فإذا صرفت ما فيك من الحرص والطمع إلى اكتساب الدرجات وفعل الطاعات، وما فيك من الحسد والمنافسة إلى النبوغ في العلم والحكمة وإحراز الزلفى عند الله- تعالى-، وما فيك من الغضب ومحبة الانتقام إلى أعداء الله وبذل الوسع في سبيل الله لإعلاء كلمة الله، وما فيك من شهوة السرف إلى صلة الأرحام وإغاثة الملهوف ومواساة الجيران والإخوان... إلخ كنت شخص الفضل ومثال الكمال، وعادت هذه الرذائل فضائل وتلك المنكرات وسيلة لأعظم الطاعات وعظيم الدرجات. وانظر إلى قوله صلى الله عليه وسلم لمن ركع دون الصف:"زادك الله حرصا ولا تعد" فعرفك بذلك فضيلة الحرص وأبان مصرفه الذي ينبغي أن يكون فيه. ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم:"لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله القرآن فهو يتلوه آناء الليل وآناء النهار، ورجل آتاه الله مالا فهو ينفقه آناء الليل وآناء النهار"؛ فانظر كيف وجه من فيه غريزة الحسد إلى أي ناحية وصرفه عن بقية النواحي، وغريزة الغبطة التي يذكرها العلماء في شرح هذا الحديث هي بعينها غريزة الحسد، وإنما غايرتها بصرفها لغير مصرفها وتوجيهها إلى غير وجهتها. هذا وقد حثنا صلى الله عليه وسلم على التزام نقطة الوسط التي هي نقطة الكمال، وحذرنا من الانحراف عنها إلى الإفراط أو التفريط. فتراه يقول: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا} [الفرقان: 67] ويقول: { وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ} [الإسراء: 29] ويقول: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} [الأعراف: 31] ويقول صلى الله عليه وسلم:"إن هذا الدين متين، فأوغل فيه برفق"، ويقول صلى الله عليه وسلم:"فإن المنبت لا أرضا قطع، ولا ظهرا أبقى" ولهذا شرح طويل لا تسعه هذه العجالة. مقال نشر في مجلة الأزهر سنة1356هـ المجلد رقم 8،ص160 يتبع بمشيئة الله تعالى |
الكاتب: | حليمة [ الأحد ديسمبر 20, 2020 7:22 pm ] |
عنوان المشاركة: | Re: عظمته صلى الله عليه وسلم وشيء من سيرته الباهرة وآياته ال |
وبعد: فإن الأمم التي يسمونها راقية لم تأتنا في باب العدل والمساواة والحرية التي يمتدحون بها إلا بدعاوى مجردة، وقضايا كاذبة، وليس العهد ببعيد من تلك الطنطنة التي كانت لشروط الدكتور (ولسن) وما سارت عليه بعد ذلك جمعية الأمم التي تمثل خمسا وسبعين دولة- وقتها- وما يعانيه العالم من جراء عدالتها وإنصافها، فانظر ذلك وقارن بينه وبين ما يقول القرآن: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ} [النساء: 135] |
الكاتب: | حليمة [ الأربعاء ديسمبر 23, 2020 5:32 pm ] |
عنوان المشاركة: | Re: عظمته صلى الله عليه وسلم وشيء من سيرته الباهرة وآياته ال |
ومن عجيب أمره وشريف خلاله التي خرقت السنن المعروفة أنك ترى النفوس تتكبر وتتعاظم بأقل الأشياء، وتراه صلى الله عليه وسلم مع ذلك كله يتواضع شكرا لله ومعرفة بعظمة الله واعترافا بفضله عليه، وقد كان يطأطئ رأسه يوم فتح مكة تواضعا لله، حتى إن رأسه ليكاد يمس رحله، وكانت العجوز من نساء المدينة تكلمه في الطريق فيقف لها حتى تقضي ما أردت منه، وربما انطلقت به إلى حيث تريد وكان ذلك من دلائل نبوته عند عدي بن حاتم، فإن ذلك من شأن الذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا، بخلاف الملوك وأهل الدنيا. |
الكاتب: | حليمة [ الخميس ديسمبر 24, 2020 5:51 pm ] |
عنوان المشاركة: | Re: عظمته صلى الله عليه وسلم وشيء من سيرته الباهرة وآياته ال |
الكلمةالختامية: |
الكاتب: | فراج يعقوب [ الخميس يونيو 16, 2022 8:24 am ] |
عنوان المشاركة: | Re: عظمته صلى الله عليه وسلم وشيء من سيرته الباهرة وآياته ال |
جزاكم الله خيرا ـــــــــــــــــــــــــــ (( اللهم صل وسلم وبارك بلا عد ولا حد على سيدنا محمد باب الاستجابة , نبي التوبة و الإنابة , صاحب طيبة المستطابة , والرفعة المهابة , وعلى آله ذوي النجابة . )) |
صفحة 1 من 1 | جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين |
Powered by phpBB © 2000, 2002, 2005, 2007 phpBB Group http://www.phpbb.com/ |