موقع د. محمود صبيح

منتدى موقع د. محمود صبيح

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 28 مشاركة ]  الانتقال إلى صفحة السابق  1, 2
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة: Re: رسالة : التعظيم والمنة في أن أبوي رسول الله في الجنة
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين ديسمبر 28, 2020 1:41 pm 
غير متصل

اشترك في: الخميس إبريل 09, 2015 7:45 pm
مشاركات: 2368
البتار كتب:
جزاكم الله خيراً الفاضل/ سهم النور و الفاضلة / حليمة على الجهد المبذول و الروح الطيبة

اكرمكم الله اخي الفاضل البتار وشكرا على مروركم الكريم

_________________
اللهم صل على سيدنا محمد
باب الاستجابة
نبي التوبة و الإنابة
صاحب طيبة المستطابة
والرفعة المهابة
وعلى آله وسلم


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: رسالة : التعظيم والمنة في أن أبوي رسول الله في الجنة
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء ديسمبر 29, 2020 2:11 pm 
غير متصل

اشترك في: الخميس إبريل 09, 2015 7:45 pm
مشاركات: 2368

تلخيص وبيان لكون الحديث ضعيفا لا موضوعا:
وقد تلخص لي منه ومما أن الحديث غير موضوع قطعا.
وبيان ذلك أنه ليس في رواته من أجمع على جرحه فإن مدار الحديث على أبى غزية عن عبد الوهاب وعبد الوهاب وثقة الدار قطني في موضعين فقال في موضع ثقة وفي موضع ليس به بأس وأقره الحافظ ابن حجر ولم ينقل عن أحد فيه جرح، ومن فوقه من مالك فصاعدا لا يسأل عنهم لجلالتهم والساقط بين هشام وعائشة وعروة وقد ثبت في طريق آخر، وأبو غزية قال فيه الدار قطني منكر الحديث وقال ابن الجوزي مجهول وترجمة ابن يونس ترجمة جيدة أخرجه عن حد الجهالة، والكعبي أكثر ما قيل مجهول وقد عرف، وعمر بن الربيع نقل مسلمة توثيقه عن آخرين وأنه كان كثير الحديث.
فهذا الطريق بهذا الاعتبار ضعيف لا موضوع على مقتضى الصنعة فكيف وله متابع أجود منه وهو طريق أحمد بن يحي الحضرمي عن أبي غزية فإن هذا الطريق أجود من حيث إن طريق الكعبي فيها رجال على الولاء تكلم فيهم الحلبي وعمر بن الربيع والكعبي، والحضرمي لم يتكلم فيه إلا بالجهالة حيث اقتصر فيه على أحمد بن يحيى وقد عرف لما نسب باللين وهي من ألفاظ التعديل الذي يحكم لحديث إذا من إفراد أبي غزية ومداره عليه وحكم ابن عساكر على هذا الحديث بأنه منكر حجة لما قلته من أنه ضعيف لا موضوع لأن المنكر من الضعيف وبينه وبين الموضوع فرق كما هو معروف في فن الحديث.
وأقوى ما اعتمد عليه في هذا الخديث قول ابن عساكر فإن أكثر ما قيل في رواية أبي غزية أنه منكر الحديث فيكون الحديث الذي تفرد به منكرا.
وضابط المنكر أنه الذي ينفرد به الرواي الضعيف مخالفا لرواية الثقات وهذا الحديث كذلك إن سلم مخالفته لحديث الزيارة ونحوه فإن انتفت المخالفة كان ضعيفا فقط وهي مرتبة فوق المنكر أصلح حالا منه ، ودون المنكر مرتبة أدون حالا منه وهي مرتبة المتروك والمتروك أيضا من قسم الضعيف الذي ليس بموضوع.
الكلام على حديث الزيارة وأنه معلول:
حديث الزيارة الذي حكم الذهبي بصحته لم يخرجه أحد من ألأئمة الستة بل أخرجه الحاكم من حديث ابن مسعود، وأحمد من حديث بريدة والطبراني من حديث ابن عباس، وأشار الحافظ ابن حجر في شرح البخاري إلى أن من حكم بصحته فليس لكونه صححه لذاته بل لوروده من هذا الطريق وقد تأملت طرق الحديث فوجدتها كلها معلولة ولله الحمد.
فأما حديث ابن مسعود فأخرجه الحاكم من طريق أيوب بن هانئ عن مسروق عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه قال خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ينظر في المقابر وخرجنا معه فأمرنا فجلسنا ثم تخطى القبور حتى انتهى إلى قبر منها فناجاه طويلا ثم ارتفع نحيبه باكيا فبكينا لبكائه ثم أقبل إلينا فتلقاه عمر رضي الله عنه فقال يا رسول الله ما الذي أبكاك فقد أبكانا وأفزعنا فجاء فجلس إلينا فقال أفزعكم بكائي؟ قلنا نعم قال[إن القبر الذي رأيتموني أناجي فيه قبر آمنة بنت وهب، وإني استأذنت ربي في زيارتها فأذن لي. واستأذنت في الاستغفار لها فلم يأذن لي، ونزل علي: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ} فأخذني ما يأخذ الولد للوالدة من الرقة، فذلك الذي أبكاني. ] . قال الحاكم هذا حديث صحيح، وتعقبه الذهبي في "مختصر المستدرك" فقال أيوب بن هانئ ضعفه ابن معين انتهى.
فهذه علة تقدح في صحته والعجب من الذهبي كيف يصحح هذا الحديث في "الميزان" اعتمادا على تصحيح الحاكم ثم يخالفه في "مختصر المستدرك".
وفي الحديث علة ثانية وهي مخالفته لما في "صحيح البخاري" وغيره أن هذه الآية نزلت بمكة عقب موت أبي طالب واستغفار النبي صلى الله عليه وآله وسلم له ووردت أحاديث أخر في " الترمذي" وغيره فيها نزول الآية على سبب غير قصة آمنة فإن كان الذهبي رد حديث الإحياء لمخالفته هذا الحديث فهذا الحديث يرد لمخالفته المقطوع بصحته في " صحيح البخاري" وغيره.
وأما حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما فأخرجه الطبراني ولفظه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما أقبل من غزوة تبوك واعتمر هبط من ثنية عسفان فنزل على قبر أمه وذكر نحو حديث ابن مسعود في نزول الآية وله علتان . مخالفة الحديث الصحيح كما سبق وإسناده ضعيف.
وأما حديث بريدة فأخرجه ابن سعد وابن شاهين بلفظ لما فتح رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مكة أتي قبرا فجلس إليه وذكر نحوه.
وفي لفظ آخر رواه ابن سعد وابن شاهين من طريق آخر لما قدم مكة أتى رسم قبر. وعن جرير من طريق آخر لما قدم مكة وقف على قبر أمه حتى سخنت عليه الشمس رجاء أن يؤذن له فيستغفر لها فنزلت.
وفي هذا الحديث من علة المخالفة ما تقدم. وله علة أخرى قال ابن سعد في " الطبقات" بعد تخريجه هذا غلط وليس قبرها بمكة وقبرها بالأبواء انتهى .
فبان بهذا أن طرق الحديث كلها معلولة.
وأما قصة نزول الآية الناهية عن الاستغفار فإنه يمكن الجمع بينهما وبين الأحاديث الصحيحة في تقدم نزولها في قصة أبي طالب وغيره.
وأصح طرق هذا الحديث ما أخرجه الحاكم وصححه على شرط الشيخين عن بريدة أن "النبي صلى الله عليه وآله وسلم زار قبر أمه في ألف مقنع فما رؤى باكيا أكثر من ذلك اليوم". وهذا القدر لا علة له وليس فيه مخالفة لشيء من الأحاديث ولا نهى عن الاستغقار وقد يكون البكاء لمجرد الرقة التي تحصل عند زيارة الموتى من غير سبب تعذيب ونحوه وهذا ما فتح الله لي بتحريره في هذا المحل ولله الحمد.


يتبع إن شاء الله


_________________
اللهم صل على سيدنا محمد
باب الاستجابة
نبي التوبة و الإنابة
صاحب طيبة المستطابة
والرفعة المهابة
وعلى آله وسلم


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: رسالة : التعظيم والمنة في أن أبوي رسول الله في الجنة
مشاركة غير مقروءةمرسل: السبت يناير 02, 2021 4:52 pm 
غير متصل

اشترك في: الخميس إبريل 09, 2015 7:45 pm
مشاركات: 2368
حاصل ما تقرر في حديث الإحياء
وحاصل ما تقرر في حديث الإحياء: أن الذين حكموا بوضعه من الأئمة: الدار قطني والجوزقاني وابن ناصر وابن الجوزي وابن دحية، والذين حكموا بضعفه فقط وأنه غيره موضوع هم:ابن شاهين والخطيب وابن عساكر والسهيلي والقرطبي والمحب الطبري وابن سيد الناس، ووجه أخذه من الكلام ابن شاهين أنه أورده على أنه ناسخ لحديث الزيارة فلو كان عنده موضوعا لم يصح أن يحتج به على النسخ وقد نظرنا بحسب الأصول فوجدنا العلل التي علل بها الفرقة الأولى كلها غير مؤثرة فلذلك رجحنا قول الفرقة الثانية ولله تعالى الحمد.
وقد وافق على ما قلته من أن الحديث ضعيف لا موضوع الحافظ شمس الدين بن ناصر الدين محدث دمشق من المتأخرين فإنه أورد الحديث من طريق الخطيب في كتابه المسمى" مورد الصادي في مولد الهادي" وأنشد عقبه.

حبا لله النبي مزيد فضل *** على فضل وكان به رءوفا

فاحـيـا أمه وكـذا أباه **** لإيمان به فضلا لطيفا

فسلم فالقديم بذا قدير *** وإن كان الحديث به ضعيفا

(2) الكلام في أن أمه صلى الله عليه وآله وسلم كانت موحدة

هذا كله فيما يتعلق بإحيائها وقد ظفرت بأثر يدل على أنها ماتت وهي موحدة أخرج أبو نعيم في "دلائل النبوة" من طريق الزهري عن أم سماعة – بنت أبي رهم عن أمها قالت شهدت آمنة أم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في علتها التي ماتت فيها ومحمد صلى الله عليه وآله وسلم غلام يفع له خمس سنين عند رأسها فنظرت إلى وجهه ثم قالت:
بارك الله فيك من غلام *** يا ابن الذي من حومة الحمام

نجا بعون الملك المنعام*** فودي غداة الضرب بالسهام

بمائة من إبل ســوام *** إن صح ما أبصرت في المنام

فأنت مبعوث إلى الأنام *** من عند ذي الجلال والإكرام

تبعث في الحل وفي الحرام *** تبعث بالتحقيق والإسلام

دين أبـيك البــر إبراهام *** فالله أنهاك عن الأصنام

أن لا تواليها مع الأقوام

ثم قالت رضي الله تعالى عنها (كل حي ميت، وكل جديد بال وكل كثير يفنى. وأنا ميتة وذكرى باق وقد تركت خيرا وولدت طهراً.) ثم ماتت فكنا نسمع نوح الجن عليها فحفظنا من ذلك:

نبكي الفتاة البرة الأمينة *** ذات الجمال العفة الرزينه

زوجة عبد الله والقرينه *** أم نبي الله ذي السكينه

وصاحب المنبر في المدينة*** صارت لدى حفرتها رهينة

هذا القول من أم النبي صلى الله عليه وآله وسلم صريح في أنها موحدة.
ــ إذ ذكرت دين إبراهيم.

ــ وبعث ابنها صلى الله عليه وآله وسلم بالإسلام. من عند ذي الجلال والإكرام.

ـــ ونهيه عن عبادة الأصنام. وموالاتها مع الأقوام وهل التوحيد شيء غير هذا التوحيد والاعتراف بالله وآلهيته وأنه لا شريك له والبراءة من عبادة الأصنام ونحوها؟.
وهذا القدر كاف في التبري من الكفر وثبوت صفة التوحيد في الجاهلية قبل البعث وإنما يشترط قدر زائد على هذا بعد البعثة.
وقد قال العلماء في حديث الذي أمر بنيه عند موته أن يحرقوه ويسحقوه ويذروه في الريح وقوله لئن قدر الله ليعذبني : إن هذه الكلمة لا تنافى الحكم بإيمانه لأنه لم يشك في القدرة لكن جهل فظن أنه إذا فعل ذلك لا يعاد.

ـــ ولا يظن بكل من كان في الجاهليه أنه كان كافرا فقد كان جماعة تحنفوا وتركوا ما كان عليه أهل الشرك وتمسكوا بدين إبراهيم عليه السلام وهو التوحيد كزيد بن عمرو بن نفيل وقس بن ساعدة وورقة بن نوفل فكلهم محكوم بإيمانهم في الحديث ومشهود لهم بالجنة.
فلا بدع أن تكون أم النبي صلى الله عليه وآله وسلم منهم كيف وأكثر من تحنف إنما كان سبب تحنفه ما سمعه من أهل الكتاب والكهان قرب زمنه صلى الله عليه وآله وسلم من أنه قرب بعث نبي من الحرم صفته كذا، وأم النبي صلى الله عليه وآله وسلم سمعت من ذلك أكثر مما سمعه غيرها وشاهدت في حمله وولادته من الآيات الباهرة . ما يحمل على التحنف ضرورة ورأت النور الذي خرج منها وأضاءت له قصور الشام حتى رأتها كما ترى وقالت لحليمة حين جاءت به وشق صدره وهي مذعورة أخشيت عليه الشيطان كلا والله ما للشيطان عليه سبيل وإنه لكائن لابني هذا شأن في كلمات آخر من هذا النمط وقدمت به المدينة عام وفاتها وسمعت كلام اليهود فيه وشهادتهم له بالنبوة ورجعت إلى مكة فماتت في الطريق.
فهذا كله مما يؤيد أنها تحنفت في حياتها رضي الله تبارك وتعالى عنها وجعل الجنة متقلبها ومثواها ....

يتبع إن شاء الله



_________________
اللهم صل على سيدنا محمد
باب الاستجابة
نبي التوبة و الإنابة
صاحب طيبة المستطابة
والرفعة المهابة
وعلى آله وسلم


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: رسالة : التعظيم والمنة في أن أبوي رسول الله في الجنة
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأحد يناير 03, 2021 4:11 pm 
غير متصل

اشترك في: الخميس إبريل 09, 2015 7:45 pm
مشاركات: 2368

الجمع بين حديث أمي مع أمكما وكونها موحدة

(فإن قلت ) كيف تدرك أنها كانت موحدة في حياتها ومتحنفة، وهذا الحديث في أنه استأذن في الاستغفار لها فلم يؤذن له، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم في الحديث الآخر "أمي مع أمكما" يؤذنان بخلاف ذلك وهبك أجبت عنهما فيما يتعلق بحديث الإحياء بأنهما متقدمان في التاريخ وذلك متأخر فكان ناسخا فماذا تقول في هذا فإن الموت على التوحيد ينفى التعذيب البتة.
(قلت) أحسن ما يقرر به الجواب أن يقال إن قوله أمي مع أمكما (صدر قبل أن يوحى إليه أنها من أهل الجنة كما قال صلى الله عليه وآله وسلم في تبع لا أدري تبعا ألعينا كان أم لا) أخرجه الحاكم وابن شاهين من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه.
وقال صلى الله عليه وآله وسلم بعد أن أوحي إليه في شأنه (لا تسبوا تبعا فأنه كان قد أسلم) أخرجه الحاكم وابن شاهين في ( الناسخ والمنسوخ) أيضا من حديث سهل بن سعد وابن عباس رضي الله تعالى عنهم ــ فكأنه صلى الله عليه وآله وسلم أولا يوح إليه في شأنها أو لم يبلغه القول الذي قالته عند موتها أولم يذكره فإنه كان ابن خمس سنين فاطلق القول بأنها مع أمهما جريا على قاعدة أهل الجاهلية ثم أوحى إليه أمرها بعد ذلك .
ويؤيد ذلك أن في آخر الحديث (ما سألتهما ربي) فهذا يدل على أنه لم يكن يعد بينه وبين ربه مراجعة في أمرهما ثم وقع ذلك.
الجمع بين عدم الإذن بالاستغفار لأمه وكونها موحدة
وأما حديث عدم الإذن في الاستغفار فلا يلزم منه الكفر بدليل أنه صلى الله عليه وآله وسلم كان ممنوعا في أول الإسلام من الصلاة على من عليه دين لم يترك له وفاء، ومن الاستغفار له وهو من المسلمين وعلل ذلك بأن استغفاره مجاب على الفور فمن استغفر له وصل عقب دعائه إلى منزله الكريم في الجنة والمديون محبوس عن مقامه حتى يقضى دينه كما في الحديث (نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى) فتكون أم النبي صلى الله عليه وآله وسلم مع كونها متحنفة كانت محبوسة في البرزخ عن الجنة لأمر أخر غير الكفر اقتضت أن لا يؤذن له في الاستغفار لها إلى أن أذن الله فيه بعد ذلك.
ويحتمل أن يجاب عن الحديثين بأنها كانت موحدة غير أنها لم يبلغا شأن البعث والنشور وذلك أصل كبير فاحياها الله تعالى له حتى آمنت بالبعث وبجميع ما في شريعته ولذلك تأخر إحياؤها إلى حج الوداع حتى تمت الشريعة ونزل( اليوم أكملت لكم دينكم) فاحييت حتى آمنت بجميع ما أنزل عليه وهذا معنى نفيس بليغ.
في بيان إيمان أمهات الأنبياء عليهم السلام:
قد تأملت بالاستقراء فوجدت جميع أمهات الأنبياء عليهم الصلاة والسلام مؤمنات فلا بد أن تكون أم النبي صلى الله عليه وآله وسلم كذلك، وبيان ذلك يكون بالتفصيل وبالإجمال.

أما التفصيل

ـــ فأم عيسى عليه السلام مريم صديقة بنص القرآن، وذهب طائفة إلى أنها نبية لذكرها في سورة الأنبياء مقترنة بهم.

ـــ وأم إسحاق سارة مذكورة في القرآن وقيل أيضا بنبوتها لخطاب الملائكة معها .

ــ وأم موسى وهارون عليهما السلام مذكورة أيضا في القرآن وقيل أيضا بنبوتها لقوله تعالى : (وأوحينا إلى أم موسى).
ــ وأم شيث حواء أم البشر مذكورة في القرآن وقيل بنبوتها.

ــ ووردت الأحاديث والآثار بإيمان هاجرأم إسماعيل، وأم يعقوب ــ وأمهات أولاده ــ وأم داود ـــ وسليمان ـــ وزكرياــ ويحيى ــ وشمويل ــ وشمعون ــ وذي الكفل ــ صلاة الله وسلامه عليهم أجمعين.

ونص بعض المفسرين على إيمان أم نوح عليه السلام لقوله (رب اغفر لي ولوالدي) ذكر الكرماني في هذه الآية عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال لم يكفر لنوح والد بينه وبين آدم عليهما السلام ثم حكى قولا غريبا أنهما كانا كافرين.

(قلت) الصواب الأول والأثر المذكور أخرجه ابن سعد عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال ( ما بين نوح إلى آدم من الآباء كانوا على الإسلام) ونص جماعة على إيمان أم إبراهيم عليه السلام ورجحه ابن حبان في "البحر" في تفسير سورة إبراهيم واسمها نوماء من ولد أرفخشد ابن سام بن نوح عليه السلام حكاهما ابن سعد في الطبقات.

وأما الإجمال:

فأخرج الحاكم في "المستدرك" وصححه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال كانت الأنبياء من بني إسرائيل إلا عشرة نوح ـ وهود ـ وصالحـ ولوط ـ وشعيب ـ وإبراهيم ــ وإسماعيل ـ وإسحاق ــ ويعقوب ــ ومحمد عليهم السلام، وبنو إسرائيل كلهم كانوا مؤمنين لم يكن فيهم كافر إلى أن بعث الله عيسى عليه السلام فكفر به من كفر فأمهات الأنبياء الذين من بني إسرائيل كلهن مؤمنات ولم يبعث بعد عيسى أحد في الأمم.
أما العشرة فقد ثبت إيمان أم إسماعيل ـ وإسحاق ـ ويعقوب ـ وذكر إيمان أم نوح ـ وإبراهيم ـ وبقى أم هودـ وصالح ـ ولوط ـ وشعيب يحتاج إلى نقل أو دليل والظاهر إن شاء الله تعالى إيمانهن.
فقد ثبت بهذا الاستدلال إيمان الجميع وكان السر في ذلك ما يرينه من النور كما ورد في الحديث وكذلك أمهات المؤمنين يرين.

يتبع إن شاء الله


_________________
اللهم صل على سيدنا محمد
باب الاستجابة
نبي التوبة و الإنابة
صاحب طيبة المستطابة
والرفعة المهابة
وعلى آله وسلم


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: رسالة : التعظيم والمنة في أن أبوي رسول الله في الجنة
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس يناير 07, 2021 7:01 pm 
غير متصل

اشترك في: الخميس إبريل 09, 2015 7:45 pm
مشاركات: 2368

في أن أمه صلى الله عليه وآله وسلم من أهل الفترة فهي ناجية:
قد عرف مما ذكرناه دليلان على أن أم النبي صلى الله عليه وآله وسلم ليست في النار، كونها متحنفة، وإحياؤها حتى آمنت فيضم إلى ذلك دليل ثالث وهو كونها من أهل الفترة والأحاديث في أهل الفترة معروفة مشهورة قال تعالى ):وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا).
وقد أورد صاحب(مرآة الزمان) كلام جده ابن الجوزي على الحديث السابق ثم قال عقبه وقال قوم: قد قال الله تعالى ( وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا). والدعوة لم تبلغ أباه وأمه فما ذنبهما .

دليل رابع على نجاتها
(ودليل رابع) وهو ما ثبت في الصحيحين أن أبا لهب رؤى في النوم فقال لم ألق بعدكم خيرا غير أني سقيت في هذه لعتاقتي ثويبة.
وثويبة. مولاة لأبي لهب كان أبو لهب أعتقها وكانت أرضعت النبي صلى الله عليه وآله وسلم فإذا سقى أبو لهب وأعتق منه هذا القدر من النار مع شدة عدواته للنبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم وشدة ما لقى منه لكونه أعتق من أرضعته فما ظنك بمن حملته في بطنها تسعة أشهر وأرضعته أياما وربته سنين وهي أمه.

دليل خامس على نجاتها
(ودليل خامس)ـ كما في لسان الميزان في ترجمة يحيى بن الحسين العلوي ذكره الجوزقاني في كتاب الأباطيل ــ فقال اخبرنا محمد بن الحسن بن محمد الواعظ قال اخبرنا أبو الحسين بن يحيى بن الحسين اسماعيل الحسني اخبرنا محمد بن علي بن الحسين بن على الحسني. حدثنا زيد بن حاجب. حدثنا محمد بن عمار العطار. حدثنى علي بن محمد الغطفاني.حدثنا محمد بن هارون العلوي حدثني محمد بن على بن حمزة العباسي حدثني أبي حدثني علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي. حدثني أبي موسى عن أبيه جعفر بن محمد عن أبيه محمد عن أبيه علي بن الحسن عن أبيه الحسين عن أبيه علي بن أبي طالب رفعه قال هبط جبريل عليه السلام فقال (إن الله يقرئك السلام ويقول حرمت النار على صلب أنزلك. وبطن حملك. وحجر كفلك) أما الصلب فعبد الله. وأما البطن فآمنة وأما الحجر فعمه يعني أبا طالب وفاطمة بنت أسد. قال الجوزقاني هو حديث موضوع وفي إسناده غير واحد من المجهولين ويحيى بن الحسين رافضي غال اهـ .
قلت: فاطمة بنت اسد آمنت وصحبت وهاجرت رضي الله تعالى عنها .
الرد على من يقطع بان الأبوين ليسا من أهل الجنة
والعجب ممن يقطع بكون أبوي النبي صلى الله عليه وآله وسلم في النار اعتمادا على قوله ( أمي مع أمكما) وقوله( إن أبي وأباك في النار ) ونحوهما من الأحاديث ويلغي ما عارضهما بالكلية.

القول بأن اطفال المشركين في الجنة:
وللمسألة نظير صحيح للناس فيه خلاف وهو مسألة أطفال المشركين فقد ورد في أحاديث كثيرة الجزم بأنهم في النار، وفي أحاديث قليلة أنهم في الجنة وصحح الجمهو هذا، منهم النووي وقال إنه المذهب الصحيح المختار الذي صار إليه المحققون لقوله تعالى ( وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا) وإذا كان لا يعذب البالغ لكونه لم تبلغه الدعوة فغيره أولى هذا كلام النووي، وذكره غيره أن أحاديث كونهم في النار منسوخة بأحاديث كونهم في الجنة.
ويوضح النسخ ما أخرجه ابن عبد البر عن السيدة عائشة رضي الله تعالى عنها قالت سألت السيدة خديجة رضي الله تعالى عنها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن أولاد المشركين فقال( هم من آبائهم، ثم سألته بعد ذلك فقال(الله أعلم بما كانوا عاملين) ثم سألته بعد ما استحكم الاسلام فنزلت ( ولا تزر وازرة وزر أخرى) فقال إنهم على الفطرة أو قال في الجنة ـ فهذا يدل على النسخ.
(وكذا القول) في الأحاديث التي وردت في أن أبوي النبي صلى الله عليه وآله وسلم في النار كلها منسوخة إما باحيائمها وإيمانهما وإما بالوحي في أن أهل الفترة لا يعذبون.


يتبع إن شاء الله




_________________
اللهم صل على سيدنا محمد
باب الاستجابة
نبي التوبة و الإنابة
صاحب طيبة المستطابة
والرفعة المهابة
وعلى آله وسلم


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: رسالة : التعظيم والمنة في أن أبوي رسول الله في الجنة
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين يناير 11, 2021 7:22 pm 
غير متصل

اشترك في: الخميس إبريل 09, 2015 7:45 pm
مشاركات: 2368

القول بأن أطفال المشركين في المشيئة
ومن جملة الأقوال في الأطفال أنهم في مشيئة الله تعالى لا يحكم عليهم بشيء.
وهذا هو المنقول عن الشافعي الأئمة لحديث الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم سئل عن أطفال المشركين فقال (الله أعلم بما كانوا عاملين) ومعناه أن من علم الله منه الإيمان لو عاش أدخله الجنة ومن علم منه الكفر لو عاش أدخله النار.
(وكذا يقال) في أبوي النبي صلى الله عليه وآله وسلم . والظن بهما أنهما لو عاشا إلى بعثه لبادرا إلى الإيمان به مسرعين فيكونان من أهل الجنة.
القول بالامتحان في الآخرة لأطفال المشركين وأهل الفترة ونحوهم:
(ومن) جملة الأقوال في الأطفال أنهم يمتحنون في الآخرة فمن أطاع أدخله الله الجنة ومن عصى أدخله النار وصححه البيهقي وهذا بعينه وردت به الأحاديث الصحيحة في أهل الفترة.

أخرج البزار وأبو يعلى عن أنس رضى الله تعالى عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (يؤتي بأربعة يوم القيامة بِالْمَوْلُودِ ، وَالْمَعْتُوهِ ، وَمَنْ مَاتَ فِي الْفَتْرَةِ ، وَالشَّيْخِ الْفَانِي ، كُلُّهُمْ يَتَكَلَّمُ بِحُجَّتِهِ ، فَيَقُولُ الله تعالى, لِعُنُقٍ مِنَ النَّارِ : ابْرُزْ لهم ويَقُولُ لَهُمْ إِنِّي كُنْتُ أَبعث إِلَى عِبَادِي رُسُلاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ ، وَإِنِّي رَسُولُ نَفْسِي إِلَيْكُمُ ادْخُلُوا هَذِهِ فَيَقُولُ مَنْ كُتِبَ عَلَيْهِ الشَّقَاءُ : يَا رَبِّ أتدْخُلَناهَا وَمِنْهَا كُنَّا نَفِرُّ ، وَمَنْ كُتِبَ عَلَيْهِ السَّعَادَةُ يَمْضِي يَتقْحِمُ فِيهَا مُسْرِعًا قَالَ : فَيَقُولُ اللَّهُ قد عصيتموني فأَنْتُمْ لِرُسُلِي أَشَدَّ تَكْذِيبًا وَمَعْصِيَةً فَيُدْخِلُ هَؤُلاَءِ الْجَنَّةَ ، وَهَؤُلاَءِ النَّارَ).

وأخرج أحمد وابن راهوية في مسنديهما والبيهقي في (كتاب الاعتقاد) وصححه عن الأسود بن سريع عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال (اربعة يحتجون يوم القيامة رَجُلٌ أَصَمُّ لا يسمع شيئا، وَرَجُلٌ أَحْمَقُ، وَرَجُلٌ هَرِمٌ، وَرَجُلٌ مَاتَ فِي فَتْرَةِ- إلى أن قال وَأَمَّا الَّذِي مَاتَ فِي الْفَتْرَةِ فَيَقُولُ: رَبِّ مَا أَتَانِي لَكَ رَسُولٌ، فَيَأْخُذُ مَوَاثِيقَهُمْ لَيُطِيعَنَّهُ، فَيُرْسِلُ إِلَيْهِمْ رَسُولًا أَنِ ادْخُلُوا النَّارَ فمن دخلها كانت عليه بَرْدًا وَسَلَامًا ومن لم يدخلها يسحب إليها).
وأخرج البزار عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (تؤتى بالهالك في الفترة والمعتوه والمولود فيقول الهالك في الفترة لم يأتني كتاب ولا رسول ويقول المعتوه أي رب لم تجعل لي عقلا أعقل به خيرا ولا شرا - ويقول المولود رب لم أدرك العمل - فترقع لهم نار فيقال لهم ردوها فيردها من كان في علم الله سعيدا لو أدرك العمل ويمسك عنها من كان في علم الله شقيا لو أدرك العمل).
وأخرج البزار عن ثوبان رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال (إذا كان يوم القيامة جاء أهل الجاهلية يحملون أوثانهم على ظهورهم فيسألهم ربهم فيقولون ربنا لم ترسل إلينا رسولا ولم يأتنا لك أمر ولو أرسلت إلينا رسولا لكنا أطوع عبادك فيقول لهم ربهم أرأيتم إن أمرتكم بأمر أتطيعونني) وذكر نحو ما تقدم.

وأخرج الطبراني وأبو نعيم من حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه مثله.
وفي الباب أحاديث أخر وهذه الأحاديث هي العمدة في المسألة وكل ما شابهها، وعليها بنى الفقهاء أصولهم ومذاهبهم في أنه لا يحكم على أحد معين من أهل الفترة أنه في النار بل هو في مشيئة الله موقوف على الامتحان وقد صرح في حديث ثوبان بجريان هذا الحكم في أهل الجاهلية عبدة الأوثان فمن لم يثبت عنه عبادة لها فهو من باب أولى, وأبوا النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يثبت عنهما ما ثبت من أهل الجاهلية من عبادة الأوثان بل ولا ثبت ذلك من أحد من أصوله بل ثبت أو كاد يثبت انتقاؤه عن جميع أجداده كما سيأتي الإشارة إليه.
ويؤخذ من هذه الأحاديث الرد على ابن دحية في كلامه السالف عنه وقوله إن الإيمان بعد الموت لا ينفع، فإذا كان الإيمان ينفع أهل الفترة في الآخرة التي ليست بدار تكليف وقد شاهدوا جهنم بشهادة هذه الأحاديث فلأن ينفعهما بالإحياء في الدنيا من باب أولى، وعلى تقدير عدم ثبوت إحيائهما في الدنيا فالظن بهما عند الامتحان في الآخرة أن يطيعا ويهديهما الله لنقر بذلك عين النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

يتبع إن شاء الله


_________________
اللهم صل على سيدنا محمد
باب الاستجابة
نبي التوبة و الإنابة
صاحب طيبة المستطابة
والرفعة المهابة
وعلى آله وسلم


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: رسالة : التعظيم والمنة في أن أبوي رسول الله في الجنة
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء يناير 13, 2021 6:08 pm 
غير متصل

اشترك في: الخميس إبريل 09, 2015 7:45 pm
مشاركات: 2368

في نكتة لطيفة في آية (ولا تزر وازرة وزر أخرى)
ظهر لي نكتة لطيفة جدا في قوله تعالى (ولا تزر وازرة وزر أخرى) (وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا) حيث قرن بين هاتين الجملتين فإن الأولى متعلقة بأطفال المشركين اعتمد عليها النبي صلى الله عليه وآله وسلم حين نزلت وأخبرهم بأنهم في الجنة بعد إخباره بأنهم في النار كما تقدم في حديث السيدة عائشة رضي الله تعالى عنها، والثانية متعلقة بأهل الفترة، وهم والأطفال مشتركون في عدم التعذيب لأمرين
أحدهما عدم بلوغ الدعوة لعدم العقل المدرك لها في الأطفال وانتفائها بالكلية وعدم ورودها في أهل الفترة.
والثاني عدم التكليف لعدم شرطه وهو البلوغ في الأطفال وورود الشرع في أهل الفترة إذ لا حكم قبل البعثة.
فلهذا قرنت الجملتان وذلك من بدائع أسرار القرآن * ولهذا اعتمد النبي صلى الله عليه وآله وسلم على الجملة الثانية في الحكم على أهل الفترة بأنهم يمنحون في الآخرة ولا يبادرون بالعذاب بعد إخباره بما يقتضي أنهم في النار ابتداء فكان الإخبار أولا في الفريقين على حد سواء والنازل فيهما جملتان مقترنتان والإخبار ثانيا متحد عنهما أيضا وهو أنهم لا يعذبون.
وقد صححه النووي والمحققون في الأطفال وذهب آخرون إلى أنهم يمنحون وجزم به أهل السنة قاطبة في أهل الفترة.
فوجب انتفاء التعذيب عن أبوي النبي صلى الله عليه وآله وسلم بما جزموا به بالامتحان في أهل الفترة، وجرى في الأطفال خلاف وصح كونهم في الجنة لاجل مزية البلوغ والعقل في أولئك.
ويدل لكون النبي صلى الله عليه وآله وسلم إنما حكم على أهل الفترة بالامتحان ورفع العذاب اعتمادا على هذه الآية ما أخرجه عبد الرزاق وابن جرير وابن حاتم وابن المنذر في تفاسيرهم بسند صحيح عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال (إذا كان يوم القيامة جمع الله أهل الفترة والمعتوه والأصم والأبكم والشيوخ الذين لم يدركوا الإسلام ثم يرسل اليهم رسولا فيطيعه من كان يريد أن يطيعه ثم قال أبو هريرة رضي الله تعالى عنه اقرءوا إن شئتم ( وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا) إسناده على شرط الشيخين ومثله لايقال من قبل الرأي فله حكم الرفع.
في مذهب أهل السنة فيمن هو قبل الدعوة
قال أهل الأصول قاطبة(شكر المنعم ليس بواجب عقلا خلافا للمعتزلة) قال إليكا الهراسي وغيره المراد بشكر المنعم امتثال الأوامر واجتناب النواهي من الكفر وغيره.
وقال ابن السبكي في (شرح مختصر ابن الحاجب ) وذهب بعض أصحابنا إلى موافقة المعتزلة كابن شريح والصيرفي والقفال الكبير وابن أبي هريرة والقاضي أبي حامد وقد اعتذر القاضي أبو بكر الباقلاني في (التقريب) – والاستاذ أبو إسحاق في أصوله- والشيخ أبو حامد الحويني في شرح الرسالة) عمن وافق المعتزلة من أصحابنا بأنهم لم تكن لهم قدم راسخة في الكلام وربما طالعوا كتب المعتزلة فاستحسنوا هذه العبارة وهي شكر المنعم واجب عقلا فذهبوا إليها غافلين من تشعبها عن أصل المعتزلة مع علمنا بأنهم ما اقتحموا مسالكهم وما تبعوا مقاصدهم، قال السبكي وهو كلام حق بالنسبة إلى من عدا القفال الكبير أما القفال فكان إماما في الكلام مقدما إلا أنه كان أول أمره معتزليا فقال هذه المقالة ثم لما رجع عن الاعتزال لابد أن يكون رجع عن ذلك.
قال ابن السبكي وعلى مسألة شكر المنعم تتخرج مسألة من لم تبلغه الدعوة فعندنا يموت ناجيا ولا يقاتل حتى يدعى إلى الإسلام وهو مضمون بالكفارة والدية ولا يجب القصاص على قاتله على الصحيح إذ هو ليس بمسلم انتهى كلامه.
وهو صريح في نجاته وأنه لا يدخل النار وأنه يدخل الجنة مع كونه لا يسمى مسلما.

يتبع إن شاء الله


_________________
اللهم صل على سيدنا محمد
باب الاستجابة
نبي التوبة و الإنابة
صاحب طيبة المستطابة
والرفعة المهابة
وعلى آله وسلم


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: رسالة : التعظيم والمنة في أن أبوي رسول الله في الجنة
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين يناير 18, 2021 3:45 pm 
غير متصل

اشترك في: الخميس إبريل 09, 2015 7:45 pm
مشاركات: 2368

في كلام الأصوليين في قاعدة وجوب شكر المنعم

أورد الزركشي في (شرح جمع الجوامع) لقاعدة أن شكر المنعم ليس بواجب عقلا ثلاثة أدلة من القرآن – قوله تعالى ( وكنا معذبين حتى نبعث رسولا) وقوله تعالى( ذلك أن لم يكن ربك مهلك القرى بظلم وأهلها غافلون) أي لم يأتهم الرسل والشرائع- وقوله تعالى(ولولا أن تصيبهم مصيبة بما قدمت أيديهم فيقولوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا فنتبع آياتك ونكون من المؤمنين).
(قلت) أخرج بن أبي حاتم في تفسيره عند هذه الآية الأخيرة عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى عليه وآله وسلم الهالك في الفترة يقول رب لم يأتني كتاب ولا رسول ثم قرأ هذه الآية( ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا فنتبع آياتك ونكون من المؤمنين) إسناده حسن .
(ومن الآيات) الواردة في هذا قوله تعالى(وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ) وقوله تعالى ) وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزَى) .
أخرج ابن أبي حاتم عند هذه الآية عن عطية العوفي قال الهالك في الفترة يقول رب لم يأتني كتاب ولا رسول وقرأ ( وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقَالُوا) إلى آخر هذه الآية وقوله تعالى (وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ)
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في هذه الآية قال احتج عليهم بالعمر والرسل وقوله تعالى (رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ)
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في هذه الآية (لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ) قال قيقولون ما أرسلت إلينا رسولا.

العرب غير مكلفين بشريعة موسى وعيسى
وأهل الفترة منهم من لم تبلغهم دعوة رسول لهم قبل البعثة:
(فإن قلت) كيف يكون حكم أهل الفترة حكم من لم تبلغه الدعوة وحكم ما قبل البعثة وقد كانت شريعة موسى وعيسى عليهما السلام إذ ذلك موجودة. (قلت) دلت الأدلة على أن العرب لم يكونوا مخاطبين بها ولا مكلفين باتيانها ولهذا وردت الأحاديث في الهالك في الفترة صريحة ولو كان المراد بما قبل البعثة أن لا يكون بعث رسول في الدنيا أصلا لاستحال وجود ذلك إذ ما من فترة إلا وقبلها نبي إلى آدم عليه السلام وهو أول الأنبياء وليس قبل آدم بشر والقرآن أيضا ناطق بذلك قال الله تعالى (وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ * أَنْ تَقُولُوا إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا وَإِنْ كُنَّا عَنْ دِرَاسَتِهِمْ لَغَافِلِينَ)
وأخرج ابن ابي حاتم وابن المنذر وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله تعالى (أَنْ تَقُولُوا إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا وَإِنْ كُنَّا عَنْ دِرَاسَتِهِمْ لَغَافِلِينَ) قال اليهود والنصارى خاف أن تقوله قريش.
وبهذا القول يندفع ما وقع في شرح مسلم في حديث (إن أبي وأباك في النار ) من قوله إن أهل الجاهلية لا يجري عليهم حكم من لم تبلغه الدعوة لتقدم دعوة إبراهيم وغيره من الأنبياء كيف وفي الحديث السابق من رواية ثوبان إذا كان يوم القيامة جاء أهل الجاهلية يحملون أوثانهم على ظهورهم وذكر بقية الحديث في الامتحان. فهذا نص في المسألة وبقية الحديث شاهدة على الهالك في الفترة ما بين النبيين واشتهرت لما بين عيسى والنبي صلى الله عليه وآله وسلم وإذا لم يكن أهل الفترة هم الذين لم تبلغهم الدعوة فليت شعري من هم؟ وقد قال الرافعي في الروضة من لم تبلغه دعوة نبيا عليه السلام لا يجوز قتله قبل الإعلام والدعاء إلى الإسلام فلو قتل كان مضمونا قطعا وكيف يضمن من قتل من بلغته الدعوة فلم يؤمن.
(أما الكفارة) فتجب بلا تفصيل.
ثم له ثلاثة أحوال أحدها أن لايكون بلغته دعوة نبي أصلا فلا قصاص على الصحيح وأوجبه القفال وهل تجب دية مجوسي أو مسلم؟
وجهان أصحهما الأول (والثاني) أن يكون مستمسكا بدين لم يبدل ولم يبلغه ما يخالفه فلا قصاص على الأصح: وقيل تجب دية مسلم أو تجب دية أهل ذلك الدين وجهان أصحهما الثاني و (الثالث) . أن يكون مستمسكا بدين لحقه التبديل لكن لم يبلغه ما يخالفه فلا قصاص قطعا وتجب دية مجوسي في الأصح انتهى.
وهل يمكن أن يوجد في أطراف الأرض من لم يبلغه أن الله بعث نبيا أصلا من لدن آدم وبعثه أنبياء الله تعالى ووقائعهم مشهورة ولو لم إلا بعثة نوح وإقامته ألف سنة إلا خمسين عاما والطوفان الذي غرق أهل الأرض جميعا [لكفى] فلو اعتبرنا مطلق وجود بعثه الأنبياء عليهم السلام لاستحال وجود من لم تبلغه الدعوة ولسقطت الأحاديث والآثار الواردة في أهل الفترة بأسرها على كثرتها وصحتها ولحكم عليهم جميعا بأنهم في النار من غير امتحان وفي هذا إلغاء ورد للأحاديث الثابتة الصحيحة.

يتبع إن شاء الله


_________________
اللهم صل على سيدنا محمد
باب الاستجابة
نبي التوبة و الإنابة
صاحب طيبة المستطابة
والرفعة المهابة
وعلى آله وسلم


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: رسالة : التعظيم والمنة في أن أبوي رسول الله في الجنة
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء يناير 19, 2021 3:56 pm 
غير متصل

اشترك في: الخميس إبريل 09, 2015 7:45 pm
مشاركات: 2368
زيادة إيضاح لما تقدم:
(فإن قلت ) لم يتضح لي هذا كل الاتضاح فزدني بيانا بوجهه (قلت) وجهه مجموع أمور طول المدة من لدن بعثة إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام فإنه لم يبعث في العرب نبي بعد إسماعيل، وحدوث التغيير في دينهما، وتمادى الزمان عليه وفقد من ينقل شريعتهما على وجهها، وتدارك القرون قرنا بعد قرن مستمسكين بذلك المغير حتى نشأ قوم فلم يجدوا إلا ذلك ولم يسمعوا بحقيقة دين إبراهيم على وجهه ولا وجدوا من يخبرهم به فهم يصدق عليهم أنهم لم تبلغهم الدعوة. ولهذا استنكروا ما جاء به النبي صلى الله عليه وآله وسلم وتعجبوا منه ونسبوه إلى أنه أتى بدين محدث لا يعرف، وقالوا إن هذا لشيء عجاب ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة، وقالوا إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون. ولو كان عندهم علم بدعوة الآنبياء عليهم السلام على ما هي عليه لعرفوا أن دعوة النبي صلى الله عليه وآله وسلم من نمط دعوتهم فلهذا أسلم كثير من العرب لما سمع من أهل الكتاب الشهادة له بالتصديق ولم يكن كفرهم إنكارا للصانع ولا لؤلوهيته ولا ادعوا في الأصنام أنها تخلق وتدبر كما ادعى نمرود وقومه بل كانوا يقرون لله بالآلهية وأنه الخالق المدبر كما قال تعالى (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ) وكانوا يزعمون في الأصنام أنها تشفع لهم عند الله كما قال تعالى حكاية عنهم (مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى ) وكانوا يقولون في تلبيتهم لبيك لا شريك لك إلا شريكا هو لك تملكه وما ملك. كما قال الله تعالى (وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ ).
فعرف بذلك أن كفرهم إشراك لا كفر إنكار لوجود الصانع وإن ذلك صادر عن الجهل بما جاءت به الأنبياء والرسل عليهم السلام وعدم بلوغه لهم على وجهه.
ويوضح ذلك قوله تعالى (يَاأَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلَا نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ) فإذا كان الله أعذر أهل الكتاب بأن بعث رسولا إليهم به بعد الفترة بين لهم ما بدله الأحبار وكتموه لئلا يحتجوا بقولهم ما جاءنا من بشير ولا نذير وهم كانوا أهل الكتاب عالمين بشريعة موسى عليه السلام في الجملة غير أنهم تمسكوا بما لحقه التبديل لكونهم قلدوا فيه أسلافهم ولم يكونوا اهلا لتمييز الحق من الباطل فما ظنك بالعرب الأميين الذين ليسوا أهل الكتاب ولا يدركون ما الكتاب .

تنبيه
فيما يفهم من كلام النووي في شرح مسلم



الذي عندي أنه لا ينبغي أن يفهم من قول النوووي في (شرح مسلم) في حديث أن رجلا قال يا رسول الله اين أبي قال في النار فلما قفا دعاه فقال إن أبي وأباك في النار: فيه أن من مات في القترة على ما كانت عليه العرب من عبادة الأوثان فهو من أهل النار وليس في هذا مؤاخذة قبل بلوغ الدعوة فإن هؤلاء كانت بلغتهم دعوة إبراهيم عليه السلام وغيره من الأنبياء- أنه أراد بذلك الحكم على أبى النبي صلى الله عليه وآله وسلم بل ينبغي أن يفهم أنه أراد الحكم على أبى السائل وكلامه ساكت عن الحكم على الأب الشريف .
بيان أن حديث مسلم معلول بعلتين
ظهر لي في حديث إن أبي وأباك في النار، علتان .

(إحداهما) من حيث الاسناد وذلك أن الحديث أخرجه مسلم وأبو داود من طريق حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس رضي الله عنه أن رجلا قال يا رسول الله أين أبي قال في النار فلما قفا دعاه فقال إن أبي وأباك في النار، وهذا الحديث تفرد به مسلم عن البخاري وفي إفراد مسلم أحاديث تكلم فيها يوشك أن يكون هذا منها.
(أما أولا) فثابت وإن كان إماما ثقة فقد ذكره ابن عدي في ( كاملة) في الضعفاء وقال إنه وقع في أحاديثه نكرة وذلك من الرواة عنه فإنه روى عنه الضعفاء وأورده الذهبي في ( الميزان ).
(وأما ثانيا) فحماد بن سلمة وإن كان إماما عابدا عالما فقد تكلم جماعة في روايته وسكت البخاري عنه فلم يخرج له شيئا في صحيحه.
وقال الحاكم في (المدخل) ما أخرج مسلم لحماد بن سلمة في الأصول إلا حديثا عن ثابت وقد خرج له مسلم في الشواهد عن طائفة.
وقال الذهبي حماد ثقة له أوهام وله مناكير كثيرة وكان لا يحفظ فكانوا يقولون إنها دست في كتبه وقد قيل أن أبي العرجاء كان ربيبه وكان يدس في كتبه.
ومن مناكيره ما رواه عن ثابت عن أنس رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قرأ (فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ ) .قال أخرج طرف خنصره وضرب على إبهامه فساخ الجبل، هذا الحديث أخرجه أحمد والترمذي والحاكم وقال صحيح على شرط مسلم واورده ابن الجوزي في الموضوعات وقال إنه لا يثبت وأنه مما دسه ربيبه عليه والمناكير في رواية حماد كثيرة.
وإنما أوردت هذا لأنه بسند الحديث الذي نحن في تعليله، ومن أنكر رواياته ما رواه عن قتادة عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما موفوعا رأيت ربي جعدا أمرد عليه خضر، وهذا أيضا أورده ابن الجوزي في الموضوعات.
فبان بهذا أن الحديث المتنازع فيه لابد أن يكون منكرا وقد وصفت أحاديث كثيرة في مسلم بأنها منكرة.

يتبع إن شاء الله


_________________
اللهم صل على سيدنا محمد
باب الاستجابة
نبي التوبة و الإنابة
صاحب طيبة المستطابة
والرفعة المهابة
وعلى آله وسلم


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: رسالة : التعظيم والمنة في أن أبوي رسول الله في الجنة
مشاركة غير مقروءةمرسل: الجمعة يناير 22, 2021 10:22 am 
غير متصل

اشترك في: الخميس إبريل 09, 2015 7:45 pm
مشاركات: 2368

(العلة الثانية) من حيث المتن وهي مبنية على مقدمة وذلك أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا سأله اعرابي وخاف من إفصاح الجواب له فتنته واضراب قلبه أجابه بجواب فيه تورية وايهام كالحديث الذي أخرجه البخاري أنه صلى الله عليه وآله وسلم سأله رجل عن الساعة فنظر إلى أحدث القوم سناً فقال إن يستنفد هذا عمره لم يمت حتى تقوم الساعة.
قال قال العلماء كان الأعراب سألونه كثيرا عن الساعة فخشى صلى الله عليه وآله وسلم من قوله لا أعلمها فتنتهم وشكهم فأجابهم بجواب فيه تورية، ومراده إن بلغ هذا الغلام أقصى العمر لم يمت حتى تقوم على الحاضرين ساعتهم بأن يموتوا وقيام ساعة كل واحد موته.
إذا عرف ذلك فالذي عندي في هذا الحديث (إن أبي وأباك في النار) ليس رواية باللفظ بل رواها الراوي بالمعنى فوهم ذلك وإنما تكلم النبي صلى الله عليه وآله وسلم بكلام مورى ففهم منه السامع ما قاله.
وقد وضح لنا من ذلك طريق آخر للحديث رواه معمر عن ثابت فلم يذكر أن أبي وأباك وهذا اللفظ لادلالة فيه على والده صلى الله عليه وآله وسلم بأمره ألبتة وهو أثبت من حيث الرواية فإن معمرا لم يتكلم في حفظه ولا استنكر شيء من حديثه واتفق على التحريج له الشيخان فكان في لفظه أثبت ثم وجدنا الحديث ورد من حديث سعد بن أبي وقاص بمثل لفظ رواية معمر عن ثابت عن أنس فقد أخرج البزار في (مسنده) والطبراني في (المعجم الكبير) بسند رجاله رجال الصحيح عن سعد بن أبي وقاص رضي الله تعالى عنه أن أعربيا أتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال ( يا رسول الله أين أبي قال في النار قال فاين أبوك قال حيث مررت بقبر كافر فبشره بالنار ) وهذا حديث صحيح وفيه فوائد.
منها: بيان أن السائل كان اعرابيا وهو مظنة خشية الفتنة والردة.
منها: بيان جواب فيه إيهام وتورية إذ لم يصرح فيه بأن الأب الشريف في النار إنما قال حيثما مررت بقبر كافر فبشره بالنار، وهذه جملة لا تدل بالمطابقة على ذلك إنما قد يفهم منه ذلك بحسب السياق والقرائن وهذا شأن التورية والايهامات فكره صلى الله عليه وآله وسلم أن يفصح له بحقيقة الحال ومخالفة أبيه لأبيه في المحل الذي هو فيه خشية ارتداده لما جلبت عليه النفس من كراهة الاستئثار عليها. ولما كانت عليه الاعراب من غلظ القلوب والجفاء فأورده له جوابا موهما تطيبا لقلبه فكانت هذه الطريق من طريق الحديث في غاية الاتقان ولهذا قال بعض الحفاظ لو لم نكتب الحديث من ستين وجها ما عقلناه يعني اختلاف الرواة في إسناده وألفاظه.
وقد وقع في الصحيحين أحاديث كثيرة من هذا النمط وهم فيها الرواة في بعض الألفاظ فبينها النقاد (منها) حديث مسلم في نفي قراءة البسملة وقد أعله الشافعي بذلك وقال إن الثابت من طريق آخر نفى سماعها ففهم منه الراوي نفي قراءتها فرواه بالمعنى على ما فهمه في أشياء أخرى مبينة في كتب الحديث.
فبان بهذا تعليل الحديث من هذه الحيثية ولا يكون ذلك قد حافى صحه الحديث من أصله بل في هذا اللفظ فقط وكذلك حديث أمي مع أمكما، على ضعف إسناده لا يلزم منه كونها في النار لجواز أن يكون أراد بالمعية كونها معها في دار البرزخ أو غير ذلك تورية وإيهاما تطيبا لقلوبهما.

يتبع إن شاء الله


_________________
اللهم صل على سيدنا محمد
باب الاستجابة
نبي التوبة و الإنابة
صاحب طيبة المستطابة
والرفعة المهابة
وعلى آله وسلم


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: رسالة : التعظيم والمنة في أن أبوي رسول الله في الجنة
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأحد يناير 24, 2021 5:01 pm 
غير متصل

اشترك في: الخميس إبريل 09, 2015 7:45 pm
مشاركات: 2368

إشكال وجوابه في حديث إن أب السائل في النار
(قلت) قد تقرر أن أهل الفترة لا يقضى عليهم بكونهم في النار حتى يمتحنوا فكيف حكم النبي صلى الله عليه وآله وسلم على أب السائل بأنه في النار .
(قلت) ظهر لي عن ذلك أربعة أجوبة:
(الأول) أن هذا الحديث متقدم على الأحاديث الواردة في أهل الفترة فيكون منسوخا بها كما أخبر أولا عن أطفال المشركين بأنهم في النار ثم نسخ ذلك .
(الثاني) أنا لم نقطع بعدم النار في أهل الفترة بل قلنا يمتحنون فمن أطاع دخل الجنة ومن لا دخل النار ، فيمكن أن يكون النبي صلى الله عليه وآله وسلم أطلع في حق هذا بخصوصه على أنه يعصى عند الامتحان فيدخل النار وأوحى إليه بذلك فحكم بأنه من أهل النار.
(الثالث) أنه يمكن في هذا الرجل أن يكون ممن دخل يثرب والشام واجتمع بأهل الكتاب وبلغته دعوة موسى وعيسى عليهما السلام وأصر على الشرك فلم يعذر.
(الرابع) أنه يمكن أن يكون عاش حتى أدرك بعثة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وبلغه ذلك وأصر ومات في عهده وهذا لا عذر له ألبتة.
(فإن قلت) فأبوا النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد دخلا يثرب واجتمعا باليهود فلزمهما ما قلت في الجواب الثالث.
(قلت) الجواب عنهما من ثلاثة أوجه:
(الأول) أنه يحتاج إلى ثبوت أن اليهود دعوهما إالى الدين وهذا لم ينقل فنحكم عليهما خصوصا أنهما لم يقيما بالمدينة إلا أياما قلائل لا تسع ذلك . أما عبد الله فأنه مر بها في سفره إلى الشام ورجع فدخلها وهو مريض فأقام بها شهرا مريضا ومات وهذه المدة مع المرض لا تسع اجتماعا بأحد ولا سؤالا عن دين وأما آمنة فقدمت المدينة زائرة لأقاربها فأقامت بها أيضا شهرا ومعها النبي صلى الله عليه وآله وسلم فرجعت فماتت بالطريق .
(الثاني ) أن تقول أي مانع من أن يكون قد دعيا إلى الدين فأجابا وإن لم ينقل الأمران وكيف ينسب إليهما الامتناع وقد بشرا من أهل الكتاب والكهانة وغيرهم بنبوة ولدهما قبل ولادته وصدقا بذلك وبشرا به وبشرت به أمه قبل ولادته وعند ولادته وبعد ولادته وصدقت بذلك وقالت الأبيات السابقة عند موتها وهل ينسب إليها الشرك وقد أخبرت عن ولدها أنه يبعث رسولا عن الله بالتوحيد وكسر الأصنام وصدقت بذلك وهل الإسلام شيء غير هذا التصديق.
(الثالث ) أنا ندعى أنهما كانا من أول أمرهما على الحنيفية دين إبراهيم عليه السلام وأنهما لم يعبدا صنما وسنقرر ذلك قريبا بأدلة.

تذنيب

من اللطائف في أمرهما أنهما ماتا شابين فلم يبلغا سنا تقوم به الحجة عليهما كما قال تعالى (أو لم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر) قبل هو ستون سنة وقيل أربعون سنة وفي الحديث (لقد أعذر الله إلى امرئ أخره من العمر ستين سنة)
وفي الأثر قد تمت حجة الله على ابن الأربعين، وكان عمر والد النبي صلى الله عليه وآله وسلم حين توفى خمسا وعشرين سنة كما قال الواقدي إنه أثبت الأقاويل في سنه وكان عمر أمه حين توفيت قريبا منه.

يتبع إن شاء الله


_________________
اللهم صل على سيدنا محمد
باب الاستجابة
نبي التوبة و الإنابة
صاحب طيبة المستطابة
والرفعة المهابة
وعلى آله وسلم


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: رسالة : التعظيم والمنة في أن أبوي رسول الله في الجنة
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين يناير 25, 2021 3:50 pm 
غير متصل

اشترك في: الخميس إبريل 09, 2015 7:45 pm
مشاركات: 2368

في الدليل على أن أبوي النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأجداده إلى أبراهيم عليه السلام كانوا على الحنيفية دين إبراهيم ولم يكونوا على ما كانت عليه العرب من عبادة الأوثان
أخرج ابن جرير في تفسيره عن مجاهد في قوله تعالى( وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا البلد آمنا واجنبني وبني أن نعبد الأصنام)
قال فاستجاب الله لإبراهيم عليه السلام دعوته في ولده فلم يعبد أحد من ولده صنما بعد دعوته.
وأخرج ابن أبي حاتم في تفسيره عن سفيان بن عيينة أنه سئل هل عبد أحد من ولد إسماعيل الأصنام قال لا ألم تسمع قوله تعالى (واجنبني وبني أن نعبد الأصنام).
وأخرج ابن المنذر في تفسيره عن ابن جريج في قوله تعالى (رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي) قال فلن يزال من ذرية إبراهيم ناس على الفطرة يعبدون الله تعالى.
(قلت) ويمكن أن يحعل على ذلك قوله تعالى ( وتقلبك في الساجدين) فقد أخرج ابن سعد في (الطبقات) والبزار والطبراني وأبو نعيم في (الدلائل) عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما في قوله تعالى (وتقلبك في الساجدين) قال من نبي إلى نبي ومن نبي إلى نبي حتى أخرجتك نبيا. ففسر تقلبه في الساجدين بتقلبه في أصلاب الأنبياء عليهم السلام ويمكن أن يحمل على أعم منهم وهم المصلون الذين لا زالوا في ذرية إبراهيم لوصح أنه ليس في اجداد النبي صلى الله عليه وآله وسلم انبياء بكثرة بل إسماعيل وإبراهيم ونوح وشيث وآدم وادريس عليهم السلام في قول.
في أن آباءه صلى الله عليه وآله وسلم من خير القرون
ومما يدل على ذلك أيضا قوله صلى الله عليه وآله وسلم (بعثت من خير قرون بني آدم قرنا فقرنا حتى بعثت من القرن الذي كنت فيه) أخرجه البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه وقوله صلى الله عليه وآله وسلم ( إن الله اصطفى من ولد إبراهيم إسماعيل واصطفى من ولد إسماعيل بني كنانة واصطفى من بني كنانة قريشا واصطفى من قريش بني هاشم) أخرجه مسلم من حديث وائلة فالخيرية والاصطفاء يشعران بالإسلام.
وطريقة أخرى في الاستدلال أخرج الإمام أحمد في (الزهد) والخلال في (كرامات الأولياء) بسند صحيح على شرط الشيخين عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال ( ما خلت الأرض من بعد نوح من سبعة يدفع الله بهم عن أهل الأرض)
وأخرج ابن جرير في تفسيره عن شهرين حوشب قال (لم تبق الأرض إلا وفيها أربعة عشر يدفع الله بهم عن أهل الأرض ويخرج بركتها إلا زمن إبراهيم فإنه كان فيه وحده)
وأخرج أحمد في (الزهد) عن كعب قال لم يزل بعد نوح في الأرض أربعة عشر يدفع بهم العذاب.
وأخرج الخلال في (كرامات الأولياء) عن زاذان قال ( ما خلت الأرض بعد نوح من اثنى عشر فصاعدا يدفع الله بهم عن أهل الأرض).
وهذه الآثار مع أثر ابن جريج السابق في ( أنه ما زال من ذرية إبراهيم ناس على الفطرة يعبدون الله ) تدل على أن أجداد النبي صلى الله عليه وآله وسلم كانوا على الحنيفية من زمن إبراهيم عليه السلام.
وبيان ذلك أنهم كانوا على الكفر فلا يخلو إما أن يكون الذين على الفطرة ويدفع بهم – غيرهم أولا يكون أحد كذلك ، والثاني باطل لآنه خلاف الوارد في الآثار الصحيحة، والأول باطل أيضا لأنه يلزم عليه أن يكون غيرهم خيرا منهم إذ لا يكون كافرا خيرا من مسلم وهذا باطل لمخالفته حديث البخاري المصدر به هذا الفصل وهو أنه بعث من خير قرون بني آدم قرنا فقرنا إلى القرن الذي كان فيه. فهذا يدل على أن كل أصل من أصوله خير قرنه ولا يكون كذلك وهو كافر وفي قرنه مسلم فتعين أن يكون مسلما والأحاديث متواترة بمعنى حديث البخاري.
أخرج البيهقي في (دلائل النبوة) عن أنس رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: ( ما افترق الناس فرقتين إلا جعلني الله في خيرهما فاخرجت من بين أبوي ولم يصبني شيء من عهد الجاهلية خرجت من نكاح ولم أخرج من سفاح من لدن آدم حتى انتهيت إلى أمي فانا خيركم نفسا وخيركم أبا).
وأخرج أبو نعيم في (دلائل النبوة) من طريق عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ( لم يلتق أبواي على سفاح لم يزل الله ينقلني من الأصلاب الطيبة إلى الأرحام الطاهرة مصفى مهذبا لا تنشعب شعبتان إلا كنت في خيرهما).
وأخرج ابن سعد عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم(خير العرب مضر وخير مضر بنو عبد مناف وخير بني عبد مناف بنو هاشم وخير بني هاشم عبد المطلب والله ما افترق فرقتان منذ خلق الله آدم إلا كنت في خيرهما) والاحاديث في هذا المعنى كثيرة وقد أوردتها في أول (كتاب المعجزات).
وأخرج ابن أبي عمرو العدني في مسنده عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما ( أن قريشا كانت نورا بين يدي الله عز وجل قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ بِأَلْفَيْ عَامٍ ، يُسَبِّحُ ذَلِكَ النُّورُ وتُسَبِّحُ الْمَلاَئِكَةُ بِتَسْبِيحِهِ ، فَلَمَّا خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ ألقى ذَلِكَ النُّورَ فِي صُلْبِهِ ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وآله وسَلَّم : فَأَهْبَطَني اللَّهُ إلى الأَرْضَ فِي صُلْبِ آدَمَ ، وجُعِلَني فِي صُلْبِ نُوحٍ وقدرني فِي صُلْبِ إِبْرَاهِيمَ ، ثم َلَمْ يَزَلْ الله يَنْقُلُنِي مِنْ أَصْلاَبِ الْكِرَيمة إِلَى الأَرْحَامِ الطَّاهِرَةِ ، حَتَّى أَخْرَجَنِي مِنْ بَيْنِ أَبَوَيَّ ، لَمْ يَلْتَقِيَا عَلَى سِفَاحٍ قَطُّ).
وأخرج البيهقي في (الدلائل) والطبراني في (الأوسط) عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال لي حبريل قلبت الأرض مشارقها ومغاربها فلم أجد رجلا أفضل من محمد ولم أجد بني أب أفضل من بني هاشم ) قال الحافظ ابن حجر في (أماليه) بعد أن أورد هذا الحديث لوائح الصحة ظاهرة على صفحات هذا المتن.
كلام الأشعري في أبي بكر الصديق
قال الشيخ أبو الحسن الأشعري إمام أهل السنة : وأبو بكر مازال عين الرضى منه- فاختلف الناس في مراده بهذا الكلام. فقال بعضهم إن الأشعري يقول إن أبا بكر الصديق رضي الله تعالى عنه كان مؤمنا قبل البعثة وقال آخرون: بل أراد أنه لم يزل بحالة غير المغضوب عليه فيها لعلم الله تعالى بأنه يصير من الأبرار . قال الشيخ تقي الدين السبكي لو كان هذا مراده لاستوى الصديق وسائر الصحابة رضي الله تعالى عنهم في ذلك وهل العبارة التي قالها الأشعري في حق الصديق رضي الله تعالى عنه لم تحفظ منه في حق غيره فالصواب أن يقال إن الصديق رضي الله تعالى عنه لم يثبت عنه حالة كفر بالله قبل البعثة كحال زيد بن عمرو بن نفيل وأقر أنه ولهذا خصص الصديق رضي الله عنه بالذكر عن غيره من الصحابة رضي الله تعالى عنهم انتهى.
(قلت) وهذا الذي قاله السبكي في الصديق رضي الله تعالى عنه نقوله نحن في أبوي النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأجداده مع أن الصديق رضي الله تعالى عنه وزيد بن عمرو بن نفيل إنما حصل لهما التحنف في الجاهلية ببركة النبي صلى الله عليه وآله وسلم فانهما كانا صديقين له قبل البعثة وكانا يودانه كثيرا.

يتبع إن شاء الله


_________________
اللهم صل على سيدنا محمد
باب الاستجابة
نبي التوبة و الإنابة
صاحب طيبة المستطابة
والرفعة المهابة
وعلى آله وسلم


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: رسالة : التعظيم والمنة في أن أبوي رسول الله في الجنة
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس يناير 28, 2021 9:17 pm 
غير متصل

اشترك في: الخميس إبريل 09, 2015 7:45 pm
مشاركات: 2368

فيمن نص على إسلامه من أجداد النبي صلى الله عليه وآله وسلم صريحا
أخرج ابن حبيب في تاريخه عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال كان عدنان ومعد وربيعة ومضر وجزيمة وأسد على ملة إبراهيم فلا تذكروهم إلا بخير.
قال السهيلي في (الروض الأنف) يذكر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال ( لاتسبوا إلياس فإنه كان مؤمنا وذكر أنه كان يسمع في صلبه تلبية النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالحج).
وأخرج الزبير بن بكار مرفوعا (لا تسبوا مضر ولا ربيعة فإنهما كانا مؤمنين).
وقال ابن سعد في (الطبقات) أخبرنا خالد بن خداش حدثنا عبد الله بن وهب اخبرني سعد بن أبي أيوب عن عبد الله بن خالد رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (لا تسبوا مضر فإنه كان قد أسلم)
وقال السهيلي في (الروض الأنف) أن كعب بن لؤي أول من جمع يوم العروبة وكانت قريش تجتمع إليه في هذا اليوم فيخطبهم ويذكرهم بمبعث النبي صلى الله عليه وآله وسلم ويبلغهم أنه من ولده ويأمرهم باتباعه والإيمان به وينشد في هذا أبياتا منها قوله:
يا ليتني شاهد نجواء دعوته *** إذا قريش تبغي الحق خذلانا
وقد ذكر الماوردي هذا الخبر عن كعب في (كتاب الأحكام) له انتهى.
(قلت) أخرجه أبو نعيم في (دلائل النبوة) بسنده عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف وفي آخره وكان بين موت كعب ومبعث النبي صلى الله عليه وآله وسلم خمسمائة وستون. وقد سقت الخبر بلفظه في أول (كتاب المعجزات).
في أن عبد المطلب كان على الحنيفية
أخرج ابن سعد عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن عبد المطلب قال لما قدم أصحاب الفيل وقد صعد جبل أبي قيس.
لا هم أن المرء يمنع *** رحله فامنع رحالك
لا يغلبن صليبهم *** ومحالهم أبدا محالك
واورده جماعة بلفظ:
فانصر على آل الصليب وعابديه اليوم آلك
وهذا يدل على أنه كان على الحنيفية حيث تبرأ من الصليب وعابديه.
وفي طبقات ابن سعد بأسانيده أن عبد المطلب قال لا
لأم أيمن وكانت تحضن رسول الله عليه وآله وسلم (يا بركة لا تغفلي عن ابني فإني وجدته مع غلمان قريبا من السدرة وإن أهل الكتاب يقولون ابني نبي هذه الأمة).
في بعض من تحنف في الجاهلية
أخرج البزار والحاكم في (المستدرك) وصححه عن السيدة عائشة رضي الله تعالى عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ( لاتسبوا ورقة بن نوفل فإني قد رأيت له جنة أو جنتين).
وأخرج البزار عن جابر رضي الله تعالى عنه قال سألنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن زيد بن عمرو بن نفيل فقيل يا رسول الله إنه كان يستقبل القبلة في الجاهلية ويقول ديني دين إبراهيم وإلهي إله إبراهيم يسجد فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (ذاك أمة وحده يحشر بيني وبين يدي عيسى بن مريم) وسألناه عن ورقة بن نوفل كذلك فقيل يا رسول الله كان يستقبل القبلة ويقول إلهي إله زيد وديني دينه فقال (رأيته يمشي في بطن الجنة عليه حلة من سندس)
وأخرج أبو نعيم في (الدلائل) عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن قيس بن ساعدة كان يخطب قومه بسوق عكاظ فقال في خطبته سيجيئكم حق من هذا الوجه وأشار بيده نحو مكة قالوا فه ما هذا الحق؟ قال رجل من ولد لؤي بن غالب يدعوكم إلى كلمة الإخلاص وعيش الأبد ونعيم لا ينفد فإن دعكم فأجيبوه ولو علمت أني أعيش إلى مبعثه لكنت أول من يسبقهم إليه.
وأخرج أبو نعيم عن عمرو بن عبسة السلمى قال رغبت عن آلهة قومي في الجاهلية وعلمت أنها الباطل يعبدون الحجارة. وأخرج أبو نعيم عن عبد الله بن سلام قال لم يمت تبع حتى صدق بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم لما كان يهود يثرب يخبرونه وتقدم حديث (لا تسبوا تبعا فإنه كان قد أسلم)
وأخرج الخرائطي وابن عساكر في تاريخه عن جامع أن الأوس ابن حارثة كان يذكر دعوة الحق وبعث النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأوصى بذلك ولده مالكا عند موته. وقد سقت الخبر بتمامه في (المعجزات).
وأخرج البيهقي وأبو نعيم كلاهما في (الدلائل) من طريق الشعبي عن شيخ من جهينة أن عمرو بن حبيب الجهني ترك الشرك في الجاهلية وصلى لله وعاش حتى أدرك الإسلام : وسقت الخبر أيضا بتمامه في (المعجزات).
وأخرج الطبراني في (الكبير) بسند رجاله ثقات عن غالب بن ابجر رضي الله تعالى عنه قال ذكر قس عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم( فقال رحم الله قسا قيل يا رسول الله تترحم على قس قال نعم إنه كان على دين أبي إسماعيل بن إبراهيم).
فيما كانت عليه العرب قبل الإسلام
قال الشهر ستاني في (الملل والنحل) كانت العرب على قسمين معطلة ومحصلة: فالمعطلة أصناف منهم: من أنكر الخالق والبعث والاعادة وقال بالطبع المحيي والدهر وهم الذين أخبر الله تعالى عنهم وقال بالطبع المحيي والدهر المفنى وهم الذين أخبر الله تعالى عنهم بقوله (وقالوا ماهي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحي وما يهلكنا إلا الدهر)
ومنهم: من أقرّ بالخالق والابتداء والابداع وأنكر البعث والاعادة وهم الذين أخبر الله عنهم بقوله :( قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ) ومنهم من أقر بالخالق والإبداع ونوع من الإعادة وأنكر الرسل وعبد الأصنام وزعم أنها شفعاء له عند الله في الآخرة وهم أكثر العرب إلا شرذمة منهم.
وأما المحصلة فكانوا على ثلاثة أنواع من العلوم، الأول (علم الأنساب والتواريخ والاديان) ويعدونه نوعا شريفا خصوصا معرفة أجداد النبي صلى الله عليه وآله وسلم والاطلاع على ذلك النور الوارد من إبراهيم إلى إسماعيل وتواصله في ذريته إلى أن ظهر بعض الظهور في أسارير عبد المطلب وببركة ذلك النور الهم النذر في ذبح ولده . وببركته كان يأمر ولده بترك الظلم والبغي ويحثهم على مكارم الأخلاق وينهاهم عن دنيات الأمور. وببركته قال لإبرهة إن لهذا الدين ربا يحفظه. قال وقد صعد أبا قيس:
لا هم إن المرء يمنع رحله فامنع رحالك
لا يغلبن صليبهم ومحالهم أبدا محالك
وببركة ذلك النور كان يقول في وصاياه أنه لن يخرج من الدنيا ظلوم حتى ينتقم منه وتصيبه عقوبة إلى أن هلك رجل ظلوم لم تصبه عقوبة فقيل لعبد المطلب في ذلك ففكر وقال (والله إن وراء هذه الدار دارا يجزى فيها المحسن بإحسانه ويعاقب فيها المسيء بإساءته).
ومما يدل على اثباته المعاد والمبدأ كان يضرب بالقداح على عبد الله ابنه ويقول يا رب أنت الملك المحمود. وأنت ربي الملك المعبود. من عندك الطارف والتليد.
ومما يدل على معرفته بحال الرسالة وشرف النبوة أن أهل مكة لما أصابهم ذلك الجدب أمر أبا طالب أن يحضر بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو صغير فاستسقى به وأنشد في ذلك أبو طالب قوله:
وأبيض يستسقى الغمام بوجهه *** ثمال اليتامى عصمة للآرامل
(والنوع الثاني) علم الرؤيا (والنوع الثالث) علم الأنواء وهو علم الكهانة والقيافة .
ومن العرب من يؤمن بالله واليوم الآخر وينتظر النبوة وكانت لهم سنن وشرائع. فممن كان يعتقد الدين الحنيفي زيد بن عمرو بن نفيل وقس ابن ساعدة الإيادي وعامر بن الظرب العدواني.
ومما كان قد حرم الخمر في الجاهلية قيس بن عاصم التميمي وصفوان بن أمية الكناني وعقيب ابن معبد يكرب الكندي.
وممن كان يؤمن بالخالق وبخلق آدم عليه السلام طالحة بن ثعلب ابن وبرة بن قضاعة ومنهم زهير بن أبي سلمى وكان يمر بالعضاه وقد أورقت بعد يبس ويقول لولا أن تسبنى العرب لآمنت أن الذي أحياك بعد يبس سيحي العظام وهي رميم ثم آمن بالبعث بعد ذلك وقال في قصيدته المشهورة.
يؤخر فيوضع في كتاب فيدخر*** ليوم الحساب لو يعجل فينتقم
وكان بعض العرب إذ حضره الموت يقول لولده ادفنوا معي راحلتي حتى أحشر عليها فإن لم تفعلوا حشرت على رجلي.
وكانوا في الجاهلية يحرمون أشياء نزل القرآن بتحريمها كنكاح الأمهات والبنات والأخوات والخالات والعمات وكانوا يطوفون ويسعون ويلبون ويفعلون المناسك كلها ويهدون الهدايا ويرمون الجمار ويحرمون الأشهر الحرم ويغتسلون ويغسلون أمواتهم ويكفنونهم وكانوا يداومون على طهارات الفطرة العشرة التي ابتلى بها إبراهيم عليه السلام ويوفون بالعقود ويكرمون الضيف ويقطعون يد السارق وكان دين إبراهيم قائما والتوحيد شائعا في صدر العرب وأول من غير ووضع عبادة الأصنام عمرو بن لحي وهذا كله كلام الشهر ستاني.
قال ابن الجوزي في (التلقيح) تسمية من رفض عبادة الأصنام في الجاهلية ابو بكر الصديق. زيد بن عمرو بن نفيل. عبد الله بن جحش عثمان بن الجويرث ورقة بن عمرو بن نوفل بن البراء. أبو بكر أسعد الحميري, قس بن ساعدة الايادي. أبو قيس بن صرمة.
في أن آباء الرسول كلهم كانوا موحدين
ثم رأيت الإمام فخر الدين الرازي احتج بما احتججت به من أن آباء النبي صلى الله عليه وآله وسلم كلهم كانوا على التوحيد فقال في كتابه (أسرار التنزيل) ما نصه قيل أن (آزر) لم يكن والد إبراهيم بل كان عمه واحتجوا عليه بوجوه منها أن آباء الأنبياء ما كانوا كفارا ويستدل عليه بوجوه منها قوله تعالى (الذي يراك حين تقوم وتقلبك في الساجدين) فقيل معناه أنه كان ينتقل نوره من ساجد إلى ساجد وبهذا التقرير فالآية على أن جميع آباء سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم كانوا مسلمين وحينئذ يجب القطع بأن والد إبراهيم ما كان من الكافرين.
وأقصى ما في الباب أن يحمل قوله تعالى(وتقلبك في الساجدين) على وجوه أخرى وإذا وردت الروايات بالكل ولا منافاة بينها وجب حمل الآية على الكل ومتى صح ذلك ثبت أن والد إبراهيم ما كان من عبدة الأوثان.
ومما يدل على أن آباء سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم ما كانوا مشركين قوله عليه السلام (لم أزل أنقل من أصلاب الطاهرين إلى أرحام الطاهرات) وقال الله تعالى(إنما المشركون نجس) فوجب أن لايكون أحد من أجداده مشركا- هذا كلام الإمام بحروفه والله تعالى أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب.

تمت رسالة (التعظيم والمنة) المباركة والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين .....


_________________
اللهم صل على سيدنا محمد
باب الاستجابة
نبي التوبة و الإنابة
صاحب طيبة المستطابة
والرفعة المهابة
وعلى آله وسلم


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 28 مشاركة ]  الانتقال إلى صفحة السابق  1, 2

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 18 زائر/زوار


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
© 2011 www.msobieh.com

جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في المنتديات تعبر عن رأي أصحابها فقط