موقع د. محمود صبيح

منتدى موقع د. محمود صبيح

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 3 مشاركة ] 
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة: الرقيمُ في لفائف قمرانَ
مشاركة غير مقروءةمرسل: السبت أكتوبر 23, 2010 5:21 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة إبريل 28, 2006 11:18 pm
مشاركات: 4137
مكان: الديار المحروسة
الرقيمُ في قمرانَ



The Dead Sea Scrolls


قدَّر اللهُ سبحانَهُ وتعالى أنْ يكتشفَ رُعاةٌ مِنَ التعامرةِ الكرامِ ، القاطنينَ في جوارِ بيتَ لحـمَ ، أولَ مجموعةٍ مِنْ مخطوطاتِ قمرانَ في العامِ 1947م ؛ وقيلَ – وربَّما هوَ الأصَحُّ – في عامِ : 1946م . وإذْ إنَّ قمـرانَ ، منْ عشراتِ القرونِ ، مقفرةٌ موحشةٌ ، فقد كانتْ تمرُّ عليْها عشراتُ السنينَ دونَما طارقٍ مِنَ الناسِ . وأمَّا اليومَ – عامَ : 2002م - فتمرُّ بِها طريقٌ عامرةٌ تقودُ إلى مُتَنَـزَّهاتِ عَيْنِ الفَشْخَةِ ، حيثُ : "يَتَفَشَّخُ" الشُّطّاحُ ، ويتفسَّحُ السُّيّاحُ .
ومنْ بعدِ عامِ 1946م ، فقدْ حدثتِ اكتشافاتٌ على جولاتٍ امتدَّتْ على زخمٍ إلى عامِ 1956م ، وكانتْ حصيلتُها : العثورَ على أحدَ عشرَ كهفاً أسينيّاً ، سُمِّيَتْ بالأرقامِ حسبَ تسلسلِ اكتشافِها . وأهمُّها الكهفُ الرابعُ المعثورُ عليهِ عامَ 1952م ، وآخرُها الكهفُ الحادي عشرَ المكتشفُ عامَ 1956 م .
والكهفُ الرابعُ معَ الكهفِ الخامسِ الملاصقِ لهُ ، عبارةٌ عن شقةٍ سكنيةِ صالحةٍ لِلْأَوْيِ . وهوَ وحدَهُ كافٍ لاستيعابِ عشرينَ نائـماً وزيادةٍ ؛ وهو عندَ التدقيقِ ، يحققُ أوصافَ كهفِ الفتيةِ تمامَ التحقيقِ : منَ الانفتاحِ إلى الشرقِ والغربِ ؛ وكونِ مدخلِهِ في ظهرِهِ منَ الجهةِ الشماليةِ منهُ ؛ ومنْ وجودِ الفجوةِ والوصيدِ ؛ وغيرِ ذلكَ . وقدْ جاءَ منَ الكهفِ الرابعِ نفسِهِ ، نحوُ ثلُثَيِ المخطوطاتِ . وتلكَ المخطوطاتُ تشكلُ مكتبةً ضخمةً منْ نحوِ : 875 كتاباً ، رَقمَ الأسينيّونَ معظمَها على رِقاقٍ منْ جلودِ الماعزِ المدبوغةِ . وعلاوةً على المخطوطاتِ فقدْ عُثِرَ على أشياءَ ، وأشياءَ . فهلْ تُحَقِّقُ مكتشفاتُ قمرانَ للرقيمِ كلَّ ما قالَهُ فيهِ المفسرونَ ؟
نعمْ ، ففي مكتشفاتِ قمرانَ نجدُ ما يتوافقُ ويتطابقُ مَعَ جميعِ معانِي الرقيمِ في اللغةِ والتفاسيرِ . وسنأخذُ باستعراضِها ، على غيرِ توسُّعٍ ؛ فكنْ معنا قرينَ عونٍ ، ورفيقَ وفاقٍ .

حظٌّ في الخطِّ

جاءتْ كلمةُ "الرقيمِ" مِنَ الفعلِ الثلاثيِّ "رَقَمَ" ، ومِنْ معانيهِ البارزةِ المستعملةِ : خطَّ ، كتبَ ، رسمَ ، ختمَ ، طرَّز ، ونقشَ . ففي"لسانِ العربِ" لابنِ منظورٍ ، أنَّ للرَّقْمِ ستةَ معانٍ ، وهيَ : الخطُّ ، الكتـابةُ ، الختمُ ، الرسمُ ، النقشُ ، والتـطريزُ ، أيِ : الوَشْيُ . وواضحٌ جدّاً أنَّها معانٍ متقاربةٌ متداخلةٌ ، حتَّى لَكَأنَّها مترادفاتٌ .
وفي صَرْفِ الكلامِ فإنَّ "الرقيمَ" ، هيَ مِنْ وزنِ : "الفَعيلِ" . وتجيءُ الفَعيلُ بِمَعْنى : المفعولِ . فالكسيرُ هوَ المكسورُ ، والجريحُ هوَ المجروحُ ، والحبيبُ هوَ المحبوبُ . وبوضوحٍ أعظمَ وأشملَ ، فإنَّهُ بِأَخْذِ الفعلِ "خطَّ"، معنىً للفعلِ "رَقَمَ" – يكونُ "الرقيمُ" ، هوَ المرقومَ ، ومعناهُ : المخطوطُ . وهذا المعنى ، هوَ – بلا ريبٍ - أقوى معانِي كلمةِ الرقيمِ . وجَمْعُ الرقيمِ ، هوَ الرُّقُمُ .
عُرِفَتْ الوثائقُ التي عُثِرَ عليْها في قمرانَ بِاسمِ : "مخطوطاتِ قمرانَ" ، أوْ باسمِ : "مخطوطاتِ البحرِ الميتِ" : The Dead Sea Scrolls. وهذا يُبَيِّنُ وَيُمَتِّـنُ الربطَ بينَ معنى الرقيمِ ، وبينَ اسمِ الوثائقِ القمرانيةِ الآتي مِنْ رسِمها وصِفَتِها .
وأهمُّ معانِي الرقيمِ عندَ ابنِ منظورٍ ، وغيرِهِ منَ العلماءِ ، هيَ : الكتابُ ، الدَّواةُ ، اللوحُ المكتوبُ ، واسمُ موضعِ الكهفِ .



الرقيمُ والكتابُ

وإذا تَمَـسَّكْنا بحرفيةِ الكلامِ ، واعتبَرْنا أنَّ الرقيمَ تَعْني الكتابَ بمفهومِهِ الخاصِّ المُخَصَّـصِ ، المتعلقِ بالتأليفِ ، فإنَّنا نجدُ أنَّ مكتشفاتِ قمرانَ تُحَقِّقُ هذا المعنى ؛ إذْ إنَّ مُعْظَمَ مخطوطاتِ قمرانَ هوَ : كُتُبٌ مرقومةٌ في صُحُفٍ جلديةٍ مسطورةٍ سطوراً سطوراً كسطورِ الدفترِ ؛ حيثُ الكلامُ المنسوخُ مخطوطٌ منْ أسفلِ هذهِ السطورِ ، وليسَ عليْها .
وزِيدَ معنى الكتابِ تخصيصاً ، فقيلَ :

(1) الرقيم هوَ : الكتاب من شرعِ الفتية من دينٍ قبل عيسى عليه السلام (تفسير الألوسي).
وبالنسبةِ لقمرانَ ، فقدْ وُجِدَ فيها أقدمُ نُسَخٍ مِنَ التوراةِ والزَّبورِ ؛ ومخطوطاتٌ في ملةِ الأسينِيّينَ .
وأُذَكِّرُ أنَّ معظمَ مخطوطاتِ قمرانَ قد انتهى إلى حوزةِ اليهودِ ، ولم يقوموا بنشرِ محتوياتِ كثيرٍ منها ؛ و ذلكَ - على الأغلبِ – مخافةَ أنْ ينكشفَ ما فيها مِنَ التبشيرِ بالنبيِّ محمدٍ ، عليهِ السلامُ ؛ وما في أسفارِ العهدِ العتيقِ المتداولةِ – الآنَ – مِنَ التحريفِ والتزويرِ ؛ ولمِا فيها مِنَ المخالفاتِ والمعارضاتِ للفكرِ الصهيونيِّ المتوارثِ في المغضوبِ عليهِم ، ولِرَفْضِ كاتِبيها الاعترافَ بِهِ . وهذا ما يذكِّرُنا بجماعةِ حرَّاسِ المدينةِ المسَمّاةِ : "ناطوري كارتا" ، اليهوديةِ المعاصرةِ المكفِّرةِ والمحرِّمةِ للصهيونِيَّةِ . ولهذهِ الجماعةِ في العالمِ مركزانِ رئيسيّانِ : حيٌّ يعـرفُ باسمِ : "مِئاهْ شَعاريم" – مِئَهْ شَعاريم – أيْ : حيِّ مئةِ بوابةٍ ، في غربِ القدسِ ؛ والمركزُ الآخرُ في مدينةِ : "بْرُوكْلِن" في أمريكا . ويبدو لي أنَّهم الورثةُ المعاصرونَ لكثيرٍ مِنْ تعاليمِ ملَّةِ الأسينِيّينَ .
2) الرقيمُ هُوَ : كتابُ تِبيانِ الفتيةِ (تفسير الطبريِّ) .
وبالنسبةِ لقمرانَ ، فقدْ عُثِرَ فيها على مخطوطٍ عظيمِ النفعِ والأهميةِ ، يُعْرَفُ باسمِ : "مخطوطِ النظامِ" ؛ لأنَّهُ يُبَيًّنُ ويشرحُ أنظمةَ الأسينِيّينَ .
3) وقيلَ عَنِ الرقيمِ بأنَّهُ كتابُ قَصَصِهمْ (تفسير الطوسيِّ) .
وفي قمرانَ وُجِدَ مَرقومٌ عَنْ قصصِ الطائفةِ مَعَ قومِها ؛ ومرقومُ "سِفْرِ ناحوم" . والمرقومُ الأخيرُ يتحدَّثُ عنْ قصَّةِ الأسينٍيّينَ معَ "الكسندر جانيوس" (102 ق.م –76 ق.م) ، الملكِ المَـكَّابيِّ الشِّريرِ المفتري الذي اضطَّهدَهم بجبروتٍ رهيبٍ منقطِعِ النظيرِ .




الرقيمُ والدَّواةُ

الدواةُ هيَ : وعاءُ الحبرِ ، مِدادِ الكتابةِ والخطِّ . فالدواةُ : أداةٌ مِنْ أدواتِ الكتابةِ والرَّقْـمِ .
وقد عُثِرَ في قمرانَ على ثلاثٍ مِنَ المحابرِ . وكانَ الأسينِيّونَ يستخرجونَ الحِبْرَ مِنْ حرقِ العظامِ ، ويخطُّونَ على الجلودِ التي يَدْبِغونَها بأَنفسِهم . وكان أفرادُهم جميعاً يُتْقِنونَ النَّسْخَ خيرَ إتقانٍ ، ويُعْنَوْنَ بالدراسـةِ والحفظِ . ويكتملُ عندَهم ما يجعلُهم يستحقونَ - بكاملِ الجدارةِ - أنْ يوصَفوا بِأصحابِ الرقيمِ .
الرقيمُ واللوحُ المكتوبُ
ذهبَ بعضُ المفسرينَ إلى أنَّ الرقيمَ لوحٌ مكتوبٌ . وجاءَ في نوعِهِ : أنَّهُ مِنْ نُحاسٍ ، أوْ أنّهُ مِنْ رصاصٍ ، أوْ أنَّهُ مِنْ حجرٍ . ولم يكتفِ بعضُهم بلوحٍ ؛ فذهبَ "القُمِّيُّ" إلى أنَّ الرقيمَ لوحانِ مِنَ النحاسِ المرقومِ . ورأى "الألوسيُّ" في "روح المعاني" ، أنَّ اللَّوْحَيْنِ كانا في فمِ الكهفِ . فماذا في قمرانَ ؟
عُثِرَ في قمرانَ على لوحيْنِ مِنَ النحاسِ المرقـومِ - نقراً بالإزميلِ - يُشَكِّلانِ معاً مخـطوطاً واحداً يُسَمّونـَهُ : "مخطوطَ الكنـزِ". وكانَ اللوحانِ في مدخلِ الكهفِ الثالـثِ . وما مدْخَلُ الكهفِ إلَّا فَمُهُ .
فيا لَهُ مِنْ توافقٍ عجيبٍ !.. فهلْ كانَ المفسرونَ يُطْلِقونَ أقوالَهم ، في مثلِ هذهِ الأمورِ ، عَنْ علـمٍ ، أمْ عَـنْ رجمٍ بالغيبِ ؟.. أَلَـمْ يَقُـلِ القـرآنُ المجيدُ : "ما يعلمُهم إلَّا قليلٌ" ؟



الرقيمُ واسمُ الموضعِ


ذهبَ بعضُ المفسرينَ إلى احتمالِ أنْ يكونَ "الرقيمُ" اسماً لكلبِ الفتيةِ ، أو اسماً لمكانِ الكهفِ ، أو القريةِ التي هُمْ مِنْها . وبالرَّغْمِ منْ ضعفِ هذهِ الأقوالِ ، فإنَّهُ لا يَضيرُنا أنْ نعرفَ أنَّ اسماً مِنْ أسماءِ كلبِ الفتيةِ ، هوَ : حُمرانُ . وَإذِ النفسُ أمَّارَةٌ بالبحثِ عَنْ علاقةٍ ممكنةٍ بينَ حُمْرانَ الكلبِ ابنِ الكَلْبَةِ ، وبينَ قُمْرانَ موضعِ الخِرْبةِ - فَإنَّ خشيةَ الشوْكِ تنادي بالشوقِ : أنْ نحصلَ على تَذْكِـرَةِ ذَهابٍ بلا إيابٍ . حقّاً ، فَإنَّ حُمْرانَ وقُمْرانَ في "حق" لا يشتركانِ !
وقدْ يسألُ السائلونَ : وبِماذا حدَّثَ "معجمُ البُلْدانِ" عَنْ قمرانَ ؟.. ومتى بدأتِ المعرفةُ بِهـذا الاسمِ ؟.. فَيُسارعُ ياقوتٌ الحمويُّ إلى : "لا شيءَ" ؛ جواباً لِلسائلينَ .
وأمَّا اسمُ خربةِ قُمْرانَ ، فَأصلُهُ في نظرِ الراصدينَ ، هوَ : قَمَرانِ ؛ فَمِنْ ذلكَ المكانِ في ليالي الصفاءِ ، إذا ما أطلَّ البدرُ بدا قمرٌ في المــاءِ ، وبدا قمرٌ في السماءِ ! .. وصحيحٌ أنَّ الظُّنونَ ذاتُ شُجونٍ وفُنـــونٍ ، ولكنَّ هذا هوَ ما سنراهُ يكونُ . والمكانُ الممتلِئُ بضياءِ القمرِ ، والمستنيرُ بهِ ، يقالُ لهُ : قَمْــرانُ . ومِنَ المفارَقاتِ أنَّ القَمْرانَ أيضاً، هوَ المكانُ الخِصْبُ بالعشبِ ؛ ولكنَّ قُمْرانَ أرضٌ جدباءُ ، وإنَّ جارَها هوَ البحرُ الميِّتُ "المسجورُ" . وهذا الكتابُ ملتزمٌ بالاسمِ المشتهرِ : "قُمْرانَ" ؛ رغمَ كاملِ الثقةِ بأنّهُ : قَمَرانِ ؛ فسورةُ الكهفِ مليئةٌ بالإشاراتِ إلى تلكَ المنطقةِ منْ خلالِ ما يدلُّ على قمريْنِ .
وما دُمْنا في الحديثِ عَنِ الموضعِ ، فَلا يَجْدُرُ بِنا أنْ نُغْفِلَ رأياً يَرْبِطُ بينَ الرقيمِ ، وبينَ رَقْمَةِ الوادي . يقولُ الطبريُّ – رحِمَهُ اللهُ تعالى – في تفسيرِهِ : "يُقالُ : رقمتُ كذا وكذا إذا كتبتُهُ ، ومِنْهُ قيلَ للرَّقْمِ في الثوبِ : رَقَمٌ لأنَّهُ الخطُّ الذي يُعْرَفُ بِهِ ثَـمَنُهُ ؛ وقيلَ للحيَّةِ : أَرقمُ ، لِما فيهِ مِنَ الخُطوطِ والآثارِ . والعربُ تقـول ُ: عليك بِالرَّقْمَةِ ودَعِ الضفةَ الجانِبةَ ؛ وأرى أنَّ الذي قالَ : الرقيمُ هــوَ الوادي ، ذهبَ بهِ إلى رَقْمَةِ الوادي"..(كلامُ الطبريِّ).
ورَغْمَ أنَّ مجيءَ الرقيمِ مِنْ رقمةِ الوادي ، يشكو مِنْ ضعفٍ وبُعدٍ ، إلَّا أنَّ واقعَ الكهفِ الرابعِ الذي أراهُ "فُنْدقَ" أصحابِ الرقيمِ ، يشهدُ أنَّهُ قائمٌ على رَقْمَـةِ وادٍ ، هوَ : وادي قمرانَ.
حسناً ، إنَّ رَقْمَةَ الوادي هيَ الخطُّ المرتَسِمُ فيهِ مِنْ أثرِ مرورِ الماءِ أثناءَ سيلِهِ في الشتاءِ. وفي قمرانَ يقعُ الكهفُ الرابعُ ، والكهفُ الخامسُ الملاصقُ لَهُ ، وهما يُشَكِّلانِ معاً ، شقةً سكنيةً رائعـةً – على رقمةِ الوادي ؛ حيثُ يسيلُ الماءُ في فصلِ الشتاءِ مُتَجَمِّعاً مِنَ الجبالِ الوَعِـرةِ ، على بُعْدِ مئاتِ الأمتارِ إلى الغربِ مِنْ موضعِهما . ورغْمَ هذا فإنَّ محيطَ الكهفِ الرابِعِ : أرضٌ جُـرُزٌ ؛ فلا عشبٌ ، ولا شجرٌ ، ولا جزرٌ .
وتشيرُ رواياتٌ عنِ الرسولِ الكريمِ ، عليهِ السلامُ ، إلى وجودِ الكهفِ في الرَّوْحاءِ ، أوْ في جِوارِها . ويبدو أنَّ الروحاءَ هيَ أريحاءُ ، أوِ الرَّيْحاءُ ، في فلسطينَ . فقد جاءَ في تَذْكِرَةِ العالمِ القُرْطبيِّ وتفسيرِهِ عَنِ الرسولِ – عليهِ الصلاةُ والسلامُ -: "لا تقومُ الساعةُ حتَّى يمرَّ عيسى بنُ مريَمَ بالرَّوْحاءِ حــاجّاً ، أوْ مُعْتَمِراً . أوْ لَيَجْمَعَنَّ اللهُ بينَ الحجِّ والعُمْرَةِ ، ويجعلُ حَوارِيِّيهِ أصحـابَ الكهفِ والرقيمِ ، فيمرّون حُجّاجاً فإنَّهم لمْ يَحُجّوا" .
وباختصارٍ ، كانَ الأسينِيّونَ يتَّخِذونَ الكهوفَ ويتعاشرونَ فيها مِنْ أجلِ المخطوطـاتِ وحفظِها ؛ واشترَكوا في رَقْمِها ؛ وكانوا يجتمعونَ لتدارُسِها ؛ ويسهرونَ لتلاوةِ الأدعيةِ جماعيّاً مِنْها . حقّاً ، فَأولئكَ الأسينِيُّونَ هم : أصحابُ الرقيمِ مِلكيةً وتَعاشُراً .



الرقيمُ في مخطوطاتِ قمرانَ

رَقَم الأسينِيّونَ مُعظمَ مخطوطاتِهم بِلِسانٍ عبريٍّ . فماذا في العبريّةِ عَنِ الرقيمِ ؟.. وماذا في المخطوطاتِ عَنِ الرقيمِ ؟..
يأتي الفعلُ الثلاثيُّ العبريُّ : "رقَمْ" ، وُيلْفَظُ : "رقامْ" ، ويعني : خَطَّطَ أوْ طَرَّزَ ؛ تماماً مِثْلَما هوَ في العربيةِ . والمصدرُ مِنْهُ ، هوَ : "رْقيمَهْ"، ويُلفظُ هكذا : "رْقيمَاهْ" ، أوْ :"رْقيمَ" . ومَعْناهُ : الخطُّ ، أو التطريزُ .
وقد عُثِرَ على مخطوطاتٍ قمرانيةٍ في لفائفِ كِتَّانٍ سمَّـوْها : "القِليم" ؛ لِما عليْها مِنْ خطوطٍ تُشَكِّلُ وَشْياً مُطَرَّزاً . وتُذَكِّرُنا "القِليم" المرتبطةُ بالخطوطِ بالتقليمِ ؛ فالثوبُ ذو الخطوطِ ، يوصَفُ بأنَّهُ "مُقَلَّمٌ" . ويُقالُ للقلـمِ : "مِرْقَـمٌ" ؛ لأنَّهُ آلةُ الرقمِ بمعنى : التقليمِ والتخطيطِ .
وكلمةُ "الرقيمِ" حيّرتِ العلماءَ طويلاً ؛ حتَّى إنَّهُ قدْ نُسِبِ لابنِ عبَّاسٍ أنَّهُ لَمْ يعرفْ لها معنىً محدداً .
ولم يُغْفِلْ بعضُ العلماءِ احتمالَ صلةِ "الرقيمِ" باللغةِ العبريةِ ؛ وخاصةً في ضوءِ قولِهم عَنِ الفتيةِ بأنَّهم منْ قومٍ يهودٍ . ففي كتـابِ : "الإتقان" للعالمِ السيوطيِّ ، أنَّ الرقيمَ منْ غريبِ المفرداتِ الآتيةِ منَ العبريةِ ، وأنَّ معناها في العبريةِ ، هوَ : المكتوبُ .
والأَقربُ مِنْ كلِّ السابقِ رَشَداً وإثباتاً على صلةِ الرقيمِ بمخطوطاتِ خربةِ قمرانَ ، هوَ ما جاءَ في المخطوطاتِ مِنْ تسميةِ الأسينِيّينَ لكتبِ الشرعِ والدينِ باسمِ : روقْموتْ :
Allegro J., Discoveries In The Judean Desert Of Jordan , volume 5 ,1968.
ولا يخفى أنَّ كلمةَ "روقْموتْ" تعني : المرقوماتِ ؛ ولا ريبَ أن "الرقيمَ" ،هي أصلاً "المرقومُ" ، أوْ لِنَقُلْ : هيَ المرقوماتُ ؛ هيَ : "الروقْموت" ، روقموتُ الأسينِيِّينَ . فيا رقيمَ الروقموتِ ما أروعَكَ !.. ويا روقموتَ الرقيمِ ما أنفعَكِ !.. فإذا كنتَ أنتَ هيَ ، فما هيَ ؟!
وقد ثبتَ أنَّ الأسينِيّينَ همْ أصحابُ كهوفِ قمرانَ ومخطوطاتِها ، وقدْ عُرِفُوا من عهدٍ بعيدٍ بأنَّهم : "طائفةُ الكهفِ"Cave Sect ، وعُرِفوا أيضاً بأنَّهم "المغائِرِيّونَ" ؛ لأنَّهـم - كما جاءَ في كتابِ : "تاريخِ الطوائفِ اليهوديّةِ" للقِرْقِزانِيِّ - كانوا يحتفظونَ بكتُبِهم في المغــائرِ ، أيِ الكهوفِ .
ومِنَ الواضحِ جدّاً أنَّ جميعَ هذهِ الأسـماءِ والأوصـافِ ، يتوافقُ وينسـجمُ معَ قصــةِ : "أصحابِ الكهفِ والرقيمِ" . ومِنَ الغرابةِ بمكانٍ أنَّهُ لَمْ يَخْطُرْ ببالِ المؤلفينَ والمترجمينَ العربِ ، أنْ يعثروا بِاسمٍ للأسينِيّينَ في : "أهلِ الكهفِ" ، أوْ حتَّى في : "أصحابِ الكهفِ" .
وإنَّ زُبدةَ كلِّ ما مَخَضْناه ، تستحقُ أنْ نقولَ بأنَّ "رقيمَ" أصحابِ الكهفِ ، هوَ : مخطوطاتُ الأسينِيّينَ في قمرانَ ؛ هوَ : " الروقْموتْ" ، "الروقموت" ……. فَـ"الروقموت" ؛ هوَ رُقُمُ هؤلاءِ الأطـهارِ الأبرارِ . وهذا الأخيرُ وحدَهُ ، يُثْبِتُ أنَّ أصحابَ الكهفِ أسينِـيّونَ ! .. وإذا ما ثبتَ أنَّ رقيمَ الفتيةِ ، هـوَ فعلاً : "روقموت" قمرانَ ، فإنَّهُ يثبتُ تلقائيّاً ، أنَّ الفتيةَ هـم مِـنْ أصحابِها ، أيْ : أنَّهم أسينِـيّونَ ، كانوا في قمرانَ .
ولا أحسِبك ، أخي الكريمَ ، إلَّا مستشيراً عقلَكَ وفهمَكَ ، غيرَ ناظرٍ أنْ تفهمَ بعقلٍ هوَ لغيرِكَ ، وتُحيلَ حكمَكَ إلى حكمِهِ . . فما حكَّ عقلَكَ مثلُ فكـرِكَ ؛ فتولَّ أنتَ جميعَ فهمِكَ
.

منقول:
http://www.aklaam.net/forum/showthread.php?t=9593

_________________
صورة


أنا الذى سمتنى أمى حيدره

كليث غابات كريه المنظره

أوفيهم بالصاع كيل السندره


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأحد أكتوبر 24, 2010 1:28 pm 
غير متصل

اشترك في: الأربعاء مارس 25, 2009 2:02 pm
مشاركات: 152
كلام جميل و لكن مكتوب بطريقة معقدة لا أرى لها داعيا بالمرة سوى استعراض مهارات اللغة!!

ما أقوله أن جهدا قد بذل للفهم اللغوى لا لفهم المضمون!!!!

لي صديق على كل الاحوال متمعق في قضية المخطوطات و المقارنات الدينية و قد وددت ان أدعوه للتعليق على هذا الموضوع لكنه سلفي قح و يحارب التصوف بمنتهى العصبية للأسف


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء نوفمبر 03, 2010 2:59 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة إبريل 28, 2006 11:18 pm
مشاركات: 4137
مكان: الديار المحروسة
الاخ الفاضل الشاعر اشكرك على مدحك

وبالنسبه لتعليقك فالموضوع منقول والعنوان فى ادني الصفحه

فاما على الاهتمام وعدم الاهتمام انا انقل المعرفه والعلم لمن يريد الاستفاده من العلوم الاخري فالاسلام لا يمنع ولا يحد من التعلم والمعرفه فمن واجبي الشرعي ان انقل ما اعلمه من علم قد يفيد غيرك فى تساؤلات تفيده فى منحي حياته سواء بالمعرفه او الفهم مسائل قد لا تفيدكم انتم وتفيد غيركم

مع كل احترامي وتقدير لكم

الشريف ابن الزهراء

طالب علم دراسات عليا فى مقارنة الاديان والفرق

_________________
صورة


أنا الذى سمتنى أمى حيدره

كليث غابات كريه المنظره

أوفيهم بالصاع كيل السندره


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 3 مشاركة ] 

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 6 زائر/زوار


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
© 2011 www.msobieh.com

جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في المنتديات تعبر عن رأي أصحابها فقط